امامة و اهل البیت جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 1

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

جباهم وجنوبهم وظهورهم، فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك، وأوجبوه على الأغنياء، وشكا الناس ما يلقون منهم.

فأرسل معاوية إليه بألف دينار في جنح الليل فأنفقها فلما صلى معاوية الصبح دعا رسوله الذي أرسله إليه فقال: إذهب إلى أبي ذر فقل له: أنقذ جسدي من عذاب معاوية، فإنه أرسلني إلى غيرك، وإني أخطأت بك، ففعل ذلك، فقال له أبو ذر: يا بني قل له: والله ما أصبح عندنا من دنانيرك دينار، ولكن أخرنا ثلاثة أيام حتى نجمعها، فلما رأى معاوية أن فعله يصدق قوله، كتب إلى عثمان: إن أبا ذر قد ضيق علي، وقد كان كذا وكذا، للذي يقول للفقراء، فكتب إليه عثمان: إن الفتنة قد أخرجت خطمها وعينيها، ولم يبق إلا أن تثب، فلا تنكأ القرح، وجهز أبا ذر إلي، وابعث معه دليلاً، وكفكف الناس ونفسك ما استطعت، وبعث إليه بأبي ذر

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 114- 115.

هذا ويختلف الباحثون في الأسباب التي دفعت أبا ذر إلى الإقامة في الربذة، ففي رواية ابن سعد، عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر، قال فقلت: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية * "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله" *، وقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، قال فقلت: نزلت فينا وفيهم، قال: فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فكتب يشكوني إلى عثمان، قال:

فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمت المدينة وكثر الناس علي، كأنهم لم يروني قبل ذلك، قال: فذكر ذلك لعثمان فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً، فذاك أنزلني هذا المنزل، ولو أمر على حبشي، لسمعت ولأطعت

[ابن سعد: الطبقات الكبرى 4 / 166 "دار التحرير- القاهرة 1969".

غير أن رواية ابن الأثير في الكامل إنما تذهب إلى أن أبا ذر لما قدم

المدينة ورأى المجالس في أصل جبل سلع قال: بشر أهل المدينة بغازة شعواء، وحرب مذكاء، ودخل على عثمان فقال له: ما لأهل الشام يشكون ذرب لسانك؟ فأخبره، فقال: يا أبا ذر، على أن أقضي ما علي، وأن أدعو الرعية إلى الاجتهاد والاقتصاد، وما علي أن أجبرهم على الزهد، فقال أبو ذر: لا ترضوا من الأغنياء حتى يبذلوا المعروف، ويحسنوا إلى الجيران والإخوان ويصلوا القربات.

قال كعب الأحبار- وكان حاضراً- من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه، فضربه أبو ذر فشجه، وقال له: يا ابن اليهودية، ما أنت وما ههنا؟ فاستوهب عثمان كعباً شجته، فوهبه.

فقال أبو ذر لعثمان: تأذن لي في الخروج من المدينة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرني بالخروج منها، إذا بلغ البناء سلعاً، فأذن له، فنزل الربذة وبنى مسجداً، وأقطعه عثمان صرمة من الإبل، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه كل يوم عطاء، وكان أبو ذر يتعاهد المدينة مخافة أن يعود أعرابياً

[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 115، تاريخ الطبري 4 / 283- 284، ابن كثير: البداية والنهاية 7 / 170.

وروى الطبري في تاريخه عن محمد بن سيرين

[هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري، كان أبوه يعمل القدور النحاسية، وهو من جرجرايا أحضر عبداً من عين التمرة، وقد ولد ابن سيرين في عام 33 هـ"653 م"، وتوفي في عام 110 هـ"729 م"، وعاش في البصرة، وكان تابعياً مشهوراً، روى عن عدد من الصحابة، كما كان فقيهاً، وزاهداً من الزهاد الأوائل، وهو حجة في تفسير الأحلام، وإن كنا لا ندري إن كان ألف في ذلك رسائل م لا، وإن جعله الجاحظ وابن قتيبة الحجة في هذا الميدان، وأما أشهر مراجع ترجمته فهي "طبقات ابن سعد 7 / 193- 206، محمد بن حبيب: المحبر ص 379- 480، ابن قتيبة: المعارف، ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 3 / 280- 281. أبو نعيم: حلية الأولياء 2 / 263- 282، الشيرازي: طبقاتها الفقهاء ص 69- 70، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 5 / 331- 338، الذهبي: تذكرة الحفاظ ص 77- 78، الصفدي: الوافي بالوفيات 3 / 146، ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب 9 / 214- 217، اليافعي: مرآة الجنات 1 / 232- 234، ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 1 / 138، الزركلي: الأعلام 7 / 25، كحالة: معجم المؤلفين 10 / 59، ابن خلكان: وفيات الأعيان 4 / 181- 183، فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي 4 / 97- 99. قال: خرج أبو ذر إلى

