اضواء علی الصحیحین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی الصحیحین - نسخه متنی

محمد صادق النجمی؛ مترجم: یحیی کمالی البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


والكتب الستة سميت بالصحاح لان احاديثها وما تحتويها مثل الراوي والسندوالمتن حائزة لشروط الـصحة وان اختلف اصحابها في شروط صحة الحديث , قديكون حديث صحيحا عند احدهم , وعند
الاخـر غـيـر مـكتمل شروط الصحة , وادعى ارباب الصحاح ان كل ما ورد في صحاحهم متوفر
الـشرائط وصحيح , واما المسانيدوالكتب الاخرى لم ترتق الى هذه الدرجة من الصحة ولم يصحح
مـؤلـفـوهـا كـل مـااخـرجـوه فـي كـتـبـهـم اذ كانت عادتهم في ذلك جمع الاحاديث الصحيحة
وغـيـرالـصـحـيحة , وحتى الامام احمد بن حنبل الذي جمع اربعين الف حديث في مسنده لم يلتزم
بصحتها جميعا ((128)) .

هدفنا في البحث :.

هـذا الـذي ذكـرنـاه كـان خـلاصـة من تاريخ نقل الحديث وتدوينه عند اهل السنة منذ وفاة خاتم
الـنـبـيـين (ص ) الى زمن خلافة عمر بن العزيز 99 101 ه نقلناه من المصادرالمهمة والمراجع
المعتبرة , وقد تحصلت من هذا التحليل المجمل مسالتان :.

1 ـ ان تـدويـن الـحـديـث عـند اهل السنة بدا بعد قرن واحد من تاريخ صدورالحديث عن رسول
اللّه (ص ) ولـم يـكن بين هاتين الفترتين الصدور والتدوين اى كتاب يعتمد عليه في التدوين , وكان
اكثر اعتماد المؤلفين والكتاب على ذاكرتهم وما تناقلته الالسن .

2 ـ ازديـاد دواعي جعل الحديث : في الفترة التي تم فيها منع الحديث وتدوينه حيث ازدادت دواعي
الجعل والوضع , وكثر الوضاعون على لسان النبي (ص ).

وبملاحظة هاتين الحقيقتين المذكورتين نتعجب ونندهش من صب اهل السنة جل اهتمامهم على هذه
الـصحاح الستة وخاصة الصحيحين ((البخاري ومسلم )) اللذين تشكل الروايات ـ من هذا النمط ـ
الـمـخـتلقة اكثر محتوياتهما, وقد اعتبروهمااصح الكتب واتقنها بعد القرآن , بل حكموا في قطعية
صـدور كل ما ورد فيهما تماماكالقرآن وصحة صدور ما احتوتهما من الاحاديث المشتملة على تلك
الـحـقـائق الـمـذكـورة , وربـمـا اولـوا مـحـكـمـات الـقرآن طبقا لما جا في الاحاديث الواردة
في كتبهم ((129)) .

وهكذا اصبح الكتابان : صحيح البخاري وصحيح مسلم , مدار العقائد عند اهل السنة .

وهـذه الامـور هـي التي دعتنا الى البحث والتنقيب في الصحيحين وكشف حقيقتهما وماهيتهما, كي
تـتجلى الحقائق التي استترت خلف الاستار السميكة من التقاليد والعصبيات والظلمات والاوهام التي
ظلت مسدولة لفترة تزيد على الف سنة .

(وما اريد الا الا صلاح ما استطعت وما توفيقي الا باللّه عليه توكلت واليه انيب ) ((130)) .

وتتمحور دراستنا فيهما حول هذه المواضيع التسع التالية :.

1 ـ ترجمة البخاري ومسلم .

2 ـ الصحيحان من منظار اهل السنة .

3 ـ الصحيحان من منظار العلم والتحقيق .

4 ـ سند الصحيحين .

5 ـ نصوص الصحيحين .

6 ـ التوحيد في الصحيحين .

7 ـ النبوة في الصحيحين .

8 ـ الخلافة في الصحيحين .

9 ـ بحوث متفرقة في الصحيحين .

الفصل الثاني .

ترجمة .

محمد بن اسماعيل البخاري .

ومسلم بن الحجاج النيشابوري .

لمحة عن حياة البخاري .

من هو البخاري ؟.

هو ابو عبداللّه محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن مغيرة بن بردزبه الجعفي الملقب بالبخاري .

مولده :.

ولد ببخارى في شوال عام مائة وتسعين واربع , 194ه وقال ابن خلكان والخطيب البغدادي : كان جده
الثالث بردزبه مجوسيا ومات عليها ((131)) .

نشاته العلمية :.

فقد البخاري اباه في سن مبكر وتولت امه تربيته , وبدا بطلب العلم وهو في العاشرة من عمره , ولما
بلغ العشرين من عمره بدا رحلاته العلمية بعيدا عن موطنه .

رحلاته العلمية :.

كان البخاري مولعا بالعلم وخاصة في مجال علم الحديث , وكان بعيد الهمة في جمع الحديث وتدوينه ,
فـهاجر من وطنه ـ لاكتساب العلم ـ الى مدن عديدة , وكان يتوقف في كل منها فترة يختلف فيها على
علمائها لاخذ الحديث عنهم .

قـال مـحـمـد فـريـد وجدي : كان البخاري بعيد الهمة في تحري صحيح الاحاديث ,جاب من اجلها
الامـصار وكابد الاخطار, فرحل الى خراسان والجبال ومدن العراق والحجاز والشام ومصر وهو
في كل هذه الاقطار يلاقي الحفاظ ويجالس المحدثين فيسمع منهم وياخذ عنهم ((132)) .

نـقـل ابـن حجر عن البخاري انه قال : دخلت الى الشام ومصر والجزيرة مرتين :والى البصرة اربع
مـرات , واقـمـت فـي الـحـجـاز سـتـة اعـوام , ولا احـصـي كـم دخـلت الى الكوفة وبغداد مع
المحدثين ((133)) .

