اضواء علی الصحیحین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی الصحیحین - نسخه متنی

محمد صادق النجمی؛ مترجم: یحیی کمالی البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ولما كان البحث في السند ذو علاقة وثيقة بموضوع كتابنا, ويعد من البحوث المهمة والرئيسية في علمي الرواية والدراية , وانه افضل واهم ملاك ومعيار في بيان صحة الحديث وعدمه , لزم علينا ان
نـسـتوفي البحث فيه بتفصيل اكثر وتبيين اوفر, مع المراعاة لحجم الكتاب , ورعاية الايجاز, وان
نخصص صفحات قليلة من الكتاب للبحث في هذا الموضوع .

علم الرجال ودراية الحديث :.

مـن الـضـروري قـبل توثيق اي خبر او الحكم بصحته وترتيب الاثر عليه ,الالتفات الى شخصية الراوي والناقل وتقييمه من حيث تحليه بصفات الراوي مثل عدم كونه كذابا ومحرفا ومدلسا, ومدى
الـتـزامـه الديني وتعهده العقائدي ومرتبته الايمانية والتقوائية , لان الراوي اذا كان مؤمنا ومتعهدا
يكون مصونا من الولوج في التدليس والتحريف وارتكاب الكذب .

وهذا الامر من البديهيات التي تتقبلها الفطرة الانسانية والغريزة البشرية , وهذاما دلت عليه القرائن
والشواهد حيث ان البشرية باجمعها في كل العصور والدهورتتلقى الخبر من اي شخص كان تشهد
على صحته القرائن والشواهد, وهذا الامر جارعندهم في كل الامور خاصة في الاخبار التي تمت
الـى الـقـضايا السياسية والتي تتعلق بشؤون الانظمة حيث التحريف والتزوير فيها اكثر من سائر
الامور.

واما لو ان احدا سلك في هذه المجالات مسلك السذج من الاشخاص , ونظرالى كل قائل ومقولة بعين
الـرضـا وتقبلها من دون دليل وسند معتد به لا شك ان مصيره لايؤول الا الى التحير والاضطراب
والاعـتماد على الاخبار الواهية التي لا اصل ولااساس لها سوى الوهم والخيال والركون الى بيت
العنكبوت الواهن .

وقد حذر القرآن الكريم المسلمين من الاعتماد على قول قائل او خبر ناقل لايتحلى بصفة الايمان
والـعـدالـة وحـذرهـم ايضا عواقب هذه الوثاقة الساذجة الخطيرة ,وامرهم بالفحص والتبين في
اخـبـارهـم فـقـال عزوجل : (يا ايها الذين آمنوا ان جاكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ((193)) .

وهذا الامر بالتثبت والتبين في الاخبار والذي يرتكز على الفطرة الانسانية والتعاليم الاسلامية كان
سببا في تاسيس علمي الرجال والدراية وتاريخ نشاتهما موازلتاريخ نشاة علم الحديث حيث ان الاول
عـلـم الرجال يتكفل الفحص عن احوال رواة الحديث ودراستها, والثاني علم دراية الحديث يتصدى
لدراسة الشروط التي يجب تحققها في الرواة وشرائط متن الحديث .

وبرز في هذين العلمين محققون وعلما بارعون من الشيعة والسنة وتخصصوافيها والفوا كتبا قيمة .

وقـد ذكـر عـلـمـا درايـة الحديث شروطا خاصة يجب توفرها في الرواة , ممايكشف عن اهمية
الـمـوضـوع الذي نتطرق اليه صفة الايمان في راوي الحديث ولذلك تراهم يعدون المتهم بالنسيان
وضـعـف الـذاكرة من المردودين والضعفا ولم يقبلواحديثه وروايته وان توفرت فيه صفتا العدالة
والوثاقة .

الايمان شرط قبول الحديث :.

كما ذكرنا آنفا ان احد الشروط الرئيسية في قبول الحديث والاعتماد عليه هوتوفر شرط الايمان في راويه والاطمئنان من عدم كذبه وانحرافه .

بـيـنـمـا نـجد وبالاستناد الى الادلة القطعية ان بعض رواة احاديث الصحيحين لم يكونوا مستقيمي
الايمان , وقد ثبت بالبراهين التاريخية , والشواهد القويمة التي لاريب فيها انحرافهم وعدم وثاقتهم
.

وان بعض رواتهما كانوا مشهورين بالعدا لعلى (ع ) وهذا الامر هو من ابرزصفاتهم , واضف الى ذلك
انهم كانوا من وضاعي الحديث الذين كذبوا على رسول اللّه (ص ).

تناقض هذه الصفات مع الايمان :.

ومـن الـواضـح انـه لـو كانت واحدة من هذه الصفات المذكورة موجودة في شخص ما لاسقطته من الاعتماد عليه , ولم تكن لخبره اية قيمة واعتبار, لان هذه الصفات لن تجتمع ابدا مع الايمان الصحيح
فـي قـلـب الـمـؤمـن وحـسـب ما نراه ان عدم اجتماع وضع الحديث والكذب مع الايمان من اوضح
الـواضحات , وكذا عدم الوثوق بقول من يتصف بهذه الصفات امر فطري وحسي لذلك لا نرى انفسنا
ملزمين باراة دليل على هذا,ونكتفي اولا بذكر بعض الاحاديث التي تشير الى التناقض الموجود بين
الايمان وعداوة الامام على (ع ), وثم نتطرق الى دراسة بعض رواة الصحيحين :.

1 ـ قال رسول اللّه (ص ): آية الايمان حب الانصار, وآية النفاق بغض الانصار ((194)) .

2 ـ وقال (ص ): سباب المسلم فسوق , وقتاله كفر ((195)) .

3 ـ وقـال امير المؤمنين (ع ): والذي فلق الحبة , وبرا النسمة انه لعهد النبى الامي (ص ) الي : ان لا
يحبني الا مؤمن , ولا يبغضني الا منافق ((196)) .

تقييم ايمان بعض رواة الصحيحين :.

