اضواء علی الصحیحین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی الصحیحین - نسخه متنی

محمد صادق النجمی؛ مترجم: یحیی کمالی البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


فعلى هذا, فكيف يمكن ان يقول الرسول (ص ): لم انس ولم تقصر, ولكن عندماشهد بعض الاصحاب ذي اليدين تراجع النبي (ص ) عن قوله الاول , وعلم فيما بعد ان ذلك كان خلافا للواقع ؟.

قـال السيوطي في شرحه على سنن النسائي وهو ينقل هذه الاشكالات عن القرطبي : قال القرطبي :

هذا قبول السهو مشكل بما ثبت من حاله (ص ) وحياته كلها فانه يستحيل عليه الخلف وصدور خلاف
الواقع عنه والاعتذار عنه ((553)) .

3 ـ النبي يصلي جنبا.

بـعد ان قمنا بالتمحيص والتحقيق في الحديث السابق سهو النبي (ص ) الذي اخرجه الصحيحان عن ابـي هريرة , وعرفت ايها المطالع الكريم انه من الموضوعات والاحاديث المختلقة , يمكنك الان ان
تتطلع وتتعرف على موضوعية حديث اخر يرويه الشيخان عن ابي هريرة ايضا.

يقول ابو هريرة : اقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياما فخرج الينا رسول اللّه (ص )فلما قام في مصلا
ه ذكـر انـه جـنـب فـقـال لـنـا: مكانكم ثم رجع فاغتسل ثم خرج اليناوراسه يقطر فكبر فصلينا
معه ((554)) .

وجدير بنا ان نذكر عقيب هذا الحديث الذي رواه ابو هريرة عن النبي (ص ) كلمة ابي هريرة التي
قالها عن نفسه واعتراف في جعل الحديث .

اخـرج البخاري في صحيحه حديثا حول النفقات يرويه ابو هريرة عن رسول اللّه (ص ), ولما كان
في الحديث المناكيرالتي تعجب منها سامعوها, فقالوا: يا ابا هريرة سمعت هذا من رسول اللّه (ص )؟
قال : لا هذا من كيس ابي هريرة ((555)) .

وبـنـاا عـلـى هذا الاقرار والاعتراف من ابي هريرة وان ه كان يخرج من كيسه اباطيل واراجيف
وينقلها الى الناس على انها قول الرسول (ص ) وسيرته , فما ندري نبع كيس ابي هريرة , والقرائن التي ذكرناها هناك في حديث سهو النبي (ص ) تؤيد ما ابديناه هنا.

وام ا هـذا الـخبر, فلو كان صحيحا لرواه غير واحد من الصحابة والرواة بالتواتر,بينما لم يسمع
هذا الا من ابي هريرة وابي بكر ((556)) .

والعجب العجاب ان علما اهل السنة قد بهرتهم هذه الاحاديث الموضوعة والمجعولة الى حد ان بنوا
عقائدهم واحكام دينهم على اساس هذا النوع من المختلقات والموضوعات الهزيلة واعتبروها جميعا
احاديثا صحيحة لا تقبل الخدش والشك فيها.

وعلى هذا الاصل قال العيني في شرحه على الحديث المذكور:.

ومما يستفاد من هذا الحديث جواز النسيان على الانبيا(ع ) في امر العبادة للتشريع ((557)) .

4 ـ الرسول يلعن ويؤذي المؤمنين :.

عن ابي هريرة عن النبي (ص ) قال : اللهم انما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر,واني قد اتخذت عـنـدك عـهـدا لـم تـخـلـفنيه , فايما عبد آذيته او سببته او جلدته , فاجعلهاكفارة وقربة تقربها
اليك ((558)) .

وفـي حـديـث آخر قال : اللهم انما انا بشر فايما رجل من المسلمين لعنته او سببته فاجعله له زكاة
واجرا ((559)) .

وقال ايضا: اللهم انما انا بشر, ارضى كما يرضى البشر واغضب كما يغضب البشرفايما احد دعوت
عـلـيـه مـن امـتـي بـدعـوة لـيـس لها باهل ان تجعلها له طهورا وزكاة وقربة تقر به بها منه يوم
القيامة ((560)) .

مؤدى هذه الروايات المستخرجة في ابواب مختلفة من صحيح البخاري وخص لها مسلم في صحيحه
لـها بابا خاص ا وعنونه : باب من لعنه النبي (ص ) وليس هواهلا ان النبي (ص ) هو كسائر البشر,
تعتريه حالات فيغضب ويؤذي المسلمين من دون سبب ويسبهم ويلعنهم .

توجيه الاحاديث :.

ان القرآن الكريم وصف النبي (ص ) بانه على خلق عظيم ولكن البخاري ومسلم اخرجا في كتابيهما
احاديث منافية تماما للقرآن ونقلا احاديث حول اخلاق النبي (ص )على عكس ما يصفه القرآن .

وننقل من تلكم الاحاديث ثلاثا منها كمثال :.

1 ـ خـصـص الـبـخـاري فـي صحيحه في كتاب الادب بابا عنونه : لم يكن النبي (ص )فاحشا ولا
متفحشا, جمع فيه الاحاديث التي تصف اخلاق النبي (ص )الفاضلة واليك حديث واحد منها:.

قـال ابـن ابـي مليكة عن عائشة : ان يهودا اتوا النبي (ص ) فقالوا: السام عليكم , فقالت عائشة : عليكم
ولعنكم اللّه وغضب اللّه عليكم .

قـال (ص ): مـهـلا يـا عـائشـة , عليك بالرفق , واياك والعنف والفحش , قالت : او لم تسمع ما قالوا؟
قال (ص ): او لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم , فيستجاب لي فيهم , ولا يستجاب لهم في ((561)) .

2 ـ اخرج مسلم في صحيحه احاديث متعددة عن رسول اللّه (ص ) انه نهى عن ان يكون المسلم لعانا
وفحاشا ونهاهم حتى من لعن الدواب والحيوانات ((562)) .

