امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومن ثم فقد صار طوائف من أئمتنا إلى تجويز عقد الإمامة للمفضول، مع التمكن من العقد للأفضل الأصلح، واعتلوا بأن المفضول، إذا كان مستجمعاً للشرائط المرعية، فاختصاص الفاضل بالمزايا، اتصاف بما لا تفتقر الإمامة إليه، فإذا عقدت الإمامة لمن ليس عارياً عن الخلال المعتبرة، استقلت بالصفات التي لا غنى عنها، ولا مندوحة، وليس للفضائل نهاية وغاية.

هذا وقد ذهب معظم المنتمين إلى الأصول من جلة الأئمة، إلى أن الإمامة لا تنعقد للمفضول، مع إمكان العقد للفاضل، ثم تحزب هؤلاء حزبين، وتصدعوا صدعين، فذهب فريق إلى أن المسألة من المظنونات التي لا تتطرق إليها أساليب العقول، ولا قواطع الشرع المنقول.

ثم يرى أنه لا خلاف، إذا عسر عقد الإمامة للفاضل، واقتضت مصلحة المسلمين تقديم المفضول، وذلك لصغو الناس، وميل أولي النجدة والبأس إليه، ولو فرض تقديم الفاضل لاشرأبت الفتن، وثارت المحن، ولم نجد عدداً، وتفرقت الأجناد بدداً، فإذا كانت الحاجة في مقتضى الإيالة تقتضي تقديم المفضول قدم لا محالة، إذ الغرض من نصب الإمام استصلاح الأمة، فإذا كان في تقديم الفاضل اختباطها وفسادها، وفي تقدم المفضول ارتباطها وسدادها تعين إيثار ما فيه من صلاح الخليفة، باتفاق أهل الحقيقة، ولا خلاف أنه لو قدم فاضل، واتسقت له الطاعة، ونشأ في الزمن من هو أفضل منه، فلا يتبع عقد الإمامة للأول بالقطع والرفع.

ثم يعود الجويني- في نهاية الفصل- فيكرر قوله: بأن الأفضل هو الأصلح، فلو فرضنا مستجمعاً للشراط، بالغاً في الورع الغاية القصوى، وقدمنا آخر أكفأ منه، وأهدى إلى طرق السياسة والرياسة، وإن لم يكن في الورع مثله، فالأكفأ أولى بالتقدم.

ولو كان أحدهما أفقه، والثاني أعرف بتجنيد الجنود، وعقد الألوية

والبنود، وجر العساكر والمقانب "جمع مقنب، هي الجماعة من الخيل دون المائة تجتمع للغارة"، وترتيب المراتب والمناصب، فلينظر ذو الرأي إلى حكم الوقت، فإذا كانت أكناف خطة الإسلام إلى الاستقامة، والممالك منتفضة عن ذوي العرامة، ولكن إذا ثارت بدع وأهواء، واضطربت مذاهب ومطالب وآراء، والحاجة إلى من يسوس الأمور الدينية أمس، فالأعلم أولى.

وإن تصورت على الضد، مما ذكرنا، ومست الحاجة إلى شهامة وصرامة، وبطاش، يحمل الناس على الطاعة ولا يحاش، فالأشهم أولى بأن يقدم.

ويذهب ابن أبي الحديد "586- 656 هـ" إلى أن أحق الناس بالإمامة أقواهم عليها، وأعملهم بحكم الله فيها، وهذا لا ينافي في مذهب أصحابنا البغداديين من المعتزلة في صحة إمامة المفضول، لأنه ما قال: إن إمامة غير الأقوى فاسدة، ولكنه قال: إن الأقوى أحق، وأصحابنا لا ينكرون أنه- أي الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أحق ممن تقدمه بالإمامة، مع قولهم بصحة إمامة المتقدمين، لأنه لا منافاة بين كونه أحق، وبين صحة إمامة غيره

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 328 "بيروت 386 م / 1967 م".]

ثم إن رأي ابن أبي الحديد هذا، إنما هو ترديد لقول سيدنا الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- أيها الناس: إن أحق الناس بهذا الأمر، أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 9 / 328، الإمام محمد عبده: نهج البلاغة- تحقيق محمد أحمد عاشور، ومحمد إبراهيم البنا- كتاب الشعب ص 199.]