لـو امـعـنـا النظر في مضامين هذه الاحاديث التي نقلناها عن الصحيحين , وانتبهناالى المسائل التي ذكـرنـاها حول الايمان والاعتقاد واهمية الصدق والوثاقة في الراوي لتمكن المطالع الحر ان يقيم
رواة احاديث الصحيحين وخاصة اولئك الذين سوف نتطرق الى ذكرهم , ومن ثم يحكم بصحة بعض
ما رواه البخاري ومسلم من الاحاديث او عدم صحته .

وقد عرفنا ولاحظنا آنفا ان محبة الانصار والامام على (ع ) تعد معيارا وميزاناللايمان , وعداوتهم
وبغضهم علامة النفاق , وكذا عرفنا من مضامين تلك الاحاديث ان محاربة المسلم ومقاتلته كفر والحاد
وخـروج عن دائرة الايمان وقد قال بعض المحق قين الرجاليين : ان بعض رواة الصحيحين لم يكن
في عداد الذين ثبت الايمان في قلوبهم , وكذا قال المؤرخون ان بين رواة احاديثهما كذابين وممن لا
يوثق به .

وكـذلـك نـرى ان عدد من اشتهر بعداوة الامام علي (ع ) من بين رواة صحيح البخاري ومسلم ليس
بقليل .

وحـتـى ان ابن حجر الذي عرف بالتساهل والاغماض عن كشف الحقيقة عما هوموجود في بعض
اسناد احاديث البخاري ومتونها, لم يسعه احيانا الا ان يزيل حجب العصبية والتعنت عن نفسه ويكشف
عـن بعض الحقائق , فلذا تراه عندما ياتي بذكراسما الرواة الذين ضعفهم وجرحهم السلف من العلما
يقول : بانهم كانوا من النواصب واعدا الامام على (ع ) ((197)) .

وبـهـذا الـصدد قال شيخ المعتزلة ابو جعفر الاسكافي : ان معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من
الـتـابعين على رواية اخبار قبيحة في على (ع ) تقتضي الطعن فيه والبراة منه , وجعل لهم على ذلك
جـعـلا فـي مـثله فاختلقوا ما ارضاه , منهم ابو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة , ومن
التابعين عروة بن الزبير ((198)) .

ويـلاحـظ الـقارئ المنصف ان هؤلا الذين عدهم الاسكافي اعضا في مؤسسة معاوية لوضع الحديث
كانوا ممن روى عنهم البخاري ومسلم احاديث كثيرة .

وقـد اشـرنـا فـيـما مر الى اقوال بعض العلما, مثل : ابن حجر, ابي زرعة , النووي ,واحمد امين ,
وغـيـرهـم ممن قدح في رجال الصحيحين وانتقدهما ((199)) , ولا نرى لزاما ان نكرر ما سبق
ذكره او نشير الى بقية الاقوال الدالة على ضعف بعض رجال الصحيحين ونستدل بها على ذلك .

للاستشهاد على ما ذكرناه , نشير الى ترجمة بعضهم معتمدين فقط على الناحية الايمانية , لعل يكون
هذا بابا ومعيارا لمعرفة آخرين غيرهم من الرواة .

1 ـ ابـو هـريـرة : اخـرج الـصحيحان عنه احاديث كثيرة وهائلة , وقد ضبطالجهابذة من الحفاظ
احـاديـثـه فكانت خمسة الاف وثلاثمائة واربعة وسبعين (5374)مسندا, وله في البخاري فق
ط اربعمائة وستة واربعين (446) حديثا ((200)) .

وابـو هـريرة هو ممن اشتهر بكثرة رواية الحديث عن رسول اللّه (ص ) بل حازالرتبة الاولى في
ذلك , وتظهر لك كثافة ما رواه اذا قيس بالاحاديث التي رويت عن الخلفا الراشدين في الكتب ومسانيد
اهل السنة , والتي بلغ مجموعها الفا واربعمائة واحد عشرة (1411) حديثا وهذه النسبة هي اقل من
سبعة وعشرين في المائة (27%)من مجموع الاحاديث التي رويت عن ابي هريرة .

فـهـو يـنـحـدر من اصل يماني , هاجر الى المدينة بعد فتح خيبر السنة السابعة من الهجرة فاظهر
اسلامه بها, وقد صرح هو بنفسه ان مصاحبته للنبى (ص ) لم تتجاوز ثلاث سنوات ((201)) .

كان ابو هريرة من اعوان معاوية واصحابه ومن اعضا مؤسسته لوضع الحديث ,وهو من جملة اولئك
الـذين رووا المطاعن في الامام على (ع ) واهل بيته (ع ), وحكواالفضائل والمناقب لمعاوية والخلفا
الثلاثة ((202)) .

وكان ابو هريرة من الذين اتهموا في زمانه بالكذب واكثار الحديث , ولكنه كان يتدارك التهم ويبرئ
نفسه منها في كل فرصة تسنح له ((203)) .

كـيـس ابـي هريرة : حينما كان يعلم ابو هريرة بان كذبه قد كشف وفشا كان يتدارك الموقف ضمن
اعـتـرافـه بالكذب ويسد باب النقد والاعتراض امام الاخرين , ويخرج نفسه من ورطة الاتهامات
والاستنكارات .

اخـرج البخاري في صحيحه حديثا عن ابي هريرة , جا في آخره ما يلفت النظر, وذلك لما سئل ابو
هريرة : هل سمعت هذا من رسول اللّه (ص )؟ قال : لا, هذا من كيس ابي هريرة .

واصل الحديث هو ان ابا هريرة نقل خبرا عن رسول اللّه (ص ) فتعجب السامعون واندهشوا مما جا
فـي آخـر حـديثه , فسالوه : هل سمعت هذا من رسول اللّه (ص ) يا اباهريرة ؟ فتحير ابو هريرة ,
وكشف ما كان يبطنه من الحقيقة التي كان يستند اليها دائما,ولذلك قال في جوابهم : لا, هذا من كيس
ابي هريرة ((204)) .

