امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وهناك ما يشير إلى الصلة القوية بينه وبين الإمام علي، حتى نراه يقود بغلة النبي الشهباء التي كانت تركبها السيدة فاطمة الزهراء في ليلة زفافها إلى الإمام علي بن أبي طالب

[كامل الشيبي: المرجع السابق ص 21، وانظر: ابن بابويه القمي: من لا يحضره الفقيه- الجزء الثالث- إيران 1908.

وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز عن حباب بن يزيد عن جرير بن المغيرة: أن سلمان والزبير والأنصار كان هواهم أن يبايعوا علياً، عليه السلام، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بويع أبو بكر، قال سلمان: أصبتم الخبرة وأخطأتم المعدن.

وفي رواية عن حبيب بن أبي ثابت قال: قال سلمان يومئذ: أصبتم ذا السن منكم، وأخطأتم أهل بيت نبيكم، لو جعلتموها فيهم، ما اختلف عليكم اثنان، ولأكلتموها رغداً

[شرح نهج البلاغة 2 / 49.

المقداد بن عمرو


يقول الحافظ أبو نعيم هو المقداد بن عمر بن ثعلبة

[أهم مصادر ترجمة المقداد بن عمرو "أسد الغابة 5 / 251- 254، طبقات ابن سعد 3 / 114- 116، حلية الأولياء 1 / 172- 176، الإصابة 3 / 454- 455، الإستيعاب 3 / 472- 476.، مولى الأسود بن عبد يغوث، السابق إلى الإسلام والفارس يوم الحرب والإقدام، ظهرت له الدلائل والإعلام، حين عزم على استقاء الرسول والإطعام، أعرض عن العمالات، وآثر الجهاد والعبادات، معتصماً بالله تعالى من الفتن والبليات

[حلية الأولياء 1 / 1722.

وهو- فيما يروي ابن سعد في طبقاته- المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن دهير بن لؤي بن

ثعلبة بن مالك بن الشريد بن أبي أهون بن فائش بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ويكنى أبا معبد، وكان حالف الأسود بن عبد يغوث الزهري في الجاهلية فتبناه، فكان يقال له المقداد بن الأسود

[طبقات ابن سعد 3 / 114.

وقيل: المقداد الكندي، ولأنه أصاب فيهم دماً في بهراء، فهرب منهم إلى كندة فحالفهم، ثم أصاب فيهم دماً، فهرب إلى مكة، فحالف الأسود بن عبد يغوث

[أسد الغابة 5 / 251- 252.

وقال أحمد بن صالح المصري

[هو الإمام أبو جعفر أحمد بن صالح الطبري المصري الحافظ، سمع من ابن عيينة وابن وهب وخلق، قال عنه محمد بن نمير: إذا جاوزت الفرات، فليس أحد مثل أحمد بن صالح، وقال ابن وارة الحافظ: أحمد بن حنبل ببغداد، وأحمد بن صالح، بمصر، وابن نمير في الكوفة، والنفيلي بحران، هؤلاء أركان الدين، توفي عام 248 هـ"الذهبي العبر 1 / 450، أسد الغابة 5 / 252، وانظر عن عبيدة بن الحارث "الواقدي: المغازي 1 / 10- 11، سيرة ابن هشام 2 / 390- 393، ابن الأثير: الكامل 2 / 111، تاريخ الطبري 2 / 404"، محمد بيومي مهران: السيرة النبوية 2 / 52.: هو حضرمي، وحالف أبوه كندة فنسب إليها، وحالف هو الأسود بن عبد يغوث، فنسب إليه، والصحيح بهراوي، كنيته أبو معبد، وقيل: أبو الأسود، فلما نزل القرآن * "أدعوهم لآبائهم" * قيل:

المقداد بن عمرو.

وهو قديم في الإسلام من السابقين، قال ابن مسعود: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار- وأمه سمية- وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله تعالى بعمه "أبي طالب" وأما أبو بكر فمنعه الله تعالى بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون، وألبسوهم أدراع الحديد ثم صهروهم في الشمس.