3 ـ وروى مسلم ايضا حديثا فيه : قيل : يا رسول اللّه ادع على المشركين , قال (ص ):ان ي لم ابعث
لعانا وانما بعثت رحمة ((563)) .

نـعـم ان الرسول (ص ) ليس كبعض افراد البشر الذي تعتريه حالة الغضب , من دون سبب ومن غير
حق , ويسب ويلعن المسلمين , فكيف يتمكن من كان فحاشا يؤذي الاخرين ظلما وعدوانا, ويضربهم
بالسياط وبالدرة جورا, ان يهدي المجتمع البشري الى الخير والصلاح والصدق والعدل ؟.

فـكـيف يكون النبي فحاشا ولعانا وهو يمنع عائشة من ان تجيب اليهود الذين هم الد خصما الاسلام ,
ووجودهم اكبر مانع لتقدم الدين الحنيف , والذين قالواللنبي (ص )واصحابه : السام عليكم , فاجابتهم
عـائشـة بمثل ما قالوا, ونهاهاالرسول (ص )وامرها بالرفق والمداراة معهم ويقول : اني لم ابعث لعانا
وانما بعثت رحمة .

هذا نموذج من اخلاق النبي (ص ) الذي نهى الناس ان يلعنوا حتى الدواب فهل يعقل ان يكون هو يؤذي
مؤمنا ويسبه او يلعنه من غير حق ؟.

اسباب وضع هذه الاحاديث :.

ثـبت في التاريخ ان النبي (ص ) كان في بعض الاحايين يلعن بعض الفئات المعينة ,ويلعن بعض الناس ,
وما كان ذلك الا بامر من اللّه عزوجل , وتارة كان ينفي بعض الافرادالى المناطق النائية .

هـؤلا الـملعونون على لسانه كان عداهم للدين والرسول (ص ) اشد من اليهود,وكان خطرهم على
المسلمين اكثر من المشركين , ولما كان لعن النبي (ص )اياهم يعتبروصمة عار كبير على جباههم ,
بحيث كان يزلزل مقامهم الاجتماعي , ولذلك حاولوابواسطة اناس مثل ابي هريرة وغيره , اوعزوا
اليهم ان يختلقوا احاديثا مثل هذا الحديث لكي يمحوا ذلك العار عن جباههم , وبعد ان ادى ابو هريرة
وظـيـفـته , قام اتباع اولئك الملعونين بنشر تلك الاحاديث وضبطها والاستفادة منها لخدمة عقيدتهم
وقادتهم .

واليك يا قارئي المنصف بعض هذه التزويرات والتحويرات :.

1 ـ اخرج مسلم حديثا لابن عباس قال : كنت العب مع الصبيان فجا رسول اللّه (ص )فتواريت خلف باب
قال : فجا فحطاني حطاة وقال (ص ): اذهب وادع لي معاوية ,قال : فجئت فقلت : هو ياكل فقال (ص ): لا
اشبع اللّه بطنه ((564)) .

اعـلـم ايـهـا الـقارئ الكريم ان تخريج مسلم النيسابوري لهذا الحديث بعد ان ذكراكثر من عشرة
احـاديـث بـيـنـهـا وبين صريح القرآن والسنة الصحيحة منافاة ومباينة واضحة وما تخريجه لهذه
الاحاديث الا ان تكون مقدمة لتحريف المفهوم الحقيقي للحديث المشهور لدى جميع المسلمين والذي
هو بمثابة وصمة عار على جبين معاوية , فعلى هذافان لعن النبي (ص ) اياه هو وسيلة تقربه الى اللّه
وكفارة لجرائمه واجرا لجناياته .

2 ـ اورد ابـن حـجر في كتابه تطهير الجنان الذي الفه في فضائل معاوية عند تاويله للحديث ((لا
اشـبـع اللّه بطنه )) اجابات عديدة ثم قال : ان هذا الدعا جرى على لسانه (ص )من غير قصد, وقد
اشـار مـسلم في صحيحه الى ان معاوية لم يكن مستحقا لهذا الدعا,وذلك لانه ادخل هذا الحديث في
باب من سبه النبي (ص )اودعا عليه وليس هو اهلالذلك كان زكاة واجرا ورحمة ((565)) .

3 ـ قـال الـحـافظ الذهبي في تذكرته في ترجمة النسائي صاحب السنن : قيل له : الاتخرج فضائل
معاوية ؟ فقال : اي شي اخرج حديث ((اللهم لا تشبع بطنه ))؟ فسكت السائل .

قال الذهبي : هذا الحديث اورده النسائي ذما لمعاوية اقول : لعل هذه منقبة لمعاويـة لقول النبي (ص ) :

اللهم من لعنتـه او شـتمته فاجعل ذلك له زكـاة ورحمة ((566)) .

4 ـ اخـرج ابن حجر روايات عديدة باسانيد وطرق مختلفة نقلها من كتب ومصادر اهل السنة حول
لـعـن الـنـبـي الـحكم بن العاص وابنه مروان ثم يقول :لعنته (ص )الحكم وابنه مروان لا تضرهما
لانه (ص ) تدارك ذلك بقوله مما بينه في الحديث الاخر: انه بشر يغضب كما يغضب البشر, وانه سال
ربه ان من سبه او لعنه او دعا عليه ان يكون ذلك رحمة وزكاة وكفارة وطهارة له ((567)) .

اقول : ترى في مقولة ابن حجر الذي عرف بتاثره بالعصبية , والذي اثر رجلين حقيرين وذليلين مثل
مروان وابيه الحكم على النبي (ص ) وانتصر لهما ودافع عنهما نوعامن التحجيم والتصغير لمرتبة
النبوة , وتصوير النبي (ص ) بانه كسائر البشر العاديين .

وتشاهد ان بين هذا الكلام الذي تقوله ابن حجر وبين النصوص القرآنية التي تقول : (وما ينطق عن
الهوى ان هو الا وحي يوحى ) ((568)) تفاوت كبير وتعارض واضح .

