غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 2

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وعلى صهوات المنابر في شرق الارض وغربها حتى في مهبط وحي الله ألمدينة المنورة قال الحموي في معجم البلدان 5 ص 38: لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبر سجستان إلا مرة وامتنعوا على بني امية حتى زادوا في عهدهم: وأن لا يلعن على منبرهم أحد. وأى شرف أعظم من إمتناعهم من لعن أخي رسول الله صلى الله عليه وآله على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة. اه.

لما مات الحسن بن علي عليهماالسلام حج معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليا على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له: إن ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث اليه وخذ رأيه. فأرسل اليه ذكر له ذلك فقال: إن فعلت لاخرجن من المسجد ثم لا أعود اليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد فلما مات لعنه على المنبر وكتب إلى عماله: أن يلعنوه على المنابر. ففعلوا فكتبت ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله إلى معاوية: انكم تعلنون الله ورسوله على منابركم وذلك انكم تلعنون علي بن ابي طالب ومن أحبه وأنا اشهد أن الله أحبه ورسوله. فلم يلتفت إلي كلامها

___________________________________

العقد الفريد 2 ص 300.

قال الجاحظ في كتاب الرد على الامامية: إن معاوية كان يقول في آخر خطبته: أللهم إن أبا تراب ألحد في دينك.وصد عن سبيك، فالعنه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا أليما. وكتب ذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشادبها على المنابر إلى أيام عمر بن عبدالعزيز. وإن قوما من بني امية قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين؟ إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل. فقال: لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا.

وذكره إبن أبي الحديد في شرحه 1 ص 356.

قال الزمخشري في ربيع الابرار على ما يعلق بالخاطر، والحافظ السيوطي: إنه كان في أيام بني امية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بماسنه لهم معاوية من ذلك. وفي ذلك يقول العلامة الشيخ أحمد الحفظي الشافعي في ارجوزته

وقد حكى الشيخ السيوطي: إنه++

قد كان فيما جعلوه سنه

سبعون ألف منبر وعشره++

من فوقهن يلعنون حيدره

وهذه في جنبها العظائم++

تصغر بل توجه اللوائم

فهل ترى من سنها يعادى؟++

أم لا وهل يستر أو يهادى؟؟

أو عالم يقول: عنه نسكت؟++

أجب فإني للجواب منصت

وليت شعري هل يقال: إجتهدا++

كقولهم في بغيه أم ألحدا؟

أليس ذا يؤذيه أم لا؟ فاسمعن++

إن الذي يؤذيه من ومن ومن؟؟؟

بل جاء في حديث ام سلمه++

: هل فيكم الله يسب مه لمه؟

عاون أخا العرفان بالجواب++

وعاد من عادى أبا تراب

وكان أميرالمؤمنين يخبر بذلك كله ويقول: أما انه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن

___________________________________

مندحق البطن: واسعها. كان معاوية موصوفا بالنهم وكثرة الاكل. يأكل ما يجد، ويطلب مالا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وانه سيأمركم بسبي والبرائة مني. نهج البلاغة.

ونحن لو بسطنا القول في المقام لخرج الكتاب عن وضعه إذ صحايف تاريخ معاوية السوداء ومن لف لفه من بني امية إنما تعد بالآلاف لا بالعشرات والمئات.

الصلح بين قيس ومعاوية


أمرت شرطة الخميس قيس بن سعد على أنفسهم وكان يعرف بصاحب شرطة الخميس كما في الكشي ص 72 وتعاهد هو معهم على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة علي ولمن كان إتبعه على أموالهم ودمائهم وما أصابوا في الفتنة، فأرسل معاوية إلى قيس يقول: على طاعة من تقاتل؟ وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك. فأبى قيس أن يلين له حتى أرسل اليه معاوية بسجل قد ختم عليه في أسفله وقال: اكتب في هذا ماشئت فهو لك. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: لاتعطه هذا وقاتله. فقال معاوية: على رسلك فإنا لا نخلص إلى قتلهم حتى يقتلوا أعدادهم من أهل الشام، فما خير العيش بعد ذلك؟ فإني والله لا اقاتله أبدا حتى لا أجد من قتاله بدا. فلما بعث إليه معاوية

ذلك السجل إشترط قيس له ولشيعة علي أميرالمؤمنين عليه السلام ألامان على ما أصابوا من الدماء والاموال، ولم يسأل في سجله ذلك مالا، وأعطاه معاوية ما سأل و دخل قيس ومن معه في طاعته.