الربذة من قبل نفسه، لما رأى عثمان لا ينزع له، وأخرج معاوية أهله من بعده، فخرجوا إليه ومعهم جراب يثقل يد الرجل، فقال: أنظروا إلى هذا الذي يزهد في الدنيا ما عنده، فقالت امرأته: أما والله ما فيه دينار ولا درهم، ولكنها فلوس إذا خرج عطاؤه ابتاع منه فلوساً لحوائجنا.

ولما نزل أبو ذر الربذة أقيمت الصلاة، وعليها رجل يلي الصدقة، فقال:

تقدم يا أبا ذر، فقال: لا، تقدم أنت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إسمع وأطع، وإن كان عليك عبد مجدع، فأنت عبد، ولست بأجدع، وكان من رقيق الصدقة، وكان أسود يقال له مجاشع

[تاريخ الطبراني 4 / 284- 283، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 3 / 115- 116.

على أن رواية اليعقوبي إنما تذهب إلى أن معاوية كتب إلى عثمان: إنك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر، فكتب إليه: أن أحمله على قتب بغير وطاء، فقدم به إلى المدينة، وقد ذهب لحم فخذيه، فلما دخل إليه، وعنده جماعة قال: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كمل بنو أمية ثلاثين رجلاً، اتخذوا بلاد الله دولاً، وعباده خولاً، ودين الله دغلاً، فقال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، فقال لهم: أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك؟

فبعث إلى علي بن أبي طالب، فأتاه، فقال: يا أبا الحسن: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما حكماه أبو ذر وقص عليه الخبر، فقال علي: نعم، قال:

وكيف تشهد؟ قال: لقومه صلى الله عليه وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء، ذا لهجة أصدق من أبي ذر.

فلم يقم بالمدينة حتى أرسل إليه عثمان: والله لتخرجن عنها، قال:

أتخرجني من حرم رسول الله؟ قال: نعم، وأنفك راغم، قال: فإلى مكة؟ قال:

لا، قال: فإلى البصرة؟ قال: لا، قال: فإلى الكوفة؟ قال: لا، ولكن إلى

الربذة، التي خرجت منها حتى تموت بها، يا مروان أخرجه، ولا تدع أحداً يكلمه حتى يخرج، فأخرجه على جمل، ومعه امرأته وابنته، فخرج وعلي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر، ينظرون. فلما رأى أبو ذر علياً، قام إليه فقبل يده، ثم بكى وقال: إني إذا رأيتك، ورأيت ولدك، ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أصبر حتى أبكي، فذهب علي يكلمه، فقال له مروان:

إن أمير المؤمنين قد نهى أن يكلمه أحد، فرفع علي السوط فضرب وجه ناقة مروان، وقال: تنح، نحاك الله إلى النار، ثم شيعه، وانصرف مروان إلى عثمان، فجرى بينه وبين علي في هذا بعض الوحشة، وتلاحيا كلاماً، فلم يزل أبو ذر في الربذة حتى توفي

[تاريخ اليعقوبي: 2 / 172- 173.

ويروي أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما خرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس: ألا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، وتحاشاه الناس، إلا علي بن أبي طالب، عليه السلام، وعقيلاً أخاه، وحسناً وحسيناً، عليهم السلام، وعماراً، فإنهم خرجوا معه يشيعونه، فجعل الحسن عليه السلام يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيها يا حسن، ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل، فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك، فحمل علي عليه السلام، على مروان، فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال:

تنح نحاك الله إلى النار.

فرجع مروان مغضباً إلى عثمان، فأخبره الخبر، فتلظى على علي عليه السلام، ووقف أبو ذر فودعه القوم، ومعه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب.

قال ذكوان: فحفظت كلام القوم- وكان حافظاً- فقال علي عليه السلام:

يا أبا ذر، إنك غضبت لله، إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقاً، ثم اتقى الله، لجعل له منها مخرجاً، يا أبا ذر، لا يؤذنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك.

فتكلم عقيل، فقال: ما عسى أن نقول يا أبا ذر، وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا، فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع.

ثم تكلم الحسن فقال: يا عماه، لولا أنه لا يبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلام، وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وسلم، وهو عنك راض.