هذا وقد هاجر المقداد إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، فلم يقدر على

الهجرة إلى المدينة، لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبقي إلى أن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبيدة بن الحارث في سرية، فلقوا جمعاً من المشركين عليهم عكرمة بن أبي جهل، وكان المقداد وعتبة بن غزوان قد خرجا مع المشركين ليتوصلا إلى المسلمين، فتواقفت الطائفتان، ولم يكن قتال، فانحاز المقداد وعتبة إلى المسلمين.

هذا وقد شهد المقداد غزوة بدر، وكان له فيها مقام مشهود، فهو القائل- حين استشار النبي صلى الله عليه وسلم، الناس-:

يا رسول الله، إمض لما أمرت به فنحن معك، والله لا نقول لك، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: * "إذهب أنت وربك فقاتلا * إنا ها هنا قاعدون" *، ولكن: إذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق نبياً، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه، حتى تبلغه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، خيراً، ودعا له.

وفي رواية: لا نقول لك، كما قال قوم موسى لموسى: إذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك، فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر بما سمع.

وروى البخاري في صحيحه بسنده عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهداً لأن أكون صاحبه، أحب إلي مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى، إذهب أنت وربك فقاتلا، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك، وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، أشرق وجهه وسره، يعني قوله

[صحيح البخاري 5 / 93، مسند الإمام أحمد 1 / 390، 428، المستدرك للحاكم 3 / 349، زاد المعاد 3 / 173- 174، البداية والنهاية 2 / 395، فتح الباري 7 / 224، مغازي الواقدي 1 / 48، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 102، أسد الغابة 5 / 252، طبقات ابن سعد 3 / 114- 115، سيرة ابن هشام 2 / 407، السيرة الحلبية 2 / 385، تاريخ الطبري 2 / 234، الإستيعاب 3 / 474- 475، مهران: السيرة النبوية الشريفة 2 / 68.

وعن علي قال، ما كان فينا فارس يوم بدر، غير مقداد بن عمرو، وعن القاسم بن عبد الرحمن قال: أول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود، وعن المقداد قال: كان معي فرس يوم بدر يقال له سبحة

[طبقات ابن سعد 3 / 114.، وفي رواية: لم يكن فيهم غير فارسيين: المقداد بن عمرو، ولا خلاف فيه، والثاني:

قيل كان الزبير بن العوام

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 118. وكان للمقداد مناقب كثيرة، روى ابن أبي بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم، قيل يا رسول الله، سمهم لنا، قال: علي منهم- يقول ذلك ثلاثاً- وأبو ذر والمقداد وسلمان

[حلية الأولياء 1 / 172.

وعن الإمام علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن نبي إلا أعطي سبعة نجباء وزراء ورفقاء، وأنا أعطيت أربعة عشر: حمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين وابن مسعود وسلمان وعمار و حذيفة وأبو ذر والمقداد وبلال

[أسد الغابة 5 / 253، صحيح الترمذي 10 / 291.

وفي الإستيعاب عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن نبي إلا أعطي سبعة نجباء ووزراء ورفقاء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين وعبد الله بن مسعود وسلمان وعمار وحذيفة وأبو ذر والمقداد وبلال

[الإستيعاب 3 / 473.

وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن المسيب بن نجية عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطي كل نبي سبعة رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر، قيل لعلي من هم؟ قال: أنا وابناي الحسن والحسين وحمزة وجعفر وعقيل وأبو بكر وعمر وعثمان والمقداد وسلمان وعمار وطلحة والزبير، رضي الله عنهم

[الإمام أحمد بن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 636- 637 "بيروت 1983". وقد جاء الحديث أيضاً في فضائل الصحابة بأرقام 109 و 274 و 275 و 276 و 277 ص 136 و 137 و 227 و 228، من الجزء الأول "بيروت 1983- نشر جامعة أم القرى- بمكة المكرمة"، وانظر: المسند 1 / 88 و 148 و 149، والترمذي 5 / 662، والطبراني في الكبير 6 / 264- 265، وحلية الأولياء 1 / 128.