___________________________________

تاريخ الطبرى 6ص 94، كامل ابن الاثير 3ص 163.

قال أبوالفرج فأرسل معاوية إليه يدعوه إلي البيعة، فلما أرادوا إدخاله إليه قال: إني حلفت أن ألقاه إلا بيني وبينه ألرمح أوالسيف. فأمر معاوية برمح وسيف فوضعا بينهما ليبر يمينه، فلما دخل قيس ليبايع وقد بايع الحسن عليه السلام فأقبل على الحسن عليه السلام فقال: أفي حل أنا من بيعتك؟ فقال: نعم. فالقي له كرسي وجلس معاوية على سرير والحسن معه فقال له معاوية: أتبايع يا قيس؟ قال: نعم. ووضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية، فجاء معاوية من سريره وأكب على قيس حتى مسح يده وما رفع إليه قيس يده

___________________________________

شرح نهج البلاغة لابن ابى الجديد 4 ص 17.

قال اليعقوبي في تاريخه 2 ص 192: بويع معاوية بالكوفة في ذي القعدة سنة 40 و أحضر الناس لبيعته، وكان الرجل يحضر فيقول: والله يا معاوية؟ إني لا بايعك وإني لكاره لك. فيقول: بايع فإن الله قد جعل في المكروه خيرا كثيرا، ويأتي الآخر فيقول: أعوذ بالله من نفسك. وأتاه قيس بن سعد بن عبادة، فقال: بايع قيس. قال: إني كنت لاكره مثل هذ اليوم يا معاوية؟ فقال له: مه رحمك الله. فقال: لقد حرصت أن افرق بين روحك وجسدك قبل ذلك فأبى الله يابن أبي سفيان إلا ما أحب. قال: فلا يرد أمر الله. قال: فأقبل قيس على الناس بوجهه فقال:

يا معشر الناس؟ لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، و الكفر من الايمان، فأصبحتم بعد ولاية أميرالمؤمنين، وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليكم الطليق إبن الطليق، يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف تجهل ذلك أنفسكم؟ أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون؟.

فجثا معاوية على ركبته ثم أخذ بيده وقال: أقسمت عليك ثم صفق على كفه ونادى الناس: بايع قيس. فقال: كذبتم والله ما بايعت. ولم يبايع لمعاوية أحد إلا اخذ عليه الايمان، فكان أول من استحلف على بيعته.

أخرج الحافظ عبدالرزاق عن إبن عيينة قال: قدم قيس بن سعد على معاوية فقال له معاوية: وأنت يا قيس؟ تلجم علي مع من ألجم؟ أما الله لقد كنت احب أن لا تأتيني هذا اليوم إلا وقد ظفر بك ظفر من أظافري موجع. فقال له قيس: وأنا والله قد كنت كارها أن اقوم في هذا المقام فاحييك بهذه التحية. فقال له معاوية: ولم؟ و هل أنت حبر من أحبار اليهود؟! فقال له قيس: وأنت يا معاوية؟ كنت صنما من أصنام الجاهلية، دخلت في الاسلام كارها، وخرجت منه طائعا.فقال معاوية: أللهم غفرا مد يدك. فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت تاريخ إبن كثير 8 ص 99.

قيس ومعاوية بعد الصلح


بعد الصلح بينهما دخل قيس بن سعد بعد وقوع الصلح في جماعة من الانصار على معاوية فقال لهم معاوية: يا معشر الانصار؟ بم تطلبون ما قبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلا معي كثيرا علي، ولفللتم حدي يوم صفين حتى رأيت المنايا تلظى في أسنتكم، وهجوتموني في أسلافي بأشد من وقع الاسنة، حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلتم: ارع وصية رسول الله صلى الله عليه وآله. هيهات يأبى الحقين العذرة.