مؤلفاته :.

اخـتلف اصحاب التراجم في عدد مؤلفات البخاري , فالمشهور انه كتب سبعة عشر كتابا في الحديث
والـرجـال والـتـاريخ وغيرها, وقد اهتم اهل السنة بكتب البخاري جميعها اهتماما كبيرا وخاصة
الـجـامـع الـصـحـيـح , ولا يـوجـد فـي اي ملة كتاب له من الشان مثل ما للجامع الصحيح عند اهل
السنة ((134)) .

فتاوى البخاري العجيبة :.

نقلت عن البخاري فتاوى عجيبة واليك شطرا منها:.

1 ـ يجوز للمراة ان تخدم الرجل الاجنبي حتى ولو كانت شابة , وحديثة عهدبالزواج .

2 ـ لا يجب على المراة ان تستر نفسها من العبد حتى لو كان ملكا لغيرها.

3 ـ يطهر محل المني بازالة عين النجاسة كما يطهر بالغسل .

4 ـ لا يجب غسل الجنابة ما لم يخرج المني , بل يستحب ((135)) .

5 ـ يجوز ترك الصلاة في الاوقات الحرجة مثل الجهاد وثم يقضيها.

6 ـ يجوز تدهين البدن بدهن الميتة .

7 ـ يجوز استعمال المشط المصنوع من عظم الميتة .

8 ـ لا اشكال في اللعب باسلحة الحرب مثل السيف والسهام وانشاد الشعر في المساجد ((136)) .

9 ـ ومن فتاويه النكرة العجيبة ترتب حكم الرضاع بلبن الحيوانات , فمثلا اذارضع طفلان من لبن
العنز او البقر للمدة المقررة , تترتب عليهما احكام الرضاع وتثبت به الاخوة ((137)) .

قال شيخ الشريعة الاصفهاني بعد ان نقل فتوى البخاري من كتاب الكفاية في شرح الهداية فقه المذهب
الحنفي : (هذه الفتاوى ان دلت على شي فانها تدل على جهل البخاري وسذاجته , لان نشر الحرمة في
الرضاع فرع الابوة والامومة ولا يعقل ان يكون حيوان ابا لانسان او اما له ((138)) .

وفاته ومدفنه :.

تـوفـي الـبـخـاري عام مائتين وخمسين وست 256 ه عن عمر يناهز اثنين وستين سنة في قرية
خرتنك من قرى سمرقند, ودفن بها.

لمحة عن حياة مسلم .

من هو مسلم ؟.

هو ابو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري .

مولده ووفاته :.

لـم يـتـطرق اصحاب التراجم الى جزئيات حياة مسلم ولم يذكروا الا الشي القليل منها , تماما على
عكس ما ذكروا من الاطناب في البخاري ورحلاته ومجالساته مع الحفاظ, حتى انهم لم يثبتوا تاريخ
مولد مسلم ووفاته وعمره ثبتا دقيقا.

قال ابن خلكان : توفي مسلم عشية الاحد لخمس , وقيل : لست بقين من شهررجب سنة احدى وستين
ومـائتـيـن بـنيسابور وعمره خمس وخمسون سنة , هكذاوجدته في بعض الكتب ولم ار احدا من
الـحـفاظ يضبط مولده ولا تقدير عمره , ثم كشفت من كتاب علما الامصار ان ولادته كانت في سنة
ست ومائتين , ووفاته في سنة اثنين وستين ومائتين ((139)) .

ورجحه محمد فريد وجدي من دون ان يشير الى المصدر ((140)) .

وقال الذهبي : يقال ان ولادته كانت عام 204 من الهجرة ((141)) .

رحلاته العلمية :.

شد مسلم الرحال الى العراق والحجاز والشام ومصر, وسافر عدة مرات الى بغداد في طلب الحديث ,
وكـان آخـر رحـلاتـه الـيها عام 257 من الهجرة , وهو في هذه الرحلات ياخذ الحديث من كبار
الـحـفـاظ, مثل : احمد بن حنبل واسحاق بن راهويه ـاستاذ البخاري وشيخه ولكن اكثر حضوره
وتـتلمذه كان على البخاري , وكان شديدالالتزام باستاذه وشيخه البخاري فاتبعه اتباع الفصيل لامه
وخاصة لما تم تبعيدالبخاري عن نيشابور وتفرق علمائها عنه , وهذا دليل واضح على ما كان يملكه
مسلم من الولع والشغف الزائد في كسب العلم والحديث .

مؤلفاته :.

ذكـر الـحـافـظ الـذهـبـي عـن الـحـاكـم انه قال : كتب مسلم عشرين كتابا في شتى العلوم ذكر
اسماها ((142)) ولكن الجامع الصحيح او صحيح مسلم حاز من الاهمية والعناية اقصاها واكثر من
سـائر مـؤلـفاته وكتبه , واهتم اهل السنة والجماعة على مرالعصوروالدهور بصحيح مسلم غاية
الاهتمام .

سبب وفاته :.

ذكـروا ان مسلم سئل عن حديث في مجلس بنيسابور, فلم يحر جوابا وقال بعدم علمه بهذا الحديث ,
وعندما رجع الى بيته قام بالفحص عن ذلك الحديث , وحصل في الاثنا ان جاه احد ملازميه بانا كبير
مـن الـتمر فلم يزل مسلم يبحث عن الحديث طوال ليلته ولكي يزيل النوم عن عينيه تناول من التمر
الـمـهداة اليه حتى طلع عليه الفجر, وما ان اتم اكل التمر كله حتى عثر على الحديث , فبسبب اكله
الـتـمـر كـثـيـرا تمرض وبعده توفي عن عمر يناهز الخامسة والخمسين سنة ودفن بالقرب من
مدينة نيسابور ((143)) .

وعلى فرض صحة هذه القصة فانها تدل على شدة علاقة مسلم وولعه الشديدبطلب العلم والحديث .

