امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




على فترة من الرسل، ودروس من العلم، وانقطاع من الوحي، واقتراب من الساعة، فختم الله به النبيين، وجعله شاهدا عليهم، ومهيمنا، وأنزل عليه كتابه العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، فلما انقضت النبوة، وختم الله بمحمد "صلى الله عليه وسلم"، الرسالة، جعل قوام الدين، ونظام المسلمين في الخلاقة ونظامها، والقيام بشرائعها وأحكامها ".


" ولم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة، وحمل مشاقها، وخبر مرارة طعمها، وذاقها مسهرا لعينيه، منصبا لبدنه، مطيلا لفكره، فيما فيه عز الدين، وقمع المشركين، وصلاح الأمة، وجمع الكلمة، ونشر العدل، وإقامة الكتاب والسنة، منعه ذلك من الخفض والدعة، ومهنأ العيش، محبة أن يلقى الله سبحانه وتعالى، مناصحا له في دينه، وعباده، ومختارا لولاية عهده، ورعاية الأمة من بعده، أفضل من يقدر عليه، في دينه وورعه وعلمه، وأرجاهم للقيام في أمر الله وحقه، مناجيا لله تعالى، بالاستخارة في ذلك، ومسألته الهامة، ما فيه رضاه وطاعته، في آناء ليله ونهاره، معملا فكره ونظره في طلبه والتماسه، في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، مقتصرا ممن علم حاله ومذهبه منهم على علمه، وبالغا في المسألة ممن خفي عليه أمره، جهده وطاقته، حتى استقصى أمورهم معرفة، وابتلى أخبارهم مشاهدة، واستبرأ أحوالهم معاينة، وكشف ما عندهم مسألة ".


وكانت خبرته- بعد استخارة الله تعالى- وإجهاده نفسه في قضاء حقه في عباده وبلاده في الفئتين جميعا: علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، لما رأى من فضله البارع، وعلمه الذائع، وورعه الظاهر والشائع، وزهده الخالص النافع، وتخليه عن الدنيا، وتفرده عن الناس، وقد استبان له منذ لم تزل الأخبار عليه منطبقة، والألسنة عليه متفقة، والكلمة فيه جامعة، والأخبار واسعة، ولما لم يزل يعرف به من الفضل، يافعا وناشئا، وحدثا وكهلا، فلذلك عقد له بالعهد والخلافة من


بعده، واثقا بخيرة الله في ذلك، إذ علم الله أنه فعله إيثارا للدين، ونظرا للإسلام والمسلمين، وطلبا للسلامة، وثبات الحجة، والنجاة في اليوم الذي تقوم فيه الناس لرب العالمين ".


" ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصته وقواده وخدمه، فبايعه الكل مطيعين مسارعين، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى في ولده وغيره ممن هو أشبك رحما، وأقرب قرابة، وسماه " الرضا "، إذ كان مرضيا عند الله تعالى، وعند الناس، وقد آثر طاعة الله تعالى، والنظر لنفسه وللمسلمين، والحمد لله رب العالمين ".


" كتبه بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان المعظم، سنة إحدى ومائتين "


[نور الأبصار ص 156- 157.]


ولنقدم الآن صورة ما على ظهر العهد، بخط الإمام علي بن موسى الرضا:


" بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الفعال لما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلاته على نبيه محمد "صلى الله عليه وسلم"، خاتم النبيين، وآله الطيبين الطاهرين، أقول، وأنا علي بن موسى بن جعفر، أن أمير المؤمنين، عضده الله بالسداد، ووفقه للرشاد، عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وأمن نفوسا فزعت، بل أحياها، بعد أن كانت من الحياة أيست، فأغناها بعد فقرها، وعرفها بعد نكرها، متبعا بذلك رضا رب العالمين، لا يريد جزءا من غيره، وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين ".


" وإنه جعل إلي عهده، والإمرة الكبرى، إن بقيت بعده، فمن حل عقدة


أمر الله بشدها، أو فصم عروة أحب الله اتساقها، فقد أباح حريمه، وأحل محرمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الإسلام ".


