امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه إلى أن مات رحمه الله تعالى، وكان يلقب " الكاظم " لأنه كان يحسن إلى من يسئ إليه

[أبو الفداء المختصر في أخبار البشر 2 / 15- 16، حسن إبراهيم: تاريخ الإسلام السياسي 2 / 155.]

ويقول صاحب الفصول المهمة: كان موسى الكاظم، رضي الله عنه، أعبد أهل زمانه، وأعلمهم وأسخاهم كفا، وأكرمهم نفسا، وكان يتفقد فقراء المدينة، فيحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم ليلا وكذلك النفقات، ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك، ولم يعلموا بذلك إلا بعد موته، وكان كثيرا ما يدعو " اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب "

[نور الأبصار ص 151.]

ويقول المحدث الفقيه المحب الطبري في صواعقه: موسى الكاظم:

وارث أبيه الصادق علما ومعرفة، وكمالا وفضلا، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفا عند أهل العراق " بباب قضاء الحوائج عند الله "، وكان أعبد أهل زمانه، وأسخاهم

[المحب الطبري: الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ص 307 "بيروت 1983".]

ويقول " ابن عنبة ": " وكان أسود اللون، عظيم الفضل، رابط الجأش، واسع العطاء، لقب ب " الكاظم " لكظمه الغيظ وحلمه، وكان يخرج في الليل، وفي كمه صرر من الدراهم، فيعطي من لقيه، ومن أراد بره، وكان يضرب المثل بصرة موسى، وكان أهله يقولون: عجبا لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة "

[ابن عنبة: المرجع السابق ص 226.]

وأهدى إليه مرة عبد عصيدة، فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار، وأعتقه ووهب له المزرعة

[ابن كثير: المرجع السابق ص 183.]

الامام الكاظم و المهدي العباسي


روى ابن كثير أن الخليفة العباسي المهدي "158- 169 هـ / 775- 785 م" استدعى الإمام موسى الكاظم إلى بغداد، فحبسه، فلما كان في بعض الليالي رأى المهدي الإمام علي بن أبي طالب- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- وهو يقول له: يا محمد: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم"

[سورة محمد: آية 22.]، فاستيقظ مذعورا، وأمر به فأخرج من السجن ليلا، فأجلسه وعانقه وأقبل عليه، وأخذ عليه العهد أن لا يخرج عليه، ولا على أحد من أولاده، فقال: والله ما هذا من شأني، ولا حدثت فيه نفسي، فقال:

صدقت، وأمر له بثلاثة آلاف دينار، وأمر به فرد إلى المدينة، فما أصبح الصباح إلا وهو على الطريق، فلم يزل بالمدينة حتى خلافة الرشيد

[ابن كثير: البداية والنهاية 10 / 183.]

على أن " ابن عنبة " إنما ينسب هذه الرواية إلى عهد الخليفة موسى الهادي "169- 170 هـ / 785- 786 م" فيقول: " وقيض عليه موسى الهادي وحبسه، فرأى علي بن أبي طالب، عليه السلام، في نومه يقول له: "يا موسى، هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم"، فانتبه من نومه، وقد عرف أنه المراد، فأمر بإطلاقه، ثم تنكر له من بعد ذلك، فهلك قبل أن يوصل إلى الكاظم عليه السلام أذى

[ابن عنبة: عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص 226.]

ويقول الخطيب البغدادي: وكان يسكن المدينة فأقدمه المهدي العباسي بغداد وحبسه، فرأى في نوم علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو يقول:

يا محمد، "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم"، قال الربيع: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، فجئته، فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتا، وقال: علي بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه

وأجلسه إلى جنبه، وقال: يا أبا الحسن، إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في النوم، يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن لا تخرج علي، أو على أحد من أولادي، فقال: والله لا فعلت ذلك، ولا هو من شأني، قال: صدقت، اعطه ثلاثة آلاف دينار، ورده إلى أهله، إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلا، فما أصبح إلا وهو في الطريق، خوف العوائق

[تاريخ بغداد 13 / 30- 31، وفيات الأعيان 5 / 308- 309.]

الامام الكاظم و هارون الرشيد


يقول الشبلنجي في نور الأبصار: يحكى أن هارون الرشيد "170- 193 هـ / 876- 809 م" سأل الإمام موسى الكاظم يوما فقال: كيف قلتم نحن ذرية رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وأنتم بنو علي، وإنما ينسب الرجل إلى جده لأبيه، دون جده لأمه؟.