وفي طبقات ابن سعد: أن المقداد بن عمرو خطب إلى رجل من قريش فأبى أن يزوجه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لكني أزوجك ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب

[طبقات ابن سعد 3 / 115. "بنت عم النبي".

وروى ابن حجر في الإصابة عن ثابت البناني قال: كان المقداد وعبد الرحمن بن عوف جالسين، فقال له: ما لك لا تتزوج، قال: زوجني ابنتك، فغضب عبد الرحمن وأغلظ له، فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أن أزوجك، فزوجه بنت عمه، ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب

[ابن حجر العسقلاني: الإصابة في معرفة الصحابة 3 / 454- 455.

وعن المقداد بن الأسود، رضي الله تعالى عنه قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم، على عمل، فلما رجعت قال: كيف وجدت الإمارة، قلت: يا رسول الله، ما ظننت إلا أن الناس كلهم خول لي، والله لا ألي على عمل ما دمت حياً، وعن ثابت عن أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، المقداد بن الأسود، رضي الله تعالى عنه، على سرية فلما قدم قال

له: كيف وجدت الإمارة؟ قال: كنت أحمل وأوضع حتى رأيت بأن لي على القوم فضلاً: قال: والذي بعثك بالحق لا أتأمر على اثنين أبداً

[حلية الأولياء 1 / 174- 175.

وعن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال: كان المقداد بن الأسود، في سرية فحصرهم العدو، فعزم الأمير أن لا يجشر أحد دابته، فجشر رجل دابته لم تبلغه العزيمة فضربه، فرجع الرجل وهو يقول: ما رأيت كما لقيت اليوم قط، فمر المقداد فقال: ما شأنك؟ فذكر له قصته، فتقلد السيف وانطلق معه حتى انتهى إلى الأمير فقال: أقده من نفسك فأقاده، فعفا الرجل، فرجع المقداد وهو يقول: لأموتن والإسلام عزيز

[حلية الأولياء 1 / 176.

وكان المقداد من أنصار الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله تعالى وجهه في الجنة- وكان موقفه يوم الشورى واضحاً، فعندما جمع عبد الرحمن بن عوف الناس في المسجد النبوي الشريف، فقال: أشيروا علي، فقال عمار: إن أردت أن لا يختلف الناس، فبايع علياً، فقال المقداد بن الأسود: صدق عمار، إن بايعت علياً، قلنا: سمعنا وأطعنا.

وعندما اختار عبد الرحمن عثمان قال المقداد: يا عبد الرحمن: أما والله لقد تركته، وإنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، فقال: يا مقداد، والله لقد اجتهدت للمسلمين، قال: إن كنت أردت الله، فأثابك الله ثواب المحسنين.

فقال المقداد: ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، إني لأعجب من قريش، أنهم تركوا رجلاً ما أقول، ولا أعلم: أن رجلاً أقضى بالعدل، ولا أعلم منه، أما والله لو أجد أعواناً عليه، فقال عبد الرحمن: يا مقداد، إتق الله، فأنا خائف عليك الفتنة.

فقال رجل للمقداد: رحمك الله، من أهل هذا البيت؟ ومن هذا الرجل؟

قال: أهل البيت، بنو عبد المطلب، والرجل علي بن أبي طالب.

فقال علي بن أبي طالب: أن الناس ينظرون إلى قريش وقريش تنظر بيتها فتقول: إني ولي عليكم بنو هاشم، لم تخرج منهم أبداً، وما كانت في غيرهم تداولتموها بينكم

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 70- 72 "بيروت 1965"، تاريخ الطبري 4 / 232- 233.

