إمام علی (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (ع) سیرة و تاریخ - نسخه متنی

عبدالزهرا عثمان محمود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




أخاها محمَّد بن أبي بكر أن يضرب عليها قُبَّةً، وقال: 'انظر هل وصل إليها شيء من جراحة'؟ فأدخل رأسه في هودجها، فقالت: من أنت؟ قال: أبغض أهلك إليك. قالت: ابن الخثعمية؟ قال: نعم. قالت: يا بأبي، الحمد لله الذي عافاك؟!


[الكامل في التاريخ 2: 140.]


فلمَّا كان الليل أدخلها أخوها محمَّد بن أبي بكر البصرة، في دار صفية بنت الحارث، ثمَّ دخل الإمام عليه السلام البصرة فبايعه أهلها على راياتهم حتى الجرحى والمستأمنة..


ثمَّ جهَّز عليٌّ عليه السلام عائشة بكلِّ ما ينبغي لها من مركبٍ وزادٍ ومتاعٍ وغير ذلك، وبعث معها كلَّ من نجا، ممَّن خرج معها، الا من أحبَّ المقام، واختار لها أربعين امرأةً من نساء البصرة المعروفات، وسيَّر معها أخاها محمَّد بن أبي بكر


[الكامل في التاريخ 2: 144.]


وقيل: إنَّه لمَّا أُخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل، فتكلَّم فيه الحسن والحسين عليهما السلام فخلَّى سبيله فقالا له: 'يبايعك، يا أمير المؤمنين؟' فقال: 'ألم يبايعني بعد قتل عُثمان، لا حاجة لي في بيعته، أما إنَّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الأُمَّة منه ومن ولده موتاً أحمر'. فكان كما قال عليه السلام


[إعلام الورى 1: 340.]


ورُبَّ سائل يسأل: ما هي الآثار التي تركتها فتنة الجمل؟


فيُجيب الأستاذ محمَّد جواد مغنية بقوله: 'لولا حرب الجمل لما كانت


حرب صفِّين والنهروان، ولا مذبحة كربلاء، ووقعة الحرّة، ولا رُميت الكعبة المكرَّمة بالمنجنيق أكثر من مرَّة، ولا كانت الحرب بين الزبيريِّين والأُمويِّين، ولا بين الأُمويِّين والعباسيِّين، ولما افترق المسلمون إلى سُنَّة وشيعة، ولما وجد بينهم جواسيس وعملاء يعملون على التفريق والشتات، ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكاً يتوارثها الصبيان، ويتلاعب بها الخدم والنسوان.


لقد جمعت حرب الجمل جميع الرذائل والنقائص، لأنَّها السبب لضعف المسلمين وإذلالهم، واستعبادهم وغصب بلادهم، فلقد كانت أوَّل فتنةٍ ألقت بأس المسلمين بينهم، يقتل بعضهم بعضاً، بعد أن كانوا قوَّةً على أعدائهم، كما فسحت المجال لما تلاها من الفتن والحروب الداخلية التي أودت بكيان المسلمين ووحدتهم، ومهَّدت لحكم الترك والديلم والصليبيِّين وغيرهم. وباختصار لولا فتنة الجمل لاجتمع أهل الأرض على الإسلام، لأنَّ رحمته تشمل الناس أجمعين "وَمَا أرْسَلْنَاكَ الا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين" وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: 'إنَّما أنا رحمة مهداة''


[فضائل الإمام عليٍّ: 138ـ 139.]


علي في طريقه إلى الشام، وحرب صفِّين



لمَّا انتهت فتنة الجمل استعدَّ الإمام إلى حرب معاوية، فوجد حماساً وتجاوباً من أهل الكوفة، فقد كان قسم كبير منهم قد اشتركوا معه في معركة الجمل، وهم الآن يريدون أن يضيفوا نصراً جديدا للإسلام.


