غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 9

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 9

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وقد حاولت جهدي أن أتتبع الخطوط الاصيلة في حياة عثمان رضي الله عنه، فلائمت بينها حتى ارتسمت منها هذه الصورة التي أرجو أن تكون لبنة بين لبنات متساندة في دراسة حياة رجالات الاسلام، وسير أبطاله الغر الميامين، تبصرة وذكرى للمؤمنين، والله ولي التوفيق. اه.

ثم ألق نظرة أخرى على مواضيع كتابه تجدها عير منطبقة على ما يقول في شئ منها، وإنما هي نعرات طائفية ممقوتة، وفضائل مفتعلة دستها يد الغلو فيها، وسفاسف موضوعة حبذت الشهوات إختلاقها، كلل أساطير السلف بزخرف القول، وزخرف أباطيل الاولين بالبيان المزور، لم نجدله فحصا عن حال الاسانيد، وتهافت المتون، وفقه الحديث، وطرق مواضيع مهمة من فقه عثمان وأغاليطه وأحداثه وهو يروقه التفصي عنها فلم يتفص إلا بالتافهات لا سيما في المسائل الفقهية التي هو بمجنب عنها، فنحت لها اعذارا باردة، أو انها أعظم من تلكم المآثم، فلنمر عليها كراما.

وما ظنك بكتاب يكون من مصادره كتاب فجر الاسلام، لاحمد أمين ذلك المتحذلق المختلق، وكتاب الخضري ذلك الاموي المباهت، ومحاضرات كرد علي العثماني الشامي المناوئ لاهل بيت الوحي، وأمثال هذه من كتب السلف والخلف مما لايعرج عليه؟ وفيه الخلط والخبط، وضوضاء الدجالين، ولغط المستأجرين.

ومن أعجب ما رأيت قوله ص 41 من الكتاب تحت عنوان 'الكذب على ذلك رسول الله':وفي هذه المرحلة من تاريخ الاسلام بدئت أكاذيب الفرق والاحزاب فيما يكيد به بعضها لبعض، حتى أخذت تلك الاكاذيب صورة الحجاج بأحاديث يتقولها زعماء الفرق ورؤساء الاحزاب على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كثر من هذه الاكاذيب ما زعموه كان في حق الائمة والخلفاء، وقالت كل شيعة فيمن شايعته وفي منافسيه عندها ماشاء لها الهوى، وتجاذب هذا النوع طرفي الافراط والتفريط مدحا وذما، و اختلاقا وتقولا، حتى غشى سير هؤلاء الاجلاء بغشاء من الغموض حجب الحقايق عن كثير من الناظرين.

وليس بأقل خطرا من ذلك ما افترقوه في جنب القرآن الكريم من تأويلات محرفة لآيات الله تعالي عن مواضعها، ومن هنا وهناك تألفت سلسلة الموضوعات

والخرافات والاساطير التي ابتلي بها المسلمون، وانتشرت بينهم التلبيسات الملتوية والشبه الغامضة، فشوهت جمال الشريعة المطهرة، وحشي بها كثير من كتب المؤلفين المتقدمين والمتأخرين، حتى أصبحت وبالاعلى الدين، وشرا على المسلمين، وحائلا دون نهضتهم وتقدمهم، وسلاحا في أيدي خصوم الاسلام، وعائقا عن الوصول إلى كثير من الحقايق التاريخية والعلمية والدينية، ولولا توفيق الله تعالى رحمة بهذه الامة، ورعاية لهذا الدين الكريم، لطائفة من أئمة المسلمين المصطفين الاخيار، إنتهضوا لنقد الاسانيد وتنقيح الروايات، وبهرجة الزائف منها، وحظر الرواية عن كل صاحب بدعة في الاسلام، لما بقيت للاسلام صورته النيرة التي جاء بهاالقرآن الحكيم، وأداها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه نقية صافية. اه.

