اضواء علی الصحیحین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اضواء علی الصحیحین - نسخه متنی

محمد صادق النجمی؛ مترجم: یحیی کمالی البحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


هـوية الكتـاب :.

اسم الكتاب : اضوا على الصحيحين .

تاليف : محمد صادق النجمي .

ترجمة : يحيى كمالي البحراني .

نشر : مؤسسة المعارف الاسلامية .

الطبعة : الاولى 1419 ه ق .

المطبعة : پاسدار اسلام .

العدد : 2000 نسخة .

شابك 8 ـ 39 ـ 6289 ـ 964.

كافة الحقوق محفوظة ومسجلة .

لمؤسسة المعارف الاسلامية .

ص ب 768 ـ تلفون 732009.

كلمة الناشر.

لـقـد مـنيت السنة النبوية الشريفة منذ بد تاريخ الاسلام بالمنع والتحريف والوضع والدس , بل كان الـوضـع مـما منيت به في عهد الرسالة , ولقد ورد عن الرسول الاكرم (ص ): ((لقد كثرت القالة
علي )).

ومـمـا زاد الـوضـع ازمـة منع تدوين الحديث زها قرن او اكثر ومن هنا فقد حاول جمع كثيرمن
الـمـؤلـفين تنقيح الحديث من الموضوعات والمدسوسات , وممن ادعى ذلك البخاري ومسلم , وقد
سـمي كتاباهما بالصحيحين , وحظي الكتابان بالقبول من عامة علما اهل السنة وعامتهم حتى عدا تلو
الـقـرآن الـعـظيم , ولم يجترئ احد على رمي حديث مما وردفيهما بالضعف , ولكن حدثت اخيرا
محاولات لتحطيم هذه الاسطورة فكتب في ذلك المؤلفات ونشرت المقالات في الصحف والمناشير
لاثبات ان ما كل ما في البخاري ومسلم صحيح .

ومـمـا كـتـب في هذا المضمار كتاب اضوا على الصحيحين الذي الف اصله باللغة الفارسية العلا مة
البحاثة الفذ الشيخ محمد صادق النجمي حفظه اللّه , وقد بحث فيه عن موارد التناقض وما لا يمكن
قبوله من احاديثهما لمخالفته الكتاب او السنة القطعية او العقل القطعي وهو كتاب جليل في موضوعه
, وترجمه صاحب الفضيلة الشيخ يحيى كمالي البحراني .

ومؤسسة المعارف الاسلامية اذ تنشر هذا السفر الجليل تشكر المؤلف والمترجم وتتمنى لهما دوام
التوفيق والعز والتاييد.

كما تشكر المؤسسة الاخوة الذين ساهموا في انجاز هذا الكتاب وتخص بالذكر الافاضل : محمود
البدري وفارس حسون كريم لما بذلاه من جهد في اصدار الكتاب .

والحمد للّه اولا وآخرا , والصلاة على رسوله والائمة الميامين من آله .

المقدمة .

الحمد للّه رب العالمين , وصلاته وسلامه على خاتم رسله وعلى آله الطاهرين .

وبعد:.

فـان كـل مـتـتـبـع يـعـلم ضرورة ان من الطاف اللّه جل شانه على البشرية ان ارسل اليهم الانبيا
والـمـرسلين هداة للناس , وخص هذه الامة المرحومة باشرف انبيائه وخاتم سفرائه سيدنا محمد
(ص ) , اذ ارسله برسالة خالدة وبكتاب مجيد فيه تبيان كل شي ,فمن تمسك به هدى ومن ضل عنه
غوى وهوى .

ولـمـا كـان هـذا الـكـتـاب المعجزة النبوية الخالدة يحتوي على الكليات والعمومات والاطلاقات
والـمـحكمات والمتشابهات ما لا يفهمه ولا يدرك مغزاه الا النبي (ص ) ومن غره النبي بالعلم غرا
وعـنـده علم الكتاب , فقام النبي (ص ) بتفسيره وبيانه وتخصيص عموماته وتقييد محكماته عملا
وقولا.

فـكان عمل النبي وقوله وتقريره ـ السنة النبوية ـ ركيزة ودعامة ثانية اعتمد عليهاالمسلمون في
فهم دينهم , ومعرفة الاسلام الذي اتى به النبي (ص ).

وعـنـدما افترقت الامة علنا بعد النبي (ص ) كما كانوا فئات مختلفة في حياته راى زعماكل فرقة
اهـمـيـة الـحـديـث النبوي ودوره في استمرارية الدين وديمومته ومكانته الاجتماعية والثقافية
والـتـوعـويـة , فمنهم من اخظر التحديث عن النبي رواية وكتابة حتى آل الامر الى ضرب رواة
الـحديث واقصائهم ومنعوا تدوينه , ومنهم من اكد على ضرورة روايته وكتابته , واعتبر ان اقوال
الـنبي (ص ) كالقرآن , وانه قال : انما اوتيت القرآن ومثله معه , واقواله بل اعماله وتقريراته كلها
مبتنية على اساس الوحي الالهي (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) ((1)) .

وبـعـد فـتـور زمـني طويل يزيد على قرن واحد احس بعض اتباع المانعين من التدوين والرواية
بضرورة حفظ سنة النبي (ص ) القولية والعملية , فامروا شيعتهم بذلك , فظهرت من بعد هذا الامر
الـخليفي مدونات ومصنفات صغيرة وكبيرة ملات الدنيا ودورها, فيهامرويات واحاديث عن رسول
اللّه (ص ) واصحابه رواها الناس على فئاتهم .

ولـما كانت الغايات في رواية احاديث النبي (ص ) مختلفة سطع نجم هوى الخليفة وكسب عطاياه في
صدارة الغايات بعد ان افلت الغايات الاخرى وخاصة الخالصة لوجه اللّه عز وجل , فظهر المكذبون
والـمزورون والمدلسون والوضاعون ولبسوا لباس راوية الحديث والمحدث والمفسر وغيرهم ,
ودونت كلمات في الكتب والمجاميع والسنن مما اتعبت فيما بعد علما الرجال والتراجم وائمة الحديث
.

