امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولعل كل هذه المآسي هي التي دفعت بالبعض إلى القول إلى أنه من بين الأحداث التي رأى الباحثون أنها بداية التشيع إنما هو فاجعة كربلاء، ذلك أن السيف اللئيم الذي جز رأس مولانا الإمام الحسين- سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وسيد شباب أهل الجنة- إنما قد جز معه وحدة المسلمين إلى اليوم، ومن ثم فإن استشهاد سيدنا الإمام الحسين إنما يعتبر نقطة تحول هامة في التاريخ الفكري والعقدي للتشيع، إذ لم يقتصر أثر تلك الكارثة الأليمة إلى إذكاء نار التشيع في نفوس الشيعة، وتوحيد صفوفهم- وكانوا من قبل متفرقي الكلمة، مشتتي الأهواء- بل ترجع أهمية تلك الكارثة إلى أن التشيع كان قبل استشهاد الإمام الحسين، مجرد رأي سياسي لم يصل إلى قلوب الشيعة، فلما قتل الإمام الحسين امتزج التشيع بدمائهم وتغلغل في أعماق قلوبهم، وبالتالي فقد أصبح عقيدة راسخة في نفوسهم.

وهكذا بينما كان الشيعة بعد وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتعدى طائفة قليلة من الناس، يرون أن الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم وجهه في الجنة- لصفات فيه- أحق الناس بالإمامة وبينما ناصر كثير من المسلمين الإمام علي بن أبي طالب، حينما آل إليه الأمر بعد مقتل عثمان، رضي الله عنه لأنه إمام المسلمين، وأمير المؤمنين- أو لأسباب أخرى- فإن هذه الدماء التي أريقت في كربلاء- وهي دماء آل بيت النبي، وعلى رأسهم الإمام الحسين- إنما قد ركزت الانتباه إلى مدى ما لاقاه بيت النبوة، من اضطهاد وقتل، ومن ثم فقد أصبح التشيع مقروناً بأحقية آل البيت في الخلافة.

وهكذا فإن دماء الإمام الحسين الطاهرة- فضلاً عن دماء أهل بيته- إنما هي التي أنبتت العقيدة الشيعية في صورتها النهائية، فلقد أدرك الشيعة- بعد كارثة كربلاء- أن لا قبل لهم بمقاومة جيوش بني أمية بالقوة والسيف- خاصة وقد رأوا ما فعلت جيوش اللئام بالمدينة المنورة ومكة المكرمة- ومن ثم فقد استعانوا على أمرهم بمبدأ التقية، ثم تحول الشيعة أيضاً، بعد كارثة كربلاء، إلى مقاومة الأمويين بقوة أخرى- غير قوة السلاح- قوة معنوية، لا تصمد لها أيديولوجية الدولة الأموية في الحكم، وهي قوة الفكر الذي ارتبط بالدين، فأصبح في الناس عقيدة

[أحمد صبحي: المرجع السابق ص 47- 48، وانظر 335. p , iii , encyclopedia of islam.]

وهكذا قامت حركة التوابين بقيادة الصحابي الجليل- سليمان بن صرد

[أنظر عن سليمان بن صرد "أسد الغابة 2 / 449- 450، الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 75- 76، الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2 / 63- 65".]- الذي سمي أمير التوابين، حيث جمع أنصاره في النخيلة في ربيع الآخر عام 65 هـ، وسار بهم إلى قبر الإمام الحسين، وطبقاً لرواية ابن الأثير فما أن وصلوا إلى القبر الشريف، حتى صاحوا صيحة واحدة، فما رؤي أكثر باكياً من ذلك اليوم، فترحموا عليه، وتابوا عنده من خذلانه، وترك القتال معه، ثم نادوا- فيما يروي الطبري- يا رب إنا قد خذلنا ابن بنت نبينا، فاغفر لنا ما مضى منا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم، وارحم حسيناً وأصحابه، الشهداء الصديقين، وإنا نشهدك يا رب أنا على مثل ما قتلوا عليه، فإن لم تعفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ثم أقاموا عنده يوماً وليلة يبكون ويتضرعون ويترحمون عليه وعلى أصحابه.