نـعـم , رسـول اللّه (ص ) بشر ولكن يمتاز عليهم بما يوحى اليه , قال تعالى : (قل انما انابشر مثلكم
يوحى الي ) ((569)) .

اذن فاذا اوحى اللّه عزوجل الى النبي (ص ) ان يلعن احدا فانه يلعن بامر من اللّه عزوجل .

وعليه , فمن يلعن على لسان النبي (ص ) فلا يغنيه دفاع احد عنه شيئا, وانتصارالاخرين له .

5 ـ نهي الرسول (ص ) عن تلقيح النخيل :.

روى مسلم في صحيحه , وابن ماجة في سننه , ثلاث احاديث تتضمن : ان النبي (ص ) مر بقوم يلقحون النخيل فقال : لو لم تفعلوا لصلح قال ثابت بن انس : فخرج شيصا,فمر(ص ) بهم فقال (ص ): ما لنخلكم
؟ قالوا: قلت كذا وكذا قال (ص ): انتم اعلم باموردنياكم ((570)) .

وفي حديث آخر قال : انما انا بشر, اذا امرتكم بشي من دينكم فخذوا به , واذاامرتكم بشي من رايي
فانما انا بشر ((571)) .

وفي ثالث قال : انتم اعلم بامور دنياكم ((572)) .

دلائل اختلاف القصة :.

ان كـون هـذا الـحـديث من السخافات الموضوعة هو من اوضح الواضحات , بحيث يغنينا عن البحث
والتكلف في جهات الحديث , لان احدى الروايات تقول : ان القصة وقعت في المدينة , فيا ترى ان نبيا
عاش في الجزيرة العربية خمسين عاما وعاشر اهلها,ويراهم يلقحون النخيل في كل عام , هل يعقل
بمجرد ان هاجر الى يثرب نسي هذاالامرالتلقيح ؟ ولم يعلم مدى تاثير التلقيح على النخلة ورشدها
حـتـى مـنع اهل يثرب عن هذا العمل , ولما راى ان المسالة صارت معكوسة ندم على قوله , ثم اعلن
للناس انتم اعلم بامور دنياكم ؟.

لا يـخـفـى ان الـغـايـة مـن جعل هذا الحديث هي فتح باب المخالفة للنبي (ص )بحيث لو اراد الخلفا
واصحاب السلطة يوما ان يحكموا على خلاف تعاليم النبي (ص )وينقضوااوامره , فهم يملكون دليلا,
ويستدلون على مخالفتهم بان النبي قد ارتكب خطا في مسالة تلقيح النخيل وبعدها قال : انتم اعلم بامور
دنياكم .

ومما يجدر ذكره ان هؤلا عالجوا هذه المسالة بتلبيسها الوجهة العلمية والفنية واسموها بالاجتهاد,
وادعـوا بان الرسول اذا امر بحكم ولم يكن هذا الحكم في القرآن ولاعلاقة له بالوحي فانه يكون
مـن اجـتهاداته (ص ) ومخالفة المجتهدين بعضهم بعضا في المسائل العلمية امر عادي ولا يرد عليه
اشكال .

واليك ارا علما العامة في هذا الموضوع :.

هل كان الرسول (ص ) يتعبد بالاجتهاد؟.

قال الامدي : اختلفوا في ان النبي هل كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص قرآني فيه ؟.

فـقال احمد بن حنبل والقاضي ابو يوسف : انه كان متعبدا, وجوز ذلك الامام الشافعي في رسالته , وبه
قـال اصحابه والقاضي عبدالجبار وابو الحسين البصري : نعم ,كان النبي يتعبد باجتهاده فيما لا نص
صريح من القرآن فيه .

ثم يقول الامدي : المختار عندنا جواز ذلك عقلا ووقوعه سماعا ((573)) .

ثم يضيف : ان القائلين بجواز الاجتهاد للنبي (ص ) اختلفوا فيما هل يمكن ان يخطاالنبي في اجتهاده ام
لا؟.

فـذهب بعض اصحابنا الى منع وقوع الخطا في اجتهاداته , وذهب اكثر اصحابناوالحنابلة واصحاب
الحديث والجبائي وجماعة من المعتزلة الى جواز ذلك ((574)) .

وقال الدكتور موسى توانا ((575)) في كتابه الاجتهاد ومدى حاجتنا اليه في هذاالعصر:.

بـد الاجـتهاد في الاسلام منذ عهد رسول اللّه , فقد كان النبي (ص ) يجتهد في الامورالتي لا تتعلق
بالرسالة ثم يذكر قصة التلقيح دليلا على ما ذهب اليه .

قـال الـشـيخ محمد عبده : وقد كان الاذن المعاتب عليه اجتهاد منه (ص ) فيما لانص فيه من الوحي ,
وهـو جـائز وواقـع من الانبيا(ع ), وليسوا بمعصومين من الخطا فيه ,وان ما العصمة المتفق عليها
خـاصـة بـتـبـلـيـغ الـوحـي بـبـيـانـه والعمل به ويؤيده حديث طلحة في تابير النخل اذ رآهم
يلقحونها ((576)) .

وقـال المحقق المتكلم الفاضل القوشجي عند ذكره مسالة تحريم عمر للمتعة ومخالفته لحكم رسول
اللّه فيها:.

واجـيب عن ذلك : بان ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه اي عمر فان مخالفة المجتهدلغيره في المسائل
الاجتهادية ليس ببدع ((577)) .

وقـال قـاضـي الـقـضاة في المغني : ان الرسول (ص ) انما يامر بما يتعلق بمصالح الدنيامن الحروب
ونـحـوها عن اجتهاده , وليس بواجب ان يكون ذلك عن وحي , كما يجب في الاحكام الشرعية , وان
اجـتـهـاده يجوز ان يخالف بعد وفاته , وان لم يجز في حياته لان اجتهاده في الحياة اولى من اجتهاد
غيره .