هذه نفثات الاستاذ الصادق، وهذه حسراته وزفراته المتصاعدة وراء ضياع التاريخ الاسلامي، وراء طمس الحقايق تحت أطباق الظلمات، وراء تشويه الاساطير والمخاريق والاباطيل جمال الشريعة المطهرة، ولعمر الحق لقد أحسن وأجاد، والرايد لايكذب، غير أن المسكين هو من أسراء تلكم السلاسل المتسلسة من الموضوعات والخرافات التي أبتلي بها المسلمون، وعاقته الاغشية المدلهمة عن الوصول إلى الحقايق التاريخية والعلمية والدينية، وثبطته التلبيسات الملتوية عن نيل الصحيح الناصع من التاريخ والحديث، فما أصاب من الحق نيلا، وما أسعفته فكرته هذه على الطامات ولا قدر شعرة، وما أوضحت له سبل النجاح، وما هدته إلى المهيع اللايح، فليته ثم ليته كان يأخذ بأقوال اولئك الائمة المصطفين الاخيار في نقد الاسانيد في الجرح والتعديل، وكان يعمل بها ويتخذها دستورا لنفسه، مقياسا فيما سطره من الاكاذيب والافائك، وليته كان يرحم هذه الامة، ويرعى هذا الدين الكريم مثلما هم رحموا ورعوا، وما زرف في تأليفه، وما أعاد لا ساطير الاولين الخلقة جدتها بعد ألف وثلثمائة عاما من عمرها.

وهل هو بعد ما وقف على هذا الجزء ووجد كتابه مؤلفا من سلسلة بلايا وحلقة أباطيل زيفها اولئك الائمة الذين هو اصطفاهم واختارهم وأثنى عليهم يقرع سن الندم ويتبع سنن الحق اللاحب؟ أو أنه يلج فيما سود به صحائف كتابه أو صحيفة تاريخه ويتمادى في عيه وليه؟ وما التوفيق إلا بالله.

نظرة في كتاب انصاف عثمان


تأليف الاستاذ محمد احمد جاد المولى بك.

هذا الكتاب أخدع من السراب، صفر من شواهد الانصاف، شرجه الاستاذ من سلسلة أخبار مدسوسة وروايات مختلقة، وإن درس هو بزعمه تاريخ عثمان دراسة الحذر منها فقال في ديباجته ص 4: درسنا تاريخ عثمان وعصره والثورة عليه دراسة الحذر من الاخبار المدسوسة، اليقظ لمواطن العبرة، المرجع كل حدث إلى بواعثه الاصلية وإن رانت عليها الشبهات.

ولم نكتف بما قال المؤرخون، بل مددنا بصرنا إلى أبعد من ذلك، فحللنا شخصيته،وبينا مالها من صلة بالثورة عليه، ودرسنا حال المسلمين وقد نعموا بالراحه والثراء وانساحوا في الاصقاع يخالطون الاعاجم ويصهرون إليهم ويتخلقون بعاداتهم، وحال قريش وما أنتابها من تفرق وتنازع على الرياسة، وبينا صلة ذلك بالتجني على الخليفة، وجلونا الفتنة التي أرثها في الامصار أعداء عثمان وأعداء الاسلام، ونخلنا ذلك كله وصفيناه، واستخلصنا منه الاسباب الصريحة للفتنة.

ولم نغفل أن نعرض لما أخذ على عثمان، ولا أن ننتصف له حيث يستحق الانصاف.

ومن حق عثمان أن تخصص لدراسته ودراسة عصره عشرات الكتب، فإنه الخليفة المهضوم الحق، المظلوم في الحكم عليه، على ماله من سابقة وفضل وإصلاحات، وعصره عصر انتقال واضطراب وثورات سياسية وإجتماعية.

ونحن وإن بالغنا في الاحاطة وتوفي الزلل عرضة للتقصير، ولكنا اجتهدنا رأينا،فنرجوا أن نكون قد وفقنا لابراز صورة واضحة لهذه الحقبة من تاريخ المسلمين ففيها عظات وعبر. والله المستعان. اه.