ومـن الـمدونات التي فاق صيتها واسمها الافاق , ونالت من المديح والاطرا الكثير:الجامع الصحيح
لابـي عـبـداللّه مـحمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري 194 ـ 256 ه ,
والجامع الصحيح لابي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري 206 ـ 261 ه.

وقـد اعـتـبـر علما اهل السنة هذين الكتابين اصح الكتب واتقنها واضبطها بعد القرآن ,واعتمدوا
عليهما تمام الاعتماد , واهتموا بهما غاية الاهتمام , حتى غالوافي اطرائهم عليهما وصححوا جميع
مـا ورد فـيهما والبعض انزل صحيح البخاري منزلة العصمة ,كالقرآن لا ياتيه الباطل من بين يديه
ولا يجوز نقده متناوسندا.

فاما المتن قالوا : انه خرج من شفتي النبي .

واما سنده فقالوا : من اخرج له البخاري فقد جاز القنطرة .

ولكن بعض الحفاظ لما امعنوا النظر ودققوا البصر في الصحيحين راوا ما هو مبائن لهذه الاطراات
والـمـدائح , فـكـتـبـوا كـتـبـا مـسـتقلة او ضمنا في النقد والرد على صحيح البخاري ومسلم ,
كالدارقطني ((2)) وابن حجر ((3)) وغيرهما.

وما احوجنا نحن المسلمون في هذا العصر الى الخروج عن الانطباع على حالة التعبدية والصنمية ,
والانـفـتـاح الـصـحيح على القيم والموازين الدينية الاصيلة التي تسوقنا الى معرفة السنة النبوية
الـصحيحة الصافية عن الترهات , والمهذبة من الشطحات , وتنقيحهاحتى لا تتسنى الفرص لاعدا
الدين الالدا بالنيل من الاسلام والرسول ورسالته .

وهـذا الـكتاب على اجماله واختصاره قد تكفل مؤلفه العلا مة الشيخ محمد صادق النجمي بيان نقاط
الـضـعف والسقم في الصحيحين باسلوب علمي مبسط , وقد حاولنافي تعريبه رعاية هذا الاسلوب
المبسط ليقراه العالم وغيره وارجو من العلي القدير ان يكون هذا الكتاب نافذة تطل على تنقيح السنة
النبوية الشريفة من ادران الوضاعين والكذابين .

ولا يـسعني هنا الا ان امد يد الشكر والامتنان الى اخي وصديقي الاستاذ الفاضل السيدمحمد جواد
الـمهري الذي شوقني بامره بترجمة الكتاب الذي بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ وله الفضل والمنة ,
واقـدم كـذلـك فـائق تـقـديري للاخوة المسؤولين في مؤسسة المعارف الاسلامية حيث كانوا هم
المشوقين لي في هذا العمل المتواضع .

واخـيرا اليك يا زهرة المصطفى , ويا بضعة النبي المجتبى , يا سيدتي يا فاطمة , يا ايتهاالعزيزة ,
قد مسنا واهلنا الضر وجئناك ببضاعة مزجاة فاوفي لنا الكيل من الولاية ,وتصدقي علينا بالشفاعة ,
ان اللّه يـجـزي الـمـتصدقين , واجعلي يا مولاتي سقاية ودك ومحبتك في رحل قلبي وفؤادي , ثم
خذيني اليك عبدا قنا.

والـيكم يا قادتي وائمتي وشفعائي ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون , الا من اتى اللّه بقلب سليم , بولاية
ابيكم امير المؤمنين وسيد الاوصيا , وصي رسول اللّه حقا , وخليفته نصا , ووارثه وحيا , علي بن
ابي طالب (ع ) وولاية ابنائه الاحد عشر الائمة الهداة المعصومين (ع ).

والـيـك يـا سـليل الاطهار , ووارث الابرار , وصي الاوصيا , وصفي الاصفيا , قامع اهل الضلالة
والـعـتـاة المردة , ومنجي البشرية من براثن النفاق والكفرة , بقية اللّه الاعظم الحجة ابن الحسن
روحي وارواح العالمين له الفدا.

اهدي اليكم جميعا هذا العمل المتواضع فتقبلوه مني باحسن القبول .

واهـدي ايضا الى جدي المرحومين المغفورين الحاج زاير علي كمالي والحاج غلام عباس درويش
الـلـذين زرعا حب الولا لعلي (ع ) في قلوب احفادهما فاسكنهما اللّه فسيح جنانه في زمرة اوليائه
وبجوار النبي وآله .

ومـن اللّه سـبحانه وتعالى استمد العون واساله ان يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم , وان يمن
علي وعلى والدي بالمغفرة والرحمة وشفاعة محمد وآله الطاهرين في يوم الدين .

وآخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين .

يحيى كمالي البحراني .

مولد الزهرا (س ).

20 جمادى الثانية 1419 ه.

قم المقدسة .

تامل في مجرى الحديث .

(ومـا محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضر اللّه شيئاوسيجزي اللّه الشاكرين ) ((4)) .

(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ((5)) .

(وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) ((6)) .

تـوفي رسول اللّه (ص ) وقد ترك في امته واصحابه ثقلين كبيرين ((7)) , وهما: القرآن والعترة ,
وامرهم بالتمسك بهما ولا يتركوهما ابدا.

فـقد كان الرسول (ص ) قبل وفاته هو المتكفل لبيان الحقائق القرآنية , ونشرالتعاليم الاسلامية بين
امته من العقائد والاحكام على نحو الحديث , وقال (ص ) عن اهمية رواية الحديث ونقله : ((نظر اللّه
عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها,فكم من حامل فقه الى من هو افقه منه )) ((8)) .

