إمام علی (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (ع) سیرة و تاریخ - نسخه متنی

عبدالزهرا عثمان محمود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




في أنظار الجماهير أقوى منه في حال العزل، لأنَّه لا يستطيع أن يقول للناس: إنَّه يأبى البيعة لمن ولأَه، ولا يعتبرها الا ثمناً يشتري أمير المؤمنين صمته عن اتهامه بمقتل عُثمان'


[بالواسطة، عن سيرة الأئمة الأثني عشر: 398.]


مسير الإمام إلى البصرة ووقعة الجمل



بينما كان الإمام عليٌّ يجهِّز جيشاً إلى الشام بقيادته؛ لكسح معاوية وبطانته الفاسدة، أتاه الخبر عن طلحة والزبير وعائشة من مكَّة بما عزموا عليه، فاستعدَّ لحرب الناكثين 'وسار عليٌّ من المدينة في تعبئته التي تعبَّاها لأهل الشام آخر شهر ربيع الآخر سنة ستٍّ وثلاثين'


[الكامل في التاريخ 3: 114.]


رسم الإمام في سياسته الجديدة خطوط الحكم العريضة، وكان وسامها: 'لا فضل لعربي على أعجمي'، أثارت هذه السياسة غضب المتمرِّدين على الحكم، وكان منهم ما كان من الخروج عليه، فلمَّا أدرك طلحة والزبير برفض الإمام أن يجعل لهما ميزة على غيرهما، فلا ينالان الا ما ينال المسكين والفقير بعطاء متساوٍ..


بعد أن أدركا كلَّ هذا سكتا على مضضٍ، وأخذا يعملان للثورة ضدَّه، ضدَّ الحكم الجديد، فانضمَّا إلى الحزب الأُموي..


لقد كان قرار التسوية 'هو السبب الخفي والحقيقي لخروج من خرج على عليٍّ، ولنكوث من نكث بيعته، وإن توارى ذلك تحت دعوى مفتعلة اسمها دم عُثمان'


[الزيدية، د. أحمد صبحي: 44، مؤسَّسة الزهراء للإعلام العربي ـ 1984م.]


واستغلَّ هذا الجانب سخط عائشة على الإمام عليٍّ عليه السلام ومواقفها العدائية منه.. فلمَّا كانت بمكَّة، وقد خرجت إليها قبل أن يُقتل عُثمان، فلمَّا كانت في بعض طريقها راجعةً إلى المدينة لقيها ابن أمِّ كلاب، فقالت له: ما فعل عُثمان؟


قال: قُتل!


قالت: بُعداً وسحقاً، فمن بايع الناس؟


قال: طلحة.


قالت: إيهاً ذو الإصبع.


ثمَّ لقيها آخر، فقالت: ما فعل الناس؟


قال: بايعوا عليَّاً.


قالت: والله ما كنت أُبالي أن تقع هذه على هذه، ثُمَّ رجعت إلى مكَّة


[الامامة والسياسة 1: 52، شرح ابن أبي الحديد 6: 215ـ 216، تاريخ اليعقوبي 2: 180، كتاب الدلائل: 97.]


فانصرفت إلى مكَّة وهي تقول: قُتل والله عُثمان مظلوماً، والله لأطلبنَّ بدمه!


قيل لها: ولِمَ؟ والله إنَّ أوَّل من أمال حَرْفَه لأنتِ، ولقد كنتِ تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر.


قالت: إنَّهم استتابوه، ثُمَّ قتلوه، وقد قلتُ وقالوا، وقولي الأخير خيرٌ من قولي الأوَّل.


فقال لها ابن أمِّ كلاب:




  • فمنـكِ البداءُ ومنكِ الغِيـرْ
    وأنتِ أمرتِ بقتل الإمــام
    فَهَبْنا أطعنــاك في قتلِـه
    ولم يسقطِ السقفُ من فوقنا
    وقد بايع النــاس ذا تُدرءٍ
    ويلبسُ للحربِ أثوابها
    وما مَنْ وفى مثلُ من قد غدرْ



  • ومنكِ الريـاحُ ومنكِ المطرْ
    وقلتِ لنــا: إنَّه قد كفـرْ
    وقاتِلُـه عندنــا مَنْ أمـرْ
    ولم ينكسف شمسنا والقمـرْ
    يزيلُ الشبا ويُقيم الصعــرْ
    وما مَنْ وفى مثلُ من قد غدرْ
    وما مَنْ وفى مثلُ من قد غدرْ



[الكامل في التاريخ 3: 100، الفتوح 1: 434، تاريخ الطبري 5: 172، الإمامة والسياسة 1: 52.]


