إمام علی (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (ع) سیرة و تاریخ - نسخه متنی

عبدالزهرا عثمان محمود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




من سنتين أو ثلاث


[الكامل في التأريخ 1: 604.]، حتَّى أنفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ماله وأنفق أبو طالب ماله، وأنفقت خديجة بنت خويلد مالها، وصاروا إلى حدِّ الضرِّ والفاقة، واشتدت بهم الضائقة، حتى اضطرتهم إلى أكل الأعشاب وورق الأشجار، ومع ذلك فلم يضع أبو طالب وولده علي عليه السلام وأخوه الحمزة شيئاً في حسابهم غير النبيّ محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم ورعايته، حتَّى لا يتسلَّل أحد من المكِّيين ليلاً لاغتياله، وكانت هذه الخاطرة لا تفارق أبا طالب في الليل والنهار.


جاء في تاريخ ابن كثير


[البداية والنهاية 3: 84، بتصرف.]: أنَّ أبا طالب قد بلغ من حرصه على حياة محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه كان اذا أخذ الناس مضاجعهم في جوف الليل، يأمر النبي أن يضطجع على فراشه مع النيّام، فإذا غلبهم النوم أمر أحد بنيه أو اخوته فأضجعهم على فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمر الرسول أن يضطجع على فراشهم حرصاً منه عليه، حتَّى لو قدِّر لأحد أن يتسلَّل إلى الشعب ليلاً لاغتياله يكون ولده فداءً لابن أخيه.


وفي رواية ابن أبي الحديد أنَّه قرأ في أمالي أبي جعفر محمَّد بن حبيب: أنَّ أبا طالب كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياناً يبكي، ويقول: إذا رأيته ذكرت أخي عبدالله، وكان عبدالله أخاه لأمِّه وأبيه.


وأضاف إلى ذلك أنَّه كثيراً ما كان يخاف عليه البيات ليلاً، فكان يقيمه ليلاً من فراشه ويضجع ابنه علياً مكانه، ومضى على ذلك أيام الحصار وغيرها، وأحسَّ عليٌّ عليه السلام بالخطر على حياته، ولكنَّه كان طيِّب النفس


بالموت في سبيل محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم.


وقال لأبيه يوماً: 'يا أبت أني مقتول'، فأوصاه بالصبر، وأنشد:





  • أصبرن يا بني فالصبر أحجى
    كـلُّ حيٍّ مصيره لشعوب



  • كـلُّ حيٍّ مصيره لشعوب
    كـلُّ حيٍّ مصيره لشعوب



[الشعوب: المنية.]




  • قـدّر الله والبــلاء شـديـد
    إن تصبك المنون فالنبل تبرى
    كلُّ شيءٍ وإن تملَّـى بعمـر
    آخذ من مذاقهـا بنصيب



  • لفـداء الحبيب وابـن الحبيب
    فمصيب منهـا وغير مصيب
    آخذ من مذاقهـا بنصيب
    آخذ من مذاقهـا بنصيب



[شرح نهج البلاغة 14: 64 بتصرف.]


وهذه الأبيات تؤكِّد إيمانه العميق برسالة محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم واستعداده لأن يضحّي بولده في سبيلها، ولقد أجابه ولده أمير المؤمنين عليه السلام بأبيات يرويها شارح النهج عنه تحمل نفس الروح التي كان يحملها أبوه، حيث يرى أنَّ وجوده وحياته متمِّمان لحياة محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته، لذلك لم يكن غريباً عليه أن يضحّي ويبذل حتى نفسه ليسلم محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم لرسالته، تلك التّضحية التي لم يعرف التاريخ أروع وأجمل منها.