فقال قيس: نطلب ما قبلك بالاسلام الكافي به الله لا بمانمت به إليك الاحزاب، وأما عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك، وأما هجاونا إياك فقول يزول باطنه ويثبت حقه، وأما إستقامة الامر فعلى كره كان منا، وأما فللنا حدك يوم صفين فانا كنا مع رجل نرى طاعة الله طاعته، وأما وصية رسول الله بنا فمن آمن به رعاها بعده، وأما قولك: يأبى الحقين العذرة. فليس دون الله يد تحجزك منا يا معاوية؟ فدونك أمرك يا معاوية؟ فإنما مثلك كما قال الشاعر:

يالك من قبرة بمعمر++

خلالك الجو فبيضي واصفري

فقال معاوية يموه: إرفعوا حوائجكم.

ألعقد الفريد 2 ص 121، مروج الذهب 2 ص 63، الامتاع والمؤانسة 3 ص 170

بيان قول معاوية: يأبى الحقين العذرة. مثل ساير، أصله: أن رجلا نزل بقوم فاستسقاهم لبنا فاعتلوا عليه وزعموا أن لا لبن عندهم، وكان اللبن محقونا في وطاب

عندهم، يضرب به الكاذب الذي يعتذر ولا عذر له، يعني: أن اللبن المحقون لديكم يكذبكم في عذركم. فما في مروج الذهب من: يأبي الحقير العذرة. وفي العقد الفريد أبي الخبير العذر. فهو تصحيف.

قيس ومعاوية في المدينة


روى التابعي الكبير أبوصادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال: قدم معاوية حاجا في أيام خلافته بعد ما مات الحسن بن علي عليهاالسلام فاستقبله أهل المدينة فنظر فإذا الذين استقبلوه عامهم قريش فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال: ما فعلت الانصار، وما بالها ما تستقبلني؟؟!! فقيل: إنهم محتاجون ليس لهم دواب. فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد: أفنوها يوم بدر واحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله حين ضربوك وأباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون. فقال معاوية: أللهم اغفر. فقال قيس: أما إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سترون بعدي أثرة. فقال معاوية: فما أمركم به؟ قال أمرنا أن نصبر حتى نلقاه. قال: فاصبروا حتى تلقونه.

ثم قال يا معاوية: تعيرنا بنواضحنا؟ والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا، ثم دخلت أنت وأبوك كرها في الاسلام الذي ضربناكم عليه. فقال معاوية: كأنك تمن علينا بنصرتكم إيانا فلله ولقريش بذلك المن والطول. ألستم تمنون علينا يا معشر الانصار بنصرتكم رسول الله وهو من قريش وهو إبن عمنا ومنا، فلنا المن والطول إن جعلكم الله أنصارنا وأتباعنا فهداكم بنا. فقال قيس:

إن الله بعث محمد صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين فبعثه إلى الناس كافة، وإلى الجن والانس والاحمر والاسود والابيض إختاره لنبوته، واختصه برسالته، فكان أول من صدقه وآمن به إبن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام وأبوطالب يذب عنه ويمنعه ويحول بين كفار قريش وبين أن يردعوه أو يؤذوه وأمره أن يبلغ رسالة ربه، فلم يزل ممنوعا من الضيم والاذى حتى مات عمه أبوطالب وأمر إبنه بموازرته فوازره ونصره، وجعل نفسه دونه في كل شديدة وكل ضيق وكل خوف، واختص الله بذلك

عليا عليه السلام من بين قريش، وأكرمه من بين جميع العرب والعجم، فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله جميع بني عبدالمطلب فيهم أبوطالب وأبولهب وهم يومئذ أربعون رجلا فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وخادمه علي عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله في حجر عمه أبي طالب فقال: أيكم ينتدب أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في امتي وولي كل مؤمن بعدي. فسكت القوم حتى أعادها ثلاثا، فقال علي عليه السلام: أنا يا رسول الله؟ صلى الله عليك. فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه وقال: أللهم املا جوفه علما وفهما وحكما. ثم قال لابي طالب: يا أبا طالب؟ اسمع الآن لابنك وأطع فقد جعله الله من نبيه بمنزلة هارون من موسى. وآخى صلى الله عليه وآله بين علي وبين نفسه. فلم يدع قيس شيئا من مناقبه إلا ذكره واحتج به.