الفصل الثالث .

الصحيحان .

وموقعهما العلمي عند اهل السنة .

موقع الصحيحين عند اهل السنة .

الصحاح الستة :.

انـتخب علما اهل السنة من بين جميع ما كتب في الحديث ومسانيده ستة كتب منها فقط, فجعلوها في الـدرجة الاولى من الاعتبار والصحة وسموها بالصحاح اي المطابقة للواقع , وقد شكلت هذه الكتب
الصحاح الستة البنية الاولى والاساس الاصلي في احكامهم وعقائدهم والتفسير والتاريخ .

وكـمـا ذكـرنـا مـسـبـقا ان وجه تسمية هذه الكتب الستة بالصحاح وفرقها مع سائركتب الحديث
والمسانيد هو ان جميع ما ورد فيها من الاحاديث والروايات سوا من وجهة نظر مؤلفيها او من وجهة
نظر علما اهل السنة فهي صحيحة ومطابقة للواقع .

وانـهـم يعتقدون بان كل ما جا في هذه الصحاح الستة ونسب الى الرسول (ص )فانه قد خرج من بين
شفتي رسول اللّه (ص ) او امضاه وقرره عمليا واماسائر كتب الحديث فانها فاقدة لهذه الخصوصية ,
اذ يحتمل ان تكون فيها احاديث وقعت سهوا او عمدا ونسبت الى رسول اللّه (ص ).

ومن هذا المنطلق قال فضل بن روزبهان : لو ان احدا حلف يمينا بان كل ما وردفي الصحاح الستة من
الاحاديث فهو صحيح وهو قول رسول اللّه (ص ) لكان يمينه صحيحا, ولا عليه الحنث ((144)) .

وقال في موضع آخر: فقد وقع اجماع الائمة على صحتها الصحاح الستة ((145)) .

ومـن هـنا قال بعضهم في ما يخص بعض الصحاح سنن الترمذي : من كان في بيته هذا الكتاب كان في
بيته نبى يتكلم ((146)) .

وقالوا في سنن ابي داود: كتاب اللّه اصل الايمان , وسنن ابي داود عهدالاسلام ((147)) .

وامـا الـصـحـيـحـان البخاري ومسلم فقد وقعا موضع اهتمام اهل السنة اكثر من الصحاح الاربعة
الاخـرى , وحـازا قـصـب السبق ونالا الدرجة الاولى من الاعتبار, ومن ثم تلاهما سائر الصحاح
الاربعة .

خصائص صحيح البخاري :.

احـصـا ابوابه واحاديثه : يحتوي صحيح البخاري على تسع مجلدات , واكثر من مائة كتاب , وابوابه
تـزيد على ثلاثة الاف واربعمائة وخمسين بابا, واحاديثه تبلغ سبعة الاف ومائتين وخمس وسبعين
حديث مع عد المكررات منها, واما اذا اسقطناالمكررات تبلغ احاديثه اربعة الاف حديث ((148)) .

الـشـروح والتعليقات على صحيح البخاري : بلغت الشروح التي كتبت على صحيح البخاري الى الان
سـوا الكامل منها او الناقص تسعة وخمسين شرحا,والمطبوعة منها احد عشر, واما التعليقات على
الـبـخـاري فـقد بلغت ثمان وعشرين تعليقة , وكتب خمسة عشر عالما خلاصة للصحيح كل حسب
مذاقه , في حين كتب ستة عشر عالما مقدمة له ((149)) .

خصائص صحيح مسلم :.

يحتوي صحيح مسلم على ثمان مجلدات وخمسين كتابا, ويشمل الف ومائتين وخمسة ابواب , وعدد
احـاديـثـه مـع اسـقاط المكررات يبلع اربعة الاف حديث ,ومع المكررات يبلغ سبعة الاف ومائتين
وخمسة وسبعين حديثا ((150)) .

وصنف الكثير من العلما كتبا في شرح الصحيح والتعليق عليه , الا ان اهمها هوشرح الفاضل النووي .

المغالاة في الصحيحين :.

قـال عـلـمـا الـعامة في الصحيحين وفي تصحيحهم وتوثيقهم لجميع احاديثهماوتعديل مؤلفيهما من
الـمـدائح والاطـرا كثيرا, واطنبوا في ذلك حتى بلغ بهم مبلغ الغلووالافراط فيهما, وكان نصيب
البخاري من هذه المدائح والاطراات اكثر من مسلم .

فـتارة تراهم يبعثون سلام وتحية النبى (ص ) الى البخاري , وتارة اخرى يقصون الرؤى والاحلام
فـي شـان صحيحه وينسبون اليه والى مسلم وصحيحيهما شتى الكرامات الفاضلة حتى ان بلغ الامر
بهم ان قالوا: ان رسول اللّه ايد صحة كتابيهماوامضاهما.

ولكن الواقع ان هذه المنسوبات والكرامات , المدائح والاطراات والمغالاة بحقهما لا تتوافق مع متن
الصحيحين واسلوب مؤلفيهما فيهما, كما سيتضح لك هذاالامر خلال هذا البحث بالتفصيل .

فـقـبـل ان نـقوم بالتحقيق في الكتابين نورد بعض هذه الاقوال والمدائح التي قيلت بشانهما كنماذج
وامثلة :.

قال الچلبي : اما الكتب المصنفة في علم الحديث فاكثر من ان تحصى , الا ان السلف والخلف قد اطبقوا
على ان اصح الكتب بعد كتاب اللّه سبحانه وتعالى صحيح البخاري , ثم صحيح مسلم ((151)) .

قـال مـحمد بن يوسف الشافعي : اول من صنف في الصحيح , البخاري ابو عبداللّه محمد بن اسماعيل
وتـلاه ابـو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري , ومسلم مع انه اخذعن البخاري واستفاد منه , فانه
يشارك البخاري في كثير من شيوخه , وكتاباهمااصح الكتب بعد كتاب اللّه العزيز ((152)) .

