امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




علي، لما ودعته: أبلغ أهل الكوفة أني برئ ممن تبرأ من أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما وأرضاهما


[ابن كثير: البداية والنهاية 9 / 349، حلية الأولياء 3 / 185.]


والواقع أن قصة سب آل البيت للصديق والفاروق، رضي الله عنهما، إنما هي أكذوبة دنيئة، انتحلها أعداء آل النبي "صلى الله عليه وسلم"، فما كان أهل البيت يكرهون، بل ويسبون، من كان جدهم المصطفى "صلى الله عليه وسلم" يحبهم، وعلى وجه اليقين أن سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، إنما كان يحب أبا بكر وعمر.


وشواهد التاريخ تدل- دونما لبس أو غموض- أن أهل بيت النبوة إنما كانوا يحبون الصديق والفاروق، رضي الله عنهما، روى الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي بسنده عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام محمد الباقر قال: قال رجل من قريش لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين نسمعك تقول في الخطبة آنفا، اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهتدين، فمن هم؟ فاغرورقت عيناه، ثم أهملهما فقال:


" هم حبيباي وعماك أبو بكر وعمر، إماما الهدى، وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما، بعد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فمن اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم، ومن تمسك بهما فهو من حزب الله، وحزب الله هم المفلحون "


[أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي: تاريخ عمر بن الخطاب ص 49 "مكتبة السلام العالمية- القاهرة"، ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 84- 85.]


وروى الفقيه ابن عبد ربه في عقده الفريد: لما قبض أبو بكر سجي بثوب، فارتجت المدينة من البكاء، ودهش القوم، كيوم قبض رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا، مسترجعا حتى وقف بالباب، وهو يقول:


" رحمك الله أبا بكر، كنت والله أول القوم إسلاما وأصدقهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأعظمهم غنى، وأحفظهم على رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وأحد بهم على الإسلام، وأحماهم عن أهله، وأنسبهم برسول الله خلقا وفضلا، وهديا وسمتا، فجزاك الله عن الإسلام، وعن رسول الله، وعن المسلمين خيرا، صدقت رسول الله حين كذبه الناس، وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا، وسماك الله في كتابه صديقا فقال: " والذي جاء بالصدق وصدق به "، يريد محمدا ويريدك، كنت والله للإسلام حسنا، وللكافرين ناكبا، لم تفلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، كنت كما قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ضعيفا في بدنك، قويا في دينك، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، جليلا في الأرض، كبيرا عند المؤمنين، لم يكن لأحد عندك مطمع ولا هوى، فالضعيف عندك قوي، والقوي عندك ضعيف، حتى تأخذ الحق من القوي، وترده للضعيف، فلا حرمك الله أجرك، ولا أضلنا بعدك "


[ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 18- 19.]


وروى ابن الأثير: أنه لما ولي الخلافة، وارتدت العرب، خرج شاهرا سيفه إلى ذي القصة، فجاء علي بن أبي طالب وأخذ بزمام راحلته وقال له: أين يا خليفة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، أقول لك ما قال لك رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، يوم أحد: " شم سيفك، لا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك، لا يكون للإسلام نظام، فرجع وأمضى الجيش "


[ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 422.]


وفي نهج البلاغة قال الإمام علي: " أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا "صلى الله عليه وسلم"، فأنقذ به من الضلالة ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه، وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر


عمر، فأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة، ووجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا، ونحن آل الرسول، وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما "


[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 4 / 23- 24.]


وفي الصواعق المحرقة بسنده عن الحسين بن محمد الحنفية أنه قال: يا أهل الكوفة، اتقوا الله عز وجل، ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا له بأهل:


إن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، كان مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، في الغار ثاني اثنين، وإن عمر أعز الله به الدين


[ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 83.]


