امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، وجاء عنهم الشئ الكثير عن الجفر، وإنا- وإن لم نعرف هذا العلم والتصرف- نعرف من هاتيك الأحاديث التي ذكرت عن الجفر، أنه من مصادرهم، وأن هذا العلم شريف، منحهم الله تعالى إياه

[السيد حسين المظفري: الإمام الصادق 1 / 109.]

هذا وقد اختلف القائلون بوجود الجفر في تفسير معناه، فمن قائل: بأنه نوع من علم الحروف تستخرج به معرفة ما يقع من الحوادث في المستقبل.

على أن هناك وجهاً آخر للنظر، يذهب أصحابه إلى أن الجفر: كتاب من جلد، فيه بيان الحلال والحرام، وأصول ما يحتاج إليه الناس من الأحكام التي فيها صلاح دينهم ودنياهم، وعلى هذا، فلا يمت الجفر إلى الغيب بصلة

[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 56.]

هذا ويذهب الشريف الجرجاني- من علماء الأحناف- إلى أن الجفر والجامعة كتابان لعلي، رضي الله عنه، وقد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونهما، ويحكمون بهما

[الجرجاني: كتاب المواقف وشرحه 6 / 22.]

وفي نفس الوقت، يقول السيد محسن الأمين- وهو من علماء الإمامية- في كتابه نقض الوشيعة: ليس الجفر علماً من العلوم- وإن توهم ذلك كثيرون- ولا هو مبني على جداول الحروف، ولا ورد به خبر، ولا رواية.

ثم يقول: غير أن الناس إنما توسعوا في تفسيره، وقالوا فيه أقاويل لا تستند إلى مستند، شأنهم في أمثال ذلك

[السيد محسن الأمين: نقض الوشيعة ص 259.]

ويقول نفس المؤلف في كتاب آخر له- أعيان الشيعة- الظاهر من الأخبار

أن الجفر كتاب فيه العلوم النبوية، من حلال وحرام، وما يحتاج إليه الناس في أحكام دينهم، وصلاح دنياهم

[السيد محسن الأمين: أعيان الشيعة 1 / 246 "بيروت 1960 م".]

وهكذا إنما يبدو غريباً أن ينفي عالم الشيعة، الجفر بمعنى علم الغيب عن أهل البيت، ويثبته علم من أعلام الأحناف، ويقول: وعندهم علم ما يحدث إلى انقراض العالم

[الشيعة في الميزان ص 57.]

ومن ثم فليس صحيحاً، ما ذهب إليه البعض- ومنهم العلامة أبو زهرة- من أن الجفر من اختصاص الشيعة الإمامية، بل وينسبون إليهم الزعم بأن أهل البيت يستخرجون منه علم الغيب، ذلك لأن هناك من الفرق الإسلامية- من غير الإمامية- من يدعون ذلك، ثم ينسبونه إلى الإمامية للتشنيع عليهم

[الشيعة في الميزان ص 57.]

والجفر- كما يقول الأستاذ أحمد مغنية- وحقيقته، على كثرة الأخبار التي وردت به، والأحاديث التي حدثت عنه، لا يزال أمره غامضاً، وأن العلماء الأقدمين لم يقفوا فيه على حقيقة يطمئنون إليها

[أحمد مغنية: الإمام جعفر الصادق ص 208. محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص 36.]

وعلى أية حال، فمسألة الجفر- كما يقول الأستاذ محمد جواد مغنية في كتابه الشيعة في الميزان- ليست من أصول الدين، ولا المذهب، عند الإمامية، وإنما هي أمر نقلي، تماماً كمسألة الرجعة، يؤمن بها من تثبت عنده، ويرفضها إذا لم تثبت، وهو في الحالين مسلم سني- إن كان سنياً- ومسلم شيعي- إن كان شيعياً-.

والخلاصة أن الإمامية يدينون بأن الإمامة تكون بالنص- وليس بالانتخاب- وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم، إنما قد نص صراحة على علي بن أبي

طالب، وإنهم يوجبون العصمة للإمام، وينفون عنه علم الغيب، ويقولون بالتقية عند خوف الضرر، وينفون- متفقين- صفة البداء عن الله، المستلزمة للجهل، وحدوث العلم، ويختلفون في الرجعة

[الشيعة في الميزان ص 57.]