ثمَّ إنَّ الإمام وقبل حرب صفِّين قد أرسل إلى معاوية السفراء والكتب


يدعوه الى الطاعة والدخول فيما دخل المسلمون من قبله، لكنَّه لم يستجب لطلبه، بل أظهر الشدَّة والصلافة في ردِّه على رسائل الإمام، واختار القتال على الصلح والمسالمة.


في هذه الأثناء تجهَّز معاوية بجيشٍ ضخمٍ واتَّجه به صوب العراق، ولمَّا بلغ أمير المؤمنين خبره جهَّز جيشه، واتَّجه نحو الزحف، ليقطع عليهم الدخول إلى أرض العراق، لما في ذلك من قتل ونهب وفساد كبير.. فكان من ذلك حرب صفِّين، وبالشعار السابق نفسه: 'دم عُثمان'!


فتمرَّدوا وأعدُّوا العدَّة لمحاربة إمام المتَّقين.. فهم لم يخرجوا في طلب الثأر لعثمان، بل كان خروجهم ضدَّ الإمام، وضدَّ الإسلام كلِّه، والثأر لأنفسهم، ونرى ذلك واضحاً من كلام ابن العاص مع معاوية على الشعار المزيَّف، حيث قال عمرو بن العاص لمعاوية:


واسوأتاه! إنَّ أحقَّ الناس الا يذكر عُثمان لا أنا ولا أنت!


قال معاوية: ولِمَ ويحك؟!


قال: أمَّا أنت فخذلته ومعك أهل الشام! وأمَّا أنا فتركته عياناً وهربتُ إلى فلسطين!


وقال له: أما والله، إن قاتلنا معك نطلب دم الخليفة، إنَّ في النفس ما فيها، حيث نقاتل مَنْ تعلم سابقته وفضله وقرابته، ولكنَّنا أردنا هذه الدنيا!!


[انظر: الكامل في التاريخ 3: 163ـ 172، تاريخ اليعقوبي 2: 184ـ 186، شرح نهج البلاغة 2: 62ـ 66.] فأيُّ مكرٍ هذا الذي رأيناه من كلامهما؟! على مثل ذلك أعدُّوا العدَّة


لمحاربة الخليفة الجديد، فهؤلاء هم القاسطون الذين كرهوا خلافة الإمام عليٍّ عليه السلام.


ووصل الإمام إلى صفِّين في ذي القعدة، وابتدأت الحرب في أوَّل ذي الحجَّة سنة 36هـ، وحصلت الهدنة في المحرم سنة 37 هـ، واستؤنف القتال في أوَّل صفر، وانتهى في 13 منه


[فضائل الإمام عليٍّ: 142.]، وعسكر الإمام بالنُخيلة، وعقد لواءه لغلامه قنبر.


ونزل معاوية بمن معه في وادي صفِّين، وأخذ شريعة الفرات، وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها.. وبعث أمير المؤمنين صعصعة بن صوحان إلى معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فقال معاوية لأصحابه: ما ترون؟ فبعضهم قال: امنعهم الماء، كما منعوه ابن عفَّان، اقتلهم عطشاً قتلهم الله، لكنَّ عمرو بن العاص حاول أن يقنع معاوية بأن يخلِّي بين القوم وبين الماء، فرجع صعصعة فأخبره بما كان، وأنَّ معاوية قال: سيأتيكم رأيي، فسرَّب الخيل إلى أبي الأعور ليمنعهم الماء.


ولمَّا سمع عليٌّ عليه السلام ذلك قال: 'قاتلوهم على الماء'، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام أشدَّ استبسالٍ، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ عليه السلام.


فقالوا: والله لا نسقيه أهل الشام!


فأرسل عليٌّ عليه السلام إلى أصحابه أن: 'خذوا من الماء حاجتكم وخلُّوا عنهم، فإنَّ الله نصركم بغيِّهم وظلمهم'


[أنظر: الكامل في التاريخ 3: 167، وسير أعلام النبلاء "سيرة الخلفاء الراشدين": 267 مختصراً.]