قـال الـذهـبـي : وامـا جـامـع الـبـخـاري الصحيح فاجل كتب الاسلام وافضلها بعدكتاب اللّه عز
وجل ((153)) .

وكـذلك قال الچلبي عن صحيح مسلم : جامع مسلم الصحيح من حيث الصحة هو ثاني كتاب وهو احد
الكتابين اللذين ليس اصح منهما شي بعد كتاب اللّه ((154)) .

قال ابو علي النيشابوري : ما تحت اديم السما اصح من كتاب مسلم ((155)) .

يـقـول الـفاضل النووي في تقريبه : ان اصح الكتب بعد القرآن الصحيحان :البخاري ومسلم , وكتاب
الـبـخـاري اصـحـهما واكثرهما فوائد, وان رجح البعض تقديم صحيح مسلم عليه , ولكن الصواب
والمختار هو الذي ذكرناه ((156)) .

وقـال فـي مـقـدمـة شـرحـه على صحيح مسلم : اتفق العلما على ان اصح الكتب بعد القرآن العزيز
الصحيحان : البخاري ومسلم , وتلقتهما الامة بالقبول ((157)) .

قـال الـقـسـطلاني : قد اتفقت الامة على تلقي الصحيحين بالقبول , واختلفت في ايهما ارجح , فصرح
البعض بتقديم صحيح البخاري , وصرح آخرون بتقديم صحيح مسلم ((158)) .

يقول ابن حجر المكي : الصحيحان هما اصح الكتب بعد القرآن باجماع من يعتدبه ((159)) .

قال امام الحرمين : لو حلف انسان بطلاق امراته ان ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته هي
مـطـابـقـة مع الواقع وهي مما حكاه رسول اللّه (ص )كان حلفه صحيحا ولا كفارة عليه , لان الامة
اجمعت على صحة احاديثهما ((160)) .

مغالاة اكثر:.

لـم يـقنع علما اهل السنة في تعريفهم وتمجيدهم للصحيحين وتصحيح وتوثيق كل ما ورد فيهما من
الروايات فحسب , بل انهم زادوا الطين بلة حينما سلكوا سبيل الغلو والافراط في هذا المجال , حتى
ادعى احدهم انه راى رسول اللّه (ص ) في منامه وقال (ص ): ان صحيح البخاري هو كتابي .

ويـنـقـل عن الشيخ محمد بن عبدالرحمن شارح مختصر الخليل انه قال : كنت مع شيخي الشيخ عبد
المعطي التنوسي (التونسي ) في زيارة لمرقد رسول اللّه (ص ) اذشاهدت شيخي خلافا لما اعتاده
يمشي خطوة الى الامام ثم يتوقف هنيئة , ويكرر ذلك حتى وصل الى قبر الرسول (ص ), ووقف امام
القبر وتكلم بكلام لم افهم ما قاله .

وعـنـدمـا رجـعنا سالته عن قضية المشي والمكث والمحادثة الغير معتادة قال :كنت استاذن رسول
اللّه (ص ) بـالـدخول والزيارة حتى اذن , فلما دنوت منه قلت : يارسول اللّه (ص ), وهل كل ما ورد
فـي صـحـيح البخاري صحيح ؟ قال : نعم قلت : احدث عنك كل ما ورد فيه من الاحاديث ؟ قال : نعم ,
حدث عني .

ونـقـلت هذه القصة في كتب اخرى على نحو آخر: ان الشيخ التنوسي لما زار قبرالنبي (ص ) سال
رسـول اللّه (ص ): هـل ما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم من الحديث صحيح ويجوز لي ان
احدث ذلك عنك ؟.

قال رسول اللّه (ص ): نعم , انهما جميعا صحيحان وحدث عني ما ورد فيهما ((161)) .

نـقـل عن ابي زيد المروزي انه قال : كنت نائما بين الركن والمقام فرايت النبي (ص )في المنام , فقال
لـي : يـا ابـا زيـد, الى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي ؟ فقلت : يا رسول اللّه (ص ), وما
كتابك ؟ قال : جامع محمد بن اسماعيل البخاري ((162)) .

قـال محمد فريد وجدي : وغلا بعضهم فراى ان يستاجر رجالا يقراون الاحاديث النبوية في كتاب
الامام البخاري استجلابا للبركات السماوية تماماكالقرآن ((163)) .

قال القاسمي في قواعد التحديث : صحيح البخاري عدل القرآن , اذ لو قرئ هذاالكتاب بدار في زمن
شاع فيه الوبا والطاعون لكان اهله في مامن من المرض , ولواختتم احد هذا الكتاب لنال ما نواه , ومن
قـراه فـي واقـعة او مصيبة لم يخرج حتى ينجومنها , ولو حمله احد معه في سفر البحر لنجا هو
والمركب من الغرق ((164)) .

ما قيل من الرؤى والكرامات :.

يـقـال : ان الـبـخاري ذهبت عيناه في صغره , فرات والدته ابراهيم الخليل (ع ) في المنام , فبشرها
بـصحة ابنها, فقال لها: يا هذه قد رد اللّه على ابنك بصره بكثرة دعائك له ,فاصبح وقد رد اللّه عليه
بصره ((165)) .

الفربري والنبي (ص ):.

قـال مـحمد بن يوسف الفربري : رايت النبي (ص ) في النوم فقال لي : اين تريد؟قلت : اريد محمد بن
اسماعيل البخاري , قال : اقراه مني السلام ((166)) .

قال البخاري : ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا الا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين ((167)) .

نـقـل الـفربري ان البخاري قال : ما ادخلت في الصحيح حديثا حتى استخرت اللّه ,وصليت ركعتين ,
وتيقنت صحته ((168)) .

قـال البخاري : صنفت الجامع من ستمائة الف حديث في ستة عشر سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين
اللّه تعالى ((169)) .

حـكى الفاضل النووي ان مسلم قال : صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة الف حديث مسموعة , لو
ان اهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند ((170)) .