هذه لفاظته، وهذا حسن طويته وحرصه على النجاح، غير انك تجده في جمعه وتأليفه كحاطب ليل رزم في حزمته كل رطب ويابس، وجاء يخبط خبط عشواء من دون أي فحص وتنقيب، لا يفقه ولا ينقه، لا يستصحب دراية في الحديث توقفه على الصحيح الثابت، وتعرفه الزائف البهرج، ولا بصيرة تميز له الحو من اللو، ولا علما

ناجعا يجعجعه ويهديه إلى الفوز والنجاح، ولا فقها ينجيه من غمرات تلكم المعارك الوبيلة، ولا تثبتا يرشده إلى ما ينقذه من تلكم التلبيسات الملتوية، جول في مضمار تلكم الطامات لتي التجاء بها الطبري وغيره وحسبها اصولا مسلمة، وأسند في آرائه إلى فضائل مفتعلة نتاج أيدي الامويين نسبا ونزعة، ومن المأسوف عليه جدا انه أكدى وإن اجتهد رأيه، ولم يظفر بأمله وإن بالغ في الاحاطة بزعمه، وأبرز لهذه الحقبة من تاريخ المسلمين صورة معقدة معضلة تخلو عن كل عظة وعبرة.

بسط القول في عبدالله بن سبأ وعزا إليه كل تلكم المعامع الثورات، وحسبه مادة الفكرة الناقمة على الخليفة وأساسها الوحيد في البلاد، ورأى معظم الصحابة أتباع نعرات ذلك المبتدع الغاشم، وطوع تلبيس ذلك اليهودي المهتوك، وقال في ص 42: عند ذلك يجد ابن سبأ منفذا إلى هذا الشيخ الزاهد "يعني أباذر " في عرض الدنيا فينشر آراءه في مجلسه ويغريه بالحكومة ويحرضه على الاغنياء، وصار يقول له: يا أباذر ألا تعجب لمعاوية يقول: المال مال الله، ألا كل شئ لله؟ كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين ويمحو إسم المسلمين. ظل أبوذر يدعو إلى الاشتراكية المتطرفة بإرغام الاغنياء أن يساعدوا الفقراء ويتركوا أموالهم لهم، واتخذ بر الاسلام بالفقراء سبيلا إلى ذهاب المال من أربابه، وما قصد الاسلام هذا بل كما قال الله تعالى: والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم زيادة على وقال في ص 61: أما عمار فقد توجه إلى مصر وكان حاكمها مبغضا من الز كاه الشرعيه. الخ.

المصريين لا يجدون حرجا في رميه بكل نقيصة، واستطاع أتباع ابن سبأ بحذقهم و مهارتهم في ذلك المكفهر أن يخدعوه بزخرف القول وزوره، وكان مع هذا في نفس عمار شئ من عثمان لانه نفذ فيه حكم الله لما تقاذف هو والعباس بن عتبة بن أبي لهب، ولهذا لم يعد إلى الخليفة، ولم يطلعه على شئ مما رأي، ومال إلى اتباع ابن سبأ. اه.

هذه صفحة من تلك الصورة الواضحة التي وفق الاستاذ لابرازها، هذه هي الغاية المتوخاة التي بزعمه فيها عظات وعبر، هل يدري القارئ عن أي أبي ذر و عمار يحدث هذا الثرثار المجازف؟ حتى لا يبالي بما يقول ولا يكترث لما أسرف فيهما من القول، ولست أدرى لماذا اقتحم الرجل في هذه الابحاث الغامضة الخطرة التي يتيه

فيها الناقد البصير؟ لماذا اقتحم فيها مع ضؤولة رأيه وجهله بأحوال الرجال ومقادير أفذاذ الامة، وعدم عرفانه نفسيات خيرة البشر وصلحاء الصحابة ومبلغهم من الدين؟ لماذا اقتحم فيها مع بعده عن دراية الحديث، وعلم الدين، وفقه التاريخ؟

