منهج الامام علی فی القضاء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منهج الامام علی فی القضاء - نسخه متنی

فاضل عباس الملا

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الشهاده


تعرف الشهاده بانها اخبار الشخص عن واقعه او حق يعلمه بنفسه او بالمشاهده،

[هذا فى ايامنا الدنيا، اما فى الاخره، فتضاف الى الانسان اشياء اخرى، ومنها جوارحه كما يدلنا قوله تعالى: "ويوم يحشر اعداء اللّه الى النار فهم يوزعون حتى اذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون" فالشهاده هنا يراد بها الاقرار بوقائع معينه كان قد ارتبكها الانسان ايام حياته الدنيا، فتقول اليد: انا فعلت كذا وكذا وتقول الرجل: انا مشيت الى كذا، وهكذا.] فضابط الشهاده اذن هو العلم

[للتوسع راجع: كتاب الشهادات من جواهر الكلام، سبق ذكره.] اى المشاهده لقوله تعالى: "ولا تقف ما ليس لك به علم" وقوله: "الا من شهد بالحق وهم يعلمون". وذكر العاملى فى وسائله ان الرسول الامين سئل عن الشهاده فقال: "هل ترى الشمس على مثلها فاشهد اودع"

[كما جاء فى الوسائل والى المعنى نفسه اشار الزيلعى، نصب الرايه فى تخريج احاديث الهوايه، ج 4ص 80.] وقال ايضا: لا تشهد بشهاده لا تذكرها. وعلى هذا فالشهاده يقتضى ان تكون على اليقين لا السماع او التخمين، واليقين يحصل بالمشاهده العينيه التى تعط ى علما معينا عن الشى ء المشاهد وهى تنصب اما على وقائع ماديه محضه كالولاده او الوفاه او القتل، او على تصرفات تقع على المال، مثل العقد او سند الدين وما اليه. وتستمد الشهاده حجيتها من القرآن الكريم، حيث يقول جلت قدرته: "واقيموا الشهاده للّه" كدليل فاعل فى الاثبات سواء فى المسائل المدنيه او الجزائيه.

وقد تناول الفقهاء المسلمون موضوع الشهاده باسهاب الى درجه حدت ببعضهم الى ان خصوا البينه بالشهود فقط، من دون ان يذكروا تعليلا لذلك،

[الدكتور احمد البهى، ص 5سبق ذكره.] فى حين ان البينه -كما يدل عليها اسمها- هى اسم لكل ما يبين الحق ويظهره بما فيها الشهاده.

واداء الشهاده واجب على العين وليس على الكفايه لقوله تعالى: "ولا ياب الشهداء اذا ما دعوا"،

[سوره البقره، آيه:،281وقد اختلف فى معنى هذا النص القرآنى الى ثلاثه اقوال، الاول اذا ما دعوا اليه هو لاثبات الشهاده فى الكتاب وتحملها، والثانى اذا دعوا لاقامتها، والثالث لاقامتها واثباتها، وهو اعم فائده وادل وهو الاتجاه الذى نستشفه من منهج الامام على كما هو موضح فى المتن، راجع الطوسى، تفسير التبيان، المجلد الثانى، ص 374ف،375طبع بيروت.] الذى فسره الامام على "ع" بان من كان فى عنقه الشهاده فلا يمتنع اذا دعى لاقامتها، ولينصح فى ادائها ولا تاخذه فيها لومه لائم وليامر بالمعروف ولينه عن المنكر.

[الوسائل، باب الشهاده، سبق ذكره.]

اما فى حاله الامتناع عن اداء الشهاده فان ذلك يشكل مخالفه شرعيه بدليل قوله تعالى: "ولا تكتموا الشهاده ومن يكتمها فانه آثم قلبه"،

[سوره البقره آيه: 283.] هذا باستثناء من يصيبه ضرر منها لقول البارى: "ولا يضار كاتب ولا شهيد" وهناك من ذهب الى انه صحيح ان الشارع منع كتمان الشهاده، ولكن ذلك فيما عدا جرائم الحدود، مدعما رايه هذا على ما يروى عن الرسول قوله: "من راى على اخيه شيئا من هذه القاذورات وستر، ستره اللّه يوم يفتضح المجرمون"، فالشرع المقدس يبيح السكوت وعدم اداء الشهاده،

[ابن ابى الحديد فى شرح النهج، المجلد الرابع، ص 37.] فى مثل هذه المواطن. والذى اراه ان مفهوم هذا الحديث ينصب على محرك الشكوى او المخبر،

[محرك الشكوى هو المشتكى الذى يطلب الشكوى ضد المتهم الذى اعتدى عليه او اضره من فعله الاجرامى، اما المخبر فهو من يوصل خبر الجريمه الى السلطه المختصه.] اذ لا يمكن حمله على الشاهد الذى دعى للادلاء بشهادته العيانيه لصراحه النص القرآنى فى منع كتمان الشهاده والا فانه آثم قلبه. ومما يعزز راينا هذا السابقه القضائيه للرسول الكريم التى ورد ذكرها فى المبحث السابق، اذ قال "ص" لمن حمل رجلا على الاقرار عنده بالزنا: "هلا سترته بثوبك وسماعها بالبينه"، فالستر اولى بالنسبه للمخبر لا لمن طلب منه الادلاء باقواله، بوصفه شاهدا، من قبل صاحب الولايه الشرعيه.