بهذا الخُلق الكريم عامل أمير المؤمنين عليه السلام أشدَّ مناوئيه..


ثمّ دعا عليّ عليه السلام جماعة من قادة جنده، فقال لهم: 'ائتوا هذا الرجل وادعوه إلى الله والى الطاعة والجماعة'.


ففعلوا ما أمرهم به، لكنَّ معاوية قال لهم بعد أن سمع كلامهم: انصرفوا من عندي، فليس بيني وبينكم الا السيف، وغضب القوم، وخرجوا، فأتوا عليَّاً عليه السلام فأخبروه بذلك..


واحتدم القتال بين الطرفين، فاقتتلوا يومهم كلَّه قتالاً شديداً لم يشهد له تاريخ الحروب مثيلاً، ثُمَّ تقدَّم الإمام عليٌّ عليه السلام بمن معه يتقدَّمهم عمَّار بن ياسر، ولمَّا برز لعمر بن العاص قال عمَّار: 'لقد قاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرّات، وهذه الرابعة ما هي بأبرَّ وأنقى'


[الكامل في التاريخ 3: 187 وانظر سير أعلام النبلاء 2: 265.] يعني: راية معاوية.


وقال حبَّة بن جُوَين العُرَني: قلتُ لحذيفة بن اليمان: حدِّثنا فإنَّا نخاف الفتن.


فقال: عليكم بالفئة التي فيها ابن سُميَّة، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: 'تقتله الفئة الباغية الناكبة "الناكثة" عن الطريق، وإنَّ آخر رزقه ضَياح من لبن'، وهو الممزوج بالماء من اللبن، قال حبَّة: فشهدته يوم قُتل وهو يقول: ائتوني بآخر رزقٍ لي في الدنيا، فأُتي بضياحٍ من لبن في قدح أروح له حلقة حمراء ـ فما أخطأ حذيفة مقياس شعرة ـ فقال:


اليوم ألقى الأحبَّة


محمَّداً وحزبه


والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر؛ لعلمت أنَّنا على الحقِّ وأنَّهم على الباطل، ثم قُتل


[الكامل في التاريخ 3: 188.] رضي الله عنه وأرضاه..


وقد تضعضع الكثيرون من أتباع ابن أبي سفيان لموقف عمَّار، لأنَّ مقولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه لم تكن خافيةً على أحدٍ من الناس: 'فطوبى لعمَّار تقتله الفئة الباغية، عمَّار مع الحقِّ يدور معه كيفما دار' وهذا كلُّه من دلائل نبوَّة محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.


وكان ذو الكلاع قد سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمَّار بن ياسر: 'تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربةٍ تشربها ضَياح من لبن'، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ما هذا ويحك يا عمرو؟ فيقول عمرو: إنَّه سيرجع إلينا.


فقُتل ذو الكلاع قبل عمَّار مع معاوية، وأُصيب عمَّار بعده مع عليٍّ عليه السلام.


فقال عمرو لمعاوية: ما أدري بقتل أيُّهما أنا أشدُّ فرحاً، بقتل عمَّار أو بقتل ذي الكلاع؟ والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمَّار لمال بعامَّة أهل الشام إلى عليٍّ


[الكامل في التاريخ 3: 188.]، فأشرق وجه معاوية لذلك!


ولمَّا قُتل عمَّار، قال عليٌّ لربيعة وهمدان: 'أنتم درعي ورمحي' فانتدب له نحو من اثني عشر عليه السلام وتقدَّمهم عليٌّ على بغلة، فحملوا معه حملة رجلٍ واحدٍ، فلم يبقَ لأهل الشام صفٌّ الا انتقض، وقتلوا كلَّ من انتهوا إليه.. حتى رأوا الظفر.