الامامة عند الشيعة الإمامية


يقول سيدنا الإمام علي بن موسى الرضا "148- 203 هـ/ 765- 818 م":

إن الإمام زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي، وبالإمام توفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، وهو الأمين الرفيق، والوالد الرقيق، والأخ الشفيق، ومفزع العباد، أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، وخليفته في بلاده، الداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله، عز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين

[السيد حسين يوسف مكي: عقيدة الشيعة في الإمام الصادق وسائر الأئمة ص 38- 39 "دار الزهراء- بيروت 1407 هـ/ 1987 م" الكليني: كتاب أصول الكافي ص 96- 97 "فارس 1281 هـ"، عطية مصطفى مشرفة: نظام الحكم بمصر في عصر الفاطميين "358- 567 هـ/ 968- 2271 م" ص 77 دار الفكر العربي- القاهرة 1367 هـ/ 1948 م".]

وفي رواية الكليني "أبو جعفر بن محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني- المتوفى 328 هـ"939 م"، قال الإمام الرضا: إن الإمام زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي، بالإمامة تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج، وتوفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى

سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة، المجللة بنورها العالم، وهي في الأفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.

الإمام البدر المنير، والسراج الظاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي... الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، المرسوم بالحلم... معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعبادة، مخصوص بدعوى الرسول، ونسل المطهرة البتول... فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه

[الكليني: كتاب أصول الكافي ص 84- 86.]

ويقول الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق "80- 83 هـ/ 699- 703 م- 148 هـ/ 765 م": إن الله- عز وجل- أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل، إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم، وإن نقصوا شيئاً أتمهم، وهو حجة الله على عباده

[أنظر: الجزائري: المبسوط في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 9 "ط الحيدرية- النجف 1954 م"، البرسي: مشارق أنوار اليقين ص 162 "دار الفكر- بيروت 1384 هـ".]

والإمامة- عند الشيعة الإمامية- رياسة عامة في أمور الدين والدنيا، لشخص من الأشخاص، نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم

[الطوسي: تلخيص الشافي 1 / 201 "النجف 1965 م".]، ومن ثم فإن الناس متى كان لهم رئيس، منبسط اليد، قاهر عادل، يردع المعاندين، ويقمع المتغلبين، وينتصف للمظلومين من الظالمين، اتسقت الأمور، وسكنت الفتن، وردت المعائش، وكان الناس- مع وجوده- إلى الصلاح أقرب، ومن الفساد أبعد، ومتى خلوا من رئيس- صفته ما ذكرناه- تكدرت معائشهم وتغلب القوي على الضعيف، وانهمكوا في المعاصي، ووقع الهرج والمرج، وكانوا إلى الفساد أقرب، ومن الصلاح أبعد، وهذا أمر لازم لكمال العقل

[المفيد: النكت الاعتقادية ص 39 "بغداد 1343 هـ".]

وترى الشيعة الإمامية أن النبوة لطف

[المفيد: النكت الاعتقادية ص 47، المرتضى: الشافي ص 2، الطوسي: فصول العقائد ص 36.]، ولما كانت الإمامة لطفاً

[السبوري: النافع يوم الحشر ص 62 "قمم 1367 هـ".]، فلذلك كل ما دل على وجوب النبوة، فهو دال على وجوب الإمامة، خلافة عن النبوة، قائمة مقامها، إلا من تلقى الوحي الإلهي بلا واسطة

[الكليني: الكافي 1 / 227.]

وترى الشيعة الإمامية عهد من إلى الأئمة، وتستدل على ذلك بقول مولانا الإمام جعفر الصادق، رضي الله عنه،: أترون أن الوصي منا، يوصي إلى من يريد؟ لا، ولكنه عهد من الله ورسوله لرجل فرجل، حتى ينتهي الأمر صاحبه

[نبيلة عبد المنعم داود: نشأة الشيعة الإمامية- بغداد 1968 ص 311- 312.]

هذا وترى كذلك أن الإمامة بالنص من الله ورسوله، وأن الأئمة منصوص عليهم

[الجويني: الغياثي ص 27- 30.]