فقال الإمام الكاظم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم "ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى"

[سورة الأنعام: آية 84- 85.]، وليس لعيسى أب، وإنما ألحق بذرية الأنبياء من قبل أمه، وكذلك ألحقنا بذرية النبي "صلى الله عليه وسلم"، من قبل أمنا فاطمة.

ثم قال الإمام الكاظم: وزيادة أخرى يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل:

"فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل"

[سورة آل عمران: آية 61.]، ولم يدع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين، رضي الله عنهم، وهم الأبناء

[الشبلنجي: نور الأبصار ص 148- 149.]

ويروي الشعبي "أبو عامر بن شرحيل 19- 103 هـ / 640- 721 م" أنه كان بواسط، فحضر صلاة العيد مع الحجاج الثقفي، فدعاه وقال له: هذا يوم أضحى، وقد أردت أن أضحي برجل من العراق، وأحب أن تسمع لقوله، لتعلم أني أصيب الرأي فيما أفعل، فقلت: أيها الأمير، كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، يضحي بكبش، فاستن أنت بسنته "صلى الله عليه وسلم"، قال: إذ سمعت ما يقول صوبت رأيي، فلما أحضروه، فإذا هو " يحيى بن يعمر "

[هو أبو سعيد يحيى بن يعمر العدواني النحوي، كان تابعيا، لقي ابن عباس وابن عمر وغيرهما، وأخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي، وروى عن قتادة وإسحاق بن سويد، وهو أحد قراء البصرة، وكان عالما بالقرآن والنحو ولغات العرب، وتولى القضاء في " مرو "، وكان ينطق العربية المحضة، واللغة الفصحى طبيعية فيه من غير تكلف، وكان شيعيا من القائلين بتفضل أهل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم، توفي عام 128 هـ أو 129 هـ، وأما أهم مصادر ترجمته "وفيات الأعيان 6 / 137- 176، شذرات الذهب 1 / 175- 176، معجم الأدباء 20 / 42، غاية النهاية 2 / 318، مرآة الجنان 1 / 271، تهذيب التهذيب 11 / 305، بغية الوعاة ص 417، النجوم الزاهرة 1 / 217، أخبار النحويين البصريين ص 22 طبقات الزبيدي ص 22".] فاغتممت غما شديدا ثم قال له الحجاج: أنت فقيه أهل العراق، قال: أنا من فقهائهم. قال الحجاج: كيف زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟ قال يحيى: ما أنا بزاعم ذلك، بل قائله بحق، قال الحجاج: وأي حق، قال يحيى: كتاب الله نطق بذلك، قال: لعلك تريد قوله تعالى "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين"

[سورة آل عمران: آية 61.]، وأن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" خرج للمباهلة، ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة

[أنظر: صحيح مسلم 15 / 176، صفوة التفاسير 1 / 206، تفسير القرطبي 1345- 1347، تفسير ابن كثير 1 / 555، المستدرك للحاكم 2 / 593- 594.]، قال يحيى: وإنها والله حجة بليغة

[قال الزمخشري في الكشاف في تفسيره لآية المباهلة هذه "آل عمران: آية 61" أنه ليس هناك من دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب الكساء، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين، عليهم السلام، لأن الآية لما نزلت دعاهم النبي "صلى الله عليه وسلم"، فاحتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، ومشت فاطمة خلفه، وعلي خلفهما، وهو يقول: أنا إذا دعوت فأمنوا، فقال الأسقف: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها، لو شاءت أن يزيل الله جبلا من مكانه، لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، وصالحوه على الجزية.

ثم يقول الزمخشري: وخص الأبناء والنساء بالمباهلة، لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب، وفيه دليل على أن أولاد فاطمة، عليها السلام، وأبناءهم يسمون أبناء النبي، وينسبون إليه نسبة صحيحة نافعة في الدنيا والآخرة.

وقال الرازي في التفسير الكبير: إن آية المباهلة دالة على أن الحسن والحسين كانا ابني النبي "صلى الله عليه وسلم"، فلقد وعد النبي "صلى الله عليه وسلم" أن يدعو أبناءه، فدعا الحسن والحسين، فوجب أن يكون ابنيه.

