امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وكان الحباب بن المنذر بن الجموح هو المعبر عن وجهه نظرهم، حيث يقول: يا معشر الأنصار، إملكوا عليكم أمركم، فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز والثروة، وأولو العدد والمنعة والتجربة، وذو والبأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وينتقص عليكم أمركم، فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم، فمنا أمير، ومنهم أمير

[صحيح البخاري 5 / 38.]

هذا وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضائل الأنصار، منها قوله صلى الله عليه وسلم: لو سلكت الأنصار وادياً أو شعباً، لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم

[صحيح البخاري 5 / 38.]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: لولا الهجرة لكنت رجلاً من الأنصار

[صحيح البخاري 5 / 40.]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله

[صحيح البخاري 5 / 40.]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار

[صحيح البخاري 5 / 40.]، وقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار

[صحيح مسلم 16 / 67، وانظر فضائل أخرى في صحيح مسلم 16 / 67- 71.]

وجهة نظر المهاجرين


وهم أول الناس إسلاماً، و أوسط العرب أنساباً، ولن تدين قبائل العرب، إلا لقريش، كما دانت لهم في الجاهلية، فالخلافة في قريش، وقد عبر عن هذا الرأي أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب

وأبو عبيدة بن الجراح، واحتجوا على الأنصار بأن قريشاً أولى بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه منهم

[تاريخ اليعقوبي 2 / 123.]

وقد رد الفاروق عمر بن الخطاب على الحباب بن المنذر، فقال: هيهات، لا يجتمع اثنان في قرن، والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم، ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبي من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، ومتورط في هلكه

[تاريخ الطبري 3 / 220.]

وجهة نظر بني هاشم


- وفيهم العباس بن عبد المطلب- عم النبي صلى الله عليه وسلم- وابنا عمه الإمام علي بن أبي طالب والفضل بن العباس، ومعهم ابن عمته الزبير بن العوام، وقد ظهرت آراؤهم بعد السقيفة، وقد رأوا أن الإمام علي أحق بالخلافة من غيره، وفي ذلك يقول الفضل بن العباس: يا معشر قريش، ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ونحن أهلها، وصاحبنا "أي الإمام علي" أولى بها منكم

[تاريخ اليعقوبي 2 / 124.]، هذا إلى أن الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- إنما يؤكد أنه صاحب هذا الأمر، وأنه لم يستشر

[أنظر: البلاذري: أنساب الأشراف 1 / 582، تاريخ الطبري 3 / 202 و 208، المسعودي: مروج الذهب 1 / 594.]

هذا وقد اختلف بواعث المؤيدين للإمام علي، فكان باعث القرابة بالنسبة لذوي قرباه، كالعباس وولده الفضل، والزبير، وربما خالد بن سعيد الأموي، هذا فضلاً عن كفاءة يرونها في الإمام علي، وكان باعث الاعتقاد في أفضلية الإمام علي بالنسبة لغيره من الصحابة، وهؤلاء يراهم جمهور الشيعة، وبعض

السنة رواد التشيع الأوائل، وعلى رأسهم سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد.

ويقول خالد بن سعيد الأموي- وكان غائباً يوم السقيفة- للإمام علي:

هلم أبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك

[تاريخ اليعقوبي 2 / 126.]، وروى المدائني عن أبي زكريا العجلاني عن صالح بن كيسان قال: قدم خالد بن سعيد بن العاص من ناحية اليمن، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى علياً وعثمان فقال:

أنتما الشعار، دون الدثار، أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي أمركم عليكم غيركم؟ فقال علي: أو غلبة تراها؟ إنما هو أمر الله يضعه حيث يشاء، قال: فلم يحتملها عليه أبو بكر، واضطغنها عمر... ولم يبايع خالد أبا بكر إلا بعد ستة أشهر

[أنساب الأشراف 2 / 588.]

