حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


أثّر في صدرها، و طحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، و أوقدت النار حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 82؛ ذخائر العقبى، ص 50 بتفاوت يسير.]

و رأى رسول الله على فاطمة كساء من أوبار الإبل و هي تطحن و قال: «يا فاطمة اصبرى على مرارة الدنيا لنعم الآخرة».

[إحقاق الحقّ، ج 10، ص 262.]

و مرّ عليك أنّ سلمان رآها و هي جالسة و قدّامها رحى تطحن بها الشعير، و على عمود الرحى دم سائل و الحسين في ناحية الدار يتضوّر من الجوع....

و عن أنس أنّ بلالاً أبطأ عن صلاة الصبح فقال له النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: «ما حسبك؟ قال: مررت بفاطمة تطحن و الصبيّ يبكي فقلت لها: إن شئت كفيتك الرحى و كفيتيني الصبيّ، و إن شئت كفيتك الصبيّ و كفيتيني الرحى؟ فقالت: أنا أرفق بابنىَّ منك، فذاك الذي حبسني قال: فرحمتها رحمك الله».

[ذخائر العقبى، ص 51.]

فلو قيل: فإن كان كذلك فلما طلبت من أبيها خادمة؟

قصّة طلب الخادمة من النبيّ


قلنا: ذكروا أنّ الصدّيقة الكبرى صلوات الله عليها لمّا أضرّت الرحى بيديها و القربة نحرها جاءت تشكو مجل يديها إلى أبيها، كي يعطيها خادمةً حتّى تخدمها في بعض الأوقات.

فلم يعطها النبيّ خادمة، و علّل ذلك بما سياتي، و علّمها التسبيح المسمّى بتسبيح فاطمة الزهراء عليهاالسلام.

روى أحمد في مسنده عن عليّ عليه السلام أنّ فاطمة رضى الله عنها شكت ما تلقى من أثر الرحى ممّا تطحن، فأتى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله سبي فانطلقت فلم تجده فأخبرت عائشة، فلما جاء صلى اللَّه عليه و آله أخبرته عائشة بمجيئها قالت فاطمة رضي الله عنها: «فجاء صلى اللَّه عليه و آله إلينا و قد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم، فقال: على مكانكما، فقعد بيننا حتّى وجدت برد قدميه على صدري و قال: ألّا اُعلّمكما خيراً ممّا سألتماني؟

قلنا: بلى، قال: كلمات علّمنيهنّ جبرئيل، إذا أخذتما مضاجعكما من الليل فكبّرا ثلاثاً و ثلاثين و سبّحا ثلاثاً و ثلاثين و احمدا ثلاثاً و ثلاثين فهنّ خير لكما من خادم».

[السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية، ج 2، ص 10.]

قلت: لا أظنّ أنّ هذا الاقتراح كان من قبل فاطمة صلوات الله عليها رغم ما ورد الحديث في بعض المصادر الشيعية كالعلل و المناقب و غيرهما، لأنّها كانت عالمة بما يعانيه المسلمون من الضغط الاقتصادي و صعوبة العيش، و خصوصاً كانت ترى وضع الإمام عليّ عليه السلام و خلوّ يده من المال، فطلبها الخادمة من أبيها يعني تحميل مؤونتها على زوجها، و هو بعيد عن شأنها.

اللهّم إلّا أن نقول: إنّها طلبت من أبيها باقتراح عليّ أو بتوافق منهما أو بطلب عليّ الخادمة من رسول الله للزهراء فاطمة عليهاالسلام فلا إشكال في هذه؛ لأنّ الذي يلتزم بالشي ء بلتزم بلوازمه.