وقال جواد مغنية: أن السنة والشيعة اتفقت على أن المراد بأنفسنا في الآية: النبي "صلى الله عليه وسلم"، وعلي بن أبي طالب وبنسائنا فاطمة، وبأبنائنا: الحسن والحسين.

وقال السيد المرتضى: إن آية المباهلة تدل على أن ابن البنت ابن حقيقي، وحتى لو لم يكن كذلك، بالقياس لغير النبي "صلى الله عليه وسلم" فإن الحسن والحسين هما ابنا سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" حقيقة، وهذا خاص بالنبي "صلى الله عليه وسلم" بنص القرآن والسنة واستعمال الناس جميعا، وفي صحيح البخاري أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال عن الحسن: ابني هذا سيد.

وقال ابن قيم الجوزية: إن المسلمين مجمعون على دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي "صلى الله عليه وسلم" المطلوب لهم من الله الصلاة، لأن أحدا من بناته لم يعقب غيرها، فمن انتسب إليه "صلى الله عليه وسلم" من أولاد بنته، فإنما هو من جهة فاطمة، رضي الله عنها، خاصة، ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم" في الحسن ابن ابنته " إن ابني هذا سيد " فسماه ابنه، ولما نزلت آية المباهلة "آل عمران: آية 61" دعا النبي "صلى الله عليه وسلم" فاطمة وحسنا وحسينا وعليا رضي الله عنهم، وخرج للمباهلة.

ثم يقول: وأما دخول فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي "صلى الله عليه وسلم"، فلشرف هذا الأصل العظيم، والوالد الكريم، الذي لا يدانيه أحد من العالمين، سرى ونفذ إلى أولاد البنات، لقوته وجلالته وعظم قدره. "صحيح البخاري 3 / 243 و 5 / 32، تفسير الكشاف 1 / 147- 148"، ابن قيم الجوزية: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ص 150- 153 "القاهرة 1972"، محمد جواد مغنية: فضائل علي ص 15- 20".]، ولكني مع ذلك لا أحتج بها.

قال: إن جئت بغيرها من كتاب الله، فلك عشرة آلاف درهم، وإلا قتلتك، وكنت في حل من دمك، قال يحيى: نعم وتلا الآيتين 84، 85 من سورة الأنعام "ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى.... وإلياس كل من الصالحين" فترك كلمة " عيسى ".

فقال الحجاج: "ومن عجب أنه كان يحفظ القرآن، وكان أبوه كذلك حيث كان يحفظ الصبيان القرآن" وأين تركت عيسى؟ قال يحيى: ومن أين كان عيسى

من ذرية إبراهيم، ولا أب له؟ قال الحجاج: من قبل أمه. قال يحيى: أيكون عيسى من ذرية إبراهيم بواسطة أمه مريم، وبينه وبينه ما تعلم من الأجداد "ما يقرب من عشرين قرنا فيما نرى"

[أنظر عن التأريخ لسيدنا إبراهيم عليه السلام في الفترة "1940- 1765 ق. م" "محمد بيومي مهران: دراسات تاريخية من القرآن الكريم 1 / 123- 127".]، ولا يكون الحسن والحسين من ذرية رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، بواسطة أمهما فاطمة، وهي ابنته بلا واسطة، وكأنما ألقم الحجاج حجرا، فقال: أعطوه عشرة آلاف درهم، لا بارك الله له فيها

[أنظر روايات أخرى عن القصة "تفسير ابن كثير 2 / 248- 249، ابن عبد ربه: العقد الفريد 5 / 281، وفيات الأعيان: 6 / 174، شذرات الذهب 1 / 175- 176".]

وروى الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده عن الشعبي عن جابر "جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه" قال: قدم على النبي "صلى الله عليه وسلم"، العاقب والطيب، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة، قال: فغدا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيبا وأقرا بالخراج، قال: فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" " والذي بعثني بالحق لولا أن قالا: لا، لأمطر عليهم الوادي نارا "، قال جابر: وفيهم نزلت "ندع أبناءنا أبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم" قال جابر: " أنفسنا وأنفسكم " رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وعلي بن أبي طالب، و " أبناءنا " الحسن والحسين، ونساءنا فاطمة "رواه الحاكم في المستدرك، وأبو داود الطيالسي، كما روي عن ابن عباس والبراء نحو ذلك"

[تفسير ابن كثير 1 / 555 "بيروت 1986"، المستدرك للحاكم 2 / 593- 594.]