على أن الجويني إنما يعارض ذلك، فيقول: ذهبت الإمامية إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما قد نص على علي رضي الله عنه في الإمامة، وتولي الزعامة، ثم تحزبوا أحزاباً.

فذهبت طوائف منهم إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على خلافة الإمام علي علي رؤوس الأشهاد، نصاً قاطعاً، لا يتطرق إليه مسالك الاجتهاد، ولا يتعرض له سبيل الاحتمالات، وتقابل الجائزات، وشفي من محاولة البيان كل غليل، واستأصل مسلك كل تأويل.

وليس ذلك النص مما نقلته الأثبات، والرواة الثقات، من الأخبار التي تلهج بها الآحاد، وينقلها الأفراد، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه

[أنظر عن حديث الموالاة هذا "الإمام ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 598- 599، صحيح الترمذي 2 / 298، صحيح ابن ماجة ص 12، المستدرك للحاكم 2 / 129 و 3 / 109- 110 و 116 و 533 و 371، كنز العمال 1 / 48 و 6 / 83 و 397، تهذيب الخصائص للنسائي ص 50- 54 "أحاديث أرقام: 60 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 71 و 72 و 73 و 74" مسند الإمام أحمد 4 / 372 و 4 / 281، الرياض النضرة 2 / 226، أسد الغابة 1 / 374 و 3 / 139 و 171 و 4 / 108 و 6 / 252، مجمع الزوائد 9 / 104 و 105 و 106 و 107 و 108 و 119 و 116، مشكل الآثار 2 / 307، مسند الطيالسي 1 / 23، فيض القدير 6 / 217. وقال ابن حجر: وهذا حديث كثير الطرق جداً، استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وسنعود لهذا الحديث بالتفصيل في مكانه من هذه الدراسة.] فعلي

مولاه، وقوله صلى الله عليه وسلم، لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى

[أنظر عن حديث المنزلة هذا "صحيح البخاري 5 / 24 و 6 / 3، صحيح مسلم 15 / 173- 176، تهذيب الخصائص للنسائي ص 19- 20 و 28 و 29 و 39 و 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47، "أحاديث أرقام 8 و 9 و 31 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 56 و 57 و 58 و 112" الإمام ابن حنبل: فضائل الصحابة الجزء الثاني: "أحاديث أرقام 954 و 956 و 1006 و 1041 و 1045 و 1079 و 1091 و 1093 و 1131 و 1143 و 1153 و 1168"، كنز العمال 3 / 154 و 5 / 40 و 6 / 154 و 188 و 395 و 405، الطبقات الكبرى 3 / 14 و 15، حلية الأولياء 4 / 345 و 7 / 195- 196، مجمع الزوائد 9 / 109- 110، تحفة الأحوذي 10 / 228، الإستيعاب 3 / 34، الإصابة 2 / 509، صحيح الترمذي 10 / 235، المستدرك للحاكم 2 / 337، السيرة الحلبية 3 / 104، زاد المعاد 3 / 530، شرح نهج البلاغة 13 / 210- 211.]، إلى غيرها.

وذهب فريق من الزيدية إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما نص على معين في الخلافة، ولكنه صلى الله عليه وسلم، ذكر بالمرامز والملامح والمعاريض والصرايح، الصفات التي تقتضي الإمامة استجماعها، فكانت متوافية في الإمام علي، دون من عداه وسواه، فضلت الأمة، إذ وضعت الإمامة فيمن لم يتصف بتلك الصفات، ولم يتسم بتلك السمات.

وعلى أية حال، فسرعان ما تشوفت طائفة من أهل السنة إلى ادعاء النص على أبي بكر، رضي الله عنه، وذهبت طائفة أخرى- عرفوا بالعباسية- إلى الزعم بأن النبي عليه السلام، إنما نص على عمه العباس وخصصه بالإمامة من دون الناس

[الجويني: الغياث ص 29- 30.]

وأياً ما كان الأمر، فالرأي عند الشيعة الإمامية إنما انحصرت في أبناء مولانا الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وأنها ثابتة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب، وأنها لا تعود في عم أو أخ، ولا في غيرها من القربات بعد الحسنين

[الكليني: الكافي 1 / 285.]