ثـم ذكر: ان العلة في احتباس عمر عن الجيش حاجة ابي بكر اليه , وقيامه بما لايقوم به غيره وان
ذلك احوط للدين من نفوذه ((578)) .

اقـول : ذكـرنا في فصل هل الرسول كان يجتهد ((579)) ؟ واثبتنا عدم تعبدالنبي (ص )بالاجتهاد
واسـتـدلـلنا على ذلك بالايات المتظافرة , ونقلنا ارا بعض علما اهل السنة من المحدثين والمفسرين
الـذين ذهبوا الى ما قلناه بعدم التعبد بالاجتهاد, وان هناك نوعا آخر من الوحي غير الوحي القرآني
فكلامه كله وحي الهي .

فـعلى هذا فلو حكم النبي (ص ) بحكم لم يرد نصه في القرآن الكريم لم يكن دليلاعلى عدم وجود
الوحي في الحكم , بل حكمه وحي من النوع الثاني القرآني .

وعـلـى هذا فكما ان اساس قصة تابير النخل فاقدة الصحة فكذلك عقيدة اولئك العلما من اهل السنة
الـذين نسبوا الى رسول اللّه التعبد بالاجتهاد وجواز الخطا في اجتهاده تكون باطلة ومردودة , وان
الـتـمـسك بقصة تابير النخل ذريعة ودليلا لعقيدتهم ليست لها قيمة علمية , كما ان عدم وجود حكم
واضح في القرآن ليس دليل على عدم وجود الوحي والحكم الالهي في المسالة .

وامـا مـا ذكـره الـفـاضل القوشجي عن مقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في تحريمه للمتعتين
واعتبر مخالفته للرسول مخالفة في مسالة اجتهادية فهو مردودومرفوض ايضا, ولم يقبله اي محقق
لبيب , لان هذا القول هو قياس مع الفارق ولا يوجدمن يقيس الرسول ويقارنه باحد افراد هذه الامة ,
وقـول الـنـبي (ص ) هو نفس الحكم الثابت في اللوح المحفوظ: (ان هو الا وحي يوحى علمه شديد
الـقـوى ) ((580)) الـيـس الاجتهاد هورد الفروع على الاصول والاستفادة من الادلة الظنية عن
طـريق استنباط الحكم الواقعي ؟فهل يبقى للمقايسة بين النبي (ص ) وغيره محل ؟ فاين الثرى واين
الثريا؟.

واما ما ادعوه من جواز الاختلاف في الاجتهاد فهذا صحيح اذا اختلف مجتهدان ووقع اجتهاد احدهما
في مقابل اجتهاد الاخر واما ان يجتهد احد في مقابل نص الرسول والوحي والقانون الالهي فهذا ليس
باجتهاد وسميه بما تشا.

6 ـ النبي (ص ) يعاقب من دون ذنب .

هـذا الحديث هو الاخر من الاحاديث الموضوعة والمختلقة على رسول اللّه (ص ),فهو مروى في كتب العامة كالصحيحين وغيرهما باسانيد ونصوص مختلفة , ويحكي لناهذا الحديث قصة نسبت الى
رسـول اللّه (ص ) ودلـسـت عـليه بانه عاقب في اللحظات الاخيره من عمره اناسا ابريا عقابا ملؤه
السخرية والهزل .

والقصة اشتهرت بحديث اللدود, وخلاصتها:.

انـه اشـتـد المرض بالرسول (ص ) في آواخر حياته حتى اغمي عليه وغشي ,فتشاورن زوجاته
واصـحابه ان يصنعوا له دوا وهو عجينة مرة تعطى لمن اصيب بداذات الجنب فاعطوه وهو مغمى
عليه , فلما افاق وشعر بمرارة الدوا, حلف يمينا بان يصب الدوا في فم كل من هو حاضر في المجلس
عدا عمه العباس .

فـاعـطـوا الـحاضرون حتى جا دور زوجاته , فكانت ميمونة ذاك اليوم صائمة فاصرت على كونها
صائمة , ولكن الرسول (ص ) لم يلتفت الى قولها واكد اعطاها الدواعملا ووفاا باليمين .

وهذه القصة اخرجها الشيخان في الصحيحين مختصرة ومجملة عن عائشة انهاقالت :.

لـددنـاه في مرضه فجعل يشير الينا: ان لا تلدوني , فقلنا: كراهية المريض للدوا,فلما افاق قال : الم
انـهـكـم ان تلدوني ؟ قلنا: كراهية المريض للدوا, فقال : لا يبقى احد في البيت الا لد وانا انظر الا
العباس فانه لم يشهدكم ((581)) .

تحقيق حول الحديث :.

لما كانت دراسة جميع الاحاديث التي رويت بشان حديث اللدود على مااحتوت من التفصيل والتطويل
سـواا من حيث النص او السند, خارج عما نحن عليه في هذا الكتاب من الاجمال وعدم الاطناب لذا
اقتصرنا على تبيين نصوص هذه الاحاديث والالفاظ الغريبة التي تتضمنها مع الاشارة الى المصادر:.

اولا: اول مـا يـتـبـادر الـى الذهن ويثبت اختلاقية هذه الاحاديث وكذبها هوالتضادوالتناقض بين
الفاظها, ونشير هنا فقط الى ثلاثة موارد من هذه التناقضات :.

1 ـ مـتى احس النبي (ص ) باللد؟ فاكثر الاحاديث صريحة بانه لما افاق من غشوته على اثر مرارة
الدوا عرف بانه قد لد ((افاق فعرف انه قد لد ووجد اثر اللدود ((582)) .

ولكن حسب مضمون الحديث الذي ذكرناه في بداية هذا الفصل والمروي في الصحيحين عن عائشة
بـان الـرسول عرف بانه يلد قبل ان يعطى الدوا ولذلك اشار بيده ان يمتنعوا من ذلك ((فجعل يشير
الينا ان لا تلدوني فلما افاق قال : الم انهكم ان تلدوني ؟)).