وكان الإمام علي زين العابدين يثني- الثناء كل الثناء- على الخلفاء الراشدين "أبي بكر وعمر وعثمان" ويترحم عليهم، روي عنه أنه قال:


كان أبو بكر وعمر من رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، في حياته، بمنزلتهما منه بعد وفاته، وعن يحيى بن سعيد قال قال علي بن الحسين: والله ما قتل عثمان على وجه الحق


[عبد الحليم محمود: سيدنا زين العابدين ص 65- 66.]


وروى الحافظ ابن كثير عن الزبير بن بكار بسنده عن الإمام محمد الباقر عن أبيه الإمام علي زين العابدين قال: جلس قوم من أهل العراق، فذكروا أبا بكر وعمر، فنالوا منهما، ثم ابتدأوا في عثمان، فقال لهم: أخبروني أأنتم من المهاجرين الأولين "الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله"


[سورة الحشر: آية 8.]، قالوا: لا، قال: فأنتم من "الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم"


[سورة الحشر: آية 9.]، قالوا: لا، فقال لهم:


أما أنتم فقد أقررتم وشهدتم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا هؤلاء، وأنا


أشهد أنكم لستم من الفرق الثالثة، الذين قال الله عز وجل فيهم: "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا"


[سورة الحشر: آية 10.] فقوموا عني لا بارك الله فيكم، ولا قرب دوركم، أنتم مستهزئون بالإسلام ولستم من أهله


[ابن كثير: البداية والنهاية 9 / 120، حلية الأولياء 3 / 136- 137، نور الأبصار ص 140، طبقات ابن سعد 5 / 158، عبد الحليم محمود: المرجع السابق ص 66- 67، السيد محمود أبو الفيض: جمهرة الأولياء وأعلام أهل التصوف- القاهرة 1967- الجزء الثاني ص 72، محمد بيومي مهران: الإمام علي زين العابدين ص 174- 175 "بيروت 1991".]


وروى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن أبي مليكة أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون، قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي، فإذا علي، فترحم على عمر، وقال: " ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرا أسمع النبي "صلى الله عليه وسلم" يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر "


[صحيح البخاري 5 / 14.]


وروى مسلم في صحيحه بسنده عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقول: وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه، قبل أن يرفع، وأنا فيهم، قال: فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت إليه، فإذا هو علي، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبك وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، يقول: " جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر،


وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو، وأظن، أن يجعلك الله معهما "


[صحيح مسلم 15 / 158.]


وأما الإمام زيد بن علي زين العابدين فلقد اجتمع إليه كثير من رجال الشيعة- عندما بايعه الناس في الكوفة- فقالوا له: ما قولك، يرحمك الله، في أبي بكر وعمر؟ قال: غفر الله لهما، ما سمعت أحدا من أهل بيتي تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلا خيرا، قالوا: فلم تطلب إذن بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا، قد ولوا فعدلوا، وعملوا بالكتاب والسنة، قالوا: فلم تقاتل هؤلاء إذن؟ قال: إن هؤلاء القوم "أي الأمويين" ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظلموا الناس، وظلموا أنفسهم، وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه "صلى الله عليه وسلم"، وإحياء السنن، وإماتة البدع، فإن تسمعوا يكن خيرا لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل، فرفضوه وانصرفوا عنه، ونقضوا ببيعته وتركوه، فلهذا سموا الرافضة من يومئذ، ومن تابعه من الناس على قوله سموا الزيدية


[ابن كثير: البداية والنهاية 9 / 371، وانظر: البغدادي: الفرق بين الفرق ص 34- 36، تاريخ الطبري 7 / 180- 181، تاريخ ابن خلدون 3 / 99 و 4 / 364، الكامل لابن الأثير 5 / 242- 243، الأشعري: مقالات الإسلاميين 1 / 137، ابن تيمية: منهاج السنة 1 / 171 و 2 / 105، المقريزي: الخطط 2 / 439، شذرات الذهب 1 / 158، سير أعلام النبلاء 5 / 390، تاريخ دمشق لابن عساكر 6 / 21 و 26، المقدسي والتأريخ 6 / 50، الصفدي: الوافي بالوفيات 15 / 33.]


