امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وعمل محضر أنه مات حتف أنفه، وترك ثلاثة أيام على الطريق، يأتي من يأتي فينظر إليه، ثم يكتب في المحضر، ودفن في مقابر قريش

[ابن عنبة: المرجع السابق ص 226.]

ويذهب " ابن شهرآشوب " إلى أن الرشيد إنما كان يريد إرجاع " فدك " إلى موسى الكاظم، وكان موسى يأبى ذلك، ولما ألح عليه الرشيد، طلب موسى أن يأخذها بحدودها، ولما سأله الرشيد عن حدودها قال: الحد الأول عدن، والحد الثاني سمرقند، والحد الثالث إفريقية، والحد الرابع سيف البحر، مما يلي الخزر وأرمينيا، فغضب الرشيد وقال: فلم يبق لنا شئ، فتحول عن مجلسي، فعند ذلك عزم الرشيد على قتله

[ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب 4 / 320- 321، سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص ص 259- 360.]

فإذا كانت رواية ابن شهرآشوب صحيحة، فهذا يعني أن الإمام الكاظم يرى أنه صاحب حق في الخلافة، لأنه ذكر أمصار الخلافة العباسية، وعلى أية حال، فإن رواية الصدوق إنما تشير إلى أن العباسيين إنما كانوا يضيقون على آل البيت، ويقلون من أعطياتهم، لئلا يلتف الأنصار من حولهم، ويروى أن الرشيد قد أعطى الإمام الكاظم مائتي دينار، بينما أعطى غيره خمسة آلاف دينار، ولما سأله الفضل بن الربيع عن ذلك، قال الرشيد: لو أعطيت هذا، ما كنت أمنته أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا، ومواليه، أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم "

[الصدوق: عيون أخبار الرضا 1 / 175- 76، نبيلة عبد المنعم داود: المرجع السابق ص 236.]

ويروي أبو الفرج الأصفهاني في " مقاتل الطالبيين " جريمة قتل الإمام موسى الكاظم- بعد إسنادها إلى رواتها- فيقول: " كان السبب في أخذ موسى بن جعفر الكاظم، عليه السلام، أن الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر " جعفر بن الأشعث " فحسده " يحيى بن خالد بن برمك " على ذلك، وقال: إن

أفضت الخلافة له، زالت دولتي ودولة ولدي، فاحتال على " جعفر بن محمد " وكان يقول بالإمامة، حتى داخله وأنس به، وأسر إليه، وكان يكثر غشيانه في منزله، فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد، ويزيد عليه في ذلك بما يقدم في قلبه ".

ثم قال يوما لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب، ليس بواسع الحال، يعرفني ما أحتاج إليه من أخبار موسى بن جعفر "الكاظم"، فدل على " علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد " فحمل إليه يحيى بن خالد مالا، وكان موسى الكاظم يأنس إليه ويصله، وربما أفضى إليه بأسراره.

فلما طلب ليشخص به، أحس موسى عليه السلام بذلك، فدعاه فقال:

إلى أين يا ابن أخي، قال: إلى بغداد، قال: وما تصنع في بغداد، قال: علي دين، وأنا مملق، قال: فإني أقضي دينك، وأفعل بك وأصنع، فلم يلتفت إليه، فعمل على الخروج، فاستدعاه أبو الحسن موسى عليه السلام، فقال له: أنت خارج، فقال له: نعم، لا بد لي من ذلك، فقال له: أنظر يا ابن أخي، واتق الله، لا تؤتم أولادي، وأمر له بثلاثمائة دينار، وأربعة آلاف درهم ".

قالوا: فخرج علي بن إسماعيل، حتى أتى يحيى بن خالد، فتعرف منه خبر موسى بن جعفر عليه السلام، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمه، فسعى به إليه، فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه، وقال له: إن الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وأن له بيوت أموال، وأنه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار، فسماها " اليسيرة "، وقال له صاحبها، وقد أحضر له المال، لا آخذ هذا النقد، ولا آخذ إلا نقدا كذا وكذا، فأمر بذلك المال فرد، وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سئل بعينه " " فرفع ذلك إلى الرشيد كله، فأمر له بمائتي ألف درهم، يسبب له على بعض النواحي، فاختار كور المشرق، ومضت رسله لقبض المال، ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء، فخرت حشوته كلها، فسقطت وجهدوا في ردها، فلم

يقدروا، فوقع لما به، وجاءته المال، وهو ينزع، فقال: وما أصنع به وأنا أموت ".

" وحج الرشيد في تلك السنة، فبدأ بقبر النبي "صلى الله عليه وسلم"، فقال: يا رسول الله، إني أعتذر إليك من شئ أيد أن أفعله، أريد أن أحبس موسى بن جعفر، فإنه يريد التشتت بين أمتك، وسفك دمائها ثم أمر به فأخذ من المسجد، فأدخل عليه، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطتان هو في إحداهما، ووجه مع كل واحد منهما خيلا، فأخذ بواحدة على طريق البصرة، والأخرى على طريق الكوفة ليعمي على الناس أمره ".