واتجه سليمان بجيشه نحو الشام، حتى إذا ما وصلوا إلى عين الوردة دارت رحى الحرب بينهم وبين جند الشام، وأبلى التوابون بلاءً حسناً، فكان لهم النصر أول الأمر، غير أن ابن زياد سرعان ما أمد جيش الشام باثني عشر ألفاً،

بقيادة الحصين بن نمير، ثم بثمانية آلاف، بقيادة ابن ذي الكلاع، فأحاطوا بالتوابين من كل جانب، ورأى سليمان ما يلقى أصحابه من شدة، فترجل عن فرسه، وهو يومئذ في الثالثة والتسعين من عمره، وكسر جفن سيفه، وصاح بأصحابه: يا عباد الله، من أراد البكور إلى ربه، والتوبة من ذنبه، والوفاء بعهده، فليأت إلي.

واستجاب له الكثيرون، وحذوا حذوه، وكسروا جفون سيوفهم، وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة حتى أصيب أميرهم سليمان بسهم، فوثب ووقع، ثم وثب ووقع، وهو يقول فزت ورب الكعبة، وحمل الراية بعده المسيب بن نجية فقاتل بها حتى استشهد، رحمه الله، وانتهت المعركة إلى جانب أهل الشام، بعد أن ترك التوابون أمثلة رائعة للبطولة والفداء، التي استمدت روحها من مواقف الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه، والتي لها صداها في النفوس، وأثرها القوي في التاريخ الإنساني كله

[تاريخ الطبري 5 / 551- 563 و 5 / 583- 609، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 4 / 175- 189، المسعودي: مروج الذهب 2 / 83- 86، تاريخ اليعقوبي 2 / 257، ابن كثير: البداية والنهاية 8 / 271- 277، أسد الغابة 2 / 18- 23، البلاذري: أنساب الأشراف 5 / 204- 214، علي النشار: المرجع السابق ص 21، محمد بيومي مهران: الإمام الحسين بن علي ص 191- 193.]

وهكذا يرى كثير من المؤرخين أن التشيع- كعقيدة- إنما يبدأ بعد مأساة كربلاء، يقول ستروثمان في دائرة معارف الإسلام: إن دم الإمام الحسين الذي أراقته سيوف الحكومة القائمة، إنما يعتبر البذرة الأولى للتشيع كعقيدة

[دائرة معارف الإسلام 3 / 350.]، والأمر كذلك بالنسبة إلى ول ديورانت الذي يرى أن نشأة طائفة الشيعة، إنما كان على أثر مقتل الحسين وأسرته

[ول ديورانت: قصة الحضارة 4 / 32.]

ويقول الدكتور الخربوطلي: كانت هناك نتائج دينية هامة تخلفت عن

فاجعة كربلاء، فنحن لا يمكننا أن نفسر دعوة شيعة الكوفة للإمام الحسين، ثم خذلانهم له، إلا بضعف العقيدة في نفوسهم وقت ذاك ذلك لأن العقيدة لم تكن قد اختمرت في نفوسهم، ولا تملكت قلوبهم، ولكن الحال قد اختلف بعد مقتل الإمام الحسين، فقد كانت دماؤه أبعد أثراً من دماء أبيه الإمام علي في نمو حركة الشيعة وازدياد أنصارها، بل يمكننا أن نقول: إن الحركة الشيعية إنما بدأ ظهورها في العاشر من المحرم عام 61 هـ"10 أكتوبر عام 680 م" وصبغت مبادئ الشيعة بصبغة دينية، فاتجهت الشيعة بعد مقتل الإمام الحسين اتجاهاً دينياً، بل غلب الجانب الديني في التشيع الجانب السياسي

[علي حسني الخربوطلي: تاريخ العراق في ظل الأمويين ص 123، أحمد صبحي: المرجع السابق ص 48- 49.]

وهكذا نرى أن حركة التشيع كانت ما تزال متعثرة في طريقها- حتى كارثة كربلاء- لأن التشيع في نظر أهل العراق إنما كان مرتبطاً بذكرى حكم الإمام علي، الذي يمثل زعامة العراق بين الأمصار

[الدوري: مقدمة في صدر الإسلام ص 61.]، ثم كان لاستشهاد الإمام الحسين، عليه السلام، أثر كبير في نفوس شيعته، وقد أغنت هذه الحادثة الأدب العربي بالروائع، وألفت الكتب الكثيرة في مقتل الإمام الحسين

[أنظر كأمثلة "ابن طاووس: كتاب اللهوف في قتلى الطفوف، ابن نما الحلي: كتاب مثير الأحزان، الخوارزمي: كتاب مقتل الحسين، جمال الطاووس: عين العبرة في غبن العترة".]