و هذا ممّا يرويه لنا الصدوق رحمه اللَّه من أنّ الامام اقترح على الصدّيقة الكبرى أن تأتي أباها فتسأله خادماً، فاستحت من أبيها و رجعت الى البيت، ثمّ إنّ علياً اقترح ذلك على رسول الله، فرواه عن القطان، عن السكري عن الحكم بن أسلم، عن ابن عُلية، عن الحريري، عن ابي الورد بن ثمامة، عن عليّ أنه قال لرجل من بني سعد: «ألا أحدّثك عنّي و عن فاطمة أنّها كانت عندي و كانت من أحبّ أهله إليه، و أنّها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، و طحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، و أوقدت النار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك ضرّ ما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فوجدت عنده حُدّاثاً فاستحت فانصرفت، قال: فعلم النبيّ صلى اللَّه عليه و آله أنّها جاءت لحاجة قال: فغدا علينا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و نحن في لفاعنا، فقال: السلام عليكم، فسكتنا و استحيينا لمكاننا ثمّ قال: السلام عليكم، فسكتنا ثمّ قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف و قد كان يفعل ذلك يسلّم ثلاثاً، فإن أذن له و إلّا انصرف، فقلت: و عليك السلام يا رسول الله ادخل، فلم يعد أن جلس عند رؤوسنا فقال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟ قال: فخشيت إن لم نجبه أن يقوم قال: فأخرجت رأسي فقلت: أنا و الله أُخبرك يا رسول الله، إنّها

استقت بالقربة حتّى أثّرت في صدرها، و جرّت بالرحى حتّى مجلت يداها، و كسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، و أوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك ضرّ ما أنت من هذا العمل؟ قال أفلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم، إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً و ثلاثين و احمدا ثلاثاً و ثلاثين و كبّرا أربع و ثلاثين، قال: فأخرجت رأسها فقالت: رضيت عن الله و رسوله» ثلاث دفعات.

[بحارالأنوار، ج 43، ص 82.]

لماذا لم يعطها خادماً؟


جاء التعطيل بذلك في بعض ما ورد في حياة الزهراء صلوات الله عليها، و إليك بعضها:

يا فاطمة اتّقي الله و أدّي فريضته


قيل: لم يعطها النبيّ خادماً؛ لأنّه خاف أن لا تكون قد أدّت حقّ زوجها من العمل في البيت، فلذلك قال النبيّ لها كما ورد عنه: «يا فاطمة اتّقي الله و أدّي فريضته واعملي عمل أهلك، ألا أدلّك على خير من الخادم، إذا أخذت مضجعك سبّحي الله ثلاثاً و ثلاثين و كبّري ثلاثاً و ثلاثين و احمدي أربعاً و ثلاثين، هذا خير لك من الخادم».

[نظم درر السمطين، ص 193.]

و أشار إلى هذا الحق في رواية أخرى منقولة عنه بأنّه خاف أن يخصمها عليّ يوم القيامة إذا طلب حقّه منها.

كما روى ابن شهر آشوب في المناقب عن كتاب الشيرازي أنّها لمّا ذكرت حالها سألت جارية. بكى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال: «يا فاطمة و الذي بعثني بالحقّ إنّ في المسجد أربعمائة رجل ما لهم طعام و لا ثياب و لولا خشيتي خصلة لأعطيتك ما سألت، يا فاطمة إنّي لا أريد أن ينفكّ عنك أجرك إلى الجارية، و إنّي أخاف أن يخصمك عليّ بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي الله عزّ و جلّ إذا طلب حقّه منك، يوم القيامة بين يدي الله عزّ و جلّ إذا طلب حقّه منك، ثم علّمها صلاة التسبيح فقال أميرالمؤمنين: مضيت تريدين من رسول الله فأعطانا الله ثواب الآخرة».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 85.]

لا أريد أن ينفكّ أجرك إلى جارية


و علّل النبيّ أيضاً عدم إعطائها الخادمة بما مرّ عليك قريباً من أنّه كان يخشى أن ينفك أجر بضعته من خدمة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام و يُعطى ذلك الأجر إلى خادمة و جارية، و كان من الصعب جداً على رسول الله أن يرى قد ذهب أجر ابنته إلى جارية؛ فلذلك علّمها التسبيح لكفاية ما أهمّها.

فلو قيل: إنّه يستفاد ممّا سبق، و خصوصاً من التعليلين الواردين عن النبيّ في المقام: أنّه لما كان عمل البيت من وظائف فاطمة فلذلك لم يعطها خادماً.

قلنا: هذا ممّا لم يقل به أحد و لم يجعله من الوظائف الشرعية الواجبة على المرأة بحيث لو تخلت عن ذلك عُدّت عاصيةً.

نعم، تؤجر على ذلك أجراً عظيماً. لا أكثر و قد ورد بذلك روايات لا مجال لذكرها. و ثانياً إنّ هاتين الروايتين و إن كانتا واضحتي الدلالة، ولكن إمّا مرسلة أو أسنادها ضعيفة غير معتمدة عليها.