2 ـ موقف العباس في القصة : حسب ما يتضمنه الحديث الذي رواه الترمذي وغيره من علما العامة بان
العباس عم النبي كان ممن صب الدوا بفم النبي (ص ) لده العباس واصحابه ((583)) .

ويـروي ابـن ابـي الحديد عن عائشة انها قالت : اغمي على رسول اللّه (ص )والدارمملؤة من النسا,
وعندنا عمه العباس بن عبد المطلب فاجمعوا على ان يلدوه فقال العباس : لا الده , فلدوه ((584)) .

ولكن مضمون رواية الصحيحين يفيد بان العباس لم يكن حاضرا وبعد ان لدالنبي (ص ) دخل المجلس
((الا العب اس فانه لم يشهدكم )).

3 ـ مـن الـذي شملته العقوبة : حسب ما نقله الامام احمد بان بعض الصحابة كانوافي المجلس فلدوا
حتى جا دور زوجات النبي (ص ) ((585)) .

ولـكـن هـذا الامام احمد نفسه يروي حديثا آخر بانه لم يكن في المجلس ذاك اليوم سوى زوجات
النبي ولم يلد غيرهن .

عن العباس انه دخل على رسول اللّه (ص )وعنده زوجاته فاستترن منه الا ميمونة ,فقال : لا يبقى في
البيت احد شهد اللد الا لد ((586)) .

فهل يمكن تصور الانسجام بين هذا الحكم ومنزلة النبوة ؟.

اضـف الى ما في نصوص الاحاديث من التناقضات الثلاث التي ذكرناها, هذاالسؤال الذي يطرح على
اصـل الـقـصـة , وانـه هل ان صدور مثل هذا الامر والحكم من رسول اللّه (ص ) يتناسب مع منزلة
الـرسالة والنبوة وشخصية النبي (ص )؟ فظاهر مضامين الاحاديث وصريح منطوق بعضها يدل على
ان هـذا الامـر المؤكد واليمين على لد كل الحاضرين في المجلس والدار هو رد وجزا للعمل بمثله
لقسم رسول اللّه (ص ) عقوبة لهم بماصنعوا ((587)) ويرد على هذا:.

اولا: كما اشرنا اليه آنفا ودلت عليه مضامين بعض الاحاديث ان النبي (ص )عرف موضوع اللد بعد ان
افـاق , فـعـلـى هـذا فلم يكن نهي قبل ارتكابهم هذا العمل حتى تتحقق المخالفة ويجزون عقابا على
ارتكابه .

ثـانـيـا: وعلى فرض قبول الحديث بان الرسول (ص ) كان عالما بانه يلد فاشار اليهم ناهيا اياهم بان
يمتنعوا من ذلك , فعملهم ليس بذنب حتى يعاقبون عليه , ويحق له ان يعاقبهم على مخالفتهم له , لان هذه
المخالفة مبتنية على اعتقادهم بكراهية المريض للدوا وهذه الكراهية للدوا هو داب كل مريض .

وثـالـثـا: لو سلمنا ان الحاضرين في البيت اجمعوا جميعهم على اللد, ولكن المباشرفي اعطا الدوا
لـلـرسـول (ص ) هو واحد لا الجميع لماذا عاقب النبي الجميع بفعل واحد اواثنين منهم ؟ والقرآن
صـريـح فـي قوله : (لا تزر وازرة وزر اخرى ) ((588)) , وهذا النوع من الحكم يشبه الحكم
بـقـصـاص انـاس رضـوا بـالـقتل , فهل من عاقل تسمح له نفسه ان يعاقب من عمل بواجبه الشرعي
والانـسـانـي تـجاهه , فاحسن اليه وانقذه من الموت ؟ فالجواب حتما لا, فكيف بسيد الانبيا وخاتم
الـمـرسـلـيـن الذي وصفه ابن حجر: بانه ما اقتص ولاانتقم من احد حتى من عدوه اذا تعدى على
حقوقه الخاصة ((589)) .

لـقـد بـيـنا في الفصلين السابقين ان الغاية من اختلاق ووضع مثل هذه الاحاديث التي مر ذكرها هي
تزكية اولئك الذين لعنوا على لسان رسول اللّه (ص ) كمن تخلف عن جيش اسامة , وقوله (ص ) : لا
اشـبع اللّه بطنه , فجعلوا لعن النبي اياهم فخرا وتزكية ورفعة لمقامهم ورتبهم وصيروا ذلك اللعن
اعلى رتبة من الدعا والثنا.

واختلقوا قصة تلقيح النخل التي اصدر فيها الرسول (ص ) حكما خطا ثم تدارك خطاه بالندم والتاسف ,
لـيثبتوا اصل الاجتهاد للنبي (ص )وجواز عدم اصابته في اجتهاده ويصححوا شطحات الاخرين بعد
وفاة الرسول (ص ), ومخالفتهم للسنة واصولها على انهامخالفة مجتهد لغيره , ولا باس بهذه المخالفة .

وامـا حديث اللدود فانه وضع توهينا وتطاولا على النبي (ص ) بحيث اصبح بعدذلك ذريعة ووسيلة
بايدي اعدا الاسلام للنيل من الدين , وبناا على هذا فان الدواعي في جعل الحديث كثيرة اهمها اثنان :.