7- مصحف فاطمة:

ينسب إلى الشيعة الإمامية القول بأن عند سيدة نساء العالمين- السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام- مصحفاً فيه زيادات عن هذا القرآن الكريم الذي بين أيدي المسلمين.

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة- بادئ ذي بدء- إلى أن القرآن الكريم، كتاب الله الذي * "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" *

[سورة فصلت: آية 42.]، نزل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، منجماً في ثلاث وعشرين سنة، حسب الحوادث، ومقتضى الحال

[نزل القرآن منجماً فيما بين عامي 13 قبل الهجرة، عام 11 هجرية "610- 632 م" لأسباب منها "أولاً" تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، أمام أذى الكافرين، ومنها "ثانياً" التلطف بالنبي صلى الله عليه وسلم، عند نزول الوحي، ومنها "ثالثاً" التدرج في تشريع الأحكام السماوية ومنها "رابعاً" تسهيل حفظ القرآن وفهمه على المسلمين، ومنها "خامساً" مسايرة الحوادث والوقائع والتنبيه عليها في حينها، ومنها "سادساً" الإرشاد إلى مصدر القرآن، وأنه تنزيل الحكيم الحميد "أنظر: محمد عبد الله دراز:

مدخل إلى القرآن الكريم ص 33، محمد سعيد رمضان: من روائع القرآن ص 36- 41، محمد علي الصابوني: التبيان في علوم القرآن ص 40- 49"، ومنها "سابعاً" أن العرب كانوا أمة أمية، والكتابة ليست فيهم رائجة، بل يندر فيهم من يعرفها، وأندر منه من يتقنها، فما كان في استطاعتهم أن يكتبوا القرآن كله، إذا نزل جملة واحدة، إذ يكون بسوره وآياته عسيراً عليهم أن يكتبوه، وإن كتبوه لا يعدموا الخطأ والتحريم و التصحيف "محمد أبو زهرة: القرآن ص 23- 24".]

وكانت الآيات والسور تدون ساعة نزولها، إذ كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذا ما أنزلت عليه آية أو آيات قال: ضعوها في مكان كذا... من سورة كذا، فقد

ورد أن جبريل عليه السلام، كان ينزل بالآية أو الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا محمد، إن الله يأمرك أن تضعها على رأس كذا من سورة كذا.

ومن ثم فقد اتفق العلماء على أن جمع القرآن توقيفي، بمعنى أن ترتيبه بهذه الطريقة التي نراه عليها اليوم في المصاحف، إنما هو بأمر ووحي من الله تعالى

[أنظر: السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1 / 48 و 63، الزركشي: البرهان في علوم القرآن ص 234 و 237 و 241، السجستاني: كتاب المصاحف ص 31، مقدمتان في علوم القرآن ص 26- 32 و 40- 41 و 58، تفسير القرطبي 1 / 60، محمد أبو زهرة: القرآن ص 27 و 47- 49، محمد علي الصابوني: المرجع السابق ص 59.]

وهكذا تمر الأيام برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على هذا العهد، يأتيه الوحي نجماً بعد نجم، وكتابه يسجلونه آية بعد آية

[لعل أشهر كتاب الوحي- وعددهم 29- الخلفاء الأربعة "أبو بكر وعمر وعثمان وعلي" وأبي بن كعب وزيد بن ثابت والزبير بن العوام والمغيرة بن شعبة، وشرحبيل وعبد الله بن رواحة "فتح الباري 9 / 18".