" وخوفا من شتات الدين، واضطراب أمر المسلمين، وحذر فرصة تنتهز، وعلقة تبتدر، جعلت لله تعالى على نفسي عهدا، أن استرعاني أمر المسلمين، وقلدني خلافة العمل فيهم عامة، وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة، أن أعمل فيهم بطاعة الله، وطاعة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، ولا أسفك دما، ولا أبيح فرجا، ولا مالا، إلا ما سفكته حدوده، وأباحته فرائضه، وأن أتحرى الكفاءة جهدي وطاقتي ".


" وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا، يسألني الله عنه، فإنه عز وجل يقول: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا، وإن أحدثت أو غيرت أو بدلت، كنت للعزل مستحقا، وللنكال متعرضا، وأعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته في عافية، وللمسلمين، والجامعة والجفر، يدلان على ضد ذلك، وما أدري ما يفعل الله بي ولا بكم، إن الحكم إلا لله يقص الحق، وهو خير الفاصلين، لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين، وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه، وأشهدت الله تعالى على نفسي بذلك، وكفى بالله شهيدا ".


" وكتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، والحاضرين من أولياء نعمته، وخواص دولته، هم: الفضل بن سهل، وسهل بن الفضل، والقاضي يحيى بن أكثم، وعبد الله بن طاهر، وثمامة بن الأشرس، وبشر بن المعتمر، وحماد بن النعمان، وذلك في شهر رمضان، سنة إحدى ومائتين "


[نور الأبصار ص 175.]


ثم بعد ذلك صورة لشهادة الشهود: القاضي يحيى بن أكثم وعبد الله بن طاهر وحماد بن النعمان وبشر بن المعتمر والفضل بن سهل.


ثم أمر أمير المؤمنين بقراءة هذه الصحيفة- التي هي صحيفة العهد والميثاق- ظهرا وبطنا، بحرم سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، بين الروضة والمنبر، على رؤوس الأشهاد، بمرأى ومسمع من وجوه بني هاشم، وسائر الأولياء، والأجناد، بعد أخذ البيعة عليهم، واستيفاء شروطها، بما أوجبه أمير المؤمنين من العهد لعلي بن موسى الرضا، لتقوم به الحجة على جميع المسلمين، ولتبطل الشبهة التي كانت اعترضت لآراء الجاهلين، وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه


[نور الأبصار ص 157- 158.]


هذا وقد كتب الخليفة المأمون إلى " عبد الجبار بن سعد المساحقي "- عامله على المدينة- أن أخطب الناس، وأدعهم إلى بيعة " الرضا علي بن موسى " فقام خطيبا فقال:


" يا أيها الناس، هذا الأمر الذي كنتم فيه ترغبون، والعدل الذي كنتم تنتظرون، والخير الذي كنتم ترجون، هذا " علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب "، ستة آباء، هم ما هم، من خير، من يشرب صوب الغمام "


[ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 359 "بيروت 1983".]


وفاة الرضا



هذا وقد اختلف في أمر وفاة الرضا؟ وكيف كان سببه السم الذي سقيه؟


فروي أن المأمون أمره أن يطول أظافره ففعل، ثم أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي، وقال له: افركه واعجنه بيديك جميعا ففعل، ثم دخل علي الرضا، عليه السلام، فقال: ما خبرك؟ فقال: أرجو أن أكون صالحا، فقال: هل جاءك أحد من المترفقين اليوم، قال: لا، فغضب وصاح على غلمانه، وقال له: فخذ ماء الرمان فإنه مما لا يستغني عنه، ثم دعى برمان، فأعطاه عبد الله بن بشير،


وقال له: أعصر ماءه بيدك، ففعل، وسقاه المأمون الرضا بيده فشربه، وكان ذلك سبب وفاته، ولم يلبث إلا يومين، حتى مات عليه السلام.


وروي عن أبي الصلت الهروي، أنه دخل علي الرضا، عليه السلام، بعد ذلك، فقال له: يا أبا الصلت: قد فعلوها، أي سقوني السم.