وقـد كتب في تاريخ حياة ابي هريرة وترجمته وتعريف شخصيته الدينية والاجتماعية وعضويته
في مؤسسة معاوية لوضع الحديث كتب متعددة وقيمة ((205)) .

2 ـ ابـو مـوسـى الاشـعـري : هـو احد رجال الصحيحين وقد ذكر له حفاظ اهل السنة واصحاب
التراجم ـ حسب ما تقتضيه عادتهم ـ الكثير من المناقب والفضائل ((206)) .

ونقل البخاري عنه في صحيحه سبعة وخمسين (57) حديثا ((207)) .

وكان ابو موسى الاشعري من الد مبغضي الامام على (ع ) واكثرهم عدا, وهوراس الفئة التي اشعلت
نيران الفتن التي قصمت شوكة الاسلام , وكان امير المؤمنين علي (ع ) يلعنه في صلاته ((208)) .

وقال ابن قتيبة : ان امير المؤمنين على (ع ) لما نزل قريبا من الكوفة , بعث عمار بن ياسر ومحمد بن
ابي بكر الى ابي موسى الاشعري , وكان ابو موسى عاملا لعثمان على الكوفة , فبعثهما علي (ع ) اليه
والـى اهل الكوفة يستفزهم , فلما قدما عليه قام عمار بن ياسر ومحمد بن ابي بكر فدعوا الناس الى
النصرة لعلي (ع ), فلما امسوا دخل رجال من اهل الكوفة على ابي موسى , فقالوا: ما ترى , انخرج مع
هـذيـن الرجلين الى صاحبهما؟فقال ابو موسى : اما سبيل الاخرة ففي ان تلزموا بيوتكم , واما سبيل
الدنيا فالخروج مع من اتاكم , فاطاعوه , فتباطا الناس على على (ع ).

فقد كان لكلام ابي موسى الاشعري صاحب المنزلة والمقام في الكوفة من الاثرالسي ما ثبط عزيمة
شيوخ القبائل الكوفية وشخصياتها عن نصرة الامام علي (ع ).

وذكـر ابـن قـتـيـبة بعد هذا الكلام الحديث الذي دار بين ابي موسى من جهة وبين عمار بن ياسر
ومـحـمـد بـن ابي بكر من جهة اخرى , ثم ذكر خطبة ابي موسى الاشعري على منبر الكوفة التي
عـرف بـها نفاقه وتزلزله في معرفة الحق , وتمييزه الحق من الباطل وفساد عقيدته وانحرافه عن
الامام على (ع ) وكلامه هذا ان دل على شي فانما يدل على خمول ابي موسى الفكري بحيث لا يمكنه
التمييز بين الحق والباطل , وانه من جملة اولئك الذين قال اللّه في وصفهم : (جحدوا بها واستيقنتها
انفسهم ظلما) ((209)) .

فـكـانت خطبته في مخالفة الامام على (ع ) وتثبيطه الناس عن القتال الى جانب علي (ع ) بمثابة زرع
بـذور النفاق بين شيوخ القبائل ورؤسا الكوفة وشخصياتها والتي اينعت ثمارها في ما بعد في حرب
صفين وغيرها.

وكان ابو موسى معتقدا باولوية عبداللّه بن عمر وافضليته للخلافة ولم يكن يعدل به احدا, وانه هو
الذي خلع الامام على (ع ) عن الخلافة يوم التحكيم ((210)) .

3 ـ عـمرو بن العاص بن وائل : هو احد رجال الصحيحين , وعداؤه للامام على (ع ) ليس بخفي على
احد ممن له ادنى معرفة بالتاريخ وقضاياه .

ومما يشهد على هذا العدا الدفين , صفحات حياة عمرو بن العاص المليئة بالخزي والعار, ومشاركته
في المؤسسة الاموية مع الشرذمة التي نصبها معاوية لجعل الحديث , واشتراكه في واقعة صفين الى
جـانـب معاوية , هذه الحروب والوقائع الدامية التي تلت صفين كلها كانت من خططه ـ التي رسمها ـ
واحتياله المعروف , مثل قضية التحكيم ورفع المصاحف على الرماح في صفين التي آلت فيما بعد ذلك
الـى الـجـريمة العظمى التي كسرت شوكة الدين وهزت اركانه وثلمت في الاسلام ثلمة ما سدها
شي يعني استشهاد امير المؤمنين علي (ع ).

وانـه سـلك في عدائه لامير المؤمنين (ع ) نفس المسلك الذي سلكه ابيه بالتبني عاص بن وائل ذلك
الـعـدو اللدود للنبي محمد(ص ), والذي انزل اللّه تعالى فيه سورة الكوثر ردا بشننه للنبي (ص ),
وعيره القرآن بالابترية , وعمرو كذلك كان خصما لدودالعلي (ع ) بحيث لم يتهاون في عداوته عن
اتخاذ اي وسيلة في سبيل ذلك .

ولما كان نقل مطاعنه وكتابة مثالبه التي نقلها المؤرخون واصحاب التراجم وعلما الرجال بحاجة الى
كـتاب مستقل ((211)) , وهو مما يؤدي الى الاطالة والخروج عن نطاق هذا الكتاب , اكتفينا بذكر
كـلام لـلامام على (ع ) بشان عمرو حتى يتجلى لنا كذبه وافتراه وبهتانه على امير المؤمنين الامام
على (ع ) وهذا الكلام العلوي يبدو وكانه لافتة تكشف لنا شخصية ابن العاص الدينية ودرجة اعتقاده
ويبين مدى اهمية احاديثه التي اخرجها له الصحيحان وسماها بالصحيح .

قـال امير المؤمنين الامام على (ع ): عجبا لابن النابغة ام عمرو كانت معروفة في الجاهلية انها ذات
رايـة حـمرا يزعم لاهل الشام ان في دعابة واني امر تلعابة اعافس وامارس , لقد قال باطلا ونطق
آثما, اما وشر القول الكذب , وانه ليقول فيكذب , ويعدفيخلف , ويسال فيبخل , ويسال فيلحف , ويخون
العهد, ويقطع الال , فاذا كان عندالحرب , فاي زاجر وآمرهو ذلـك كان اكبرمكيدته ان يمنح القرم سبته , اما واللّه اني ليمنعني من اللعب ذكر الموت , وانه ليمنعه
مـن قـول الـحق نسيان الاخرة , انه لم يبايع معاوية حتى شرط ان يؤتيه آتية , ويرضخ له على ترك
الدين رضيخة ((212)) .

