و کانت صدیقه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و کانت صدیقه - نسخه متنی

کمال السید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


سوف تستوعب عدن، سمرقند أفريقيا، سيف البحر مما يلي الجزر و أرمينيا و سوف تكبر لتشمل التاريخ البشرى بأسره.

لقد وهب اللَّه مريم كلمته في المسيح و أعطى فاطمة فدكاً.

وأراد اليهود بعيسى كيداً.. و أرادوا أن يصلبوه فرفعه اللَّه إليه.

وفدك ماذا سيحلّ بها يا ترى... كيف سيتصرف «الوثن» العربي القابع في الأعماق المظلمة..

القسمت 28


حان وقت الوفاء بالنذر... فلقد نهض الحسنان من فراش المرض.. وعادت إلى وجهيهما دماء العافية، السماء تنتظر نذراً نذره الإنسان.. نذراً يقدمه إلى نفسه ليكون قريباً من عوالم مغمورة بالنور. لا شي ء في منزل فاطمة.

انطلق على إلى «شمعون» رجل من خيبر؛ رجل شهد انهيار حصون مليئة بالسلاح.. بالذهب.. بالذكاء أمام رجل لا يملك سوى سيف وقلب تنطوى في حناياه النجوم.

و ها هو اليوم يأتي يطلب شيئاً عجيباً. انه يريد قرضاً.. ثلاثة أصواع من شعير.. الرجل الذي اقتلع باب «القموص» و قهر خيبر.. جاء يطلب حفنة من شعير... و امرأته بنت محمد... تملك أرض «فدك».

تمتم شمعون و قد هزّته المفاجأة:

- هذا هو الزهد الذي أخبرنا به موسى بن عمران في التوراة!

طحنت فاطمة صاعاً.. الرحى تدور و «فضة» فتاة تعيش في منزل فاطمة.. تجمع الدقيق.. صار الدقيق عجيناً.. ثم خمسة أقراص لكل صائم قرص شعير.

النجم المهيب يهوى باتجاه المغيب.. يرسل أشعة الوداع يعلن عن نهاية يوم من حياة الإنسان و الأرض. الأسرة الصائمة تتهيأ للافطار.. لقمة خبز تقيم أود الجسد الآدمي ليكمل رحلته باتجاه النور.

هتف انسان جائع:

- مسكين! اطعموني أطعمكم اللَّه.

الصائم في لحظة الافطار يدرك آلام الجوع عندما تتلوى المعدة خاوية تبحث عن شي ء تمضعه و إلّا مضغت نفسها.

قدم الصائمون خبزهم.. وأفطروا على الماء.. و استأنفوا رحلة الجوع.. والجوع زاد المسافر في ملكوت السماء... حيث تلال النور وبحيرات تزخر بالنجوم... الجوع يلجم الشيطان القابع في الظلمات... يسحقه فاذا هو خائر كثور محطّم القرون.

ومرّ يوم آخر و الصائمون في رحلة إلى اكتشاف ينابيع الحب الأزلي... و كلّ شي ء آيل إلى الزوال إلّا الحبّ... و الحبّ نداء اللَّه إلى النفوس البيضاء.

ومرّ يتيم... يالوعة اليتم في ساعة الغروب. الكائنات تعود إلى

أوكارها و الطيور إلى أعشاشها والأطفال إلى أحضان زاخرة بالدف ء.

وفي ساعة الغروب تتجمع الدموع في عيون اليتامى كسماوات مشحونة بالمطر... يتجمّع البكاء في القلب.. و المرارة في النفس.. فكيف اذا اجتمعت مع الجوع... و هل تتحمل نفوس الأطفال البرد و الجوع..

نادى اليتيم في لحظة الغروب الحزين:

- أطعموني... مما أطعمكم اللَّه.

هناك في أعماق النفوس البيضاء كنوز من اللّذة أين منها لذائذ البطن... فكيف مع نفوس براها الجوع والنذر حتى عادت شفافة كالضياء ساطعة كالنور..