الشعرا يطرون :.

وتبعا لاولئك العلما فقد نظم الشعرا في البخاري وصحيحه اشعارا كثيرة وقصائد متعددة , من ذلك ما
انشده ابن عامر الجرجاني حيث قال :.

صحيح البخاري لو انصفوه ـــــ لما خط الا بما الذهب .

هو الفرق بين الهدى والعمى ـــــ هو السر دون العنا والعطب .

اسانيد مثل نجوم السما ـــــ امام متون كمثل الشهب .

به قام ميزان دين النبي (ص )ـــــ ودان له العجم بعد العرب ((171)) .

وانشد الامام ابو الفتوح العجلي مادحا صحيح مسلم :.

صحيح القشيري ذا رتبة ـــــ تفوق الثريا اذا ما اعتلت .

فالفاظه مثل نور الرياض ـــــ سقيها السواري اذا ما سرت .

واما المعاني فكالشمس تحت ـــــ السحاب الخريفي عنه انجلت .

فلله دولة هذا الامام ـــــ وللّه همتة ان علت .

عليه من اللّه رضوانه ـــــ فقد تم مسعاته وانتهت ((172)) .

دفاع مرير:.

افـرط اهل السنة في ثنائهم على الصحيحين حتى بلغ بهم الامر حد التعسف والغلو, وحفظا لمقامهما
وشـانـهـمـا فـقد حظروا على الباحثين والمحققين ان يقوموابالبحث والتنقيب فيهما, واعتبروهما
كـالوحي المنزل والقرآن الكريم من حيث العصمة عن الخطا, ومنزها من ان تنالهما الارا والافكار
وابـدا الراي فيهما, وان البحث والتحقيق فيهما, يكاد يكون توهينا لهما وهذا بمثابة التوهين للقرآن
ولا توبة ولاغفران لمن يقوم بذلك .

فـفـي عـام 1386 ه نشرت جمعية الاصلاح الاجتماعي في الكويت كراسا في الدفاع عن صحيح
البخاري والرد على المخالفين بعنوان ((كل ما في البخاري صحيح )).

وكـان هذا الكراس ردا واستنكارا على المقال الذي كتبه عبد الوارث كبير تحت عنوان ((ليس كل
ما في صحيح البخاري صحيحا)) الذي نشرته مجلة الوعي الاسلامي الكويتية .

وبما اننا لم نحصل على هذا المقال المنشور في المجلة , لذلك لا يمكننا ان نبدي راينا فيه او نحكم له
او عـلـيه واما الكراس المنشور ردا على المقال فهو بايدينا, وهويحتوي على ردود واستنكارات
خطابية او الاصح ان الكراس كتب باسلوب مملؤ من الهرا والعربدة واللاموضوعية .

فـقـد جـا فـي اولـه رسالة مفتوحة الى امير الكويت كتبها اثنان وثلاثون استاذا من جامعات سوريا
اسـتنكروا فيها على كاتب المقال وطلبوا من الامير كسر مثل هذه الاقلام هذه المقالات في المجلا ت .

وبعد هذه الرسالة سطرت ثمان مقالات لثمانية من الاساتذة والعلما من شتى البلاد العربية دفاعا عن
صـحـيـح الـبـخاري ومسلم , ثم ذكروا قائمة باسما عشرة من اساتيذ وعلما الجامعات ممن تصدوا
للجواب والرد على صاحب المقال والاستنكارعليه والدفاع عن البخاري .

ايها القارئ البصير, لعلك ترى اننا قد اطنبنا واسهبنا الكلام في هذا الفصل من كتابنا, ولكن الحق ان
الاقوال هذا في المجال اكثر مما اوردناه , وما الذي ذكرناه الا نموذجا ضئيلا منها, وذلك مما دعت
الضرورة والحاجة اليه ليرتفع بذلك الستارالمسدول عن واقع الصحيحين ومقامهما واهميتهما عند
اهـل الـسنة سوا في الماضي اوالحاضر, بل ترى اهميتهما اليوم قد ازدادت وتصاعدت اكثر حتى
اصـبـح الـمـنـتـقـدلـلصحيحين والباحث فيهما ولو بالاسلوب العلمي , او ان الذي اراد ان يناقش
صحة الاحاديث الواردة فيهما يواجه ردا صارما, وتاتيه الضربة الحديدية القاضية .

وما استنكارهم هذا ودفاعهم في تقديس الصحيحين الا سدا لابواب التحقيق على المحققين الباحثين
في الصحيحين كيلا يتجرا احد على ان يكشف الحقائق .

عندما تتجلى الحقيقة :.

لـو دقـق الباحث في كل ما قاله ناثرو المدح والاطرا على الصحيحين , ولواستمع المر الى ما نقله
علما العامة من الكرامات والاحلام حول البخاري ومسلم وكتابيهما, ولو امعن القارئ في ما كتبه علما
الـعـامـة بـشـانهما, وبشان كتابيهما لتجلت له شخصية البخاري ومسلم وعلو مرتبتهما بحيث ان لم
يـعدهما معصومين لا يشك ابدافي تقواهما وعدالتهما وورعهما ووثاقتهما, وكذا لا يرتاب ابدا في
صـحـة كـتـابـيـهـما,وكذلك تتجسد لديه حقيقة مقولة بعض العلما في الصحيحين من انه ما تحت
اديـم الارض كتاب اصح منهما, وان الرسول (ص ) قد نسب كتاب البخاري الى نفسه واعتبره كتابه ,
وهكذا تتجسد له هذه الامور جلية بحيث لا يمكن نقضها وتغييرها والخدشة فيها.

