امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وقام صعصعة بن صوحان فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد زينت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، ولهي أحوج إليك منك إليها.

وقام مالك بن الحارث الأشتر فقال: أيها الناس، هذا وصي الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن الغناء، الذي شهد له كتاب الله بالإيمان، ورسوله بجنة الرضوان، من كملت فيه الفضائل، ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر، والأوائل.

وقام عقبة بن عمرو فقال: من له يوم كيوم العقبة، وبيعة كبيعة الرضوان، والإمام الأهدى الذي لا يخاف جوره، والعالم الذي لا يخاف جهله

[تاريخ اليعقوبي 2 / 79.]

هذا وقد واجه الإمام علي بعد توليته الخلافة خروج طلحة والزبير مطالبين بدم عثمان، ومالت معهم عائشة، وكانت من أشد المنكرين على عثمان- كما كان طلحة والزبير كذلك- غير أنها عندما سمعت بتولية الإمام علي قالت: والله ما كنت أبالي أن تقع هذه على هذه

[تاريخ اليعقوبي 2 / 180.]، والزبير كان- كما هو معروف- من أنصار الإمام علي في الفترة التي سبقت توليته الخلافة- كان معه يوم اختيار أبي بكر، وكان معه يوم اختيار عثمان- ولكنه الآن يخرج- مع طلحة وعائشة- وقالوا:

إنهم إنما خرجوا غضباً لعثمان، وتوبة مما صنعوا من خذلانه

[تاريخ الطبري 4 / 490.]

وعلى أية حال، فإن المقدسي إنما يقسم الشيعة على أيام الإمام علي إلى فرق ثلاثة: فرقة على جملة أمرها في الاختصاص به، والموالاة له- مثل عمار وسلمان والمقداد وجابر وأبي ذر وعبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي ودحية بن خليفة

[المقدسي: البدى والتأريخ 5 / 124 "باريس 1899".] وفرقة أخرى تغلو في عثمان، وتميل إلى الشيخين، مثل عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر ومالك بن الأشتر، وأما الفرقة

الثالثة فأتباع عبد الله بن سبأ

[نفس المرجع السابق ص 125.]، فالمقدسي يذكر وجود فئات مختلفة من الشيعة أيام الإمام علي- كما يذكر النوبختي

[النوبختي: فرق الشيعة ص 16.]- ويبدو من كلام المقدسي أن تعبير الشيعة إنما قد استعمل في خلافة الإمام علي

[نبيلة عبد المنعم داوود: نشأة الشيعة الإمامية- بغداد 1968 ص 61- 62.]، هذا فضلاً عن ذكره لعبد الله بن عمر من بين الفريق الأول، وهذا من غير المعهود.

ويذهب ابن النديم في الفهرست إلى أن الشيعة إنما تكونت لما خالف طلحة والزبير علياً، وأبياً إلا الطلب بدم عثمان، مما اضطر الإمام إلى اللحاق بهما في البصرة ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله، وقد تسمى من اتبع الإمام علي بن أبي طالب في ذلك بالشيعة، فكان يقول: شيعتي، وسماهم طبقة الأصفياء وطبقة الأولياء وطبقة شرطة الخميس وطبقة الأصحاب، ويفسر معنى شرطة الخميس: أن علياً قال لهذه الطائفة تشرطوا، فإنما أشارطكم على الجنة، ولست أشارطكم على ذهب، ولا فضة، فابن النديم إنما يذكر ظهور الشيعة كجماعة أو كتلة على مسرح الأحداث السياسية، ولكنه لا يذكر بدايتهم

[ابن النديم: الفهرست ص 249، نبيلة عبد المنعم داوود المرجع السابق ص 62.]