وأخرج الدارقطني بسنده عن عبد الله بن المحض "والد محمد النفس الزكية" إنه سئل: أتمسح على الخفين؟ فقال، أمسح فقد مسح عمر، فقال له السائل: إنما أسألك أنت تمسح، قال: ذلك أعجز لك، أخبرك عن عمر، وتسألني عن رأيي، فعمر خير مني ومل ء الأرض مثلي، فقيل له: هذا تقية،


فقال: نحن بين القبر والمنبر، اللهم هذا قولي في السر والعلانية، فلا تسمع قول أحد بعدي


[الصواعق المحرقة ص 78.]


وأخرج الدارقطني بسنده عن الإمام محمد الباقر أنه قال: أجمع بنو فاطمة، رضي الله عنهم، أن يقولوا في الشيخين "أبي بكر وعمر" أحسن ما يكون من القول


[الصواعق المحرقة ص 78.]


وأخرج الدارقطني عن سالم بن أبي حفصة قال قال لي جعفر: يا سالم، أيسب الرجل جده، أبو بكر جدي، وروي أيضا أنه قال: دخلت على جعفر بن محمد، وهو مريض، فقال: " اللهم إني أحب أبا بكر وعمر، وأتولاهما "


[الصواعق المحرقة ص 80.]


ويقول الأستاذ أحمد مغنية: حورب المذهب الجعفري في عهد العثمانيين والأتراك مئات السنين، محاربة عنيفة لئيمة متواصلة، وتفنن المفرقون بالافتراءات عليهم في ذلك العهد الظالم اللئيم، فلم يتركوا وسيلة من وسائل الإيذاء إلا اقترفوها، كما أن المفرقين وجدوا في اتفاق الإسمين: عمر بن الخطاب- الخليفة العظيم- وعمر بن سعد بن أبي وقاص- قاتل الإمام الشهيد مولانا وسيدنا الإمام الحسين- ميدانا واسعا، يتسابقون فيه في تشويه الحقيقة والدس على الشيعة بأحط أنواع الدس.


وكان طبيعيا أن يكون لعنة اللعنات، عمر بن سعد، لأنه بطل الجريمة، وقائد جيش اللئام الجبناء، ومن من المسلمين، لا يلعن عمر بن سعد- قاتل ابن بنت رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، إن أولئك المفرقين الآثمين قد استغلوا كلمة " عمر "، وقالوا: إن الشيعة تنال من خليفة النبي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإني


في الوقت الذي أثور فيه على الدساسين التجار، أصحاب الغابات والمصالح الرخيصة، لا أنكر وجود أفراد الأمس من سواد الشيعة وبسطائهم، لا يفرقون بين هذين الإسمين، بل لا يعرفون أن في دنيا التاريخ الإسلامي عمر بن سعد- تقيا أو شقيا- وكل الذين يعرفون أن عمر بن سعد، هو الذي قتل مولانا الإمام الحسين، وداس صدره الشريف تحت سنابك خيله، ومثل به وبأهل بيته وأصحابه، تمثيلا لم تعرفه الجريمة البشرية من قبل، إذن ليكن الغضب على " عمر " قاتل الحسين، ولتكن اللعنات من المآثم السيئية وغيرها عليه إلى يوم يحشرون


[أحمد مغنية: الإمام الصادق- بيروت 1958 ص 113- 114، محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص 210- 211.]


الامام الباقر و الإمام أبو حنيفة



يروي الشيخ محمد أبو زهرة مناقشة جرت بين الإمام الباقر والإمام أبو حنيفة، فقيه العراق، وكان أبو حنيفة قد اشتهر بكثرة القياس في الفقه حتى تناولته الألسن بالملام، وإليك بعض ما جرى بينهما:


قال الإمام الباقر: أنت الذي حولت دين جدي وأحاديثه إلى القياس.


قال أبو حنيفة: أجلس مكانك كما يحق لي، فإن لك عندي حرمة، كحرمة جدك "صلى الله عليه وسلم"، في حياته على أصحابه، فجلس، ثم جثا أبو حنيفة بين يديه، ثم قال: إني أسألك عن ثلاث كلمات فأجبني، الرجل أضعف أم المرأة.