" وكان موسى عليه السلام في التي مضت إلى البصرة، فأمر الرسول أن يسلمه إلى " عيسى بن جعفر المنصور "- وكان على البصرة حينئذ- فمضى به فحبسه عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني، وسلمه إلى من شئت، وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة، فما أقدر على ذلك، حتى أني لأتسمع عليه إذا دعا، لعله يدعو علي أو عليك، فما أسمعه يدعو إلا لنفسه، يسأل " الله الرحمة والمغفرة ".

" فوجه من تسلمه منه، وحبسه عنه الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدة طويلة، وأراد الرشيد على شئ من أمره فأتى، وكتب إليه ليسلمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلمه منه وأراد ذلك منه، فلم يفعله، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة، وهم حينئذ بالرقة، فأنفذ مسرورا الخادم إلى بغداد على البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلى موسى فيعرف خبره، فإن كان الأمر على ما بلغه، أوصل كتابا منه إلى العباس بن محمد، وأمره بامتثاله، وأوصل كتابا منه إلى السندي بن شاهك، يأمره بطاعة العباس بن محمد، فقدم مسرور فنزل في دار الفضل بن يحيى، لا يدري أحد ما يريد، ثم دخل على موسى، فوجده على ما بلغ الرشيد، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي، وأوصل الكتابين إليهما ".

" فلم يلبث أن خرج الرسول يركض إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج مدهوشا دهشا، حتى دخل العباس، فدعى العباس السياط وعقلين، فوجه بذلك إليه السندي، فأمر بالفضل فجرد، ثم ضربه مائة سوط، وخرج متغير اللون، بخلاف ما دخل، فذهبت قوته، فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا.

" وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك، وجلس مجلسا حافلا وقال: أيها الناس، إن الفضل بن يحيى قد عصاني، وخالف طاعتي، ورأيت ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية، حتى ارتج البيت والدار بلعنه، فبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس، حتى جاءه من خلفه، وهو لا يشعر، ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين، فأصغى إليه فزعا، فقال له: إن الفضل حدث، وأنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه وسر ".

فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، قد غضضت من الفضل بلعنك إياه، فشرفه بإزالة ذلك، فأقبل على الناس فقال: إنه قد بلغني عن الفضل أمر أنكرته، وكان فيه فساد ملكي، ثم تبينت بعد ذلك وقد رجعت إليه وتوليته، فأقبل على الناس فقال: إن الفضل كان قد عصاني في شئ فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي، فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، وقد توليناه ".

" ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد، حتى أوفى بغداد، فماج الناس وأرجفوا بكل شئ، وأظهر أنه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمال، وتشاغل ببعض ذلك، ودعى بالسندي وأمره فلفه على بساط، وقعد الفراشون النصارى على وجهه، وأمر السندي عند وفاته أن يحضر مولى له، ينزل عند دار العباس بن محمد، في مشرعة القصب ليغسله، ففعل ذلك ".

قال: " وسأله أن يكفنه فأبى وقال: إنا أهل بيت مهور نسائنا، وحج صرورتنا، وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني ".

" فلما مات أدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم بن عدي وغيره، فنظروا إليه، لا أثر به، وشهدوا على ذلك، وأخرج ووضع على الجسر ببغداد فنودي: هذا موسى بن جعفر قد مات، فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت.

هذا وقد حدث رجل عن بعض الطالبين أنه نودي عليه: هذا موسى بن جعفر، الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت، فانظروا إليه، فنظروا، قالوا: وحمل فدفن في مقابر قريش، فوقع قبره إلى جانب رجل من النوفليين، يقال له:

عيسى بن عبد الله

[أبو الفرج الأصفهاني: مقاتل الطالبيين ص 332- 336 "ط النجف".]

وهناك رواية تذهب إلى أن السندي بن شاهك، خادم الرشيد، حين سقى الإمام الكاظم السم، دعا ثمانين رجلا من الفقهاء والوجهاء، وأدخلهم على الإمام، وقال لهم: انظروا هل حدث به حدث، فإن الناس يزعمون أنه فعل به مكروه، وهكذا خاف الرشيد من الرأي العام- وليس من الله- فدعاهم إلى النظر، ليشهدوا على أنه لا جرح ولا ضرب ولا أي أثر للقتل، ثم وضعت جنازة الإمام على الجسر ببغداد، حيث يقيم أكثر الشيعة، ونودي: هذا موسى بن جعفر، قد مات، فانظروا إليه، فهاج الشيعة، وكادت الفتنة تقع، لولا أن تداركها " سليمان بن جعفر " عم الرشيد، فأخذ الجنازة من الشرطة، وشيعها بموكب حافل، ومشى خلفها حافيا حاسرا، لا حبا للإمام، ولا صلة للرحم- كما زعم- ولكن خوفا من الثورة على ابن أخيه الرشيد، وسلطان العباسيين

[محمد جواد مغنية: الشيعة والحاكمون ص 165.]