ويقتضى عدم خوض اللجج مع الشاهد فى ما هو خارج عن موضوع شهادته، ولعل من الطريف الاشاره هنا الى ما يروى من "ان رجلا جاء الى القاضى ابن شبرمه ومعه قوم يشهدون على قراح

[القراح بالفتح، يراد به البستان او المزرعه غير المسوره.] له فيه نخل، فشهدوا وكانوا عدولا، فسالهم: كم فى القراح من نخله. قالوا: لا نعلم، فرد شهادتهم، فقال له رجل منهم: انت تقضى فى هذا المسجد منذ ثلاثين سنه فاعلمنا كم فيه من اسطوانه؟ فاجازهم".

[الدنيورى، عيون الاخبار، ج 1ص 68.]

واذا كانت الشهاده هى احدى الطرق المعتمده فى الاثبات فانها، فى الوقت نفسه، طريقه ضعيفه احيانا ازاء كبار السن او ضعاف السمع او البصر مثلا، لا بل وخطيره احيانا اخرى، وخصوصا فى المسائل الجزائيه لتعلقها بحقوق الناس وارواحهم كونها عرضه للتضليل وشراء الذمم الرخيصه، لهذا يلزم التحرى الدقيق عن الشهود للوقوف على مدى مصداقيتهم، فلقد قضى على بن ابى طالب "ع" فى رد شهادات اربعه شهدوا على رجل بالزنا بعدما تبين له انهم متهمون بقضايا جنائيه اخرى، واقام عليهم حد القذف ايضا.

[الساروى، الحق المبين، ص 88دمشق 1962.]

فمنهج الامام على "ع" ازاء الشهاده يتمثل فى انه لم ياخذ بها على علاتها من دون تمحيص او تدقيق. وقد جاء فى وصيته لشريح: "اعلم ان المسلمين عدول بعضهم على بعض الا مجلود فى حد لم يتب او معروف بشهاده زور او ضنين"، ويروى عنه قوله: "لا تقبل شهاده فجاش ولا ذى مخزيه"

[كلاعب النرد والمغنى ومستمعه، الوسائل، ان شئت التوسع.] فمثل هولاء الشهود لا تقبل شهادتهم، وقد قال تعالى: "ممن ترضون من الشهداء"

[سوره البقره، آيه:،282ويروى عن الرسول الكريم قوله: "لا تقبل شهاده خصم ولا فتين ولا ذى جنه"، عبد القادر عوده، التشريع الجنائى الاسلامى، ج 2ص 408.] فمن كان فى

سمعته لوثه او ادانه او ريبه لا يصح الرضا بشهادته، وكذا شهاده العراف او مرتكب الجنايات الا اذا عرفت توبته،

[ومن قضائه قبوله شهاده المحدود الذى قطع لثبوت توبته، كما فى الوسائل.] وهذا يعنى ان للخصم حق الطلب من القاضى فى التحرى عن شهود خصمه وكشف ما لديه عنهم من مثالب كى لا تقبل شهاداتهم.

والثابت ان على بن ابى طالب "ع" هو اول من فرق بين الشهود عند الاستماع الى شهاداتهم، اذ ان سوابقه القضائيه تدلنا على انه كان يستمع الى شهادات الشهود كل على انفراد، من دون ان يسبقه اليها سابق سوى نبى اللّه داود "ع"،

[الارشاد، ص 128وقضاء امير المومنين، ص 16سبق ذكرهما.] فمن سوابقه بهذا الخصوص نذكر قضيه الشاب الذى خرج ابوه مع نفر من اصحابه فى سفر للتجاره وتخلفه عنهم عند عودتهم وادعائهم موته، حيث رفع شكواه امام شريح الذى استحلفهم واطلق سراحهم لعدم وجود الدليل ضدهم، فقد تظلم منه الشاب المذكور امام على "ع" الذى علم ان والد المشتكى المتظلم كان ذا مال كثير، لذا قال: "ينبغى لشريح ان يستقصى فى الاستكشاف عن خبر هذا الرجل ولا يقتصر على طلب البينه"،

[محمد مهدى الحايرى، الكوكب الدرى، ج 2ص 45طبعه 1353ه.] فهناك اكثر من قرينه لمسها امير المومنين فى مصداقيه الشاب، لهذا اتبع اجراء آخر لكشف الحقيقه، الا وهو تفريقهم والاستماع الى اقوال كل تاجر منهم بصفه شاهد، وتوصل، بعد عمليه استنطاق محكمه، الى كشف خبر ذلك الرجل، فقد قام بوضع كل واحد منهم الى جانب اسطوانه من اساطين مسجد الكوفه، ثم طلب من كاتبه عبيداللّهبن ابى رافع الحضور والجلوس بالقرب منه، بعد ان طلب من قنبر استدعاء ثله من شرطه الخميس