يقول عليه السلام:




  • أتأمرني بالصبر في نصــر أحمـد
    ولكنَّني أحببت أن تــرى نصرتـي
    سأسعى لوجه الله فـي نصــر أحمد
    نبي الهدى المحمود طفلاً ويافعا



  • ووالله ما قلت الــذي قلت جازعا
    وتعلـم أنِّي لــم أزل لـك طائعا
    نبي الهدى المحمود طفلاً ويافعا
    نبي الهدى المحمود طفلاً ويافعا



[نفس المصدر.]


فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره أنَّ الله سبحانه وتعالى أرسل على صحيفة المقاطعة دودة الأرضة أكلت ما فيها من ظلم وقطيعة


رحم، وتركت ما فيها من أسماء الله تعالى. فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لعمِّه أبي طالب وكلِّ من في الشعب، حتَّى صاروا إلى الكعبة الشريفة، واجتمع الملأ من قريش من كلِّ أوب فقالوا: قد آن لك أن تذكر العهد وتدع 'اللجاج في ابن أخيك'!


وقال لهم: إنَّ ابن أخي أخبرني أنَّ الله تعالى أرسل على صحيفتكم الأرضة، فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم، وتركت اسم الله تعالى، فإن كان كاذباً سلَّمته إليكم لتقتلوه، وعلمنا أنَّكم على حقٍّ، ونحن على باطل، وإن كان صادقاً علمتم أنَّكم ظالمون لنا، قاطعون لأرحامنا. فقالوا: قد أنصفتنا.


وقاموا سراعاً وأحضروها وإذا الأمر كما قال أبو طالب، فبهتوا ونكسوا رؤوسهم ثُمَّ قالوا: إنَّ هذا لسحر وبهتان!!


فقويت نفس أبي طالب واشتدَّ صوته، وقال: 'قد تبيَّن لكم أنَّكم أولى بالظلم والقطيعة'


[الكامل في التاريخ 1: 606.]


موامرة قريش في دار الندوة



ضاق الأمر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتراكمت عليه الأحداث بعد خروجه من محنة الحصار في شعب أبي طالب، ولم تكن سوى أيام قلائل حتى توفِّي عمُّه أبو طالب، ناصره ومعينه على أمره، أقبلت قريش المذعورة على إيذائه بشتَّى الأساليب ـ بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله ـ فقد مات


أبو طالب، ولم يعد بمكَّة من تهابه قريش وترعى له حرمة.. فخرج صلوات الله عليه إلى الطائف، وهذه أول رحلة قام بها من مكَّة للدعوة إلى الإسلام، فعمد إلى ثقيف يطلب منها النصر، لكنَّها رفضت أن تسمع له، ولم تكتفِ بذلك، بل أرسلت صبيانها يرشقوه بالحجارة، حتى أُدميت قدماه الشريفتان، كما أُصيب علي وزيد بن حارثة، حيث كانا معه في تلك الرحلة، وعليٌّ يتلقَّى الأحجار بيديه وصدره حتَّى أُثخن بالجراح، فكان رسول الله يقول: 'ما كنت أرفع قدماً ولا أضعها الا على حجر'


[تاريخ اليعقوبي 2: 36.]!


وبذلك قرَّروا الرجوع إلى مكَّة؛ فكلابها أهون من وحوش البراري! رجع يائساً من ثقيف وأحلافها، واستطاع الدخول إلى مكَّة بإجارة المطعم بن عدي له.


وحينما خافت قريش أن يقوى ساعده ـ ويصبح له أنصاراً جدداً، وحذروا من خروجه سيّما بعد أن أذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب ـ اجتمعت في دار الندوة، وتشاوروا في أمره وأعدُّوا العدَّة للقضاء عليه قبل فوات الأوان، فقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره وقد مات عمُّه!