تراه تشزر وتعبأ للدفاع عمن شغفه حبه بكل ما تيسر له ولو بالوقيعة في عدول الصحابة أو في الصحابة العدول، وقد بينا في الجزء الثامن ص 349 ط 2 حديث الرجل في أبي ذر وانه موضوع عنعنه أناس لا يعول عليهم عند مهرة الفن، وفصلنا القول في هذا الجزء في حديث عمار وانه قط لم يتوجه إلى مصر، وان ماركن إليه الاستاذ لايصح اسناده، ونحاشي عمارا عن أن يحمل ضغينة على أحد لانفاذه حكم الله فيه، وهل الاستاذ طبق المفصل في رأيه هذا وبين يديه الذكر الحكيم والآية النازلة في عمار؟ وفي صفحات الكتب قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ملئ عمار ايمانا إلى أخمص قدميه. وقوله: إن عمارا مع الحق والحق معه، يدور عمار مع الحق أينما دار. و قوله: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما. إلى أحاديث أخرى مرت في هذا الجزء ص 28 -20 تضاد تلكم الخزعبلات.

وللاستاذ في تبرير الخليفة كلمات ضخمة موجزة في طيها دسائس مطمورة، وتمويه على الحقائق التاريخية، يتلقاها الدهماء بالقبول ولا يرى عن الصفح عنها مندوحة قال في ص 35: من المسلم به أن الوليد هذا عين سنة 25 هجرية وهي السنة الاولى من حكم عثمان، وقد أجمع الناقدون والمؤرخون على أنه لم يقع منه خلال ست السنوات الاولى مايسوغ توجيه النقد إليه، إذ كانوا يرون رائده تحري المصلحة العامة، وإسناد المناصب إلى الجديرين بها لا فرق بين قريب وبعيد. اه.

دعوى الاجماع والاتفاق والاصفاق المكذوبة سيرة مطردة عند القوم جيلا بعد جيل سلفا وخلفا، وكتب الفقه والكلام والحديث والتاريخ مشحونة بهذه السيرة الممقوتة ومن أمعن النظر في كتاب المحلى لابن حزم، وكتابه الفصل في الملل والنحل، ومنهاج السنة لابن تيمية، والبداية والنهاية لابن كثير، يجد مئاة من الاجماعات المدعاة المشمرجة، والاستاذ اقتفى إثر اولئك الامناء على ودائع العلم والدين وحذا حذوهم، كأنه لم يك يحسب أن يأتي عليه يوم يناقشه قلم التنقيب الحساب، أوانه غير مكترث

لاي تبعة ومغبة.

أنى من المتسالم عليه تولية الوليد سنة 25 وإن هو إلا قول سيف بن عمر كما نص عليه الطبري في تاريخه 47:7 وزيفه، وعزاه ابن الاثير في الكامل إلى البعض، وقد عرفناك سيفا في الجزء الثامن ص 84 ط 2 وانه: ضعيف متروك، ساقط، وضاع، اتهم بالزندقة. فالمعتمد عند المؤرخين ان تولية الوليد كانت سنة 26.

ثم أنى يصح كون السنة ال 25 هي السنة الاولى من حكم عثمان، وإنما توفي عمر في أواخر ذي الحجة سنة 23 ويويع عثمان بعد ثلاثة أيام من موت عمر، فالسنة الاولى من حكم عثمان هي 24.