ويقول سلمان الفارسي- حين بويع أبو بكر- كرداذ وناكرداذ، أي علمتم وما عملتم، لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم

[أنساب الأشراف 1 / 591.]، وقد أنشد عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب:

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف++

عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن

عن أول الناس إيماناً وسابقة++

وأعلم الناس بالقرآن والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبي ومن++

جبريل عون له في الغسل والكفن

من فيه ما فيهم لا يمترون به++

وليس في القوم ما فيه من الحسن

[محمد أمين غالب الطويل: تاريخ العلويين ص 143- 144 "دار الأندلس- بيروت".]

ولعل من الأهمية بمكان التركيز هنا على حقيقة لا ريب فيها، ذلك أن أصحاب النبي الكبار، بإيمانهم وتقواهم.- من أمثال الصديق والفاروق وذي النورين والإمام- لا يتنافسون مغنماً من مغانم الدنيا، مهما عظم، لا سيما في ذلك الوقت، حيث كانت فجيعتهم بموت نبيهم، لا تترك في أنفسهم المفعمة

بالأسى، مكاناً لأي من رغبات الحياة الدنيا، وإنما يرجع استمساك كل منهم بموقفه، إلى أن كلاً منهم إنما وقف إلى جانب اقتناعه وما اعتقد أنه الحق، ثم إن الخلافة- وإن كانت في شكلها الخارجي تشكل سلطة سياسية، ومنصباً دينياً- إلا أنها في أفئدتهم، وفي إدراكهم الحقيقي لها، لم تكن سوى وظيفة من أسمى وظائف الهداية والقدوة، وفي مثل هذا، لا جرم أن يتنافس المتنافسون.

هذا إلى أن وقائع التاريخ وحقائقه، إنما تؤكد أن الخلفاء الراشدين الأربعة، لم يكونوا يرون في منصب الخلافة سوى عبء فادح مبهظ، ولولا أن الهروب منه خيانة لله ورسوله وللمسلمين، لجعلوا بينهم وبينه بعد المشرقين، فلا الطموح الشخصي، ولا الرغبة في النفوذ والسلطان، كان لأحدهما، أولهما معاً، مكان بين دوافع ذلك الخلاف، الذي ثار حول من يخلف الرسول صلى الله عليه وسلم، تلك حقيقة لا ريب فيها.

ومن المعروف أن الإمام علي، وآل البيت الطيبين الطاهرين، قد انشغلوا- بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم- مباشرة، بتجهيزه صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الأثناء، وقبل أن تشيع جنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يزال بعد مسجى في بيته، وقد أغلق أهله دونه الباب، حدث أمر جد خطير، فلقد اجتمع الخزرج بقيادة سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة

[أنظر عن أخبار يوم السقيفة "تاريخ الطبري 3 / 201- 207 و 218- 223، تاريخ ابن خلدون 2 / 853- 855 "القاهرة 1979"، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 325- 332، سيرة ابن هشام 4 / 488- 492، شرح نهج البلاغة 6 / 5- 45 "بيروت 1965"، محمد حسين هيكل:

الصديق أبو بكر ص 47- 71 "القاهرة 1964"، الفاروق عمر ص 74- 76 "القاهرة 1963"، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 58- 70 "القاهرة 1952"، ابن كثير: البداية والنهاية 6 / 340- 341، البلاذري: أنساب الأشراف 1 / 579- 591 "القاهرة 1959"، سليم بن قيس: كتاب سليم بن قيس- أو السقيفة "المطبعة الحيدرية- النجف".

الشبلنجي: نور الأبصار ص 53، ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 11- 114 "بيروت 1983"، أحمد الشامي: الخلفاء الراشدون ص 16- 38 "القاهرة 1982".]، وخف إليهم رجال الأوس، بغية أن يختاروا من بينهم

رجلاً، يكون على رأس المسلمين- بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- فلقد اعتقد الأنصار أنهم أولى بهذا الأمر، بعد أن آوى الإسلام إليهم، وأذن الله لرسوله بالهجرة إليهم، ليتخذ مدينتهم موطناً له، ومنطلقاً لرسالته، فأتى الخبر أبا بكر، فأسرع معه عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، إلى سقيفة بني ساعدة، وبعد جدال طال، ولم يستطل، انتهى المجتمعون إلى اختيار أبي بكر خليفة للمسلمين.

