إمام علی (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إمام علی (ع) سیرة و تاریخ - نسخه متنی

عبدالزهرا عثمان محمود

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




وأعطى الكتاب أمرأة سوداء وأمرها أن تأخذ على غير الطريق، فنزل بذلك الوحي.


فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام وقال: 'إنَّ بعض أصحابي قد كتب إلى أهل مكَّة يخبرهم بخبرنا وقد سألت الله أن يعمّي اخبارنا عليهم، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق، فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها' وبعث معه الزبير بن العوَّام.


فمضيا على غير الطريق، فأدركا المرأة، فسبق إليها الزبير وسألها عن الكتاب فأنكرته، وحلفت أنَّه لا شيء معها، وبكت، فقال الزبير: يا أبا الحسن، ما أرى معها كتاباً. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: 'يخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها وتقول: إنَّه لا كتاب معها'!


ثمَّ اخترط السيف وقال: 'أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنَّك ثُمَّ لأضربنّ عنقك'.


فقالت له: اذا كان لابدَّ من ذلك، فأعرض يا ابن أبي طالب عنِّي بوجهك. فأعرض عنها، فكشفت قناعها فأخرجت الكتاب من عقيصتها، فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وصار به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


[الارشاد 1: 57.]


ثمَّ مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفتح مكَّة في عشرة آلاف مقاتل، وأعطى الراية سعد بن عبادة، وأمره أن يدخل بها مكَّة، فأخذها سعد وجعل يقول:




  • اليوم يوم المَلحمَه
    اليوم تسبى الحُرُمَه



  • اليوم تسبى الحُرُمَه
    اليوم تسبى الحُرُمَه




فسمعها رجل من المهاجرين، فأعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: 'اليوم يوم المرحمة، اليوم تحمى الحرمة' لعليِّ بن أبي طالب: 'أدركه فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها'


[إعلام الورى 1: 385، وانظر ابن الأثير، الكامل في التاريخ 2: 122.]


ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع الطريق باتجاه مكَّة ودخلها عنوةً بهذا الجيش الهائل، الذي لم تعرف له مكَّة نظيراً في تاريخها من قبل، وأعلن العفو وهو على أبواب مكَّة، وقال لهم: 'اذهبوا فأنتم الطلقاء'.


وأباح دم ستة رجال، ولو كانوا متعلِّقين بأستار الكعبة، وأربع نسوة، هم: عكرمة بن أبي جهل، وهبار بن الأسود، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، ومِقيس بن صُبابة الليثي، والحويرث بن نُقيذ، وعبدالله بن هلال بن خطل الادرمي، وهند بنت عتبة، وسارة مولاة عمرو بن هاشم، وقينتان كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


[طبقات ابن سعد 2: 103، وانظر الكامل في التاريخ 2: 123، وفيه ثمانية رجال وأربع نسوة.]


فمضى عليُّ بن أبي طالب عليه السلام يجدُّ في طلب أولئك الذين أهدر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم دماءهم فقتل منهم اثنين هم: الحويرث بن نقيذ، وسارة.


وأجارت أمُّ هانئ بنت أبي طالب حموين لها: الحارث بن هشام، وعبدالله بن ربيعة، فأراد عليٌّ عليه السلام قتلهما. فقال رسول الله: 'يا عليُّ قد أجرنا من أجارت أمُّ هانئ'


[تاريخ اليعقوبي 2: 59، وانظر الطبقات لابن سعد 2: 110.] وتفرّق الباقون، ثم وفد بعضهم على النبي بعد أن أخذ الأمان.


ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنماً داخل الكعبة وخارجها الا وحطَّمه


تحت قدميه أمام قريش..


وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو بمكَّة ـ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر، فقال لهم خالد: ضعوا السلاح. فقالوا: إنَّا لا نأخذ السلاح على الله ولا على رسوله ونحن مسلمون، قال: ضعوا السلاح، قالوا: إنَّا نخاف أن تأخذنا بإحنة الجاهلية، فانصرف عنهم وأذَّن القوم وصلَّوا، فلمَّا كان في السحر شنَّ عليهم الخيل فقتل منهم ما قتل وسبى الذرية.


فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: 'اللَّهمَّ إنِّي أبرأ إليك ممَّا صنع خالد'! وبعث عليَّ بن أبي طالب عليه السلام فأدَّى إليهم ما أخذ منهم حتَّى العقال وميلغة الكلب، وبعث معه بمال ورد من اليمن فودى القتلى، وبقيت معه منه بقية، فدفعها عليٌّ عليه السلام إليهم على أن يحلِّلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممَّا علم وممَّا لا يعلم. فقال رسول الله: 'لما فعلت أحبُّ إليَّ من حمر النعم' ويومئذٍ قال لعليٍّ: 'فداك أبواي'


[انظر: تاريخ اليعقوبي 2: 61، إعلام الورى 1: 386، إرشاد المفيد 1: 55.]، فتمَّ بذلك موادُّ الصلاح، وانقطعت أسباب الفساد.


وقعة حنين



وكانت هذه الغزوة في شوال سنة ثمان من الهجرة، وحنين وادي بينه وبين مكَّة ثلاث ليال


[ابن سعد في طبقاته 2: 114.]


وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ هوازن قد جمعت بحنين جمعاً كبيراً تريد غزو المسلمين وقتالهم، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جيش عظيم عدَّتهم اثنا عشر ألفاً، فقال بعضهم: ما نُؤتى من قلَّة، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


ذلك من قولهم.


وكان لواء المهاجرين مع عليِّ بن أبي طالب عليه السلام


[طبقات ابن سعد 2: 114.]، ووزَّع بقية الرايات على قوَّاد الجيش وزعماء القبائل.


ويروى عن جابر بن عبدالله الأنصاري، أنَّه قال: 'لمَّا استقبلنا وادي حُنين، انحدرنا في وادٍ أجوف حَطُوطٍ، إنما ننحدر فيه انحداراً في عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطُّون الا والكتائب قد شدَّت علينا شدَّة رجل واحد، فانهزم الناس أجمعون لا يلوي أحد على أحد.. الا أنَّه قد بقي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته'


[انظر الكامل في التاريخ 2: 136.]


وعلى أيِّ الأحوال فلقد اتَّفق المؤرِّخون على أنَّ عليَّاً عليه السلام وأكثر بني هاشم ثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الأزمة


[انظر: طبقات ابن سعد 2: 115، ابن الأثير في تاريخه 2: 136، تاريخ اليعقوبي 2: 62، إعلام الورى 1: 368.]، وعليُّ بن أبي طالب عليه السلام يذبُّ الناس بسيفه ويفرِّقهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما كانت أكثر مواقفه في الحروب التي مضت، فلم يستطع أحد أن يدنو من النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم الا جدله بسيفه.


وكان رجل من هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء أمام الناس، فإذا أدرك رجلاً طعنه، ثُمَّ رفع رايته لمن وراءه فاتَّبعوه، فحمل عليه عليٌّ عليه السلام فقتله


[ابن الأثير في تاريخه 2: 137.]، فكانت الهزيمة، فقال رسول الله للعبَّاس: 'صِحْ


للأنصار' وكان صيِّتاً، فنادى: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمُرة، ياأصحاب سورة البقرة! فأقبلوا كأنَّهم الإبل إذا حنَّت على أولادها، يقولون: يا لبَّيك يا لبَّيك! فحملوا على المشركين، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظر إلى قتالهم فقال: 'الآن حمي الوطيس'! وهو أول من قالها، ثُمَّ قال:




  • 'أنا النبيُّ لا كذبْ
    أنا ابن عبدالمطَّلب'



  • أنا ابن عبدالمطَّلب'
    أنا ابن عبدالمطَّلب'



[طبقات ابن سعد 2: 115، الكامل في التاريخ 2: 137.]


واقتتل الناس قتالاً شديداً.


وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبغلته دُلدُل: 'البِدي دلدل' فوضعت بطنها على الأرض، فأخذ حفنة من تراب فرمى بها في وجوههم، فكانت الهزيمة


[ابن الأثير في تاريخه 2: 137.] وقيل: إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام قد قتل منهم أربعين رجلاً


[إعلام الورى 1: 387، وروى ذلك المفيد في الارشاد 1: 144.]، واستشهد من المسلمين أيمن ابن أمِّ أيمن، ويزيد بن زَمعَة بن الأسود بن المطَّلب بن عبدالعُزَّى وغيرهما


[الكامل في التاريخ 2: 139.]


تبوك والاستخلاف



ثمَّ كانت غزوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك في رجب سنة تسع من مُهاجره


[الطبقات الكبرى 2: 125.]


لمَّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشام؛ لغزو المسلمين في ديارهم، لم يتردَّد في مواجهة تلك الجيوش، فأمر الناس


بالتجهُّز لغزو الروم، وأعلم الناس مقصدهم، لبعد الطريق وشدَّة الحرَّ وقوَّة العدو.. لذلك يسمى بجيش العسرة، وهي آخر غزوات الرسول.


ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسير في أصحابه، حتى قدم تبوك في ثلاثين ألفاً من الناس، والخيل عشرة آلاف. واستعمل على المدينة علياً عليه السلام وقال له: "تقيم أو أقيم" 'إنَّه لابدَّ للمدينة منِّي أو منك'


[إعلام الورى 1: 243.]، 'إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك'


[الارشاد 1: 155.]


وهذه هي الغزوة الوحيدة من الغزوات التي لم يشترك فيها عليُّ بن أبي طالب عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... وكان بقاؤه عليه السلام في المدينة أمر تفرضه مصلحة الإسلام، بعدما ظهر للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من أمر المنافقين، فإنَّ بقاءهم بالمدينة يشكِّل خطراً على الدعوة.


فأرجف المنافقون بعلي عليه السلام وقالوا: ما خلَّفه الا استثقالاً له! فلمَّا سمع عليٌّ عليه السلام ذلك أخذ سلاحه ولحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره ما قال المنافقون، فقال: 'كذبوا، وإنَّما خلفتك لما ورائي، أما ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى؟ الا أنَّه لا نبيَّ بعدي'.


[الكامل في التاريخ 2: 150، وانظر الاصابة في تمييز الصحابة 2: 507 ترجمة الامام علي، وسير أعلام النبلاء "سيرة الخلفاء الراشدين": 229، وأخرجه الترمذي 2999 و3724 وقال: صحيح غريب.


وانظر طرق الحديث عن الصحابة في تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام علي 1: 306ـ 390.] فقال: 'قد رضيت، قد رضيت'.


[إعلام الورى1: 244.] ثُمَّ رجع إلى المدينة وسار رسول الله بجيشه.


وفي رواية الشيخ المفيد ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: 'ارجع يا أخي


إلى مكانك، فإن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلاّ إنّه لا نبيّ بعدي'


[الارشاد 1: 156.]


وجاء في طبقات ابن سعد


[طبقات ابن سعد 3: 17.] انَّه قال: أخبرنا الفضل بن دُكين، قال: أخبرنا فضل بن مرزوق عن عطية، حدَّثني أبو سعيد، قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزوة تبوك وخلَّف عليَّاً في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به الا أنَّه كَرِهَ صحبته، فبلغ ذلك عليَّاً فذكره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: 'يا ابن أبي طالب، أما ترضى أن تنزل منَّي بمنزلة هارون من موسى'.


وفي احدى الروايات: قال: فأدبر عليٌّ مسرعاً، كأنِّي أنظر إلى غبار قدميه يسطع.. وبلا شكٍّ لقد قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ عليه السلام هذه المقالة، وقد استخلفه في المدينة وكشف عن منزلته منه، وعن منزلته بعده صلى الله عليه وآله وسلم.. أمّا لماذا راجع عليٌّ عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر استخلافه في المدينة فالأصح والأنسب 'أن يكون عليٌّ عليه السلام قد عزَّ عليه أن تفوته معركة من معارك الإسلام، لاسيما وأنَّه يتَّجه إلى عدوٍّ يفوق المسلمين بعدده وعتاده عشرات المرَّات، فكان يتمنَّى أن يبقى إلى جانبه يفديه بنفسه وروحه، كما كان يصنع في بقية المعارك، وعندما أشعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أجابه بتلك الكلمات التي اتَّفق عليها المؤرِّخون والمحدِّثون'.


[سيرة الأئمة الاثني عشر 1: 239.]


هذا، ولم يكن قوله له: 'أما ترضى أن تنزل منَّي بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي' مختصّاً بهذا الموقف، فقد قال له ذلك مرات عديدة سجّل التاريخ وكان هذا الحديث من أوضح الأدلة على استخلافه من بعده على عموم المسلمين في بحوث مفصّلة مذكورة في كتب العقائد


[راجع السيد علي الميلاني، نفحات الازهار ـ حديث المنزلة.]


