اضواء علی الصحیحین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی الصحیحین - نسخه متنی

محمد صادق النجمی؛ مترجم: یحیی کمالی البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ثـالـثـا: كيف يتصور ان تنسب هذه القصة الى موسى الذي اصطفاه اللّه بالنبوة ,وائتمنه على وحيه , وانـتـجـبـه لمناجاته , وجعله نبيا من انبيا اولي العزم , وقال تعالى مادحا اياه : (واذ اخذنا من النبيين
ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا) ((483)) .

وقال تعالى : (واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الا
يمن وقربناه نجيا) ((484)) .

وقال تعالى : (وكان عند اللّه وجيها) ((485)) .

فـهـل يتصور ان من نال هذه المرتبة الرفيعة والمنزلة الربانية , يفر من الموت فرارايترك لقا اللّه
والوصول الى مرتبة اعلى العليين وذلك ببطشة واحدة ؟.

رابـعـا : فهل يعقل ان الانبيا وخاصة اولي العزم منهم (ع ) يهينون الملك الذي ياتيهم بالوحي من عند
اللّه تـعـالـى ؟ بـيـنـما نحن نتبرا من الكفار والمشركين والجبابرة كفرعون ونمرود وابي جهل ,
ونـعـتـبرهم اعدا للّه عزوجل , لانهم رفضوا اوامر اللّه وعاندوا الانبياوالرسل (ع ), واهانوهم
واستكبروا عن ذلك .

فـلـو صـححنا هذا الحديث بمضمونه الوارد في صحيحي البخاري ومسلم , فلم يبق هناك فرق بين
مـوسـى (ع ) وفـرعـون , لان الـحديث المذكور, يروي لنا ان الاسلوب الذي اتخذه فرعون تجاه
الرسول موسى (ع ) والاهانة التي اهانها اياه , هو نفس الاسلوب الذي اتبعه موسى (ع ) تجاه عزرائيل
ملك الموت ورفض دعوة ربه .

خـامسا ـ اضف الى كل ذلك , ما هى حقيقة الملائكة ؟ هل هي جسمانية ومادية ؟ولها عينان , كما هي
عند الانسان بحيث تعمى بمجرد بطشة واحدة ؟.

ان الـجـواب عـن هذه الاسئلة ليس صعبا ومشكلا خاصة للوضاعين وجعال الاحاديث الذين يروون
احاديث يخرجونها من اكياسهم حينما يواجهون الانتقادات ,فيقرون بانفسهم من المزق .

ولـذا نـرى ابـا هريرة جاعل الحديث عندما واجه الانتقاد اجاب على ذلك وقال : ان ملك الموت كان
ياتي الناس عيانا حتى اتى موسى فلطمه ففقاعينه جا الى الناس خفية بعد موت موسى ((486)) .

بـنا على هذه الاشكالات الموجودة في الحديث لم ادر واني لحائر هل ان بطش موسى وضربه ملكا
مـقـربـا الـى اللّه عـزرائيـل (ع ) وهو في لحظة تبليغ امر اللّه , ويفقا عينه ويعميها تعتبر فضيلة
وكرامة لموسى حتى يخرجه مسلم ضمن فضائل موسى ؟
4 ـ سباق موسى والحجر.

اخرج الشيخان في صحيحيهما عن ابي هريرة قال : قال رسول اللّه (ص ): ان موسى كان رجلا حييا سـتـيـرا, لا يـرى مـن جلده شي استحياا منه , فذاه من آذاه من بني اسرائيل , فقالوا: ما يستتر هذا
الـتـستر الا من عيب بجلده , اما برص واما ادرة واما آفة , وان اللّه اراد ان يبرئه مما قالوا لموسى
فـخـلا يـومـا وحده , فوضع ثيابه على الحجر, ثم اغتسل ,فلم ا فرغ اقبل على ثيابه لياخذها, وان
الـحـجر عدا بثوبه فاخذ موسى عصاه وطلب الحجر, فجعل يقول : ثوبي حجر, ثوبي حجر, حتى
انـتهى الى ملا من بني اسرائيل فراوه عريانا, احسن مما خلق اللّه وابراه مما يقولون , وقام الحجر
فاخذ بثوبه فلبسه , وطفق بالحجر ضربا بعصاه , فواللّه ان بالحجر لندبا من اثر ضربه ثلاثا او اربعا
او خـمـسا فذلك قوله : (يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبراه اللّه مما قالوا وكان
عنداللّه وجيها ) ((487)) ((488)) .

قبل ان نقوم بالبحث والتحقيق حول هذا الحديث ندعو القرا الكرام الى ان يلقوانظرة في ما قاله اثنين
من شارحي الصحيحين بهذا الصدد:.

قال بدر الدين العيني في شرحه على صحيح البخاري : وفيه اي في الحديث :.

1 ـ جواز المشي عريانا للضرورة , وكذا جواز النظر الى العورة عند الضرورة .

2 ـ وفـيـه مـعجزة ظاهرة لموسى , ولا سيما تاثير ضربه بالعصا على الحجر مع علمه بانه ماسار
بثوبه الا بامر من اللّه تعالى ((489)) .

وقـال الـنـووي في شرحه على صحيح مسلم : ان فيه الحديث معجزتين ظاهرتين لموسى : احداهما
مشى الحجر بثوبه الى ملا من بني اسرائيل والثانية حصول الندب في الحجر ((490)) .

اقول : ان في هذا الحديث وهو عندهم صحيح ومعتبر انتقادات واستفسارات عدة تطرح نفسها:.

1 ـ هـل ان تـشـهير كليم اللّه (ع ) بابدا سواته على مراى من قومه يبقي موسى على مقامه , ويحفظ
شخصيته التي كان عليها قبل الواقعة ام لا؟ ولا سيما اذا رآه القوم بتلك الحالة المضحكة , وهو يعدو
خلف حجر لا يسمع ولا يدرك شيئا ويناديه : ثوبي حجرثوبي حجر.

2 ـ لـو سـلـمنا بصحة الحديث اللّه , ففي هذه الحالة فما يعني غضب موسى (ع )؟ واي اثر لعقوبة الحجروعتابه ؟.