وهـنـا يـجـدر بـنـا ان نـنظر الى المجتمع الديني كيف واجه القرآن وعترة رسول اللّه بعد وفاة
النبي (ص )؟ وماذا كان دور المجتمع في قبال احاديث رسول اللّه (ص )؟.

تـراهـم انـهـم قد عزلوا اهل البيت (ع ) عن المجتمع , وفرضوا عليهم الاقامة الجبرية في الدار,
وعاملوهم معاملة بحيث لا يمكن ان يحدها قلم وبيان ((9)) , وعندما فلحواونجحوا في مؤامراتهم
مـن اقـصا حماة الدين الواقعيين عن المجتمع استطاعوا بعدها ان يفرقوا بين القرآن والاحاديث التي
هـي بـمـثـابـة تفسير للمفاهيم القرآنية ومن ثم فس رواالقرآن واولوه حسب ما اقتضته اهواؤهم
وسياساتهم .

ولـما كانت اقوال رسول اللّه وسيرته التي تسمى بالسنة , سدا منيعا امام سياسة الخلفا, وسلاحا قويا
بايدي مخالفي الخلفا, ولهذا فلم يكن للخلفا واعوانهم سبيل سوى تجريد مخالفيهم من هذا السلاح .

فـاول عمل بدا به الخليفة ابو بكر حاول ان يحتكر هذا السلاح في حيازته ,فجمع خمسمائة حديث
مـن احاديث رسول اللّه (ص ) ودونها ولكن بعد برهة من الزمان علم ان هذا العمل لم يكن في صالحه
لان حصر هذا الامر من المستحيلات , ولذلك صمم ان يحرق الاحاديث التي جمعها ((10)) .

ولا شـك ان مـن الـمـستحيلات في ذاك العصر ان يتمكن الخليفة ابو بكر من ان يمنع المسلمين من
رواية الحديث وتدوينه , ويلزمهم رواية الاحاديث التي جمعهاودونها هو بنفسه فقط, ولهذا السبب
اتـخذ سياسة حظر نشر الاحاديث مطلقا لكي يخلي سواعد المسلمين من حملهم لهذا السلاح القوي
الـحديث فاعلن للمسلمين قائلا:فلا تحدثوا عن رسول اللّه شيئا , فمن سالكم فقولوا : بيننا وبينكم
كتاب اللّه ((11)) .

لان الـقـرآن عـلـى عكس احاديث رسول اللّه (ص ), يمكن تاويل آياته وتفسيرهاحسب ما تقتضيه
المصالح والاهوا ((12)) .

عـنـدمـا ادركـت المنية ابابكر ادلى بالخلافة الى عمر ((13)) , ولا يخفى ان اكثرالمسلمين لما
ابتعدوا عن التعايش مع اقوال النبي (ص ), فقدوا وعيهم الديني , فانقادواطائعين لاوامر الخليفة .

وخـطـا عـمـر فـي خـلافته نفس السياسة التي ساسها ابوبكر فمنع نقل الحديث بكل جهد, واعلن
متظاهرا باعطا الناس حر يتهم وشاورهم في رواية حديث رسول اللّه (ص )وتدوينه فاشاروا عليه
بـضرورة هذا الامر, فاحتال بعد شهر واحد قضاه في التفكير في هذه المهمة , فظهر انه قد حصل
عـلـى الـنتيجة المطلوبة بزعمه , فجا الى الناس واعلن قائلا: اني كنت اردت ان اكتب السنن واني
ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبواكتبا فاكبوا عليها فتركوا كتاب اللّه تعالى , واني واللّه لا البس كتاب
اللّه بشي ابدا ((14)) .

وتراه انه عندما كان يبعث احدا لمهمة ما, يامره بان لا يحدث الناس باحاديث رسول اللّه (ص ) حتى لا
يـصـدهم بذلك عن القرآن , واذا علم بان احدا منهم لم يتجاوب معه في هذا الامر, يامره بالشخوص
الـى الـمـدينة ويفرض عليه الرقابة الشديدة ((15)) هذابالاضافة الى انه اباد حرقا بالنار جميع
الاحاديث التي دونها هو والناس .

وعندما توفي عمر والوضع ما زال على ما كان عليه من التحريم نقلا وتدوينا,وتولى الخلافة بعده
عثمان بن عفان وذلك ضمن خطة مدروسة ((16)) .

وفـي عـهـد الـخـليفة عثمان اشتد الوطيس على الحديث , فلو كان الخليفة عمريؤذي رواة حديث
الـنـبـي (ص ) ويـصيرهم تحت الرقابة الشديدة , ويحرق ما كتبوه من الاحاديث , ولكن عثمان اتخذ
اسـلـوبـا آخر للمنع من رواية احاديث الرسول وتدوين سيرة النبي (ص ), فانه كان يعذب الرواة ,
ويقصيهم عن المدينة , كما حصل ذلك لابي ذرالغفاري , حيث ان ه اقصي من المدينة الى الشام , ثم الى
المدينة ثانيا, وثم الى صحرا ربذة , فمات هذا الصحابي الجليل في تلك البقعة الحارقة غريبا وهكذا
عـاش وحـيدا وكذلك ضرب عثمان عمار بن ياسر صحابي رسول اللّه حتى وقع على الارض مغشيا
عليه ((17)) .

وهـكـذا عاش اصحاب رسول اللّه والتابعين المخلصين خمسة وعشرين سنة تحت وطاة ضغوطات
الـخـلـفـا حـتـى ثارت ثائرتهم ونهضوا جميعهم واطاحوا بعثمان وقتلوه , وبعد ذلك اجبروا الامام
عـلـي (ع ) عـلـى الـقيام بالامر واصروا عليه بقبول الخلافة فلما نهض الامام علي (ع ) بالامر كان
المسلمون قد انسوا سيرة الخلفا وذابوافيها مدة ربع قرن .