وأين وأنى يسع لناقد أو مؤرخ فضلا عن إجماع الناقدين والمؤرخين أن يحسب صفو الجو من بوائق عثمان وبوادره ونوادره خلال ست السنوات الاولى، وهذه صفحات تاريخه في تلكم السنين مسودة بهنات وهنات، بل التاريخ سجل له من أول يوم تسنم عرش الخلافة، وقام نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، صرعة وعثرة لا تستقال، منها:

1- أبطل القصاص لما استخلف ولم يقد عبيدالله بن عمرو قد أتى عظيما وقتل الهرمزان والجفينة وابنة أبي لؤلؤة، وأجمع رأي المهاجرين والانصار على كلمة واحدة يشجعون عثمان على قتل ابن عمر أخذا بالكتاب والسنة، غير أن عمرو بن العاص فلته عن رأيه، فدهب دم اولئك الابرياء هدارا. وكانت أول قارورة كسرت في الاسلام بيد عثمان يوم ولي الامر.

2- لما استخلف صعد المنبرو جلس في الموضع الذي كان يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يجلس أبوبكر وعمر فيه، جلس أبوبكر دونه بمرقاة، وجلس عمر دون أبي بكر بمرقاة، فتكلم الناس في ذلك فقال بعضهم: اليوم ولد الشر

___________________________________

تاريخ اليعقوبي 140:2، تاريخ ابن كثير 148:7.

3- رد الحكم بن أبي العاص طريد النبي الاقدس ولعينه إلى المدينة لما ولي الخلافة، وبقي فيها حتى لعق لسانه، وهذا الايواء مما نقم به على عثمان كما مر حديثه في ج 242:8 و 254 و 258 ط 2.

4- ولى الوليد بن عقبة سنة 26 و 25 وعزل سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة، كان هذا في طليعة ما نقموا على عثمان

___________________________________

دول الاسلام 9:1، البداية والنهاية 151:7. ثم وقع ما وقع من الوليد من شرب الخمر وتقاعد الخليفة عن حده. راجع الجزء الثامن ص 125 -120 ط 2.

5- هبته الوليد ما استقرض عبدالله بن مسعود من مال المسلمين لما قدم الوليد الكوفة وكان ابن مسعود على بيت المال، حتى نقم الخليفة على ابن مسعود وعزله و حبس عطاءه أربع سنين إلى أن مات سنة 32 وجرى بينه وبين الخليفة ما مر حديثه في هذا الجزء، وهذا مما أخذت الامة خليفتهم به.

6- زاد الاذان الثالث في اوليات خلافته كما في تاريخ ابن كثير، وقد فصلنا القول في أحدوثته هذه في الجزء الثامن ص 125 تا 129 ط 2.

7- وسع المسجد الحرام سنة 26 وابتاع من قوم منازلهم، وأبوا آخرون فهدم عليهم ودفع الاثمان في بيت المال فصاحوا بعثمان فأمربهم للحبس وقال: ما جرأكم علي إلا حلمي. راجع الجزء الثامن ص 129 ط 2.

8- أعطى خمس الغنائم في غزوة أفريقية الثانية مروان بن الحكم وهو من عمدة مآثم الخليفة، وكان ذلك سنة 27 من الهجرة الشريفة. راجع ج 8 ص 275 تا 260 ط 2.

9- حج سنة 29 وأتم الصلاة في مكان القصر في عامه هذا كما في تاريخ ابن كثير 154:7، وهذه الاحدوثة مرت على تفصيلها في ج 8 ص 119 -98.

10- أعطى خمس أفريقية عبدالله بن سعد أبي سرح في غزوتها الاولى. راجع الجزء الثامن ص 279 ط 2.

إلى بوادر وعثرات أخرى صدرت من الخليفة خلال ست السنوات الاولى كل منها يسوغ توجيه النقد إليه، وكان من أول يومه مهما قرع سمعه نقد ناقد أو نصح ناصح لا يصيخ إليه، بل كان يؤاخذ من أغمزفيه، ويسومه سوء العذاب، وكان يلقي العرى إلى بني أمية في البلاد، ويفوض إليهم مقاليد الامور، ويحسبه العلاج الوحيد في حل تلكم المشاكل، وتقصير خطي اولئك الناقدين الآمرين بالمعروف والناهين

عن المنكر، حتى تمخضت عليه البلاد ووعرت القلوب، واتسع الخرق على الراقع.

