منهج الامام علی فی القضاء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

منهج الامام علی فی القضاء - نسخه متنی

فاضل عباس الملا

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



منهج الامام على فى القضاء


المقدمه



لا مراء فى ان شخصيه الامام على بن ابى طالب "ع" شخصيه فذه، لا بل انها معجزه من معجزات الاسلام، لما تملكه من عمق وثراء، فى مختلف جوانب الحياه البشريه والابداع الحضارى والتاصيل العقائدى على مر العصور.


واذا كان العلماء ورجال الفكر -على اختلاف مللهم ونحلهم- قد افردوا لشخصيه الامام على "ع" الخالده من الموسوعات والدراسات التى تناولت سيرته ودوره التاريخى فى رفعه الاسلام واعلاء شان الامه وكشف العديد من جوانب عظمته واماطه اللثام عن بعض مناحى عبقريته الملهمه وما تحويه من كنوز ما تفخر بها البشريه، فان اهتمام الدارسين له انصب على ابراز معالم عظمته، بوصفه خليفه متميزا واماما ثبتا وانسانا متكاملا، فتناولوا سيرته من هذه النقطه او تلك، وبحثوا فى مناقبه ومواصفاته الانسانيه المتميزه وما تمخض عنها من البلاء الفذ فى سبيل اعلاء كلمه الحق بفعل العنايه الالهيه التى رفدت به امه العرب والمسلمين كافه، للذود عن حياضها، وهو ابن عم الرسول الامين "ص" وباب مدينه علمه المتين.


واذا كانت حقيقه شخصيه الامام على "ع" تكمن فى فهمه لحقيقه الاسلام ونظرته الثاقبه التى اخترقت اعماقه فتغلغل الايمان فى قلبه الطاهر وعجن بلحمه ودمه، فاضحى رجل الاسلام المخلد الذى لا تاخذه فى الحق لومه لائم او مكابر، وهو الصحابى الوحيد الذى قال قولته المشهوره: "اسالونى قبل ان تفقدونى".


[
راجع: ابن ابى الحديد، شرح نهج البلاغه، المجلد الرابع، ص 138تحقيق لجنه احياء الذخائر، بيروت، 83.] ومن ثقته بنفسه ان طلحه والزبير لما عتبا عليه لتركه مشورتهما قال: "نظرت الى كتاب اللّه وما وضع لنا وامرنا بالحكم فيه فاتبعته وما استن النبى "ص" فاقتديته فلم احتج فى ذلك الى رايكما ولا راى غيركما ولا وقع حكم جهلته".


[
الشيخ محمد عبده، شرح نهج البلاغه، ج 2ص 184نشر موسسه الاعلمى، بيروت، بلا تاريخ.] وبحكم علاقته الوثيقه ببيت الرساله المحمديه وما حباه البارى تعالى من الهام ومكانه نجده، رضوان اللّه عليه، قد انفرد عن غيره بخصائص هو ابن عذرتها، ولا غرابه فى ذلك ما دام الرسول الكريم قد مثله بنفسه، وقال فى حديثه الشريف:


"ما من نبى الا وله نظير فى امته وعلى نظيرى"


[
الحافظ محب الدين الطبرسى، ذخائر العقبى، ص 74بغداد، 1984.] فكان من الجوانب المتميزه فى حياته الطاهره عدله القضائى ودقه احكامه فى القضايا التى كانت تعرض عليه، فكان سباقا الى احتواء مشكلات القضاء وعويصاته ومستحدثات مسائله وما يمكن ان يستجد من اموره وموضوعاته. من هنا تبرز عظمته، بوصفه قاضيا فريدا، بعد ان عرف ان احكام الشريعه الغراء تغطى كل احداث الناس وخصوماتهم- على تعاقب الدهور- وحيث ان النبى العربى الامين محمدبن عبداللّه "ص" قد وصف الامام على بن ابى طالب "ع" بانه "اقضى الامه"


[
ينظر، مثلا، مناقب الخوارزمى، ص 39النجف،1965والشبلنجى، نور الابصار، ص 79بغداد،1984والطبرى فى ذخائره، ص 93والدكتوره سعاد ماهر، مشهد الامام على، ص 39القاهره، 1969.] وحيث ان عمر بن الخطاب "رض" كان يتعوذ من المعضله التى ليس فيها ابو الحسن


[
السيوط ى، تاريخ الخلفاء، ص 171بغداد،1976وابن حجر، الصواعق المحرقه، ص 127مصر، 1965.] فانه الوحيد الذى لم يختبره الرسول المعظم حين ولاه قضاء اليمن


[
الماوردى، الاحكام السلطانيه، ص 67مصر،1966والكازرونى، مختصر التاريخ، ص 56بغداد، 1970 تحقيق الدكتور مصطفى جواد.] رغم انه كان وقتها شابا يافعا، ثم انه كان المستشار الفقهى والقضائى للخلفاء الذين من قبله ومرجع الصحابه الكرام فى عويصات ما تعترضهم من مسائل،


[
الشيخ المفيد، الارشاد، ص 117النجف،72والحافظ الطبرى، ص 89سلف ذكره.] الامر الذى يدلنا على تمتعه بالهام ربانى وخصوصيه قضائيه استحق فيها ان يصفه نبى الامه بانه اقضى الامه.