وفي " عيون أخبار الرضا للصدوق " أن الرشيد قال للإمام الكاظم: كيف جوزتم للناس أن ينسبوكم إلى رسول الله، ويقولوا لكم: يا أبناء رسول الله، وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، لا إلى أمه؟.

فقال له الإمام: لو أن النبي "صلى الله عليه وسلم" نشر، وخطب إليك كريمتك، هل كنت

تجيبه؟ قال الرشيد: سبحان الله، وكيف لا أجيبه؟.

قال الإمام: ولكنه لا يخطب إلي، ولا أجيبه، قال الرشيد: ولم؟

قال الإمام: لأنه ولدني، ولم يلدك.

ولو تدبر الرشيد القرآن الكريم لم يسأل الإمام هذا السؤال، وينكر عليه هذا الإنكار، فإن الله سبحانه وتعالى قد سماهم " أبناء الرسول " قبل أن يسميهم بذلك أحد من الناس، حيث قال: "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين"

[سورة آل عمران: آية 61.]

وقد اتفق المسلمون بكلمة واحدة أن النبي "صلى الله عليه وسلم"، دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين، فكان " علي " نفس النبي، وكانت " فاطمة " نساءه، وكان " الحسن والحسين " أبناءه، فإن كان الرشيد وغيره ممن اعترض على نسبة آل البيت إلى الرسول الأعظم "صلى الله عليه وسلم"، فهو اعتراض ورد على الله- تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 238.]

وروى ابن عمران العبدي في " العفو والاعتذار ": أن الرشيد سأل يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: أينا أقرب إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، قال يحيى: يا أمير المؤمنين إن الطينة واحدة، والنسب واحد، وأنا أسألك لما أعفيتني من الجواب في هذا، فحلف بالعتق والطلاق والصدقة

[العتق: أن يعتق رقيقه وجواريه، والصدقة: أن يخرج عن ماله كله.]، لا يعفيه، فقال: يا أمير المؤمنين، ليس من يمين إلا ولها كفارة، وأنا أسأل أمير المؤمنين بحق الله، وحق رسوله، وبقرابته منه لما أعفاني، قال:

قد حلفت، هبني أحتال لكفارة اليمين في المال والرقيق، فكيف الحيلة في

الطلاق وبيع أمهات الأولاد؟ قال يحيى: إن في نظر أمير المؤمنين، وتفضله ما يصلح هذا، قال: لا والله، لا أعفيك.

قال يحيى: أما إذا كان ذاك، فنشدتك الله، لو بعث فينا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، أفكان له أن يتزوج فيكم؟ قال: نعم، قال: أفكان له أن يتزوج فينا؟ قال: لا، قال: فهذه، فوثب الرشيد عنه، وقام إلى غير مجلسه.

قال: وخرجنا- والفضل بن الربيع ساكت ينفخ، ثم قال لي "أي لعبد الله بن محمد بن زبير، وقد حضر المجلس" أسمعت أعجب مما كنا فيه قط، يقول "أي الرشيد" ليحيى: أينا أحسن وجها؟ وأينا أسخى نفسا، وأينا أقرب إلى رسول لله "صلى الله عليه وسلم"، والله لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملك

[أبو الحسن محمد بن عمران العبدي: العفو والاعتذار 2 / 572- 575 "تحقيق عبد القدوس أبو صالح- نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض 1981".]

وفي تفسير القرطبي أن " أبناءنا " في الآية "آل عمران: 61" دليل على أن أبناء البنات يسمون أبناء، وذلك أن النبي "صلى الله عليه وسلم" جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه، وعلي يمشي خلفهما، وهو يقول لهم: " إن أنا دعوت فأمنوا "، وهو معنى قوله: " ثم نبتهل " أي نتضرع في الدعاء

[تفسير القرطبي ص 1346.]

وفي عيون أخبار الرضا للصدوق: أن المأمون قال: ما زلت أحب أهل البيت، ولكنه أظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه، فلما حج الرشيد كنت معه، ولما كان بالمدينة دخل عليه الإمام موسى بن جعفر الكاظم، فأكرمه، وجثى على ركبتيه، وعانقه يسأله عن حاله وعياله، ولما قام الإمام نهض الرشيد، وودعه بإجلال واحترام، فلما خرج سألت أبي، وقلت له: من هذا الذي فعلت معه

شيئا لم تفعله بأحد سواه؟، فقال: هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر، فإن أردت العلم الصحيح فعند هذا

[الصدوق: عيون أخبار الرضا ص 193 "ط 1377"، محمد جواد مغنية: الشيعة والحاكمون ص 161.]