واستمرَّ القتال ليلةً كاملة حتى الصباح. فتطاعنوا حتى تقصَّفت الرماح، وتراموا حتى نفد النبل، وكان الأشتر في الميمنة وابن عبَّاس في الميسرة وعليٌّ عليه السلام في القلب، والناس يقتتلون من كلِّ جانبٍ، حتى أصبحوا والمعركة خلف أظهرهم.


رفع المصاحف..



'كلمة حقٍّ يُراد بها باطل'


لمَّا رأى عمرو أنَّ أمر أهل العراق قد اشتدَّ وخاف الهلاك، قال لمعاوية: هل لك في أمرٍ أعرضه عليك، لا يزيدنا الا اجتماعاً، ولا يزيدهم الا فرقةً؟


قال: نعم.


قال: نرفع المصاحف، ثُمَّ نقول: هذا حكم بيننا وبينكم.


فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا: هذا كتاب الله عزَّ وجلَّ بيننا وبينكم، مَنْ لثغور الشام بعد أهله؟ مَنْ لثغور العراق بعد أهله؟


فلمَّا رآها الناس قالوا: نجيب إلى كتاب الله.


فقال لهم عليٌّ عليه السلام: 'عباد الله امضوا على حقِّكم وصدقكم وقتال عدوِّكم، فإنَّ معاوية وعمراً وابن أبي معيط وحبيباً وابن أبي سرح والضحَّاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، أنا أعرَف بهم منكم، قد صحبتهم أطفالاً ثُمَّ رجالاً، فكانوا شرَّ أطفال وشرَّ رجال، ويحكم والله ما رفعوها الا خديعةً ووهناً ومكيدة'.


فقالوا له: لا يسعنا أن نُدعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله!


فقال لهم عليٌّ عليه السلام: 'فإنِّي إنَّما أُقاتلهم ليدينوا لحكم الكتاب، فإنَّهم قد عصو الله فيما أمره ونسوا عهده ونبذوا كتابه'.


فقال له جماعة من المسلمين، الذين صاروا خوارج بعد ذلك: يا عليُّ، أجب إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ إذا دُعيت إليه، والا دفعناك برمَّتك إلى القوم، أو نفعل بك ما فعلنا بابن عفَّان!


قال: 'فاحفظوا عنِّي نهيي إيَّاكم، واحفظوا مقالتكم لي، فإن تطيعوا فقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم'


[أنظر: الكامل في التاريخ 3: 192ـ 193، وسير أعلام النبلاء 2: 264 مختصراً.]


لم تكن بينهم وبين معاوية الا بضعة أمتار، فلولا وقوع هؤلاء في الفخ الذي نصبه معاوية لاستطاع الإمام عليه السلام أن يسيطر على الموقف ويستأصل رأس الفتن، ولكنَّ مسألة التحكيم غيَّرت مجرى الأُمور إلى أسوأ حال، فحالت دون تحقيق الهدف المنشود، وقُدِّر لهذه المؤامرة أن تنجح وأن تجرَّ وراءها المصائب والويلات!


ثمَّ قالوا للإمام: ابعث إلى الأشتر فليأتكَ، فرجع الأشتر مغضباً بعدما أوشك على النصر، فأقبل إليهم الأشتر، وقال: يا أهل العراق! يا أهل الذلِّ والوهن! أحين علوتم القومَ وظنُّوا أنَّكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وهم والله قد تركوا ما أمر الله به فيها وسُنَّة مَنْ أُنزلت عليه؟ فأمهلوني فواقاً، فإنِّي قد أحسستُ الفتح


[الكامل في التاريخ 3: 317ـ 318.]


لكنَّهم أبوا الا التحكيم!


وجعل أهل الشام عمرو بن العاص على التحكيم، وأراد الإمام عليه السلام أن يجعل عبدالله بن عبَّاس، لكنَّهم أبوا الا أبا موسى الأشعري، ولمَّا رأى أنه لاتنفع معهم حجَّة حكَّمه على مضض!


