امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




" الديزج " أو الذيرج- كان يهوديا فأسلم، لهدم قبر سيدنا الإمام الحسين، فامتنع الناس عن ذلك- رغم كل الإغراءات المادية- ومن ثم فقد اضطر هذا الديرج إلى أن يحضر قوما من يهود، فكربوه، وأجرى الماء من حوله، ووكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل، لا يزوره زائر، إلا أخذوه إليه.


وروى الإمام الطبري: أن المتوكل أمر عام 236 هـ، بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من المنازل، والدور، وأن يحرث ويبذر، ويسقى موضع قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه وأن صاحب الشرطة نادى في الناس: " من وجدناه عند قبر الحسين بعد ثلاثة، بعثنا به إلى المطبق "، فهرب الناس، وامتنعوا من المصير إليه، وحرث ذلك الموضع، وزرع ما حوله ".


وكان لذلك أسوأ الأثر في نفوس المسلمين جميعا، فأطلقوا ألسنتهم في المتوكل، وكتبوا شتمه على الحيطان، ومنهم الشاعر المعروف بالبسامي، حيث قال فيه:-




  • تالله إن كانت أمية قد أتت
    فلقد أتوه بنو أبيه بمثله
    أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا
    في قتله فتبعوه رميما



  • قتل ابن بنت نبيها مظلوما
    هذا لعمرك قبره مهدوما
    في قتله فتبعوه رميما
    في قتله فتبعوه رميما



[السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 347، تاريخ ابن الأثير 5 / 300، ابن كثير: البداية والنهاية 10 / 315، تاريخ الطبري 11 / 44، المسعودي: مروج الذهب 514- 515، الخضري: الدولة العباسية ص 258- 259، حسن إبراهيم: تاريخ الإسلام السياسي 3 / 5.]


هذا وقد روى أبو الفرج عن محمد بن الحسين الأشفاني، أن عهده بعد بزيارة قبر الإمام الحسين، ثم ساعده عطار على ذلك: فكان يكمن في النهار، ويسير في الليل، حتى وصل إلى نواحي العاضرية، وخرج نصف الليل، حتى أتى القبر الشريف، فخفي عليه، فجعل يشمه ويتحراه، بعد أن ضاعت كل المعالم.


فلما وصل المكان شم رائحة، ما شم مثلها من قبل، ولما سأل العطار عن هذه الرائحة أخبره أنه لم يشم مثلها من قبل، ثم جعلا علامة على القبر الشريف، فلما قتل الخليفة المتوكل بيد ابنه المنتصر في شوال عام 247 هـ، اجتمع مع جماعة من الشيعة والطالبيين، وأخرجوا تلك العلامات، وبنوا القبر الشريف من جديد، وكان المنتصر بالله "247- 248 هـ" قليل الظلم، محسنا إلى العلويين، وصولا لهم، أزال عن آل أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف والمحنة، بمنعهم من زيارة قبر الحسين، ورد على آل الحسين " فدك " فقال يزيد المهلبي في ذلك:




  • ولقد بررت الطالبية بعدما
    ورددت ألفة هاشم فرأيتهم
    بعد العداوة بينهم إخوانا



  • ذموا زمانا بعدها وزمانا
    بعد العداوة بينهم إخوانا
    بعد العداوة بينهم إخوانا



ويضيف المسعودي أنه في خلافة المنتصر أمن الناس، وكف عن آل أبي طالب، ولم يمتنع أحد من زيارة قبر الإمام الحسين، أو قبر أبيه الإمام علي، وروى ابن كثير عن ابن الكلبي: أن الماء لما أجري على قبر الحسين، بمحو أثره، نضب الماء بعد أربعين يوما، فجاء أعرابي من بني أسد، فجعل يأخذ قبضة ويشمها حتى وقع على قبر الحسين فبكى، وقال: بأبي وأمي، ما أطيبك، وأطيب تربتك، ثم أنشد يقول:-





  • أرادوا أن يخفوا قبره عن عدوه
    فطيب تراب القبر دل على القبر



  • فطيب تراب القبر دل على القبر
    فطيب تراب القبر دل على القبر




وأما الخليفة المتوكل، فلقد لقي جزاء عدائه لآل البيت الطاهرين، فلم تمض سنون حتى لقي مصرعه في ثالث أيام عيد الفطر عام 247 هـ "861 م"، وهو في لهوه وشرابه بين ندمائه ومغنياته، وعلى يد أقرب الناس إليه، ولده " المنتصر بالله " "247- 248 هـ"، الذي أمن الناس، وكف أذاه عن آل أبي طالب- كما أشرنا آنفا- وفي ذلك يقول البحتري من أبيات له:




  • وإن عليا لأولى بكم
    وكل له فضله والحجول
    يوم التراهن والغرور



  • وأزكى يدا عندكم من عمر
    يوم التراهن والغرور
    يوم التراهن والغرور



[أنظر "المسعودي: مروج الذهب 2 / 514- 515، محمد بيومي مهران: الإمام الحسين بن علي ص 180- 182 "بيروت 1990"، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 356- 357، حسن إبراهيم:


تاريخ الإسلام السياسي 3 / 6- 7، ابن الساعي: مختصر تاريخ الخلفاء ص 67- 68، تاريخ الطبري 11 / 81، مقاتل الطالبيين ص 636.]


