إمام علی (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (ع) سیرة و تاریخ - نسخه متنی

عبدالزهرا عثمان محمود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




قال: 'اللَّهمَّ بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما'


[الطبقات الكبرى 8: 17، أُسد الغابة 7: 240.]


وقد روي أنَّ فاطمة عليه السلام بكت تلك الليلة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهدّئاً من روعها: 'لقد زوَّجتك سيِّداً في الدنيا والآخرة، وإنَّه أوَّل أصحابي إسلاماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً'


[أُسد الغابة 7: 239، تهذيب الكمال 13: 302، سير أعلام النبلاء "سير الخلفاء الراشدين": 230 باختلاف.]


وحقٌّ للزهراء أن تجهش بالبكاء في هذه الليلة الفريدة من العمر، ليلة تحتاج فيها الفتاة إلى أن تكون بالقرب من أُمِّها، وعلى الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أغدق على ابنته بالمحبة والحنان حتَّى فاضا! ولكن لابدَّ من وجود الأمِّ في هذه الليلة الفريدة!


قالت أسماء بنت عميس: فرمقتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين اجتمعا يدعو لهما، لا يشركهما في دعائه أحد، ودعا له كما دعا لها


[تهذيب الكمال 13: 302، عن الهيثمي في مجمع الزوائد باب إسلامه 9 و101.]


في هذا الحديث الشريف: 'لقد زوّجتك سيداً في الدنيا والآخرة...' جملة من المعاني السامية والدرجات العالية المنطوية على دلالات كبيرة، فهو:


1" سيِّد في الدنيا والآخرة.


2" أوَّل الناس إسلاماً.


3" أكثرهم علماً.


4" أعظمهم حلماً.


هذه الخصال التي اجتمعت في هذا الرجل 'عليٍّ' الذي تنتظره غداً مسؤوليات كبيرة في حفظ الدين وصيانة الأُمَّة.


غزواته مع الرسول



كانت هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بداية عهد جديد للدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وقد دخل الاسلام القسم الأعظم من أهل المدينة المنوَّرة، فيما أصرَّ بعضهم بادئ الأمر على الشرك.


أمَّا قريش فقد بدأت بالتحرُّك السريع لإرهاب المسلمين.. وكان من الطبيعي أن لا يقف النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من تلك التحدِّيات والتحرُّشات موقف المتخاذل الضعيف، فجعل يرسل السرايا لمطاردتهم، أو لقطع الطريق على تجارتهم.. وظلَّ على تلك الحال حتَّى أمر الله سبحانه وتعالى نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم بقتال المشركين، وليكون لهم بالمرصاد، فكانت حروب وغزوات كثيرة، بلغت في حياة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم نحو ثمانين غزوة، وليس في كلِّها كانت تقع حروب أو مناوشات، لأنَّ الكثير منها كان عبارة عن سرايا استطلاعية يبعثها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أطراف المدينة أو بعض النواحي التي يحتمل تسلُّل الأعداء منها.


وكان عدد الغزوات التي خرج فيها الرسول بنفسه 27 غزوة، وقع القتال في 9 منها، وهذه الغزوات هي التي اشتهرت في تاريخ الإسلام دون سواها.


وفي كلِّ الغزوات التي خـرج فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عليٌّ عليه السلام معه، لم يفارقه في واحدة، الا في غزوة تبوك، لأمر أراده الله ورسوله، سيأتي


تفصيله في محلِّه، وفي كلِّ تلك الغزوات كان لواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد عليٍّ عليه السلام


[سير اعلام النبلاء "سيرة الخلفاء الراشدين": 228.]


فلنقف بإيجاز على بعض مواقف وأدوار الإمام عليٍّ عليه السلام في الغزوات والحروب:


غزوة بدر الكبري



وهي أول معركة يحارب فيها الإمام عليٌّ عليه السلام كما أنَّ معركة بدر هي أول حروب نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم.


وبدر اسم بئر كانت لرجل يدعى بدراً، وتقع في مكان بين مكَّة والمدينة وتبعد عنها 160 كم على التقريب


[فضائل الإمام علي، محمَّد جواد مغنية: 96.]


وقيل: بين بدر والمدينة ثمانية بُرُد وميلان


[طبقات ابن سعد 2: 9.]


وكانت هذه الوقعة يوم الجمعة، لثلاث عشرة بقين من شهر رمضان


[أي بعد قدومه المدينة بثمانية عشر شهراً، أنظر الكامل في التاريخ 2: 14.]، أي في السابع عشر منه، وقيل: يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت منه على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجره


[الطبقات الكبرى 2: 8.]، وقيل: في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك السنة الثانية من الهجرة


[فضائل الإمام علي: 96.]


