امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فذاك الذي تثني الخناصر باسمه++

أمامهم حتى أغيب في الكفن

[أنظر: العيون والمحاسن 2 / 67، الشيعة في الميزان ص 20- 21.]

وقال عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب:

وكان ولي الأمر بعد محمد++

علي وفي كل المواطن صاحبه

وصي رسول الله حقاً وجاره++

وأول من صلى ولان جانبه

وقال الصحابي جرير بن عبد الله البجلي:

فصلى الإله على أحمد++

رسول المليك تمام النعم

وصلى على الطهر من بعده++

خليفتنا القائم المدعم

علياً عنيت وصي النبي++

يجالد عنه غواث الأمم

وقال عبد الرحمن بن حنبل:

لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة++

على الدين معروف العفاف موفقا

عفيفاً عن الفحشاء أبيض ماجداً++

صدوقاً وللجبار قدماً مصدقا

أبا حسن فارضوا وتبايعوا++

فليس كمن فيه لذي العيب منطقا

علي وصي المصطفى ووزيره++

وأول من صلى لذي العرش واتقى

[الشيخ الأميني: كتاب الغدير 1 / 11 و 2 / 39، محمد مغنية: الشيعة في الميزان ص 20 و 21.]

ويقول الأستاذ جواد مغنية: والحقيقة أن تاريخ التشيع إنما يقترن بتاريخ نص النبي صلى الله عليه وسلم على الإمام علي بالخلافة، وقد كان جماعة من الصحابة يرون أن علياً أفضل أصحاب الرسول على الإطلاق، ذكر ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي، وعد منهم عمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود، وأبا ذر، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، وأبي بن كعب، وحذيفة بن اليمان وبريدة، وأبا أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعثمان بن حنيف، وأبا الهيثم بن التيهان، وأبا الطفيل والبراء بن عازب وعبادة بن الصامت، وجميع بني هاشم

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 1 / 219- 220 "دار الفكر- بيروت 1979"، محمد جواد مغنية: الشيعة والحاكمون ص 17.]

وفي الإستيعاب: وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وحباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم، أن علي بن أبي طالب أول من أسلم، وفضله هؤلاء على غيره

[ابن عبد البر: الإستيعاب 3 / 27.]

وقال محمد كرد علي في خطط الشام: عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل سلمان الفارسي، القائل: بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين، والائتمام بعلي بن أبي طالب، والموالاة له، ومثل أبي سعيد الخدري القائل: أمر الناس بخمس، فعلموا بأربع، وتركوا واحدة، ولما سئل عن الأربع قال: الصلاة والزكاة والصوم والحج، قيل فما الواحدة التي تركوها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب، قيل له: وإنها لمفروضة معهن؟ قال نعم هي مفروضة معهن، ومثل أبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان وذي الشهادتين، وأبي أيوب الأنصاري، وخالد بن سعيد، وقيس بن سعد. وأما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن التشيع من بدعة عبد الله بن سبأ، فهو وهم، وقلة معرفة بحقيقة مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة، وبراءتهم منه، ومن أقواله وأعماله، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف، يفهم علم مبلغ هذا القول من الصواب، ومحمد كرد علي، كما يقول الأستاذ مغنية، ليس من الشيعة، ولا من أنصارهم، غير أنه رأى أن من الأمانة إبداء هذه الحقيقة

[محمد جواد مغنية: المرجع السابق ص 17- 18، محمد كرد علي: خطط الشام 5 / 251- 256، محمد حسين المظفر: تاريخ الشيعة ص 9.]

على أن السيد محسن الأمين إنما يرى أن الشيعة في هذا الدور، إنما كان يطلق عليهم اسم الشيعة، واسم العلويين، ثم اختفى اسم العلويين في عهد العباسيين، وفي كتاب الزينة لأبي حاتم السجستاني أن لفظ الشيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان لقب أربعة من الصحابة هم: سلمان الفارسي وأبو ذر

والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر

[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 102.]، ولنتعرف على هؤلاء الأربعة الكرام في إيجاز شديد:

عمار بن ياسر


هو أبو اليقظان عمار بن ياسر، مولى أو حليف بني مخزوم، كان هو وأبوه وأمه سمية وأخوه من السابقين إلى الإسلام، وقد احتملوا الصدمة الأولى، وعذبوا عذاباً أليماً بأيدي السفهاء من قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على آل ياسر بالأبطح، وهم يعذبون في رمضاء مكة، فيقول صبراً آل ياسر، موعدكم الجنة.