ولـكن بمجرد دراسة مختصرة وتفحص اجمالي فيهما تتجلى الحقائق التي تكمن خلف استار الوهم
والـخـيـال , وينكشف للباحث ان في مقابل تلك الفضائل والكرامات المنقولة في شان البخاري ومسلم
والـغـلـو الـذي طـالـما حوصر بين الخيال والوهم هناك علما من اهل السنة انفسهم قد نظروا الى
الـصـحيحين نظرة المحقق البحاثة فوضعوا ما احتواه الصحيحان على طاولة التشريح ووازنوهما
بـالـمـعـيـار الـواقـعـي وخـرجوا بعد ذلك بالنتيجة التالية : ان بعض احاديث الصحيحين من جهة
الاسنادوبعضها الاخر من جهة النص والمتن مرفوضة ومخالفة للاصول العلمية والدينية .

وهـنـاك اخـرون ايـضـا مـن علمائهم ازاحوا حجب العصبية عن بصائرهم ونظرواالى شخصية
الـبـخـاري ومـسلم بمنظار الواقعية واصبحت نظرتهم تماما على عكس الفئة الاولى المغالين الذين
رووا ان رسول اللّه (ص ) بلغ سلامه الى البخاري .

وهـذا مـا تكشفه هذه الصفحات التالية لذوي العقول والابصار من بيان الحقيقة عن ماهية الصحيحين
ومؤلفيهما, وتوضح الصورة الواقعية لهما ولمؤلفيهما.

وليعلم القارئ الكريم باننا نحن الشيعة لم نكن سباقين الى فتح باب الانتقادعلى الصحيحين ومؤلفيهما
وتـفـنـيـد روايـاتـهما , بل ان علما العامة انفسهم لهم السبق وانهم تعرضوا لنقدهما وبينوا الحقيقة
بصراحة , وفتحوا باب نقد الصحيحين على مصراعيه .

ومن هؤلا الناقدين جمع من العلما والمحدثين والحفاظ وشراح الصحيحين الذين تعتمد العامة اقوالهم
وتعترف بعلو مقامهم العلمي عندما ابدوا نظرياتهم العلمية والتحقيقية .

ونستطرد هنا طرفا من آرا ونظريات اولئك العلما والحفاظ:.

راي الذهلي في الصحيحين :.

قـال ابـن خلكان : محمد بن يحيى المعروف بالذهلي من اكابر العلما والحفاظواشهرهم , وهو استاذ
وشيخ البخاري ومسلم وابي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ((173)) .

قال احمد بن حنبل لابنه واصحابه : اذهبوا الى ابي عبداللّه الذهلي واكتبوا عنه ((174)) .

وقـال الخطيب البغدادي : كان يرى الذهلي واكثر المتكلمين في كلام اللّه انه قديم , وقد قالوا بكفر
وارتداد مخالفيهم الذين يرون بان كلام اللّه حديث .

وقـالـوا: ومن زعم ان القرآن مخلوق فقد كفر, وخرج عن الايمان , وبانت عنه امراته , يستتاب فان
تاب والا ضربت عنقه , وجعل ماله فيئا بين المسلمين , ولم يدفن في قبور المسلمين , ومن وقف وقال :

لا اقـول مـخـلوق او غير مخلوق فقد ضاهى الكفر,ومن زعم ان لفظ القرآن مخلوق فهذا مبتدع لا
يجالس ولا يكلم .

واضاف الخطيب قائلا:.

وكـان البخاري خلافا لاكثر متكلمي عصره يقول بان لفظ القرآن مخلوق , ولماورد مدينة نيسابور
افتى الذهلي الذي تقلد منصب الافتا والامامة بنيسابور قائلا:ومن ذهب بعد مجلسنا هذا الى محمد بن
اسماعيل البخاري فاتهموه فانه لا يحضرمجلسه الا من كان على مثل مذهبه ((175)) .

وكـان الـبخاري في نظر الذهلي واكثر علما نيسابور في ذلك العصر مطروداومضلا منحرفا في
الـعقيدة , ووصل الانزجار والنفور منه الى حد لم يمكنه البقا في نيسابور فرحل عنها , وقال بعض :

انهم ابعدوه عن نيسابور, وتفرق عنه كل تلامذته واصحابه عدا مسلم واحمد بن مسلمة وفروا منه
كفرارهم من النار كيلا يمسهم لهيب الانزجار العام وغضب الناس كما اصاب البخاري .

ذكر اصحاب التراجم هذه القصة على انها من اسوا المصائب والالام التي حلت بالبخاري .

ويـمـكـن ان نستنتج من هذه الواقعة التاريخية , ان صحيح البخاري وكذلك صحيح صاحبه الاوحد
مسلم بن حجاج النيسابوري قد وقعا معرض النقد والابرام والذم مالا يوصف من قبل العلما والحفاظ
مـثـل الذهلي وان هذين الكتابين اللذين عرفا واشتهرا اليوم باسم الصحيحين ويعدان مرجعا للتعاليم
الدينية عند اهل السنة , قدكان مؤلفاهما آنذاك محل انزجار واتهام المسلمين اياهما بالكفر والزندقة
.

قـال الـخطيب البغدادي : قال محمد بن يحيى : كتب الينا من بغداد ان محمد بن اسماعيل يقول : بان لفظ
الـقـرآن لـيـس قديم , وقد استتبناه في هذه ولم ينته : فلايحق لاحد ان يحضر مجلسه بعد مجلسنا
هذا ((176)) .

مسلم يرفض :.

لم يذهب الذهلي بفساد عقيدة البخاري فحسب , بل كان يرى انحراف صاحبه مسلم بن حجاج صاحب
الصحيح عن العقيدة السليمة , ولذا طرده عن مجلسه وحرم على الناس حضور مجلسه ((177)) .

قال ابن خلكان : كان مسلم على اثر اعتقاده هذا مرفوضا ومنفورا في الحجازوالعراق ((178)) .

يـظـهـر من هاتين القصتين ان البخاري ومسلم كانا محل رفض وطرد من قبل اهل نيسابور وعلما
بغداد واهلها لاعتقادهما في القرآن بانه مخلوق , وكان هذا سببالطردهما من نيسابور.

موقف ابي زرعة من الصحيحين :.