هذا وقد شاع أثناء موقعة الجمل "10 جمادى الآخرة عام 36 هـ" إطلاق كلمة الوصي

[لما علم حذيفة ين اليمان- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم- بقدوم الإمام علي إلى ذي قار في طريقه إلى البصرة- قبل معركة الجمل- استنفر الناس، ودعا أصحابه فوعظهم، وذكرهم الله، وزهدهم في الدنيا، ورغبهم في الآخرة، وقال لهم: إلحقوا بأمير المؤمنين، ووصي سيد المرسلين، فإنه من الحق أن تنصروه، وهذا الحسن ابنه وعمار، قد قدما الكوفة يستنفرون الناس، فانفروا، قال:

فنفر أصحاب حذيفة إلى أمير المؤمنين، ومكث حذيفة بعد ذلك خمس عشرة ليلة، وتوفي رحمه الله تعالى "نهج البلاغة 2 / 188".] على الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- وقد جمع ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عدداً من الأشعار التي

تضمنت هذه اللفظة، ومنها قول عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب "من صدر الإسلام".

ومنا علي ذاك صاحب خيبر++

وصاحب بدر يوم سالت كتائبه

وصي النبي المصطفى وابن عمه++

فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه

وقال عبد الله بن جعيل:

لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة++

على الدين معروف العفاف موفقا

علياً وصي المصطفى وابن عمه++

وأول من صلى أخا الدين والتقي

وقال الهيثم بن التيهان- وكان بدرياً- "يوم الجمل":

قل للزبير وقل لطلحة إننا++

نحن الذين شعارنا الأنصار

نحن الذين رأت قريش فعلنا++

يوم القليب أولئك الكفار

كنا شعار نبينا ودثاره++

يفديه منا الروح والإبصار

إن الوصي إمامنا وولينا++

برح الخفاء وباحت الأسرار

وقال عمر بن حارثة الأنصاري- وكان مع محمد بن الحنفية يوم الجمل- وقد لامه أبوه لما تقاعس، فقال فيه:

سمي النبي وشبه الوصي++

ورايته لونها العندم

وقال غلام من بني ضبه من عسكر عائشة يوم الجمل:

نحن بني ضبة أعداء علي++

ذاك الذي يعرف قدماً بالوصي

وفارس الخيل على عهد النبي++

ما أنا عن فضل علي بالعمي

وقال سعيد بن قيس الهمداني يوم الجمل- وكان في عسكر علي عليه السلام-:

قل للوصي أقبلت قحطانها++

فادع بها تكفيكها همدانها

وقال زياد بن لبيد الأنصاري يوم الجمل- وكان من أصحاب علي عليه السلام:

ولا نبالي في الوصي من غضب++

إنا أناس لا نبالي من عطب

هذا علي، وابن عبد المطلب++

ننصره اليوم على من قد كذب

وقال حجر بن عدي الكندي يوم الجمل:

يا ربنا سلم لنا عليا++

سلم لنا المبارك المضيا

المؤمن الموحد التقيا++

لا خطل الرأي ولا غويا

بل هادياً موفقاً مهديا++

واحفظه ربي واحفظ النبيا

فيه فقد كان له وليا++

ثم ارتضاه بعده وصيا

وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري- ذو الشهادتين وكان بدرياً- يوم الجمل:

يا وصي النبي قد أجلت الحر++

ب الأعادي وسارت الأظعان

وقال خزيمة أيضاً:

أعائش خلي عن علي وعيبه++

بما ليس فيه إنما أنت والده

وصي رسول الله من دون أهله++

وأنت على ما كان من ذلك شاهده

وحسبك منه بعض ما تعلمينه++

ويكفيك لو لم تعلمي غير واحدة

وقال ابن بديل بن زرقاء الخزاعي يوم الجمل:

يا قوم للخطة العظمى التي حدثت++

حرب الوصي وما للحرب من آسى

الفاصل الحلم بالتقوى إذا ضربت++

تلك القبائل أخماساً لأسداس

وقال عمرو بن أحيحة يوم الجمل في خطبة الحسن بن علي، عليهما السلام، بعد خطبة عبد الله بن الزبير:

وأبى الله أن يقوم بما قام++

به ابن الوصي وابن النجيب

إن شخصاً بين النبي لك الخير++

وبين الوصي غير مثوب

وقال زجر بن قيس الجعفي يوم الجمل:

أضربكم حتى تقروا لعلي++

خير قريش كلها بعد النبي

من زانه الله وسماه الوصي++

إن الولي حافظ ظهر الولي

كما الغوى تباع أمر الغوي

[شرح نهج البلاغة 1 / 143- 147.] وروى عثمان بن سعيد عن عبد الله بن بكير عن حكيم بن جبير قال:

خطب علي عليه السلام، فقال في أثناء خطبته: أنا عبد الله، وأخو رسول الله، لا يقولها أحد قبلي ولا بعدي، إلا كذاب، ورثت نبي الرحمة، ونكحت سيدة نساء هذه الأمة، وأنا خاتم الوصيين

[أنظر: المستدرك للحاكم 3 / 172، مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 113، 146.]

فقال رجل من عبس: ومن لا يحسن أن يقول مثل هذا، فلم يرجع إلى أهله حتى جن وصرع

[روى أبو نعيم بسنده عن عمار قال: حدث علي عليه السلام، رجلاً بحديث فكذبه، فما قام حتى أعمي "دلائل النبوة ص 510".]، فسألوهم: هل رأيتم به عرضاً قبل هذا؟ قالوا: ما رأينا به قبل هذا عرضا

[شرح نهج البلاغة 2 / 287- 288.]

وهكذا رأينا أن كلمة الوصي إنما أطلقت يوم الجمل على الإمام علي، من قبل أنصاره وأعدائه، سواء بسواء، و سوف يكون لهذه الصفة "الوصي" مدلولها على الإمامة، وأحقية الإمام علي فيها

[الفيروزآبادي: فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 36- 43 "بيروت 1973".]

وروى الزبير بن بكار في الموفقيات- عن المدائني- قول بعض شعراء قريش:

والله ما كلم الأقوام من البشر++

بعد الوصي علي كابن عباس

[شرح نهج البلاغة 2 / 262.]

منذ التحكيم


استشهد الصحابي الجليل عمار بن ياسر في معارك صفين بين الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- ومعاوية بن أبي سفيان، وكان لاستشهاد عمار تأثير كبير على المتحاربين، ولأنه يبين أصحاب الحق من الفريقين المقاتلين، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم المسلمين من قبل أن عمار تقتله الفئة الباغية، وقد روت معظم كتب الحديث هذا الحديث الشريف، جاء في صحيح البخاري بلفظ ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار

[صحيح البخاري 1 / 121- 122.]، كما جاء أيضاً بلفظ ويح عمار، تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار

[صحيح البخاري 4 / 25.]، وجاء في صحيح مسلم بلفظ بؤس ابن سمية تقتله فئة باغية

[صحيح مسلم 18 / 39- 40.]، وبلفظ تقتلك الفئة الباغية

[صحيح مسلم 18 / 41.]

ورواه النسائي في الخصائص

[النسائي: تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه- بيروت 1983 ص 89- 92.]، والترمذي في مناقب عمار، والحاكم في المستدرك

[المستدرك للحاكم 2 / 148 و 3 / 385 و 386 و 387.]، والإمام أحمد في المسند والفضائل

[مسند الإمام أحمد 2 / 161 و 164 و 4 / 197 و 6 / 289، فضائل الصحابة لابن حنبل 2 / 858- 861.]، وأبو داود الطيالسي في مسنده

[مسند أبي داود الطيالسي 3 / 90.]، وأبو نعيم في الحلية

[حلية الأولياء 4 / 172.]

ورواه الطبري في تاريخه

[تاريخ الطبري 5 / 41.]، والخطيب البغدادي في تاريخه

[تاريخ بغداد 5 / 315 و 7 / 414 و 13 / 186.]، وابن سعد في طبقاته

[طبقات ابن سعد 3 / 177 و 180 و 181.]، وابن الأثير في أسد الغابة

[أسد الغابة 2 / 217 و 4 / 133.]، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة

[الإمامة والسياسة ص 106.]، وابن حجر في الإصابة

[الإصابة في معرفة الصحابة 2 / 512.]، والمحب الطبري في الرياض النضرة

[الرياض النضرة 1 / 14.]، والشبلنجي في نور الأبصار

[نور الأبصار ص 89.]، والمتقي الهندي في كنز العمال

[كنز العمال 7 / 72 و 73 و 74.]، والهيثمي في مجمعه

[مجمع الزوائد 7 / 240- 242 و 9 / 396- 397.]، وغيرهم

[الفيروزآبادي: فضائل الخمسة 2 / 377- 393 و ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2 / 480- 481، تحفة الأحوذي 10 / 300- 301.]