الاول : خلق فضائل لبني العباس : كانت سياسة بني العباس واهتمامهم منكب على تمهيد وسائل الخلافة
سـوا قبل وصولهم للخلافة او بعدها, وهذا الامر يستدعي ان يختلقوا فضائل ومفاخر لذويهم بدوا
من عب اس عم النبي (ص ) حتى آخرهم , حتى ولوكان هذا الوضع يستوجب تحجيم شخصية النبي
والنبوة , كما نراه واضحا في قصة اللدودفسعوا لاثبات فضيلة وكرامة للعباس جدهم , حيث اننا نقرا
فـي جـميع احاديث اللدود مع تظافر التناقضات فيما بينها انها قد اتحدت في مسالة واحدة وهي , ان
ظـاهـرالاحـاديـث الـمروية في هذا الباب تدل على ان كل من كان في البيت من الصحابة وزوجات
النبي (ص ) حتى ميمونة التي كانت صائمة واهل البيت وسبطا الرسول (ع ) قدشملتهم العقوبة , لان
امـيـرالمؤمنين والزهرا والسبطان (ع ) على فرض صحة الحديث كانوافي الدار عند ابيهم رسول
اللّه (ص ), وانـهـم قـد لـدوا كرها وبامر من رسول اللّه (ص )والوحيدالذي لم يلد وكان حاضرا
واستثني من عقوبة الرسول هو العباس بن عبدالمطلب .

الـثـانـي : تـاييد نظرية عمر, الغاية الثانية التي استهدفوها وضاع هذا الحديث المختلق , هي اثبات
وتـاكـيد صحة مقولة الخليفة عمر التي قالها في اللحظات الاخيرة من حياة النبي (ص ) ونسبها اليه
((انـه يهجر)) ((590)) , وارادوا باختلاقهم ذلك تصحيح كلمة عمربان النبي كان يصدر اوامر
في اواخر حياته هذيا ومن دون تعق ل , لانه تارة يقول : لدواالحاضرين في البيت بتلك العجينة المرة
وانـا انـظـر اليهم , وتارة اخرى يقول : ائتوني بكتف ودواة لاكتب لكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا
بعدي .

النقيب وحديث اللدود:.

ومن العلما الذين نفوا صحة حديث اللدود, وحكم عليه بكونه مختلقاوموضوعا هو ابو جعفر النقيب
اسـتـاذ ابـن ابـي الحديد يروي ابن ابي الحديد كلام استاذه مع انه كان مؤيدا للحديث ومخالفا لراي
استاذه فيقول : سالت النقيب ابا جعفر عن حديث اللدود, فقلت : الد علي بن ابي طالب ذلك اليوم .

فقال : معاذ اللّه لو كان لد لذكرت عائشة ذلك فيما تذكره وتنعاه عليه قال : وقدكانت فاطمة حاضرة
في الدار وابناها معها, افتراها لدت ولد الحسن والحسين ؟ ولده من ولده تقربا الى بعض الناس ((591)) .

وامـا الـنتيجة : فهذا الذي قراته هو اسطورة حديث اللدود, وتلك هي التناقضات والاختلافات في
احـاديـث اللدود والاسئلة التي ترد على مضامينها, وقرانا ايضا الغاية من اختلاقهم هذه الاسطورة
الـخـرافـيـة , حـتـى ان واحدا من محققين العامة صمد في مقابل جميع محدثيهم ومؤرخيهم واعلن
اختلاقية وزيف هذه القصة .

ولـمـا كانت هذه الاسطورة الخرافية براي علما الشيعة وفقهائهم موضوعة ومختلقة , وهي مباينة
لـعـقيدتهم في النبوة , لم يروها احد من محدثيهم ومؤرخيهم , بل انهم لم يتصدوا للرد والجواب عن
ذلك , ومروا عليها مرورا غير معتنين بها وتركوها نسيامنسيا خلافا لعلما العامة الذين بذلوا جهودا
كثيفة في اثباتها ((592)) .

7 ـ النبي ونسيانه بعض ايات القرآن .

عـن هـشام , عن ابيه , عن عائشة قالت : سمع النبي (ص ) رجلا يقرا في المسجدفقال (ص ): رحمه اللّه اذكرني كذا وكذا آية اسقطتها في سورة كذا وكذا.

روى هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما ((593)) .

وفي حديث آخر اخرجه الصحيحان ذكرت كلمة انسيتها بدلا عن اسقطتها اي اذكرني تلك الايات
التي انسيتها ((594)) .

وهذا من الاكاذيب الواضحة والصريحة التي لا تتناسب والعقل والقرآن والسنة لان النبي ـ حاشاه ـ
الـذي يـنسى ما يوحى اليه من الايات ولم يستطع ان يحفظ معجزة دينه الخالدة , لا شك انه لا يمكن
الاعتماد عليه والوثوق به في مجال تبليغ الدعوة , بل لم يكن صالحا لتلقي الوحي والرسالة .

ومن هنا يمكننا ان ندرك مدى خطورة هذا الحديث للطعن على اصل النبوة , ولماكانت هذه المسالة من
الـمواضيع الهامة نفى القرآن صريحا صدور اي غفلة ونسيان من النبي (ص ) بقوله : (سنقرئك فلا
تـنسى ) ((595)) فالاية تنفي صحة الحديث وتنكره , وتثبت ان الرسول حف اظ للقرآن وغير نسا
له .

واضـف الـى هـذا ان تـخـريـج مسلم لهذا الحديث في باب الامر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت
وتخريجه حديثا قريبا لمضمون عنوان الباب ((قال رسول اللّه (ص ): بئسماللرجل ان يقول نسيت
سورة كيت وكيت او نسيت آية كيت وكيت ((596)) .

وبنا على هذا فكيف يعقل ان يذم النبي (ص ) احدا على شي وهو متصف به ؟ اويكره عملا للاخرين
ويذمه لهم وهو مبتلى به ؟.

8 ـ النبي يبول واقفا : نبز تهمة .

1 ـ روى الـبـخـاري ومـسـلـم عـن حـذيـفـة قـال : اتى النبي (ص ) سباطة قوم خلف حائطفبال قائما ((597)) .

2 ـ ورويا ايضا عن ابي وائل قال : كان ابو موسى الاشعري يشدد في البول ويقول :ان بني اسرائيل
كـان اذا اصـاب ثـوب احـدهـم قرضه فقال حذيفة : لوددت ان صاحبكم لايشد د هذا التشديد, فلقد
رايـتـني انا ورسول اللّه (ص ) نتماشى , فاتى سباطة , خلف حائطفقام كما يقوم احدكم فبال فانتبذت
منه فاشار الي فجئت فقمت عقبه حتى فرغ ((598)) .