هذا وكان عمار محاطاً بهالة من الأحاديث النبوية الشريفة التي ترفع من شأنه، وتعوضه عن العذاب الذي لقيه في سبيل الله، وتجعله من عظماء المسلمين، روى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، وذاك دأب الأشقياء الفجار

[فضائل الصحابة 2 / 858، كنز العمال 11 / 724.]

وروى البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة، أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله: إئتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه، فأتيناه، وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس، فقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار

[هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب المذحجي ثم العنسي، وكان أبوه ياسر قدم مكة هو وأخوان له هما الحارث ومالك في طلب أخ لهما رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وبقي ياسر، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي، وتزوج أمته سمية، فولدت له عماراً فأعتقه أبو حذيفة، وصار عمار مولى لبني مخزوم، فهو عرني قحطاني مذحجي من عنس "ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 129- 130"، وأما أهم مصادر ترجمة عمار فهي "الإصابة 2 / 512- 513، الإستيعاب 2 / 476- 481، أسد الغابة 4 / 129- 135، طبقات ابن سعد 3 / 176- 189، حلية الأولياء 1 / 139- 143، فضائل الصحابة للإمام ابن حنبل 2 / 857- 861، نهج البلاغة 10 / 102- 107، 9 / 11، مغازي الواقدي 3 / 881- 882.

وانظر ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 858، وانظر: كنز العمال 11 / 724.] ينقل لبنتين لبنتين، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح عن رأسه

الغبار، وقال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار

[صحيح البخاري 4 / 25 "ط دار الحديث- القاهرة".]

وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار، حين جعل يحفر الخندق، وجعل يسمح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية، تقتله فئة باغية

[صحيح مسلم 18 / 39- 40 "دار الكتب العلمية- بيروت 1981".]، وعن سعيد بن أبي الحسن عن أمه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية

[صحيح مسلم 18 / 41.]

وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن علي قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء عمار فاستأذن فقال: إئذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب "ورواه أحمد في المسند 1 / 99- 100، والترمذي 5 / 668، والحاكم في المستدرك 3 / 388"

[فضائل الصحابة 2 / 858 "ورواه أبو نعيم في الحلية 7 / 135، والطيالسي 2 / 152، والذهبي في سير النبلاء 3 / 174".]، وعن الأعمش عن أبي عمار الهمداني عن عمرو بن شرحبيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من يعادي عماراً يعاده الله، ومن يبغضه يبغضه الله، ومن يسبه يسبه الله، قال سلمة هذا أو نحوه "4".

وروى الإمام أحمد في فضائل بسنده عن الحسن قال: قال عمرو بن العاص ما كنا نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات وهو يحب رجلاً فيدخله النار، فقيل له قد كان يستعملك، فقال: الله أعلم، أحبي، أم تألفني، ولكنه كان يحب رجلاً، فقالوا من هو؟ قال: عمار بن ياسر، قيل له: ذاك قتيلكم يوم صفين، قال: قد والله قتلناه

[فضائل الصحابة 2 / 858- 859 "ورواه النسائي في سننه 8 / 111، والحاكم في المستدرك / 392، وابن ماجة 1 / 52، وأبو نعيم في الحلية 1 / 139".]

وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خير عمار بين أمرين، إلا اختار أرشدهما

[فضائل الصحابة 2 / 860، "وفي مسند الإمام أحمد 4 / 90، والطيالسي 2 / 152، والحاكم في المستدرك 3 / 389- 390".]، وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق

[فضائل الصحابة 2 / 861 "وأخرجه ابن سعد في طبقاته 3 / 188، والذهبي في سير النبلاء 3 / 175، وأحمد في المسند 4 / 199، وأحمد بن منيع في مسنده "المطالب العالية 4 / 106".]