وكانوا يضعون ما يكتبونه في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكتبون لأنفسهم صوراً أخرى يحفظونها لديهم "الإتقان 1 / 58، البرهان 1 / 238، من روائع القرآن ص 49- 51".]، حتى إذا ما كمل التنزيل، وانتقل الرسول الأعظم، سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، كان القرآن كله مسجلاً في صحف، وإن كانت مفرقة، لم يكونوا قد جمعوها بين الدفتين، ولم يلزموا القراء توالي سورها

[السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1 / 59، الزركشي: البرهان في علوم القرآن ص 235، مقدمتان في علوم القرآن ص 32، مقدمة كتاب المصاحف لآرثر جفري ص 5.]- كما كان محفوظاً في صدور الحفاظ من الصحابة- رضوان الله عليهم- هؤلاء الصفوة من أمة محمد النبي المختار، الذين كانوا يتسابقون في تلاوة القرآن ومدارسته، ويبذلون قصارى جهدهم لاستظهاره وحفظه، ويعلمونه أولادهم وزوجاتهم في البيوت، حتى كان الذي يمر ببيوت الأنصار في غسق الدجى، لا يسمع فيها إلا صوت

القرآن يتلى، وحتى كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، يمر على بعض دور الصحابة، فيقف عند بعضها يستمع القرآن في ظلام الليل.

هذا وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالليل بالقرآن، وإن كنت لم أر منازلهم بالنهار

[رواه الشيخان.]

ومن هنا كان حفاظ القرآن الكريم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحصون، وتلك- وأيم الله- عناية من الرحمن، خاصة بهذا القرآن العظيم، حين يسره للحفظ، * "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" *

[سورة القمر: آية 32.] فكتب له الخلود، وحماه من التحريف والتبديل، وصانه من تطرق الضياع إلى شئ منه، عن طريق حفظه في السطور، وحفظه في الصدور

[محمد عبد الله دراز: النبأ العظيم ص 12- 14. وانظر: حسن ضياء عتر: شغف الرسول وأصحابه بحفظ القرآن، أساس تواتره- مجلة كلية الشريعة- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- العدد السادس- عام 1402 هـ/ 1403 هـص 190- 231".]

وكان ذلك كله مصداقاً لقول الله تعالى: * "وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" *

[سورة فصلت: آية 41- 42.]، وقول الله تعالى * "نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" *

[سورة الحجر: آية 9.]، وقول الله تعالى: * "إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه" *

[سورة القيامة: آية 17- 19، وانظر: تفسير الطبري 1 / 95- 97.]

ولعل من الأفضل هنا أن نشير إلى أن القرآن الكريم، إنما كان مكتوباً كله عند الصحابة، قد لا يكون الأمر كذلك عندهم جميعاً، أو عند واحد منهم

بعينه، ولكنه كان كذلك عند الجميع، وأن ما ينقص الواحد منهم يكمله الآخر، ومن ثم فقد تضافروا جميعاً على نقله مكتوباً، وإن تقاصر بعضهم عن كتابته كمل الآخر، وكان الكمال النقلي جماعياً، وليس أحادياً.

والأمر الذي لا ريب فيه أن القرآن الكريم إنما كان كله مسجلاً في صحف قبل أن ينتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى

[قدم المؤلف أكثر من ستة عشر دليلاً على جمع القرآن كاملاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم "أنظر: محمد بيومي مهران: دراسات تاريخية من القرآن الكريم- الجزء الأول- في بلاد العرب- الرياض 1980 ص 21- 26".]، ومن ثم فإن ما قام به الصديق أبو كبر رضي الله عنه "11- 13 هـ/ 632- 634 م"، إنما كان جمع القرآن كله في مصحف، جمعت مما كان محفوظاً في صدور الرجال، وبما كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفظ هذا المصحف الشريف عند الصديق، ثم عند الفاروق عمر "13- 23 هـ/ 634- 644 م" من بعده، ثم عند أم المؤمنين حفصة، رضي الله عنهم أجمعين

[السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1 / 59- 60، الزركشي: البرهان في علوم القرآن ص 233- 234 و 239، كتاب المصاحف ص 5- 10 و 20، محمد أبو زهرة: القرآن ص 30- 31، ابن كثير: فضائل القرآن ص 14- 16، تفسير الطبري 1 / 59- 62، تفسير القرطبي 1 / 49- 50، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 112، مقدمتان في علوم القرآن ص 17- 21.]