علي يبلّغ عن رسول الله



قصة تبليغ سورة براءة في السنة التاسعة للهجرة من القصص المشهورة، والمنقولة في كتب السير والحديث، نوردها كما أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده من حديث أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه ببراءة إلى أهل مكة: 'لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف في البيت عريان، ولا يدخل في الجنة إلاّ نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدّة فأجله إلى مدّته، والله بريء من المشركين، ورسوله' قال: فسار بها ثلاثاً، ثم قال النبي لعلي: 'إلحقه، فردَّ عليَّ أبا بكر، وبلّغها أنت' قال: ففعل.


فبينا أبو بكر في بعض الطريق؛ إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القصوى، فخرج أبو بكر فزعاً، فظنّ أنّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو عليّ عليه السلام، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذها منه وسار، ورجع أبو بكر.. فلمّا قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكى، وقال: يا رسول الله، أحَدَثَ فيَّ شيء؟


قال: 'لا، ولكن اُمرتُ أن لا يبلّغها إلاّ أنا أو رجل منّي'


[مسند أحمد 1: 3 و 331 و3: 212 و 283 و 4: 164 و 165.]


وفي بعض رواياتها: 'لا يبلّغ عني إلاّ أنا أو رجل مني'.


[سنن الترمذي 5: 636، 3719، الخصائص للنسائي: 20، مجمع الزوائد 9: 119، تاريخ اليعقوبي 2: 76، البداية والنهاية 7: 370، تفسير الطبري 10: 46.]


ولهذه القصة دلالة كبيرة نأتي عليها في محلّها.


علي في اليمن



وفي السنة العاشرة للهجرة بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن جامعاً لصدقات أهلها، وجزية أهل نجران وسفيراً وقاضياً.. قال عليّ عليه السلام: 'ولمّا بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى اليمن، قلت: تبعثني وأنا رجل حديث السن، وليس لي علم بكثير من القضاء؟ قال: فضرب صدري رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: اذهب، فإن الله عزّ وجلّ سيثبت لسانك ويهدي قلبك..' قال: 'فما أعياني قضاء بين اثنين'.


[مسند أحمد 1: 136، الارشاد 1: 194 و195 باختلاف.]


وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بعث قبله خالد بن الوليد في بضع مئات من الجند، قال البراء بن عازب: كنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه ـ يعني قبيلة همدان ـ ثم بعث علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالداً ومن معه، إلاّ من أحب أن يعقب مع علي فليعقب معه، فكنت فيمن عقب مع عليّ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، ثم تقدم علي فصلّى بنا ثم صفنا صفاً واحداً ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت همدان جميعاً.


فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


الكتاب خرّ ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: 'السلام على همدان، السلام على همدان'.


[ابن كثير، البداية والنهاية، البيهقي، دلائل النبوة 5: 394، وقال: أخرجه البخاري مختصراً من وجه آخر، صحيح البخاري 5: 206.]


علي في حجَّة الوداع


[انظر: الطبقات الكبرى 2: 130، تاريخ اليعقوبي 2: 109، إعلام الورى 1: 259، ارشاد المفيد 1: 170.


]


خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة متوجِّها إلى الحجِّ في السنة العاشرة من الهجرة، لخمس بقين من ذي القعدة، وهي حجَّة الإسلام، وكان ابن عبَّاس يكره أن يقال: حجَّة الوداع، ويقول 'حجَّة الإسلام'.


[الطبقات الكبرى 2: 131.]


وأذَّن صلى الله عليه وآله وسلم في الناس بالحجِّ، فتجهَّز الناس للخروج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحضر المدينة ـ من ضواحيها ومن جوانبها ـ خلق كثير.


وحجَّ عليٌّ عليه السلام من اليمن، حيث قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثمائة فارس، فأسلم القوم على يديه.. ولمَّا قارب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكَّة من طريق المدينة، قاربها أمير المؤمنين عليه السلام من طريق اليمن، فتقدَّم الجيش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، وقال له: 'بم أهللت يا عليُّ'؟ فقال: 'يا رسول الله، إنَّك لم تكتب إليَّ بإهلالك، فعقدت نيتي بنيِّتك، وقلت: اللَّهمَّ اهلالاً كإهلال نبيِّك'. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: 'فأنت شريكي في حجِّي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك، وعد على جيشك وعجِّل بهم إليَّ حتَّى نجتمع بمكَّة'.


[صحيح مسلم 2: 888، ارشاد المفيد1: 171، إعلام الورى1: 259، وانظر: الكامل في التاريخ 2: 170.]


/ 23