و کانت صدیقه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و کانت صدیقه - نسخه متنی

کمال السید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




يرتمى في أحضان أمه.


تمتم رسول السماء يضع حدّاً لأسئلة تناثرت فوق الرمال:


- فاطمة أُمّ أبيها.


فاطمة بربيعها الثالث عشر تتحول إلى أُمّ لأعظم الأنبياء.


- و فاطمة بضعة مني.


نظر محمّد إلى عيني ابنته كان يبحث فيهما عن فتى شرى نفسه للَّه.


- انه هناك يا أبه.. تشققت قدماه.. سال منهما الدمّ.. الشوك والرمضاء و مشاقّ الصحراء... و لا ناقة عنده و لا جمل.


تألقت عينا النبي:


- انّه أخي.


مضى محمّد للقاء أخيه المهاجر..


وهبَّ الفتى للقاء رسول السماء.. نسي آلامهُ.


رشّ الرسول كفيه برحيق النبوّة ثم مسح على قدمى الفتى المهاجر، كأُمّ رؤوم تمسح رأس وليدها ليغفو و ينام..


سافرت الآلام و وجد على نفسه في مهد امّه في أحضان رجل ربّاه صغيراً.... فغفا و نام، ونهض الرجل المكي تاركاً وليد الكعبة يلتقط أنفاسه بعد رحلة مريرة في رمال الصحراء.


القسمت 5



دخلت القافلة يثرب وانطلقت أناشيد الفرح تملأ الفضاء...


طلع البدر علينا من ثنيات الوداع


وجب الشكر علينا ما دعا للَّه داع


أيُّها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع


جئت نورت المدينة مرحباً يا خير داع


وامتزجت كلمات الفرح مع زغاريد النسوة وارتدت يثرب حلّة جديدة.


و مرت «القصواء» تشقّ طريقها بين الجماهير و تناثرت كلمات رجاء هنا و هناك:


- انزل يا رسول اللَّه على الرحب والسعة.


- دعوا «الراحلة» فإنها مأمورة.


وسارت «القصواء» حتى اذا وصلت بيت «أبي أيوب» شمّت


رائحة وطن فأناخت رحلها وبركت، وفي تلك البقعة من أرض اللَّه ارتفعت قواعد مسجد قدر له أن يصنع التاريخ و الحضارة.


و تساءل بعض المسلمين ترى كيف ندعوا إلى الصلاة. قال أحدهم:


- ننفخ بالبوق كما يفعل بنو قريظة... ألسنا نتجه في الصلاة إلى قبلتهم؟.


- الناقوس أفضل... ناقوس النصارى له صوت ساحر..


و كان للسماء رأي آخر... هبط جبريل يحمل النداء، ان اللَّه يأمركم أن ترفعوا الأذان..


و ترقرقت في جنبات المدينة كلمات السماء و كان بلال يدعو المسلمين: اللَّه أكبر حي على الفلاح حي على الصلاة.


و تمرّ الأيام، و يشتد عود الإسلام؛ و نمت فاطمة... تفتحت للحياة الجديدة.. حياة تنبض بدف ء الايمان و الأمل.. و أبوها محمد يرسم الطريق الذي يمر عبر يثرب قلب العالم.


توالت الأحداث و تستيقظ جزيرة العرب على انباء ستغير مسار التاريخ. اتجه المسلمون إلى الكعبة في الصلاة بعد ما كانوا يتّجهون إلى بيت المقدس... واغتاظ اليهود... ثم ولد رمضان... رمضان الكريم، و أصبح للمجتمع الوليد أعياد فرح.. عيد «الفطر» و عيد


«الأضحى» و تدفّق نهر الزكاة يطهر الأغنياء و يحيي الفقراء؛ ثم هبّت المدينة لتشارك كلّها فرحة النبي والذين آمنوا معه.


كبرت فاطمة سيدة النساء... أُم أبيها... نفسي التي بين جنبي... و فاطمة بضعة منى...


مضى «أبوبكر» و هو يحث الخطى إلى منزل النبي... وفي قلبه اُمنية طالما حدّث بها نفسه. لاشك أن رسول اللَّه سيقبل طلبه فهو صاحبه الذي هاجر معه فارّاً من مكة... و تحمل معه مشاقّ الهجرة و مخاطر الطريق... ثم انه قد زف اليه ابنته عائشة وهي ما تزال صغيرة بعد... و أيّ شرف عظيم من مصاهرة رسول اللَّه...


طرق «الصحابي» الباب برفق... جلس قبالة النبي...


- جئتك خاطباً يا نبي اللَّه.


تمتم النبي:


- أمرها إلى ربها.


نهض «أبوبكر» و استأذن بالإنصراف... و في الطريق كان أبو عائشه يفكر- ألا يكون قد أغضب النبي فينزل فيه وحى من السماء.


وسمع «أبوحفصة» بقصة صاحبه فاستيقظت في نفسه رغبة سرعان ما استجابت لها جوارحه...


مضى «عمر» مسرعاً نحو منزل «الرسول» و استأذن في الدخول


عليه... انه لا يحب الانتظار أكثر من ذلك فقال على الفور:


- جئتك خاطباً ابنتك فاطمة.


قال النبي:


- انتظر بها أمر اللَّه...


و هيمن صمتٌ ثقيل.. و نهض «أبوحفصة» بعد أن استأذن النبي و غادر المنزل مثقل الخطى و وجد نفسه يمضى إلى منزل صاحبه «أبي عائشة» ربما ليتحدث معه بشأن «فاطمة»، ترى من سيحظى بهذا الشرف الرفيع... مَن سيقترن بسيّدة نساء العالمين.