وكان اجتماعهم هذا قبيل شهر ربيع الأول عام 633 م، عام الهجرة، وبعد أن أعطى كلُّ واحد منهم رأيه، قال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كلِّ قبيلة فتىً نسيباً ونعطي كلَّ فتىً منهم سيفاً، ثُمَّ يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه، كي لا يتحمَّل قتله فرد ولا قبيلة وحدها، بل يتفرق دمه في


القبائل كلِّها، فلم يقدر آله وعشيرته على حرب قومهم جميعاً، فيصعب الثأر له.. فتفرَّقوا على ذلك بعد أن اتَّفقوا على الليلة التي يهاجمونه فيها وهو في فراشه.


فأتى جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره بمكيدة قريش وأحلافها، كما تشير إلى ذلك الآية: "وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين"


[سورة الأنفال: 30.]


ومكر الله في الآية يعني: أنَّه سبحانه قد فوَّت عليهم مكرهم وتخطيطهم بما أخبر به نبيَّه، وبما أمره به من الخروج في تلك الليلة، ومبيت علي عليه السلام على فراشه ليفوّت عليهم تدبيرهم الذي أجمعوا عليه.


ولما علم عليٌّ عليه السلام بتخطيط قريش لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكى، ورحَّب بالمبيت في فراشه فداءً له وللإسلام وقال له: 'أو تَسْلَم أنت يارسول الله إن فديتك بنفسي'؟ قال له صلى الله عليه وآله وسلم: 'نعم، بذلك وعدني ربِّي' فانشرح صدره لسلامة أخيه رسول الله.


وشاءت الأقدار أن يفتح عليُّ بن أبي طالب عليه السلام صفحةً مشرقةً من بطولاته لأنَّه تلميذ الرسالة الحقَّة وربيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسليل بني هاشم، وتقدّم مطمئن النفس، رابط الجأش، متَّشحاً ببرد الرسول الحضرمي، ونام ثابت الفؤاد لا يخاف في الله لومة لائم.


وكان ذلك سبباً لنجاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحفظ دمه، ولولا فداء أمير المؤمنين نفسه للرسول لما تمَّ تبليغ الرسالة والصدع بأمر الله تعالى.


فلمَّا كانت العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه، وودَّع رسول الله عليَّ ابن أبي طالب عليه السلام، وأمره أن يؤدِّي ما عنده من وديعة وأمانة إلى أهلها ويلحق به.


وفي بعض الروايات: أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم خرج فأخذ حفنةً من تراب، فجعله على رؤوسهم، وهو يتلو هذه الآيات من "يسَ * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" إلى قوله: "فَهُمْ لأ يُبْصِرُون"


[سورة يس: 1ـ 9.] ثمَّ انصرف فلم يروه


[الكامل في التاريخ 2: 4.]


هكذا، فإنّ القوم أحاطوا بالدار، وهم من فتيان قريش الاشداء، وجعلوا يرصدونه ليتأكَّدوا من وجوده، فرأوا رجلاً قد نام في فراشه التحف ببرد له أخضر.


أمَّا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد خرج في الثلث الأخير من الليل من الدار، وكان قد اختبأ في مكان منها، وانطلق جنوباً إلى غار ثور، وكمن فيه ومعه أبو بكر، فأقاما فيه ثلاثاً.


ولمَّا حان الوقت الذي عيَّنوه لهجومهم على الدار، هجموا عليها، فوثب عليٌّ عليه السلام من فراشه، ففرُّوا بين يديه حين عرفوه..


وفي بعض الروايات أنَّهم قبل هجومهم عليه جعلوا يقذفونه بالحجارة وهو ساكن لا يتحرَّك ولا يبالي بما يصيبه من الأذى، ثُمَّ هجموا عليه بسيوفهم وخالد بن الوليد في مقدمهم، فوثب علي عليه السلام من فراشه وهمزه بيده، ففرَّ خالد واستطاع علي عليه السلام أنَّ يأخذ السيف منه، فشدَّ عليهم


وانهزموا أمامه إلى الخارج


[أمالي الشيخ الطوسي: 467 و1031، بحار الأنوار 19: 61ـ 62.]