وعن عمار الذهبي عن سالم بن أبي الجعد، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إن الله قد أمننا أن يظلمنا، ولم يؤمنا أن يفتننا، أرأيت إذا نزلت فتنة كيف أصنع؟ قال: عليك بكتاب الله، قلت أرأيت إن جاء قوم كلهم يدعون إلى كتاب الله؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق، وروى ابن ديزيل عن عمرو بن العاص حديثاً في ذكر عمار، وأنه مع فرقة الحق

[أسد الغابة 4 / 133 "وفي تحفة الأحوذي 10 / 299 "رقم 3886" وابن ماجة 1 / 52 "رقم 148".]

وروى ابن الأثير بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية

[ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 133 "دار الشعب- القاهرة 1970"، تحفة الأحوذي 10 / 300- 301، وقال الترمذي: وفي الباب عن أم سلمة وعبد الله بن عمرو، وأبي اليسر وحذيفة بن اليمان.]

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمر به ويمر على رأسه فيقول: يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار، كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية

[ابن سعد: الطبقات الكبرى 33 / 177 "دار التحرير- القاهرة 1969".]

وروى ابن سعد في طبقات بسنده عن هنى مولى عمر بن الخطاب قال:

كنت أول شئ مع معاوية، فكان أصحاب معاوية يقولون: لا والله لا نقتل عماراً أبداً، إن قتلناه فنحن كما يقولون، فلما كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى، فإذا عمار بن ياسر مقتول، فقال هنى: فجئت إلى عمرو بن العاص، وهو على سريره، فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء، قلت أنظر أكلمك، فقام إلي فقلت: عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتلك الفئة الباغية، قلت هوذا والله مقتول، فقال: هذا باطل، فقلت: بصر عيني به مقتول، قال: فانطلق فأرنيه، فذهبت به فأوقفته عليه، فساعة رآه انتقع لونه، ثم أعرض في شق، وقال: إنما قتله الذي خرج به

[طبقات ابن سعد 3 / 181.]

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية، قال عوف "راوي الحديث": ولا أحسبه إلا قال: وقاتله في النار

[طبقات ابن سعد 3 / 180.]

وقال الإمام علي حين قتل عمار: إن امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر، وتدخل به عليه المصيبة الموجهة لغير رشيد، رحم الله عماراً يوم أسلم، ورحم الله عماراً يوم قتل، ورحم الله عماراً يوم يبعث حياً، لقد رأيت عماراً، وما يذكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة إلا كان عمار رابعاً، ولا خمسة إلا كان خامساً، وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشك أن عماراً قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا اثنين، فهنيئاً لعمار بالجنة، ولقد قيل إن عماراً مع الحق، والحق معه، يدور عمار مع الحق أينما دار، وقاتل عمار في النار

[طبقات ابن سعد 3 / 187.]

وعن جابر عن ابن الزبير قال: أتى حذيفة بن اليمان رهط من جهينة فقالوا: يا أبا عبد الله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، استجار من أن تصطلي أمته فأجير من ذلك، واستجار من أن يذوق بعضها بأس بعض، فمنع من ذلك، قال حذيفة:

إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن ابن سمية لم يخير بين أمرين قط، إلا اختار أرشدها- يعني عماراً- فالزموا سمته

[نصر بن مزاحم المنقري: وقعة صفين- تحقيق عبد السلام محمد هارون- القاهرة 1981 "ط ثالثة" ص 343.]

وكان عمار محباً لآل البيت، ومن الذين أكرمهم الله بمعرفة الحق، فوقف إلى جانب إمام الهدى، علي المرتضى،- كرم الله وجهه في الجنة- أقرب الناس إلى مثل الإسلام الصحيحة، فشهد معه الجمل وصفين، حيث استشهد فيها

[محمد بيومي مهران: في رحاب النبي وآل بيته الطاهرين- الجزء السادس- الإمام علي بن أبي طالب- الجزء الثاني- بيروت 1990 ص 46- 49 "دار النهضة العربية بيروت"، نصر بن مزاحم المنقري: المرجع السابق ص 340- 344، تاريخ الطبري 5 / 38- 42، ابن الأثير:

الكامل في التاريخ 3 / 308- 311، ابن كثير: البداية والنهاية 7 / 291- 297.]