وفي ظني الغالب أن تقدم ثقافة مصر اليوم هو الذي بعث اساتذتها إلى الاكثار في التأليف حول عثمان وتدعيم فضائله وفواضله، وشططوا في إطرائه وبالغوا في الذب عنه بتلفيق الكلام وتزويره، وتسطير الحدد من القول، وسرد المبوق البهرج، وذلك روما لتقديس ساحتهم عما اقترفته أيدي سلفهم الثائر المتجمهر على الخليفة، إذ حسبوه وصمة شوهت سمة الخلف منهم والسلف، وسودت صحيفة تاريخ مصر والمصريين، فهل يتأتى أمل الخلف بهذه الكتيبات المزخرفة؟ لعله يتأتى مثلما رام السلف تحقق توبتهم بالحوبة، لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون.

نظرة في كتب اخرى


وقس على هذه الكتب كتاب تاريخ الخلفاء تأليف الاستاذ عبدالوهاب النجار المشحونة صفحاته بمرمعات الرواية وسقطات التاريخ. وكتاب عثمان للاستاذ عمر أبي نصر، ليس فيه إلا أنه أعاد له سبق إليه الشيخ محمد الخضري من نفسياته الاموية جدتها، فما ينقمه الباحث من مواضيع جار فيما بهرجه اللاحق في كتابه.

وكتاب تاريخ الخلفاء الراشدين للاستاذ السيد علي فكري وهو الجزء الثالث من كتابه 'أحسن القصص' وهذا أهدأ ما ألف في الموضوع، ينم عن سلامة نفس المؤلف ونزاهة قلمه، وهو وإن ألفه من تلكم السلاسل الوبيلة من الموضوعات، غير أنه لا يتطرق إلى إلا بحاث الخطرة، ولا يقتحم المعارك المدلهمة، مما نقم به على الخليفة من الطامات والاحداث، وما قيل في براءته عن لوثها، وكأنه ترجم لخليفة خضعت الرقاب لعظمته، وتسالمت الامة عليه من جميع نواحيه، ولم يطرق سمعه ما هنالك من حوار وأخذ ورد، ونقد ودفاع، وكأن ما سطره في فضل الخليفة، وكرم طباعه، وسلامة نفسه، اصول موضوعة لا يتوجه إليها غمز ولا انتقاد، وستعرف حالها ومحلها من الاعتبار، فلا تعجل بالقران من قبل أن يقضي إليك وحيه.

ذكر السيد الاستاذ ما جاء في مناقب عثمان من الحديث المختلق من دون أي بحث وتنقيب، من دون أي نقض وإبرام، إلى أن تخلص من البحث عنه بقوله في ص 163

بعد أن فتح المسلمون تلك الاقاليم واطمأنوا وكثرت عندهم الخيرات والاموال، أخذوا ينقمون على الخليفة حيث رأى من الصالح للامة عزل بعض الولاة فعزلهم، وولى من فيه الكفاية من أقاربه وذوي رحمه، فظن الناس به ظنونا هو برئ منها، وفشت الفتنة واستفحل أمرها، حتى حضرت وفود من الكوفة والبصرة ومصر في وقت واحد طالبين تولية غير عثمان، أو عزل من ولاهم على الامصار.

وأخيرا استقر الحال على إجابتهم لما طلبوا من عزل بعض العمال، وعلى ذلك اختار أهل مصر أن يولى عليهم محمد بن أبي بكر الصديق، فكتب عثمان لهم بذلك عهدا ورحلوا من المدينة مع واليهم الجديد، وبينما هم ذاهبون رأوا عبدا من عبيد الخليفة على راحلة من إبله يستحثها فأوقفوه وفتشوه، فوجدوا معه كتابا مختوما بختم الخليفة لعبدالله بن أبي سرح مضمونة:

إذا قدم عليك ابن أبي بكر ومن معه فاحتل في قتلهم.