وكان عبد الله بن الخطاب يأسف أنه لم يقاتل الفئة الباغية مع الإمام علي، وكان يقول: ما آسى على شئ إلا تركي قتال الفئة الباغية مع علي

[أنظر: المستدرك للحاكم 3 / 115، أسد الغابة 3 / 342 و 4 / 115، طبقات ابن سعد 4 / 136- 137، مجمع الزوائد 3 / 182، الرياض النضرة 2 / 242، الإستيعاب 2 / 345- 346.]، ولعل هذا هو الذي دفع المقدسي إلا أن يراه من الموالين للإمام علي

[المقدسي: البدء والتأريخ 5 / 124.]، كما كان عبد الله بن عمرو بن العاص يأسف أنه كان بجوار أبيه مع الفئة الباغية

[طبقات ابن سعد 2 / 12، الإستيعاب 2 / 348- 349، أسد الغابة 3 / 350.]

وفي الإصابة في ترجمة زبيد بن عبد الخولاني قال: له إدراك وشهد فتح

مصر، ثم شهد صفين مع معاوية: وكانت معه الراية، فلما قتل عمار تحول إلى عسكر الإمام علي

[الإصابة في تمييز الصحابة 1 / 576.]، وفي أسد الغابة قال: روى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل، وهو لا يسل سيفاً، وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار، فانظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: تقتله الفئة الباغية، فلما قتل عمار قال خزيمة: ظهرت لي الضلالة، ثم تقدم فقاتل حتى قتل

[أسد الغابة 4 / 135.]، وفي الإصابة عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدي كافاً سلاحه حتى قتل عمار بصفين، فسل سيفه وقاتل حتى قتل

[الإصابة 1 / 426.]

وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:

لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي: أفيكم أويس القرني؟ قالوا: نعم، فضرب دابته حتى دخل معهم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير التابعين أويس القرني

[المستدرك للحاكم 3 / 402، وانظر: حلية الأولياء 2 / 76، طبقات ابن سعد 6 / 112.]

وعلى أية حال، فإن النصر كاد أن يتم لمعسكر الإمام علي، لولا خدعة التحكيم المشهورة

[أنظر عن خدعة التحكيم "محمد بيومي مهران: الإمام علي بن أبي طالب 2 / 97- 124- بيروت 1990".]، وقد أصبحت لفظة شيعة علي، مقابلة هنا للفظة شيعة معاوية- كما جاء في وثيقة التحكيم.

هذا ويذهب البعض إلى أن التشيع إنما بدا بعد التحكيم، يرىً فان فلوتنً أن الشيعة تفرعت من ذلك الحزب السياسي الذي قضى عليه الأمويون بحروراء، ثم انتشرت وقامت بحركة دينية واسعة النطاق ضمت إليها جميع

العناصر الإسلامية المعادية للأمويين وللعرب جميعاً

[فان فلوتن: السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات- ترجمة حسن إبراهيم حسن ومحمد زكي إبراهيم- القاهرة 1934 ص 74.]

وقد أخطأ فان فلوتن في هذا، فالخوارج لم يكونوا أبداً شيعة، بل هم أعداء الإمام علي، الذين خرجوا عليه بعد رجوعه من صفين إلى الكوفة، وانحازوا إلى حروراء، وهم يومئذ اثنا عشر ألفاً أو ثمانية آلاف، ولذا سميت الخوارج حرورية

[نظر عن الخوارج "البغدادي: الفرق بين الفرق ص 72- 113" "دار المعرفة- بيروت".]، وكانوا يقولون لا حكم إلا لله فلما بلغ الإمام علي ذلك قال: كلمة حق أريد بها باطل، ولما فشلت المفاوضات معهم، اضطر الإمام إلى قتالهم في وقعة النهروان سنة 39 هـ

[أنظر "محمد بيومي مهران: الإمام علي بن أبي طالب 2 / 124- 131".]

