منهج الامام علی فی القضاء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منهج الامام علی فی القضاء - نسخه متنی

فاضل عباس الملا

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الاعتدال النفسى والعضوى


المراد بالاعتدال النفسى للقاضى هو ان تكون نفسيته مرتاحه ومعتدله او طبيعيه اثناء المرافعه، بحيث لا يعكر صفوها غضب، وقد المحنا الى ان الرسول الكريم قد منع القضاء عند الغضب، كما ان الامام على اوصى شريح بالامر نفسه، واضاف قائلا: "لا تعقد فى مجلس القضاء حتى تطعم"، كما جاء فى الوسائل.

والذى نستنبطه، من سنه الرسول الكريم، وسيره ابن عمه الامام القضائيه، هو وجوب ابتعاد القاضى عن كل ما يثير فيه الانفعالات النفسيه من غضب او جوع او فرح الخ...، والا فعليه ترك مجلس القضاء وتاجيل المرافعه لان من شان تلك الانفعالات التى تودى به الى الهياج النفسى التاثير على متطلبات العداله والمساس بقراره لجهه انحرافه عن مساره المعتدل.

والمعلوم ان مقومات النفس البشريه المعتدله تعتمد الاطمئنان والثقه وسيطره عوامل الخير والرضى على عوامل الشر والانهيار، ذلك لان النفس البشريه هى واحده عند العلماء، ولكن الصور التى تظهر فى سلوكها متعدده، وتضم جوانب مختلفه. وقد ذهب بعضهم الى ان علاماتها سبق ذكرهما الاماره واللوامه والملهمه والمطمئنه والراضيه والمرضيه والكامله.

[للتوسع، راجع: النراقى، جامع السعادات، والغزالى فى احياء علوم الدين، سبق ذكرهما.] فكلما كانت علامات الخير فيها غالبه كان صاحبها اكثر اعتدالا واصح.

اما الاعتدال العضوى فهو اعتدال فى اعضاء الجسم وحواسه، اذ لا يصح للقاضى القضاء فى وقت يكون فيه مريضا يتالم. ولعل فى مقدمه الاعتدال النفسى والعضوى للقاضى هو ان يتخذ قراره بالسرعه البديهيه او الوقت المناسب، فقد سئل الامام على "ع" ذات مره عن العباده التى تستحق العقوبه، فى حالتى الترك والفعل معا، فكان جوابه الدقيق الذى ينم على سرعه بديهه وثقه عاليه هو: انها صلاه السكران،

[التسترى، قضاء امير المومنين، ص 105.] فالصلاه لا يجوز تركها ولكن اتيانها فى موعدها من قبل السكران لا يجوز ايضا. ومن السوابق الاخرى نذكر حادثه الرجل الذى اشتكى من آخر امام الامام على "ع"، مدعيا ان خصمه هذا قد افترى عليه بقوله انه احتلم بامه فكان جوابه الذى اتسم بفوريه المعالجه لمثل هذه الشكوى القلقه -من دون الخوض فى كنهها وما اذا كانت تدخل فى باب المخادعات القوليه- قوله: "ان شئت اقمته لك فى الشمس فاجلد ظله فان الحلم مثل الظل"، واضاف: "ولكنا سنضربه حتى لا يعود يوذى المسلمين"

[المصدر نفسه، ص 303.] وهذا ينم على ان المشتكى كان من البسطاء السذج، وكان مثار مزاح المشكو منه المتسبب بايذائه بمثل هذا النوع من المزاح، لهذا عزره الامام وحسم القضيه بهذا الحكم السليم.

ومن دلائل السرعه فى الحسم والصحه، او الاعتدال النفسى بابهى صوره، نذكر محاولته الستر لذات البين وعدم توسيع الشقه بينهم، ففى قضيه الامراه التى جاءت اليه "ع" مدعيه ان زوجها ياتى جاريتها، كان جوابه لها: ان كنت صادقه رجمناه، وان كنت كاذبه جلدناك، فلم يكن منها سوى القول: ردونى الى اهلى.

[المصدر نفسه، ص 189.]

ومن قضائه الطريف نذكر، فى هذا المجال، قضيه الرجل الذى ابصر طائرا فتبعه حتى سقط على شجره، فجاء آخر فاخذه فقضى "ع" ان للعين ما رات ولليد ما اخذت.

[من لا يحضره الفقيه، ص 65ج 3وعنه انتقى التسترى القضيه، ص 57.]