يـعـد ابو زرعة من حفاظ الحديث وعلم من اعلام علم الرجال والعلوم الاخرى ,قال الفاضل النووي
فيه : انتهى الحفظ حفظ الحديث الى اربعة من اهل خراسان : ابوزرعة و ((179)) .

كـان ابو زرعة بمكانته العلمية هذه ينتقد مسلم ونظائره واعتبرهم متظاهرين بالحديث ومتاجرين
به , وكان يقول بان بعض احاديث صحيح مسلم ليس بصحيح .

وقال الخطيب عن سعيد بن عمرو قال : شهدت ابا زرعة الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي الفه مسلم
بـن الحجاج ثم المصوغ على مثاله صحيح البخاري , فقال لي ابو زرعة : هؤلا قوم ارادوا التقدم قبل
اوانـه فـعملوا شيئا يتشوفون به , الفوا كتابا لم يسبقوا اليه ليقيموا لانفسهم رئاسة قبل وقتها واتاه
ذات يوم ـ وانا شاهد رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فاذا حديث عن اسباط بن
نـصـر, فـقال ابوزرعة : ما ابعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه اسباط بن نصر, ثم راى في كتابه
قطن بن نصير فقال لي : وهذا اطم من الاول ((180)) .

وذكـر الـذهـبـي قـصـة ابي زرعة ولكنه اتى بكلمة يتسوقون يتاجرون بدلا عن كلمة يتشوفون
يتظاهرون ((181)) ـ.

موقف النووي من الصحيحين :.

الـفـاضل النووي شارح الصحيحين البخاري ومسلم , له صيت في علم الرجال ,والف كتبا متعددة في
عـلـم الحديث والرجال , وتعد كتبه مرجعا, تراه يشك ويتردد في صحة بعض احاديث الصحيحين ,
واحيانا يبدي رايه بالصراحة ببطلان بعضها.

فـقد قال في مقدمة شرحه على صحيح مسلم : واما قول مسلم وادعاؤه في صحيحه بان ليس كل شي
صـحـيـح عندي وضعته فيه فحسب , بل جمعت في كتابي الصحيح كل ما اتفق الجمهور على صحته
فـمشكل فقد وضع فيه احاديث كثيرة مختلف في صحتها لكونها من حديث من ذكرناه ومن لم نذكره
ممن اختلفوا في صحة حديثه ((182)) .

وفي ذيل شرحه لحديث ابي سلمة في باب بد الوحي , بان اول سورة نزلت على رسول اللّه (ص ) هي
سـورة الـمـدثـر (يا ايها المدثر) قال النووي : انه ضعيف , بل باطل ,والصواب ان اول ما انزل على
الاطلاق (اقرا باسم ربك ) ((183)) .

موقف ابن حجر من الصحيحين :.

قـال ابـن حجر: وعدة ما اجتمع الناس ـ على قدحه من الاحاديث مما في كتاب البخاري وان شاركه
مـسـلـم فـي بـعـضـه مـائة وعـشرة حديثا منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو اثنان وثلاثون
حديثا ((184)) .

وقال في مقدمة فتح الباري : فقد تناول جماعة من المحدثين وعلما الرجال اكثر من ثلاثمائة من رجال
الـبـخـاري فـضـعـفـوهـم , واشـار ـ بـعـد سـرد اسمائهم الى حكاية الطعن والتنقيب عن سبب
ضعفهم ((185)) .

راي القاضي الباقلاني :.

انـكـر الـقـاضـي ابـو بـكـر الباقلاني صحة حديث صلاة النبي (ص ) على جنازة عبداللّه بن ابي ,
واعتراض عمر عليه (ص ) ـ الحديث الذي رواه الصحيحان .

وقال امام الحرمين : لا يصححه اي الحديث المذكور اهل الحديث .

وقال الغزالي في المستصفى : الاظهر ان هذا الخبر غير صحيح .

وقال الداودي : هذا الحديث غير محفوظ ((186)) .

راي ابن همام :.

قال كمال الدين بن همام في شرح الهداية : وقول من قال : اصح الاحاديث مافي الصحيحين ثم ما انفرد
بـه الـبـخـاري ثم ما انفرد به مسلم , ثم ما اشتمل على شرطاحدهما تحكم وباطل لا يجوز التقليد
فيه ((187)) .

هـذا الذي ذكرناه هو مجمل ما قاله شراح الصحيحين والسلف من العلما حول الصحيحين ومؤلفيهما,
ولو اردنا ان نستقصي كل ما قيل من النقد والقدح فيهمالاحتجنا في ذلك الى كتاب مستقل وكبير.

ونلفت انظار القرا الى رايين من علما مصر المعاصرين :.

راي الشيخ محمد عبده :.

يـعـد السيد محمد رشيد رضا المصري من ابرز تلاميذ الشيخ محمد عبده , فقدجمع السيد رشيد
رضا نظريات وآرا استاذه في كتابه تفسير المنار , فانه بعد ان ذكرقول ابن حجر الذي قال : عدة ما
اجـتـمع لنا من ذلك الانتقادات والمؤاخذات مما في كتاب البخاري وان شاركه مسلم في بعضه مائة
وعـشـرة احـاديث فيها ما وافقه مسلم على تخريجه اثنان وثلاثون حديثا ومنها ما انفرد بتخريجه
وهو ثمانية وسبعون حديثا.

وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين ومن رجال مسلم مائة وستين .

ثم يقول ابن حجر: عدة ما اخرجته من نحو مائتين وعشرة احاديث انفردالبخاري باكثر من سبعين
حديثا, وذكر مسلم ما تبقى في صحيحه ((188)) .

فـقـال الـسـيد محمد رشيد رضا بعد ان عرض الاحاديث المنتقدة على البخاري :واذا قرات ما قاله
الـحافظ ابن حجر فيها رايتها كلها في فن الصناعة , ولكنك اذا قرات الشرح نفسه ((فتح الباري ))
رايـت لـه فـي احاديث كثيرة اشكالات في معانيها اوتعارضها مع غيرها اكثر مما صرح به الحافظ
نـفـسـه مـع مـحـاولـة مـن الحافظ الجمع بين المختلفات وحل المشكلات بما يرضيك بعضه دون
بعض ((189)) .