وجاء في سبب هذه الغـزوة: أنَّ أبا سفيان قدم من الشام بقافلة قريش، تحمل أموالاً طائلة، فخرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليقطع الطريق عليها رداً


على تحدِّياتها وتحرُّشاتها التي كانت تقوم بها بين الفينة والأُخرى، وشاءت الأقدار أن يعرف أبو سفيان بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فغيَّر طريق القافلة ونجا بها، وأرسل إلى قريش يعلمها بالأمر..


فاستبشرت لقتال محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم وخرجت بجيش قوامه ألف رجل ـ على أصحِّ التقادير ـ وأخرجوا معهم القيان والدفوف، وبلغت النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم أخبارها واستعدادها للقتال، فاستشار أصحابه في الأمر وأحبَّ أن يكونوا على بصيرة من أمرهم، فوقف عمر بن الخطَّاب يحذِّره من قريش، إذ يقول: والله إنَّها ما ذلَّت منذ عزَّت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لا تسلِّم عزَّها أبداً ولتقاتلك، فتأهَّب لذلك أهبته وأعدَّ له عدَّته.


ووقف بعده المقداد فقال: يا رسول الله امضِ لأمر الله فنحن معك، ولا نقول لك، كما قالت بنو اسرائيل لموسى: "فَاذْهَبْ أنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلأ إنَّا هَا هُنَا قَاعِدُون"، بل نقول لك: اذهب أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكم مقاتلون، والذي بعثك بالحقِّ لو سرت بنا إلى برك الغماد


[برك الغماد: مدينة الحبشة، تبعد عن مكَّة مسيرة خمس ليال من وراء الساحل. انظر سيرة الأئمة الاثني عشر، الجزء الأول.] لسرنا معك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


ومضى نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه إلى بدر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وقيل بأقل من ذلك، منهم من المهاجرين واحد وثمانون، ومن الأنصار مائتان واثنان وثلاثون رجلاً


[تاريخ اليعقوبي 2: 45، الكامل في التاريخ 2: 16.]، وكان معهم فرسان وسبعون بعيراً، فبعث عليَّاً عليه السلام وسعد بن أبي وقَّاص وبسبس بن عمرو يتجسَّسون له الأخبار،


وقال: 'أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب التي تلي هذا الضريب' فاندفعوا باتجاهه فوجدوا على القليب روايا قريش، فأسروا ثلاثة منهم، واستطاع الفرار رجل اسمه عجير فأخبر قريشاً، بخبر محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه..


وقبل أن يقع القتال أنزل الله على نبيِّه: "وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا"


[سورة الأنفال: 61.] فوقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الطرفين يخاطب قريشاً بأُسلوب يلهب المشاعر: 'ارجعوا، فلأن يلي هذا الأمر منِّي غيركم أحبُّ إليَّ من أن تلوه أنتم'.


فأصاب كلامه مكاناً في نفس عتبة بن ربيعة، أحد قادتهم وأبطالهم، فقال لقريش: ما ردَّ هذا قومٌ قط وأفلحوا، يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني الدهر، إنَّ محمَّداً له آل وذمَّة وهو ابن عمِّكم فخلُّوه والعرب، فإن يك صادقاً فأنتم أعلى عيناً به، وإن يك كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمره. لكنَّ أبا جهل أبى الا القتال، ووصف موقف عتبة بالجبن والخوف، وظلَّ يلاحق عتبة حتَّى استفزَّه.


ودفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رايته إلى عليٍّ، وكان عمره يوم ذاك 25 سنة، وبرز عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، ودعوا المسلمين إلى البراز، فبرز إليهم ثلاثة من فتيان الأنصار: وهم من بني عفراء: معاذ ومعوذ وعوف


[ذكر ابن الأثير في تاريخه 2: 125 عوف ومعوَّذ ابنا عفراء، وعبدالله بن رواحة، كلَّهم من الأنصار.]، فلمَّا وقفوا في مقابل عتبة وأخيه وولده، ترفَّعوا عن مقاتلتهم، وطلب عتبة من النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يرسل له الأكفَّاء من قريش.


فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني عمومته، وأحبَّ أن تكون الشوكة ببني


عمِّه وقومه وقال: 'قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة بن عبدالمطَّلب، قم يا عليَّ بن أبي طالب' فقاموا مسرعين، يهرولون بين الجيشين على أقدامهم، بقلوب ثابتة، عامرة بالإيمان، ووقفوا أمام القوم، فقال عتبة: تكلَّموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبدالمطَّلب: أسد الله، وأسد رسوله، فقال عتبة: كُفءٌ كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذا معك؟ قال: عليُّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، قال: كُفآن كريمان


[طبقات ابن سعد 2: 12.]