وهكذا كان تبلور الحركة السياسية تحت اسم الشيعة بعد استشهاد الإمام الحسين مباشرة

[الشيبي: المرجع السابق 1 / 17.]، ومن ثم فقد أصبحت كلمة الشيعة- بعد مقتل الحسين- تطلق مفردة، فيقال الشيعة، ولا يقال شيعة علي أو شيعة الحسين، وهذا يعني أن مفهوم الشيعة كجماعة بدأ في الوضوح والتحديد

[نبيلة عبد المنعم داوود: المرجع السابق ص 76.]، ويذهب الشيخ المفيد إلى أن كلمة شيعة إذا دخلت عليها أل التعريف، فهي على

التخصيص لأتباع أمير المؤمنين

[الشيخ المفيد: أوائل المقالات في المذاهب و المختارات ص 3 "تبرير 1371 هـ".] "علي بن أبي طالب".

وعلى أية حال، فيتضح لنا من الروايات التاريخية أن الشيعة أصبحت- بعد خروج التوابين- حزباً سياسياً واضح المفهوم، فكان يقال الشيعة وشيخ الشيعة فيعرف مدلولها

[نبيلة عبد المنعم داوود: المرجع السابق ص 78، وانظر: تاريخ الطبري 5 / 558- 559.]

وهكذا لم يكن أثر مقتل الإمام الحسين يقف عند انشقاق فريق من المسلمين باسم الشيعة، أو يشكل مجرد عقائد الشيعة حتى تميزت بها عن سائر فرق المسلمين، وإنما كانت دماؤه بحق هي التي ظلت طوال القرون، تروي عقائد الشيعة، فصمدت هذه الفرق، على العالم الرغم مما أصابها من اضطهاد فكري وسياسي، وعلى الرغم ما جد على العالم من أحداث وتطورات، ولم يكن الأمر وقفاً على تلك العاطفة الحزينة التي صبغت عقيدة الشيعة، أو على تلك المرثيات التي يرددونها دائماً، والتي تزدخر بها كتبهم، لتظل النفوس عالقة بتلك العقائد، منفعلة بتلك الكوارث، تتخذ من مصرع مولانا الإمام الحسين مثلاً أعلى في الصبر على البلاء والاستشهاد، وإنما أمدتهم تلك الدماء الطاهرة بما جعلهم على رأيهم ثابتين، بالرغم من تحالف قوى الفكر عليهم- من سنة ومعتزلة ومرجئة وخوارج

[أنظر عن هذه الفرق "البغداد: الفرق بين الفرق- دار المعرفة- بيروت، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل- القاهرة 1964 "5 أجزاء"، الشهرستاني: الملل والنحل- القاهرة 1968 "3 أجزاء"، الغرابي: تاريخ الفرق الإسلامية- القاهرة 1959".]- وبالرغم من الاضطهاد السياسي العنيف الذي حاق بهم في العصرين: الأموي "41- 132 هـ/ 661- 750 م" والعباسي "132- 656 هـ/ 750- 1258 م"

[أحمد صبحي: المرجع السابق ص 49- 50.]

وهكذا جعلت كارثة كربلاء من التشيع مذهباً وعقيدة، فلقد روى دم الإمام الحسين، عليه السلام، موات الأحداث ليصبح الانشقاق أمراً مقضياً،

ذلك أن الشيعة قد أدركت بعد هذه الفاجعة الأليمة، أن اقتلاع سلطان الغاصبين من بني أمية وغيرهم، لا تكفي فيه قوة السلاح، إنه إن عز النصر بسلاح الحرب، فلا بد من قوة معنوية تشد أزر القوة المادية، وليس ذلك إلا سلاح الفكر، إذ أن الكلمة أحياناً أبقى أثراً، وأشد تنكيلاً بالعدو من السيف، ومن ثم فقد بات لزاماً أن يكون للشيعة مذهب خاص، وإيديولوجية مثمرة في الإمامة، ولن يتسنى ذلك ما دامت تربطهم بأهل السنة وحدة الفكر، وهكذا جعلت فاجعة كربلاء انشقاق الشيعة عن جمهور المسلمين أمراً مقضياً

[أحمد صبحي: الزيدية ص 6- 17.]