وسأل الرهط عليَّاً: أين ابن عمِّك؟


قال: 'أمرتموه بالخروج فخرج عنكم'


[تاريخ اليعقوبي 2: 39، الكامل في التاريخ 2: 103.]، وقيل: إنَّه قال: 'لا علم لي به'


[الطبقات الكبرى 1: 110.]


وأخرج اليعقوبي وابن الأثير وغيرهما: أنَّ الله عزَّ وجلَّ أوحى في تلك الليلة إلى جبرئيل وميكائيل أنِّي قضيت على أحدكما بالموت، فأيِّكما يواسي صاحبه؟ فاختار الحياة كلاهما، فأوحى الله إليهما: هلأَ كنتما كعليِّ بن أبي طالب... آخيت بينه وبين محمَّد، وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر، فاختار عليٌّ الموت وآثر محمَّداً بالبقاء وقام في مضجعه، اهبطا فاحفظاه من عدوِّه. فهبط جبرئيل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوِّه، ويصرفان عنه الحجارة، وجبريل يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب مَن مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سموات!


[تاريخ اليعقوبي 2: 39، أُسد الغابة 4: 113.]


ولم يشرك أمير المؤمنين عليه السلام في هذه المنقبة أحد من أهل الإسلام، ولا اختصَّ بنظير لها على حال، وفيه نزل قوله تعالى في هذه المناسبة: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد"


[سورة البقرة: 207، وذكرها الرازي في تفسيره أنَّها نزلت بشأن مبيت عليٍّ عليه السلام على فراش رسول الله.]


وعقَّب الأستاذ عبدالكريم الخطيب في كتابه "علي بن أبي طالب" ـ


على تضحيته عليه السلام ومبيته على فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليلة تآمرت قريش على قتله ـ بقوله: وهذا الذي كان من عليٍّ عليه السلام ليلة الهجرة، إذا نظر إليه في مجرى الأحداث التي عرضت للإمام عليٍّ عليه السلام في حياته بعد تلك الليلة، فإنَّه يرفع لعيني الناظر أمارات واضحة، وإشارات دالّة على أنَّ هذا التدبير الذي كان في تلك الليلة لم يكن أمراً عارضاً بالإضافة إلى عليٍّ عليه السلام بل هو عن حكمة لها آثارها ومعقباتها، فلنا أن نتساءل: أكان لإلباس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شخصيَّته لعليٍّ عليه السلام تلك الليلة ما يوحي بأنَّ هناك جامعة، تجمع بين الرسول وعليٍّ أكثر من جامعة القرابة القريبة التي بينهما؟ وهل لنا أن نستشفَّ من ذلك، أنَّه اذا غاب شخص الرسول كان عليٌّ عليه السلام هو الشخصية المهيَّأة لأن تخلفه وتمثل شخصه وتقوم مقامه.


وأحسب أنَّنا لم نتعسَّف كثيراً حين نظرنا إلى عليٍّ عليه السلام وهو في برد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي مثوى منامه الذي اعتاد أن ينام فيه، وقلنا: هذا خليفة رسول الله والقائم مقامه.


وأضاف: إنَّ هذا الذي كان من عليٍّ عليه السلام ليلة الهجرة، في تحدِّيه لقريش هذا التحدِّي السافر، وفي استخفافه بها، وقيامه بينها ثلاثة أيام يغدو ويروح، إنَّ ذلك لا تنساه قريش لعليٍّ عليه السلام أبداً، ولولا أنَّها وجدت في قتله يومئذٍ إثارة فتنة تمزِّق وحدتها وتشتِّت شملها، دون أن يكون في ذلك ما يبلغ بها غايتها في محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم، لقتلته وشفت ما بصدرها منه، ولكنَّها تركته وانتظرت الأيام لتسوّي حسابها معه.