وقد وردت روايات كثيرة عن الإمام جعفر الصادق، عليه السلام، وغيره من أئمة البيت، تدل على انحصار الإمامة في ذرية الحسين، قال المفضل: قلت للصادق عليه السلام، أخبرني عن قول الله تعالى: * "وجعلها كلمة باقية في عقبه" *

[سورة الزخرف: آية 28.]، قال: يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة، فقلت له: يا ابن رسول الله، فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين، دون ولد الحسن، وهما جميعاً، ولدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبطاه، وسيدا شباب أهل الجنة؟.

فقال: إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين، فجعل الله في صلب هارون، دون صلب موسى، ولم يكن لأحد أن يقول: لم فعل الله ذلك؟ فإن الإمامة خلافة الله عز وجل، ليس لأحد أن يقول لم جعلهما الله في صلب الحسين، دون صلب الحسن، لأن الله هو الحكيم في أفعاله، لا يسأل عن فعله، وهم يسألون.

وهذه الرواية، كما تدل على أن بني الحسن لا حق لهم في الإمامة، تدل على أن الإمامة من أفعال الله يجعلها لمن يشاء، وليست بالمبايعة والانتخاب والمشاورة

[السيد حسين يوسف مكي: عقيدة الشيعة في الإمام الصادق وسائر الأئمة ص 32- 33.]

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الشيعة الإمامية إنما تذهب إلى أن

الإمام يجب أن يكون معصوماً لأنه لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدده، كما أنه لو جاز عليه فعل الخطيئة، فإن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب

[المفيد: النكت الاعتقادية ص 48.] هذا فضلاً عن أن الإمام حافظ للشرع، فلو لم يكن معصوماً، لم تؤمن منه الزيادة والنقصان

[نفس المرجع السابق ص 49.]

ويقول الطوسي: ومما يدل على أن الإمام يجب أن يكون معصوماً، ما ثبت من كونه مقتدى به، ألا ترى أنه إنما سمي إماماً لذلك، لأن الإمام هو المقتدى به

[الطوسي: تلخيص الشافي 1 / 210 "النجف 1965".]

ويقول ابن المطهر بوجوب عصمة الإمام، لأن الأئمة كالأنبياء في وجوب عصمتهم

[قال القاضي عبد الجبار في كتاب المغني: إن العصمة والأفضلية على الناس أجمعين من صفات النبي، فلو أعطيت للإمام لكان نبياً، وقال الشريف للمرتضى في كتاب الشافي: لم يكن النبي نبياً، لأنه أفضل ومعصوم، وكفى، بل لأنه يؤدي عن الله بلا واسطة، أو بواسطة الروح الأمين، والإمام- وإن كان معصوماً- وأفضل، فإنه يؤدي عن النبي، لا عن الله، فالفرق موجود وظاهر "محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 121".] عن جميع القبائح والفواحش، من الصغر إلى الموت، عمداً وسهواً، لأنهم حفظة الشرع، والقوامون به، حالهم في ذلك كحال النبي.

ويقول المفيد

[المفيد: هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبري العربي الحارثي، المفيد بن المعلم، ولد في بغداد عام 333 هـ/ 944 م "أو 338 هـ/ 950 م"، وتوفي عام 414 هـ/ 1022 م، وله مصنفات كثيرة "ذكر فؤاد سزكين منها 24 مصنفاً" وانظر عن ترجمته "الرجال للنجاشي ص 311- 316، الفهرست للطوسي ص 157- 158، الفهرست لابن النديم ص 197، المنتظم لابن الجوزي 8 / 11- 12، تاريخ بغداد 3 / 231، شذرات الذهب 3 / 199- 200، أعيان الشيعة للعاملي 46 / 20- 26، الذريعة 1 / 302 و 590 و 2 / 237 و 258 و 315، الأعلام للزركلي 7 / 245، معجم المؤلفين لكحالة 11 / 306- 307، النجوم الزهرة 4 / 258، لسان الميزان لابن حجر 5 / 368".]: العصمة من الله لحججه، هي التوفيق واللطف

والاعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط في دين الله تعالى

[المفيد: شرح عقائد الصدوق ص 60.]، كما أن العصمة فضل من الله تعالى على من علم أنه يتمسك بعصمة... وليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن، ولا ملجئة له إليه، بل هي الشئ الذي يعلم الله تعالى، أنه إذا فعله بعبد من عبيده، لم يؤثر معه معصية له

[نفس المرجع السابق ص 61.]