هذا بيان الحق عن عقيدة عمرو بن العاص واخلاقه , وهو من اولئك الذين كان الامام على (ع ) يلعنهم
كل صباح ومسا ((213)) .

4 ـ عـبـداللّه بـن الـزبـير بن العوام : هو الاخر من رواة الحديث عند اهل السنة , وهومن رجال
الـصـحـيحين , ونقل عنه البخاري في صحيحه عشرة احاديث , وكان من الخوارج والنواصب الالدا
الـذيـن نـصـبوا العدا والبغض للامام على (ع ), وقد تصدى للامامة في الصلاة في يوم الجمل رغم
حضور ابيه الزبير وطلحة ((214)) .

وتنص بعض النصوص على ان عبداللّه هو الذي حرض اباه الزبير على ان يعادي عليا(ع ) قال الامام
على (ع ): ما زال الزبير منا اهل البيت حتى شب ابنه عبداللّه ((215)) .

وقـد نص بعضها الاخر على انه (ع ) حينما التقى بالزبير قبل واقعة الجمل قال له :قد كنا نعدك من
بني عبدالمطلب حتى بلغ ابنك ابن السؤ عبداللّه ففرق بيننا وبينك ((216)) .

وفـي يـوم الـجمل لما انتهى جيش عائشة الى ما الحواب ومعهم عائشة نبحتهاكلاب الحواب فقالت
لمحمد بن طلحة : اي ما هذا؟ قال : هذا ما الحواب فقالت : مااراني الا راجعة قال : ولم ؟ قالت : سمعت
رسـول اللّه (ص ) يـقـول لـنسائه : كاني باحداكن قدنبحتها كلاب الحواب , واياك ان تكوني انت يا
حميرا عائشة .

فـقـال لـهـا مـحمد بن طلحة : تقدمي رحمك اللّه ودعي هذا القول اي لا تكوني مفرقة الجمع واتى
عبداللّه بن الزبير فحلف لها باللّه لقد خلفتيه اول الليل واتاها ببينة زور من الاعراب خمسين رجلا
فشهدوا بذلك فزعموا انها اول شهادة زور شهد بها في الاسلام ((217)) .

روى الـواقـدي وابـن الـكـلبي وغيرهما من رواة السير والمؤرخين , انه قد ادى عدا ابن الزبير
لـعـلي (ع ) الى حد انه ما كان يترك فرصة الا واغتنمها حتى ينال من الامام على (ع ) ويشفي غيظه ,
وانـه مكث ايام خلافته اربعين جمعة لم يصل فيها على الرسول الكريم (ص ) حتى ان اعترض عليه
بعض الناس وانتقدوه لتركه الصلاة على محمد(ص ).

فـقـال ابـن الزبير في جوابهم : اني لا يمنعني من ذكر النبى (ص ) الا انه كان له عشيرة لا اريد ان
يرفعوا رؤوسهم لذكر النبي (ص ) واني لا اريد ان تشمخ رجال من عشيرته (ص )بنافها ((218)) .

5 ـ عـمـران بـن حـطـان : احد قادة الخوارج وزعمائهم واحد فقهائهم وخطبائهم ,وهو من رواة
الحديث عند السنة , ومن رجال الصحيحين , وروى عنه البخاري في صحيحه .

وقـد بلغ بغضه وعداوته لعلى (ع ) ان يمتدح ابن ملجم في قصيدة له و يثني عليه فيها, ويعتبر قتله
للامام على (ع ) وسيلة تقربه الى الرضوان ودخول الجنة .

ويـزعـم ان الـجناية العظمى التي ارتكبها ابن ملجم عندما قتل الامام علي (ع )تفوق عند اللّه تعالى
اعمال الثقلين الجن والانس , وكفة ميزان ابن ملجم ترجح الاعمال الحسنة لكافة الناس .

وقال في قصيدته :.

يا ضربة من تقى ما اراد بها ـــــ الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا.

اني لاذكره حينا فاحسبه ـــــ اوفى البرية عند الرحمن ميزانا ((219)) .

هـذه كـانـت خلاصة الوجهة الدينية الحقيقية لبعض رجال الصحيحين الذين اخرج عنهم واشباههم
الـبـخـاري ومـسـلم في صحيحيهما احاديث مختلفة , وارجو من القارئ المنصف ان يعيد مطالعة ما
اوردنـاه من ترجمة من ذكرناهم من رجال الصحيحين , ومن ثم يحكم ويبدي رايه بالنسبة الى صحة
كل الاحاديث المروية في الصحيحين .

ايـهـا الـقـارئ الـكريم بعد دراستك الصفحات السابقة من هذا الكتاب ارفع عن نفسك الملل وحجب
العصبية والتعصبات وتحريف الحقائق , حتى تتجلى لك عياناحقيقة ادعا بعض علما اهل السنة , امثال :

ابـو الـحـسـن المقدسي الذي يقول : الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح البخاري ومسلم هذا جاز
القنطرة يعني لا يلتفت الى ماقيل فيه ((220)) .

الدليل الثاني : البخاري ومسلم والطائفية الافراطية .

6 و7 الـبـخاري ومسلم : ومما يدل على عدم الوثوق بالصحيحين وعدم اعتبارصحة جميع ما ورد فـيهما, هو التطرف الطائفي المفرط والتعصب الشديد لدى مؤلفيهماوتعنتهما تجاه الحق , وكان هذا
التطرف قد اعترى البخاري اشد واكثر من مسلم .