[عن شرطه الخميس راجع: فهرست ابن النديم، ص 249دار المعرفه، بيروت، والدكتور مصطفى جواد، مقاله المنشور بمجله الشرطه، العدد الاول، عام 62.] ووضع كل واحد منهم مع احد المتهمين للحيلوله دون تغيير مكانه، ثم امر باحضارهم واحدا بعد الاخر بمجلس قضائه مستجوبا اياهم عن ذهابهم ونزولهم وعامهم وشهرهم ويومهم، وعن مرض الرجل المدعى به وكيفيه موته وغسله وتكفينه ودفنه ومكان قبره، طالبا الاجابه بصوت منخفض، وبالتناوب، وكاتبه المذكور يدون ما يملى عليه الشاهد، وكان كلما ينتهى من كلامه يكبر الامام تكبيرتين يسمعهما كل من كان فى المسجد، فظن الاخرون انه اخبر الامام بحقيقه الحادث فتناقضت اقوالهم وكان آخر متهم فيهم الذى استمع الى اقواله، بوصفه شاهدا، وهو رابعهم، قد اعترف اعترافا مفصلا بكيفيه قيامه بالاشتراك مع بقيه المتهمين فى قتل الرجل طمعا بماله، فكبر الامام واحضر بقيه المتهمين وعبر المواجهه القضائيه الاستجوابيه اعترفوا جميعا وبمحض ارادتهم بتفاصيل الحادث ومكان اخفاء مال الرجل ومكان قبره، وهكذا بانت الحقيقه واعترف الجناه بما اسنده اليهم الشاب من فعل جنائى. وفى سابقه اخرى للامام "ع" تخص جاريه، وملخص قضيتها ان امراه غاب عنها زوجها تاركا معها فى دار الزوجيه تلك الجاريه، وكانت ذات جمال اخاذ وساحر، وبدافع الحسد وخوفا من ان يتزوجها زوجها قامت بتدبير مكيده ضدها، فسقتها المسكر، وافتضت بكارتها باصابعها بعد ان ساعدتها فى هذه الواقعه بعض النسوه من جاراتها، وقد استعصى على الخليفه عمر "رض" حل لغزها، لذا عرضها على الامام على "ع" الذى قام بالاستماع الى شهاده كل من النسوه على انفراد، وتوصل بعد عمليه استنطاق دقيقه الى تلك الحقيقه، لذا قرر الحكم على الزوجه الحسود بحد القذف وعلى اللات ادلين امام الخليفه عمر بشهاداتهن الزور والزمهن العقر،

[العقر، اى الديه عما اصابها من جرح، يقال: عقره اى جرحه، وكلب عقور اى جروح واصله ان واط ى ء البكر يعقرها اذا افتضها الكوكب الدرى، ج 2ص 44.] وجعل عقرها اربعمئه درهم عليهن تعزيرا، وقضى بنفى تلك المدانه عن زوجها، وزوجه، اى زوج زوجها بالجاريه الشابه البريئه، وقال: اللّه اكبر، انا اول من فرق بين الشهود.

[فروع الكافى، سبق ذكره.]

وتفريق الشهود، عند الاستماع الى شهاداتهم فى المرافعه، يكشف للقضاء الحقيقه بشكل اقرب للدقه، وادعى للقناعه والاطمئنان، فاتفاق اقوال الشهود المنفردين يدل يدل على المصداقيه عاده، ثم ان التفريق يودى الى تلافى تاثر اقوال احدهما بالاخر، بالتطابق او التغاير، لما فى مثل هذا التاثر من معوقات فى الوصول الى الحقيقه الواقعه.

اما بصدد نصاب الشهاده فاذا كان فى بعض الحالات قد نص عليه القرآن الكريم فالامر فيه محسوم، فنصابها فى المعاملات مثلا شهاده رجلين "فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون"،

[سوره البقره، آيه: 282.] ونصاب شهاده اثبات الزنا او القذف اربعه،

[راجع سوره النساء، آيه،10وسوره النرو، آيه 4.] ويقتضى احضارهم جميعا والاستماع الى شهاده كل منهم على انفراد فى مجلس القضاء والا اهدرت شهاده من حضر منهم دون النصاب، لا بل انه "ع" لم يكن يعفى من حضر منهم دون النصاب من المساءله الجزائيه، كما تدلنا على ذلك سوابقه الجليله، ففى احدى قضاياه نذكر قضيه الشهود الثلاثه الذين شهدوا امامه على رجل بالزنا، وعندما سالهم عن الشاهد الرابع وعلم عدم حضوره وتاخره امر باقامه حد القذف عليهم، واضاف قائلا: "ليس فى الحد نظره ساعه"

