منهج الامام علی فی القضاء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منهج الامام علی فی القضاء - نسخه متنی

فاضل عباس الملا

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قضاء المظالم


قضاء المظالم، فى حقيقته، هو اوسع سطوه وقوه، من حيث الطبيعه، من القضاء العادى، لان الغرض منه هو الاستماع الى ظلامات الناس من اصحاب الولايات، سواء كانوا من ذوى العلم والقلم كالقضاه ام من ذوى السيف كقواد الجيش، عبر ما يتخلل سلوكهم من خلل بما ينطوى عليه من ظلم هذا او ذاك من الذين هم تحت سلطانهم وشوكتهم احيانا.

وقد اشار الماوردى، وهو من اعلام القرن الخامس الهجرى الى ان من شروط الناظر فى المظالم ان يكون جليل القدر عظيم الهيبه نافذ الامر. وذكر انه لم يجلس للمظالم من الخلفاء الراشدين على "ع"، اذ نص قائلا: "واحتاج على، رضى اللّه عنه، حين تاخرت امامته واختلط الناس فيها وتجوروا الى فصل صرامه فى السياسه وزياده تيقظ فى الوصول الى غوامض الاحكام، فكان اول من سلك هذه الطريقه واستقل بها".

[الماوردى، الاحكام السلطانيه، ص 78مصر 1966.]

فالامام على "ع" اذن هو اول من ابتكر قضاء المظالم وابتدع مسلكه، كما يدلنا هذا النص، حيث كان "ع" ياخذ للمظلوم حقه من الظالم من دون ان تاخذه فيه لومه لائم. وقد قسم الظلم الى ثلاثه اقسام "فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فاما الظلم الذى لا يغفر فالشرك باللّه، قال اللّه تعالى: ان اللّه لا يغفر ان يشرك به، واما الظلم الذى يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات واما الظلم الذى لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا".

[محمد عبده فى شرح النهج، ج 2ص 95.] والظلم الاخير هذا هو الذى يدخل فى قائمته ظلم صاحب الشوكه والنفوذ لمن هو تحت سلطانه من اصحاب الامارات والرئاسات، او المناصب الرفيعه علميه كانت ام سلطويه، وهولاء هم الذين حذرهم الامام بالقول: "فاياكم والتلون فى دين اللّه"، وقد جاء فى احدى خطبه الشريفه: "الا وانى اقاتل رجلين رجلا ادعى ما ليس له وآخر منع الذى عليه".

[المصدر نفسه، ص 86.]

واذا ما تاملنا صفحات نهج البلاغه نجد من هذا وامثاله الكثير، ومنه لوم العمال وتانيب هذا او ذاك من ذوى النفوذ او القاده العسكريين. ومن ذلك نذكر ما جاء فى كتابه الى بعض عماله: "اما بعد فان دهاقين اهل بلدك شكو منك غلظه وقسوه واحتقارا وجفوه". ثم اشار اليه بالنهج الصحيح الذى يقتضى سلوكه معهم.

[المصدر نفسه، ج 3ص 18.]

هذا وقد رفعت الى على "ع" عده قضايا تتصل بعقارات اخذت من اصحابها واعطيت الى بعض بنى اميه فى اواخر خلافه عثمان، من دون مسوغ شرعى، فردها الامام الى مالكيها الشرعيين، وقال: لو وجدت هذه العقارات دفعت فى اصدقه النساء لرددتها معللا قراره هذا بقوله: "ان فى العدل سعه ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه اضيق".

[الدكتور التجكانى، النظريه العامه للقضاء، ص 82 وبتفصيل اكثر راجع: النص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين، ص 316وما بعدها، الطبعه السابعه، دار الاندلس، بيروت.]