وقبل أن يخرج موكب عائشة ويدلو بدلوه، كان الإمام عليه السلام يقول: 'أمرتُ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين'


[إعلام الورى 1: 336، المستدرك 3: 150 و 4674 و4675، أسد الغابة 4: 124، البداية والنهاية 7: 362.]، فما مضت الأيَّام حتى قاتلهم، وهذه من جملة الآيات الدالَّة عليه، وقوله عليه السلام لطلحة والزبير لمَّا استأذناه في الخروج إلى العمرة، قال: 'والله والله ما تريدان العمرة وإنَّما تريدان البصرة'


[إعلام الورى 1: 337ـ 338.]!


وكان من نتائج هذا التمرُّد ـ كما سنأتي عليه ـ معركة البصرة، أوَّل نكث لبيعة الإمام عليه السلام التي انتهت بفشل موكب عائشة وقتل طلحة والزبير وعشرات الألوف من المسلمين!


تهيَّأت عائشة للخروج إلى البصرة، وأتت أُمُّ سلمة فكلَّمتها في الخروج معهم، فردَّت عليها أُمُّ سلمة قائلةً:


أفأُذكِّرك؟


قالت: نعم.


قالت أُمُّ سلمة: أتذكرين إذ أقبل رسول الله ونحن معه، فخلا بعليٍّ يناجيه، فأطال فأردتِ أن تهجمي عليهما، فنهيتك فعصيتيني، فهجمتِ عليهما، فما لبثت أن رجعتِ باكية، فقلتُ: ما شأنك؟ فقلت: إنِّي هجمت عليهما وهما يتناجيان، فقلتُ لعليٍّ: ليس لي من رسول الله الا يوم من تسعة أيَّام، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليَّ وهو غضبان محمرُّ الوجه، فقال: 'ارجعي وراءك، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس الا وهو خارج من الإيمان'؟


قالت عائشة: نعم أذكر


[أنظر: ابن أبي الحديد 6: 217ـ 218.]


لكن لم يردعها كلام ولا رادع، فلم تنثنِ عن عزمها، ولم ترجع إلى عقلها، فتجهَّزت ومن معها إلى البصرة لتؤلِّب الناس على الإمام عليٍّ عليه السلام فكانت أحداث معركة الجمل.


تحرَّك موكب الناكثين بقيادة عائشة وطلحة والزبير نحو البصرة، وقد حفَّ به الحاقدون على الإمام عليٍّ عليه السلام تحت شعار: 'الثأر لعثمان'، فلمَّا بلغوا 'ذات عرق' لقيهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وأصحابه، فقال لهم: أين تذهبون وتتركون ثأركم على أعجاز الإبل وراءكم؟ـ يعني عائشة وطلحة والزبير ـ اقتلوهم ثُمَّ ارجعوا إلى منازلكم.


فقالوا: نسير لعلَّنا نقتل قتلة عُثمان جميعاً


[الإمامة والسياسة 1: 63، وانظر الكامل في التاريخ 2: 102.]


ومرَّ القوم ليلاً بماء يُقال له: الحوأب، فنبحتهم كلابه، فقالت عائشة: ما هذا الماء؟


قال بعضهم: ماء الحوأب.


فقالت: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، هذا الماء الذي قال لي رسول الله: 'لا تكوني التي تنبحكِ كلاب الحوأب'. ثمَّ صرخت بهم: ردُّوني ردُّوني!!


فأتاها القوم بأربعين رجلاً، فأقسموا بالله أنَّه ليس بماء الحوأب! وأتى عبدالله بن الزبير، فحلف لها بالله لقد خلَّفتهِ أوَّل الليل، وأتاها ببيِّنة زور من الأعراب فشهدوا بذلك


[أنظر قصَّة ماء الحوأب في: تاريخ اليعقوبي 2: 181، ابن أبي الحديد 6: 225، تاريخ ابن الأثير 2: 103، مسند أحمد 6: 52، 97، المستدرك 3: 119ـ 120، كنز العمَّال 11 ح، 31667.] فكان ذلك أوَّل شهادة زور أُقيمت في الإسلام.


وبلغوا البصرة، وعامل الإمام عليها الصحابي عُثمان بن حُنيف الأنصاري، فمنعهم من الدخول، وقاتلهم، ثُمَّ توادعوا الا يحدثوا حدثاً حتى يقدم عليٌّ عليه السلام، ثُمَّ كانت ليلة ذات ريح وظلمة، فأقبل أصحاب طلحة فقتلوا حرس عُثمان بن حنيف، ودخلوا عليه، فنتفوا لحيته وجفون عينيه ومثَّلوا به، وقالوا: لولا العهد لقتلناك، وأخذوا بيت المال


[أنظر: تاريخ اليعقوبي 2: 181، تاريخ ابن الأثير 2: 108، الإمامة والسياسة: 69.]