و ثالثاً: لو كان ذلك واجباً فلماذا وهب لها خادمة بعد ما غزا صلى اللَّه عليه و آله ساحل البحر كما ورد في الإصابة.

قال العسقلاني في الإصابة: ثم غزا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ساحل البحر فأصاب سبياً فقسّمه، فأمسك امرأتين: أحدهما شابّة و الأخرى امرأة قد دخلت في السنّ ليست بشابّة، فبعث إلى فاطمة و أخذ بيد المرأة فوضعها في يد فاطمة و قال: «يا فاطمة هذه لك و لا تضربيها، فإنّي رأيتها تصلّي، و أنّ جبرئيل نهاني أن أضرب المصلّين، و جعل رسول الله يوصيها بها، فلمّا رأت فاطمة ما يوصيها بها التفتت إلى رسول الله و قالت: يا رسول الله عليَّ يوم و عليها يوم ، ففاضت عينا رسول الله بالبكاء و قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته».

[الإصابة، ج 4، ص 376؛ مقتل الحسين للخوارزمي، ج 1، ص 69.]

ماورد في فضيلة التسبيح


و أمّا ماورد في فضيلة التسبيح فروايات كثيرة من طرق السنّة و الشيعة، منها ما تبيّن

أهميّة التسبيح، و منها ما تؤكّد على تعليم التسبيح للأطفال، فإنّه لم يلزمه عبد فشقى.

1.روى الكليني عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عليّ بن الحسين، عن ابن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبي جعفر قال: «ما عُبِد الله بشي ء من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة عليهاالسلام و لو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فاطمة عليهاالسلام».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 64.]

و قد أطلق الصادق عليه السلام ذكر الله في القرآن على هذا الذكر كما جاء في المعاني قال:

2. و قد روى في خبر آخر عن الصادق أنه سئل عن قول الله عزّ و جلّ: (اذكروا الله ذكراً كثيراً) ما هذا الذكر الكثير؟ قال: «من سبّح تسبيح فاطمة عليهاالسلام فقد ذكر الله الذكر الكثير».

[معاني الأخبار، ص 193.]

3. و روى الصدوق أيضاً بسنده عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبدالله الصادق قال: «يا أباهارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة كما نأمرهم بالصلاة فالزمه؛ فإنّه لم يلزمه عبد فشقى».

[أمالي الصدوق، ص 518؛ ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، ص 148.] كما ورد أيضاً أنّه «مَن سبّح لا يقوم من مكانه إلّا و قد غفر الله له».

[الهداية، ص 33.]

و أمّا كيفية التسبيح فعلى ما روي عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال في تسبيح فاطمة عليهاالسلام: «تبدأ بالتكبير أربعاً و ثلاثين ثمّ التحميد ثلاثاً و ثلاثين ثمّ التسبيح ثلاثاً و ثلاثين».

[وسائل الشيعة، ج 4، ص 1025.]

و عليه الفتوى كما في العروة الوثقى

[العروة الوثقى، ص 244.] و إن ورد في الروايات و بعض الكتب الفقهية بتقديم التسبيح على التحميد.

[المقنع، ص 29.]

الصبر و التواضع أمام المتعلّمين


و نقرأ في حياة الزهراء عليهاالسلام أيضاً ما يدل على شدّة صبرها و كثرة تواضعها أمام السائلين و المتعلّمين و القاصرين عن إدراك المسائل الشرعية و الدينية، فكانت تظهر الأخلاق

الحسنة الإسلامية أمام السائل؛ لئلّا توقعه في الإحراج مهما كان السؤال بسيطاً.

قال الإمام أبومحمد العسكرى عليه السلام: «حضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء عليهاالسلام فقالت: إنّ لي والدة ضعيفة و قد لبس عليها في أمر صلواتها شي ء، و قد بعثني إليك أسألك فأجابتها فاطمة عليهاالسلام عن ذلك، فثنّت فأجابت ثمّ ثلّثت إلى أن عشّرت فأجابت، ثمّ خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشقّ عليك يا بنت رسول الله.