ثم إن ظهور الشيعة إنما كان سابقاً لهذه الفترة- كما رأينا من قبل- الأمر الذي يدل على أن فان فلوتن إنما يخلط بين الشيعة والخوارج، فضلاً عن الخلط بين الشيعة العلوية وبين من استظل برايتهم من الغلاة

[نبيلة عبد المنعم داود: المرجع السابق ص 63- 64.]

وعلى أية حال، فإن هناك من يرد نشأة التشيع إلى أول خلاف حول المبادئ الإسلامية، عندما نادى الخوارج لا حكم إلا لله

[أنظر عن الخلاف حول التحكيم "نصر بن مزاحم المنقري: وقعة صفين- تحقيق عبد السلام محمد هارون ص 512- 527 "ط ثالثة- القاهرة 1981".]، فكان الخوارج أول طائفة في الإسلام تثير مشكلة الإمامة على نحو لم يسبق له، حين تراها عامة بالاختيار، لا فضل فيها لعربي على عجمي، ولا لقرشي على حبشي، وكان لا بد أن تظهر مبادئ أخرى معارضة تدعم حق الإمام علي في الإمامة، ولا شك أن الانشقاق السياسي بين شيعة الإمام علي بعد موقعة صفين، وقيامه على أساس فكري، وهو نحو يختلف تماماً عن خروج طلحة أو الزبير على الإمام علي، ونكثهما بيعته، أو بمخالفة معاوية بن أبي سفيان وطلبه بدم

عثمان، إنه نهج فكري أيديولوجي يزعزع الأسس التي اجتمع عليها أنصار الإمام علي حوله، فكان لا بد من مواجهة الخوارج- لا كقوة سياسية- وإنما كعقيدة سياسية، تسعى إلى ضياع حق الإمام علي.

وفي الواقع أن التشيع- كرد فعل للخوارج- يتضح فيه مدى المقابلة بين العقيدتين، فبينما جعل الخوارج الإمامة عامة، هي عند الشيعة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذرية الإمام علي، وبنص من النبي على ذلك، فهي إذن من صميم الدين، وبينما طائفة من الخوارج ترى الإمامة غير واجبة، ولا يلزم نصب الإمام، هي عند الشيعة واجبة، وعلى الله تعالى.

وهكذا- فيما يقول الدكتور صبحي- يظهر رد فعل التشيع كعقيدة لآراء الخوارج في الإمامة، ويجب الاعتراف بأن الخوارج كمذهب عقائدي له نظرياته في الإمامة، سابق في وجوده على التشيع كعقيدة، ولا يستبعد أن يكون كثير من عقائد الشيعة قد صيغت متأثرة في ذلك بنظرية الخوارج في الإمام علي نحو عكسي، ولا سيما أن كارثة انشقاق الخوارج هي أكبر ما حل بأنصار الإمام من كوارث، ثم تبعها مصرع الإمام نفسه، على يد واحد منهم، ثم جرأتهم على الحق حتى ذهبوا إلى تكفير الإمام- وهو ما لم يذهب إليه ألد أعدائه كمعاوية- فكان لا بد أن يقابل ذلك تقديس للإمام علي، ورفع مقامه إلى مرتبة وصي النبي صلى الله عليه وسلم، وخليفته بالنص الإلهي

[أحمد صبحي: المرجع السابق ص 40- 41.]

ثم يقول: هذا وقد نقل الخوارج الاختلاف من مجرد خلاف بين الأشخاص- كما هو الحال بين الإمام علي ومعاوية- إلى خلاف حول المبادئ، ومن ثم فقد أعلنوا لا حكم إلا لله، وقد وصف الإمام علي ذلك بأن القوم طلبوا الحق فأخطأوه، وقال- كرم الله وجهه في الجنة- رداً على ذلك كلمة حق يراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلا الله، ولكن هؤلاء يقولون: لا

/ 47