3 ـ ان فـرار الـحـجر بثياب موسى (ع ) لا يبيح لموسى ان يبدي عورته ويهتك نفسه ,بل كان في
امكانه عقلا وشرعا ان يستتر في مكان ما ويستر عورته عن اعين الناس .

ومـا ادعاه العيني والنووي من كون عمل موسى (ع ) هذا معجزة , فعلى فرض صحة دعواهما فلابد
ان يـعلما ان المعجزة لا تاتي الا اذا كان المقام مقام التحدي والتعجيز, ومانسب الى موسى (ع ) بهذا
الشان لم يكن في مقام التحدي والتعجيز.

وامـا بـراتـه من الادرة وغيره , فليست من الامور التي يباح في سبيلها هتكه وتشهيره , ولا هي من
الـمهمات التي تصدر بسببها الايات والمعجزات , ولو فرض ابتلاؤه بهذا المرض , فاي باس عليه ؟
الـم يصاب النبي شعيب (ع ) في بصره , وايوب (ع ) بجسمه ,وانبيا اللّه قد مرضوا وماتوا بذلك فهل
هـتـكـوا انـفسهم ؟ هذا على فرض ابتلائه بالادرة , فان هذا الدا كان مستورا على اكثر الناس ولم
يكونوا يعلمون بذلك .

وامـا واقـعـة ايـذا بـني اسرائيل موسى (ع ) التي اشير اليها في الاية وفسرها ابو هريرة برايه ,
وطـبـقـهـا ضـمـن قصته الخرافية التي افرزتها ذهنيته هو اتهام موسى بقتل هارون , كمااخرجه
الـعـيـنـي ((491)) ورواه عـن امـيرالمؤمنين (ع ) وابن عباس ونقل بعض المفسرين انهاقضية
الـمومسة التي اغراها قارون بقذف موسى بنفسها, وقيل : آذوه من حيث نسبوه الى السحر والكذب
والجنون ((492)) .

وهـذا الـتـفسير الذي رووه عن ابي هريرة لا يخرج الا من كيس ابي هريرة , بل انه من مميزاته
الخاصة به .

5 ـ انتقام موسى (ع ) من النمل .

قال ابو هريرة : قرصت نملة نبيا من الانبيا, فامر بقرية النمل فاحرقت , فاوحى اللّه اليه ان قرصتك نملة احرقت امة من الامم تسبح اللّه اخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ((493)) .

وحـسـب مـا ورد فـي مـضـمـون حـديـث آخـر اخـرجـه الـتـرمـذي ((494))
وصـحـحه القسطلاني ((495)) وابن حجر ((496)) ان هذا النبي القاسي الذي احرق الوفا من
النمل ذات ارواح بسبب قرصة نملة واحدة هو النبي موسى (ع ).

ويظهر من الحديث الذي رواه ابو هريرة ولم نعلم من اى قصاص اخذ, ان النبي موسى (ع ) انتقم من
مـجـمـوعـة كـبـيرة من النمل بسبب ذنب ارتكبته نملة واحدة علي (ع ) يقول : واللّه لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها,على ان اعصي اللّه في نملة اسلبها
جلب شعيرة ما فعلته ((497)) .

هـذه الـحـكاية التي نسبت الى نبي من انبيا اولي العزم (ع ) علامة على انها مذمومة وغير مندوحة
عـنـداللّه عـزوجـل فانها لم تتماش مع الاحساسات البشرية خاصة رافة الانبيا وعطفهم ولكن ابا
هـريـرة صـور مـوسى (ع ) في روايته هذه بالقساوة والخشونة ,حتى انزله مرتبة ادنى من منزلة
الشاعر الفردوسي ((498)) القائل :.

لا توذى النملة الجالبة حبة ـــــ لها نفس , ونفس الشي محبوبة .

لفتة نظر:.

هـذه خـمـس قـصـص عن الانبيا السابقين (ع ) ذكرها البخاري ومسلم في صحيحيهما, وقد رايت تعليقتنا على كل واحدة منها, وذكرنا ايضا نقاط الوهن والضعف في كل منها.

والـجـديـر بـالـذكر ان هذه القصص الخمس لم يكن لها الا راو واحد وهو ابو هريرة ,وكل هذه
الافتراات على الانبيا(ع ) لم تسفر الا من كيس شيخ المضيرة وتاجرالاحاديث ابي هريرة الدوسي
.

وقد ذكرتنا هذه الاحاديث مقالة العلا مة المحقق فقيد مصر المرحوم محمود ابورية اذ يقول : ما كاد
ابـو هريرة يرجع الى المدينة معزولا عن ولايته بالبحرين , حتى تلقفه الحبر الاكبر كعب الاحبار
الـيهودي ((499)) , واخذ يلقنه من اسرائيلياته , ويدس له من خرافاته , وكان المسلمون يرجعون
الـيـه فـيـما يجهلون , وبخاصة بعد ان قال لقيس بن خرشة هذه الاكذوبة : وما من الارض شبر الا
مكتوب في التوراة التي انزلت على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه .

ومـن اجل ذلك هرع ابو هريرة اليه , لياخذ منه ويتتلمذ عليه , ولم يتوقف سيل روايتهما, ولا سيما
بـعـد ان خلا الجو لهما, بموت عمر واختفا درته , ولا يزال هذا السيل يتدفق بالاحاديث الخرافية
والمشكلة .

وقـد سمعت مرة من احد احرار الفكر المحققين , ان ابا هريرة وكعبا هما اللذان افسدا الاسلام , بما
بثا فيه من الخرافات والاوهام .

ومـن عـجيب امر هؤلا الذين يطلق عليهم جمهور المسلمين انه على رغم ما قيل فيهما, وما ثبت من
اكاذيبهما ثبوتا بينا, لا يزالون يثقون بهما, وياخذون بما يرويانه ,وفيهما ما لا يقبله عقل صريح , ولا
نـقـل صـحـيـح , ثم يجعلون الاول من خيار التابعين ,ويجعلون الاخر راوية الاسلام من بين جميع
المسلمين ((500)) .