قالت فاطمة: هاتي و سلي عمّا بدا لك: أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل و كراه مائة الف دينار يثقل عليه؟ فقالت: لا، فقالت: اكتريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من مل ء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً فأحرى أن لا يثقل عليّ، سمعت أبي صلى اللَّه عليه و آله يقول: طن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله حتّى يخلع على الواحد منهم ألف حلّة من نور، ثمّ ينادي منادي ربّنا عزّ و جلّ: أيها الكافلون لأيتام آل محمد صلى اللَّه عليه و آله الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم و الأيتام الذين كفلتموهم و نعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كلّ واحد من أولائك الأيتام على قدر ما أخذاوا عنهم من العلوم، حتّى أنّ فيهم- يعني في الأيتام- لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة، و كذلك يخلع هولاء الأيتام على من تعلّم منهم ثمّ إنّ الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتّى تتمّوا لهم خلعتهم و تضعفوها لهم، فيتّم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم و يضاعف لهم و كذلك من يليهم ممّن خلع على من يليهم. و قالت فاطمة عليهاالسلام: يا أمة الله إنّ سلكة من تلك الخلع لأفضل ممّا طلعت عليه الشمس ألف ألف مرّة، و ما فضل فإنّه مشوب بالتنغيص و الكدر».

[بحارالأنوار، ج 2، ص 3.]

و أعانت فاطمة صلوات الله عليها في يوم آخر بعض ضعفاء الشيعة و فتحت على المؤمنة حجّتها لتغلب على المعاندة في أمر دينها.

قال الإمام الحسن العسكرى عليه السلام- في ذيل قول الإمام عليّ: من قوّى مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته على ناصب مخالف فأقحمه لقّنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول:

الله ربّي و محمد نبيّي و عليّ وليّي والكعبة قبلتي و القرآن بهجتي... قال أبومحمد عليه السلام-: قالت فاطمة عليهاالسلام و قد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شي ء من أمر الدين إحداهما معاندة و الأخرى مؤمنة ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة ففرحت فرحاً شديداً فقالت فاطمة: إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ من فرحك و إنّ حزن الشيطان و مردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها، و إنّ الله عزّ و جلّ قال للملائكة، أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الضعيفة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها، واجعلوا هذه سنّة في كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معانداً مثل ألف ألف ما كان له معدّاً من الجنان».

[الاحتجاج، ج 1، ص 11.]

حجاب فاطمة


عند ما نتصفّح حياة السيدة فاطمة صلوات الله عليها نرى بعض الروايات و الأحاديث تؤكّد على شدّة تحفّظها و كثرة احتياطها عن الحضور في مجامع الرجال و جلوسها معهم أو التعامل معهم بأي شكل كان، فنراها تسرّ غاية السرور حينما يقسّم النبيّ خدمة ما في البيت و خارجه بينها و بين عليّ أو تحتجب عن الرجل الأعمى حينما يستأذن عليها أو تقول: «إنّ أدنى ما تكون المرأة من ربّها أن لا ترى الرجال و لا يراها» أو توصي أسماء بأن تصنع لها. نعشاً لتكون مستورة حتى بعد الكفن. فلربما بستفاد منها أنّها لم تظهر لأحد من الرجال، ولكن نقرأ أيضاً في حياتها أنّ النبيّ دخل عليها مع أصحابه و قد رأوا أصحابه صفار وجهها الذي يدلّ على أنّها ما كانت تستر وجهها عند ما كانت تواجه غير المحرم. و إليك بيان ما ورد ثمّ دراسة الموضوع:

الطائفة الأولى


روى المجلسي عن قرب الإسناد عن السندي بن محمد، عن أبي البخترى، عن أبي عبدالله عن أبيه قال: «تقاضى عليّ و فاطمة إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله في الخدمة فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، و قضى على عليّ بما خلفه قال: فقالت فاطمة: فلا يعلم ما داخلنى من السرور إلّا الله بإكفائي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله تحمّل رقاب الرجال».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 81.]

و روى ابن المغازلي بسنده عن عليّ أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله استأذن عليها أعمى فحجبته فقال لها النبيّ: «لم حجبتيه و هو لا يراك؟ فقالت: يا رسول الله إنْ لم يكن يراني فإنّى أراه و هو يشمّ الريح، فقال النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: أشهد أنّك بضعة منّي».

[مناقب ابن المغازلي، ص 381؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 91.]

و عن المجلسي أيضاً عن الدعوات للرواندى قال: سأل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أصحابه عن المرأة ماهى؟ قالوا: عورة قال: «فمتى تكون أدنى، من ربّها؟ فلم يدروا، فلّما سمعت فاطمة عليهاالسلام ذلك قالت: أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله: إنّ فاطمة بضعة منّى».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 92.]