مـؤدى هـاتـين الروايتين اللتين رواهما البخاري ومسلم : ان رسول اللّه ـحاشاه هومثل الاشخاص
السذج الذين آنسوا السنن الجاهلية , ولما يتعرفوا على التعاليم والاداب الاسلامية , وانه كمثل هؤلا
يقف على السباطة خلف الجدران ويبول وهو واقف ((قام رسول اللّه كما يقوم احدكم فبال قائما)).

اعتراف بقبح هذه التهمة :.

انـنا في هذا البحث الموجز نغض النظر عن التحقيق والبحث العلمي حول هذه الفرية التي الصقوها
برسول اللّه (ص ).

ولا اريـد ان اقـول : ان النظافة مسالة فطرية وغريزية مودعة حتى في الحيوانات بحيث تشعر بها
بشعورها الذاتي , وانها تسعى عند البول ان لا تتلوث به .

ولا اريـد ان اقـول : ان النظافة من البول مسالة بديهية يعرفها حتى ابو موسى الاشعري وكان يشدد
فيها.

ولا اريد ان اقول : ان مسالة البول عند بني اسرائيل كما حدثنا ابو موسى كانت مهمة للغاية بحيث انهم
كانوا يقرضون ثيابهم اذا اصابها بول .

انا نغض النظر عن كل هذه المسائل لان قبح المسالة بديهي , حتى ان علما العامة وشراح الصحيحين
اذعنوا لذلك , واعترفوا بكون هذه المسالة ونسبتها الى النبي هي اهانة واستخفاف بشان النبوة , ولذا
عمدوا الى توجيه وتاويل الاحاديث المذكورة , وذكروا لهامعاذير واهية التمسوا عذرا هو اقبح من
الذنب .

اعذار اقبح من الفعل :.

قال شراح صحيحي مسلم والبخاري في تبريرهم لهذين الحديثين :.

1 ـ ان الـعرب كانت تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما, فلعل كان به (ص )وجع الظهر فتاسى بداب
الجاهلية فبال قائما.

2 ـ انه بال قائما لعلة بمابضه اي باطن الركبة بحيث تمنعه من الجلوس .

3 ـ انه لم يجد مكانا للقعود فاضطر الى القيام .

4 ـ البول قائما يحصن الانسان من خروج الحدث من مخرج الغائط, ولكن هذه الحصانة غير مامونة
عـنـد الجلوس , ولذا قال عمر: البول قائما احصن للدبر ((599)) , ولعل النبي بال قائما عملا بهذا
الاحتمال .

5 ـ انه (ص ) كان يبول قائما احيانا لكي يبقى حكمه الجواز.

ذكـر هـذه الـتـبـريـرات الـركـيـكـة شـارحـو صـحـيـحي البخاري ومسلم كابن حجر في
فـتـح الـباري ((600)) , والقسطلاني في ارشاد الساري ((601)) , والنووي ((602)) في شرح
صحيح مسلم نقلا عن الخطابي والبيهقي وغيرهما من اهل السنة .

واضاف السيوطي الى هذه الوجوه وجوها اخرى ((603)) .

لم هذه التوجيهات ؟.

هـذه تـبـريرات مؤيدي البخاري ومسلم وتاويلهم لهاتين الروايتين , وقد عرفت ايها القارئ الكريم
هـزال هـذه التبريرات وخفتها, انها اعذار اقبح من الذنب , وانها لاشام من نفس التهمة التي الصقوها
بالنبي (ص ).

واعـتـقـد ان قبول هذه الاحاديث ثم تبريرها وتاويلها بتاويلات فارغة المعنى وسخيفة لم تكن الا
لعلتين وسببين :.

1 ـ الجهل بمقام النبوة .

2 ـ الاعـتـقـاد الاعـمـى بـصـحة كل حديث اورده البخاري ومسلم في صحيحيهماوكما يروي
الـسـيـوطي : ان الـبول قياما صار عادة اعتاد عليها المسلمون من العامة في مدينة هرات واحيا لهذه
الـسنة المبتدعة , وعدم مخالفتهم لما جا في صحيح البخاري ومسلم , تراهم انهم يستنون بهذه السنة
فكانوا يبولون عن قيام حتى ولو مرة واحدة في كل عام ((604)) .

ونقل لي احد العلما المعاصرين : ان بعض المسلمين من اهل السنة في العراق اليوم , يبولون قياما تاسيا
بهذه الاحاديث الموضوعة .

دحض هذه الاباطيل :.

فـلـو كـان لـهـؤلا ادنـى معرفة بالنبوة والرسالة , ولو انهم فرغوا عقولهم من السذاجة والتعصب
الـمـفرط, وحسن ظنهم الشديد وتعلقهم بالصحيحين , وتاملوا قليلا فيهما لعرفواان هذا الموضوع
الذي لفقوه على النبي (ص ) ليس فقط لا يتلام ومقام النبوة فحسب , بل انه يشين باي فرد من الافراد
ممن له معرفة سطحية بالمعارف الدينية او يكون محترماعند نفسه .

وانـنـا نـرفـض جـميع هذه الروايات الملفقة على النبي (ص ) ولا نقول بصحتها ابدا كمايعتقد بان
الـحـديث الصحيح هو كل ما اخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما بل ناخذبالاحاديث الصحيحة
الـتـي تروي لنا: كنت مع النبي (ص ) في سفر فاتى النبي حاجته فابعدفي المذهب ((605)) , وانه
كان يرتاد لبوله مكانا كما يرتاد منزلا ((606)) .

واننا نقبل الاحاديث التي تقول : مر النبي (ص ) على قبرين فقال : انهما ليعذبان ومايعذبان في كبير ثم
قال : بلى اما احدهما فكان يسعى بالنميمة , واما احدهما فكان لايستتر من بوله ((607)) .

دواعي وضع هذه الاحاديث :.