وعلى أية حال، فمن الواضح أن الرشيد- بعد أن حبس الإمام موسى الكاظم ثم قتله- إنما يحاول أن يبرئ نفسه من التهمة الشنعاء، والجريمة النكراء، فكان يحاول جاهدا، أن يظهر للناس أنه لا يد له في قتله، ويرى الدكتور الدوري أن مجرد هذه المحاولة، إنما تؤكد الشكوك في قتل الإمام الكاظم

[عبد العزيز الدوري: العصر العباسي الأول ص 142 "بغداد 1944"، نبيلة عبد المنعم داود:

نشأة الشيعة الإمامية ص 234- 238 "بغداد 1968".]

هذا وتجمع المصادر الإمامية على أن الإمام الكاظم إنما مات مسموما في حبس الرشيد على يد السندي بن شاهك، وأن الرشيد إنما كان يحاول أن يبرئ نفسه من مسؤولية قتل الإمام، غير أن الإمام نفسه إنما كان قد أخبر أنه سقي السم

[أنظر: الصدوق: الأمالي ص 149- 150، المفيد: الإرشاد ص 301- 302، ابن الشحنة:

روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر 8 / 53، ابن زهرة: غاية الاختصار ص 91، المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر 2 / 337- 338 "بيروت 1982".]

وعلي أية حال، فمن المعروف تاريخيا أن بني العباس إنما كانوا على أبناء عمومتهم من العلويين، أشد عليهم من الأمويين، روى يحيى بن سلام "104- 200 هـ" يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، صاحب رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، أنه قال قال لي رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يوما: انطلق معي يا ابن مسعود، فمضيت معه، حتى أتينا بيتا قد غص ببني هاشم، فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وسلم" من كان معكم من غيركم، فليقم، فقام من كان معهم، من غيرهم، حتى لم يبق إلا بنو هاشم خاصة- بنو عبد المطلب وبنو العباس- فقال لهم النبي "صلى الله عليه وسلم": ماذا تلقون من بعدي؟ فقال علي عليه السلام: أخبرنا يا رسول الله، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وسلم": أخبرني جبريل أنك مقتول بعدي، فأردت أن أراجع فيك ربي، فأبى علي، ثم قال: كأن قد وليتكم ولاة بني أمية يقصدون بكم الضرورة، ويلتمسون بكم المشقة، ثم تكون

دولة لبني العباس يعملون فيها عمل الجبارين، فالويل لعترتي ولبني أمية مما يلقون من بني العباس، ويهرب من بني أمية رجال، فيلحقون بأقصى المغرب، فيستحلون فيها المحارم زمانا، ثم يخرج من عترتي رجل غضبان لما لقي أهل بيتي وعترتي، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يسقيه الله من صوب الغمام، فقال ناس من بني العباس: أيكون هذا ونحن أحياء؟ فنظر رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، إليهم كالماقت لهم، ثم قال: والذي نفسي بيده، لمن في أصلاب فارس والروم أرجى عندي لأهل بيتي من بني العباس "

[الداعي إدريس عماد الدين: تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب- تحقيق محمد اليعلاوي ص 36- 37 "دار الغرب الإسلامي- بيروت 1985".]

من مرويات الإمام الكاظم


روى الإمام موسى بن جعفر الكاظم عن آبائه مرفوعا قال قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": " نظر الولد والديه عبادة " وعن إسحاق ابن جعفر قال: سألت أخي موسى الكاظم بن جعفر، قلت: أصلحك الله، أيكون المؤمن بخيلا؟ قال نعم، فقلت: أيكون خائنا؟ قال: ولا يكون كذابا " ثم قال: حدثني أبي جعفر الصادق عن آبائه، رضي الله عنهم، قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: " كل خلة، يطوي المؤمن عليها، ليس الكذب والخيانة "

[نور الأبصار ص 149.]

بقيت الإشارة إلى قلة مروريات الإمام الكاظم، رغم أن مدة إمامته جاوزت خمسة وثلاثين عاما، وذلك بسبب ما تعرض له من اضطهاد من بني العباس، حتى أنه قضى مدة إمامته، إما مسجونا بسجن العباسيين، أو بسجنه نفسه بعيدا عن الناس خوفا من بني العباس، حتى أن الراوي لا يسند الحديث إليه بصريح اسمه- إذا روى عنه الحديث- بل قلما تجد اسمه صريحا في الحديث، لشدة التقية في أيامه

[أحمد صبحي: نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية القاهرة 1969 ص 385.]