وقال: منهم: جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة بجناحين إختصه الله بذلك من بين الناس. ومنهم: حمزة سيد الشهداء. ومنهم: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. فإذا وضعت من قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وعترته الطيبين فنحن والله خير منكم يا معشر قريش؟ وأحب إلى الله ورسوله وإلى أهل بيته منكم، لقد قبض رسول الله فاجتمعت الانصار إلى ابي ثم قالوا: نبايع سعدا فجائت قريش فخاصمونا بحجة علي وأهل بيته، وخاصمونا بحقه وقرابته، فما يعدوا قريش أن يكونوا ظلموا الانصار وظلموا آل محمد، ولعمري ما لاحد من الانصار ولا لقريش ولا لاحد من العرب والعجم في الخلافة حق مع علي بن أبي طالب وولده من بعده.

فغضب معاوية وقال: يا بن سعد؟ عمن أخذت هذا؟ وعمن رويته؟ وعمن سمعته؟ أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟؟!! فقال قيس: سمعته وأخذته ممن هو خير من أبي وأعظم علي حقا من أبي. قال: من؟ قال: علي بن أبي طالب عالم هذه الامة، وصديقها؟ الذي أنزل الله فيه: قل كفى بالله شهيدا بينيوبينكم ومن عنده علم الكتاب- فلم يدع آية نزلت في علي إلا ذكرها- قال معاوية: فإن صديقها أبوبكر، وفاروقها عمر والذي عنده علم الكتاب عبدالله بن سلام.قال قيس: أحق هذه الاسماء وأولى بها الذي أنزل الله فيه: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه، والذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم فقال: من كنت مولاه أولى به من نفسه

فعلي أولى به من نفسه، وقال في غزوة تبوك: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي

كل ما ذكره قيس في هذه المناظرة من الآيات النازلة في أميرالمؤمنين، والاحاديث النبوية المأثورة في فضله، أخرجها الحفاظ والعلماء في المسانيد والصحاح نذكر كلا منها في محله إنشاء الله كما مر بعضها.

قيس في خلقته


إن للاشكال والهيئات دخلا في مواقع الابهة والاكبار، فإنها هي التي تملا العيون بادئ بدء، وهي أول ما تقع عليه النظر من الانسان قبل كل ما انحنت عليه أضالعه، من جاش رابط، وبطولة وبسالة، ودهاء وحزم، ولذلك قيل: إن للهيئة قسطا من الثمن، وهذا في الملوك والامراء، وذوي الشئون الكبيرة آكد، فإن الرعية تتفرس في العظيم في جثته عظما في معنوياته، وتترسم منه كبر نفسياته، وشدة أمره، ونفوذ عزائمه، وترضخ له قبل الضئيل الذي يحسب انه لا حول له ولا طول، وإنه يضعف دون إدارة الشئون طوقه وأوقه، ولذلك ان الله سبحانه لما عرف طالوت لبني اسرائيل ملكا عرفه بأنه أوتي بسطة في العلم والجسم، فبعلمه يدير شئون الشعب الدينية والمدنية.ويكون ما أوتي من البسطة في الجسم من مؤكدات الابهة و الهيبة التي هي كقوة تنفيذية لمواد العلم وشئونه.

إن سيد الانصار 'قيس' لما لم يدع الله سبحانه شيئا من صفات الفضيلة ظاهرة وباطنة إلا وجمعه فيه من علم، وعمل، وهدى، وورع، وحزم، وسداد، وعقل، ورأي ودهاء، وذكاء، وإمارة، وحكومة، ورياسة وسياسة، وبسالة، وشهامة، وسخاء، و كرم، وعدل، وصلاح، لم يشأ يخليه عن هذه الخاصة المربية بمقام العظماء.