فبرز عبيدة بن الحارث ـ وكان عمره سبعين سنة ـ إلى عتبة بن ربيعة ـ وقيل شيبة


[ارشاد المفيد 1: 68.]ـ فضربه على رأسه وضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها، وسقطا معاً، وحمل عليٌّ عليه السلام على الوليد ـ وكانا أصغر القوم سنَّاً ـ فضربه عليُّ بن أبي طالب عليه السلام على حبل عاتقه، فخرج السيف من أبطه، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيف حتى انثلما، فاعتنق كلُّ واحد صاحبه، وكان حمزة أطول من شيبة، فصاح المسلمون: يا علي، أما ترى الكلب قد بهر عمَّك، فأقبل عليهما، فقال عليٌّ: 'طأطأ رأسك يا عم' فأدخل حمزة رأسه في صدر شيبة، فضربه الإمام على عنقه فقطعها، ثُمَّ كرَّ عليٌّ عليه السلام وحمزة على عتبة فأجهزا عليه، وحملا عبيدة فألقياه بين يدي ابن عمِّه الرسول، فاستعبر وقال: 'ألستُ شهيداً يا رسول الله؟' قال: 'نعم'.


قال: 'لو رآني أبو طالب لعلم أنَّنا أحقُّ منه بقوله:




  • ونُسْلمه حتَّى نصرَّع حولــهُ
    ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ'



  • ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ'
    ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ'



[الكامل في التاريخ 2: 22.]


ولم يلبث بعدها إلاّ يسيراً، وهو أول شهيد من المسلمين في تلك المعركة.


وبرز بعدهما حنظلة بن أبي سفيان إلى عليِّ بن أبي طالب عليه السلام، فلمَّا دنا منه ضربه عليٌّ بالسيف، فسالت عيناه، وسقط كالذبيح على رمال بدر، ثُمَّ أقبل العاص بن سعيد بن العاص يطلب البراز، فبرز إليه عليٌّ عليه السلام وقتله.


ولمَّا رأت مخزوم كثرة القتلى من المشركين، أحاطوا بأبي جهل خوفاً عليه، وألبسوا لأمة حربه عبدالله بن المنذر، فصمد له عليٌّ عليه السلام وقتله، ثُمَّ ألبسوها الفاكه بن المغيرة، فقتله حمزة وهو يظنُّه أبا جهل، وألبسوها بعدهما حرملة بن عمرو فقتله عليٌّ عليه السلام أيضاً، وأبى أن يلبسها أحد بعدما رأوا صنيع عليٍّ وحمزة..


ثمَّ التحم الجيشان، ودار بينهما أعنف قتال، فتساقطت الرؤوس وتهاوت الأجسام.


وقَتَلَ عليٌّ عليه السلام ـ فيمن قتله يوم ذاك ـ نوفل بن خويلد، وكان من شياطين قريش، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال فيه: 'اللَّهمَّ اكفني ابن العدوية' وخرج نبيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم من العريش، ولم يبقَ فيه غير أبي بكر، ولم يرد له ولعمر بن الخطَّاب ذكر مع الذين اشتركوا في القتال..


واشترك النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مع المسلمين، وكبرياء مشركي قريش تتهاوى تحت الأقدام، ثمَّ أخذ كفَّاً من التراب ورمى به إلى جهة المشركين قائلاً: 'شاهت الوجوه، اللَّهمَّ ارعب قلوبهم' فانهزموا تاركين أمتعتهم وأسلحتهم، وانجلت المعركة عن مقتل سبعين رجلاً من مشركي قريش، وكانوا سادات قريش وأبطالها، وأُسر منهم سبعون رجلاً، وفقد المسلمون أربعة عشر شهيداً.. ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار.


وانطوت صفحة التاريخ معربة عن أول انتصار حقَّقه المسلمون على صعيد المعارك، وتجلَّت هذه الانتصارات ببطولات بني هاشم لا سيَّما الإمام علي عليه السلام، الذي كان متعطِّشاً لحصد أشواك الشرك وإلقائها تحت الأقدام..


أحصت بعض مصادر التاريخ من قتلهم عليٌّ 35 رجلاً، ذكرتهم بعض المصادر بأسمائهم


[انظر إرشاد المفيد 1: 70ـ 71.]


ومن كلام الإمام عليه السلام لمعاوية: 'وعندي السيف الذي اعضضته بجدك وخالك وأخيك في مقام واحد'


[نهج البلاغة، الكتاب: 64.]!


غزوة أُحد



أخذ المشركون يعدُّون العدَّة للثأر، واستطاعوا أن يؤلِّفوا جيشاً كبيراً، يضمُّ ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل! وتبرَّع أبو سفيان بأموال طائلة لتجهيز هذا الجيش الذي قاده بنفسه، وقبل أن تخرج قريش إلى أُحد بعث العبَّاس بن عبدالمطَّلب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبره بكيد قريش واستعدادها.