القسمت 6



نسيم عليل كان يداعب سعفات النخيل، يحركها برفق، و ظلال وارفة تنتشر تطرّز أرض رجل من «الأنصار».. كان عليّ ما يزال منهمكاً بارواء نخلات باسقات يحمل المياه على بعير له بأجر... و قد تصبب عرقاً...


جلس الفتى الذي بلغ من العمر خمسة و عشرين سنة... جلس يلتقط أنفاسه... أسند جذعه إلى جذع نخلة ميساء و طافت أمامه آيات من القرآن...


- «ربِّ إني لما أنزلت إليّ من خيرٍ فقير».


من بعيد لاح له رجلان قادمان كانا يحثّان الخطى... سرعان ما عرفهما. عرف أوّلاً عمر يعرف طريقته في المشي، ثم تعرّف «أبابكر» لأنه طالما شاهدهما معاً... فهناك ما يشبه الصداقة بينهما...


تمتم أبوعائشة:


- يا أباالحسن.. لم تبق خصلة من خصال الخير إلّا ولك فيها سابقة و فضل.. و أنت من رسول اللَّه بالمكان الذي قد عرفت من القرابة و الصحبة و السابقة... فما يمنعك أن تذكرها لرسول اللَّه و تخطبها منه.


قال عمر دون مقدمات:


- و قد خطبها الأشراف من قريش فردّهم... و أظنه قد حبسها من أجلك.


أمسك «أبوبكر» بخيط الحديث:


- ما الذي يمنعك يا علي أن تذكرها!!


تمتم عليّ وقد لاحت في عينيه غيوم ممطرة:


- واللَّه إن فاطمة لموضع رغبة.


وأردف و هو يقلّب يديه:


- ولكن يمنعني قلّة ذات اليد... أنا لا أملك من حطام الدنيا سوى سيف و درع و هذا البعير.


قال أبوبكر متأثّراً:


- إن الدنيا لدى رسول اللَّه كهباء منثور.


و قال عمر و هو يحثّه:


- اخطبها يا على تزدد فضلاً إلى فضلك.


سكت عليّ و طافت في عينيه أحلام جميلة.


نهض علي الى ساقية قريبة وراح يتوضأ، أشاعت برودة الماء السلام في روحه؛ و أدرك الشيخان ان «عليّاً» قد حزم أمره، فغادرا المكان وقفلا عائدَين.


كان «النبيّ» جالساَ في حجرة اُم سلمة، و كان عبير الوحي يطوف في سماء المكان.


ارتفعت طرقات على الباب... وهتفت اُم سلمة:


- مَن الطارق؟


قال النبي و قد عرفه:


- افتحى له.. هذا رجل يحبّه اللَّه و رسوله.


فتحت اُمّ سلمة الباب... و تريث «الطارق» ريثما تعود «اُمّ المؤمنين» إلى خدرها:


- السلام على رسول اللَّه.


- وعليك السلام يا أباالحسن.


جلس ربيب النبي مطرقاً.. تلالات حبات عرق فوق جبينه الواسع... كلمات تطوف في أعماقه.. و قد انتصب الحياء سدّاً كصخرة صماء تقطع تدفق الساقية.


أدرك النبيّ ما يموج في أعماق على، فقال والبسمة تطفح فوق وجهه:


- يا أباالحسن كانّك أتيت لحاجة فقل حاجتك. انفتحت أمام الفتى كوّة من أمل و وجد نفسه يقول:


- يا رسول اللَّه... إن اللَّه هداني بك و على يديك و قد أحببت أن يكون لى بيت و زوجة أسكن اليها و قد أتيتك خاطباً ابنتك فاطمة.


كانت اُمّ سلمة تنظر إلى وجه النبيّ، فرأت بسمة تطوف في محياه. قال النبي:


- يا عليّ انه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتى أدخل عليها.


نهض النبيّ، و نهض عليّ إجلالاً له.


- يا فاطمة.


- لبيك يا رسول اللَّه.


- ان على بن أبي طالب من قد عرفت قرابته و فضله و إسلامه.. و إنى قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه و أحبهم اليه؛ و قد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين؟


أطرقت فاطمة و كانت علامة رضا تطوف فوق وجهها تغالب مسحة حياء صبغت و جنتيها بحمرة خفيفة كشمس صباح باسم.


هتف النبيّ مستبشراً:


- اللَّه أكبر سكوتها رضاها.


تدفّق ينبوع فرح في بيت اُمّ سلمة. طاف الخبر السعيد منازل المدينة كفراشة تدور ، تحطّ هنا و ترفرف هناك؛ و حلّقت في الأفق أحلام العذارى؛ و شمّ بعض أهل «الصفة» رائحة وليمة عرس.


قال النبيّ و هو يتطلّع إلى صهره:


- هل معك شي ء اُزوجك به؟


عرض الفتى بضاعته المزجاة:


- سيفي و درعي و ناضحي.


- أمّا سيفك فالأسلام يحتاج اليه و أمّا ناضحك فتنضح به على نخلك و تحمل عليه رحلك، ولكني رضيتُ بدرعك.


و انطلق على عارضاً درعه على من يشتريه و سرعان ما وجد له مبتاعاً... اشتراها منه «عثمان» و أقبل الفتى يحث خطاه إلى منزل النبي، فصب الدراهم بين يديه و كانت أربعمئة درهم.


انطلق عليّ يهيئ منزله الجديد و صورة فاطمة بربيعها الخامس عشر ما تزال تطوف في عينيه، و شعر بأن نبعاً من مياه باردة يتدفّق في قلبه:


نشر أرض الحجرة برمل ليّن، وراح يمسح عليه بكفّه فبدا كبلاطة ناعمة، و ثبّت خشبة بين الجدارين في أقصى الحجرة لتكون مشجباً للثياب.. و بسط فوق زاوية من الرمل جلد كبش، زيّنها


/ 22