وأمّا الإمام علي فلما بلغه نبأ مسيرهم إلى البصرة، حمد الله وأثنى عليه، ثُمَّ قال: 'قد سارت عائشة وطلحة والزبير، كلُّ واحدٍ منهما يدَّعي الخلافة دون صاحبه، فلا يدَّعي طلحة الخلافة الا أنَّه ابن عمِّ عائشة، ولا يدَّعيها الزبير الا أنَّه صهر أبيها. والله لئن ظفرا بما يريدان ليضربنَّ الزبير عنق طلحة، وليضربنَّ طلحة عنق الزبير، يُنازع هذا على الملك هذا.


وقد ـ والله ـ علمتُ أنَّها الراكبة الجمل، لا تحلُّ عقدةً ولا تسيرُ عقبةً، ولا تنزلُ منزلاً الا إلى معصيةٍ، حتى تورد نفسها ومن معها مورداً، يُقتل ثلثهم ويهرب ثلثهم ويرجعُ ثلثهم.


والله إنَّ طلحة والزبير ليعلمان أنَّهما مُخطئان وما يحملان، ولربَّما عالم قتله جهلُهُ وعلمه معه لا ينفعه. والله لينبحها كلاب الحوأب، فهل يعتبر معتبرٌ أو يتفكَّر متفكِّرٌ'!


ثمَّ قال: 'قد قامت الفئة الباغية فأين المحسنون'؟


[إرشاد المفيد 1: 246ـ 247.]


ثمَّ دعا على طلحة والزبير أمام مسلمي الكوفة، فقال: 'قد علمتم ـ معاشر المسلمين ـ أنَّ طلحة والزبير بايعاني طائعين راغبين، ثُمَّ استأذناني في العمرة فأذنتُ لهما، فسارا إلى البصرة فقتلا المسلمين وفعلا المنكر.


اللَّهمَّ إنَّهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي وألَّبا الناس عليَّ، فاحلُل ماعقدا، ولا تُحكمْ ما أبرما، وأرهما المساءة فيما عملا'


[إرشاد المفيد 1: 250، الطبعة الحجرية.]


معركة الجمل



سُمِّيت بذلك لأنَّ 'قائدة الجيش' فضَّلت ركوب الجمل على البغال والحمير، وكانت الواقعة في 4 كانون الأوَّل سنة 646م


[فضائل الإمام عليٍّ: 128، عن بروكلمن في "تاريخ الشعوب الإسلامية".]، يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 36هـ


[فضائل الإمام عليٍّ: 128، عن الواقدي والمسعودي.]


وكانت الوقعة خارج البصرة، عند قصر عبيدالله بن زياد


[سير أعلام النبلاء "سيرة الخلفاء الراشدين": 254.] وكان عسكر الإمام عشرين ألفاً، وعسكر عائشة ثلاثين ألفاً


[الكامل في التاريخ 3: 241ـ 242.]


ولمَّا التقى الجمعان قال الإمام لأصحابه: 'لا تبدأوا القوم بقتال، وإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح، وإذا هزمتموهم فلا تتَّبعوا مدبراً، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثِّلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً، ولا تدخلوا داراً، ولا تأخذوا من أموالهم شيئاً.. ولا تهيجوا امرأةً بأذى وإن شتمن أعراضكم، وسَبَبنَ أمراءكم وصلحاءكم'


[الكامل في التاريخ 3: 242ـ 243.]


وقيل: إنَّ أوَّل قتيل كان يومئذٍ مسلم الجُهني، أمره عليٌّ عليه السلام فحمل مصحفاً، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقُتل


[سير أعلام النبلاء "سيرة الخلفاء الراشدين": 259.]


ثمَّ أخذ أصحاب الجمل يرمون عسكر الإمام بالنبال، حتى قُتل منهم جماعة، فقال أصحاب الإمام: عقرتنا سهامهم، وهذه القتلى بين يديك..


عند ذلك استرجع الإمام وقال: 'اللَّهمَّ اشهد'، ثُمَّ لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقلَّد سيفه ورفع راية رسول الله السوداء المسمَّاة بالعقاب؛ فدفعها إلى ولده محمَّد بن الحنفية.


وتقابل الفريقان للقتال، فخرج الزبير، وخرج طلحة بين الصفَّين، فخرج إليهما عليٌّ، حتى اختلفت أعناق دوابِّهم، فقال عليٌّ عليه السلام: 'لعمري قد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً إن كنتما أعددتما عند الله عذراً، فاتَّقيا الله، ولا تكونا "كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكَاثاً"


[سورة النحل: 92.]


ألم أكن أخاكما في دينكما، تُحرِّمان دمي، وأُحرِّم دمكما، فهل من حدثٍ أحلَّ لكما دمي'؟!


قال طلحة: ألَّبت على عُثمان.