قال الباقر: المرأة أضعف، قال أبو حنيفة: كم سهم المرأة في الميراث، قال الباقر: للرجل سهمان، وللمرأة سهم، قال أبو حنيفة: هذا علم جدك، ولو حولت دين جدك لكان ينبغي القياس أن يكون للرجل سهم، وللمرأة سهمان، لأن المرأة أضعف من الرجل، ثم الصلاة أفضل أم الصوم، قال الباقر: الصلاة


أفضل، قال أبو حنيفة: هذا قول جدك، ولو حولت دين جدك، لكان أن المرأة إذا طهرت من الحيض أمرتها أن تقضي الصلاة، ولا تقضي الصوم.


ثم البول أنجس أم النطفة؟


قال الإمام الباقر: البول أنجس، قال أبو حنيفة: لو كنت حولت دين جدك بالقياس، لكنت أمرت أن يغتسل من البول، ويتوضأ من النطفة، ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس.


فقام الإمام الباقر، وعانقه، وقبل وجهه.


ويقول الشيخ أبو زهرة "1898- 1974": ومن هذا الخبر نتبين إمامة الإمام الباقر للعلماء، يحضرهم إليه، ويحاسبهم على ما يبلغه عنهم، أو يبدو منهم، وكأنه الرئيس يحكم مرؤوسيه ليحملهم على الجادة، وهم يقبلون- طائعين غير مكرهين- تلك الرياسة


[أبو زهرة: الإمام الصادق ص 22- 23.]


غير أن المصادر الشيعية إنما ترى في هذه المناقشة أمورا ثلاثة:


الأول: أن أبا حنيفة كان يعمل بالقياس بلا شك، وعليه فقضية محاورته مع الإمام الباقر، عليه السلام، في أمر القياس، لا تخرج عن أن يكون محملها أحد أمور ثلاثة على سبيل مانعة الخلو، فإما أن تكون قبل أن يتشبع ذهن أبي حنيفة من فكرة العمل بالقياس، أو يكون عمله بالقياس فيما لا نص فيه من الشارع، أو تكون قضية هذه المحاورة مكذوبة على الإمامين الباقر وأبي حنيفة.


غير أن الاحتمال الثاني ضعيف، لأن من المسلم به أن مورد عملهم بالقياس، إنما هو فيما لا نص فيه، فيبقى الاحتمال الأول والثالث، ولا يبعد أن يكون الثالث هو الأقرب.


الثاني: أن الظاهر من هذه المحاورة أن الإمام الباقر عليه السلام، أقر الإمام أبا حنيفة على ما رآه في وجه القياس، وعلة الحكم القياسي، وأن القياس يجعل السهمين للمرأة، لأنها أضعف من الرجل، ولا يمكن للإمام الباقر أن يقره على ذلك، لأن ما أدركه أبو حنيفة بعقله من العلة المذكورة، ليست هي مناط الحكم.