من أقوال الإمام الكاظم


رأى الإمام الكاظم قبرا يحفر، فقال: إن شيئا هذه آخره، لحقيق أن يزهد في أوله، وأن شيئا هذا أوله لحقيق أن يخاف من آخره.

وقال الحسن بن أسد: سمعت موسى بن جعفر يقول: ما أهان الدنيا قوم، إلا هنأهم الله إياها، وبارك لهم فيها، وما أعزها قوم قط، إلا نغصهم الله إياها.

وقال إن قوما يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفا، فهم الآمنون يوم القيامة، إن كنت لأرى فلانا منهم.

وقال: حدثني أبي أن موسى بن عمران قال: يا رب أي عبادك شر؟

قال: الذي يتهمني، قال: يا رب، وفي عبادك من يتهمك، قال: نعم، الذي يستجيرني، ثم لا يرضى بقضائي.

وذكر عنده بعض الجبابرة، فقال: أما والله لئن عز بالظلم في الدنيا، ليذلن بالعدل في لآخرة. وقيل لموسى بن جعفر- وهو في الحبس- لو كتبت إلى فلان يكلم فيك الرشيد؟

فقال: حدثني أبي عن آبائه، أن الله عز وجل أوحى إلى داود: يا داود، إنه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك منه، إلا وقطعت عنه أسباب السماء، وأسخت الأرض من تحته

[تاريخ اليعقوبي 2 / 414- 415.]

وقال: للإنسان حياتان، بينهما من البعد والتباين، ما بين الوجود والعدم، فهو حين يخرج إلى حياته الأولى يجد فضاء شاسعا واسعا، وشمسا وقمرا، وطعاما وشرابا، وأما وأبا وأهلا يهتمون بشأنه، ويكونون له عونا في أموره، كما أنه يستطيع أن يختار لنفسه، فيفعل ويترك ويحترس. وأما حياته الثانية،

فأول ما يستقبله القبر وظلمته ووحشته، وربما كان خيرا من سائر مواقفه الأخرى في المحشر، وبين يدي الله سبحانه وتعالى، حيث لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.

وقال: ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى.

وقال: إذا كان يوم القيامة ينادي المنادي: ألا من كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا من عفا، وأصلح، فأجره على الله.

وقال: لا تكن إمعة، فتقول: أنا مع الناس، إن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: إنما هي نجدان، نجد خير، ونجد شر، فلا يكن نجد الشر أحب إليك من نجد الخير.

وقال: إن الله سبحانه بين لك طريق الخير، وطريق الشر، وأمرك بفعل الخير، وإن تركه الناس، وبترك الشر، وإن فعله الناس، ونهاك عن التقليد، ولا يقبل منك الاعتذار بأن الناس قد فعلوا، أو تركوا، ما دام الحق واضحا بينا.

ورأى الإمام رجلا فقيرا، ذميم المنظر، فسلم عليه، وطايبه وحادثه طويلا، ثم قال له: إن كانت لك حاجة، فأنا أقوم بها.

فقال له قائل: يا ابن رسول الله، أنت تتواضع لهذا وتسأله عن حاجته.

فقال: هذا عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاد الله، يجمعنا وإياه خير الآباء آدم، وأفضل الأديان الإسلام، ولعل الدهر يرد حاجتنا إليه، فيرانا- بعد الزهو عليه- متواضعين بين يديه.

وقال: المصيبة للصابر واحدة، وللجازع اثنتان.

وقال: أولى العلم بك، ما لا يصلح لك العمل إلا به، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عنه. وقال: إن لله عرشا لا يسكن تحت ظله، إلا من أسدى لأخيه معروفا، ونفس عنه كربه، أو قضى له حاجة

[محمد جواد مغنية: فضائل الإمام علي 332- 233.]

من كرامات الإمام الكاظم


روى المسعودي في " مروج الذهب ومعادن الجوهر " قال: ذكر عبد الله بن مالك الخزاعي- وكان على دار الرشيد وشرطته- قال: أتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي، ومنعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك منه.

فلما صرت إلى الدار سبقني الخادم، فعرف الرشيد خبري، فأذن لي في الدخول عليه، فدخلت فوجدته قاعدا على فراشه، فسلمت، فسكت ساعة، فطار عقلي، وتضاعف الجزع علي، ثم قال لي: يا عبد الله، أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟.

قلت: لا، والله يا أمير المؤمنين، قال: إني رأيت الساعة في منامي، كأن جيشا قد أتاني، ومعه حربة، فقال لي: إن لم تخل عن موسى بن جعفر الساعة، وإلا نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه.

فقلت: يا أمير المؤمنين، أطلق موسى بن جعفر؟ "ثلاثا" قال نعم، امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر، واعطه ثلاثين ألف درهم، وقل له: إن أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، وإن أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في ذلك إليك.

/ 23