فـكـما ان الحب المفرط والبغض الافراطي يعرقل مسيرة الانسان في كشف الحقائق , ويعمي العين
عـن مشاهدة الحقيقة ويصم الاذان عن سماعها, ومثلما قيل :حبك للشي يعمي ويصم فكذلك العصبية
والـتطرف الطائفي تمنعان الانسان عن درك الحقيقة واظهار الحق , وتسوقانه الى التعتيم على الحق
وتـغـطـيـته وتزويره للواقع ,وتزييفه الباطل بلباس الحق , وهذه العصبية هي اصل الحب والبغض
وجـذورهـمـا وهـي الـتـي اوجدتهما وتعد من اسبابهماالرئيسية , وقد ابتلي البخاري ومسلم بهذه
الخصيصة والرذيلة ابتلاا شديدا.

واما الشواهد على ذلك :.

الصحيحان وفضائل الامام علي (ع ):.

انك ترى في البخاري ومسلم وصحيحيهما هذه العصبية المفرطة عندما تقراكتابيهما وتلاحظ انهما لما يواجهان فضيلة مشهورة ومنقبة مهمة من مناقب اميرالمؤمنين على (ع ) وفيها دلالة صريحة على
افضليته لامر الخلافة , وتقدمه على الاخرين فانهما يبادران الى تعتيمها وهذه المناقب والفضائل قد
ورد ذكـرهـا فـي سـائرالـصـحـاح الـستة والمدارك المعتبرة لدى اهل السنة , وهي من يقينيات
الـحـوادث التاريخية ومسلماتها, وهي مما اجمع عليه علما السنة والشيعة , مثل : حديث الغدير,آية
الـتطهير, حديث الطائر المشوي , حديث سد الابواب , وحديث انا مدينة العلم وعلي بابها ((221))
وقد روى كل واحدة من هذه الفضائل والمناقب عشرات الصحابة واثبتهاعلما اهل السنة في كتبهم
المعتبرة ((222)) الا ان البخاري الذي لم يرض ان ينقل هذه المناقب المسلمة واليقينية ويخصص
لـهـا بـابا خاصا في صحيحه فحسب , بل افرد باباخاصا في فضائل معاوية , وحيث انه لم يعثر على
منقبة لمعاوية رويت على لسان رسول اللّه (ص ) حقا, يروي حديثين عن حبر الامة ابن عباس جا في
اولاهـمـا انـه مـدح مـعاوية لصحبته لرسول اللّه (ص ), وجا في ثانيهما مدحا لمعاوية بكونه فقيها
وعالما ((223)) .

والـعـجـب كل العجب ممن يريد ان يصنف كتابا جامعا يلم فيه بما ورد من احاديث رسول اللّه (ص ),
ويـكتب تفسيرا للقرآن , ويؤلف كتابا في التاريخ , ولا يدع مدحا وثناا من صحابي بحق صحابي آخر
(مـعاوية ) الا واورده فيها, وذلك اداللامانة , كيف تسمح له نفسه بالاغماض عن واقعة ذات اهمية
تاريخية كحديث الغديراو حديث ((انا مدينة العلم وعلي بابها))؟ ولا يخفى انه ليس لهذا التغاضي والتجاهل من قبل البخاري سبب الا التعتيم على مناقب امير المؤمنين
الامام على (ع ), واخفا الحقائق الواقعية .

ولا يـخـفى ايضا ان هدف البخاري ومسلم كاتبي الصحيحين الذين ارادابطريقتهما هذه في التدوين
اخـفا المسائل التاريخية المهمة حتى لا يعرف من ياتي بعدهما شيئا عن تلك الحقائق , ولم يدر من هو
الاولى من الصحابة بالتصدي للخلافة ,وهل ان الرسول الاكرم (ص ) نص بالخلافة من بعده لاحد ام
لا؟.

والجدير بالذكر انهما قد نجحا في غايتهما هذه الى حد ما, وكسبا النتيجة المتوخاة , وخاصة عندما
نقرا ما اورده ابن تيمية في رده لحديث الغدير.

واما قوله : من كنت مولاه فعلى مولاه فليس هو في الصحاح , لكن هو مما رواه العلما وتنازع الناس في
صحته ((224)) .

افترا مسلم على الشيعة :.

ومن ثمار شجرة العصبية الخبيثة المرة , ومن آثارها المخزية , ما اورده مسلم في مقدمة صحيحه من الـبـهتان والافترا على الشيعة , فهو عندما يتطرق الى الاحاديث الموضوعة والمخالفة للواقع يقول
بـكل صلافة : ان من الاحاديث الموضوعة ما ترويه الشيعة الرافضة عن الامام على (ع ): ان عليا في
السحاب .

واقـول : ان احـاديـث الشيعة قد دونت منذ عهد الرسول (ص ), وعقائدهم قد ملات كتبهم الكلامية
بـنحو واف وكاف , وان المكتبات لمعمورة بكتبهم , فهل ترى في كتاب واحد مثلا حديثا واحدا يدل
عـلى ما بهته مسلم على الشيعة ؟ الم تكن عقيدة الشيعة ومحدثيهم ومؤرخيهم بان الامام على (ع ) قد
قتل في محراب مسجد الكوفة بسيف اشقى الناس عبدالرحمن بن ملجم المرادي ودفن في الغري ؟.

ولا غرو ان يحتوي صحيح البخاري وصحيح مسلم على مثل هذه الاحاديث الموضوعة التي لا اصل
لها ـ كالحديث المذكور ـ , وهذه هي المسائل التي تسمى عنداهل السنة بالصحيحة , والتي طفحت
في المجتمع الاسلامي واتخذها اهل السنة ذريعة للتهجم والمؤاخذة على الاخرين .

ولكن ما هي القصة المذكورة , ومن اين نشات ؟.

ورد في المصادر التاريخية ان النبي (ص ) كانت عنده عمامة تسمى السحاب ,فوهبها يوم غدير خم
لـعلى (ع ) كرامة له , فكان ربما طلع عليه علي (ع ) بتلك العمامة فيقول (ص ) وهو فرح : اتاكم علي
فـي السحاب وسعد شيعة على (ع ) بتلك المفخرة وكانوايرددون قول النبي (ص ): جا علي (ع ) في
السحاب ((225)) .