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى الرأي الذي ينادي به الأستاذ الدكتور علي الوردي، على أن عمار ياسر، إنما شوه أعداؤه صورته، فصوروه في صورة شخص سئ دعوه عبد الله بن سبأ، وها هي الأدلة- كما أوردها الدكتور الشيبي-.

لعل من غرائب التاريخ أن نرى أن كثيراً من الأمور التي تنسب إلى ابن سبأ موجودة في سيرة عمار بن ياسر، على وجه من الوجوه:

1- كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، وكان عمار يكنى بابن السوداء أيضاً.

2- كان من أب يماني، وهذا يعني أنه كان من أبناء سبأ، فكل يماني يصح أن يقال عنه: إنه ابن سبأ، فأهل اليمن كلهم ينتسبون إلى سبأ بن يشجب بن قحطان، وفي القرآن الكريم قال الهدهد لسليمان عليه السلام إنه جاء من

سبأ، ويقصد اليمين "سورة سبأ: 15، النمل: 22".

3- كان عمار شديد الحب للإمام علي بن أبي طالب، يدعو له ويحرض الناس على بيعته بكل سبيل.

4- ذهب عمار، على أيام عثمان، إلى مصر، وحرض الناس حتى ضج الوالي، وهم أن يبطش به. وقد نسب إلى ابن سبأ أنه استقر بمصر، واتخذ من الفسطاط مركزاً لدعوته، وشرع يراسل أنصاره من هناك.

5- نسب إلى ابن سبأ قوله: إن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، وأن صاحبها الشرعي هو علي بن أبي طالب، وهذا رأي عمار، فقد سمع يصيح في المسجد- إثر بيعة عثمان- يا معشر قريش، أما إذا أحرفتم هذا الأمر عن بيت نبيكم هاهنا مرة، وهاهنا مرة، فما أنا بآمن عليكم من أن ينزعه الله، فيضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله.

6- يعزى إلى ابن سبأ أنه عرقل مساعي الصلح بين علي وعائشة إبان معركة البصرة، فلولاه لتم الصلح بينهما، فيما يقول الرواة، ومن يدرس تفاصيل معركة البصرة "الجمل" يرى عماراً يقوم بدور فعال فيها، فهو الذي ذهب- مع الإمام الحسن ومالك الأشتر- إلى الكوفة، يحرض الناس على الانتماء إلى جيش الإمام علي، وكان وقوف عمار بجانب الإمام علي إنما كان سبباً من أسباب ندم الزبير وخروجه من المعركة.

7- قالوا عن ابن سبأ، أنه الذي حرك أبا ذر في دعوته الاشتراكية، ولو درسنا صلة عمار بأبي ذر، لوجدناها جداً وثيقة، فكلاهما من مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، وكان هؤلاء الثلاثة كثيراً ما يجتمعون معاً، ويتشاورون ويتعاونون معاً.

ونستخلص من هذا أن ابن سبأ إنما هو عمار بن ياسر، فلقد كانت قريش تعتبر عماراً رأس الثورة على عثمان، ولكنها لم ترد- في أول الأمر- أن

تصرح باسمه، فرمزت عنه بابن السوداء أو ابن سبأ، وتناقل الرواة هذا الأمر غافلين، وهم لا يعرفون ماذا كان يجري وراء الستار.