[الحق المبين، ص 22سبق ذكره.] والذى نستظهره من حكمه العادل هذا انه اراد بحدهم زجرهم وردعهم وردع غيرهم فى وجوب الستر وعدم التسرع فى التشهير ما دامت البينه غير مكتمله النصاب،

[روى الكلينى فى فروع الكافى ان الرسول الاعظم قال لسعدفبن عباده: ان اللّه جعل لكل شى ء حدا، وجعل لكل من تعدى حدا من حدود اللّه حدا، وجعل ما دون الاربعه شهداء ستورا على المسلمين.] خصوصا فى مثل هذه الجرائم الاخلاقيه المشينه، هذا فضلا عما يحتمله امهال الشاهد فى مثل هكذا جرائم، او تاجيل المحاكمه لحين اكتمال النصاب، من تاثير قد يودى الى تغيرها او تحويرها بفعل مرور الزمن لما قد يتخلله من عوامل الترهيب او الترغيب.

[وقد استقر القضاء عندنا حاليا على هذا الاتجاه، اى كون الشهادات كلما كانت اقرب زمنا للحادث كلما تكون ادعى ل 7 لاطمئنان، واكثر قناعه ومصداقيه، راجع بحثنا: سلطه قاضى التحقيق فى تقدير الادله، مسحوب بالرونيو، ص 65عام 1992.]

ويحصل، فى العمليه القضائيه، ان يرجع الشاهد عن شهادته فى المرافعه، فما هى معالجات الامام على ازاء مثل هذا الرجوع؟ ان سوابقه "ع" تدلنا على وجوب التفرقه بين حالتين رئيسيتين:

الاولى: اذا كان الرجوع قد حصل قبل صدور الحكم او تنفيذه، ففى هذه الحاله تهدر الشهاده الاولى. اما الثانيه: فيكون الرجوع فيها بعد تنفيذ الحكم، وفيها كان لا يعفى الشاهد المتراجع عن شهادته من المساءله الجزائيه، وقد فرق هنا بين امرين فيها، الاول اذا كان الرجوع مبنيا على الشبهه او الشك ضمن الديه. اما الثانى فينصب على كون الرجوع قد حصل نتيجه العمد او الزور، فهنا كان يحكم على الشاهد بمثل ما حكم به على المحكوم، فقد جاء فى الوسائل انه قضى برجم رجل لتحقق شهاده اربعه شهود بانهم راوه يجامع امراه اجنبيه، الا ان شاهدا منهم رجع عن شهادته بعد اقامه الحد، فحكم عليه الامام بربع الديه، واضاف موضحا: انه اذا رجع اثنان منهم وقالا: شبه علينا، غرما نصف الديه، وان رجعوا كلهم وقالوا: شبه علينا غرموا الديه كامله، اما اذا قالوا: شهدنا بالزور قتلوا جميعا.

والحق ان هذا الحكم قد بلغ من الدقه فى تطبيق العداله اقصاها، ذلك لان الشهاده يجب ان تكون على اليقين لا الشك او التخمين، كما ان تعمد الشهاده زورا يكون سببا فى انزال عقوبه الحد بحق من شهدوا ضده، لذا يقتضى الاقتصاص منهم بما آل اليه العقاب نفسه. ولما كانت عقوبه القصاص هى حق للمجنى عليه او ذويه، لذا نجد الروايه الاخرى التى تطرق الى ذكرها صاحب الجواهر تقول انه فى الحاله الاخيره قال: ان شاء ولى المقتول ان يقتلهم جميعا او يقتل من يشاء منهم، ورد الثلاثه ثلاثه ارباع الديه الى اولياء المقتول.

ومن سوابقه الميمونه ان رجلين اتياه ومعهما رجل آخر شهدوا عليه بانه سرق فقطع الامام يده، ثم بعدها جاءوا اليه باخر قائلين: غلطنا فى الاول انما السارق الحقيقى كان هذا، فابطل شهادتهما على الاخر وضمنهما ديه الاول واضاف مقررا: "لو علمت انكما تعمدتما لقطعت ايديكما"

[ينظر: مسائل الخلاف للشيخ الطوسى، المجلد الثانى، ص 247طبعه،1370وينظر ايضا السمنانى، روضه القضاه، ج 1ص 229تحقيق الدكتور صلاح الدين التاهى، بغداد 1389ه.] قصاصا لهما. وقد سار على نهجه هذا كبار الفقهاء المسلمين، مثل مالك والشافعى واحمد، اذ خلصوا الى قاعده فقهيه مفادها: ان الجماعه توخذ بالواحد فى القصاص.

[عبد القادر عوده، التشريع الجنائى الاسلامى، ج 2ص 216.]

فقرار الامام، آنف الذكر، يعنى انه اخبر ان القصاص يلزم ان يقع على كل واحد منهما فيما لو تعمدا قطع يده، وحيث ان القطع هو احد انواع القصاص لهذا يوخذ الجماعه بالواحد.