من كرامات الإمام الهادي



روى الشبلنجي في نور الأبصار عن الأسباطي قال: قدمت على أبي الحسن علي الهادي بن محمد الجواد المدينة الشريفة من العراق، فقال لي: ما خبر الواثق عندك، فقلت: خلفته في عافيه، وأنا من أقرب الناس به عهدا، وهذا مقدمي من عنده، وتركته صحيحا.


فقال: إن الناس يقولون إنه مات، فلما قال لي: إن الناس يقولون إنه قد مات، فهمت إنه يعني نفسه، فسكت.


ثم قال: ما فعل ابن الزيات، قلت: الناس معه، والأمر أمره، فقال: أما إنه شؤم عليه، ثم قال: لا بد أن تجري مقادير الله وأحكامه، يا جبر، إن مات الواثق، وجلس جعفر المتوكل، وقتل ابن الزيات، فقلت: متى. قال: بعد مخرجك بستة أيام، فما كان إلا أيام قلائل، حتى جاء قاصدا المتوكل إلى المدينة، فكان كما قال


[نور الأبصار ص 165.]


وروى أنه كان بأصبهان رجل يدعى عبد الرحمن، وكان له لسان وجرأة، وكان شيعيا، فقيل له: ما سبب تشيعك، وقولك بإمامة الهادي؟


قال: أخرجني أهل أصفهان بسنة من السنين، وذهبوا بي إلى باب المتوكل شاكين متظلمين، وفي ذات يوم، ونحن وقوف بباب المتوكل ننتظر الإذن بالدخول، إذ خرج الأمر بإحضار " علي الهادي "، فقلت لبعض من حضر:


من هذا الرجل الذي أمر الخليفة بإحضاره؟


قال: رجل علوي، تقول الرافضة، بإمامته، ويريد المتوكل قتله.


فقلت في نفسي: لن أبرح، حتى أنظر إليه، ولم يمض أمد من الوقت، حتى أقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي، ودعوت له في نفسي أن يدفع الله عنه شر المتوكل.


وأقبل الإمام الهادي يسير بين الناس، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا أكرر في نفسي الدعاء، فلما صار بإزائي، أقبل بوجهه علي، وقال لي: قد استجاب الله دعاءك، وطول عمرك، وكثر مالك وولدك.


قال عبد الرحمن: فارتعدت من هيبته، ووقعت بين أصحابي، فسألوني:


ما شأنك، فقلت: خيرا، ولم أخبر بذلك مخلوقا، فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح الله علي بدعائه، حتى أنا اليوم أغلق بابي على ألف ألف درهم، سوى أموالي التي خارج الدار، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن نيفا وسبعين سنة


[الشيعة في الميزان ص 247- 248.]


وفي إثبات الوصية: أن الخليفة المتوكل كان قد أوكل الهادي، وهو غلام، إلى معلم عرف بالنصب والعداوة لآل البيت الطاهرين لينشئه بعيدا عن معتقدات الشيعة، كما أمر بإبعاده عن الشيعة، وإبعاد الشيعة عنه، غير أن هذا المعلم سرعان ما تصيبه الدهشة والعجب لهذا الغلام، الذي مات أبوه، وهو ابن ست سنين، ونشأ بين الجواري السود، ثم يظهر من العلم والفقه، ما جعل المعلم نفسه يتأدب ويتعلم عليه، ثم يتشيع، ويفسر الشيعة ذلك بالعلم الحضوري، والنور الجلي، والسر الخفي، من لدن رب العالمين


[المسعودي: إثبات الوصية ص 222- 223، أحمد صبحي: نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية ص 393.]


من مرويات الإمام الهادي



حدث محمد الفرج بمدينة جرجان في المحلة المعروفة باسم " بئر أبي عنان " قال: حدثني أبو دعامة قال: أتيت علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم، عائدا في علته التي كانت وفاته منها في هذه السنة، فلما هممت بالإنصراف قال لي: يا أبا دعامة، قد وجب حقك، أفلا أحدثك بحديث تسر به؟


قال: فقلت له: ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله:


قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال:


حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، قال:


رسول الله "صلى الله عليه وسلم": " أكتب يا علي، قال: قلت: وما أكتب؟ قال لي: بسم الله الرحمن الرحيم، الإيمان ما وقرته القلوب، وصدقته الأعمال، والإسلام ما جرى به اللسان، وحلت به المناكحة ".