وفي عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه "24- 35 هـ/ 644- 656 م" جمع القرآن الكريم في مصحف في العام الرابع والعشرين- أو أوائل العام الخامس والعشرين من الهجرة- ثم كتب منه سبعة مصاحف

[اختلف العلماء في عدد المصاحف، فمن قائل: إنها أربعة، بعت بها الخليفة إلى الكوفة والبصرة والشام، وترك واحداً بالمدينة، ومن قائل إنها خمسة، ومن قائل إنها سبعة "الإتقان 1 / 62، البرهان 2 / 240".]، وبعث بواحد منها إلى كل من مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة، وحبس بالمدينة واحداً

[أنظر: كتاب المصاحف ص 34، وانظر: محمد بيومي مهران: المرجع السابق ص 26- 32.]

هذا ويذهب العلماء إلى أن الفرق بين جمع أبي بكر، وجمع عثمان، أن الأول إنما كان جمعاً للقرآن وكتابته في مصحف واحد، مرتب الآيات على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، خشية أن يذهب من القرآن شئ، بسبب موت كثير من الحفاظ في موقعة اليمامة.

وأما جمع عثمان فكان عبارة عن نسخ عدة نسخ من المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر، لترسل إلى البلاد الإسلامية وأن السبب في ذلك إنما هو اختلاف بعض القراء في قراءة آيات من القرآن الكريم، وهكذا فإن الخليفة سرعان ما أرسل في طلب المصحف الذي عند حفصة، وأمر زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم، ففعلوا ذلك حتى كتبت المصاحف

[السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 1 / 60- 63 "القاهرة 1278 هـ"، الزركشي: البرهان في علوم القرآن 1 / 230 "القاهرة 1957"، فتاوى ابن تيمية 15 / 251- 252 و 13 / 396، قارن 13 / 409- 410 "الرياض 1382 هـ"، صحيح البخاري 6 / 225- 227، محمد أبو زهرة: القرآن ص 44- 46، تفسير القرطبي 1 / 52- 62، ابن كثير: فضائل القرآن ص 18- 19، مقدمتان في علوم القرآن ص 51- 52، محمد بيومي مهران: دراسات تاريخية من القرآن الكريم 1 / 33- 34.]

ويروى أن هناك خلافاً قد حدث على كتابة كلمة التابوت التي جاءت في قول الله تعالى: * "إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم" *، أيكتبونه بالتاء أو بالهاء، فقال زيد: إنما هوً التابوهً، وقال القرشيون الثلاثة: إنما هو التابوت، فتراجعوا إلى عثمان، فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم

[تفسير القرطبي 1 / 54، البرهان 1 / 376، الإتقان 1 / 98، فضائل القرآن ص 20، دراز: مدخل إلى القرآن الكريم ص 38- 39، تفسير ابن كثير 1 / 445- 446، تفسير الكشاف 1 / 293- 294، تفسير الطبري 5 / 315- 328.]

والخلاصة من كل ما تقدم: أن القرآن الكريم كان كله مسجلاً في صحف- وإن كانت مفرقة- وفي صدور الصحابة، قبل أن ينتقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، وأنه قد جمع في مصحف واحد على أيام أبي بكر الصديق، وأن هذا المصحف قد أودع عنده، ثم عند الفاروق عمر، ثم عند أم المؤمنين حفصة

[كتاب المصاحف ص 5، مقدمتان في علوم القرآن ص 23، البرهان 1 / 59.]

وفي عهد عثمان رضي الله عنه، نسخت منه عدة نسخ، أرسلت إلى الآفاق الإسلامية، بمشورة من حضر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- قد ارتضى هذا العمل، وحمد أثره

[هناك رواية تنسب فضل السبق في جمع القرآن الكريم إلى الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- إذ يروي أشعث عن ابن سيرين: أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقسم على أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة، حتى يجمع القرآن في مصحف، ففعل، فأرسل أبو بكر إليه بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ قال: لا والله، إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة، فبايعه، ثم رجع "أنظر: الإتقان 1 / 59، كتاب المصاحف ص 10، عبد الصبور شاهين:

تاريخ القرآن ص 104- 105، حلية الأولياء 1 / 67، شرح نهج البلاغة 6 / 40، 6 / 46- 52، الشيخان ص 32- 38".]