على أن الصورة النهائية لعقائد الشيعة لم تظهر إلى حيز الوجود في أعقاب استشهاد الإمام الحسين مباشرة، وربما احتاج ذلك إلى عشرات من السنين حتى تتبلور هذه العقائد، عير أن الفرق التي تندرج تحت اسم الشيعة- المعتدلين فيهم- إنما قد بدأ ظهورها بعقائدها عقب مأساة كربلاء، منذ بدأت فرقة الكيسانية

[أنظر عن الكيسانية "البغدادي: الفرق بين الفرق ص 38- 53، الغرابي: تاريخ الفرق الإسلامية ص 288- 289، الشهرستاني: الملل والنحل ص 147".] التي تعتبر أولى الفرق التي ظهرت في التيار العام للحركة الشيعية، على اعتبار أن حركة ابن سبأ لا تدخل في هذا التيار العام، إذ صدرت عن باعث الفتنة، لا عن ينبوع العقيدة، من ناحية، ولأن حركة ابن سبأ إنما تعتبر بوجه عام- أولى حركات الغلاة، لا المعتدلين

[أحمد صبحي: نظرية الإمامة ص 50.]، من ناحية أخرى، ولأن الشيعة أنفسهم لا يعترفون بها- هذا إن كان هناك من يدعى ابن سبأ حقاً-.

وهكذا يمكن القول إن التشيع كفكرة إنما لاحت في عصر النبوة مع العباس بن عبد المطلب في إلحاحه على الإمام علي بالاستفسار من النبي صلى الله عليه وسلم، عن البيعة والوصية الكتابية فرفض الإمام علي

[محمد حسين هيكل: حياة محمد ص 484- 485.]، ولكنها ولدت ولادة صحيحة

يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وشبت بعد قتل عثمان وحرب معاوية بن أبي سفيان للإمام علي، ومن قبل ذلك خروج السيدة عائشة وطلحة والزبير، ثم موقعة الجمل، ثم نضجت يوم استشهاد الأئمة- علي والحسين وزيد ويحيى وغيرهم من كرام الأئمة- حتى اتخذت ثوب التقية وتدرعت به لتحفظ رسالة الإمام الصادق، كإمام قاعد، يعيش للعلم، يدرسه عن ربه ونبيه وأجداده، ويعلمه ويعمل، ويدرس ما اختلف فيه، فيكون أعلم الناس، لعلمه باختلاف الناس

[عبد القادر محمود: الإمام جعفر الصادق- رائد السنة والشيعة- القاهرة ص 6- 7.]، كما قال عنه الإمام أبو حنيفة.

ومن هنا أكد مؤرخو الشيعة أن التراث الشيعي إنما قد عاش، لأن أربعة عشر قرناً تعيش في تياراته، وتغني المضمون الروحي للفكر الإسلامي من خلال صراع آرائه

[عبد الرحمن بدوي: دراسات إسلامية ص 35.]

اصل التشيع


اختلف المستشرقون- من أمثال دوزي، وميور، وجولد تسيهر، وفلهاوزن- في أصل التشيع في جذوره الأولى إلى الفرس، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما دام لم ينجب ولداً، فولده علي، شرعاً وقانوناً إلهياً، وهذا من المذاهب الفارسية التي تعتقد في الحق الإلهي للملك

[r dozy, essai sur l'histoire de l'islamisme, paris, 1879, p.220.]

ويقول الدكتور عبد القادر محمود

[عبد القادر محمود: الإمام جعفر الصادق- رائد السنة والشيعة- القاهرة ص 7.]: إنه حقاً قد دخلت أفكار فارسية على التفكير الإسلامي- فضلاً عن أفكار يونانية ويهودية ونصرانية كذلك- غير أن ذلك لم يفقد التفكير الإسلامي شخصيته في عقيدته، فكل شئ دخل على الإسلام، صادف في الإسلام شيئاً قائماً في ذاته وموضوعه، لم يخلقه من

عدم، وقد هضم الإسلام كل شئ، وأخذ ما يناسبه، وطبعه بطابعه، وخلق فيه الآيات

[مصطفى عبد الرازق: تمهيد لتاريخ الفلسفة في الإسلام- القاهرة 1944 ص 139- 141 و 294- 295.]