الفصل السابع .

رسول اللّه (ص ).

في الصحيحيـن .

النبي قبل البعثة .

1 ـ ايمان ابويه :.

تـعـرفـنا في الفصول السابقة على الصورة التي رسمها ارباب الصحيحين للانبيا(ع ) ,ونتعرف هنا على الصورة التي رسماها للنبي محمد بن عبداللّه (ص )ولذلك قسمنا بحثناحول حياة الرسول (ص )
الى قسمين : النبي قبل البعثة والنبي بعد البعثة .

فاما الصورة المرسومة للنبي (ص ) قبل البعثة والاكاذيب التي نسبوها اليه ندرجهاواحدا بعد الاخر
في فصول مستقلة .

ونـسـتـفـتـح الـبحث في هذا الفصل بما اخرجه مسلم في صحيحه بان ابوا النبي فارقاالدنيا وهما
مشركان وهاك النص :.

1 ـ روي عـن انس : ان رجلا قال : يا رسول اللّه اين ابي ؟ قال (ص ): في النار, فلماقفى دعاه , فقال :

ان ابي واباك في النار ((501)) .

2 ـ روي عـن ابي هريرة قال : زار النبي (ص ) قبر امه فبكى وابكى من حوله , فقال :استاذنت ربي
فـي ان استغفرلها, فلم يؤذن لي , واستاذنته في ان ازور قبرها فاذن لي ,فزوروا القبور فانها تذكر
الموت ((502)) .

لا يـخـفى ان مختلقي هذه الاحاديث ارادوا اثبات كفر ابوي النبي (ص ), فدلسواحديثا ونسبوه الى
الرسول (ص ) على انه قال : ان ابي كذلك في النار, وحيث كان الدعاوطلب الغفران للمشركين غير
جائز, فلذلك نهي الرسول (ص ) ان يدعو لامه ويستغفر لها,لانها توفيت على الشرك اقول : الدلائل التي ذكرناها آنفا وهكذا الروايات الصحيحة والمصادر التاريخية اليقينية تثبت كون
هـذان الـحديثان من المفتريات والموضوعات , لان الاخبار الصحيحة تبين بان الكثير من العرب في
الـجـاهـلية , كانوا موحدين ومؤمنين باللّه الواحد, واشهرهم في هذا الايمان بنو هاشم عبدالمطلب
وابـو طـالـب وعـبـداللّه والـد النبي , حيث كانوا يعبدون اللّه عزوجل , ويجتنبون عبادة الاصنام ,
ويـنكرون ما كان اكثر العرب يعتقدون به ((503)) ,وهؤلا المؤمنون كانوا يعبدون اللّه عزوجل
تارة على مراى من كفار قريش , وتارة اخرى في مغارات الجبال .

والدليل على ايمان اجداد النبي (ص ) وابائه نذكر حديثين كنموذج لا الحصر:.

1 ـ عن الاصبغ بن نباتة قال : سمعت اميرالمؤمنين (ع ) يقول : واللّه ما عبد ابي ولاجدي عبدالمطلب
ولا هـاشـم ولا عـبد مناف صنما قط, قيل : فما كانوا يعبدون ؟ قال (ع ):كانوا يعبدون يصلون الى ـ
البيت على دين ابراهيم (ع ) متمسكين به ((504)) .

2 ـ قـال رسـول اللّه (ص ): يـا علي ان عبدالمطلب كان لا يستقسم بالازلام , ولا يعبدالاصنام , ولا
ياكل ما ذبح على النصب , ويقول : انا على دين ابي ابراهيم (ع ) ((505)) .

ونـقل احمد بن حنبل في مسنده ((506)) , وكذا ابن سعد في طبقاته ((507)) : ان ابا ذركان في
الجاهلية موحدا ومؤمنا باللّه .

امـا الـذيـن اختلقوا هذين الحديثين لم تكن غايتهم الا محو الخزي والعار الذي احدق بهم وبقبيلتهم
الـذين حاربوا الاسلام , حفظا للوثنية والشرك وتثبيتا لهما وقاومواالقرآن والرسول (ص ), وماتوا
وهـم مشركين كافرين او انهم اظهروا اسلامهم مكرهين ,وطمعا في المال والدنيا وهم في الواقع
كفار ومشركين .

نعم ان مختلقي هذه الاحاديث ارادوا بوضعهم حديث كفر ابوي النبي (ص )ان يشبهونهما ببائهم , وان
يزيلوا العار المطبق على اجدادهم وضمادا لحقارتهم .

ولـكـن المؤسف ان اكثر المسلمين يعتبرون هذه الروايات الموضوعة صحيحة ,وعليها بنوا اسس
عقائدهم .

2 ـ الرسول ياكل الحرام .

يـمـكـنك ايها القارئ العزيز بعد ان عرفت الكلام حول الموضوع السابق عدم ايمان والدي النبي ان تتعرف الان على اعتبار حديث آخر, وضع نكاية بالرسول (ص )نفسه , يحكي لنا هذا الحديث ان النبي
كان وثنيا قبل ان يبعث نبيا, فعلى هذا يمكنك بعد قراتك للحديث ان تحكم بصحته او سقمه وضعفه .

اخرج البخاري باسناده عن سالم انه سمع عبداللّه بن عمر يحدث عن رسول اللّه (ص ) انه لقى زيد
بـن عـمـرو بـن نـفـيل , باسفل بلدح ,وذاك قبل ان ينزل على رسول اللّه (ص )الوحي , فقدم رسول
اللّه (ص ) سـفـرة فـيـهـا لـحـم , فـابـى ان يـاكـل مـنـهـا, ثم قال : اني لاآكل مما تذبحون على
انصابكم ((508)) ولا آكل الا مما ذكر اسم اللّه عليه ((509)) .

وروى في موضع آخر من صحيحه حديثا آخر بنفس المضمون الا ان فيه بعض الزيادات ((510))
.

ويستفاد من الحديث المذكور:.