العمل القضائى عند الامام على


لا نقاش فى ان القضاء ليس عملا نظريا، او مكتبيا، كالاعمال الاداريه او الخدميه فى مجال الوظيفه العامه -بالتعبير القانونى المعاصر- انما هو قبل كل شى ء فن -كما سلفت الاشاره- ومناط هذا الفن هو العمل القضائى بالذات، وما الوظيفه القضائيه سوى احد اشكال الرقابه التى يتم من خلالها فحص البينات والدفوع المقدمه من الطرفين المتخاصمين وتدقيقها وموازنتها، على النحو الذى يتمخض عنه اقرار المصلحه المدعاه -المتنافس عليها- او عدم اقرارها، ومن ثم فض المنازعات الناشئه عنها بين اطراف الدعوى بطريق فنى.

فالقاضى عندما ترفع امامه الدعوى، باعتبارها وسيله، يسوغ للمدعى فيها طلب التحرى عن الحق الذى يكتنفه التنازع او الغموض لغرض كشفه لا بد ان تكون صحيحه وواضحه

[المحقق الحلى، شرائع الاسلام، ج 4ص 107.] بغيه ربط ما يطرح من جزئيات بشانها فى مجلسه للوقوف على عائديه الحق المتنازع او كشف حقيقه وجوده ونوعه ثم اقرار ما تبين له من واقع على نحو ملزم عن طريق الحكم الذى يصدره لحسم ذلك التنازع، وهذه هى المهمه الاساسيه للقاضى التى ينصب عليها مجمل العمل القضائى.

وبغيه الوصول الى الحكم الصائب السليم لا بد من امعان النظر وتفهم معطيات الجانب العملى للقضاء عند الامام على "ع" وما يمكن استلهامه من يتائم سوابقه القضائيه واستحضار النقى منها، بوصفه دليلا ثابتا للقاضى الملتزم.

والحق ان قيمه الحلول العمليه التى قررها الامام على بن ابى طالب "ع"، فى جزئيات القضايا التى يرويها لنا تراثه الضخم بوصفها ملتقى عاما لرجال القضاء عبر العصور، حقيقه لا ريب فيها لانها -كما سيتبين لنا من خلال صفحات هذا الباب- طافحه بالابداع وغنيه بالدرر اليتيمه والدقه فى تطبيقات العداله.

لهذا ليس من المنطق على المتتبع غض الطرف عنها -مهما كان مشربه او ماكله- لا بل ان مجرد اطلاعه عليها سوف يفرض تاثيرها عليه، واذا ما تعمق فيها فسيجد الغرائب والعجائب من جواهر الامام القضائيه، وسيظفر بكنوز احجارها الكريمه رغم تباعد الشقه بين وقتها وبين الثقافات المتعاقبه عليها الى حد يمس الجوهريات

[حيث سيجد ان جل اصول المرافعات فى ساحات المحاكم الراهنه والمبادى ء العامه للقوانين الاصوليه والاجرائيه تستمد جذورها من تلك السوابق، من دون ان تكون من بنات الفكر القانونى او القضائى المعاصر كما هو شائع، ولا عجب فى ذلك ما دام الرسول الكريم قد ضرب على صدره لما بعثه الى اليمن قاضيا وقال "اللهم اهد قلبه وثبت لسانه" وكان عليه السلام يقول: ما شككت بعدها فى قضاء بين اثنين، راجع ابن ابى الحديد فى شرحه للنهج، المجلد الخامس، ص 453طبعه 1983وقد تواتر ذكر هذه الروايه فى جل المصادر التى تناولت قضاء الامام، كالتسترى والمفيد والعبدون واضرابهم.] ورغم ما يلاقيه المتتبع من صعوبه فى اعطاء الصوره الكامله او الاهتداء الى الطريق المعبد بشانها بشكل ابهى وادق واوضح، لما تتضمنه جواهرها وكنوزها الدفينه من بطون المراجع من عمق.

وقد ظلت مساله النظر فى بعثها وسبر غورها ولم جواهرها وشذراتها من جديد، والتقصى والبحث عن حلقاتها المفقوده، ظلت من مستلزمات الانسانيه ومقومات سعادتها ووجودها الامثل لانها بنيت على اساس ثابت رصين "قل نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون". لهذا سنحاول جهدنا، فى هذا الباب، لتقديم المامه متواضعه فى هذا الجانب فنتطرق الى موضوع الدعوى وتكييفها، ثم نعرج الى بحث ادله الاثبات عند الامام على "ع" وناتى بعد ذلك الى ذكر لواحق فى العمل القضائى ايام خلافته الراشده. وهذا ما تضمنته الفصول الاربعه التى يقوم عليها هذا الباب، وذلك فى المنظور المعاصر.

/ 25