فقال شيخنا الديلمي في إرشاده 2 ص 325: إنه كان رجلا طوله ثمانية عشر شبرا في عرض خمسة أشبار، وكان أشد الناس في زمانه بعد أميرالمؤمنين. وقال أبوالفرج: كان قيس رجلا طوالا يركب الفرس المشرف ورجلاه يخطان في الارض. ومر ص 77 عن المنذر بن الجارود انه رءآه في الزاوية على فرس أشقر تخط رجلاه في الارض. وقال أبوعمر والكشي في رجاله ص 73: كان قيس من العشرة الذين لحقهم النبي صلى الله عليه وآله

من العصر الاول ممن كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان قيس وأبوه سعد طولهما عشر أشبار بأشبارهم. وعن كتاب الغارات لابراهيم الثقفي انه قال: كان قيس طوالا أطول الناس وأمدهم قامة، وكان سناطا أصلع شيخا شجاعا مجربا مناصحا لعلي ولولده ولم يزل على ذلك إلى أن مات.

عد الثعالبي في 'ثمار القلوب' ص 480 من الامثال الدائرة والمضافات المعروفة والمنسوب السائر: سراويل قيس. وقال: إنه يضرب مثلا لثوب الرجل الضخم الطويل، وكان قيصر بعث إلى معاوية بعلج من علوج الروم طويل جسيم، معجبا بكمال خلقته و إمتداد قامته، فعلم معاوية انه ليس لمطاولته ومقاومته إلا قيس بن سعد بن عبادة فإنه كان أجسم الناس وأطولهم، فقال له يوما وعنده العلج: إذا أتيت رحلك فابعث إلي بسراويلك. فعلم قيس مراده فنزعها ورمى بها إلى العلج والناس ينظرون فلبسها العلج فطالت إلى صدره، فعجب الناس وأطرق الرومي مغلوبا، وليم قيس على ما فعل بحضرة معاوية فأنشد يقول:

أردت لكيما يعلم الناس أنها++

سراويل قيس والوفود شهود

وأن لا يقولوا: غاب قيس وهذه++

سراويل عاد قد نمته ثمود

وإني من القوم اليمانين سيد++

وما الناس إلا سيد ومسود

وبز جميع الناس أصلي ومنصبي++

وجسم به أعلو الرجال مديد

ورواها إبن كثير في 'البداية والنهاية' 8 ص 103 بتغيير فيها ثم قال: وفي رواية: أن ملك الروم بعث إلى معاوية برجلين من جيشه يزعم أن أحدهما أقوى الروم والآخر أطول الروم: فانظر هل في قومك من يفوقهما في قوة هذا وطول هذا؟ فإن كان في قومك من يفوقهما بعثت إليك من الاسارى كذا وكذا ومن التحف كذا وكذا، وإن لم يكن في جيشك من هو أقوى وأطول منهما فهادني ثلاث سنين. فلما حضروا عند معاوية قال: من لهذا القوي؟ فقالوا: ماله إلا أحد رجلين إما محمد بن الحنفية أو عبدالله بن الزبير، فجيئ بمحمد بن الحنفية وهو إبن علي بن أبي طالب فلما إجتمع الناس عند معاوية قال له معاوية: أتعلم فيم أرسلت إليك؟ قال: لا. فذكر له أمر الرومي وشدة بأسه فقال للرومي: إما أن تجلس لي أو أجلس لك، وتناولني يدك أو اناولك يدي فأينا قدر

على أن يقيم الآخر من مكانه غلبه وإلا فقد غلب. فقال له: ماذا تريد؟ تجلس أو أجلس؟ فقال له الرومي: بل اجلس أنت. فجلس محمد بن الحنفية وأعطى الرومي يده فاجتهد الرومي بكل ما يقدر عليه من القوة أن يزيله من مكانه أو يحركه ليقيمه فلم يقدر على ذلك ولا وجد إليه سبيلا، فغلب الرومي عند ذلك وظهر لمن معه من الوفود من بلاد الروم انه قد غلب، ثم قام محمد بن الحنفية فقال للرومي: اجلس لي. فجلس وأعطى محمدا يده فما أمهله أن أقامه سريعا ورفعه في الهواء ثم ألقاه على الارض، فسر بذلك معاوية سرورا عظيما، ونهض قيس بن سعد فتنحى عن الناس ثم خلع سراويله وأعطاها لذلك الرومي الطويل فبلغت إلى ثدييه وأطرافها تخط بالارض، فاعترف الرومى بالغلب وبعث ملكهم ما كان إلتزمه لمعاوية.