اولا: ان زيـد بـن عـمـرو بن نفيل كان اعرف واعلم في معرفة التوحيد من رسول اللّه (ص ) قبل
البعثة ثانيا: ان الرسول (ص ) لا يمتاز عن سائر العرب الجاهليين , لانه كان يملك صنماونصبا, وكان ياكل
الـلـحـم الـذي ذبـح على النصب , واما زيد بن عمرو بن نفيل فقد كان موحدا ومؤمنا, وكان يرفض
الاصنام وعبادتها, كما ورد في الحديث انه قال : فاني لا اكل مما تذبحون على انصابكم .

والاطم من الحديث الاول ما اخرجه احمد بن حنبل في مسنده باسناده عن نوفل بن هشام بن سعيد بن
زيـد , عن ابيه , عن جده فانه قال : ومر بالنبي (ص ) يعني زيد بن عمرو بن نفيل ومعه ابو سفيان بن
الـحـرث , يـاكلان من سفرة لهما, فدعواه الى الغدا فقال :يا ابن اخي , اني لا آكل ماذبح على النصب ,
قال : فما رؤي النبي (ص )من يومه ذاك ياكل مما ذبح على النصب حتى بعث ((511)) .

وقـد ذكـر الـمـؤرخـون هـذه الـقصة نقلا عن هذين الكتابين المعتبرين والصحيحين البر ((512)) ينقل عن ابن حنبل , وينقل ابو الفرج الاصفهاني ((513)) عن البخاري .

من هو زيد بن عمرو بن نفيل ؟.

من هو زيد الذي نال هذه المرتبة من القدسية والتكريم ؟ وكما روى البخاري في مبحث التوحيد ان
زيد نال مرتبة من التوحيد لم ينلها النبي (ص )قبل البعثة وامـا زيد هذا هو ابن عم الخليفة عمر بن الخطاب وابو زوجته ((514)) , وقد اطراه الكثير من
الـمـؤرخـين واصحاب التراجم , فقالوا: انه في الجاهلية كان موحدا, وكان يعبداللّه وهو على دين
ابـراهيم (ع ) الحنيف , وعما يعتقده عرب الجاهلية , و يصلي ويسجدللّه تعالى , وذكره في السجود
دليل على ايمانه وحنيفيته ((515)) .

اقـول : قـد ذكـرنـا فـي اول الـكتاب ما استنتجناه من الايات والروايات حول الانبياعامة ورسول
اللّه (ص ) خـاصـة , وبينا ايضا في الفصل السابق سيرة ابا النبي (ص ), واثبتنابالدلائل النقلية الثابتة
قـطـعـيـة ان عـبـدالـمطلب وابو طالب كانا موحدين , وكانا يجتنبان اكل ما ذبح على الانصاب وان
النبي (ص ) علاوة على مسالة النبوة واستعداده لتلقي الوحي ,كما تطرقنا اليه سابقا فانه عاش ونشا
في هذا البيت , وتربى في احضان ورعاية هؤلاالافراد.

فـعـلى هذا فهل يعقل ان النبي (ص )ترك سيرة ابائه وعقائدهم والتعاليم والاداب العائلية وقد كانوا
يجدون ويسعون في حفظ تلك الشعائر ويرفض (ص ) كل ذلك ,ويتمسك بسيرة الوثنيين ؟.

فـهـل يـتـصـور ان النبي (ص ) لم ينل ما ناله زيد بن عمرو بن نفيل وامثاله من الوصول الى مدارج
التوحيد الرفيعة , وعبادة اللّه , والامتناع عن اكل ما ذبح على النصب , وينهى الرسول (ص ) عن اكل
ذلـك , ويرشده الى ترك هذا العمل , وتراه احيانا يدعو النبي الى هذاالعمل ـ الاجتناب عن اكل ما لم
يسم عليه اسم اللّه لان المحبوب عنداللّه عزوجل , والنبي بدوره يستجيب له فيمتنع من الاكل حتى
ان بعثه اللّه نبيا.

واعـتـقـد ان هـذيـن الحديثين وضعا لتبيين فضائل احد ابنا عمومة الخليفة عمر بن الخطاب , كما
اختلقوا مئات الاحاديث والروايات في بيان الفضائل للخلفا وقبائلهم ,وما ارى دافعا وداعيا لاختلاق
مـثل هذه الروايات غير التعصب القبلي المفرط, وممايؤيد راينا انه لم يرو هذا الحديث احد سوى
عبداللّه بن عمر, ونوفل ابن هشام بن سعدوهذا الاخر هو حفيد زيد بن عمرو بن نفيل .

ولـكـن رواة الـحديثين وواضعاهما لم يدركا ان مضامين قولهما مباينة لما جا في القرآن والروايات
الـصـحيحة والصريحة , وكذا لم يعلما انهما قد اهانا بحديثيهما النبي (ص ),واساا الى منزلة النبوة
اساة لم يمحها شي .

ولا يـتـوهـم احـد انـنا ننكر كون زيد بن نفيل من الموحدين في العهد الجاهلي , لانه كما ورد في
الاحـاديث المروية عند الشيعة ايضا انه كان يسعى لمعرفة التوحيد, ويتبرامن الوثنية ((516)) ,
ولكننا نقول : ان ما ورد في الحديثين من المقايسة بينه وبين الرسول (ص ) لم يكن الا مبالغة وتقديسا
لـزيد, وان لواضعي الحديثين نوايا ومقاصد لايمكنهما الوصول اليها الا عن طريق جعل احاديث مثل
مـا ذكـر, ودسـهـا في المصادروكتب الحديث عند اهل السنة , والعجب ان المسلمين قبلوها قبول
المسلمات حتى اعتبرتها العامة احاديث صحيحة وقطعية .

3 ـ قصة شق الصدر.

عـن انـس بـن مالك قال : كان ابوذر يحدث : ان رسول اللّه (ص ) قال : فرج عن سقف بيتي وانا بمكة , فـنـزل جـبـرئيـل فـفرج صدري , ثم غسله بما زمزم , ثم جا بطست من ذهب ممتلئ حكمة وايمانا
فافرغه في صدري , ثم اطبقه , ثم اخذ بيدي فعرج بي الى السما الدنيا ((517)) .

