و کانت صدیقه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و کانت صدیقه - نسخه متنی

کمال السید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




بوسادة من الليف... و هكذا تم بيت فاطمة بنت محمد.


أجال على بصره في الحجرة... لا شي ء يشد قلب المرأة... لا حرير و لا فراش وثير.. ولكنه يعرفها جيداً، يعرف بنت النبي. انها ليست سوى نفسه الكريمة التي تأبى سوى حياة البساطة و الحياة الخالية من بهارج الدنيا الزائلة.


القسمت 7



قال النبي و هو يناول بلالاً حفنة من الدراهم:


- ابتع لفاطمة طيباً.


والتفت إلى «أبي بكر» و ناوله حفنة اُخرى:


- ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث، وخذ معك عمار بن ياسر...


وانطلق جمع من صحابة النبي إلى السوق يشترون جهاز فاطمة.


كان السوق يزخر بمختلف البضائع... بضائع حملتها النوق من مكان بعيد..


كان أبوبكر يجيل بصره في زوايا السوق و في قبضته دراهم معدودة... ماذا يمكنه أن يشترى بها... و بعد جولة مضنية دفعته قلّة ذات اليد إلى أن يتخير بضائع رخيصة الثمن فكانت: قميصاً بسبعة دراهم، و خمار بأربعة دراهم، قطيفة سوداء خيبرية، سرير مزّمل


بشريط، فراشان مصريان؛ حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم، أربعة وسائد من الجلد مما يدبغ في الطائف و قد حشيت بنبات طيب الرائحة... ستائر رقيقة من الصوف، حصير مصنوع من سعف النخيل، رحى، اناء نحاسى لغسل الثياب، سقاء من الجلد، جرة خضراء و بعض الآنية الخزفية. و حمل الصحابة جهاز فاطمة متوجهين إلى منزل النبي..


راح النبي يقلب بيده آنية الخزف وعيناه تتفحصان جهاز سيدة نساء الأرض فتمتم بصوت أقرب إلى الحزن:


- بارك اللَّه لأهل بيت جل آنيتهم من الخزف.


ربما تذكر خديجة تلك المرأة الثرية التي كانت القوافل التجاريه تحمل ثروتها من بلد إلى بلد وهاهى ابنتها تزف بجهاز من الجلد و الخزف و النحاس.سرعان ما طفت الابتسامة فوق محياة و هو يرى ابنته قادمة، فنهض من مكانه و قبل يدها وراح ينظر إلى وجهها المضى ء يستشف من وراءه صورة زوجته الوفية و ملامح أمه الرؤوم.


ارتفع صوت بلال جهورياً يدعو المؤمنين للصلاة؛ الكلمات تنساب هادئة مؤثرة مفعمة بالحب و الأمل و الحياة؛ و يشعر النبي بأن نبعاً فياضاً يتدفق في صدره و يشيع السلام في قلبه فنهض ملبياً داعي اللَّه.


المسجد مكتظ بالمسلمين، ينتظرون قدوم «الرسول» ليس للصلاة فقط بل لشي ءٍ آخر. ان النبأ قد أثار استغراب الكثير؛ يريدون استكشاف هذا الزواج الفريد. ان فتاة مثل فاطمة كان بإمكانها أن تتزوج ثرياً يفرش دربها بالحرير... صحيح ان ابن أبي طالب مثال للفتوة و هو ابن عمّ النبي ولكنه لايملك شيئاً. لقد هاجر حافياً و ما يزال يعيش حياة مريرة لايملك شيئاً... ولكن ما بال فاطمة ترضى لنفسها مثل هكذا حياة..


كان الهمس يدور على الشفاه. تحلّق المؤمنون حول «النبي» كعادتهم، كفراشات تنظر إلى شمعة تتوهج. أدرك النبي ما يجول في الخواطر فقال بخشوع:


- أتانى حبيبى جبريل فقال: يا محمد زوجها على بن أبى طالب فإن اللَّه قد رضيها له و رضيه لها.


وانفض المسلمون و قد ترسخت في ضمائرهم صورة جديدة عن الحياة العائلية عندما تنهض على الايمان وحده. لقد اختارت السماء لعلى فاطمة و اختارت لفاطمة عليّاً، و استجابت فاطمة لإرادة السماء طائعة مبتهجة ان شيئا في أعماقها يشدها إلى على كما شدّ علياً لفاطمة. و باركت السماء رغبة على واستجابة فاطمة ، و رفرفت الملائكة بأجنحتها مثى و ثلاث و رباع.