ويصف الامام علي (ع ) الظروف التي عاشها فيقول : ((18)) .

((قـد عـمـلـت الـولاة قبلي اعمالا خالفوا فيها رسول اللّه (ص ) متعمدين لخلافه ,ناقضين لعهده ,
مـغـيـريـن لسنته , ولو حملت الناس على تركها وحولتها الى مواضعها والى ما كانت في عهد رسول
اللّه (ص ) لتفرق عني جندي حتى ابقى وحدي او قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض امامتي
من كتاب اللّه عز وجل وسنة رسول اللّه (ص ).

ارايتم لو امرت بمقام ابراهيم (ع ) فرددته الى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّه (ص ) ((19)) ,
ورددت فـدك الـى ورثـة فـاطمة (س ), ورددت صاع رسول اللّه (ص ) كما كان ,وامضيت قطائع
اقـطـعها رسول اللّه (ص ) لاقوام لم تمض لهم ولم تنفذ, ورددت دار جعفرالى ورثته وهدمتها من
الـمـسـجـد, ورددت قـضايا من الجور قضي بها, ونزعت نسااتحت رجال بغير حق فرددتهن الى
ازواجـهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والاحكام , وسبيت ذراري بني تغلب , ورددت ما قسم من
ارض خيبر, ومحوت دواوين العطايا, واعطيت كما كان رسول اللّه (ص ) يعطي بالسوية ولم اجعلها
دولـة بين الاغنيا ((20)) والقيت المساحة ((21)) , وسويت بين المناكح ((22)) , وانفذت خمس
الـرسـول كـماانزل اللّه عز وجل وفرضه ((23)) , ورددت مسجد رسول اللّه (ص ) الى ما كان
عـلـيـه ((24)) ,وسـددت مـا فـتـح فـيـه مـن الابواب وفتحت ما سد منه , وحرمت المسح على
الخفين ((25)) ,وحددت على النبيذ ((26)) , وامرت باحلال المتعتين ((27)) , وامرت بالتكبير
عـلـى الـجـنـائزخمس تكبيرات ((28)) , والزمت الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم ((29)) ,
واخرجت من ادخل مع رسول اللّه (ص ) في مسجده ممن كان رسول اللّه (ص ) اخرجه , وادخلت من
اخـرج بـعـدرسـول اللّه مـمـن كـان رسـول اللّه (ص ) ادخـله , وحملت الناس على حكم القرآن
وعـلـى الـطـلاق عـلـى الـسـنـة ((30)) , واخـذت الصدقات على اصنافها وحدودها, ورددت
الـوضـؤوالـغـسـل والـصـلاة الـى مـواقـيـتـهـا وشرائعها ومواضعها, ورددت اهل نجران الى
مـواضعهم ,ورددت سبايا فارس وسائر الامم الى كتاب اللّه وسنة نبيه (ص ) ((31)) , اذا لتفرقوا
عـنـي , واللّه لـقـد امـرت الـنـاس ان لا يـجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة , واعلمتهم ان
اجـتـماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض اهل عسكري ممن يقاتل معي : يا اهل الاسلام غيرت سنة
عمر, ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا لقيت من هذه الامة من الفرقة وطاعة ائمة الضلال والدعاة الى النار ((32)) .

فـقـد وصـف الامـام بـرامجه العملية بانه يسير بسيرة النبي (ص ) ولا يعمل بما اتاه الخلفا, خاصة
بالنسبة الى مسالة رواية الحديث , وعمل جاهدا ومتواصلا لمحوماابتدعه الخلفا ((33)) .

ولما رات قريش نهج الامام علي (ع ) في العمل بانه مضاد لمصالحها الدنيوية اعلنوا مخالفتهم له (ع ),
واشعلوا ضده حرب الجمل وصفين اللتين راحت ضحيتهمادما كثيرة حتى وقع هو ايضا شهيدا وهو
في المحراب يصلي , وكان ذلك بعد اربع سنوات واشهر من خلافته (ع ).

وبـعـد ذلـك استولى معاوية الذي عرف بعدائه للّه ورسوله (ص ) بشتى انواع الحيل والخداع على
اريـكـة الحكم , وتراه يكشف في حواره مع المغيرة بن شعبة ويبين عن سياسته الاصلية ((فقال له
الـمغيرة : انك قد بلغت سنا يا امير المؤمنين نـظرت الى اخوتك من بني هاشم فوصلت ارحامهم فواللّه ما عندهم اليوم شي تخافه فقال لي : هيهات
هيهات ثـم مـلـك اخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين فواللّه ما عدا ان هلك فهلك ذكره الا ان يقول قائل :

عـمـر, ثم ملك اخونا عثمان فملك رجل لم يكن احد في مثل نسبه فعمل ما عمل وعمل به , فواللّه ما
عـدا ان هلك فهلك ذكره وذكر ما فعل به وان اخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات اشهد ان
محمدا رسول اللّه فاي عمل يبقى مع هذا؟ لا ام لك واللّه الا دفنا دفنا)) ((34)) .

وهكذا جمع معاوية جميع قواه لابادة شخصية النبي وآله (ع ) ومحو سيرته ,فاسس جهازا اعلاميا
لوضع الحديث , واستعمل لهذا الهدف بعض الصحابة نحو: اباهريرة الذي روى اكثر من خمسة الاف
وثـلاثـمـائة حـديث ملفق على النبي (ص ), و عبداللّه بن عمر الراوي لما يزيد على الفي رواية ,
وهـكـذا ام الـمـؤمـنـيـن عائشة بنت ابي بكروانس بن مالك اللذين حدث كل منهما باكثر من الفي
وثلاثمائة حديث مفتر على رسول اللّه (ص ) ((35)) .