قال أبو دعامة: فقلت: يا ابن رسول الله، ما أدري والله أيهما أحسن الحديث أم الإسناد؟


فقال: إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب، بإملاء رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، نتوارثها صاغرا عن كابر


[مروج الذهب 2 / 546- 547.]


من أقوال الهادي



قال الإمام: إن المحق السفيه، يكاد يطفئ نور حقه بسفهه.


وقال: من أطاع الخالق، لم يبال بسخط المخلوق.


وقال: من رضي عن نفسه، كثر عليه الساخطون.


وقال: بئس العبد، عبد يكون ذا وجهين، وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا، ويأكله غائبا.


وقال: أورع الناس من وقف عند الشبهة، وأعبد الناس من أقام الفرائض، وأزهد الناس من ترك الحرام.


وقال: رياضة الجاهل، ورد المعتاد عن عادته، كالمعجز.


وقال: من كان على بينة من ربه، هانت عليه مصائب الدنيا، ولو قرض ونشر


[فضائل الإمام علي ص 240- 241.]


وقال: إن الله لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، فأنى أن يوصف من تعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطوات أن تحسده، والأبصار أن تحيط به، جل عما يوصف الواصفون، وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى، في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد.


وقال: في تفسير قوله تعالى "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" قال: إن الله قد جعل قلوب الأئمة منبع إرادته، فإن شاء شيئا شاءوه


[أحمد صبحي المرجع السابق ص 393- 394، إثبات الوصية ص 277، أنوار الإسلام في علم الإمام ص 2 "مخطوط".]


الامام الحسن العسكري



نسبه ومولده


هو الإمام أبو محمد الحسن بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد، بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب، عليهم السلام، وسيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم:


وأما أم الإمام فهي أم ولد، وتدعى " سوسن " وأما كنيته فأبو محمد، ولقبه العسكري. والسراج والخالص، وليس له ولد سوى محمد بن الحسن، وهو الحجة المنتظر.


هذا وقد ولد الإمام أبو محمد الحسن العسكري


[العسكري: نسبة إلى " سر من رأى " ذلك أن المعتصم لما بناها، وانتقل إليها بعسكره، قبل لها " العسكر " وإنما نسب الحسن إليها، لأن المتوكل أشخص أباه عليا الهادي إليها، وأقام بها عشرين سنة، وتسعة أشهر، ونسب هو ووالده إليها، أي نسب الإمام علي الهادي والإمام الحسن إلى مدينة العسكر، وهي " سر من رأى " وفيات الأعيان 2 / 94- 95، الصواعق المحرقة ص 12. وتقع " سر من رأى " أو " سامراء " على الضفة اليسرى للدجلة، وعلى مبعدة 100 كيلا شمالي بغداد.] في يوم الخميس في بعض شهور سنة 231 هـ- وقيل في سادس شهر ربيع الأول، وقيل الآخر سنة 232 هـ، وتوفي في يوم الجمعة- وقيل يوم الأربعاء- لثمان خلون من شهر ربيع الأول- وقيل جمادى الأولى- سنة 260 هـ في " سر من رأى "، ودفن إلى جانب قبر أبيه الإمام علي الهادي، وذلك في خلافة المعتمد "256- 279 هـ"، وهو ابن تسع وعشرين سنة، وهو أبو المهدي المنتظر، وقد أقام مع أبيه الهادي 23 هـ سنة وأشهرا، وبقي بعده خمس سنين وأشهرا


[وفيات الأعيان 942، الشيعة في الميزان ص 249، مروج الذهب 2 / 571.]


ويروي الكليني في الكافي، عن محمد بن يحيى عن سعد بن عبد الله عن جماعة من بني هاشم- منهم الحسن بن الحسن الأفطس- أنهم حضروا يوم وفاة الإمام محمد الجواد إلى أبي الحسن علي الهادي يعزونه قالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا، سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي، وقد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه، ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة، فقال: يا بني أحدث الله عز وجل شكرا، فقد أحدث فيه أمرا، فبكى الفتن، وحمد الله واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين، وأنا سأل الله تمام نعمته لنا فيك، و "إنا لله وإنا إليه لراجعون"، فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدرناه له في ذلك الوقت عشرين سنة، أو أرجح، فيومئذ عرفناه، وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة، أقامه مقامه


[الكليني: الكافي 1 / 326.]