ثم تكلم الحسين عليه السلام، فقال: يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر، واستعذبه من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقاً، والجزع لا يؤخر أجلاً.

ثم تكلم عمار، رحمه الله، مغضباً، فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك، إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، مالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غاب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين.

فبكى أبو ذر- رحمه الله، وكان شيخاً كبيراً- وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة، إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لي بالمدينة سكن، ولا شجن غيركم، إني ثقلت على عثمان بالحجاز، كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين، فأفسد الناس عليهما، فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع، إلا الله، والله ما أريد إلا الله صاحباً، وما أخشى مع الله وحشة.

ورجع القوم إلى المدينة، فجاء علي عليه السلام إلى عثمان، فقال: ما حملك على رد رسولي، وتصغير أمري، فقال علي عليه السلام: أما رسولك فأراد أن يرد وجهي فرددته، وأما أمرك فما أصغره.

فقال: أما بلغك نهي عن كلام أبي ذر، قال: أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه، قال عثمان: أقد مروان من نفسك، قال: مم ذا؟ قال: من شتمه وجذب راحلته، قال: أما راحلته فراحتي بها، وأما شتمه إياي، فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها، لا أكذب عليك، فغضب عثمان، وقال: لم لا يشتمك، كأنك خير منه، قال علي: أي والله ومنك، ثم قام فخرج.

فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أمية، يشكو علياً عليه السلام، فقال القوم: أنت الوالي، وإصلاحه أجمل، قال: وددت ذاك، فأتوا علياً عليه السلام فقالوا: لو اعتذرت إلى مروان وأتيته، فقال: كلا، وأما مروان فلا آتيه، ولا أعتذر منه، ولكن إن أحب عثمان أتيته.

فرجعوا إلى عثمان فأخبروه، فأرسل عثمان إليه، فأتاه ومعه بنو هاشم، فتكلم علي عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر ووداعه، فوالله ما أردت مساءتك، ولا الخلاف عليك، ولكن أردت به قضاء حقه، وأما مروان فإنه اعترض، يريد ردي عن قضاء حق الله

عز وجل، فرددته رد مثلي مثله، وأما ما كان مني إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب مني ما لم أرده. فتكلم عثمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فادن يدك، فأخذ يده فضمها إلى صدره. فلما نهض قالت قريش وبنو أمية: أأنت رجل ; جبهك علي، وضرب راحلتك، وقد تفانت وائل في ضرع ناقة، وذبيان وعبس في لطمة فرس، والأوس والخزرج في نسعة، أفتحمل لعلي عليه السلام ما أتاه إليك. فقال مروان: والله لو أردت ذلك ما قدرت عليه.

ويقول ابن أبي الحديد: واعلم أن الذي عليه أكثر أهل السير وعلماء الأخبار والنقل، أن عثمان نفى أبا ذر، أولاً إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة، لما عمل بالمدينة نظر ما كان يعمل بالشام.

وأصل هذه الحكاية، أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشئ منها، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: * "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله * فبشرهم بعذاب أليم" *، فرفع ذلك إلى عثمان مراراً، وهو ساكت.

ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه: أن انته عما بلغني عنك، فقال أبو ذر:

أو ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله تعالى، فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان، أحب إلي من أن أسخط الله برضى عثمان، فأغضب ذلك عثمان وأحفظه، فتصابر وتماسك، إلى أن قال عثمان يوماً، والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئاً قرضاً، فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك، فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا؟ فقال

عثمان: قد كثر أذاك لي، وتولعك بأصحابي، إلحق بالشام، فأخرجه إليها

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 8 / 252- 256 "بيروت 1966".

ثم كان من أبي ذر مع معاوية، ما ذكرناه آنفاً

[أنظر التفصيلات "شرح نهج البلاغة 8 / 256- 262".

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن أبا ذر كان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجتمع إليه الناس، فيحدث بما فيه الطعن على عثمان، وأنه وقف بباب المسجد، فقال:

أيها الناس، من عرفني فقط عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، محمد الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم، والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد، إنه شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة، وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها، وبورك زبدها، ومحمد وارث علم آدم، وما فضل به النبيون، وعلي بن أبي طالب، وصي محمد، ووارث علمه.

أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها، أما لو قدمتهم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم، ومن تحت أقدامكم، ولما عال ولي لله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، إلا وجدتم علم ذلك عنده من كتاب الله وسنة نبيه، فأما إذا فعلتم ما فعلتم، فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

[تاريخ اليعقوبي 2 / 171 "بيروت 1980". وانظر تفصيلات أخرى "المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر- المجلد الأول- بيروت 1982 ص 630- 632".

سلمان الفارسي


سلمان- كما يصفه أبو نعيم في الحلية- سابق الفرس، ورائق العرس، الكادح الذي لا يبرح، والزاخر الذي لا ينزح، الحكيم، والعابد العليم، أبو عبد الله سلمان ابن الإسلام، رافع الألوية والأعلام، أحد الرفقاء والنجباء، ومن إليه تشتاق الجنة من الغرباء، ثبت على القلة والشدائد، لما نال من الصلة والزوائد

[حلية الأولياء 1 / 185.

هذا وقد اختلف الباحثون في اسم سلمان الأصلي، وفي موطنه، وفي عمره، وفي كل شئ يتصل به، حتى أن بعض المستشرقين- دونما روية، قد أنكروا تاريخيته

[ماسينيون وهنري كوربان: شخصيات قلقة في الإسلام- ترجمة عبد الرحمن بدوي- القاهرة 1946 ص 8.، وإن تروى آخرون فذهبوا إلى أن اسمه إنما يدخل في الإطار التاريخي للمشاجرات بين الصحابة

[نفس المرجع السابق ص 10.، وعلى أية حال، فالرجل إنما كان من أبناء الدهاقين، كما كان سائحاً نصرانياً، بعد أن ترك المزدكية

[أنظر عن المزدكية "محمد بيومي مهران: تاريخ العرب القديم ص 610، تاريخ الطبري 2 / 92- 93، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 1 / 512- 515، جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 3 / 333، وكذا:

t. noldeke, aufsatze zur persisichen geschichte, leipzig , 1887, p. 109. وروى ابن سعد في طبقاته- على لسان سلمان نفسه قال-: كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان أرضه، وكنت من أحب عباد الله إليه

[طبقات ابن سعد 4 / 53.، وفي صحيح البخاري بسنده عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي أنه تداوله بضعة عشر، من رب إلى رب

[صحيح البخاري 5 / 90.، في أثناء بحثه عن النبي المنتظر، الذي أخبره الرهبان أنه سيظهر في أرض تيماء الأمر الذي جاء مفصلاً

في طبقات ابن سعد، وفي أسد الغابة، وفي الحلية وغيرها

[حلية الأولياء 1 / 190- 195، طبقات ابن سعد 4 / 54- 57، أسد الغابة 2 / 417- 419.، حتى أن البعض اعتبره سلفاً للزهاد السائحين، من أمثال إبراهيم بن أدهم

[كامل الشيبي: المرجع السابق 1 / 20.

وكان سلمان- فيما يرى البعض- يدعى روزبه بن خشنود أو مابه

[نفس المرجع السابق ص 20.، وفي أسد الغابة هو: سلمان الفارسي أبو عبد الله، ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سئل عن نسبه فقال: أنا سلمان ابن الإسلام، أصله من فارس، من رامهرمز، وقيل إنه من جي، وهي مدينة أصفهان "أصبهان القديمة، وتعرف الآن باسم شهرستان"، وكان اسمه قبل الإسلام مابه بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك، من ولد ابن الملك، وكان ببلاد فارس مجوسياً سادن النار

[أسد الغابة 2 / 417.

هذا وقد تنقل سليمان بحثاً عن الدين الصحيح من بلده جي إلى الشام إلى الموصل إلى عمورية، وهناك علم أن نبياً قد أظل زمانه يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، مهاجره بأرض ذات نخل، وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، فركب مع قوم من العرب، من كلب، باعوه إلى رجل من يهود خيبر، ثم اشتراه منه رجل من يهود بني قريظة، فقدم به المدينة، وهناك رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

[أسد الغابة 4 / 417- 418.

تروي المصادر- على لسان سليمان

[أهم مصادر ترجمة سلمان الفارسي هي "طبقات ابن سعد 4 / 53 و 67، البخاري 5 / 90، ابن حنبل: كتاب الزهد ص 150- 1533، ابن حجر العسقلاني: الإصابة في معرفة الصحابة 2 / 62- 63، ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2 / 56- 61، أسد الغابة 2 / 417- 421، حلية الأولياء 1 / 185- 208، أبو نعيم الأصفهاني: دلائل النبوة ص 219- 222. أنه قال- جمعت ما عندي، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بقباء، فدخلت عليه ومعه نفر من

/ 47