فـقـد كـان هـؤلا واعـوانهم يتسابقون فيما بينهم في وضع الحديث طمعا في رضاالحكام , فوضعوا
احـاديـث لا يـعـلـم عـددها الا اللّه ونسبوها الى الرسول (ص )حتى ان مسخ كل ما يتعلق بالاسلام
الـحـقـيقي , ولبس الدين لبس الفرو مقلوبا, ومن ثم احتل الاسلام المزى ف والممسوخ الملبي لهوى
الخلفا سدة الحكم بدلا عن الاسلام المحمدي الحقيقي .

ولـم يقبل الخلفا بعد ذلك دينا سوى هذا الاسلام المقلوب والمزيف الذي بني صرحه في عهد معاوية
وعـرف فـيـما بعد والى عصرنا هذا بالاسلام الحقيقي , بحيث لو ان احدا اراد اليوم ان يقوم بتبيين
الاسـلام الـحقيقي الذي جا به النبي (ص )لم يتقبلوه ,وذلك لانهم اعتادوا الدين الخليفي الذي ابتدعه
معاوية , وفهموا الدين من خلال كتب تتضمن احاديث دست على الرسول فالتوحيد الاسلامي عندهم
مثلا هو ما عرفوه من خلال هذا الحديث الذي وضعه ابو هريرة :.

((ان انـاسا قالوا: يا رسول اللّه هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تمارون في القمرليلة البدر ليس
دونه سحاب ؟ قالوا: لا يا رسول اللّه .

قال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا.

قـال : فـانكم ترونه , كذلك يحشر الناس يوم القيامة , فيقول : من كان يعبد شيئافليتبع , فمنهم من يتبع
الشمس , ومنهم من يتبع القمر, ومنهم من يتبع الطواغيت , وتبقى هذه الامة فيها منافقوها فياتيهم اللّه
في غير الصورة التي يعرفون فيقول : انا ربكم ,فيقولون : نعوذ باللّه منك , هذا مكاننا حتى ياتينا ربنا,
فـاذا اتـانـا ربـنا عرفناه فياتيهم اللّه في الصورة التي يعرفون فيقول : انا ربكم , فيقولون : انت ربنا
فيتبعونه )) ((36)) .

وكـما تلاحظ ـ ايها القارئ ـ ان في هذا الحديث ما يقوض اساس التوحيدوالمعاد الصحيح النابع من
مـنـظـار الاسـلام الـحـقيقي , وتراهم يروون احاديث اخرى يخدشون بها شخصية النبي الكريم
ويشوهونها, كما رووا عنه انه قال ((37)) : ((اللهم اني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فايما مؤمن
سببته او جلدته فاجعل ذلك كفارة له )).

وفـي روايـة اخرى : آذيته فاجعلها كفارة وقربة تقربه بها اليك , وفي اخرى : سببته او شتمته ان
يكون ذلك له زكاة واجرا.

ورووا ايضا انه (ص ) قال لاناس يلقحون النخل : لو لم تفعلوا كان خيرا, فتركوه فنفضت او فنقصت
وخـرج شـيـصـا, فـذكـروا ذلـك لـه فقال : ان كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فاني انما ظننت ظنا فلا
تؤاخذوني , او قال : انتم اعلم بامر دنياكم ((38)) .

ورووا ايـضـا: قـرا رسول اللّه (ص ) بمكة النجم , فلما بلغ هذا الموضع : (افرايتم اللات والعزى
ومناة الثالثة الا خرى ) ((39)) القى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى
قـالـوا: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا ثم جاه جبرئيل بعد ذلك قال : اعرض علي ما
جـئتـك بـه , فلما بلغ تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى قال له جبرئيل : لم آتك بهذا, هذا من
الشيطان , فانزل اللّه : (وماارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) ((40)) ((41)) .

وردت هـذه الاحـاديث في كتب التفاسير المعروفة والمعتبرة عند اهل السنة ,مثل : الطبري وابن
كثير والسيوطي وسيد قطب , حيث رووا احاديث موضوعة ومدسوسة على النبي (ص ) بشكل مكثف
حتى غابت الصورة الواقعية لرسول اللّه (ص )ورا الحجب المكذوبة والمزورة ((42)) .

وعـلـى الـعكس من هذا, تراهم قد زينوا صور امرا قريش وقادتهم وخلفائهم فوضعوا لهم فضائل
مزيفة , واتهموا مخالفي هؤلا بتهم مفتراة فوصفوا رجالا مثل : ابي ذر ومالك الاشتر وعمار بن ياسر
وغيرهم بانهم اناس لا علم لهم بالدين وانهم مخدعون ((43)) .

ولـم يـكـتـفوا بهذه فحسب , بل مدوا يد الزور والزيف الى التوحيد وصفات الباري , كيفية الحشر
والـقـيـامـة , الـثـواب والعقاب , الجنة والنار, تاريخ الانبيا, بدالخلق , الاحكام والعقائد الاسلامية ,
فـاخـتـلـقـوا لـكل منها احاديث مختلفة ومقتبسة من عقائد اهل الكتاب الخرافية وما صنعته ثقافتهم
الجاهلية وعقولهم البالية وما هي من الدين بشي .

وقـد كـثـرت هذه الاحاديث المزورة وتوسعت دائرة تناقلها حتى غطت الحقائق الدينية ومسختها
وكـانـت نتيجتها ان ابتدع اسلام آخر صار المذهب القانوني لحكام بني امية وبني العباس حتى نهاية
الخلافة العثمانية .

وفـي مقابل هؤلا المزورين والمختلقين للاحاديث على مر التاريخ الاسلامي صمد رجال مخلصون ,
جـاهـدوا لـنـشر السنة الحقيقية التي تبين اقوال النبي (ص ) وسيرة الرسول مع المسلمين حتى ان
ضحوا بانفسهم في هذا السبيل .