[المحقق الحلى، شرائع الاسلام، ج 4ص 200.]

واذا كان رجوع الشاهد عن شهادته، بعد تنفيذ الحكم، يوجب الديه عند الشبهه، فما هو الحكم فى المسائل المدنيه؟الاصل هو اعتبار الشهاده الاولى واهدار الشهاده الثانيه، وذلك استنادا لما رواه "ع" عن ابن عمه الرسول الاكرم "ص" قوله: "من شهد عندنا ثم غير اخذناه بالاولى وطرحنا الاخيره"

[مبانى تكمله المنهاج، ج 1ص 151ه 1.] وعله ذلك تكمن فى ان الشهاده كلما كانت اقرب وقتا الى الحادث كانت اكثر مصداقيه وادعى الى الاطمئنان لبعدها عن التاثير والتحوير.

ولا بد من التطرق الى شهادات النساء، فان عليا قضى بعدم قبول شهادتهن من جرائم القصاص والحدود كقاعده عامه فى المسائل الجزائيه. اما فى المسائل المدنيه فانه رجع الى النص القرآنى الذى حسم الموقف بهذا الصدد فى الايه 282 من سوره البقره، اذ لا يصح الاثبات الا بشاهدين عادلين، والا فشهاده رجل وامراتين عدا شهاده المراتين فى النكاح عند الانكار حيث اجاز شهادتهما.

[راجع الوسائل، سبق ذكره.]

وتنبغى الاشاره الى سابقه قضائيه، بخصوص الشهادات المتقابله، وهى تلك التى تخص حادث سته اشخاص نزلوا شط الفرات للسباحه فغرق احدهم، فشهد اثنان منهم على الثلاثه المتبقين بانهم اغرقوه، وشهد الثلاثه على الاثنين بانهما اغرقاه. فهنا تحققت شهادات متقابله بينهما، ولم يتوفر من القرائن ما يدل على مصداقيه احداهما دون الاخرى او بالعكس، لهذا اتجه امير المومنين درءا للمفاسد ومنعا لذريعه مخاصمه ذوى المقتول لكلا الطرفين فقضى بالديه اخماسا عليهم جميعا، وقد علق الشيخ المفيد على هذا الحكم بالقول: "لم يكن فى قضيه احق بالصواب مما قضى به عليه السلام".

[للاطلاع على تفاصيل هذه القضيه، راجع: الارشاد، ص 130سبق ذكره.]

وهناك حالات لها خصوصيتها المتفرده فى قضاء على فى مجال الشهاده، وقد سار على نهجه فيها جل اعلام الامه وفقهائهم اللامعين، ولا عجب من ذلك ما دام هو باب مدينه علم الرسول وتلميذه الامين واقضى امته، نذكر منها:

اولا: اعتباره لشهاده الولد لوالده، فقد ذكر الاربلى، فى كشف الغمه،

[وقد تطرق الى هذه القضيه، ايضا، ابن حجر فى صواعقه، ص 131.] ان عليا قاضى يهوديا فى درعه الذى شاهده بحيازته فى مجلس قضاء شريح، فطالبه شريح بمن يشهد له بها، فشهد الحسن "ع" بالدرع، فرد شريح شهادته، فقال له الامام على "ع": فى اى كتاب وفى اى سنه وجدت ان شهاده الابن لابيه لا تقبل؟ واهتداء بهذا النهج فقد استدل به جمع من العلماء والائمه السلف، منهم احمدبن حنبل والمزنى واسحق بن راهويه وابو ثور وابن المنذر فى جواز شهاده الولد لوالده والاخ لاخيه.

[الاربلى، كشف الغمه، ج 1ص 135طبعه عام 1381ه.]

ثانيا: اجاز الامام على "ع" شهاده الاحداث فى ما بينهم ما لم يتفرقوا لما فى مثل هذا التفرق من شبهه لاحتمال حصول الضغوط عليهم للتاثير على شهادتهم بالتغيير او التبديل، وهو ما يغلب حصوله فى الحياه العمليه بفعل الضغوط، خصوصا عند فساد الذمم.

ثالثا: لم نجد، فى سوابق الامام على بن ابى طالب "ع"، ما يشير الى تاثير الظروف الاجتماعيه او الاقتصاديه وغيرها على الشهادات، فالكل سواسيه ما دامت العداله متحققه فيهم، بغض النظر عن جنسهم او قومياتهم او مكانتهم الاجتماعيه. ففى احدى القضايا التى عرضت على شريح رفض هذا القاضى قبول شهاده قنبر لانه مملوك، فاعتبر الامام هذا الرفض من قبيل الجور.