الا ان مـسـلـم اعرض عن ذكر اصل الحديث وابى عن سرد القصة الحقيقية ,واكتفى بذكر حديث
موضوع على النحو الذي ذكرناه ونسبه الى الشيعة
بين البخاري والامام الصادق (ع ).

بـيـنـا سـابقا في مبحث رجال الصحيحين انهما نقلا احاديث عن بعض الرواة الذين هم من الخوارج والـنواصب , وخاصة الذين ثبتت عداوتهم ومنابذتهم لاهل البيت (ع ) بنحو القطع , واختص البخاري
فـي النقل عن عمران بن حطان , وهو من زعماالخوارج ومن فقهائهم ومتكلميهم وخطبائهم , ونرى
ان ايـمان البخاري وتقواه : قد اجازاله ان يروي عن هؤلا المعلومي الحال ولم يسمحا له من ان ينقل
ولو حديثا واحدا عن الامام الصادق (ع ).

ويتجلى لك هذا الامر اكثر وضوحا, ويرتفع الحجاب عن العصبية الطائفية التي كانت عند البخاري
عـنـدمـا تـتـمعن في الحقائق التاريخية والاجتماعية , وتدرس شخصية كل من الامام الصادق (ع )
والبخاري اذ:.

1 ـ ان عـهـد البخاري كان يقارب عهد الامام الصادق (ع ) وانه قد توفي بعد الامام بقرن واحد, لان
الامام الصادق (ع ) توفي سنة 148 ه وتوفي البخاري سنة 256 ه.

2 ـ كـانـت الـمـدينة المنورة مركزا لتدريس الامام الصادق (ع ) وقد استوطنهاالبخاري مدة ست
سـنـوات ياخذ من علمائها الحديث , وقد تكررت رحلاته الى مركزالتشيع يومذاك بغداد والكوفة
بـحـيـث نسي عددها لكثرتها ((226)) , وكانت الحجاز والعراق في ذاك العصر غاصتان باصحاب
الامـام الـصـادق (ع ) بحيث يصعب احصاهم , وكان صيت الامام الصادق (ع ) وشهرته قد فاقت ارجا
الـعـالـم الاسلامي يومذاك حتى ان علما اهل السنة في ذاك العهد قد سمعوا بها, ولم يكن بوسع احد
يدعي الفقاهة والرواية ان يقول انه لم يسمع عن مقام الامام (ع ) العلمي .

3 ـ ان البخاري خرج احاديث عمن اخذوا العلم عن الامام الصادق (ع ) مثل عبدالوهاب الثقفي , حاتم
بـن اسماعيل , مالك بن انس , ووهب بن منبه , وهؤلا هم من مشايخ البخاري في الحديث ((227)) ,
ولكن البخاري ابى ان يروي تلك الاحاديث التي رواها هؤلا المشايخ عن الامام الصادق (ع )
تبرير ابن تيمية :.

وامـا بـالنسبة الى عدم رواية البخاري الحديث عن الامام الصادق (ع ) وقدكان معاصرا له (ع ), فقد برر ابن تيمية ذلك قائلا: وقد استراب البخاري في بعض حديثه الامام جعفر بن محمد الصادق (ع )
لما بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام ((228)) .

ذكر ابن تيمية هذا التبرير في لفافة واكتفى فيه بكلام من يحيى بن سعيد.

اقـول : فـلو كان الامام الصادق (ع ) رجلا مجهولا في فضله وتقواه وعلمه , اوان البخاري الذي كان
عـلـيـمـا بـالرجال وتراجمهم البخاري في عمله هذا ولم نعتبره انسانا متعصبا ومتطرفاتجاه اهل البيت (ع ) ولكن الحقائق والواقع
ينفيان كل هذه الاحتمالات والتبريرات ويثبتان تعصب البخاري وتطرفه الطائفي الشديد تجاه الامام
الصادق (ع ).

والـحـال ان شـخـصية الامام الصادق (ع ) لم تكن دانية وضعيفة في مرتبتها حتى تضمحل وتتهاوى
بمجرد قول احد او جرح آخر اياه , وتسقط قيمتها العلمية والمعنوية بادنى كتمان .

ومـن جـهة اخرى ان البخاري كان ذا مهارة تامة , واطلاع كاف , ومتخصصا في فن الرجال كتابه ((التاريخ )) لمعرفة الرجال والرواة كما قال هو: قل اسم في التاريخ الا وله عندي قصة , الا
اني كرهت تطويل الكتاب التاريخ ((229)) .

وبـنـا عـلـى مـا ذكـرنـا فـهل يمكن ان يكون هناك سببا آخر غير عناد البخاري وعداوته للامام
الصادق (ع )؟ حيث انه لم ينقل عنه حتى حديثا واحدا وهل يمكن تفسير اعراضه عن اهل البيت (ع )
سوى منابذته وخصومته لهم (ع )؟.

عدا عريق وظاهر
يـتـحتم علي ان الفت نظر القارئ المنصف الى حقيقة اخرى غير التي ذكرناهاسابقا لينكشف تعصب البخاري ومسلم ونصبهما العداوة لال بيت رسول اللّه (ص ) اكثرويعلم ايضا ان تبرير ابن تيمية عن
تصرف البخاري وموقفه تجاه اهل البيت (ع ) لم يكن في محله .