ويقول الدكتور الشيبي: إن هذه الأدلة مقنعة ومنطقية، ولكنها في حاجة إلى نصوص تسند تسمية عمار بن ياسر بابن السوداء، وابن سبأ، فأما كون عمار بن ياسر ابن السوداء فقد ورد في نص رواه علي بن إبراهيم القمي، صاحب التفسير الشيعي القديم في قوله تعالى: * "يمنون عليك أن أسلموا" *

[سورة الحجرات: آية 17.]، قال: نزلت في عثكن بن معاوية يوم الخندق، وذلك أنه مر بعمار يحفر الخندق، وقد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع عثكن كمه على أنفه ومر، فقال عمار:

لا يستوي من يبتني المساجدا++

يظل فيها راكعاً وساجدا

ومن يمر بالغبار حايدا++

يعرض عنه جاحداً معاندا

فالتفت إليه عثكن فقال: يا ابن السوداء، إياي تعني، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: لم ندخل معك لسب أعراضنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قد أقلتك إسلامك فاذهب، فأنزل عز وجل * "يمنون عليك أن أسلموا" *

[علي الوردي: وعاظ السلاطين- بغداد 1954 ص 274- 278، كامل مصطفى الشيبي: الصلة بين التصوف والتشيع 1 / 36- 38 "بغداد 1964"، علي سامي النشار: نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام- الجزء الثاني- نشأة التشيع وتطوره- الإسكندرية 1966 ص 27- 31.]

وفي تاريخ اليعقوبي "2 / 171": أقام ابن مسعود مغاضباً العثمان حتى توفي، وصلى عليه عمار بن ياسر، وكان عثمان غائباً فستر أمره، فلما انصرف رأى عثمان القبر، فقال: قبر من هذا؟ فقيل: قبر عبد الله بن مسعود، قال:

فكيف دفن قبل أن أعلم، فقالوا: ولى أمره عمار بن ياسر، وذكر أنه أوصى ألا يخبر به، ولم يلبث إلا يسيراً حتى مات المقداد فصلى عليه عمار، وكان أوصى

إليه، ولم يؤذن عثمان به، فاشتد غضب عثمان على عمار وقال: ويلي على ابن السوداء أما لقد كنت به عليماً.

وأما كونه ابن سبأ، فقد ورد نسب عمار- كما أشرنا من قبل

[ابن الأثير: أسد الغابة 4 / 129- 130.]- وفي طبقات ابن سعد- أنه هو: عمار بن ياسر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس، وهو زيد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبنو مالك بن أدد من مذحج

[طبقات ابن سعد 3 / 176.] وورد كذلك في طرائق الحقائق، نقلاً عن الكامل في نسب عنس بن مذحج جد عمار، كما ورد في تاريخ ابن خلدون، برواية الحاج معصوم، كما ورد نسب عنس في فتوح البلدان على أنه زيد بن مالك بن أدد بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وعنس أخو مراد

[طريق الحقائق 2 / 11، البلاذري: فتوح البلدان ص 113 "القاهرة 1932".]

وأما كونه عبد الله، فكل المسلمين كذلك، وهو لقب عام لهم جميعاً، وكانت كل الكتب التي تصدر عن الخلفاء والأمراء والتي ترد، إليهم إنما تبدأ بعبارة من عبد الله فلان أو إلى عبد الله فلان

[أنظر أمثلة في "الإمامة والسياسة ص 12، تاريخ الطبري 9 / 210، العقد الفريد 5 / 261".]، ومن ثم فالتسمية لعمار بهذا الاسم، كتسميته بابن سبأ، قصد بها التلميح، فكأن قائلهم يقول: فلان أو الرجل المتفق عليه

[يقول الدكتور الشيبي أن من طرائف ما يذكر أن التقية الشيعية اضطرت أحمد بن طاووس الحلي "ت 6733 هـ/ 1235- 1236 م" إلى تصنيف كتاب لم يشأ أن يقرنه باسمه، فنسبه إلى عبد الله بن إسماعيل، وقد علق الشهيد الثاني زين الدين العاملي "المقتول 966 هـ/ 1558 / 1559 م" على ذلك بأنه فعل ذلك لأن كل العالم عباد الله، ولأنه من ولد إسماعيل الذبيح عليه السلام، وتلك إعادة لقصة تسمية عمار باسم عبد الله بن سبأ، على صورة شيعية "أنظر: الشيبي: المرجع السابق ص 39، روضات الجنات ص 19".]

/ 47