ومعنى كل هذا ببساطة: أن المصحف الذي كتب على أيام أبي بكر، هو نفس المصحف الذي كتب على أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو نفس المصحف الذي كتب على أيام عثمان.

ومن ثم فإن كل قراءة قرآنية يجب أن تكون متفقة مع نصه، وأن الشك فيه كفر، وأن الزيادة عليه أبداً لا تجوز، وأنه القرآن المتواتر الخالد إلى يوم القيامة- إن شاء الله تعالى

[محمد أبو زهرة: القرآن ص 43، تفسير القرطبي 1 / 80- 86، فتاوى ابن تيمية 13 / 420- 421.]

ومن ثم فلا يتوقف أحد في تكفير من ينكر كلمة واحدة من القرآن، وأن

جحود البعض، كجحود الكل، لأنه طعن صريح، فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بضرورة الدين، واتفاق المسلمين

[قالت قلة نادرة شاذة في العصور البائدة: إن في القرآن نقصاً، وقد أنكر عليهم يومذاك المحققون، وشيوخ الإسلام من السنة والشيعة، وجزموا بكلمة قاطعة: أن ما بين الدفتين هو القرآن المنزل، دون زيادة أو نقصان، واليوم أصبح هذا القول ضرورة من ضرورات الدين، وعقيدة لجميع المسلمين، إذ لا قائل بالنقص أبداً من السنة أو الشيعة "صحيح البخاري 8 / 209- 210 و 9 / 86، صحيح مسلم 11 / 191- 192، الإتقان 1 / 60 و 2 / 25 "ط حجازي"، أبو زهرة: الإمام الصادق ص 36، الإمام زيد ص 245، محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 57- 62".]

وأما مصحف فاطمة: فهو تفسير لبعض الأحكام، وليس مصحفاً من مصاحف القرآن، أملاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الإمام علي، قال الإمام جعفر الصادق: عندنا مصحف فاطمة، أما والله ما فيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء عن رسول الله، وخط علي، قال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: إن نفي الإمام الصادق أن يكون فيه شئ من القرآن، لكون تسميته بمصحف فاطمة، يوهم أنه أحد نسخ المصحف الشريف، فنفي هذا الاتهام.

وفي كتاب الكافي أن الخليفة العباسي المنصور كتب يسأل فقهاء أهل المدينة عن مسألة في الزكاة، فما أجابه أحد غير الإمام جعفر الصادق، ولما سئل من أين أخذ هذا؟ قال: من كتاب فاطمة.

وهكذا يبدو واضحاً أن مصحف فاطمة إنما هو كتاب مستقل، وليس بقرآن، فنسبة التحريف إلى الإمامية، على أساس قولهم بمصحف فاطمة، جهل وافتراء

[السيد محسن الأمين: أعيان الشيعة 1 / 248، محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 61.]

التشيع: بدايته و أصوله


التشيع: أسبابه و بدايته

الشيعة لغة: هم الصحب والأتباع، ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه، رضي الله عنهم

[مقدمة ابن خلدون ص 196 "بيروت 1981".]

والشيعة: كلمة مفردة جمعها أشياع وشيع، وفي القاموس المحيط:

وشيعة الرجل "بالكسر": أتباعه وأنصاره، والفرقة على حدة، ويقع على الواحد والاثنين والجمع، والمذكر والمؤنث، وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته، حتى صار اسماً لهم خاصاً

[القاموس المحيط 3 / 49 "القاهرة 1952".]

والشيعة: كلمة قرآنية، قال تعالى: * "وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم" *

[سورة الصافات: آية 83- 84.]، وقال تعالى: * "ودخل المدينة على حين غفلة فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه" *

[سورة القصص: آية 15.] وقال تعالى: * "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ" *

[سورة الأنعام: آية 159.]

والتشيع للإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه، ورضي الله عنه-

/ 47