وبدأ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من ساعة وصول الرسالة يستعدُّ لملاقاة الجيش الزاحف نحوهم، وكان ذلك في شوال، في السنة التالية لمعركة بدر.


خرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ألف رجل أو يزيدون قليلاً، وكان الإمام عليُّ بن أبي طالب عليه السلام حامل لوائه، ووزَّع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الرايات على وجوه المهاجرين والأنصار، ولمَّا كان بين المدينة وأُحد، عاد عبدالله بن أُبي


ـ رأس النفاق ـ بثلث الجيش قائلاً: علامَ نقتل أنفسنا؟! ارجعوا أيُّها الناس، فرجع وبقيَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعمائة.


ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجيشه البالغ سبعمائة رجلٍ حتى بلغ أُحداً، فأعدَّ أصحابه للقتال، ووضع تخطيطاً سليماً للمعركة ليضمن لهم النصر بإذن الله، ثُم جعل أُحداً خلف ظهره، فجعل الرماة على جبل خلف عسكر المسلمين وهم خمسون رجلاً، وأمَّر عليهم عبدالله بن جبير، وقال لهم: 'احموا ظهورنا ولا تفارقوا مكانكم، فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشاركونا، فإنَّما نؤتى من موضعكم هذا'


[انظر: الطبقات الكبرى 2: 30، الكامل في التاريخ 2: 47، الارشاد 1: 80 باختلاف.]


ولمَّا التحمت المعركة تقدَّم طلحة بن أبي طلحة ـ وكان يدعى كبش الكتيبة ـ وصاح: من يبارز؛ فخرج إليه عليٌّ عليه السلام، وبرزا بين الصفَّين، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس في عريش أُعدَّ له يشرف على المعركة ويراقب سيرها، فقال طلحة: مَنْ أنت؟ قال: 'أنا عليُّ بن أبي طالب' فقال: لقد علمت أنَّه لا يجرؤ عليَّ أحدٌ غيرك، فالتحمت سيوفهم، فضرب عليٌّ عليه السلام رأس عتبة ضربة فلق فيها هامته، فبدرت عيناه وصاح صيحة لم يُسمع مثلها، وسقط اللواء من يده، ووقع يخور في دمه كالثور، وقيل: ضربه فقطع رجله، فسقط وانكشفت عورته، فناشده الله والرحم فتركه


[انظر الكامل في التاريخ 2: 47.]


فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون، وتقدَّم بعده أخوه عُثمان بن أبي طلحة، فحمل عليه حمزة بن عبدالمطَّلب، فضربه بسيفه ضربةً كانت بها نهايته، ورجع عنه يقول: أنا ابن ساقي الحجيج.


وأخذ اللواء بعدهما أخوهما أبو سعيد بن أبي طلحة، فحمل عليه عليٌّ عليه السلام فقتله، ثُمَّ أخذ اللواء أرطأة بن شرحبيل، فقتله عليٌّ عليه السلام أيضاً، وأخذ اللواء بعد ذلك غلام لبني عبدالدار، فقتله عليُّ بن أبي طالب عليه السلام.


وذكر المفيد في إرشاده: أنَّ أصحاب اللواء كانوا تسعة، قتلهم عليُّ بن أبي طالب عن آخرهم، وانهزم القوم


[ارشاد المفيد 1: 88.]


وتؤكِّد أكثر الروايات أنَّه بعد أن قُتل أصحاب الألوية والتحم الجيشان، لم يتقدَّم أحد من عليٍّ عليه السلام الا بعجه بسيفه أو ضربه على رأسه، ففلق هامته وأرداه قتيلاً، وانكشف المشركون لا يلوون على شيء، حتى أحاط المسلمون بنسائهم، ودبَّ الرعب في قلوبهم، ولو أراد المسلمون أن يأسروا هنداً ومن معها ما وجدوا من يمنعهم من ذلك.


وإنَّ النصر الذي تهيَّأ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في أُحد لم يتهيَّأ له في موطنٍ قطّ، وظلَّ النصر إلى جانب المسلمين، حتَّى عصوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانصرفوا إلى الغنائم.


فقد أُصيب المسلمون من قبل الرماة الذين وضعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ورائهم، ليحموا ظهورهم بالنبال إن هجم المشركون من جهة الجبل، لكن لمَّا انهزم المشركون لا يلوون على شيء، نزل الرماة من على الجبل، بعد أن نظروا إلى اخوانهم المسلمين ينتهبون الغنائم، وردعهم أميرهم عبدالله بن جبير، فأبوا الرجوع، ثُمَّ انطلقوا للسلب والنهب، ولم يبقَ مع ابن جبير الا عشرة رجال.


/ 23