قال عليٌّ: '"يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقّ"، يا طلحة، تطلب بدم عُثمان؟! فلعن الله قتلة عُثمان، يا طلحة، أجئت بِعرس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقاتل بها، وخبَّأتَ عرسك في البيت! أما بايعتني؟!'.


قال: بايعتك والسيف على عنقي!


فقال عليٌّ عليه السلام للزبير: 'يا زبير، ما أخرجك؟ قد كنَّا نعدُّك من بني عبدالمطَّلب حتى بلغ ابنك ابن السوء


[يريد ابنه عبدالله.]، ففرَّق بيننا' وذكَّره أشياء، فقال: 'أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني غنم، فنظر إليَّ، فضحك، وضحكت إليه، فقلتَ له: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك: ليس به


زهوٌ، لتقاتلنَّه وأنت ظالم له؟'.


قال: اللَّهمَّ نعم، ولو ذكرت ما سرتُ مسيري هذا، والله لا أُقاتلك أبداً.


فانصرف الزبير إلى عائشة، فقال لها: ما كنتُ في موطن منذ عقلت الا وأنا أعرف فيه أمري، غير موطني هذا.


قالت: فما تريد أن تصنع؟


قال: أُريد أن أدعهم وأذهب.


قال له ابنه عبدالله: جمعت بين هذين الغارين، حتى إذا حدَّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب؟! لكنَّك خشيت رايات ابن أبي طالب، وعلمت أنَّها تحملها فتيةٌ أنجاد، وأنَّ تحتها الموت الأحمر، فجبنت!


فاحفظه ـ أي: أغضبه ـ ذلك، وقال: إنِّي حلفتُ الا أُقاتله.


قال: كفِّر عن يمينك، وقاتله.


فأعتق غلامه "مكحولاً"، وقيل: سرجيس.


فقال عبدالرحمن بن سلمان التميميُّ:




  • لم أرَ كاليوم أخا إخوانِ
    أعْجَبَ من مُكَفِّرِ الايمانِ



  • أعْجَبَ من مُكَفِّرِ الايمانِ
    أعْجَبَ من مُكَفِّرِ الايمانِ




بالعتق في معصية الرحمن


[تاريخ الطبري 5: 200، الكامل في التاريخ 3: 239، مستدرك الحاكم 3: 366ـ 367.]


وقيل: إنَّه عاد ولم يقاتل الإمام عليه السلام


[الإمامة والسياسة: 73.]


واحتدمت المعركة بين الفريقين، وتقاتلوا قتالاً لم يشهد تاريخ البصرة


أشدَّ منه، ثُمَّ إنَّ مروان بن الحكم رمى طلحة بسهمٍ وهو يقاتل معه ضدَّ عليٍّ عليه السلام! يرميه فيرديه ويقول: لا أطلب بثأري بعد اليوم


[سير أعلام النبلاء "ترجمة الإمام عليٍّ": 255، وانظر، الكامل في التاريخ 3: 128.]


واستمرَّ الحال في أشدِّ صراعٍ، لم يرَ سوى الغبرة وتناثر الرؤوس والأيدي، فتتهاوى أجساد المسلمين على الأرض.


ولمَّا رأى الإمام هذا الموقف الرهيب من كلا الطرفين، وعلم أنَّ المعركة لا تنتهي أبداً مادام الجمل واقفاً على قوائمه قال: 'إرشقوا الجمل بالنبل، واعقروه والا فنيت العرب، ولايزال السيف قائماً حتى يهوي هذا البعير إلى الأرض'. فقطعوا قوائمه، ثُمَّ ضربوا عجز الجمل بالسيف، فهوى إلى الأرض وعجَّ عجيجاً لم يُسمع بأشدِّ منه. فتفرَّق من كان حوله كالجراد المبثوث، وبقيت قائدة المعركة لوحدها في ميدان الحرب! وانتهت المعركة بهزيمة المتمرِّدين من أصحاب الجمل.


أمَّا الإمام عليه السلام فقد هاله موقف المسلمين منه، حتى ساقهم هذا العصيان والتمرُّد على الحقِّ إلى مثل هذا المصير، فوقف بين قتلاه وقتلى المتمرِّدين، تحيط به هالة القلق والتمزُّق فقال: 'هذه قريشٌ، جَدَعْتُ أنفي وشفيتُ نفسي، لقد تقدَّمت إليكم أُحذِّركم عضَّ السيوف، وكنتم أحداثاً لا علم لكم بما ترون، ولكنَّه الحَين


[الحين: الهلاك.]، وسوء المصرع، فأعوذ بالله من سوء المصرع'؟


[الإرشاد 1: 254.]


ثمَّ أمر عليٌّ عليه السلام نفراً أن يحملوا هودج عائشة من بين القتلى، وأمر


/ 23