وروي عن محمد بن الجهم: أن الرضا عليه السلام كان يعجبه العنب، فأخذ له عنب، وجعل في موضع الابر، فتركت أياما، فأكل منه في علته فقتله، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.


ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته، وتركه يوما وليلة، ثم وجه إلى محمد بن جعفر بن محمد، وجماعة من آل أبي طالب، فلما أحضرهم أراهم إياه، صحيح الجسد، لا أثر له، بكى، وقال: " عز علي يا أخي أن أراك في هذه الحالة، وقد كنت أؤمل أن أكون قبلك، فأبى الله إلا ما أراد "، وأظهر جزعا شديدا، وحزنا كثيرا، وخرج مع جنازته يحملها حتى أبى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه هناك إلى جانب أبيه هارون الرشيد


[أبو الفرج الأصفهاني: مقاتل الطالبين ص 371- 372.]


ويروي اليعقوبي عن أبي الحسن بن أبي عباد قال: رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضا، حاسرا في مبطنة بيضاء، وهو بين قائمتي النعش يقول: " إلى من أروح بعدك يا أبا الحسن، وأقام عند قبره ثلاثة أيام، يؤتى في كل يوم برغيف وملح فيأكله، ثم انصرف في اليوم الرابع، وكان سن الرضا أربعا وأربعين سنة


[تاريخ اليعقوبي 2 / 453.]


وفي رواية المسعودي: وفي خلافته "أي المأمون" قبض علي بن موسى


الرضا مسموما بطوس، ودفن هناك، وهو يومئذ ابن تسع وأربعين سنة، وستة أشهر، وقيل غير ذلك


[المسعودي: مروج الذهب 2 / 395.]


ولعل من الجدير بالإشارة أن الشيعة لا تجد تناقضا بين أن يجد الرضا كل هذه الحظوة لدى المأمون حين بايع له بولاية العهد، وزوجه أخته "الصحيح ابنته"، وبين أن يدس له المأمون السم في العنب، ثم يصلي عليه، ويدفنه بجوار قبر أبيه الرشيد في مشهده بطوس، فقد أصبح مقدرا على الأئمة- منذ الإمام الحسين بن علي- أن يكون قاتلوهم هم الخلفاء، أو بإيعاز منهم


[أحمد صبحي: المرجع السابق ص 378.]


هذا ولما كان الإمام علي الرضا مات شهيدا، فقد أقيمت حول قبره مدينة جديدة يعيش فيها زوار قبر الإمام، والمتبركون به، سميت " المشهد الرضوي " أو " مشهد " والتي أخذت بالتدريج تأخذ مكان مدينة " طوس " القديمة، حتى قضت عليها، وغدت تمثل الآن أكبر عتبات الشيعة المقدسة- بجوار كربلاء والنجف- وهكذا يحق للشيعة أن يذكروا أن مدفن الإمام علي الرضا في طوس- والذي يعد من أكبر مزارات الشيعة بجوار مدفن هارون الرشيد- وهو من كان في عليائه وجبروته، وذيوع صيته، حتى فاقت شهرته جميع الخلفاء- يحق للشيعة أن يذكروا أن قبر الرشيد هذا، إنما قد اندرس، وأهمل شأنه، بينما ظهر قبر الإمام الرضا، يقصده زوار الشيعة، ومحبي آل بيت رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، من أطراف البلاد، وشاسع الأمصار، وهكذا يعلو شأن الأئمة الروحيين بعد مماتهم، بينما لا يعار سلاطين الأرض، أدنى اهتمام منذ اللحظة التي توارى فيها أجسادهم التراب


[أحمد صبحي: المرجع السابق ص 389.]