وجد على في فاطمة ما كان يبحث عنه في نفسه، ووجدت فاطمة في على ما كانت تنشده في أعماق روحها، و كان اللقاء على يد رسول السماء إلى الأرض.. إلى المرأة والى الرجل، ليكون اتحادهما ولادة للإنسان.


وهكذا قدر لأنيس الطفولة أن يكون رفيق درب. كانت فاطمة سعيدة بعلى، ترى في عينيه طيف أبيها.. أبيها الذي تحبه لأنه قادم من عند اللَّه.


أحبت فاطمة علياً.. أحبت فكره و خياله، رأت فيه ظلال محمد... حيث نشأت تحت تلك الظلال... أرادت أن تنتقل من بيت والدها إلى كنف رجل يشبه والدها في كلّ شي ء.


جلس على في بيته. استند إلى الجدار الطينى، و قد غاصت أصابع قدميه في الرمل الليّن الذي يغطي أرضية الحجرة... كلّ شي ء في البيت ينتظر فاطمة... مشجب الثياب... المخضب... الرحى.. حتى ذرّات الرمل. فاحت رائحة «الاذخر»؛ ملأت فضاء الحجرة عطراً... و على ما يزال يترقب قدوم فاطمة و قد مضت ثلاثه أسابيع حسبها عليّ قروناً طويلة.


لابد من خطوة للقاء، وقفزت في ذهن «الفتى» صورة «حمزة»، فنهض من فوره وحث الخطى نحو منزل عمّه.


القسمت 8



مرّت أيام و أيام، و على لايفتأ يذكر فاطمة.. يعيش خيالها الشفاف؛ روحها الطاهرة؛ عينيها المضيئتين؛ مشيتها وهي تخطر على الأرض هونا...


قال و هو يحدق في عينيه:


- في عينيك سؤال.


- يا عمّ ذكرت أهلي.


- ما تنتظر إذن.. هيا بنا إلى منزل النبي.


في الطريق لاحت لهما «أُم أيمن» و قد أدركت على الفور ما يدور في خلد على فكفتهما مؤونه ذلك.


انطلقت «اُم أيمن» و كان النبي في بيت اُم سلمة.


قالت اُم أيمن و قد عرفت كيف تستأذن قلب الرسول:


- يا رسول اللَّه لو أنّ خديجة باقية لقرّت عينها بزفاف فاطمة..


و إن عليّاً يريد أهله.. فقر عين فاطمة ببعلها و أجمع شملهما وقِرّ عيوننا بذلك. قال النبي:


- فما بال على لا يطلبها منى؟


- يمنعه الحياء يا رسول اللَّه...


كانت علينا النبيّ تبحثان عن خديجة... تجمعت في عينيه الدموع كغيوم ممطرة:


- خديجة... وأين مثل خديجة، صدّقتني حين كذبني الناس و آزرتني على دين اللَّه و أعانتني عليه..


وقفت اُم أيمن تنتظر رسول اللَّه:


- انطلقي إلى على فأتينى به.


خفت اُم أيمن إلى حيث ينتظر الفتى:


- ما وراءك يا اُم أيمن؟


- الخير كله؛ رسول اللَّه يدعوك.


كان على مطرقاً برأسه يحدّق في الأرض، قال النبي مشجّعاً:


- أتحب أن تدخل عليك زوجك؟


- نعم فداك أبى و اُمّي.


- نعم وكرامة يا أباالحسن أُدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة


غد إن شاءاللَّه.


نهض الفتى و هو يطير فرحاً. لقد حلّت لحظة اللقاء؛ لقاء قلبين طاهرين.. روحين صافيتين...


تمايلت سعفات النخيل طرباً.. تألّقت في السماء النجوم؛ وظهر القمر يزدهي بهالته.. والسماء تتطلع إلى عرس في الأرض. تألقت فاطمة فبدت بين النسوة كوكباً درّياً؛ حتى اذا استوت فوق الناقة، ارتفع صوت الدفوف، وبدأ موكب الزفاف يسير الهوينى.


فاطمة تحفها بنات عبدالمطلب و نساء المهاجرين و الأنصار، أخذ عمار بزمام الناقة و كان الرسول و بصحبته حمزة و الرجال يمشون خلفها.