واساس فكره المظالم استلهمها الامام من ابن عمه رسول اللّه، ان قبيله جذيمه -من جوار مكه- كانت قد رفعت شكوى امام الرسول الامين على القائد العسكرى خالدبن الوليد كونه قد قاتلها رغم انها اعلنت الاسلام. وبعد التثبت من صدق الشكوى بعث الرسول على بن ابى طالب بمال من خزينه المسلمين فادى ديات القتلى من قبيله جذيمه بعد ان قال الرسول: "اللهم انى ابرا اليك مما فعل خالدبن الوليد" كون قتاله لافراد القبيله المذكوره كان فيه خطا فادح، اذ انهم اعلنوا الرضا بالاسلام من دون ان يمتنعوا عنه كى يصار الى قتالهم.

[المصدر نفسه.]

والتاريخ العربى الاسلامى يحدثنا عن العديد من الشواهد فى هذا الخصوص. وقد توسع سلطان المظالم، فصار الخلفاء يفردون وقتا محددا او يوما معينا لسماع الظلامات، ويذكر ان عمربن عبد العزيز هو اول من ندب نفسه للنظر فى المظالم بعد الامام على وانتهج منهجه، حيث راعى السنن العادله واعادها.

[دليل القضاء الشرعى، ج 1ص 208والماوردى، الاحكام السلطانيه، ص 78.]

قضاء الحسبه


الحسبه وظيفه دينيه من باب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وتستمد اساسها من قوله تعالى: "ولتكن منكم امه يدعون الى المعروف وينهون عن المنكر"، وتنصب اولى مهامها على مراقبه المشروعيه واحترام تنفيذ احكام الشريعه ومكافحه الجرائم الاقتصاديه والمروريه.

[بحثنا: "قضاء الحسبه وموقعه فى التشريع المعاصر"، مخطوط.] وقد باشرها الرسول الكريم بنفسه عبر حثه على الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكتب التراث الاسلامى حافله بذكر ما كان يعمله عليه افضل الصلاه والسلام فى هذا الجانب، فقد كان يتجول فى الاسواق ويطرق الازقه ويطلع على ما يدور فى مفردات الحياه اليوميه للناس فى المعاملات ويراقب الموازين والمكاييل، ويقف على ما يبدر عنهم من مخالفات

[الدكتور حسن الحكيم، دور المحتسب فى مكافحه الجريمه الاقتصاديه، بحث قدم الى الموتمر العلمى الرابع لكليه الفقه عام،1989جامعه الكوفه.] وكان يقول: "من غشنا فليس منا".

[الدكتور عطيه شرفه، القضاء فى الاسلام، ص 180والماوردى، الاحكام السلطانيه، ص 253.]

وقد نهج الامام على "ع" نهج نبيه الكريم، فكان يخرج الى الاسواق ويطوف بالطرق، ويامر الناس بحسن الحديث ونزاهه البيع وتجنب الاحتيال والوفاء بالكيل والميزان، ويسال عن الاسعار،

[الطبرى، ذخائر العقبى، ص 118و119.] فضلا عن مكافحته للمعاملات المريبه والسلع المحرمه، اذكان يكسر اوانى الخمر وادوات الطرب، كما انه امر بحرق قريه كان يباع فيها الخمر

[الدكتور محمد نيازى حتاته فى رسالته للدكتوراه، جرائم البغاء، مصر،والدكتور عطيه مشرفه لغرض التوسع، سبق ذكره.] عقابا تعزيريا. وقد ظهر فى خلافته الراشده، نظام لم يسبق اليه احد، وقد اهتم هذا النظام بتنظيم الحرف والمهن وارباب الصناعه فى الاسواق، لضمان حسن المعاملات وعدم الغش ونزاهه البيع ومكافحه الجرائم الاقتصاديه على اختلاف صورها، اذ عين على كل حرفه او مهنه مشرفا من المبتكرين واللامعين، كل فى مجال اختصاصه المهنى، واطلق عليهم اسم "الاصول" كونهم اخذوا عنه اصول المهنه وضوابطها وحدودها المشروعه، وقد تطرق الى ذكرهم صاحب كتاب الذخاير والتحف