وروى ابن خلكان


[وفيات الأعيان 3 / 270- 271.] "608- 681 هـ" أن بعض أصحاب أبي نواس


- الشاعر المشهور- قال له: ما رأيت أقبح منك، ما تركت حمرا، ولا طردا، ولا معنى، إلا قلت فيه شيئا، وهذا " علي بن موسى الرضا " في عصرك لم تقل فيه شيئا، فقال: والله ما تركت ذلك، إلا إعظاما له، وليس قدر مثلي أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات:




  • قيل لي أنت أحسن الناس طرا
    لك من جيد القريض مديح
    فعلام تركت مدح ابن موسى
    قلت لا أستطيع مدح إمام
    كان جبريل خادما لأبيه



  • في فنون الكلام النبيه
    يثمر الدر في يدي مجتنيه
    والخصال التي تجمعن فيه
    كان جبريل خادما لأبيه
    كان جبريل خادما لأبيه




وفي الإمام علي الرضا يقول أيضا:




  • مطهرون نقيات جيوبهم
    من لم يكن علويا حين تنسبه
    الله لما أبرأ خلقا فأتقنه
    فأنتم الملأ الأعلى وعندكم
    علم الكتاب وما جاءت به السور



  • تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
    فما له في قديم الدهر مفتخر
    صفاكم واصطفاكم أيها البشر
    علم الكتاب وما جاءت به السور
    علم الكتاب وما جاءت به السور



موقف المأمون من الإمام علي بن أبي طالب



رأينا من قبل كيف أمر المأمون في عام 211 هـ، بأن ينادي: برئت الذمة من ذكر معاوية بخير، وأن أفضل الخلق- بعد النبي "صلى الله عليه وسلم"- علي بن أبي طالب


[السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 308.]


ولعل رواية الفقيه ابن عبد ربه في عقده الفريد، إنما تشير بوضوح إلى عقيدة المأمون من الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة-.


روى ابن عبد ربه في العقد الفريد: " أن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل


عن حماد بن زيد قال: بعث إلي يحيى بن أكثم


[يحيى بن أكثم: من ولد أكثم بن صيفي التميمي، حكيم العرب، كان عالما بالفقه، بصيرا بالأحكام، ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي، وقال الخطيب في تاريخ بغداد: كان يحيى بن أكثم سليما من البدعة، ينتحل مذهب أهل السنة، سمع عبد الله بن المبارك وسفيان بن عيينة وغيرهما، وروى عنه أبو عيسى الترمذي وغيره، وكان يحيى من أعلام الدنيا، وكان واسع العلم بالفقه، كثير الأدب، قائم بكل معضلة، وغلب على المأمون، حتى لم يتقدمه أحد غيره من الناس جميعا وكان المأمون ممن برع في العلوم، فعرف من حال يحيى بن أكثم، وما هو عليه من العلم والعقل ما أخذ بمجامع قلبه، حتى قلده قضاء القضاة، وتدبير أهل مملكته، فكانت الوزراء لا تعلم في تدبير الملك شيئا، إلا بعد مطالعة يحيى، وقد توفي يحيى بن أكثم في خلافة المتوكل "232- 247 هـ" وذلك في يوم الجمعة منتصف ذي الحجة عام 242 هـ بالربذة، وهو في طريقه من مكة إلى العراق، وقبل توفي في غزة سنة 243 هـ، وعمره ثلاث وثمانون سنة "وفيات الأعيان 6 / 147- 165، أخبار القضاة لوكيع 2 / 161، طبقات الحنابلة 1 / 140، النجوم الزاهرة 2 / 217 و 308، مرآة الجنان 2 / 135، ميزان الاعتدال 4 / 361، شذرات الذهب 2 / 101- 102".] وإلى عدة من أصحابي، وهو يومئذ قاضي القضاة، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن حضر معي غدا مع الفجر أربعين رجلا، كلهم فقيه، يفقه ما يقال له، ويحسن الجواب، فسموا من تظنونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين، فسمينا له عدة، وذكر هو عدة، حتى تم العدد الذي أراد، وكتب تسمية القوم، وأمر بالبكور في السحر، وبعث إلى من لم يحضره، فأمره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه، وهو جالس ينتظرنا ".