فأخذوا الكتاب ورجعوا إلى المدينة، وأطلعوا الخليفة عليه فأقسم لهم انه ما فعل ولا أمر ولا علم فقالوا: هذا أشد، يؤخذ خاتمك، وبعير من إبلك، وعبد من عبيدك وأنت لا تعلم، ما أنت إلامغلوب على أمرك فطلبوا منه الاعتزال، أو تسليم الكاتب فأبى، فأجمعوا على محاصرته، فحاصروه في داره ومنعوا عنه الزاد والماء أياما عديدة: وهاجت الثوار، وكثر القيل والقال، فطلب منه بعض الصحابة الاذن بالمدافعة عنه فلم يقبل، ولم يأذن لاحد حتى انه قال لعبيده الذين هبوا للدفاع عنه: من أغمد منكم سيفه فهو حر. إستسلاما للقضاء، فتسلق بعض الاشرار الدار، ودخلوا عليه وقتلوه، والمصحف بين يديه يتلوه فيه سورة البقرة فنزلت قطرة من دمه على: فسيكفيكهم الله وكان يومئذ صائما. اه.

ولعل الاستاذ بعد الوقوف على هذا الجزء من كتابنا ينتبه لمواقع النظر في تأليفه فيميزالحي من اللي، ويعرف الصحيح من المعلول، ويتبع الحق والحق أحق أن يتبع.

وفي مقدم هؤلاء الاساتذة استاذ تاريخ الامم الاسلامية بالجامعة المصرية ووكيل مدرسة القضاء الشرعي الشيخ محمد الخضري صاحب المحاضرات، وقد قدمنا في

الجزء الثالث ص 249 تا 265 ط 2 شيئا مما يرجع إليه وإلى كتابه، وعرفناك موقفه من الدجل والجناية على التاريخ الصحيح، وبعده عن أدب الدين، عن أدب العلم، عن أدب الانسانية، وان كتابه علبة السفاسف، وعيبة السقطات، وصحائفه مشحونة بالاكاذيب والافائك والنسب المفتعلة، والآراء الساقطة، فإن كان الاسلام هذا تاريخه فعلى الاسلام السلام.

عهد النبى إلى عثمان


1- أخرج إمام الحنابلة أحمد في المسند 86:6 و 149 قال: حدثنا أبوالمغيرة 'الحمصي' حدثنا الوليد بن سليمان 'الدمشقي' حدثني ربيعة بن يزيد 'الدمشقي' عن عبدالله بن عامر 'الدمشقي' عن النعمان بن بشير 'قاضي دمشق' عن عائشة رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأينا إقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان أقبلت إحدانا على الاخرى فكان من آخر كلمته أن ضرب منكبه وقال: يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني. ثلاثا. فقلت لها: يا أم المؤمنين؟ فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله، ما ذكرته. قال: فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرض بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين: أن اكتبي إلي به، فكتبت إليه به كتابا، رجال الاسناد كلهم شاميون عثمانيون وفي مقدمهم النعمان بن بشير الخارج على إمام زمانه ومحاربه تحت راية الفئة الباغية، وجاء فيه عن قيس بن سعد الانصاري الصحابي العظيم: انه ضال مضل. ومتن الرواية كما يأتي بيانه يكذب نفسها.

2- أخرج أحمد في المسند 114:6 من طريق محمد بن كناسة الاسدي أبي يحيى عن إسحاق بن سعيد الاموي حفيد العاص عن أبيه سعيد ابن عم عثمان الذي كان بدمشق قال: بلغني ان عائشة قالت: ما أسمعت رسول الله إلامرة فإن عثمان جاءه في نحر الظهيرة فظننت انه جاءه في أمر النساء، فحملتني الغيرة على أن أصغيت إليه فسمعته يقول: إن الله ملبسك قميصا تريدك أمتي على خلعه فلا تخلعه. فلما رأيت عثمان يبذل لهم ماسألوه إلا خلعه علمت أنه عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عهد إليه.

/ 41