يـبـدو ان هـنـاك بـين اصحاب النبي (ص ) من ترسخت فيه عادات الجاهلية مثل البول قياما فهو لا
يستطيع ترك هذه العادة السافلة , وحتى لا يكون مشجوبا عند الناس , ولايحط شانه وشخصيته في
الانظار, فلذا تراه يختلق مثل هذه السخافات , ويتهم فيهارسول اللّه بالبول قائما لكي تمكنه ممارسة
هذا العمل القبيح ويقلل من قبح عادته المخزية .

وتتجلى لك حقيقة قولنا اذا راجعت وتمعنت في الروايات المروية في كتب العامة المعتبرة .

اخرج ابن ماجة في سننه : وكان من شان العرب البول قائما ((608)) .

وخرج مالك في الموطا عن عبداللّه بن دينار قال : رايت عبداللّه بن عمر يبول قائما ((609)) .

وحول تبول الخليفة عمر قائما ورد حديثان :.

1 ـ عـن ابـن عمر , عن عمر قال : رآني النبي (ص ) وانا ابول قائما فقال : يا عمر لا تبل قائما, فما
بلت قائما بعده ((610)) .

2 ـ وعن ابن عمر قال عمر: ما بلت قائما مذ اسلمت ((611)) .

ونـجد ان الراوي الوحيد الذي حدث وروى حديثا في البول قائما هو عمر بن الخطاب الذي روى
حديثا وبين فيه الحكمة والفلسفة للبول في حال القيام فقال : البول قائما احفظ للدبر ((612)) .

وعـلى اي حال فان كلام عبداللّه بن دينار في ابن عمر وكذا نفي موضوع التبول في حالة القيام عن
الخليفة عمر بن الخطاب ونسبته الى رسول اللّه (ص ) فلسفة عمر في هذاالموضوع , كل ذلك يدلنا
على ان بين هذه الموارد المذكورة علاقة وثيقة .

والـجـديـر بالذكر ان هذه المسالة قد طرحت بعد وفاة الرسول (ص ) وفي حياة عائشة , وقد دار
الـنـقـاش حوله فبعض نفى نسبتها الى الرسول , والاخر اثبته , واما عائشة فقد التزمت بالدفاع عن
الـرسـول وقامت تفند وتستنكر هذه الاحاديث وتقول : من حدثكم ان النبي (ص ) كان يبول قائما فلا
تـصدقوه , ما كان يبول الا قاعدا ((613)) وقال الترمذي بعد تخريجه لهذا الحديث : حديث عائشة
احسن شي في الباب واصح ((614)) .

ومـن الـذيـن صـادق على صحة رواية عائشة واكدها ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح
البخاري ((615)) .

9 ـ قصة سحر النبي (ص ):.

ومـن مـفـتريات الصحيحين على رسول اللّه (ص ) رواية لم يروها احد سوى عائشة بنت ابي بكر وصارت بعد ذلك ذريعة وحربة بايدي اعدا الاسلام ((616)) للنيل من الاسلام ورسوله , هي قصة
سحر النبي (ص ).

وخلاصة القصة هي : ان الساحر اليهودي لبيد بن الاعصم من بني زريق سحرالنبي (ص ) حتى كان
الرسول (ص ) يتخيل انه يعمل عملا ما, بينما هو لا يعمله , وتارة يتصور انه قد اتى احدى زوجاته
في حين لم يكن هكذا, واليك النص :.

عن عائشة قالت : سحر النبي (ص ) حتى انه يخيل اليه انه يفعل الشي وما فعله ,حتى اذا كان ذات يوم
وهو عندي , دعا اللّه ودعاه ثم قال (ص ): اشعرت يا عائشة ان اللّه قدافتاني فيما استفتيته فيه .

قلت : وما ذاك يا رسول اللّه (ص )؟.

قال (ص ): جاني رجلان فجلس احدهما عند راسي , والاخر عند رجلي , ثم قال احدهما لصاحبه : ما
وجع الرجل ؟.

قال : مطبوب قال : وما طبه ؟ قال : لبيد بن الاعصم اليهودي من بني زريق .

قال : في ماذا؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر.

قال : فاين هو؟ قال : في بئر ذي اروان .

قـال : فذهب النبي (ص ) في اناس من اصحابه الى البئر, فنظر اليها وعليها نخل ,ثم رجع الى عائشة ,
فقال : واللّه لكان ماها نقاعة الحنا, ولكان نخلها رؤوس الشياطين .

قلت : يا رسول اللّه افاخرجته ؟ قال (ص ): لا, اما انا فقد عافاني اللّه وشفاني ,وخشيت ان اثور على
الناس منه شرا, وامر بها فدفنت ((617)) .

رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة , واخرج البخاري حديثا آخر في الموضوع نفسه
عن عائشة انها قالت : سحر الرسول اللّه (ص ) حتى كان يرى ياتي النساولا ياتيهن .

قال سفيان : وهذا اشد ما يكون من السحر اذا كان ((618)) .

اقول : نرجع الجواب والتحقيق في هذه القصة التي وردت في كثير من الكتب التاريخية والتفسيرية ,
وحـتى انها دست احيانا في بعض كتب الشيعة , الى محله واوانه المناسب , واما هنا فنكتفي بما ذكره
احد المحققين المعاصرين في هذا الشان فقال :.

والاحـاديـث المروية حول هذا الموضوع كلها تنص على ان النبى (ص ) قد اثر به السحر الى حد
اصـبح يخيل اليه انه قد صنع الشي وما صنعه , ولازم ذلك ان يكون قد فقدرشده , ومن الجائز عليه
فـي تـلـك الـحالة ان يتخيل انه قد صلى ولم يصل , وان يتخيل شيئايتنافى مع نبوته بل مع انسانيته
فيفعله , وبالرغم من اني قد اخذت على نفسي ان لا اهاجم احدا في هذا الكتاب , ولكني اراني مضطرا
في هذا المورد وارى لزاما علي ان اقول :.


/ 22