يـتضح لمن يراجع هذين الكتابين ويتمعن فيهما بدقة ان مؤلفي الصحيحين اللذين خرجا الحديث عن
اكـثـر مـن الـفـين واربعمائة (2400) راو ((230)) , وان كثيرا من هؤلا الرواة كانوا نواصب
وخـصـمـا اهـل الـبيت (ع ) ((231)) , او انهم مجهولون , فعلى هذاان البخاري ومسلم لم ترض
انفسهما في ان يخر جا حتى حديثا واحدا عن عترة النبي وآله (ص ), ولو نقلا عنهم حديثا لا ياتيان
الا بـاكـاذيب واحاديث موضوعة عليهم مماتمس العترة (ع ) بالسؤ, ولكي تكون هذه الاكاذيب اكثر
تـاثيرا وتقبلا عند اتباعهماينسبانها الى آل الرسول (ص ), ولذلك نرى البخاري ومسلم يرويان عن
سـتـة وعـشـريـن رجـلا يـسمون بالحسن , وثلاثة وعشرين راو باسم موسى , وتسعة وثلاثين
مـحـدثـامـعـروفـيـن بـاسـم عـلـى , ولم يكن بينهم ذكر عن اسم الامام الحسن المجتبى ريحانة
رسـول اللّه (ص ), او اشـارة الـى اسـم مـوسـى بـن جـعـفـر حـفـيـد الـنـبـي (ص ), او اسما
لـحـفـيدالنبي (ص )على بن موسى الرضا(ع ) الذي كان علمه وفضله موضع اجلال وتكريم المحب
والمبغض له ((232)) .

نعم , ان مسلم والبخاري لم يخرجا حتى حديثا واحدا عن احد من اهل البيت (ع ), مثل : الامام الحسن
الـمـجـتـبى , والامام موسى بن جعفر, والامام على بن موسى الرضا, والامام محمد الجواد, والامام
الـهادي , وخاصة الامام الحسن العسكري (ع ) الذي كان معاصرا للبخاري ((233)) كذلك لم يرويا
حـديثا واحدا عن احد من ابنائهم , مثل : زيد بن على بن الحسين الشهيد, والحسن بن الحسن المثنى ,
والـعـشـرات مـن ابـنـا ائمـة اهـل الـبـيـت (ع ) الـذيـن كـانوا رواة الحديث واصحاب مصنفات
في الحديث ((234)) .

ولـكـن الـفريدة الوحيدة التي صدرت عن البخاري ومسلم في نقلهما الحديث عن اهل البيت (ع ) هي
انـهـما نقلا رواية مختلقة ومزيفة نسباها الى الامام زين العابدين (ع ) على انه قال : ان اميرالمؤمنين
علي وفاطمة (ع ) لم يكونا يستيقظان للصلاة ,وكان النبي يوقظهما فـاجـابـه الـنبي بية (وكان الانسان اكثر شي جدلا) ((235)) تقريعا لعلي وكذا نسبا اليه حديثا
مزورا يذكر فيه قصة شرب حمزة للخمر وتعاطيه اياه ((236)) .

ويـبـدو ان الـبـخـاري ومسلم لم يجدا احاديث نقلت عن آل الرسول (ع ) غير هذين الحديثين لكي
يـخـرجـاهما في صحيحيهما, وكانما لم ينقل عنهم اي مسالة علمية وشرعية , الا ما نقله البخاري
ومـسـلـم مـن ان اخا الرسول (ص )الامام على وبضعته وفلذة كبده فاطمة الزهرا(ع ) لم يستيقظا
لـصلاة الفجر, وان هارون هذه الامة , وابا شبروشبير, وباب مدينة علم النبي (ص )كان اكثر شي
جـدلا, وان سـيـد الـشـهدا واسد اللّه واسد الرسول (ص ) الذي كبر الرسول على جنازته سبعين
تكبيرة كان ياكل الميتة ويعاقر الخمر ويسامر الراقصات
الدليل الثالث : الفترة الزمنية بين صدور الحديث وتدوينه .

والـيـك الـدلـيل الثالث على سقم احاديث الصحيحين ووهنها, فقد ذكرنا في المقدمة خلاصة تاريخ وكيفية تدوين الحديث وجهاته , فتارة من حيث حظر النقل والتدوين , واخرى من حيث اسباب وضع
الحديث وجعله منذ زمن وفاة رسول اللّه (ص ) حتى خلافة عمر بن عبدالعزيز وهنا نطرح سؤالا
على الصحيحين والقائلين بصحة جميع ما ورد فيهما, وهو:.

في الفترة التي ناهزت المائة عام حيث كانت كتابة الحديث ممنوعة , ونقله محظور, ومن جانب آخر
كـانـت دواعـي وضـع الحديث عند الوضاعين متوفرة , وقداستخدمت كل الاسباب والوسائل عند
اصـحـاب الـقدرة ودعاة الوضع في سبيل جعل الحديث , فيا ترى في مثل هذه الاوضاع ما يمكن ان
يـجـري لـلـحديث ؟ والى م سيؤول امر الحديث ؟ وما التغييرات والتحريفات التي سوف تحدث في
نـصـوص الاحـاديـث ومتونها؟ وما اكثر الحقائق التي دفنت ولم يبق لها اثر في السنة النبوية التي
تعداهم مصدر في الاسلام وحل ت مكانها الاحاديث المزورة والقضايا المحرفة ؟.

فـفـي هذه الفترة الطويلة التي اخذ فيها الخلف عن السلف , والابنا عن الاباوالاجداد, مسائل كثيرة
وعـنـونـوهـا بـاسـم الـحديث , ومن ثم شكلت الاساس والجذرالاعتقادي واصول الاحكام الدينية
وفروعها عندهم دون ان يتعرفوا على مصدرهاوصحتها وسقمها.

هذا هو السؤال الذي يواجهه الصحيحان و اولئك الذين ينادون بصحة كل ماورد فيهما, وما زال هذا
السؤال باقيا بدون جواب مقبول وقانع .

وقـد عـالـج بـعـض كـتاب اهل السنة مسالة الفترة الزمنية فطرح مسالة الذاكرة بدلاعن الكتابة
والتاليف ((237)) .

ولكن هذا الجواب مردود:.

اولا: انه لا ريب ان الذاكرة مهما كانت قوية لا يمكن الاعتماد عليها للحلول محل الكتابة والتقييد.