وهكذا عانق الرشيد الإمام الكاظم وأكرمه، وجلس متأدبا بين يديه، وشهد له بأنه وارث علم النبيين ولكن ما جدوى ذلك كله: إن علم النبيين لم يشفع للإمام الكاظم عند هارون الرشيد، حين رأى من حب الناس، وتعلقهم به، ما رأى، فاستعرت في قلبه نيران الحقد، وسيطرت عليه الأنانية، فقتل من أبناء النبيين ما قتل، وما ذنب الإمام الكاظم إذا أحب الناس العلم وأهله، والحق ومن انتصر له.

إن الإمام الكاظم لم يخرج على حاكم، ولا دعا أحدا إلى مبايعته ولم يحرك ساكنا ضد الرشيد ولا غيره، وكل ذنبه- عند أقربائه بني العباس- أنه وارث علم النبيين، وأنه إمام حق وهدى، وغيره إمام باطل وضلال

[نفس المرجع السابق ص 162.] وروى الصبان في " إسعاف الراغبين " لما اجتمع الرشيد والإمام الكاظم في المدينة المنورة أمام الوجه الشريف "في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف"، قال الرشيد: " سلام عليك يا ابن عم "، وقال موسى: " السلام عليك يا أبة "، فلم يحتملها الرشيد، فحمله إلى بغداد مقيدا، فلم يخرج من حبسه إلا مقيدا ميتا مسموما

[الصبان: إسعاف الراغبين ص 227.]

وفي رواية الحافظ ابن الكثير: لما حج الرشيد ودخل ليسلم على قبر النبي "صلى الله عليه وسلم"، ومعه موسى بن جعفر الكاظم، فقال الرشيد: السلام عليك يا رسول الله، يا بن العم، فقال موسى الكاظم: السلام عليك يا أبة، فقال الرشيد: هذا هو الفخر يا أبا الحسن، ثم لم يزل ذلك في نفسه، حتى استدعاه

في سنة تسع وستين وسجنه، فأطال سجنه، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها:

" أما بعد يا أمير المؤمنين، إنه لم ينقض عني يوم من البلاء، إلا انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون "

[ابن كثير: البداية والنهاية 10 / 183.]

ومن المعروف أن الرشيد كان قد أرسل جلاوزته إلى الإمام الكاظم، وكان يتعبد عند قبر جده "صلى الله عليه وسلم" فأخرجوه منه وقيدوه، وأرسله الرشيد إلى البصرة- وكان واليها عيسى بن جعفر بن المنصور العباسي- فحبسه عنده سنة، ثم كتب عيسى إلى الرشيد أن خذه منى، وسلمه إلى من شئت، وإلا أخليت سبيله، فقد اجتهدت أن آخذ عليه حجة، فما قدرت على ذلك، فحبسه ببغداد عند " الفضل بن الربيع "، ثم عند " الفضل بن يحيى "، ثم عند " السندي بن شاهك "، وأخيرا تخلص منه بالسم، وقيل: إن السندي لفه على بساط، وقعد الفراشون على وجهه، فانتقل إلى ربه خنقا

[الشيعة والحاكمون ص 162.]

ويروي اليعقوبي أن " السندي بن شاهك " أحضر مسرورا الخادم، وأحضر القواد والكتاب والهاشميين والقضاة ومن حضر ببغداد من الطالبيين، ثم كشف عن وجهه، فقال لهم: أتعرفون هذا؟ قالوا: نعرفه حق معرفته، هذا موسى بن جعفر، فقال هارون: أترون أن به أثرا، وما يدل على اغتياله؟، قالوا: لا، ثم غسل وكفن وأخرج ودفن في مقابر قريش في الجانب الغربي

[تاريخ اليعقوبي 2 / 414.]

ويقول " ابن عنبة ": ولما ولي هارون الرشيد الخلافة أكرمه وأعظمه، ثم قبض عليه وحبسه عند الفضل بن يحيى، ثم أخرجه من عنده فسلمه إلى " السندي بن شاهك " ومضى الرشيد إلى الشام، فأمر يحيى بن خالد السندي بقتله، فقيل إنه سم، وقيل بل غمر في بساط ولف حتى مات، ثم أخرج للناس

/ 23