اخـرجـه الـبخاري متكررا في مواضع عديدة ((518)) وبالفاظ مختلفة ومتناقضة ,وكذا اخرجه
مسلم في صحيحه بتفاوت .

وايـضـا عـن انس بن مالك : ان رسول اللّه (ص ) اتاه جبرئيل , وهو يلعب مع الغلمان ,فاخذه فصرعه
فـشـق عـن قـلبه , فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة , فقال : هذا حظالشيطان منك , ثم غسله في
طست من ذهب بما زمزم , ثم لامه , ثم اعاده في مكانه ,وجا الغلمان يسعون الى امه يعني ظئره فقالوا:

ان مـحـمـدا قـد قـتـل فاستقبلوه , وهو منتقع اللون , قال انس : وقد كنت ارى اثر ذلك المخيط في
صدره ((519)) .

وهـذا الـحـديث هو من الاحاديث الغريبة وقد اخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما,وتبعهما اكثر
الـمؤرخين , اذ ذكروه في كتبهم ((520)) والمفسرون اعتمدوا على احاديث الصحيحين اعتمادا
كـبيرا, فذكروا هذه الاسطورة في تفاسيرهم ((521)) عند ما جاوا على تفسير قوله تعالى : (الم
نشرح لك صدرك ) ((522)) .

ولـكن هذا الحديث جدير بالنقاش والنقد من عدة جهات حتى تتجلى الحقيقة ,وينكشف ما اسدل عليه
من الستار.

1 ـ الجهة الزمنية :.

هـذا الـحـديث روي متواترا, ولكن اضطرب فيه تعيين عمر النبي (ص ), والزمان الذي وقعت فيه الـقـصة اضطرابا كبيرا, بحيث لا يمكن الجمع بينهما, فبعض الاحاديث تروي ان قصة شق الصدر
حـدثـت في زمان طفولية النبي (ص ), عندما كان يلعب مع الغلمان ((523)) , وجا في بعضها ان هذه
الـعملية الجراحية اجريت للنبي (ص )بعد ان بعثه اللّه نبيا رسولا, وفور ذلك عرج به جبرئيل الى
السما الدنيا ((524)) .

وعـلـى كـل حال فان الاختلاف الحاصل في الاحاديث المروية حول هذه القصة خلال مدة تتراوح
اربعين عاما.

2 ـ الجهة المكانية :.

وتـرى ايـضـا الـتناقض والاختلاف الكبير في هذه الاحاديث التي تعين محل وقوع القصة , فبعض الاحـاديـث تـروي ان الـحدث وقع في المسجد الحرام (الحطيم او حجراسماعيل ) ((525)) ,
وروايات اخرى تقول ان الواقعة حدثت في الصحرا ((526)) , ومجموعة ثالثة تقول بان النبي كان
فـي بـيته فانشق عليه سقف الدار ((527)) , وصرحت بعض الاحاديث انه جي بطست من ما زمزم
فاستخرج قلب الرسول وغسل في ذلك الطست ((528)) وتقول روايات اخرى : ان الرسول (ص )
اخذ الى بئر زمزم ((529)) .

عـنـدمـا نشاهد الاختلاف والتناقض الفاحش بين هذه الاحاديث , يا ترى اى مجموعة منها صحيحة
ومعتبرة لكي ناخذ بها ونعتمد عليها وندع الباقي جانبا؟ اوان جميعها صحيحة ومقبولة ؟.

3 ـ التناقض بين الموضوع والعصمة :.

ان قـصـة شق الصدر بناا على رواية انس بن مالك اذا قورنت وقيست بموضوع عصمة النبي (ص ) تـبـدو ضعيفة وغير مقبولة ,و خاصة تنزيهه (ص ) عن الارجاس الشيطانية ,وذلك لان ليس لابليس
حظ في النفوذ الى قلب النبي (ص )حتى يشق صدره (ص ),ويستخرج ما كان فيه من حظ الشيطان .

4 ـ الشر ليس غدة مترشحة :.

اضـف الـى مـا مـر ذكـره مـن الموارد الثلاثة السابقة , ان الشر في ذات الانسان ليس شبيها بالغدد المترشحة في الجسم , بحيث لو استئصلت الغدة انقطعت الترشحات , وهكذاالخير والبر لم يكونا من
نـوع الامـور الـمـاديـة والظاهرة كالمواد الماكولة التي يتغذى جسم الانسان بها بواسطة الابرة ,
وهـكـذا الـعلم والحكمة ليست من نوع الاجسام المادية المحسوسة التي يمكن انتقالها من انا الى انا
آخر ((530)) .

معنى انشراح الصدر:.

واما شرح الصدر المذكور في قوله تعالى : (الم نشرح لك صدرك ) ((531)) لاتمت الى شق الصدر
باية صلة , وانما معناه انبساط قلب النبي وانشراحه , حتى يتمكن الرسول بواسطة هذا الانشراح ان
يتحمل الشدائد, ويصبر على المصاعب والاهوال , التي سوف يلاقيها عند تبليغ رسالته , ويستعد لها.

وهـذا المعنى هو نفس الانشراح الذي كان يرجوه النبي موسى (ع ) من اللّه , عندماكان يناجي ربه ,
ويساله (رب اشرح لي صدري ويسرلي امري ) ((532)) .

شق الصدر من منظار الحديث والتاريخ :.

اذا دقـقنا في هذه الاشكالات المذكورة , والاسئلة المطروحة , يتضح لنابان الاعتماد على ما افادته
هذه الاحاديث غير سديد, ولا يمكن ان نعتبر قص ة شق الصدر قص ة حقيقية وواقعية .

واشـرنـا سابقا بان هذه القصة الوهمية والخرافية , قد ذكرت في كثير من كتب العامة ومصادرهم ,
وتلقوها بكونها من المسلمات الضرورية .

ولعل تواتر روايتها ونقلها كان سببا في نقلها ان يتامل بعض علما الشيعة ومحققيهم فيها, مع اعترافهم
بان القصة لم تصلهم باسانيد موثوقة ومعتبرة .