وكان الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- في تلك الساعات الرهيبة، بجوار الجثمان الطاهر، المسجى في حجرته، ومن ثم فلم يحضر- هو وكذا بنو هاشم- اجتماع السقيفة، ولو شهد الإمام علي هذا الاجتماع، لكان له فيه مقال، ولربما أخذت الأمور في هذا اليوم المشهود اتجاهاً آخر غير اتجاهها الذي سارت فيه، خاصة وأن كثيراً من المصادر تذهب إلى أن الأنصار، إنما كانوا يفضلون الإمام علي بن أبي طالب

[أنظر: تاريخ اليعقوبي 2 / 123، شرح نهج البلاغة 6 / 44- 45، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 325.]

على أن الإمام علي سرعان ما بايع الصديق، حين رأى في عدم بيعته فرقة للمسلمين، قد يستغلها ضعاف الإيمان، روي أن أبا سفيان بن حرب- وهو من الطلقاء، ومن المؤلفة قلوبهم- انتهز الفرصة وعمل على إشعال نار الفتنة بين علي والعباس، ثم بين بني هاشم وسائر بطون قريش، يعد قوماً بنصرة بني أمية، ونصرة قريش من ورائها، ويوسوس لقوم آخرين بمثل هذا الوعد، أو بمثل هذا الوعيد، وما كان من همه أن ينصف بني هاشم، ولا أن يؤيد الأنصار، وإنما أراد الوقيعة التي يخذلهم بها جميعاً، أملاً في أن يعود له ما كان في الجاهلية.

روى البلاذري بسنده عن محمد بن المنكدر قال: جاء أبو سفيان إلى علي فقال: أترضون أن يلي أمركم ابن أبي قحافة، أما والله لئن شئتم لأملأنها عليه خيلاً ورجالاً، فقال علي: لست أشاء ذلك، ويحك يا أبا سفيان، إن المسلمين

نصحة بعضهم لبعض، وإن ناءت دارهم وأرحامهم، وإن المنافقين غششة بعضهم لبعض، وإن قربت ديارهم وأرحامهم، ولو لا أنا رأينا أبا بكر أهلاً لها، ما خليناه وإياها.

وروى المدائني بسنده عن الحسين عن أبيه: أن أبا سفيان جاء إلى علي، عليه السلام، فقال: يا علي، بايعتم رجلاً من أذل قبيلة في قريش، أما والله لو شئت لأضر منها عليه من أقطارها، ولأملأنها عليه خيلاً ورجالاً، فقال علي:

إنك طال ما غششت الله ورسوله، والإسلام فلم ينقصه ذلك شيئاً، إن المؤمنين وإن ناءت ديارهم وأبدانهم، نصحة بعضهم لبعض، وإنا قد بايعنا أبا بكر، وكان والله لها أهلاً

[أنساب الأشراف 1 / 588.]

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى الخلاف الشديد بين العلماء حول الوقت الذي بايع فيه الإمام الصديق، فهناك اتجاه إلى أن الإمام علي إنما قد بايع أبا بكر الصديق عقب بيعة الناس له مباشرة، روى الطبري بسنده عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان علي في بيته إذ أتي فقيل له: قد جلس أبو بكر للبيعة، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء، عجلاً، كراهية أن يبطئ عنها، حتى بايعه، ثم جلس إليه وبعث إلى ثوبه فأتاه فتجلله، ولزم مجلسه

[تاريخ الطبري 3 / 207.]

وروى البيهقي بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة، وفيهم أبو بكر وعمر، قال: فقام خطيب الأنصار فقال: أتعلمون أنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن أنصار خليفته، كما كنا أنصاره، قال: فقام عمر بن الخطاب فقال: صدق قائلكم، ولو قلتم غير هذا لم نبايعكم، فأخذ بيد أبي بكر وقال: هذا صاحبكم فبايعوه، فبايعه عمر، وبايعه المهاجرون والأنصار، وقال: فصعد أبو بكر المنبر، فنظر في وجوده القوم، فلم ير الزبير، قال: فدعا الزبير فجاء، قال: قلت: ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أردت

أن تشق عصا المسلمين، قال: لا تثريب يا خليفة رسول الله، فقام فبايعه، ثم نظر في وجوه القوم فلم ير علياً، فدعا بعلي بن أبي طالب، قال: قلت:

ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا المسلمين، قال:

لا تثريب يا خليفة رسول الله، فبايعه

[ابن كثير: البداية والنهاية 6 / 341.]