و روي عن عليّ عليه السلام قال: «كنّا جلوساً عند رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال: أخبروني أيّ شي ء خير للنساء فعيينا بذلك كلّنا حتّى تفرّقنا، فرجعت إلى فاطمة فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و ليس أحد منّا علمه و لا عرفه فقالت: ولكني أعرفه، خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال، فرجعت إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقلت: يا رسول الله سألتنا أيّ شي ء خير للنساء و خير لهنّ أن لا يرين الرجال و لا يراهن الرجال، قال: مَن أخبرك و أنت عندي؟ قلت فاطمة: فأعجب ذلك رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و قال: إنّ فاطمة بضعة منّى».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 54.]

و روى ابن شهر آشوب عن أنس بن مالك قال: سألت أمّي عن صفة فاطمة فقالت: كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كفرت غماماً أو خرجت من السحاب، و كانت بيضاء بضّة.

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 356؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 6.]

هذه خمس روايات فبعضها صريحة في أنّها كانت تتحرّز أشدّ ما يكون من أن يراها إنسان غير محرم و لو كان أعمى، كما في الرواية الثانية فإنّها حجبت الأعمى لئلّا تراه و إن كان هو أعمى و لا يراها.

و هكذا تفسّر الخبر الذي ورد في السؤال الذي سأله النبيّ صلى اللَّه عليه و آله من أصحابه و منهم الإمام عليّ، بأن لا يرين الرجال و لا يراهّن، فيكف تفسّر الخبر و لا تعمل و هذا ممّا يستحيل.

و أصرح من كلّ ذلك ما ورد عن أنس حيث سأل من أمّه عن صفة الزهراء و شمائلها،

فأنس هو الذي خدم النبيّ أيام حياته في المدينة، فلو أنّه رأى فاطمة و رأى وجهها و شمائلها فلم يبق مجال للسؤال عن صفتها فلماذا سأل من أمّه؟

الطائفة الثانية


و أمّا الطائفة الثانية من الروايات ما رواه جابر بن عبدالله الأنصاري و عمران بن حصين و غيرهما من أنّهما رأوا الصدّيقة فاطمة و الصفرة الغالبة على وجهها من أثر الجوع و غيره.

روى الكليني عن العدّة، عن البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن عبيد بن معاويه، عن معاوية بن شريح، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: «خرج رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يريد فاطمة و أنا معه، فلمّا انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثمّ قال: السلام عليكم، فقالت فاطمة عليهاالسلام: عليك السلام يا رسول الله، قال: أدخل؟ قالت: ادخل يا رسول الله. قال: أدخل أنا و مَن معي؟

فقالت: يا رسول الله ليس عليّ قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك، فقنّعي به رأسك ففعلت ثمّ قال: السلام عليكم، فقالت: و عليك السلام يا رسول الله قال: أدخل؟ قالت: نعم ادخل يا رسول الله قال: أنا و مَن معي؟ قالت : أنت و من معك، قال جابر: فدخل رسول الله و دخلت أنا و إذا وجه فاطمة أصفر كأنّه بطن جرادة، فقال رسول الله: مالي أرى وجهك أصفر؟

قالت: يا رسول الله الجوع، فقال: اللهمّ مُشبع الجوعة و رافع الضيعة، أشبع فاطمة بنت محمد، فقال جابر: فو الله فنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتّى عادت وجهها أحمر، فما جاعت بعد ذلك اليوم».

[الكافي، ج 5، ص 228؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 62.]

و روى كلّ من الطبري و أبي نعيم حديث العيادة إلّا أنّهما روياه عن عليّ و جابر بن سمرة قريب ممّا رواه الكليني، فرواه الطبري بسنده عن زيد بن عليّ، عن آبائه، عن عليّ «أنّ فاطمة بنت محمد نبيّ الله صلى اللَّه عليه و آله مرضت في عهد رسول الله فأتاها نبيّ الله عائداً لها في نفر من أصحابه فاستأذن فقالت: يا أبة لا تقدر على الدخول عليّ، إنّ عليّ عباءة إذا غطّيت بها رأسي انكشفت رجلاي و إذا غطّيت بها رجلاي انكشف رأسي، فلفّ رسول الله ثوبه

/ 28