لبى الصائمون نداء اليتيم.. فباتوا ليلتهم يطوون رحلة مضنية تكاد تمزّق الجسد و تحيله إلى حطام.. حيث يشهد عالم الإنسان اللانهائي انتصار الملائكة و هزيمة الشيطان.. إلى الأبد.

السماء تراقب نفوساً في الأرض تطوى مسافات الجوع وفاءً لنذرها.

وفي اليوم الثالث مرّ أسير ينشد لقمة خبز أو تميرات.

الأجساد ترتعش أمام أمواج الجوع.. العيون غائمة... والوجود يغمره ضباب و دخان و رياحين النبوات تهتز.. تذبل أو تكاد، و النفوس تشتدّ نصوعاً والورود تضوّعاً.

فاطمة تزداد نحولاً. غارت عيناها.. وصوتها زاد وهناً على وهن وهي قائمة تصلّي في المحراب..

وفي منزل آخر الأنبياء هبط جبريل يحمل هدية السماء... سورة الإنسان و انها:

- بسم اللَّه الرحمن الرحيم.

هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا.

انا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً.

انا هديناه السبيل امّا شاكراً و امّا كفورا.

انّا اعتدنا للكافرين سلاسل و اغلالاً و سعيرا.

إنّ الأبرار يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافورا.

عيناً يشرب بها عباد اللَّه يفجّرونها تفجيرا.

يوفون بالنذر و يخافون يوماً كان شرّه مستطيرا.

و يطعمون الطعام على حبّه مسكيناً و يتيماً و أسيرا.

انّما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاءً و لا شكورا.

انّا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريرا.

فوقاهم اللَّه شرّ ذلك اليوم ولقاهم نضرةً و سرورا.

وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا...

انّ هذا كان لكم جزاءً و كان سعيكم مشكورا.

ورأت فاطمة في تلك الليلة ما لا عين رأت وسمعت ما لا أذن سمعت و لم يخطر على قلب بشر.

رأت اشجاراً خضراء خضراء مدّت عروقها في كثبان من المسك و كانت الأنهار الصافية المتألقة تتكسّر امواجها عند جذوع الأشجار.. و نسائم تمرّ تلامس الأغصان فتصطفق الأوراق بصوت حالم.. وقد بدت كبائس اللؤلؤ الرطب في ذرى الأغصان... و تبدت الثمار في غلف الأكمام... و قصور الزبرجد متناثرة هنا و هناك كالأحجار الملوّنة. ينابيع السلسبيل تتدفق... و أطفال كاللؤلؤ يحملون كؤوس الفضة ملأى بالعسل المصفى... يتألقون في الظلال و في الضياء... في ربيع دائم.. لا فيه شمس و لا زمهرير.

سادة القصور يرتدون ثياباً من سندس أخضر و من استبرق.. في أيديهم كؤوس طافحة يستمتعون باحتساء شراب الزنجبيل. الوجوه طافحة بالسعادة الأبدية.. وجوهٌ نظرة.. نحتها النسيم الربيعي المشبع بشذى الورود والأزهار الخالدة.

رأت فاطمة كلّ ذلك. ساحت بين تلال المسك و قصور الزبرجد.. غرقت في بحيرات السعادة...

كادت تذوب شوقاً فهناك اللَّه.. و ما أحلى أن يجاور الإنسان مبدأ الانسان، و قد تحرّر تماماً من ويلات الأرض.

القسمت 29


مضى التاريخ يجوس خلال الرمال.. ينظر بدهشة إلى أرض أرادها اللَّه أن تكون نحلة لبنت رسوله، مضى التاريخ يجوس خلال الرمال.. ثلاث سنين سويّا يشعل الحوادث هنا وهناك...

وقعت «مؤتة» و قد قتل «جعفر».. قطعت يداه فأبدله اللَّه جناحين يطير بهما في الجنّة.

فتحت مكّة.. تهاوت الأصنام و الأوثان صارت أنقاضاً.. وقد دخل حفيد ابراهيم المعبد يحطم بفأس جدّه وجوه الآلهة... وعادت حمائم السلام إلى وادٍ غير ذي زرع.