على أن هناك وجهاً آخر للنظر، يذهب إلى أن البيعة تمت مباشرة، غير أنها تمت بإكراه، فقد روي عن أبي لهيعة عن أبي الأسود قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر، بغير مشورة، وغضب علي والزبير، فدخلا بيت فاطمة، معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن حضير، وسلمه بن قريش- وهما من عبد الأشهل- فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة وناشدتهما الله، فأخذوا سيفيهما، فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما، فأخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 6 / 47.]

وفي تاريخ الطبري

[هو الإمام أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المؤرخ المفسر المحدث الفقيه أحد العلماء غزيري الإنتاج في العلوم الإسلامية، لم يقتصر اهتمامه على التاريخ والتفسير والحديث، بل تناول النحو والأخلاق والرياضيات والطب، وكان في أول أمره على مذهب الشافعي، ثم أسس بعد عودته من مصر مدرسة فقهية نسبت إليه سميت الجريرية، وإن كانت شهرته إنما تقوم على كتابيه: تاريخ الطبري وتفسير الطبري، ولد عام 224 أو 225 هـ"839 م" وتوفي في بغداد عام 310 هـ"1923"، وأهم مصادر ترجمته: الفهرست ص 234- 235، تاريخ بغداد للخطيب 2 / 162- 169، إرشاد الأريب لياقوت 6 / 423- 462 "ط لندن" 18 / 40- 94 "ط القاهرة"، أنباء الرواة للقفطي 3 / 89- 90، غاية النهاية لابن الجوزي 2 / 106- 108، تذكرة الحفاظ للذهبي 2 / 251- 255، المنتظم لابن الجوزي 6 / 170- 172، الذهبي: ميزان الاعتدال 3 / 53، دول الإسلام 1 / 47، الوافي بالوفيات للصفدي 2 / 284- 287، لسان الميزان لابن حجر 5 / 100- 103، البداية والنهاية لابن كثير 11 / 145- 147، الأعلام للزركلي 6 / 294، مهران: التاريخ والتأريخ ص 125- 134".]: وتخلف علي والزبير، واخترط الزبير سيفه وقال:

لا أغمده حتى يبايع علي، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر، فقال عمر: خذوا سيف

الزبير، فاضربوا به الحجر، قال: فانطلق إليهم عمر، فجاء بهما تعباً، وقال:

لتبايعان وأنتما كارهان، فبايعا

[تاريخ الطبري 3 / 203.]

وعن الشعبي

[الشعبي: أبو عمر عامر بن شراحيل الشعبي، ولد بالكوفة عام 19 هـ"640 م" وكان محدثاً وعالماً في الفقه والمغازي، عارفاً بالشعر، رواية له، وعمل قاضياً لعمر بن عبد العزيز، وتوفي عام 103 هـ"721 م"، وأهم مصادر ترجمته "طبقات ابن سعد 6 / 246- 256 "ط بيروت"، تاريخ بغداد 12 / 227- 233 د حلية الأولياء 4 / 310- 338، تذكرة الحفاظ للذهبي 79- 88، التهذيب لابن حجر 5 / 65- 69، الأعلام للزركلي 4 / 18- 19، معجم المؤلفين لكحالة 5 / 54، وفيات الأعيان لابن خلكان 3 / 12- 16".] قال: قال أبو بكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال:

هوذا، فقال: انطلقا إليهما- يعني علياً والزبير- فأتيا بهما، فانطلقا، فدخل عمر، ووقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟، قال: أعددته لأبايع علياً، قال: وكان في البيت ناس كثير، منهم المقداد بن الأسود، وجمهور كثير من الهاشميين، فاخترط عمر السيف فضرب صخرة في البيت فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد، دونك هذا، فأمسكه خالد- وكان مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر رداءً لهما- ثم دخل عمر فقال لعلي: قم فبايع فتلكأ واحتبس، فأخذ بيده، وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه، كما دفع الزبير، ثم أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال.