ويؤكد المفيد إمامة الحسن العسكري، ويقول: وكان الإمام بعد أبي الحسن علي ابنه أبا محمد الحسن بن علي، لاجتماع خلال الفضل فيه، وتقدمه على كافة أهل عصره، فيما يوجب له الإمامة، ويقتضي له الرياسة


[المفيد: الإرشاد ص 334- 238، نبيلة عبد المنعم داود: المرجع السابق 288.]


هذا وتذهب المصادر الإمامية إلى أنه لما توفي الإمام الحسن العسكري، خلفه ابنه المنتظر، وكان قد أخفى مولده، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وشدة الطلب له، واجتهاده في البحث عن أمره، ولما شاع من مذهب الإمامية، وعرف من انتظارهم له، فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته، لذلك لم يره " إلا الخواص من شيعته "


[المفيد: الإرشاد ص 345، الطبرسي: إعلام الورى ص 360، نبيلة عبد المنعم: المرجع السابق ص 8248.]


من مناقب الإمام العسكري



اشتهر الإمام الحسن العسكري بأن أخلاقه كانت قبسا من أخلاق جده


المصطفى "صلى الله عليه وسلم"، في هديه وسكونه، وعفافه ونبله وكرمه، وكان- على صغر سنه- مقدما على العلماء والرؤساء، معظما عند سائر الناس


[الشيعة في الميزان ص 249.]


وفي درر الأصداف ونور الأبصار والصواعق المحرقة: وقع لبهلول


[هو أبو وهيب بهلول بن عمرو الصيرفي أو الصوفي المجنون، نشأ في الكوفة، ثم دعاه هارون الرشيد إلى بغداد، وكان شاعرا زاهدا، وقصاصا، وكان يتشيع، وأهم آثاره " القصيدة البهلولية "، وأهم مصادر ترجمته "البيان والتبيين للجاحظ 2 / 230- 231، الرجال للطوسي ص 160، لسان الميزان لابن حجر 2 / 68، أعيان الشيعة 14 / 146- 163، الأعلام للزركلي 2 / 56، فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي 4 / 107- 108".] معه، أنه رآه- وهو صبي- يبكي، والصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر على ما في أيديهم، فقال: اشتري لك ما تعلب به؟ فقال: يا قليل العقل، ما للعب خلقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة، فقال له: من أين لك ذلك؟ قال: من قول الله عز وجل "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا، وأنكم إلينا لا ترجعون"


[سورة المؤمنون آية 115.]


ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خر الحسن مغشيا عليه، فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير، لا ذنب لك؟ فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم


[الصواعق المحرقة ص 313- 314، نور الأبصار ص 166.]


وروي أن الخليفة العباسي سجنه عند رجل يدعى " صالح بن وصيف " فوكل به رجلين من الأشرار بقصد إيذائه والتضييق عليه، وأصبحا بمعاشرة الإمام من الصلحاء الأبرار.


فقال لهما صالح: ويحكما ما شأنكما في هذا الرجل؟ قالا: ما تقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله، كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.


سبحانك ربي جل جلالك: أسير لا يملك حولا ولا قوة، ينظر إلى آسره فيرتعد خوفا وفزعا، ولا تفسير لذلك، إلا هيبة الإمام، وإلا الرياسة الحقة التي تفرض نفسها على الناس أجمعين.


هكذا فإن من ينقطع إلى الله- سبحانه وتعالى- تهابه الملوك والجبابرة، وقد جاء في الحديث الشريف: " إن المؤمن يخشع له كل شئ، وأن من يخاف الله يخاف منه كل شئ، حتى هوام الأرض وسباعها، وطيور السماء"


[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 249- 250.]


من تفسيره للقرآن الكريم



قال الإمام العسكري في تفسيره لقول الله تعالى: "الذي جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء، وأنزل من السماء ماء، فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، فلا تجعلوا لله أندادا، وأنتم تعلمون"


[سورة البقرة: آية 22.]


قال: إن معنى جعل الأرض فراشا، أنها ملائمة لطباعكم، موافقة لأجسادكم، ولم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا قوية الريح فتصدع هامكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في الحرث والبناء والحفر، ولكنه- سبحانه وتعالى- جعلها من المتانة ما تنتفعون به، وجعل فيها من اللين ما تنقاد لحرثكم، وكثير من منافعكم.


وأما معنى السماء بناء، فهو حفظها بالشمس والقمر والنجوم، وانتفاع الناس بها.


ثم أنزل المطر من علو، ليبلغ الجبال والتلال، والهضاب والوهاد، وفرقه رذاذا ووابلا وطلا، لتنتفع الأشجار والزرع والثمار، ثم رتب الله- سبحانه


/ 23