قال العلا مة المجلسي رحمة اللّه عليه :.

اعـلـم ان شق بطنه (ص ) في صغره ورد في روايات كثيرة مستفيضة عند العامة , كماعرفت , واما
روايـاتـنـا وان لـم يـرد فيها باسانيد معتبرة , لم يرد نفيه ايضا, ولا ياباه العقل ايضا, فنحن في نفيه
واثـباته من المتوقفين كما اعرض عنه اكثر علمائنا المتقدمين ((533)) وان كان يغلب على الظن
وقوعه , واللّه تعالى يعلم وحججه ((534)) .

كلمة صريحة :.

لو لاحظنا الادلة الاربعة التي ذكرناها, وهكذا لو تمعنا في اعراض علمائناالمتقدمين من الولوج في
هـذه الـمـسالة , لم يبق محل للتوقف او موضع للقول باحتمال وقوع هذه القصة , ولو كان لهذه القصة
حقيقة كسائر القضايا لذكرها ائمة اهل البيت (ع ),الذين هم ادرى بما في البيت , بينما تراهم (ع ) لم
يدعوا صغيرة ولا كبيرة مما تمت بحياة الرسول وتاريخه الا وذكروها, فكيف بهذه القصة التي تعد
من قضايا التاريخ الاسلامي ؟ولو فرضنا انهم تطرقوا اليها فلم لم نر لها اثرا في احاديثهم الصحيحة
التي وصلتنا؟.

وزد على كل ما ذكرناه , ما اقر به العلا مة المجلسي من ان القصة لم تصلنا بسندموثوق ومعتبر.

وان احد المحققين المعاصرين ذكر هذه الاحاديث في تفسيره على سبيل التمثيل , وصحح الروايات
المنقولة في الموضوع , وفسرها على كونها قضية خارجة عن حيز الماديات .

ولكن هذا التاويل مخالف لظاهر هذه الاحاديث وهو غير قابل للتوفيق بينها, لان :.

اولا: ورد فـي الاحـاديـث ان الـغلمان الذين كانوا يلعبون مع الرسول (ص )اخبرواحليمة السعدية
بخبر قتل النبي (ص ), ولما عادوا الى المحل راوا الرسول (ص )منتقع اللون مضطرب الحال .

ثـانـيـا: ان انـس بـن مالك راوي الحديث يقول : اني رايت اثر ذلك الشق في صدره ,وراى ايضا اثر
المخيط الذي اجرته الملائكة في صدره , وذلك بعد مضي عدة سنوات .

ويلاحظ ان هاتين المسالتين تنافيان موضوع التمثل , ولا يقبل الجمع بينهما.

وعـلـى هـذا يـمكن القول صراحة بان هذه القصة هي شبيهة لقصة موسى (ع ) وسباقه مع الحجر,
وكذلك شبيهة لقصة عزرائيل عندما فقد عينه , وهذه القصص كلها لا اصل ولاحقيقة لها.

النبي بعد البعثة .

1 ـ شكه وترديده في نبوته : قصة بد الوحي .

حـدث ابـن شـهـاب عـن عـروة بـن الزبير عن عائشة ام المؤمنين انها قالت : اول ما بدابه رسول اللّه (ص ) من الوحي , الرؤيا الصالحة في النوم , فكان لا يرى رؤيا الا جات مثل فلق الصبح , ثم حبب
الـيـه الـخـلا, وكـان يـخلو بغار حرا فيتحنث فيه وهو التعبد ليالي عديدة , قبل ان ينزع الى اهله
ويتزود لذلك , ثم يرجع الى خديجة فيتزود بمثلها, حتى جاه الحق , وهو في غار حرا, فجاه الملك
فـقال : اقرا, قال : ما انا بقارئ , فاخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني , فقال : اقرا قلت : ما انا
بـقـارئ , فـاخـذنـي فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني , فقال : اقرا فقلت : ما انا بقارئ ,
فـاخـذنـي فـغـطني الثالثة ثم ارسلني , فقال : (اقرا باسم ربك الذي خلق خلق الا نسان من علق اقر
وربك الا كرم ) ((535)) .

فـرجـع بـها رسول اللّه (ص ) يرجف فؤاده , فدخل على خديجة بنت خويلد فقال :زملوني زملوني ,
فـزمـلوه حتى ذهب عنه الروع فحدث خديجة بذلك واخبرها الخبر,وقال : لقد خشيت على نفسي
فـقـالـت خـديجة : كلا واللّه ما يخزيك اللّه ابدا, انك لتصل الرحم , وتحمل الكل , وتكسب المعدوم
وتقري الضيف , وتعين على نوائب الحق .

فانطلقت به خديجة , حتى اتت ورقة بن نوفل بن اسد بن عبدالعزى ابن عم خديجة , وكان امرا تنص
ر فـي الجاهلية , وكان يكتب الكتاب العبراني , فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شااللّه ان يكتب , وكان
شيخا كبيرا قد عمي .

فـقالت له خديجة : يابن عم اللّه (ص ) بما راى .

فـقـال لـه ورقـة : هـذا الناموس الذي نزل اللّه على موسى , يا ليتني فيها جذعا, ليتني اكون حيا اذ
يخرجك قومك .

فقال رسول اللّه (ص ): او مخرجي هم ؟.

قال : نعم , لم يات رجل قط بمثل ما جئت به الا عودي , وان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا.

ثم لم ينشب ورقة ان توفي وفتر الوحي ((536)) .

فـي هـذا الـحـديث الذي اخرجه الصحيحان فان جملة ((واني خفت على نفسي ))مبهمة ومجملة ,
ومتعلق الخوف فيها محذوف .

وامـا ابـن سـعد اخرج هذه القصة في حديثين بشكل واضح وصريح , وذكر متعلق الخوف فيه ايضا
وقال : واني خشيت ان اكون كاهنا واني اخشى ان يكون في جنن ((537)) .