" فركب وركبنا معه، حتى صرنا إلى الباب، فإذا بخادم واقف، فلما نظر إلينا قال: يا أبا محمد، أمير المؤمنين ينتظرك، فأدخلنا، فأمرنا بالصلاة فأخذنا فيها، فلم نستتم حتى خرج الرسول، فقال: ادخلوا، فإذا أمير المؤمنين جالس على فراشه، وعليه سواده وطيلسانه، والطويلة وعمامته، فوقفنا وسلمنا، فرد السلام، وأمر لنا بالجلوس، فلما استقر بنا المجلس، انحدر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه، ووضع قلنسوته، ثم أقبل علينا، فقال: إنما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأما الخف فمنع من خلعه علة، من قد عرفها منكم،


فقد عرفها، ومن لم يعرفها فسأعرفه بها، ومد رجله، وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم، قال: فأمسكنا، فقال لنا يحيى: انتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين، فتنحينا فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا ".


" فلما استقر بنا المجلس قال: إنما بعثت إليكم معشر القوم في المناظرة، فمن كان به شئ من الأخبثين لم ينتفع بنفسه، ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك، وأشار بيده، فدعونا له، ثم ألقى مسألة من الفقه، فقال: يا أبا محمد، قل، وليقل القوم من بعدك، فأجابه يحيى، ثم الذي يلي يحيى، ثم الذي يليه حتى أجاب آخرنا في العلة، وعلة العلة، وهو مطرق لا يتكلم، حتى إذا انقطع الكلام، التفت إلى يحيى فقال: يا أبا محمد: أصبت الجواب، وتركت الصواب في العلة، ثم لم يزل يرد على كل واحد منا مقالته، ويخطئ بعضنا، ويصوب بعضنا، حتى أتى على آخرنا ".


ثم قال: إني لم أبعث فيكم لهذا، ولكني أحببت أن أنبئكم أن أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه، الذي هو عليه، والذي يدين الله به، قلنا: فليفعل أمير المؤمنين- وفقه الله- فقال: إن أمير المؤمنين يدين الله على أن " علي بن أبي طالب " خير خلق الله- بعد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"- وأولى الناس بالخلافة له ".


قال إسحاق: فقلت يا أمير المؤمنين، إن فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في " علي "، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة.


قال: يا إسحاق، اختر، إن شئت سألتك، وإن شئت أن تسأل، فقل.


فقال إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين، قال:


سل، قلت: من أين قال أمير المؤمنين: إن علي بن أبي طالب، أفضل الناس، بعد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وأحقهم بالخلافة بعده؟


قال: يا إسحاق، أخبرني عن الناس، بم يتفاضلون حتى يقال: فلان أفضل من فلان؟.


قلت: بالأعمال الصالحة، قال صدقت قال: فأخبرني عمن فضل صاحبه على عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، ثم إن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، أيلحق به؟.


قال: فأطرقت، فقال لي: يا إسحاق، لا تقل نعم، فإنك إن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهادا وحجا وصياما وصلاة وصدقة.


فقلت: أجل يا أمير المؤمنين، لا يلحق المفضول على عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، الفاضل أبدا.


قال يا إسحاق، فانظر ما رواه لك أصحابك، ومن أخذت عنهم دينك.


وجعلتهم قدوتك من فضائل علي بن أبي طالب، فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر، فإن رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي، فقال: إنه أفضل منه.


لا والله، ولكن فقس إلى فضائله، ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر، فإن وجدت لهما من الفضائل ما لعلي وحده، فقل إنهما أفضل منه، ولا والله، ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر وعمر وعثمان، فإن وجدتها مثل فضائل علي، فقل إنهم أفضل منه، لا والله قس بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بالجنة، فإن وجدتها تشاكل فضائله، فقل: إنهم أفضل منه.


قال: يا إسحاق: أي الأعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟.


قلت: الإخلاص بالشهادة، قال: أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت: نعم، قال: إقرأ ذلك في كتاب الله تعالى، يقول: "والسابقون السابقون أولئك


/ 23