[نقلا عن الدكتوره صباح الشيخانى فى رسالتها، الاصناف فى العصر العباسى، ص 119و 182بغداد 1976.] وعددهم سبعه عشر مشرفا نذكر منهم كميل بن زياد الذى عين مشرفا على المهندسين والبنائين، وقنبر وجميع السياس والجماله تابعون له، حيث كان يسوس ويداوى الجمال فى زمنه، وبريده الاسلمى الخزاعى صاحب صنجق الرسول، وكل حامل رايه او علم يكون تابعا له ويستر شربه، وجرموز الهجيمى القصاب وجميع القصابين ينسبون اليه، وهكذا كان كل مشرف يهتم بالمهنه التى انيط به الاشراف عليها.

وعلى ضوء ما تقدم، فلعلى لا اجانب الحقيقه اذا ما قلت ان الامام عليا "ع" يحتمل جدا ان يكون قد اناط بميثم التمار الاسدى مهمه معينه فى قضاء الحسبه، اذ قد يكون كلفه بمراقبه السوق -كمراقب عام- فى الكوفه والتشاور مع "الاصول" فى مراقبه اصحاب الحرف والمهن فى اعمالهم، بهدف منع الجريمه الاقتصاديه واجتثاثها ما دام التاريخ يحدثنا عن وجود علاقه لميثم بعلى، حيث كان احد خواصه،

[ابن النديم، الفهرست، ص 249بيروت، دار المعرفه.] وكان يجلس فى دكانه ويبيع عنه التمر احيانا، وكان المتقدم، فى السوق لدى اصحابه والمتكلم الجرى ء والمبرز فيهم بقول الحق، من دون ان تاخذه فيه لومه لائم، فضلا عن انه المقتدى لاصحاب المهن فى السوق، وقد مثلهم فى مجلس والى الكوفه عبيداللّهبن زياد -بعد استشهاد الامام- اثر تشكيهم عامل السوق الذى نصبه هذا الحاكم الاموى فور استشهاد الخليفه على عليه السلام.

[ينظر محمد حسن مظفر، ميثم التمار، النجف،1965ان وددت التوسع.]

واذا كانت اشارات الباحثين الاسلاميين الاولين الى وظيفه الاحتساب قليله، واذا كان اختفاء كل المبادرات التى استحدثها امير المومنين على بن ابى طالب بفعل الظروف التى اعقبت استشهاده امرا مسلما به، ناهيك عن اندراس بعضها بفعل مرور الزمن، فان المعقول حقا ان يكون قضاء الحسبه قد انيط امر مسووليته بميثم بن يحيى الاءدى فى خلافه الامام فى الكوفه، وهذا كان بدوره قد وضع العيون فى الاسواق لمراقبه المشروعيه واحترام تنفيذ احكام الشريعه الغراء، بما فيها مراقبه الجرائم الاقتصاديه فى سوق الكوفه عهد ذاك، ولعله كان يجتمع بالامام اسبوعيا ليقدم اليه تقريره عن حاله السوق والوضع الاقتصادى وما يقدمه اليه الاصول كل فى ما يخص مهنته التى تولى الاشراف عليها

[بحثنا المخطوط، ميثم التمار ومكانته عند الامام على.] فمن يدرى؟ ولعل الايام تكشف لنا حلقات مجهوله ذات اهميه فى هذا الخصوص.. وقد تطور قضاء الحسبه عبر الايام، وغدت له هيبته فى زاهر عصر الدول العربيه الاسلاميه، اذ كلف بمراقبه المشروعيه فى اوسع صورها وبتنبيه من يخالفها من ولاه او قضاه وغيرهم، واصبح فى الوقت الراهن متمثلا بجهاز الادعاء العام او النيابه العموميه، باعتباره الجهاز المكلف بتلك المراقبه واحترام تنفيذ القوانين.

/ 25