وتوقّف التاريخ في وادي حنين... يوم اعجبت المسلمين كثرتهم فلم تغن عنهم شيئاً ثم أنزل اللَّه سكينته على رسوله و على المؤمنين.

دارت رحى فاطمة و دار الزمن دورته و مرّ عام فإذا رسول اللَّه يتحدّى دولة الروم و جيوش هرقل.

القبائل العربية ترسل وفودها إلى المدينة وقد فاءت إلى دين اللَّه.. و رأى الناس وهم يدخلون في دين اللَّه أفواجاً.

وقد أسلم كعب فأعطاه نبي اللَّه «البردة»، و أسلم باذان بن ساسان في اليمن.

وجاء جبريل يحمل سورة «براءة»، و أذان من اللَّه و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر انّ اللَّه بري ءٌ من المشركين و رسولُه.

ودوّت كلمات عليّ في الكعبة وما حولها:

- لا يدخل الجنّة كافر، و لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.

ثم فرضت السماء الزكاة حتى لاتكون الأرض دولة بين الأثرياء... و يضيع الفقراء.

و بنى المنافقون مسجداً هو مسجد ضرار.. و ان المساجد للَّه... و ما كان للَّه يبقى... و ما كان لغير اللَّه يذهب هباءً منثوراً...

أرسل النبيّ من يشعل النار في مسجد لم يؤسس على التقوى فالتهمته ألسنة النار و ولى المنافقون الأدبار... و لاذوا بالفرار.. و ذرّت الريح «ضرار».. رماداً و غبارا.

ودارت رحى فاطمة و دار عام.. وجاء وفد من نصارى نجران.. جاء يجادل في طبيعة المسيح وفي مريم؛ جاءوا يقولون انّ عيسى

ابن اللَّه. وقد قال اللَّه:

- انّ مَثَل عيسى عند اللَّه كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون..

- من تراب؟!!

- كلمته القاها إلى مريم.

- بل ابن اللَّه.

- يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألّا نعبد إلّا اللَّه و لا نشرك به شيئاً و لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللَّه.

- لا ندع الربّ يسوع و قد صُلب من أجلنا؛ من أجل الإنسان الخاطئ.

- تعالوا ندع ابناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللَّه على الكاذبين.

كان «العاقب» يراقب موكباً عجيباً... رجل يحمل في روحه ملامح المسيح.. يمسك بيده اليمنى صبيّاً في السابعة و في اليسرى صبياً في السادسة و معه شابّ يكاد أن يكون له ظلّاً و خلفهم فتاة تشبه مريم.

نصارى نجران في حيرة و رأى العاقب في السماء دخاناً... و تلك الوجوه الخمسة تتألّق في الضوء... و الفضاء مشحون بالغضب و اللعنة

قاب قوسين أو أدنى...

تأثرت القلوب و دمعت العيون خشية للَّه...

و مدّ العاقب إلى النبيّ يد السلام، فقال النبيّ:

- لنجران جوار اللَّه و ذمة محمد رسول اللَّه.

وعاد أهل نجران إلى ديارهم..

و تمرّ الأيّام.. و ينطلق رسول السماء إلى حجّ بيت اللَّه... و اختارت السماء «غدير خمّ» في طريق العودة و هبط جبريل:

- يا أيّها الرسول بلِّغ ما اُنزل اليك من ربِّك و ان لم تفعل فما بلّغت رسالته.

- والناس؟

- اللَّه يعصمك من الناس.

الرمال تشتعل لهيباً لا يطاق.

و توقف النبي فتوقف معه مئة ألف أو يزيدون، و علامات استفهام ترتسم على الوجوه و توقّف التاريخ يصغي لما يقول آخر الأنبياء:

- ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

- بلى يا رسول اللَّه.

- مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه... أيّها الناس ستردون عليَّ الحوض و أنا سائلكم عن الثقلين.

/ 22