هذا وقد انحصرت العصمة من الصفوة الأخيار، قال الله تعالى: * "والذين سبقت لهم منا الحسنى" *

[سورة الأنبياء: آية 101.]، وقوله تعالى: * "وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار" *

[سورة ص: آية 47.]، فالأنبياء- والأئمة من بعدهم- معصومون في حال نبوتهم، وإمامتهم، من الكبائر كلها والصغائر

[المفيد: شرح عقائد الصدوق ص 61.]

ويشرح ابن المطهر عصمة الإمام بأنها ما يمتنع المكلف معه من المعصية، متمكناً منها ولا يمتنع عنها مع عدمها، ثم يقدم عدة أدلة على العصمة

[تذهب الزيدية إلى عدم عصمة الإمام، ولعل السبب أنهم لا يجعلون الإمامة عن طريق الوصية من النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن طريق الوراثة، ومن ثم فالإمام عند الزيدية، ليس ذلك الرجل المعصوم الذي بيده أسرار العلم الخفي ينقلها من إمام إلى إمام "الأشعري: مقالات الإسلاميين 1 / 121 و 136، الصاحب بن عباد: الزيدية ص 159 و 185، نصرة المذهب الزيدية ص 129".]، منها: أن الإمامة عهد من الله، ومن ثم فكل إمام ينصبه الله، ومنها قول الله تعالى: * "أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم" *

[سورة النساء: آية 59.]، وكل من أمر الله بطاعته فهو معصوم، لاستحالة إيجاب طاعة غير المعصوم

[ابن المطهر: الألفين في إقامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب النجف 1953 ص 60.]، كما أن في قول الله تعالى: * "إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير

المغضوب عليهم ولا الضالين" *

[سورة الفاتحة: آية 6- 7.]، فغير المعصوم ضال فلا يسأل اتباع طريقه قطعاً

[ابن المطهر: الألفين ص 60.]

ومنها قول الله تعالى: * "إني جاعلك للناس إماماً * قال من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" *

[سورة البقرة: آية 124.]، فإنه يدل على أن الإمامة تكون بالوصاية، وبجعل إلهي، وليس بالمبايعة والانتخاب

[السيد حسين يوسف مكي: عقيدة الشيعة ص 35.] هذا وقد روي عن الإمام الباقر، الاستشهاد بالآية على المنع من إمامة الظالم، الذي ليس معصوماً

[البحار 7 / 319، عقيدة الشيعة ص 36.]

هذا وتعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام يجب أن يكون أفضل رعيته في جميع صفات الكمال من العلم

[روي عن الإمام الصادق أنه قال لرهط من المعتزلة: إن أبي حدثني- وكان خير أهل الأرض، وأعملهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ضرب الناس بسيفه، ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضال متكلف، ويقول أبو زهرة: أن هذه الرواية التي رواها الإمام جعفر الصادق عن أبيه العظيم، تدل على أنه هو وأبوه يريان أن الخليفة المختار، يجب أن يكون أعلم المعروفين الظاهرين، والعلم هنا، العلم بالإسلام، بالقرآن والسنة، ونظام الحكم وحسن السياسة، وتكون عنده القدرة لإدارة دفة الدولة الإسلامية كعمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب "محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص 213".] والكرامة والشجاعة والفقه والرأفة والرحمة وحسن الخلق والسياسة، ولا بد من تمييزه بالكمالات النفسية والكرامات الروحانية، بحيث لا يشاركه في ذلك أحد من الرعية

[الجزائري: المبسوط ص 26، وانظر عن علوم الأئمة "الكليني: الكافي 1 / 312 و 313 و 314 و 221 و 223، وانظر البرسي: مشارق أنوار اليقين ص 165.]

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن متكلمي الشيعة، إنما يقيسون الإمام على النبوة في كل استدلال لهم، ومن ثم فلكي يدللوا على وجوب إمامة الأفضل، استندوا إلى فكرة يسلم بها معهم سائر فرق المسلمين وهي: وجوب

/ 47