[الوسائل، الطبعه الحجريه غير المرقمه، سبق ذكرها.] واذا كان بعض الفقهاء الاجلاء يتشددون فى شهاده الكتابى فان الامام عليا "ع" قضى فى احدى سوابقه بقبول شهاده شاهدين من النصارى على كتابى اسلم، موسسا حكمه هذا على النص القرآنى الذى يقول: "ولتجدن اقربهم موده للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى"، وقد سئل "ع" ذات مره عن معنى قوله تعالى "ذوا عدل منكم وآخران من غيركم" فقال اللذان منكم هما مسلمان واللذان من غيركم من اهل الكتا

[من لا يحضره الفقيه، ج 3ص 29.] وعلى هذا فان شهاده الكتابى لا غبار عليها ما دام عدلا ولا شبهه عليه، ولرب تساول يثار بشان قيمه الشهاده التى يدلى بها من فيه عوق، ومثل هذا التساول نجد الاجابه عليه واضحه من خلال قضيه استعصى حلها على الخليفه الراشد عمربن الخطاب حيث، عندما جلب اليه قدامه بن مظعون متهما بشرب الخمر بشهاده شاهدين احدهما فيه عوق جنسى، فشهد احدهما انه رآه يشرب الخمر وشهد الاخر انه وجده فى حاله قى ء، فعرض الامر على الامام على "ع" بعد ان التبس عليه واقع القضيه من جانبين، الاول ظنه بعدم تطابق الشهادتين، والثانى وجود العوق فى احد الشاهدين، فقضى الامام بقبول شهادتيهما معللا قضاءه هذا بان مشاهده احدهما للجانى، وهو يشرب، ومشاهده الثانى له، وهو يقى ء، لا اختلاف فيهما، اما عوق احدهما فلا اثر له فى صحه شهادته

[الساروى، الحق المبين، ص 22ان شئت الاطلاع على تفاصيل القضيه.] ما دام ذلك العوق لا علاقه له بالسمع او البصر. وعلى هذا فان مثل تلك الفوارق لا اثر لها على صحه الشهاده، وبهذا يكون الامام على "ع" قد جسد مبدا المساواه لا بين الخصوم، بل حتى بين الشهود، ومن له علاقه بالقضيه مثار النزاع فى مجلس قضائه وبالتالى تحقيق العداله فى ادق حالاتها.

رابعا: وقضى "ع" بشهاده الشاهد الواحد ويمين المدعى ايام خلافته الراشده اهتداء بسنه الرسول الكريم،

[ابن المستوفى، تاريخ اربل، ج 1ص 405والتشريع الجنائى الاسلامى، ج 2ص 319.] وقد نهج نهجه بعض عمالقه الفقه الاسلامى، ونذكر منهم الامام الشافعى،

[مسائل الخلاف، المجلد الثانى، ص 241سبق ذكره.] ودليل اثبات لما فى حقوق العباد، كما انه اجاز شهاده النساء مع يمين المدعى فى الدين، فاذا شهدت لصاحب الحق او طالبه -بكسر اللام- امراتان ويمينه اعتبر ذلك كافيا لاثبات الدين.

[امالى الصدوق، ص 324طبعه،1970وكذا الوسائل، سبق ذكره.]

خامسا: واخيرا، فان من السوابق القضائيه للامام على "ع" التى لم يعف عليها الزمن ما يدلنا على انه كان قد قضى بشهاده الشاهد الواحد فقط فى بعض الحالات، نذكر منها اثبات الولاده وقبوله لشهاده الامراه فى غلام دفع زميله فاوقعه فى بئر ومات،

[من لا يحضره الفقيه، ج 1ص 31سبق ذكره.] وتجدر الاشاره الى ان الرسول الكريم "ص" قد سبقه فى الاخذ بشهاده الواحد وذلك فى قضايا السلب وقضايا العقود فى السفر.

[الدكتور التجكانى، النظريه العامه للقضاء، ص 246سبق ذكره.]

ولعل خير ما نختم به هذا المبحث، بصدد احكام الشهاده وما نستلهمه من قضاء امير المومنين على "ع" من قواعد ومبادى ء تاصيليه، ما رواه النخعى عن واقعه دخول الحكم بن عيينه وسلمه بن كهيل على ابى جعفر الامام محمد الباقر "ع"، وسالاه عن مدى الكفاءه الاثباتيه للشاهد الواحد مع اليمين، فاجابهما:

قضى به رسول اللّه، وقضى به على عندكم فى الكوفه. فقالا: هذا خلاف القرآن. فقال: اين وجدتموه خلاف القرآن؟ قالا: ان اللّه يقول: واشهدوا ذوى عدل منكم، فقال لهما: هل ان قوله واشهدوا هو ان لا تقبل شهاده واحده مع اليمين؟

ثم اضاف قائلا: ان عليا كان جالسا، ذات يوم، فى مسجد الكوفه، فمر به عبداللّهبن ثفيل التميمى

[هكذا جاء فى جواهر الكلام، اما فى الوسائل فقد ورد: قفل بدلا عن ثفيل.] ومعه درع طلحه، فقال له على "ع": هذه درع طلحه اخذت غلولا