ونـقـلها الطبري كذلك في تاريخه عن عبداللّه بن زبير قال : قال رسول اللّه (ص ):ولم يكن من خلق
اللّه ابـغض الي من شاعر او مجنون , كنت لا اطيق ان انظر اليهما قلت :ان الابعد يعني نفسه لشاعر
او مجنون لا تحدث بها عني قريش ابدا لاعمدن الى حالق من الجبل , فلاطرحن نفسي منه , فلاقتلها
و لاستريحن , قال : فخرجت اريد ذلك , حتى اذاكنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السما يقول : يا
محمد انت رسول اللّه (ص ) ((538)) .

ويظهر من تصريح ابن سعد والطبري وما ورد في صدر الحديث الذي اخرجه البخاري وذيله تاييد
للمعنى المراد من انه خشى على نفسه من التكهن والشعر والجنون .

معايب القصة :.

وان كان المؤرخون قد نقلوا هذه الاسطورة ولكن اكثر العتب والمؤاخذة ترد على البخاري ومسلم
اللذان اخرجا هذا الحديث في صحيحيهما معتقدين بصحته .

ويستفاد من هذا الحديث :.

اولا: ان الـنـبـي (ص ) كان شاكا ومترددا في نبوته حتى بعد نزول الوحي والقرآن عليه , وهبوط
جبرئيل اليه , وكان يخيل اليه ان الجن قد حل فيه .

وهـؤلا المخرجون للحديث ارادوا بذلك تثبيت ما كان عرب الجاهلية يعتقدونه بعد نزول الوحي من
ان الـنـبـي (ص ) كاهن او شاعر,ـ مع انه كان يكره الكهان والشعراوالجنون وحاول الانتحار بان
يطرح نفسه من جبل شاهق ليريح نفسه , ولكن خديجة وابن عمها ورقة بن نوفل ساعداه حتى اذهبا
عـنـه مـا كان فيه من الخوف والروع , وذكروه بان هذه المسالة لا علاقة لها بالاجنة بل هي وحي
ونبوة .

فعلى هذا, كيف يعقل ان النبي (ص ) لا يعلم انه نبي ورسول حتى بعد نزول الوحي عليه , في حين ان
الكهنة والرهبان كانوا على علم برسالته منذ امد بعيد.

وهـل يـعـقـل ان يبعث اللّه نبيا وليس للرسول خبر عن هذه الرسالة الملقاة على عاتقه ؟ حتى انه لا
يـسـتـطـيـع ان يـمـيـز بين الوحي الالهي والوساوس الشيطانية ؟ بينما نقرافي القرآن بان النبي
عـيـسـى (ع ) اعـلـن بـكـل صـراحـة عـن نبوته , وهو ما زال في المهد: (آتاني الكتاب وجعلني
نبيا) ((539)) ونقرا ايضا عن النبي موسى (ع ) انه علم بنبوته في بداية نزول الوحي عليه واعد
نفسه للدعوة الالهية وقال : (رب اشرح لي صدري ويسرلي امري ) ((540)) .

وامـا بـالـنـسـبة الى النبي (ص ) الذي خشي على نفسه , ولم يدر شيئا عما حدث له ,حتى اخبرته
زوجته خديجة وورقة بن نوفل فاطمئن بقولهما, فزال عنه ما تداخله من الرعب والخوف , فما كانت
نوعية الرسالة والنبوة التي اعطيت اليه وبعث بها؟.

وبـنـا على هذا ولا يخفى فان هذه المراة خديجة وهذا النصراني ورقة كانا انسب واليق من رسول
اللّه في التصدي لامر النبوة والرسالة , وحسب ما تتضمنه الرواية من المعنى ان خديجة وورقة كانا
اقدم ايمانا واعتناقا للاسلام من رسول اللّه .

2 ـ ان جواب الرسول لجبرئيل الامين لما قال له : ((اقرا)) فقال النبي (ص ): ((ماانابقارئ )) يفهم
مـنـه ان النبي لم يعلم ولم يفهم مقصود جبرئيل لان جبرئيل كان يقصدمن قوله : ((اقرا)) اي رتل
وكرر ما اتلوه عليك , ولكن النبي فهم عكس هذا القول وان مقصودجبرئيل هو ان يقرا ما كان مكتوبا
عـلـى اللوح , وعلم الرسول ما قصده الملك في المرة الثالثة لما كرر جبرئيل قوله وانهى ما كان فيه
النبي من المعضل والترديد.

ولكن يتبادر سـؤال : هـل ان جبرئيل كان ضعيف البيـان والادا , بحيث لايستطيع ان يؤدي الرسالة
حق الادا؟ ام ان الرسول كان قاصر الفهم ولم يعلم المقصود؟ ((541)) .

3 ـ ورد فـي الـحـديـث ان الـمـلـك المنزل بالوحي اخذ النبي ثلاث مرات يهزه بشدة حتى احس
الـرسـول (ص ) بالوجع , وهذه الاخذة والهزة كما اشار اليها القسطلاني لم يفعل باحد من الانبيا(ع )
ولم ينقل عن احدهم انه جرى له عند ابتدا الوحي اليه مثله ((542)) .

اذن فما تعني هذه الاخذة الشديدة بالنسبة الى النبي (ص ) خاصة من بين الانبيا؟وهل العقل يعتبر هذا
الـرعـب والـخـوف الـذي اوجده جبرئيل (ع ) عند النبي (ص ) في مقابل عمل لم يطقه النبي عملا
صحيحا؟ وهل ان جبرئيل (ع ) بفعله هذا اراد ان يظهر عضلاته للنبي ؟.

وهـل كـان الـنـبـي (ص ) فـاقـدا لـتلك القوة التي كانت عند موسى لما لطم عزرائيل فاعماه وفقا
عينه ((543)) كما قراته آنفا؟.

هـذا مـا نـقـلـه الـصحيحان في موضوع بد الوحي , وهو ك ((شق الصدر)) وقد اثبته المفسرون
والـمـؤرخـون والـمحدثون في كتبهم في تفسير سورة العلق ((544)) من دون ان يبدوا اي نقد
وتحليل , حتى تسرب ذلك الى بعض كتب الشيعة ((545)) .