فما هو اذن منهجه فى القضاء؟ وكيف كان يقضى بين الناس؟


وما هى طريقته وحلوله العمليه فى جزئيات المسائل والقضايا التى كانت تعرض عليه؟


ان استعراض اقواله ومعالجاته لامور القضاء، علاوه على احكامه فى جزئيات المسائل التى ورثناها عنه، يمثل اهم الوثائق التى تمدنا بالاسس الرئيسه لمنهجه فى القضاء. اما ما نظره فكره الملهم فى ما ينبغى ان يكون عليه القاضى الكف ء واصول الترافع فى مجلس القضاء ومستلزماته فيحدد بجلاء معالم ذلك النهج الذى تنم خطوطه العريضه -كما سيتبين من خلال صفحات هذا الجهد المتواضع- عن عبقريه فذه فعلا.


وقد كان هذا الجانب المتميز، من جمله ما انفردت به شخصيه امير المومنين "ع" التى لم يسبر غورها، ويتعمق فى سرها، احد من الباحثين المحدثين، ثم ان ما تبقى من آثار السلف الصالح الذين تناولوا قضاءه قد غلب عليه طابع السرد الروائى لقضاياه والنقل القصصى لاحكامه، ما يصل بها احيانا الى الاساطير من دون تمحيص او تحقيق او تدقيق،


[
حيث نجد الكثير من الغث قد دس فى قضائه، بيد خفيه، فى محاوله للنيل من مكانته، عليه السلام، كقضيه شم الشاب لضلع من اضلاع ميت واعتبار انبعاث الدم من انفه دليلا على ابوته له فكما وردت هذه القضيه فى الكوكب الدرى، ج 2ص 40ف او قضيه حساب اضلاع الخنثى لمعرفه ما اذا كان يستحق ميراث الرجل عند عدم التساوى او ميراث الانثى عند التساوى التى اوردتها العديد من المصادر التى تطرقت الى قضاء الامام فكمناقب الخوارزمى، ص 55ف فمثل هذه القضايا لا يقبلها العقل ولا المنطق وقد ذكر المحقق الحلى ان القضيه الاخيره، مثلا، لم يتحقق الاجماع بشانها، لا بل ان روايتها ضعيفه اصلا، راجع: مولفه شرائع الاسلام، ج 4ص 145النجف، 1969.] او فهم معمق للدلالات الفكريه وما تمخض عنها من مسائل ونتائج هامه فى مجال فقه القضاء وفنه، ناهيك عن اصالته الابداعيه فى استنباط الاحكام، فلكل حكم صدر عنه فى جزئيات القضايا فلسفه وحكمه، وتستخلص منها قاعده وتستلهم منها فائده وسابقه قضائيه


[
السوابق القضائيه هى تلك القضايا التى تضم احكامها مبادى ء رصينه يهتدى بها رجال العلم والقضاء فى القضايا المماثله للدعوى الجديده، وتعد مثل هذه السوابق فى بريطانيا ذات قوه قانونيه ملزمه للمحاكم التى اصدرتها والمحاكم التى هى بدرجه ادنى فى قابل الايام ولا تصح مخالفتها.] عميقه المضمون، لما تحويه من مغزى فقهى رحب الثراء فى مجال تطبيقات العداله وحسن ادائها.


لهذا جميعه، تناولت هذا الجانب الحيوى من هذه الشخصيه الخالده، آخذا من الاسلوب المبسط فى التعبير مسلكا فى البحث والتحليل، مبتدئا بايراد بعض النصوص النثريه من بلاغته فى المجال المذكور الذى سيكون محلا للباب التمهيدى لهذا الجهد المتواضع. ثم اتيت الى بحث منهجه فى القضاء نظريا وعمليا، وذلك فى بابين رئيسيين: الاول عرجت فيه الى الاطار الفكرى للقضاء عند الامام على، والثانى جنحت فيه الى بحث الاطار التطبيقى لعمله القضائى، وسانهى هذا الجهد بخاتمه اجماليه لمحصله ما تناولناه.


وعسى ان اكون قد وفقت فى العرض والطرح والتحليل، والحمد للّه الذى هدانا لهذا، وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا اللّه، وهو حسبنا ونعم الوكيل ومنه السداد.


/ 25