يستفيد القارئ من أمثال هذه الموارد من التاريخ ان أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم كانوا هم المرجع لحل المشكلات من كل الوجوه كما أن مولاهم أمير المؤمنين عليه السلام كان هو المرجع الفذ فيها لدى الصدر الاول.

وفاة قيس


قال الواقدي وخليفة بن خياط والخطيب البغدادي في تاريخه 1 ص 179 وإبن كثير في تاريخه 8 ص 102 وغيرهم بكثير: إنه توفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية. فإن عدت سنة وفاة معاوية من سني خلافته فالمترجم له توفي في سنة ستين، وإلا ففي تسع وخمسين، ولعل هذا منشأ ترديد إبن عبدالبر في الاستيعاب وإبن الاثير في اسد الغابة في تاريخ وفاته بين السنتين، ففي الاول: انه توفي سنة ستين. وقيل تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية، وفي الثاني بالعكس، وذكر إبن الجوزي سنة 59 وتبعه إبن كثير في تاريخه، وهناك قول لابن حبان متروك قال: إنه هرب من معاوية ومات سنة 85 في خلافة عبدالملك. ذكره إبن حجر في الاصابة 3 ص 249، وأستصوب قول خليفة ومن وافقه.

بيت قيس


كان في العصور المتقادمة آل قيس من أشرف بيوتات الانصار، وما زال منبثق أنوار العلم والمجد في أدواره، بين زعيم، وحافظ، وعالم، ومحدث، ومشفوع بالصلاح

والقداسة، منهم:

أبويعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عمار بن يحيى بن العباس بن عبدالرحمن بن سالم بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الانصاري. ترجم له السمعاني في 'الانساب' وقال: من أشرف بيت في الانصار، ومن أوحد مشايخ نيسابور في الثروة والعدالة والورع والقبول والاتقان من الرواية، وأكثرهم طلبا للحديث والفهم والمعرفة، سمع بنيسابور محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، وعبدالرحمن بن بشير بن الحكم، وبالعراق عمر بن شبه النميري، والحسن بن محمد بن الصباح، ومحمد بن إسماعيل الاحمسي، وأحمد بن سنان القطان، وبالحجاز بحر بن نصر الخولاني، وبالري أبا زرعة، ومحمد بن مسلم بن داره، روى عنه أبوإسحاق إبراهيم بن عبدوس، ومحمد بن شريك الاسفرايني، وأبوأحمد إسماعيل بن يحيى بن زكريا، مات في جمادى الآخر سنة 317 بنيسابور.

م- ومنهم: أبوبكر محمد بن أبي نصر أحمد بن العباس بن الحسن بن جبلة بن غالب بن جابر بن نوفل بن عياض بن يحيى بن قيس بن سعد الانصاري إلشهير بالعياضي " بكسر العين "ذكره السمعاني في 'الانساب' وقال: من أهل سمرقند كان فقيها جليلا من رؤساء البلدة والمنظورين إليهم، روى عن أبي علي محمد بن محمد بن الحرث الحافظ لسمرقندي لقيه أبوسعد الادريسي

___________________________________

ابوسعد عبدالرحمن بن محمد الاسترابادى نزيل سمرقند والمتوفى بها في سلخ ذى الحجة سنة 405. ولم يكتب عنه شيئا.

___________________________________

وذكره وأخاه محيى الدين ابن أبى الوفاء في 'الجواهر المضية' ص 13.

ومنهم: أبوأحمد بن أبي نصر العياضي أخو ابي بكر العياضي المذكور.

ومنهم: إبن المطري أبومحمد عبدالله بن محمد بن أحمد بن خلف بن عيسى بن عساس بن يوسف بن بدر بن عثمان الانصاري الخزرجي العبادي المدني. قال أبوالمعالي السلامي في 'المختار' كما في منتخبه ص 72: إنه من ولد قيس بن سعد بن عبادة.

كان حافظ وقته، حسن الاخلاق، كثير العبادة، جميل العشرة مع العلماء ورواد العلم، إرتحل في سماع الحديث إلى الشام ومصر والعراق، ورأى في حياته كوارث، نهبت داره سنة 742 وحبس مدة ثم اطلق، له كتاب "الاعلام فيمن دخل المدينة من

/ 40