الثالث: أن المحاورة المذكورة مقلوبة، لأنها وقعت بين الإمام الصادق وأبي حنيفة


[الإمام أبو حنيفة:- هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، ولد في الكوفة عام 80 هـ "699 م"، وتوفي ببغداد عام 150 هـ "767 م"، كان جده زوطي جلب عبدا من فارس إلى الكوفة، وأعتقه سيده، وكان من قبيلة تيم الله، أما والده ثابت فقد ولد حرا في هذه القبيلة، وقد سمع أبو حنيفة بعض الصحابة وعددا كبيرا من التابعين بالكوفة، لكنه لم يرو عنهم، ومن شيوخه " أبو عمرو والشعبي "ت 104 هـ / 722 م". و " عطاء بن أبي رياح " "ت عام 114 هـ / 732 م" و " حماد بن أبي سليمان " "ت 120 هـ / 737 م"، والذي أثر فيه كثيرا، فقد سمع له نحو 18 عاما، وأما تلاميذ أبي حنيفة فأشهرهم " أبو يوسف "، "113- 182 هـ / 731- 798 م" و " زفر بن الهذيل " "110- 158 هـ / 728- 774 م" و " محمد بن الحسن الشيباني " "132- 189 هـ / 749- 805 م"، وكان أبو حنيفة يكسب قوته من التجارة، وحاول الخلفاء الأمويون المتأخرون، والخليفة العباسي المنصور أن يجبروه على منصب القضاء، ولكنه كان يرفض وسجن بسبب ذلك. وأما أهم مصادر ترجمته "مقالات الإسلاميين الأشعري 1 / 138- 139، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 67- 68، تاريخ بغداد للخطيب 13 / 323- 454، الانتقاء لابن عبد البر ص 121- 175، الجواهر للقرشي 1 / 26- 32، تذكرة الحفاظ للذهبي ص 168- 169، مرآة الجنان لليافعي 1 / 309- 312، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2 / 12- 15، وفيات الأعيان 2 / 215- 219، كما صدر حديثا مجموعة كتب عنه، من أشهرها: كتاب أبو زهرة "أبو حنيفة" وكتاب عبد الحليم الجندي "أبو حنيفة" وكتاب محمد يوسف موسى "أبو حنيفة" وكتاب السيد عفيفي "حياة الإمام أبي حنيفة".


وأما أهم آثار أبي حنيفة "الفقه الأكبر- مسند أبي حنيفة- رسالة في الفرائض- معرفة المذاهب- دعاء أبي حنيفة- فتاوي أبي حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني- كتاب العالم والمتعلم- وصيته إلى ابنه حماد" وانظر: فؤاد سزكين: تاريخ التراث العربي- المجلد الأول- الجزء الثالث- الفقه- نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض 1403 هـ / 1983" ص 31- 50.] هذا وقد عاد الشيخ أبو زهرة، وذكرها في نفس كتابه "الإمام الصادق" رواية عن الكليني في الكافي، وأنه اعتمدها فيها- كما في الهامش


الأول من ص 293- على مسند الإمام أحمد بن حنبل، يقول أبو زهرة: جاء في الكافي عن أبي حنيفة قال: استأذنت عليه "أي الإمام الصادق" فحجبني، وجاءه قوم من أهل الكوفة واستأذنوا، فأذن لهم، فدخلت معهم، فلما صرت عنده قلت: يا ابن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة، فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد "صلى الله عليه وسلم"، فإني تركت فيها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم، فقال: لا يقبلون مني، فقلت: ومن لا يقبل منك، وأنت ابن رسول الله.


فقال الصادق: أنت أول من لا يقبل مني، دخلت داري بغير أذني وجلست بغير أمري، وتكلمت بغير رأيي، وقد بلغني أنك تقول بالقياس، فقلت: نعم.


فقال: ويحك يا نعمان، أول من قاس إبليس، حين أمر بالسجود لآدم فأبى، وقال: خلقتني من نار، وخلقته من طين، أيهما أكبر يا نعمان، القتل أم الزنى؟ قلت: القتل، قال: فلم جعل الله في القتل شاهدين، وفي الزني أربعة أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.


قال: فأيهما أكبر البول أو المني؟ قلت: البول، قال فلم أمر الله في البول بالوضوء، وفي المني بالغسل، أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.


قال: فأيهما أكبر الصلاة أم الصوم؟ قلت: الصلاة، قال: فلم وجب على الحائض أن تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة، أيقاس ذلك؟ قلت: لا.


قال: فأيهما أضعف المرأة أم الرجل؟ قلت: المرأة، قال: فلم جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين، وللمرأة سهما، أيقاس ذلك؟ قلت: لا.


قال: وقد بلغني أنك تقرأ آية في كتاب الله تعالى، وهي "لتسألن يومئذ عن النعيم"، أنه الطعام الطيب، والماء البارد في اليوم الصائف، قلت: نعم.


قال: لو دعاك رجل وأطعمك طعاما طيبا، وسقاك ماء باردا، ثم امتن به


/ 23