ومـن زعما هذه الفئة الصحابي الجليل ابوذر الغفاري فانه كان جالسا ذات يوم عند الجمرة الوسطى
فـي منى فاجتمع حوله اناس مسلمون كثيرون يسالونه عن دينهم ,واذا باحد مرتزقة بني امية يشهد
المنظر فتخلل الناس حتى وقف على ابي ذر فقال : الم ينهك امير المؤمنين عن الفتيا؟ فقال ابوذر: اانت
رقيب علي ثم اشار الى حلقه وقال :واللّه لو وضعتم الصمصامة على هذه على ان اترك كلمة سمعتها
من رسول اللّه (ص ),لانفذتها قبل ان يكون ذلك ((44)) .

ومـن هـذه الفئة ايضا رشيد الهجري , فانه لما تولى ابن زياد الكوفة قطع يده ورجله , فلما حمل الى
اهـله عاده الناس وهم باكون , فقال لهم : ايها الناس , ائتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم ما يكون الى يوم
القيامة , فاخبر ابن زياد فامر بقلع لسانه ((45)) .

وعـلى هذا النهج خطا ميثم التمار, فانه لما تولى ابن زياد الكوفة القى القبض عليه فصلبه وقطع يده
ورجـلـه , فـكان ينادي باعلى صوته وهو مصلوب : ايها الناس من اراد ان يسمع الحديث المكنون عن
عـلـي بن ابي طالب ؟ قال : فاجتمع الناس واقبل يحدثهم بالعجائب , فاخبر ابن زياد بذلك , فامر بقطع
لسانه , وتشحط ميثم (ره ) ساعة في دمه ثم مات ((46)) .

وهـكذا آل الامر في ذلك العصر الى ان الخليفة اصبح ذا هيمنة كبيرة بحيث كان بامكانه ان يحرم ما
احله اللّه ورسوله , ويحلل ما حرمه اللّه ورسوله , ويبتدع قوانيناموازية للقوانين الالهية , من حيث
التطبيق .

وليعلم ان هذا الوضع لم يدم اكثر من عهد عثمان حيث قامت الثورة الشعبية ونهض المسلمون ومحوا
الـكـثـير من هذه البدع الى ان آلت الخلافة الى معاوية , فقام بتقويم ما محاه المسلمون وذلك بتكوين
الاجهزة الاعلامية التي كان قوامها وضاع الاحاديث ((47)) .

ولـكـن شهادة الامام الحسين (ع ) حطمت هذه الخطط وهدمت ما بنوه حتى فقدنظام الخلافة مكانته
الـتـي كـان يمتاز بها الخلفا, فالبدع والتعاليم المزورة التي اوجدت الانفصال بين الاسلام المتداول
عندهم والاسلام الحقيقي قد توقفت , ولم يتمكن الخلفا بعد شهادة الامام الحسين (ع ) ان يختلقوا بدعا
جديدة كما كان في السابق ((48)) .

واثـمـرت شـهـادة الامام الحسين (ع ) اثرا اخرا وهو ان السجن والتعذيب والفتك بمبلغي الاسلام
الواقعي ورواة الاحاديث قد تضالت , لان الحكام آنذاك لم يتمكنوامن التنكيل والزجر كما كان داب
اسلافهم السابقين , وهكذا استطاع الرواة بعد جهادطويل ان ينشروا بين المسلمين احاديث صحيحة
وموثقة غير تلك الاحاديث الموضوعة التي اختلقها اعوان الخلفا.

وفـي مطلع القرن الثاني من الهجرة انتهت فترة الحظر عن رواية الحديث التي دامت مائة عام , وذلك
عـندما تولى عمر بن عبدالعزيز, فامر اتباع الاسلام الخليفي ان يدونوا احاديث رسول اللّه فدونت
عـشـرات الـكتب في سيرة الرسول والصحابة ومن بين الاف الاحاديث المروية والمدونة في هذه
الكتب رويت ايضا احاديث صحيحة ولكنها قليلة جدا رواها المخلصون عن رسول اللّه (ص ), وحتى
هذه الاحاديث اليسيرة الصحيحة كانت تزعج اولئك العلما التابعين للخلفا, ولكي يخرجوا انفسهم من
هذه الورطة ويحيلوا عن نشرها اتخذوا قرارين من جهتين :.

اولا: من جهة علم الرجال والدراية فانهم جرحوا كل شيعي ومحب لعلى (ع )بالضعف .

ثـانـيـا: مـن جـهة علم الرواية والحديث فدونوا كتبا واسقطوا منها هذا النوع من الاحاديث وكذا
الاحاديث التي تمس بشخصية الحكام والخلفا بعد الرسول .

فـسـموا هذه الكتب المدونة على هذا الشكل والاسلوب بالصحيح , حتى بلغ عددها ستة , وكان حظ
صـحيح البخاري من حيث الاعتبار والوثوق اكثر من سائرالصحاح , لان البخاري كان اكثر اعتقادا
وتـمسكا بالاصلين المذكورين , ولذا تراه يروي عن الخوارج , مثل : عمران بن حطان , ويدع رواية
الامـام جعفر بن محمدالصادق (ع ), وكذلك تراه يقتطع وينقص الاحاديث التي تمس بكرامة الخلفا,
وعلى هذا الاساس نرى اتباع اسلام الخلفا يعتقدون بان صحيح البخاري اصح كتاب بعدالقرآن .

ومـن بين كتب التاريخ والسير فهم يعتبرون تاريخ الطبري هو اثبت واصح ماكتب في التاريخ , لان
الطبري انتهج في اسلوبه ما انتهجه البخارى من حيث التزامه بالاصلين المذكورين , فهو يترقب بان
لا يـروي حـديـثا فيه ما يخدش هوية هذه الفئة من الصحابة الموثوقين عندهم , ويروي كل حديث
مزور ليبرر المواقف الظالمة لبعض الصحابة والخلفا.