هذا وقد دخل التشيع بخاصة لون من هذه الأفكار، كما دخلت مبادئ تقلدها بعض الشيعة، ولا سيما بعد عصر الإمام جعفر الصادق "80 أو 83- 148 هـ" "669 أو 703- 765 م" عن طريق القداح غير أن هذا لا يعني أبداً أن نحكم على مبدأ التشيع في ذاته بأنه فارسي من جذوره- كما ذهب دوزي، ومن شايعه-.

هذا ويذهب آدم متز إلى أن التشيع إنما يرجع إلى أصل عربي صميم، وليس رد فعل من جانب العقل الفارسي.

وأما فلهاوزن فالرأي عنده أن عقائد الشيعة مأخوذة من اليهودية الأصلية، أكثر مما هي مقتبسة من المنابع الفارسية- كما قال دوزي- وقد اعتمد فلهاوزن في رأيه هذا على قول ابن سبأ: علي بالنسبة لمحمد كهارون لموسى، وعلى قول ابن سبأ في رجعة محمد في شخص علي

[فلهاوزن: أحزاب المعارضة الدينية في صدر الإسلام، وانظر الأصل:

wellhausen, die- religioes- opposition sparteien in alten islam, p.89

غير أن فلهاوزن يقول في كتابه الخوارج والشيعة ص 25- 26 إن الخوارج لم يكونوا بذرة فاسدة بذرها اليهودي ابن سبأ سراً، وإنما كانوا نبتة إسلامية حقيقية، ولم يكونوا فرقة تعيش في الظلام، بل كانوا ظاهرين علناً.]

وأما عن الأولى: وهي أن الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- إنما كان بالنسبة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كهارون لموسى، عليهما السلام.

فلست أدري من الذي قال: إن ابن سبأ- المزعوم هذا- هو الذي قال ذلك، وكيف لم ينتبه الباحثون إلى من قال ذلك، إنما هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح المشهور، روى البخاري في صحيحه بسنده عن سعد قال:

سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى

[صحيح البخاري 5 / 24.]، وروى البخاري بسنده عن مصعب بن سعد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج إلى تبوك واستخلف علياً، فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي

[صحيح البخاري 6 / 3 "دار الحديث- القاهرة".]

وروى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له: خلفه في بعض مغازيه، فقال علي: يا رسول الله، خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر، لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: * "فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم" *، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال:

اللهم هؤلاء أهلي

[صحيح مسلم 15 / 175- 176.]

وروى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال، قال الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون

من موسى، إلا إنه لا نبي بعدي، قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدثته بما حدثني به عامر فقال: أنا سمعته، فقلت أنت سمعته، فوضع أصبعيه على أذنيه فقال: نعم، وإلا فاستكتا.

وفي رواية ثالثة عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله، علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي

[صحيح مسلم 15 / 174- 176 "بيروت 1981".]

هذا وقد روى هذا الحديث الشريف الإمام أحمد بن حنبل في المسند والفضائل

[مسند أحمد 1 / 170 و 173 و 174 و 175 و 177 و 179 و 182 و 184 و 330 و 3 / 338 و 6 / 369 و 438، فضائل الصحابة 2 / 566- 568 و 592 "أرقام 954 و 956 و 957 و 1005 و 1006".]، وأبو داود الطيالسي في مسنده

[مسند أبي داود الطيالسي 1 / 28 و 29.]، وأبو نعيم في الحلية

[حلية الأولياء 7 / 194 و 195 و 196 و 452 و 8 / 308.]، والنسائي في الخصائص

[النسائي تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ص 38- 44 "أرقام 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 751 52 و 53".]، والطحاوي في مشكل الآثار

[مشكل الآثار 2 / 309.]، والخطيب البغدادي

[تاريخ بغداد 1 / 324 و 3 / 288 و 4 / 204 و 8 / 52 و 9 / 394 و 10 / 43 و 11 / 432 و 12 / 323.] في تاريخه، وابن الأثير في أسد الغابة

[أسد الغابة 4 / 26 و 5 / 8.]، والترمذي في صحيحه

[صحيح الترمذي 2 / 300 و 301 و 5 / 641.] وابن ماجة في صحيحه

[صحيح ابن ماجة 1 / 42.]، والحاكم في المستدرك

[المستدرك للحاكم 2 / 337 و 3 / 116.]، وابن عبد

/ 47