وملأت الزغاريد الفضاء وانطلق صوت اُم سلمة يشدو فرحاً:




  • سرن بعون اللَّه جاراتي
    واذكرن ما أنعم رب العلى
    فقد هدانا بعد كفر و قد
    انعشنا ربُّ السماوات



  • واشكرنه في كل حالات
    من كشف مكروه وآفات
    انعشنا ربُّ السماوات
    انعشنا ربُّ السماوات




وارتفع صوت حفصة:




  • فاطمة خير نساء البشر
    فضلك اللَّه على كلِّ الورى
    زوّجك اللَّه فتىً فاضلاً
    فسرن جاراتى بها أنها
    كريمة بنت عظيم الخطر



  • ومن لها وجه كوجه القمر
    بفضل من خصّ بآي الزمر
    أعني علياً خير من في الحضر
    كريمة بنت عظيم الخطر
    كريمة بنت عظيم الخطر



في المسجد كان اللقاء، أخذ النبي يدى فاطمة، و وضعها في يدى على، و تمتم الرسول بخشوع:


- اللهم انهما أحب خلقك إلى، فاحبهما، و انى أعيذهما بك و ذريتهما من الشيطان الرجيم.


شهد البيت الصغير ولاده حبّ عميق عمق البحر، طاهراً كقطرات الندى، متدفقاً كالينبوع. لم تعثر فاطمة في بيتها على فراش وثير لكنها وجدت قلباً دافئاً ينبض بالحب، و لم تجد فاطمة في منزلها الجديد جواهر أو لؤلؤاً منثوراً لكنها وجدت انساناً يموج بقيم تتألق سموّا و تشع رحمة، وجدت فاطمة ما تنشده المرأة في أعماقها...






وجدت كل ذلك قرب عليّ.


و وجد على في فاطمة قبساً من اُمه، فالزهراء تكاد تذوب رقة، وجد فيها رفيق دربه، ففاطمة شوق و حنين، ووجد فيها الخصب والحياة ففاطمة كوثر محمد.


طلب على يد فاطمة؛ واطرقت فاطمة، وكان صمتها، و حمرة الحياء تقولان نعم لعلى، و باركت الملائكة لقاء الشطرين ليؤلّفا كياناً جديداً فيه صفات حواء و خصال آدم.


وذات صباح جاء النبي زائراً و سأل فتاه:


- كيف وجدت أهلك؟


أجاب على وعيناه تنطقان ثناءً.


- نِعم العون على طاعة اللَّه.


و التفت النبي إلى فتاته:


- و كيف وجدتِ بعلك؟


فقالت بكلمات تقطر حياءً و حبّاً:


- خير بعل.


رمق النبي السماء. عَبَرت الأفلاكَ كلماتُه الدافئة:


- اللهم ألّف بين قلبيهما و ارزقهما ذرية طاهرة.


و عندما همَّ بالنهوض قال الأب لفتاته:


- يا بنية نعم الزوج زوجك... لا تعصى له أمراً، ثم شد على يد فتاه و قال بهدوء:


- الطف بزوجتك وارفق بها فان فاطمة بضعه منى يؤلمنى ما يؤلمها و يسرّني ما يسرّها.


شي ء ما ولد في قلب على تجذّر في أعماقه، شي ء يشبه العهد... الميثاق ألّا يغضب فاطمة أو يكرهها على أمر ما إلى الأبد.


و في قلب فاطمة ولد الحب، تفجر نبعه و عند ما يحب المرء ينسى كلّ شي ء سوى الطاعة للحبيب.


وهكذا عاش عليّ و فاطمة. و تمرّ الأيام.


القسمت 9



كانت تشبه أباها في كل شي ء، في حديثها، صمتها، مشيتها، وفي ذلك النور الذي يشع من عينيها، تعمل بصمت أو ترتل سورة مريم تتشربها.. تتنفس جوها و تعيش في ظلالها.


رتبت ثيابها و كانت قليلة مختصرة. وضعتها فوق خشبة كان زوجها قد ثبتها في زواية الحجرة، نشرت خمارها و قطيفة سوداء و قميصاً رخيصاً، رتّبت الفراش ثم عمدت إلى كنس البيت. و تصاعد غبار خفيف كان يتألق في ضوء الشمس.


مسحت كنيزان الخزف و أعادت ترتيبها فبدت جميلة.


حاولت أن تجر الرحى إلى مكان مناسب. وجدتها متشبثة في الأرض فتركتها مكانها ريثما يعود زوجها.


و من كيس في زاوية الحجرة استخرجت حفنات من الشعير ثم جلست إلى الرحى.


/ 22