ألا يبدو من هذه الموافقات، ما نستشفُّ منه أنَّ لعليِّ بن أبي طالب


شأناً في رسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ودوراً في دعوة الإسلام، ليس لأحد غيره من صحابة الرسول؟


[عن سيرة الأئمة الاثني عشر1: 168ـ 169، وأيضاً: علي سلطة الحق 26ـ 27، الامام علي1: 55ـ 56.]


وأخرج الحاكم النيسابوري: أنَّ الإمام زين العابدين كان يقول: 'إنَّ أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله عليُّ بن أبي طالب، قال علي عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:




  • وقيتُ بنفسي خيــر من وطــأ الحصى
    رســول إلــه خـاف أن يمكـروا بـه
    وبـات رسـول الله فـي الغــار آمنـاً
    وبتُّ أراعـيـهــم ولــم يتهموننــي
    وقد وطنت نفسي على القتل والأسر'



  • ومن طاف بالبيت العتيــق وبالحجــر
    فنجَّــاه ذو الطــول الإله من المكـر
    موقــى وفــي حفـظ الإلـه وفي ستر
    وقد وطنت نفسي على القتل والأسر'
    وقد وطنت نفسي على القتل والأسر'



[المستدرك على الصحيحين 3: 5.]


علي والركب الفاطمي إلى المدينة



بقي عليٌّ عليه السلام في مكَّة ثلاث ليال، أدَّى خلالهنّ ـ بطل التأريخ ـ ما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ردِّ الأمانات والودائع التي كان يحتفظ بها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لأهل مكَّة، ليلحق بعدها برسول الله..


في هذه الأثناء كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قد وصل إلى يثرب، بعد أن قطعوا الجبال والأودية على مقربة من المدينة ـ على ساكنها السلام ـ قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لمن معه: 'من يدلنا على الطريق إلى بني عمرو بن عوف'؟ ولمَّا بلغ منازلهم نزل ضيفاً عليهم لإحدى عشرة أو لاثنتي عشرة ليلة خلت


من ربيع الأول، وكان قد استقبله منهم نحو من خمسمائة


[أنظر سيرة الأئمة الاثني عشر 1: 171.]


وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عليٍّ عليه السلام مع أبي واقد الليثي، يحثُّه بالمسير إليه بعد أداء ما أوصاه به، ولمَّا وصله الكتاب تهيَّأ للخروج، وردَّ كلَّ وديعةٍ إلى أهلها، وأمر من كان قد بقي من ضعفاء المؤمنين أن يتسلَّلوا إلى ذي طول ليلاً..


وخرج هو بالركب الفاطمي: فاطمة بنت رسول الله، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير بن عبدالمطَّلب، وفاطمة بنت حمزة، وأم أيمن، وأبو واقد الذي أخذ يسوق الرواحل سوقاً حثيثاً، فقال له عليٌّ: 'ارفق بالنسوة يا أبا واقد' ثُمَّ جعل يسوق بهنَّ ويقول:




  • ليـس الا الله فارفع ظنَّكا
    يكفيك ربُّ الخلق ما أهمَّكا



  • يكفيك ربُّ الخلق ما أهمَّكا
    يكفيك ربُّ الخلق ما أهمَّكا




وكان يسير ليلاً، ويكمن نهاراً وكان ماشياً غير راكب حتَّى تفطَّرت قدماه


[تاريخ اليعقوبي 2: 41، اُسد الغابة 4: 105، الكامل في التاريخ 2: 7.]، ولقد ظلَّ في رحلته تلك ليالٍ أربع عشرة


[أنظر: عليٌّ سلطة الحقِّ: 23.]، يحوطهم من الاعداء ويكلؤهم من الخصماء، فلمَّا قارب ضَجَنان أدركه الطلب وكانوا ثمانية فرسان ملثمين، معهم مولى لحرب بن أُميَّة يُدعى: جناح؛ فقال عليٌّ عليه السلام لأيمن وأبي واقد: 'أنيخا الإبل واعقلاها' وتقدَّم هو فأنزل النسوة


/ 23