ومـن هـذا الـمنطلق ترى الطبري يروي مئات الاحاديث التي دستها ايادي الزنادقة بحيث انه اثبت
الـقضايا والحوادث الواقعة في عهد النبي (ص ) والخلفا الاوائل مقلوبة ومعكوسة ولما كان الطبري
مـلـتـزما ومقيدا للحفاظ على مصالح الخلفاوالصحابة الموثوقين عندهم حاز من العظمة والاحترام
حـتـى سموه امام المؤرخين , وان الذين جاؤا من بعده كابن اثير وابن كثير وابن خلدون اقتبسوا ما
كتبوه في كتبهم من كتاب الطبري ((49)) .

واتـخـذ شـيعة اسلام الخلفا منذ القرن الرابع من الهجرة اقتداا بعلمائهم هذه الكتب الحديثية الستة
مـصـدرا ومـرجعا ونشروها, ومن كتب التاريخ اعتمدوا فقط على تاريخ الطبري ومن سلك دربه ,
وكـانـت نتيجة هذا الاعتماد على هذه الكتب ان نسيت مئات الكتب التي دونت في الحديث والتفسير
والـتاريخ غير التي ذكرناها ((50)) , ومن هذاالمنطلق ايضا تلاحظ انهم اغلقوا على انفسهم على
الاخرين باب البحث والتحقيق في معرفة الاسلام الحقيقي الذي جا به النبي (ص ) الى البشرية كافة .

واما الاجيال التي تلت القرن الرابع الهجري والى عصرنا هذا سوى شيعة اهل البيت (ع ) فقد اكتفوا
بـالـتقليد الاعمى لاولئك حتى ان اعتبر الدين الذي اختلقته الايادي الاجيرة والوضاعة للحديث هو
الاسـلام الـواقعي , الحق ان هذه الاحاديث المختلقة حول العقائد والاحكام وغيرها هي السد المنيع
لمعرفة الاسلام المحمدي وهداية الضالين والمنحرفين .

ولـهـذا يـنبغي لعلما الدين ان يبادروا في البحث والتحقيق عن الاسلام الواقعي الذي تمسك به اتباع
مـذهـب اهل البيت (ع ), وقد حاورت الكثير من العلما في العراق ومصر وسوريا ولبنان وايران في
بـيـان هذه الحقيقة , وارجو من الذين هم حفظة الدين اي الحوزات العلمية ان يلتفتوا الى هذا الامر
بالجد والمثابرة .

وفـي هـذا الـمـجال فاول ما اسعدني هو هذا الكتاب الذي كتبه العلا مة الفاضل الشيخ محمد صادق
الـنجمي ـ احد علما الحوزة العلمية في قم المقدسة ـ ولاسباب عديدة ارى من اللازم ان اقدر جهد
مؤلفه الكريم من حيث :.

1 ـ ان المؤلف في دراسته هذه قد ادى الدور اللازم في البحث والتحقيق في كتب الحديث .

2 ـ اخـتـار المؤلف لدراسته من بين كتب الحديث كتابي صحيح البخاري وصحيح مسلم , اللذان هما
اصح الكتب واوثقها عند الاخوة اهل السنة .

3 ـ ان الـمـؤلـف قـد راعى في بحثه ودراسته آداب البحث العلمي رعاية تامة وهذاما وجدته اثنا
تتبعي في مضامين الكتاب .

4 ـ انه كتب كتابه بالفارسية وبعبارات رشيقة سلسة يفهمها عامة الناس .

5 ـ ان الـمـؤلـف وان كان يقطن قم المقدسة وهو احد فضلا حوزتها, وكان بعيداعن معاشرة اهل
الـسـنـة ومحادثتهم لكنه تصدى في دراسته لهذا الموضوع على الوجه السليم والاسلوب الصحيح
ورجانا من اهل العلم والفهم ان يقراوا الكتاب بدقة حتى تتجلى لهم الحقائق اكثر فاكثر.

ارجـو مـن اللّه الـقـديـر ان يحفظ قوام الحوزة العلمية في قم المقدسة حتى ظهورصاحب العصر
والـزمـان الـحـجـة بـن الـحسن العسكري عجل اللّه تعالى فرجه الشريف وان يوفق جميع العلما
والمحققين في شتى ابواب العلوم الاسلامية .

وآخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين .

مرتضى العسكري .

مسا الخميس 11/2/1392 ه ق .

لـما رايت مدى مقام صحيح البخاري واهميته عند اهل السنة جذبني الشوق والولع في ان اراجع هذا
الكتاب مراجعة دقيقة ومعمقة , ولشدة ما كنت اشعر به من العلاقة والشوق في هذا الموضوع اتممت
مـراجـعة الصحيح في فترة قصيرة , (وكان ذلك عام 1388 ه), فاخترت من بين احاديثه خمسين
حديثا في اربعة وثلاثين مسالة مختلفة ومشوقة , واستنسختها على شكل مذكرات .

ومن ثم اصبح هذا العمل البسيط نافذة على برمجة مطالعاتي المستقبلية ووضع اللبنة الاولى في تاليف
هذا الكتاب , وهكذا اثمرت بالنتيجة هذا الكتاب .

ومـن خلال هذه المراجعة الاولية وقعت حادثة غريبة وممتعة غيرت مساراطروحتي الفكرية من
اسـفـل الـى فوق وصيرت هذه المذكرات التي لم تتجاوز عدة وريقات دراسة متكاملة حتى صارت
اضعافا مضاعفة .

فـفـي شـهـر رجب من تلك السنة اي 1388 ه حلت العطلة الصيفية فرحلت الى موطني آذربيجان
الايـرانـية , فهناك حالفني حظ كبير وموهبة كبيرة ونلت فخرا عظيماونعمة موفورة , اذ تشرفت
بـلقا العلا مة المجاهد والمجتهد الاعظم الحجة المرحوم الشيخ الاميني صاحب كتاب الغدير تغمده
اللّه برحمته حيث كان يعاني من الالم في رجله فقدم الى تلك البلاد ليغتنم جوها ومياهها, فخدمته ما
يقارب عشرين يوما وذلك لانه سكن داري .