ثـانـيـا: لو كانت الوسائط والاسناد بين النقل والكتابة قصيرة وقليلة لكان للركون الى الحافظة في
الـجواب على السؤال وجه مقبول , ولكن ما نستنتجه ونراه بعد التحقيق في الصحيحين ان الاحاديث
خـرجـت بـوسائط متعددة عن رسول اللّه (ص ), وهذا التعددفي الوسائط ما يقتضيه وجود الفترة
الـزمـنـية الطويلة التي فصلت بين صدور الحديث وكتابته ومن الطبيعي انه لا مفر من وقوع النقل
بـالـمعنى في تخريج الاحاديث , وحدوث الزيادة والنقصان في الاخبار, هذا ان كانت نوايا المحدثين
والـحفاظ سليمة , واما لوتكررت الوسائط في نقل الخبر وكل منهم روى الخبر بالمعنى خاصة اذا
كانت الاهداف غير سليمة فحينئذ فعلى الخبر الصحيح السلام .

الدليل الرابع : تقطيع الحديث .

وهـذا دلـيـل آخـر وهـو رابع الادلة على عدم الوثوق والطمانينة بما ورد من الحديث في صحيح البخاري .

وهـذا الـعـمـل او بـالاحرى هذه الخيانة تقطيع الحديث التي صدرت من البخاري ناجمة عن روح
الـتـعـصـب والتطرف الذي كان يكنه تجاه امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع ), ولذلك تراه يسق
ط ويقطع اى حديث فيه منقبة من مناقب على (ع ) او يكشف عن منقصة وجهالة لاحد من الخلفا, فيحذف
صدر الحديث او ذيله , او يعمد الى قطعه من وسطه حتى تخفي تلك المنقبة او المنقصة .

وهذا العمل يعتبره علما الحديث تدليسا وخيانة في امانة نقل الرواية وان البخاري كمحد ث او مفسر
او مـؤرخ لم يلتزم في نقله الحديث بمسؤوليته في بيان الحقائق كاملة كما هي , بل عمد الى حذف ما
يخالف هواه مما في الحديث وضبط ما تستسيغه نفسه وذوقه , وهذا التدليس والتقطيع يعد من اعظم
الـخـيـانـات التي يقترفها المحدث , لانه تعتيم للحقائق وتزوير للواقع وتضليل للافكار والاذهان ,
وهـذاان دل عـلى شي فان ه يدلنا على حقيقة هامة وهي ان شطرا كبيرا وعددا ضخما من الاحاديث
والروايات الصحيحة كانت بحيازة البخاري , وحيث انها لا تتلام وهواه فلم يدونها في صحيحه ومن
ثـم انـدرسـت شـيئا فشيئا, ومن البين ان من يقوم بالتدليس فى كل ما يريد تدوينه فان مصير سائر
الاحاديث المخالفة لهواه تكون التشويه اوالنسيان .

ونورد لك ايها القارئ الكريم ـ امثلة ونماذج من تدليسات البخاري وتقطيعاته :.

1 ـ حكم الجنابة : سال رجل عمر بن الخطاب : اني اجنبت ولم اجد ماا فماالعمل ؟ قال عمر: لا تصل
فـكان في المجلس عمار بن ياسر فقام معترضا على عمر في فتواه وذكره بحكم التيمم الذي سمعاه
معا من رسول اللّه (ص ).

ولا يـخـفى ان فتوى الخليفة بترك الصلاة حين الجنابة مخالفة صريحة لنص القرآن وسن ة رسول
اللّه (ص ), وهذا مما يدل على جهل الخليفة بحكم التيمم ,وعدم احاطته بالاحكام الشرعية , وغفلته
عـمـا هو عامة الابتلا, ولكن البخاري قام بتقطيع الحديث فحذف منه اجابة الخليفة : لا تصل , وذلك
حفظا لكرامة الخليفة من ان تنال .

ولـكـي تـتجلى الحقيقة للقارئ اكثر نورد نص الحديث اولا عن البخاري ثم نردفه بما رواه كل من
مسلم والنسائي وابن ماجة :.

اخـرج الـبخاري : حدثنا آدم , قال : حدثنا شعبة , حدثنا الحكم , عن ذر, عن سعيدبن عبدالرحمن بن
ابـزى , عـن ابـيه قال : جا رجل الى عمر بن الخطاب فقال : اني اجنبت , فلم اصب الما فقال عمار بن
يـاسـر لـعـمـر بن الخطاب : اما تذكر انا كنا في سفر انا وانت ,فاما انت فلم تصل , واما انا فتمعكت
فـصـلـيـت , فذكرت للنبي (ص ), فقال النبي (ص ): انماكان يكفيك هكذا, فضرب النبي (ص ) بكفيه
الارض , ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه ((238)) .

وامـا مـا اخـرجـه مـسلم والنسائي وابن ماجة : عن شعبة قال : حدثني الحكم , عن ذر, عن سعيد بن
عبدالرحمن بن ابزى , عن ابيه : ان رجلا اتى عمر, فقال : اني اجنبت فلم اجد ماا, فقال : لا تصل عمار: اما تذكر يا اميرالمؤمنين اذ انا وانت في سرية فاجنبنا فلم نجد ما, فاما انت فلم تصل , واما انا
فتمعكت في التراب وصليت , فقال النبي (ص ): انما كان يكفيك ان تضرب بيديك الارض , ثم تنفخ , ثم
تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر: اتق اللّه يا عمار, قال : ان شئت لم احدث به ((239)) .

فـكما ترى ايها القارئ العزيز ان هذين الحديثين من حيث السند والمتن سواولا فرق بينهما الا في
جملة ((لا تصل )) حيث اسقطها البخاري واثبتها مسلم .

2 ـ رجم المجنونة : ورد في صحيح البخاري وشروحه والمصنفات المعتمدة عند اهل السنة حديث
بـنـصـوص مـختلفة وخلاصته : ان امراة مجنونة زنت فاتي بها الى عمر فحكم عليها بالرجم , فعلم
امـيرالمؤمنين علي (ع ) بالقصة والحكم فمنع من اجرائه ,ولما استفسر عمر من علي (ع ) عن سبب
نـقضه وابرامه الحكم قال (ع ): اما علمت ان القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق , وعن الصبي حتى
يبلغ , وعن النائم حتى يستيقظ؟ ((240)) .

ولتوضيح القصة اكثر نذكر النص المقطع الذي اخرجه البخاري وبعده ناتي بمااخرجه ابو داود:.






/ 22