وحضر عمرو بن العاص عند عليٍّ عليه السلام ليكتب القضية بحضوره، فكتبوا:


بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضا عليه أمير المؤمنين، فقال عمرو: اكتب اسمه واسم أبيه، هو أميركم وأمَّا أميرنا فلا. فقال الأحنف: لا تمحُ اسم إمارة أمير المؤمنين، فإنِّي أخاف إن محوتها أن لا ترجع إليه أبداً، فلا تمحُها وإن قتل الناس بعضهم بعضاً، فأبى ذلك عليٌّ عليه السلام ملياً من النهار.


ثُمَّ إنَّ الأشعث بن قيس قال: امحُ هذا الاسم، فمُحي، فقال عليٌّ: 'الله أكبر! سُنَّة بسُنَّة، والله إنِّي لكاتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يوم الحديبية فكتبتُ: محمَّد رسول الله، وقالوا: لستَ برسول الله، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمحوه، فقلتُ: لا أستطيع، فقال: أرنيه، فأريته، فمحاها بيده، وقال: إنَّك ستُدعى إلى مثلها فتجيب'.


فقال عمرو: سبحان الله! أتشبِّهنا بالكفَّار ونحن مؤمنون!


فقال عليٌّ عليه السلام: 'يا ابن النابغة، ومتى لم تكن للفاسقين ولياً، وللمؤمنين عدوّاً؟'


فقال عمرو: والله، لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد هذا اليوم أبداً.


فقال عليٌّ عليه السلام: 'إنِّي لأرجو أن يطهِّر الله مجلسي منك ومن أشباهك'..


[الكامل في التاريخ "انظر تفصيل الكتاب" 3: 195، وانظر سير أعلام النبلاء 2: 281.]


وتمّت كتابة الكتاب بجعل كتاب الله الحاكم في كلِّ الأُمور، وما لم يجد في كتاب الله فالسُنَّة العادلة الجامعة غير المفرِّقة.. واُجِّل القضاء إلى رمضان.


ولمَّا انتهت مسألة التحكيم، قال نفرٌ من أصحاب الإمام: كيف تُحكِّمون الرجال في دين الله؟! لا حكم الا لله، وكانوا يعترضون الإمام في خطبته بشعارهم 'لا حكم الا لله' لذلك سُمُّوا بالمحكِّمة. فكانوا ما يقارب اثني عشر ألفاً.. فنزلوا في ناحية يُقال لها: 'حروراء' لأجلها سُمُّوا بالحرورية..


فحاججهم الإمام عليه السلام بقوله الأوَّل قبل التحكيم، ثُمَّ قال لهم: 'قد اشترطتُ على الحكمين أن يُحييا ما أحيا القرآن، ويُميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف، وإن أبيا فنحن عن حكمهما براء'.


قالوا: أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء؟


قال: 'إنَّا لسنا حكَّمنا الرجال، إنَّما حكَّمنا القرآن، وهذا القرآن إنَّما هو خطٌّ مسطور بين دفَّتين لا ينطق، إنَّما يتكلَّم به الرجال'


[الكامل في التاريخ 3: 203.] ثمَّ رجعوا مع الإمام عليه السلام.


فلمَّا التقى الحكمان: أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص، وخُدِع أبو موسى؛ إذ مكر به عمرو، قال له: أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسنُّ منِّي فتكلَّم، وأراد عمرو بذلك كلِّه أن يقدِّمه في خلع عليٍّ، قال له: نخلع عليَّاً ومعاوية معاً، ونجعل الأمر شورى، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبُّوا.


فتقدَّم أبو موسى فأعلن على الملأ الحاضرين أنَّه قد خلع عليَّاً من الخلافة ثُمَّ تنحَّى. وأقبل عمرو فقام، وقال: إنَّ هذا قد قال ما سمعتموه


/ 23