امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

هذا ومن المعروف أن المهاجرين قد احتجوا على الأنصار، بأن الإمامة في قريش، لأنهم أولياء النبي وعشيرته، وأحق الناس بالأمر من بعده، وكما قال لهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم، ونبيها من غيركم، وأن العرب لا تولي هذا الأمر، إلا من كانت النبوة فيهم، لا ينازعنا سلطان محمد وميراثه، ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة، ولقد أخذ بهذا الرأي فيما بعد عامة أهل السنة.

هذا وقد نص الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري "كتاب العلم" في شرح قوله صلى الله عليه وسلم، من كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده في النار، على أن حديث الأئمة من قريش متواتر،- كأحاديث المسح على الخفين ورفع اليدين في الصلاة، والحوض، ورؤية الله في الآخرة، ومن بنى لله مسجداً وغيرها- ثم أفرد حديث الأئمة من قريش بجزء جمع فيه طرقه عن نحو أربعين صحابياً، وقال في كتاب الأحكام من الفتح الباري "الجزء 13" ما نصه: وإلى اشتراط كون الإمام قرشياً، ذهب جمهور أهل العلم. ثم قال: وقال عياض: اشترط كون الإمام قرشياً مذهب العلماء كافة، وقد عدوها في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف، وكذلك من بعدهم في جميع الأمطار، ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة

[كان القاضي أبو بكر الباقلاني "ت 403 هـ" ممن نفى اشتراط النسب القرشي، لما أدرك عليه عصبية قريش من التلاشي والاضمحلال، واستبداد ملوك العجم من الخلفاء، فأسقط شرط القرشية، وإن كان موافقاً لرأي الخوارج، لما رأى حال الخلفاء لعهده، وبقي الجمهور على القول باشتراطها، وصحة الإمامة للقرشي، ولو كان عاجزاً عن القيام بأمور المسلمين، ورد عليهم سقوط شرط الكفاية التي يقوم بها على أمره، لأنه إذ ذهبت الشوكة بذهاب العصبية، فقد ذهبت الكفاية، وإذا وقع الإخلال بشرط الكفاية، تطرق ذلك أيضاً إلى العلم والدين، وسقط اعتبار شروط هذا المنصب، وهو خلاف الاجتماع "مقدمة ابن خلدون ص 194- 195".]، لما فيه من مخالفة المسلمين

[محمد العربي التباني: تحذير العبقري من محاضرات الخضري 1 / 186- 187 "دار الكتب العلمية- بيروت 1404 هـ/ 1984".]

وليس صحيحاً ما ذهب إليه ابن خلدون

[مقدمة ابن خلدون ص 195- 197.] من أن الحكمة من اشتراط النسب القرشي، إنما هو ما كان لهم من العصبية، وإنما الصحيح- فيما يرى التباني- هو مقام النبوة- لا العصبية والتقدم- وهي واضحة لكل من رزق فهماً مستقيماً في كلام الصديق- وكذا الفاروق- الذي قيل يوم السقيفة، احتجاجاً على الأنصار

[محمد العربي التباني: المرجع السابق ص 195.]

يروي البلاذري في أنساب الأشراف: قال أبو بكر للأنصار: ولن تعرف العرب الأمر، إلا لهذا الحي من قريش، وقال صلى الله عليه وسلم، هذا الشأن بعدي في قريش

[البلاذري: أنساب الأشراف 1 / 584 "تحقيق محمد حميد الله دار المعارف- القاهرة 1959".]، وفي رواية الطبري: وإن العرب لا تعرف هذا الأمر، إلا لهذا الحي من قريش، وهم أوسط العرب داراً ونسباً

[تاريخ الطبري 3 / 205- 206 "تحقيق محمد أبو الفضل- دار المعارف- القاهرة 1979".]

وقال عمر بن الخطاب: هيهات لا يجتمع اثنان في قرن. والله لا ترضى العرب أن تؤمركم، ونبينا من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها، من كانت النبوة فيهم، ولنا بذلك الحجة الظاهرة، من ينازعنا سلطان محمد، ونحن أولياؤه وعشيرته

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 329- 330 "بيروت 11385 هـ/ 1965 م".]

على أن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، إنما كان رأيهم أن الخلافة يجب أن تكون في بيت النبوة، والقدم فيهم، سيدنا الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة، وأبناؤه من السيدة فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، وبنت النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وقالت الشيعة الإثنا عشرية: أن الإمامة خاصة بالإمام علي وولديه- الحسن والحسين- ثم لأولاد الحسين فقط

[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 37.]، واستدلوا على ذلك بما رواه

مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة، قال: انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعي أبي، فسمعته يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، إلى اثني عشر خليفة، فقال كلمة صمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال، قال: كلهم من قريش

[صحيح مسلم 12 / 203.]

وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة، مع غلامي نافع، أن أخبرني بشئ سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكتب إلي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم جمعة عشية رجم الأسلمي يقول: لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليك اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش

[صحيح مسلم 12 / 203.]

ومن ثم فإن فكرة الاثني عشر، فكرة إسلامية عامة- للسنة وللشيعة سواء بسواء- لا تختص بفريق دون الآخر، هذا ويذهب العلامة الحلي إلى أن المراد باك 12 أميراً هؤلاء، إنما هم أئمة الشيعة الاثني عشر، حيث ثبت بالتواتر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لسبطه الإمام الحسين: ابني هذا إمام، ابن إمام، أخو إمام، أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم

[الحلي: شرح التجريد ص 250 "طبعة العرفان".]

وروى المحب الطبري في ذخائر العقبى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوماً واحداً، لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلاً من ولدي، اسمه كاسمي، فقال سلمان: من أي ولدك يا رسول الله؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين

[المحب الطبري: ذخائر العقبى ص 136 "ط 1356 هـ".]

وأما حصر الإمامة في الإمام علي وولده، فلقد أشرنا من قبل أن السنة حصرت الإمامة في قريش، دون غيرهم، وقالت الشيعة: أنه ما دام الأمر كذلك، فبيت النبي صلى الله عليه وسلم، هو أفضل بيوت قريش قاطبة، ولولاه لم يكن لها هذا

الشأن، بل لولا محمد وآله، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لم يكن للعرب تاريخ أو ذكر

[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 37- 38.]

روى الإمام مسلم في صحيحه "كتاب الفضائل": حدثنا محمد بن مهران الرازي، ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم، جميعاً عن الوليد قال ابن مهران، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد، أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، و اصطفاني من بني هاشم

[صحيح مسلم 15 / 36.]

وأما حصر الأئمة في 12، فقد كانت تلك رواية الشيخين "البخاري ومسلم"

[صحيح البخاري 9 / 101، صحيح مسلم 12 / 202- 203.]

ويذهب السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي- إلى أن المقصود بالخلفاء أو الأمراء الاثني عشر، إنما هم الأئمة الاثني عشر "من الإمام علي وحتى الإمام المهدي الحجة"

[الأئمة الاثني عشر هم: الإمام علي بن أبي طالب- الإمام الحسن بن علي- الإمام الحسين بن علي- الإمام علي زيد العابدين- الإمام محمد الباقر- الإمام جعفر الصادق- الإمام موسى الكاظم- الإمام علي الرضا- الإمام محمد الجواد- الإمام علي الهادي- الإمام الحسن العسكري- الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسكري.] والسبب في ذلك أن الأحاديث الشريفة- الآنفة الذكر- لا تنطبق على الخلفاء الراشدين الأربعة- أو حتى الخمسة بانضمام الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، إليهم- لكونهم أقل عدداً، أو خلافة من سواهم من بني أمية أو بني العباس، لكونهم أكثر عدداً، فضلاً عن أكثرهم من أهل الفسق والفجور، كما أنها لا تنطبق على ما تعتقده سائر فرق الشيعة غير الإمامية كالزيدية والإسماعيلية والفطحية وغيرهم- لكون أئمتهم أقل.

ومن ثم فالرأي عند الشيعة الإمامية- أو الاثني عشرية- إنما يراد بهؤلاء

الاثني عشر أميراً أو خليفة، عترة النبي صلى الله عليه وسلم، أو لهم سيدنا الإمام علي، وآخرهم المهدي الحجة بن الحسن العسكري، عليهم السلام

[السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي: فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 25- 26 "مؤسسة الأعلى- بيروت 1393 هـ/ 1973 م".]

هذا ويلخص ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة

[نهج البلاغة 9 / 77- 88 "دار الفكر بيروت 1967".] آراء الفرق المختلفة في كون الأئمة من قريش بقوله: اختلف الناس في اشتراط النسب القرشي في الإمامة، فقال قوم من قدماء أصحابنا "أي المعتزلة": إن النسب ليس شرطاً فيها أصلاً، وأنها تصلح في القرشي وغير القرشي، إذا كان فاضلاً مستجمعاً للشرائط المعتبرة، واجتمعت الكلمة عليه، وهو قول الخوارج.

وقال أكثر أصحابنا "المعتزلة" وأكثر الناس: أن النسب القرشي شرط في الإمامة، وأنها لا تصلح إلا في العرب خاصة، ومن العرب في قريش خاصة، وقال أكثر أصحابنا: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش، إن القرشية شرط، إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة، فإن لم يكن فيها من يصلح، فليست القرشية شرطاً فيها.