[الغلول ما يوخذ من الغنيمه خيانه، مختار الصحاح، ص 479.] يوم البصره، فقال له عبداللّه: فاجعل لى بينى وبينك قاضيك الذى ارتضيته للمسلمين، فقاضاه لدى شريح، وبعد ان اوضح الامام تفاصيل عائديه الدرع، قال له شريح: هات على ما تقول بينه، فاتاه بولده الحسن "ع" فشهد انها درع طلحه اخذت غلولا يوم البصره فى حرب صفين، فقال: هذا شاهد واحد ولا اقضى بها حتى يكون معه آخر، فدعا قنبر فشهد له بمثل ما شهد له الحسن، فقال شريح: هذا مملوك ولا اقضى بشهادته، وهنا بانت علامات عدم الارتياح فى وجه الامام على "ع" وقال لعبداللّه:

خذها فان هذا القضاء انطوى على جور فى ثلاث مواضع، فتحول اليه شريح وقال: سوف لا اقضى بين اثنين حتى تخبرنى يا امير المومنين من اين قضيت بجور ثلاث مرات، فاجابه الامام "ع" قائلا: ويلك انى لما اخبرتك انها درع طلحه اخذت غلولا يوم البصره، فقلت: هات على ما تقول بينه، وقد قال رسول اللّه: ما وجد غلولا اخذ بغير بينه، فقلت: رجل لم يسمع الحديث فهذه واحده، ثم اتيتك بالحسن فشهد فقلت: هذا واحد ولا اقضى بشهاده واحده ويمين فهذه اثنان، ثم اتيتك بقنبر فشهد فقلت: هذا مملوك ولا اقضى بشهادته فهذه الثالثه، اذ ان شهاده المملوك اذا كان عدلا لا ترد. ثم قال له: ويلك وويحك، امام المسلمين يومن من امورهم، ما هو اعظم من هذا!.

فهذه القضيه قد اخطا فيها شريح فى ثلاثه مواقع، الاول تغاضيه عن حديث الرسول الكريم فى وجوب اعاده ما يوخذ غلولا من دون حاجه الى البينه لا بل انه انحاز الى جانب المتهم بقوله: "رجل لم يسمع الحديث" والجهل بالقانون لا يعد عذرا. والثانى ان شهاده الحسن كافيه للاثبات ما دامت قد اقترنت باليمين، لذا فان رفضها لا مسوغ شرعيا له، اما الثالث فهو عدم قبوله شهاده المملوك قنبر رغم كونه عدلا، وفى هذه المواقع الثلاثه جور واضح فعلا.

الكتابه


ورد ذكر الكتابه فى القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: "يا ايها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا ياب كاتب ان يكتب كما علمه اللّه فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق اللّه ربه ولا يبخس منه شيئا "..." ولا تساموا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا الى اجله ذلكم اقسط عند اللّه واقوم للشهاده وادنى الا ترتابوا".

[سوره البقره، الايه: 282فى تفسير هذه الايه راجع تفسير التبيان، المجلد الثانى، ص 381ورشيد رضا، تفسير المنار، ج 2ص 126.]

فالتعامل بالدين، وفقا لهذا النص الشريف، يلزم كتابته حفاظا على الحق من الانكار او النسيان وغيره من دون اشتراط مقدار لهذا الدين، قل او كثر، فحكمه واحد. اما التجاره فلا يشترط فى معاملاتها الكتابه كما تدلنا عليه بقيه الايه، فقد جاء فيها "الا ان تكون تجاره حاضره تديرونها بينكم، فليس عليكم جناح الا تكتبوها واشهدوا اذا تبايعتم..". ويدخل فى قائمه الدين الصداق فى عقد النكاح، مع ملاحظه ان الكتابه المخالفه لاحكام الشريعه لا يمكن الركون اليها، فقد قضى امير المومنين فى رجل تزوج امراه واصدقته هى واشترطت عليه ان يكون بيدها الجماع والطلاق قضى ببطلان شرطها هذا لمخالفته احكام الشريعه الغراء وحكم على الرجل بالنفقه وبيده الجماع والطلاق.

[التسترى، قضاء امير المومنين، ص 5.]

والحقيقه ان الكتابه، فى المنظور الاسلامى، لا تمثل بذاتها دليل اثبات -كما هو عليه الحال فى القانون الوضعى- ذلك لان المدعى عليه ان اعترف بالحق المثبت عليه فى المحرر الكتابى دخلت هذه الكتابه فى باب الاقرار واتصلت به وان انكره، وكان المحرر معززا بتواقيع شهود يشهدون بصدورها منه كانت شهاده ودخلت فى بابها، واتصلت بها كما تدلنا اقوال الفقهاء المسلمين واعلامهم الافاضل.

[انظر مثلا الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، تحرير المجله، ج 4ص 70والشيخ خيراللّه الرملى، الفتاوى الخيريه، ج 2ص 67ومحمد جواد مغنيه، فقه الامام، ج 6ص 62.]