ورأت فاطمة ما صنع عمر، فصرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: يا أبا بكر، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلم عمر، حتى ألقى الله.

قال: فلما بايع علي والزبير، وهدأت تلك الفورة، مشى إليها أبو بكر بعد ذلك، فشفع لعمر، وطلب إليها فرضيت.

غير أن رواية أخرى عن داود بن المبارك قال: أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، ونحن راجعون من الحج، في جماعة، فسألناه عن مسائل، وكنت أحد من سأله، فسألته عن أبي بكر وعمر، فقال: أجيبك بما أجاب به جدي عبد الله بن الحسن، فإنه سئل عنهما، فقال: كانت أمنا صديقة، ابنة نبي مرسل، وماتت وهي غضبى على قوم، فنحن غضاب لغضبها

[شرح نهج البلاغة 6 / 48- 49.]

وروى ابن الأثير

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 325.]: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم، ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقال: ما هذا؟ فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منا الأمراء ومنكم الوزراء، ثم قال أبو بكر: رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر وأبا عبيدة أمين هذه الأمة، فقال عمر: أيكم يطيب نفساً أن يخلف قدمين قدمهما النبي صلى الله عليه وسلم؟ فبايعه عمر، وبايعه الناس.

فقالت الأنصار- أو بعض الأنصار- لا نبايع إلا علياً، وتخلف علي وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة، وقال الزبير: لا أغمد سيفاً حتى يبايع علي، فقال عمر: خذوا سيفه، واضربوا به الحجر، ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة.

وقال موسى بن عقبة

[أبو محمد موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي، لا نعلم عام مولده، تلميذ الزهري، وعاش في المدينة، وله حلقة في المسجد النبوي، كان مؤرخاً مهتماً بمغازي الرسول والخلفاء الراشدين، وتوفي عام 141 ع "758 م" "أنظر: فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي 2 / 84- 86 "الرياض 1983".] في مغازيه عن سعد بن إبراهيم: حدثني أبي أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر، وأن محمد بن سلمة كسر سيف الزبير، ثم خطب أبو بكر، واعتذر للناس، ثم بايع علي والزبير

[البداية والنهاية 6 / 341.]

على أن هناك رواية

[شرح نهج البلاغة 6 / 48.] تذهب إلى أن عمر بن الخطاب إنما هدد بحرق بيت الزهراء، إذا لم يبايع علي، فلقد روى ابن شبه، عن رجاله، قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري، ورجل آخر، فندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً، حتى بايعوا أبا بكر.

وروى الطبري بسنده عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي، وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف، فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه

[تاريخ الطبري 3 / 202.]

على أن هناك وجهاً ثانياً للنظر، يذهب إلى أن أبا بكر لما بويع تخلف علي فلم يبايع، فقيل لأبي بكر: إنه كره إمارتك، فبعث إليه: أكرهت إمارتي؟

قال: لا، ولكن القرآن خشيت أن يزاد فيه، فحلفت ألا أرتدي رداء حتى أجمعه، اللهم إلا إلى صلاة الجمعة، فقال أبو بكر: لقد أحسنت، قال: فكتبه عليه السلام، كما أنزل، بناسخه ومنسوخه

[شرح نهج البلاغة 6 / 40.]

وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن السدي عن عبد خير عن علي قال:

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسمت- أو حلفت- أن لا أضع ردائي عن ظهري، حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضع ردائي عن ظهري حتى جمعت القرآن

[حلية الأولياء 1 / 67.]

هذا وقد اتفق الكل على أن الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- إنما كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن غيره كثير يحفظه، ثم هو أول من جمعه، نقلوا كلهم أنه تأخر عن بيعة

/ 47