وان كان عشرون يوما بالنسبة الى عمر الانسان شيئا قليلا الا ان هذه الايام بالنسبة لي هي من اسعد
ايام عمري واهمها واثمنها, بحيث لا يمكن مقايستها بسنوات العمر.

وفي تلك الايام الخالدة والتي لا انساها ابدا لازمت مجلس ذلك البحر الزاخرومثال العلم والورع فلم
افـارقـه , وكم من مرة انفردت بمجالسته وحدي لساعات عديدة , ولم يكن في المجلس سوانا, وكنا
نـتـحدث معا حول مواضيع مختلفة فاقتطفت من بستان علمه وفضائله ازهارا, وشربت من نبع فقهه
وخلقه انهارا.

آه ما احلى تلك الايام المباركة ؟ وما اسعد تلك الساعات الفياضة ؟.

ومـن خـلال مجالستي معه , قدمت له تلك المذكرات التي كتبتها قبل اشهر,فكانت هذه الوريقات قد
ادخـلـت نـوعـا مـن الفرح والسرور في قلب ذلك العلم الذي يعدبحق بطل هذه الميادين العقائدية ,
والمنصور دائما في الحوارات والمناظرات .

واعـتقد ان هذه الوسيلة ـ اي البحث العلمي ـ هي افضل الوسائل التي يمكن للمضيف ان يستضيف بها
ضيفه الكريم ويجلب رضاه ويسكن فؤاده وخاصة ان كان مثل العلا مة الاميني (قدس سره ).

وبـعـد ان قد مت له اطروحتي اخذ يحثني ويشوقني اكثر بعباراته الجذابة وكلماته السحرية في
مـواصلة هذا السبيل , ويسهل لي الطريق الذي كنت اعتقده عسيراوصعبا, وبين لي بان مواصلة هذا
الامر فريضة واجبة لا يمكن تجاوزها ابدا.

ولـمـا عـاد العلا مة الى طهران زرته مرة او مرتين لعيادته , ومع انه كان يعاني من الم رجله معاناة
شديدة لكنه لم ينس الموضوع الذي بحثناه معا, فاخذ ثانية يشوقني اكثر ويرغبني ازيد في استدامة
المنهج الذي اخترته فرحمة اللّه عليه وجزاه اللّه عن الاسلام خيرا.

ولـكـن بعد فترة وعلى اثر بعض الاعمال والمشاكل التي واجهتني توقفت عن العمل , ثم عدت كرة
ثـانـيـة الـى تلك الاوراق وتذكرت نصائح المرحوم العلا مة الاميني فواصلت تحقيقاتي وبحثي في
صحيح البخاري بشكل اعمق حتى اضفت على ماكتبت في السابق مسائل اخرى .

ومن خلال مراجعتي لصحيح البخاري قرات سائر الصحاح والسنن قراة متقنة , واستنتجت فيما بعد
بـان صـحـيـح مـسلم هو الاخر مثل صحيح البخاري من حيث الاهمية والشانية ومواز له في شتى
جـوانـبـه الرجالية والروائية بل ان بعض علما اهل السنة يقدم صحيح مسلم ويرجحه على صحيح
البخاري , وان احد علمائهم ((51)) جمع احاديث الصحيحين في كتاب واحد واسماه ((الجمع بين
الصحيحين )), وآخر ((52)) جمع رجال الصحيحين في كتاب مستقل وعنونه ((الجمع بين رجال
الصحيحين )).

ولـهـذا الـتقارن والتقارب بين الصحيحين بدات بالتركيز والتدقيق اكثر من قبل على صحيح مسلم
ايـضـا, فتجمعت عندي وريقات مترامية ومتشتتة لم تظهر بعد على نحو كتاب , وتاييدا لراي لعلنى
ابـديـتـه كنت استدل عليه بما ورد في المصادر الاخرى غير الصحيحين , وبناا على هذا تراكمت
عـنـدي مـذكرات وقصاصات اكثر وهكذا تمت المرحلة الثانية من تاليف كتابي الذي كان للمرحوم
العلا مة الاميني حظا كبيرا في تدوينه .

فما زلت اواصل مطالعاتي في الصحيحين جاهدا, واغتنم مهما امكن كل كتاب احتمل انه سيكون مفيدا
فـي تـحقيقي حتى استوهبت فخرا آخرا وانفتحت امامي نافذة اخرى نحو السعادة , وتشوقت اكثر
لمواصلة البحث والتحقيق , وتلك الموهبة هي زيارتي للعالم الجليل العلا مة السيد مرتضى العسكري
فتشرفت بلقائه في طهران .

الـعـلا مـة الـعسكري هو من العلما العظام والاتقيا ومن مفاخر الشيعة ونجمه لامع في سما البحث
والـتحقيق في عالم التشيع , وهو غنى عن التعريف خاصة عنداهل العلم والمحققين , ولا يخفى على
احد ما يمتاز به هذا العالم النحرير, من الهمة العالية والابتكارات البديعة , وانه قد انتهج سبيلا غاب
عـن عـلمائنا السلف ان يغتنموه ,وجهد كثيرا في تبيين حقائق التاريخ الاسلامي , ونشاطه مؤثر في
هذا المجال ((53)) .

ومنذ تشرفي بزيارة سيادته تعرفت على اسمى الفضائل الخلقية والمعنوية التي كان يتصف بها العلا
مـة العسكري , هذا وعلاوة على ما استفدت من نبعه العلمي الوافروتطلعه الزائد, فقد تاثرت بهذه
الشخصية العلمية والتقية كثيرا بحيث تغيرت برامجي الفكرية والتحقيقية .


/ 22