وقال الشيخ محمد عبده بعد ان ساق اقوال العلما والحفاظ في مسالة الصلاة على جنازة ابن ابي : الحق
ان هـذا الـحـديـث معارض للايتين , فالذين يعنون باصول الدين ودلائله القطعية اكثر من الروايات
والدلائل الظنية لم يجدوا ما يجيبون به عن هذا التعارض الا الحكم بعدم صحة الحديث ((190)) .

راي احمد امين :.

قال احمد امين الاديب المصري بشان الصحيحين : وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين .

وفـي الـواقـع هـذه مـشـكلة المشاكل ـ لان بعض من ضعف من الرواة لاشك انه كذاب , فلا يمكن
الاعـتـمـاد عـلى قوله , والبعض الاخر منهم مجهول الحال , ومن هذافيشكل الاخذ عنه ومن هؤلا
الاشخاص الذين روى عنهم البخاري وهم غير معلومي الحال عكرمة مولى ابن عباس وقد ملا الدنيا
حديثا وتفسيرا, فقد رماه بعضهم بالكذب , وبانه يرى راي الخوارج , وبانه كان يقبل جوائز الامرا,
ورووا عن كذبه شيئاكثيرا.

ويـضـيـف الاديب احمد امين على ذلك شواهد تاريخية اخرى لاثبات كون عكرمة كذابا, ثم يقول :

فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيراومسلم ترجح عنده كذبه فلم يرو له
الا حديثا واحدا في الحج ولم يعتمد فيه عليه وحده وانما ذكره تقوية لحديث آخر ((191)) .

راي مسلمة في صحيح البخاري :.

وامـا مـا قـاله مسلمة في البخاري وكتابه الصحيح : فانه يعتبر تاليف البخاري للصحيح عملا خلافا
وسـيئا وحسب المصطلح ان البخاري قد ارتكب سرقة علمية ,وهذا مما يحط من شخصيته العلمية
والخلقية , ويسقط قيمته والاعتبار بكتابه ويضعهما في موضع بين القبول والرد.

يقول مسلمة :.

الـف عـلي بن المديني شيخ البخاري كتاب العلل وكان ضنينا به , ومهتما به كل الاهتمام لكي لا تناله
الايـدي , فـغـاب يـومـا في بعض ضياعه خارج المدينة فجاالبخاري منتهزا الفرصة الى بعض بنيه
وراغـبه بالمال على ان يرى الكتاب العلل يوماواحدا فاعطاه له , فدفعه البخاري الى النساخ , فكتبوه
لـه , ورده الـيـه , فـلما حضر علي بن المديني وجلس في مجلسه تكلم بشي , فاجابه البخاري بنص
كـلامـه مـرارا فـفـهـم الـقضية استنساخ الكتاب واغتم لذلك فلم يزل مغموما حتى مات بعد يسير
واستغنى البخاري بذلك الكتاب عن البحث والتنقيب في الاحاديث , وخرج الى خراسان ,ووضع كتابه
الصحيح , فعظم بذلك شانه وعلا ذكره ((192)) .

راينا في الصحيحين :.

هذا الذي ذكرناه كان ملخص ما ابداه بعض علما اهل السنة حول الصحيحين ونقدهم اياهما من حيث السند حينا وحينا من حيث المتن , واخر من جهتهما معا.

وامـا ما نراه ونذهب اليه حول الصحيحين ومحتوياتهما فهو مطابق لراي هذه الفئة الاخيرة من علما
اهـل الـسنة , وانا واياهم متفقون في العقيدة بالنسبة الى هذاالموضوع , ولكن نرى ان في محتويات
الصحيحين وكذا ضمن الاحاديث الصحيحة التي نقلاها في شتى الابواب ان الاحاديث الغير صحيحة
والـضـعـيفة يبلغ عددها فوق ماعده ابن حجر كما نقل عنه الحفاظ حيث قال : انها لا تتجاوز المائة
وعشرة احاديث ,ضعيفة من جهة المتن .

ونرى ايضا ان في اسناد الصحيحين ورجالهما اشخاصا ضعافا وغير موثقين اكثر مما نقل ابن حجر
عن الحفاظ وعلما فن الرجال من ان ضعفا رواتهما يبلغ الثلاثمائة شخص .

ويؤيد راينا في ضعف احاديث الصحيحين متنا وسندا الادلة التالية :.

1 ـ ضعف بعض رجال الصحيحين , وانهم غير موثقين , في علم الرجال .

2 ـ العصبية الشديدة التي تحلى بها مؤلفا الكتابين .

3 ـ الـفترة الزمنية الطويلة الممتدة بين زمن صدور الحديث وتاريخ تدوينه , مع النظر الى دواعي
واسباب الجعل والوضع .

4 ـ تقطيع بعض الاحاديث عند البخاري تمشيا لذوقه ورايه .

5 ـ النقل بالمعنى , كما يلاحظ في صحيح البخاري .

6 ـ تتميم وتكميل صحيح البخاري بوسيلة الاخرين .

7 ـ ملاحظة كثرة الاحاديث المخالفة للادلة العقلية والدينية فيهما.

هـذه مـلاحظاتنا على الصحيحين وهي تؤيد ضعفهما وتوضح وهن احاديثهما,ولا يمكن لاي محقق
وبحاثة الاغماض عن هذه الموارد وسنشرحها بالتفصيل ان شااللّه في الصفحات الاتية .

الفصل الرابع .

ادلة ضعف الصحيحين وسقمهما.

الدليل الاول : ضعف السند.

اول الـمؤاخذات على ضعف احاديث الصحيحين والسبب في عدم الوثوق بهماهو ضعف اسناد ورواة بعض احاديثهما.


/ 22