وفي تاريخ اليعقوبي: وروى بعضهم فقال: دخلت مسجد رسول الله، فرأيت رجلاً جاثياً على ركبتيه يتلهف تلهف من كأن الدنيا كانت له فسلبها، وهو يقول: واعجباً لقريش، ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيهم، وفيهم أول المؤمنين، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلم الناس، وأفقههم في دين الله، وأعظمهم غناء في الإسلام، وأبصرها بالطريق، وأهداهم للصراط المستقيم، ولقد زووها عن الهادي المهتدي، الطاهر النقي، وما أرادوا إصلاحاً للأمة، ولا صواباً في المذهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعداً وسحقاً للقوم الظالمين، فدنوت منه فقلت: من أنت يرحمك الله، ومن هذا الرجل.

فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل علي بن أبي طالب، قال:

فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال: يا ابن أخي، إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل، ولا الرجلان، ثم خرجت فلقيت أبا ذر، فذكرت له ذلك، فقال: صدق أخي المقداد، ثم أتيت عبد الله بن مسعود، فذكرت ذلك له، فقال: لقد أخبرنا فلم نال

[تاريخ اليعقوبي 2 / 163 "بيروت 1980".

وفي رواية المسعودي

[أنظر عن أهم مصادر ترجمة المسعودي "ياقوت الحموي" إرشاد الأريب 13 / 90- 94، فوات الوفيات للكتبي 2 / 45، تذكرة الحفاظ 3 / 70، دول الإسلام للذهبي 1 / 156، لسان الميزان لابن حجر 4 / 224- 225، النوبختي: أعيان الشيعة 41 / 198- 213، الأعلام للزركلي / 87، معجم المؤلفين لكحالة 7 / 80- 81، فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي 2 / 177- 184، الرجال للنجاشي ص 178- 179، عبد السلام العشري: أبو الحسن المسعودي- القاهرة 1957".

والمسعودي- رغم عدم معرفتنا لتاريخ ميلاده- فهو قد ولد في بغداد من أسرة تنتسب إلى الصحابي عبد الله بن مسعود، وأقام في إصطخر أثناء رحلته في إيران "305 هـ/ 917 م"، ثم ذهب إلى الهند وزار ملتان والمنصورة ثم سيلان، ثم عمان وزنجبار، ومضت به حياته القلقة إلى بحر قزوين ثم فلسطين ثم مدن ثغور الشام كإنطاكية، ثم استقر في مصر، حيث مات في الفسطاط عام "345 هـ/ 956 م" أو 346 هـ، وكان الرجل مهتماً بالتاريخ والجغرافيا وعلوم الدين والأخلاق والسياسة وعلوم اللغة، ولكن معظم جهده كان في التاريخ والجغرافيا.: كان عمار، حين بويع عثمان، بلغه قول

أبي سفيان صخر بن حرب في دار عثمان، عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان، ودخل داره ومعه بنو أمية، فقال أبو سفيان: أفيكم أحد من غيركم؟ "وقد كان عمي" قالوا: لا، قال: يا بني أمية، تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان، ما زلت أرجوها لكم، و لتصيرن إلى صبيانكم وراثة، فانتهره عثمان، وسائه ما قال.

ونمي هذا القول إلى المهاجرين والأنصار، وغير ذلك من الكلام، فقام عمار في المسجد فقال: يا معشر قريش، أما إذ صرفتم هذا الأمر عن بيت نبيكم ههنا مرة، وههنا مرة، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله منكم، فيضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله.

وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يا مقداد بن عمرو؟ فقال المقداد:

إني والله لأحبهم، لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم، وإن الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن: أعجب من قريش- وإنما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت- قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعده من أيديهم، أما وأيم الله يا عبد الرحمن، لو أجد على قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إياهم، مع النبي، عليه الصلاة والسلام يوم بدر

[المسعودي: مروج الذهب 1 / 633 "بيروت 1982".

وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب أخبار السقيفة عن محمد بن قيس الأسدي عن المعروف بن سويد قال: كنت بالمدينة أيام بويع عثمان، فرأيت رجلاً في المسجد جالساً، وهو يصفق إحدى يديه على الأخرى- والناس حوله- ويقول: واعجباً من قريش، واستئثارهم بهذا الأمر، على أهل هذا البيت، معدن الفضل، ونجوم الأرض، ونور البلاد، والله إن فيهم لرجلاً ما رأيت- بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- أولى منه بالحق، ولا أقضى بالعدل، ولا آمر بالمعروف، ولا أنهى عن المنكر، فسألت عنه، فقيل: هذا المقداد، فتقدمت إليه وقلت: أصلحك الله من الرجل الذي تذكر؟ فقال: ابن عم نبيك رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب.

قال: فلبثت ما شاء الله، ثم إني لقيت أبا ذر، رحمه الله، فحدثته ما قال المقداد، فقال: صدق، قلت: فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم، قال:

أبي ذلك قومهم، قلت: فما يمنعكم أن تعينوهم، قال: مه لا تقل هذا، إياكم والفرقة والاختلاف، قال: فسكت عنه، ثم كان من الأمر ما كان

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 21- 22 "بيروت 1967".

هذا وقد توفي المقداد بالمدينة في خلافة عثمان، بأرض له بالجرف، وحمل إلى المدينة، وكان عمره سبعين سنة يقول ابن سعد: مات المقداد بالجرف، على ثلاثة أميال من المدينة، فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة بالبقيع، وصلى عليه عثمان بن عفان، وذلك سنة ثلاث وثلاثين، وكان يوم موته ابن سبعين سنة أو نحوها، وعن شعبة عن الحكم: أن عثمان بن عفان جعل يثني على المقداد بعد ما مات، فقال الزبير:

لا ألفينك بعد الموت تندبني++

وفي حياتي ما زودتني زادي

[أسد الغابة 5 / 254، طبقات ابن سعد 3 / 115- 116.

يوم وفاة الرسول


يذهب ابن خلدون "732- 808 هـ/ 1332- 1406 م"

[أنظر "محمد بيومي مهران: التاريخ والتأريخ ص 138- 150- الإسكندرية 1992".: أن الشيعة ظهرت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر، وأن الخلافة لرجالهم، دون سواهم من قريش

[تاريخ ابن خلدون 3 / 364.

هذا ويرجع الدكتور أحمد أمين "1887- 1954 م" بداية التشيع إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: بدأ التشيع من فرقة من الصحابة كانوا مخلصين في حبهم للإمام علي، يرونه أحق بالخلافة لصفات رأوها فيه، ومن أشهرهم: سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري و المقداد بن الأسود، وتكاثرت شيعته لما نقم الناس على عثمان في سنوات الأخيرة من خلافته، ثم لما ولي الخلافة

[أحمد أمين: ضحى الإسلام 3 / 209 "القاهرة 1949".

ويقول أبو الحسن الأشعري "260- 324 هـ/ 874- 935 م": إن أول ما حدث من اختلاف بين المسلمين بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم، هو اختلافهم في الإمامة

[أبو الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين 1 / 39.، ذلك أن المسلمين قد اختلفوا فيمن يتولى أمرهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فظهرت وجهات نظر ثلاث

[أحمد صبحي: الزيدية ص 7.:

وجهة نظر الأنصار


وهم أول من آوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصره، فقد مكث في قومه بضع عشرة سنة فما آمن منهم إلا قليل، حتى خص الله الأنصار بالفضيلة وآثرهم بالكرامة، فرزقهم الإيمان، حتى استقام الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بأسياف الأنصار، ومن ثم فقد اتخذ مدينتهم مكان إقامته ثم دفن فيها، ولهذا فقد رشحوا سعد بن عبادة الخزرجي

[تاريخ الطبري 3 / 220.

/ 47