والوحيد من بين المفسرين الذين ردوا هذا الحديث وانتقدوه نقدا علميا هوالعلا مة الطباطبائي في
تفسير الميزان ((546)) .

2 ـ سهو النبي في الصلاة .

ثـمـة احاديث متواترة اخرجها الشيخان في صحيحيهما تفيد بان الرسول (ص )كان يسهو في صلاته فـينقص ركعاتها او يزيد عليها, وانه كان احيانا يصلي ركعتين بدل اربع ,ولم يلتفت الى سهوه , حتى
ذكره المامومون بذلك فتدارك ما انقصه او ما اضافه .

ولسنا الان بصدد اثبات مسالة عصمة الانبيا وهل انهم يتعرضون للسهو ام لا؟.

ولـسـنا كذلك بصدد تمحيص هذه الاحاديث التي رويت في موضوع سهوالنبي (ص ) واثبات ضعفها
وركاكتها, لان هذا الامر بحاجة الى افراد بحث مستقل وكتاب .

مستقل .

بـل ان ما نقصده هنا هو: ان نعرف القارئ ركاكة بعض هذه الروايات وضعفها,ونبين له بعد ذلك انه
كـيـف تـسـربت في شتى ابواب الصحيحين الاحاديث الموضوعة والمدسوسة التي تمس الشريعة
والدين بسؤ, حتى شملت حياة النبي (ص )الشخصية وعباداته .

والـيـوم وقـد مـرت على دس تلك الاحاديث قرون من الزمن وكثيرا من اتباع القرآن والمسلمون
يـنـظـرون اليها نظرة قبول واعتبار, بكونها احاديث صحيحة , واعتقدوابمضامينها اعتقادا راسخا
وانقادوا اليها عمليا.

والـيـك من تلك الاحاديث الموضوعة ما رواه ابو هريرة حول موضوع سهوالنبي (ص ) في الصلاة
قـال : صلى بنا رسول اللّه احدى صلاتي العشا قال ابن سيرين سماها ابو هريرة ولكن نسيت انا قال :

فصلى بنا ركعتين , ثم سلم , فقام الى خشبة معروضة في المسجد فاتكا عليها كانه غضبان , ووضع يده
الـيـمـنـى على اليسرى , وشبك بين اصابعه ووضع خده الايمن على ظهر كفه اليسرى , وخرجت
السرعان من ابواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة ؟ وفي القوم ابوبكر وعمر, فهابا ان يكلماه , وفي
القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين , قال : يا رسول اللّه انسيت ام قصرت الصلاة ؟ قال (ص ):

لم انس ولم تقصر فقال : اكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا: نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبروسجد
مثل سجوده او اطول , ثم رفع راسه وكبر.

اخـرج الـبـخـاري هـذا الـحديث في مواضع متعددة من صحيحه ((547)) ورواه مسلم ايضا في
صحيحه ((548)) وضبطها اصحاب الصحاح في كتبهم .

وفي الحديث مسائل قابلة للنقاش من عدة جهات :.

1 ـ يـستفاد من هذا الحديث ان ابا هريرة كان حاضرا في الصلاة التي سها فيهاالنبي (ص ), وذكره
ذو الـيـديـن وحـالاته , كما قال : فقام الى خشبة معروضة في المسجد فاتكا عليهاكانه غضبان ووضع يده اليمنى
على اليسرى وشبك بين اصابعه , ووضع خده الايمن على ظهر كفه اليسرى .

ومما يجدر بالذكر, ان ذا اليدين المذكور في الحديث هو ذو الشمالين ((549)) الذي استشهد في
غـزوة بدر ((550)) وذلك قبل ان يسلم ابو هريرة بخمس سنوات ((551)) وبناعلى هذا كيف
يـدعـي ابـو هريرة رؤية ذي اليدين مع الفارق الزمني الطويل بين استشهادذي اليدين واعلان ابي
هريرة اسلامه فهذا امر مريب .

2 ـ مؤدى الحديث يبين ان الرسول (ص ) والمسلمين قد محوا صورة صلاتهم ,بحيث ان النبي قام عن
مـصلا ه وتحرك واتكا على خشبة في المسجد, والمسلمون بعضهم خرج من المسجد, بظنهم انهم
قـد اتـموا الصلاة , ولما التفت النبي الى سهوه رجع الى مصلا ه وتدارك ما فاته من الصلاة , ثم سجد
سجدتي السهو.

والـمـتـيـقن ان كل ما يغير صورة صلاة الانسان فهو من المبطلات , وهذا العمل الصادر من رسول
اللّه (ص ) تـحـركه عن مصلا ه وعوده اليه مرة اخرى واتمام صلاته مناقض ومخالف للحكم الذي
شرعه هو بنفسه .

قـال ابـن رشـد: قـد انـعـقـد الاجماع على ان المصلي اذا انصرف الى غير القبلة انه قدخرج من
الصلاة ((552)) .

3 ـ ان هـذا الـسهو الفاحش ونسيان نصف اركان الصلاة انما يصدر من اولئك الساهين في صلاتهم ,
الـلاهـيـن عـن مـناجاة ربهم , ويستحيل ان تصدر هذه الغفلة والسهوالذي هو مناف ومضاد لحالتي
الخشوع والخضوع للّه عزوجل عباداللّه المخلصين والانبيا(ع ) ولا سيما سيدهم وخاتمهم محمد
بن عبداللّه (ص ).

ولا يقع ذلك الا لمن كان مصداقا لقول الشاعر:.

اصلي فما ادري اذا ما ذكرتها ـــــاثنتين صليت الضحى ام ثمانيا.

4 ـ جـا فـي الحديث المذكور ان النبي (ص ) لما سها وذكره ذواليدين انكر ذلك وقال : لم انس ولم
تقصر, وهذا يدل دلالة قطعية على انه لا سبيل للسهو الى النبي (ص ).

ولو سلمنا وقوع ذلك من النبي (ص ) وافترضنا كذلك عدم العصمة في الانبيا(ع ) في السهويات , فان
عصمته (ص ) عن المكابرة والتسرع وتكذيب الاخرين من الضروريات ,والمسلمات عند المسلمين .



/ 22