فالاقرار بالكتابه هو بمنزله الاقرار بالكلام، اما الكتابه بالشهود فهى شهاده للتوثيق على ما جاء فى المحرر الكتابى، واذا ما خلت الكتابه من الشهاده، ووقع عليها الانكار، رغم التوقيع او الختم، فان الاسلوب الحديث فى التحقق من عائديه التوقيع او الختم هو طريق المضاهاه، اذ توخذ نماذج من خطوط او المنكر او توقيعه او ختمه بغرض مقارنتها من لدن خبراء مختصين بالخط او التوقيع او الختم الذى وقع عليه الانكار، للتثبت من كونها تعود لشخص واحد او اكثر. وخبره الخبير هنا تقوم مقام الشاهد فى اثبات كون الخطوط او بصمه الابهام او التوقيع المثبت فى المحرر الكتابى يعود للمنكر ام لا، اذ كثيرا ما يقع التزوير على المحرر الكتابى او انكار عائديته لصاحبه، فالتحقق منه يتم عن طريق الخبراء، وقد ورد فى القرآن الكريم قوله تعالى: "فاسال به خبيرا".

[سوره الفرقان، آيه: 59.]

ومن السوابق القضائيه نذكر قضيه الشخص الذى زور ختم الخلافه -وهو محرر كتابى من دون ادنى شك- ايام الخليفه عمربن الخطاب، واصاب به مالا من خراج الكوفه، فجى ء به الى عامله فى الكوفه المغيره بن شعبه الذى قيد يديه بالجامعه الى عنقه وامر بحبسه، فهرب من الحبس وتوجه الى عمر واعلن توبته، فقال عمر "رض" للناس بعد ادائه الصلاه: ما تقولون به؟ فقال قائل: اقطع يده، وقال آخر: اصلبه، والامام على "ع" ساكت -حيث كان حاضرا- ثم التفت اليه الخليفه قائلا: ماذا تقول يا ابا الحسن؟ فقال: هذا رجل كذب كذبه عقوبته عنها بدنه، فضربه عمر ضربا مبرحا، ثم امر بحبسه مده واطلق سراحه بعدها

[قدامه بن جعفر، الخراج وصناعه الكتابه، ص 86بغداد 1981.] وهذه العقوبه من باب التعزير.

[فالحادث هنا لم يكن سرقه وانما تزوير انصب على الكذب كون الختم ليس الختم الحقيقى، لهذا عقوبته التعزير والمعلوم ان اول جريمه تزوير او تزييف حصلت فى دراهم فضيه من قبل عبيداللّهفبن زياد عام 64ه ينظر المناوى، النقود والمكاييل والموازين، ص 85و،109بغداد 1981وعباس العزاوى، تاريخ النقود العراقيه، ص 107بغداد 1958.]

وجاء، فى سوره النور، الايه: 33، ذكر للكتابه، ايضا حيث يقول تعالى: "والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا". والخطاب فى هذه الايه موجه حسب آراء المفسرين

[تفسير التبيان، المجلد السابع، ص 383وزبده التفسير، ص 462.]- للرجل فى ان يكاتب عبده او مملوكه قبل ان يعطيه مبلغا من المال للتكسب به، خلال مده معينه، فان اوفى لسيده صار حرا. ومن قضاء الامام على "ع" فى هذا المورد نذكر قضيه المكاتبه التى توفيت، وقد قضت عامه ما عليها، فولدت ولدا فى مكاتبتها، فقضى فى ولدها ان يعتق من سيدها مثل الذى عتق منها، ويرق منه مثل الذى رق منها،

[من لا يحضره الفقيه، ج 3ص 75.] وكان "ع" يستسعى المكاتب لانهم لم يكونوا يشترطون ان عجز فهو رق. وفى قضيه رجل كاتب مملوكه واشترط عليه ان ميراثه له، فرفع ذلك الى على، فقضى بابطال الشروط وقال: شرط اللّه قبل شرطك.

[المرجع السابق، ص 78.]

فالكتابه اذن تدخل فى قائمه طرق الاثبات، او وسائله، فى قضاء الامام على بن ابى طالب "ع". ومن الامور التى اورد الفقهاء ذكرها، فى هذا المقام، الزام الورثه بالمكتوب فى الوصيه

[الشيخ مرتضى الانصارى، المتاجر، كتاب الوصايا، ص 376.] ووفقا لضوابطها وما الى غير ذلك. وقد كبر حجم المحررات الكتابيه ودورها فى المعاملات بين الناس -بفعل تطور الحياه وتعقدها- واضحت الكتابه اكثر اهميه فى عصرنا الراهن، لا فى المسائل الجزائيه فحسب بل فى المسائل المدنيه ايضا، بفعل كثره تزوير المحررات الكتابيه وتزييف العمله الورقيه واعطاء صكوك من دون ارصده، وما الى ذلك من الجرائم، وخصوصا المستحدثه منها.

/ 25