وقال بعض أصحابنا "المعتزلة": معنى الخبر أنه لا تخلو قريش أبداً ممن يصلح للإمامة، فأوحوا بهذا الخبر: أن هناك من يصلح للإمامة من قريش في كل عصر وزمان.

وقال معظم الزيدية: إنها في الفاطميين خاصة من الطالبيين، لا تصلح في غير البطنين "أبناء الحسن والحسين"، ولا تصلح إلا بشرط أن يقوم بها، ويدعو بها، ويدعو إليها، فاضل، زاهد، عالم، شجاع، سائس، هذا ومعظم الزيدية يجيز الإمامة في غير الفاطميين، من ولد علي عليه السلام، وهو من أقوالهم الشاذة.

وأما الرواندية فقد خصصوها للعباس بن عبد المطلب، رحمه الله، من بين

بطون قريش كلها، وهذا القول ظهر في أيام الخليفة العباسي المنصور "136- 158 هـ/ 754- 775 م" ثم المهدي "158- 169 هـ/ 775- 785 م".

وأما الشيعة الإمامية، فقد جعلوها سارية في ولد مولانا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، في أشخاص مخصوصين، لا تصلح عندهم لغيرهم.

على أن الكيسانية إنما قصروها على محمد بن الحنفية ابن الإمام علي بن أبي طالب، من السيدة خولة بنت جعفر من بني حنيفة، ثم في ولده، ومنهم من نقلها منه إلى ولد غيره

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 86 "بيروت 1967".]

هذا وقد روى القندوزي في ينابيع المودة حديث جابر بن سمرة

[أنظر: صحيح مسلم 12 / 202- 204.] بشأن الاثني عشر خليفة أو أميراً، وقال: وفي آخره، كلهم من بني هاشم

[سليمان الحنفي القندوزي: ينابيع المودة ص 107.]

وروى الحافظ أبو نعيم في الحلية

[أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء- الجز الثالث ص 86 "دار الفكر- بيروت".] بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن، غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، للقاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي.

وعن سلمان الفارسي قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا الحسين على فخذه، وهو يقبل عينه، ويقبل فاه، ويقول: أنت سيد بن سيد، وأنت إمام، وابن إمام، وأنت حجة وابن حجة، وأنت أبو حجج تسعة، تاسعهم قائمهم

[الشيخ مهدي السماوي: الإمامة في ضوء الكتاب والسنة- الجزء الأول- القاهرة 1977 م.]

شروط الإمام


اشترطت السنة في الإمام شروطاً أربعة: العلم، والعدالة، والكفاية، وسلامة الحواس والأعضاء فأما العلم، فلأنه منفذ أحكام الله، ومتى كان جاهلاً، لا يمكنه تنفيذها.

وأما العدالة، فلأن منصب الإمام منصب ديني، ينظر في سائر الأحكام التي تشترط فيها العدالة، فأولى بشروطها فيه.

وأما الكفاءة، فأن يكون جريئاً على إقامة الحدود، واقتحام الحروب، بصيراً بها، كفيلاً بحمل الناس عليها، عالماً بأحوال الدهاء، قوياً على معاندة السياسة، ليصلح له ما أسند إليه من حماية الدين، وجهاد العدو، وإقامة الأحكام، وتدبير المصالح.

وأخيراً أن يكون سليم الحواس والأعضاء، مما يؤثر فقدانه في الرأي والعمل، ويلحق بذلك العجز عن التصرف، لصغر أو شر أو غيرهما.

وهناك شرط خامس، اختلف فيه- وهو النسب القرشي

[أنظر: مقدمة ابن خلدون ص 190- 196 "دار القلم- بيروت 1981".]- وقد ناقشناه من قبل.

على أن الماوردي إنما يرى أنها سبعة، فيقول: وأما أهل الإمامة، فالشروط المعتبرة فيهم سبعة، أحدها: العدالة على شروطها الجامعة، والثاني:

العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام.

والثالث: سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان، ليصح معها مباشرة ما يدرك بها.

والرابع: سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة، وسرعة النهوض، والخامس: الرأي المفضي إلى سياسة الرعية، وتدبير المصالح.

والسادس: النسب: وهو أن يكون من قريش، لورود النص فيه، وانعقاد الإجماع عليه، ولا اعتبار بً ضرارً حين شذ، فجوزها في جميع الناس، لأن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، احتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة، لما بايعوا سعد بن عبادة عليها، بقول النبي صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش، فأقلعوا عن التفرد بها، ورجعوا عن المشاركة فيها، حين قالوا: منا أمير، ومنكم أمير، تسليماً لروايته، وتصديقاً لخبره ورضوا بقوله: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم، قدموا قريشاً، ولا تقدموها

[أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي: الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص 6 "دار الكتب العلمية- بيروت 1402 هـ1982".]

وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة بسنده عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: يا أيها الناس:

قدموا قريشاً ولا تقدموها، وتعلموا منها، ولا تعلموها، قوة رجل من قريش تعدل قوة رجلين من غيرهم، وأمانة رجل من قريش تعدل أمانة رجلين من غيرهم، يا أيها الناس، أوصيكم بحب ذي أقربها، أخي وابن عمي، علي بن أبي طالب فإنه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني عذبه الله عز وجل

[الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: كتاب فضائل الصحابة الجزء الثاني- حققه وخرج أحاديثه وصي الله بن محمد عباس- ص 622- 623 "نشر مركز البحث العلمي وإحياء والتراث الإسلامي- جامعة أم القرى- مكة المكرمة 1403 هـ/ 1983 م". والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، ذكره ابن حجر في المطالب العالية "4 / 139" وأخرجه الإمام الشافعي في مسنده ص 278" عن الزهري، وعبد الرازق في مصنفه "11 / 55"، وأخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1 / 20- 21" وفي مجمع الزوائد "10 / 25"، وأشار إليه البخاري في المقاصد الحسنة "ص 304"، وأبو نعيم في الحلية "9 / 64"، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة "2 / 431".]

ويذهب القلقشندي في مآثر الإنافة في معالم الخلافة: إلى أن أصحابه الشافعية إنما يرون في شروط عقد الإمامة، أربعة عشر شرطاً في الإمام: أولها:

الذكورة لحديث أبي بكرة، الذي رواه البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل، فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

[صحيح البخاري 6 / 10.]

وزاد الترمذي والنسائي: فلما قدمت عائشة البصرة، ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمني الله تعالى به

[صحيح الترمذي 9 / 119، سنن النسائي 8 / 227.]

يقول القلقشندي: والمعنى في ذلك أن الإمام لا يستغني عن الاختلاط بالرجال، والمشاورة معهم في الأمور، والمرأة ممنوعة من ذلك، ولأن المرأة ناقصة في أمر نفسها، حتى لا تملك النكاح، فلا تجعل إليها الولاية على غيرها.

والثاني: البلوغ فلا تنعقد إمامة الصبي، لأنه مولى عليه، والنظر في أموره إلى غيره، فكيف يجوز أن يكون ناظراً في أمور الأمة؟ على أنه ربما أخل بالأمور، قصداً لعلمه بعدم التكليف.

والثالث: العقل: فلا تنعقد إمامة ذاهب العقل بجنون أو غيره، لأن العقل آية التدبير، فإذا فات العقل فات التدبير، وقد قسم الماوردي زوال العقل إلى ما لا يرجى زواله، وما يرجى زواله، فأما ما لا يرجى زواله- كالجنون والخبل- فيمنع من عقد الإمامة- سواء أكان مطبقاً لا يتخلله إفاقة أو يتخلله إفاقة وسواء

كان زمن الجنون أكثر من زمن الإفاقة، أو زمن الإفاقة أكثر من زمن الجنون-.

وأما ما يرجى زواله- كالأعضاء فلا يمنع من انعقاد الإمامة، لأنه مرض قليل اللبث، سريع الزوال.

والرابع: البصر، فلا تنعقد إمامة الأعمى، لأنه منع ولاية القضاء، وجواز الشهادة، فمنعه صحة الإمامة أولى.

والخامس: السمع، فلا تنعقد إمامة الأصم، الذي لا يسمع البتة، واختلف في ثقل السمع.

والسادس: سلامة الأعضاء من نقص يمنع استيفاء الحركة، وسرعة النهوض، فلا تنعقد من ذهبت يداه أو رجلاه، لعجزه عما يلحقه من حقوق الأمة.

والسابع: النطق، فلا تنعقد إمامة الأخرس، واختلف في تمتمة اللسان فقيل يمنع، وقيل لا يمنع.

والثامن: الحرية، فلا تنعقد إمامة من فيه رق كالقن الكامل العبودية، والمبعض، من فيه جزء حر، وجزء رقيق، والمكاتب، المفروض عليه مال، إن أداه أعتق، والمدبر من شرط عتقه بعد موت سيده، والمعلق عتقه بصفة، لأن الرقيق محجوز للسيد، فأموره تصدر عن رأي غيره، فكيف يصلح لولاية الأمة؟

والتاسع: الإسلام: فلا تنعقد أبداً إمامة الكافر، لأنه لا يراعي مصلحة الإسلام والمسلمين.

والعاشر: العدالة: فلا تنعقد إمامة الفاسق.

الحادي عشر: الشجاعة والنجدة، فلا تنعقد إمامة الجبان.

الثاني عشر: العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام، فلا تنعقد إمامة غير العالم بذلك.

/ 47