عقائد الإسلامیة جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 4

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




آراء شاذة وأخرى مشبوهة الهدف في أويس :


1 ـ حاولوا إعطاء شخصية أويس لعدوي وأموي


مع كثرة الأحاديث والروايات الصحيحة في مصادر الشيعة والسنة حول أويس ،
ومع أن اسمه مميز لا يختلط بغيره.. إلا أن بعضهم حاول أن يجعل الشخص الذي
بشر النبي صلى الله عليه وآله بشفاعته شخصاً آخر غير أويس !!

قال ابن الأثير في اُسد الغابة : 3 | 29 :


صلة بن أشيم العدوي من عدي بن الرباب وهو عدي بن عبد مناة بن أد بن
طابخة ، أورده سعيد القرشي... صلة هذا قتل بسجستان سنة خمس وثلاثين ، وكان
عمره ثلاثين ومائة سنة ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلة فقال فيما روى
يزيد بن جابر قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يكون في أمتي رجل
يقال له صلة ، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. أخرجه أبو موسى.

روى يزيد عن جابر قال : بلغنا أن النبي قال : يكون في أمتي رجل يقال له
صلة ( ابن أشيم ) يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. انتهى.

ورواه الذهبي في تاريخ
الإسلام : 5 | 127


وترجم الذهبي في سير أعلام النبلاء : 3 | 497 ، لصلة هذا باحترام كبير فقال :


صلة بن أشيم الزاهد العابد القدوة ، أبو الصهباء العدوي البصري زوج العالمة
معاذة العدوية ، ما علمته روى سوى حديث واحد عن ابن عباس.

حدث عنه أهله معاذة ، والحسن ، وحميد بن هلال ، وثابت البناني ، وغيرهم.

ابن المبارك في الزهد : عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : بلغنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : يكون في أمتي رجل يقال له صلة ، يدخل الجنة بشفاعته
كذا وكذا. هذا حديث معضل. انتهى. ثم ذكر الذهبي أنه استشهد في سجستان سنة
اثنين وستين.

[38]

وقال فى هامشه عن معاذة زوجة صلة : من رجال التهذيب ، وحديثها في الكتب
الستة. وقال عن الحديث : إسناده ضعيف لاعضاله كما قال المؤلف ، والحديث
المعضل هو الذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.

والخبر في حلية الأولياء 2 | 241 من طريق ابن المبارك. انتهى.


وكفى الله المؤمنين هذا الحديث حيث ضعفه ناقلوه.. لكن تبقى دلالته على أن
وجود أويس كان ثقيلاً على السلطة وخاصة الأموية ، لأنه شهادة نبوية حية على أن
الحق مع علي عليه السلام ولذلك حاولوا التخلص منه تارة بإنكار وجود أويس من الأساس !
أو بتضعيفه ، أو بإعطاء شخصيته لشخص عدوي قريب من الخليفة عمر.

وبعضهم سلم بوجود أويس لكن ادعى أنه قتل في سجستان أو آذربيجان ، ولم
يقتل مع علي في صفين !!

وأخيراً.. حاول بعضهم أن يعطي شفاعة أويس لعثمان بن عفان ! فقال في تذكرة
الموضوعات | 94 : في المختصر ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة
ومضر ) قيل هو أويس ، والمشهور أنه عثمان بن عفان. انتهى.

ومعنى قوله ( والمشهور ) أنه يريد أن يجعله مشهوراً ، وإن لم يكن كذلك حتى
بين السنيين المحبين لعثمان !!



2 ـ والبخاري ضعف أويساً ولم يقبل روايته !


في ميزان الاعتدال : 1 | 278 ولسان الميزان : 1 | 471 :


أويس بن عامر ، ويقال ابن عمرو القرني اليمني العابد نزيل الكوفة ، قال البخاري
يماني مرادي ، في إسناده نظر فيما يرويه ! وقال البخاري أيضاً في الضعفاء : في
إسناده نظر : يروي عن أويس في إسناد ذلك.

قلت هذه عبارته ! يريد أن الحديث الذي روى عن أويس في الاسناد الى أويس
نظر ، ولولا أن البخاري ذكر أويساً في الضعفاء لما ذكرته أصلاً ، فإنه من أولياء الله
الصادقين ، وما روى الرجل شيئاً فيضعف أو يوثق من أجله !

[39]

وقال أبو داود : حدثنا شعبة قال : قلت لعمرو بن مرة : أخبرني عن أويس ، هل
تعرفونه فيكم ؟ قال : لا.

قلت : إنما سألت عمراً عنه لأنه مرادي ، هل تعرف نسبه فيكم ؟ فلم يعرف.
ولولا الحديث الذي رواه مسلم في فضل أويس لما عرف ، لأنه عبد لله تقي خفي ،
وما روى شيئاً ، فكيف يعرفه عمرو ، وليس من لم يعرف حجة على من عرفه ! انتهى.

وشبيه به في سير أعلام النبلاء : 4 | 19 ، قال :


أويس القرني. هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس بن
عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد.

وفد على عمر وروى قليلاً عنه ، وعن علي.

روى عنه يسير بن عمرو ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبو عبد رب الدمشقي
وغيرهم ، حكايات يسيرة ، ما روى شيئاً مسنداً ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين ، وقد كان
من أولياء الله المتقين ومن عباده المخلصين. انتهى.

وقال الجرجاني في الكامل : 1 | 12 ،

بعد أن أورد عدداً من أحاديث أويس : قال
الشيخ : وهذا الحديث معروف لأويس يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة ،
وليس لأويس من الرواية شيء ، وانما له حكايات ونتف وأخبار في زهده ، وقد شك
قوم فيه ، إلا أنه من شهرته في نفسه وشهرة أخباره لا يجوز أن يشك فيه ، وليس له من
الأحاديث إلا القليل ، فلا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف ، بل هو صدوق ثقة مقدار ما
يروى عنه. انتهى.

والذي يقرأ البخاري في صحيحه وتاريخه وبقية مؤلفاته ، يراه حريصاً على الخط
المتشدد لمذهب عمر وآرائه ، ولذا فإن موقفه السلبي من أويس يمثل ما كان في
عصره من التهوين من شخصيته.. وهو دليل كاف على أن صلة أويس بعمر لم تكن
كما يحبون.

[40]



3 ـ ومتشددة الحنابلة قللوا من مقام أويس !


فقد صرح متعصبوا الحنابلة بتفضيل بعض أصحابهم على أويس القرني !

قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة : 2 | 63 :


فقال البربهاري إذا كان أويس القرني يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، فكم
يدخل في شفاعة أبي الحسن بن بشار ؟!

قال أحمد البرمكي : صدق البربهاري لأن أويساً كان من الأبدال ، وأبا الحسن كان
من المستخلفين ، والمستخلف أجل من البدل وأفضل عند الله ، لأن المستخلف في
الأرض مقامه مقام النبيين عليهم السلام !! لأنه يدعو الخلق الى الله ، فبركته عائدة عليه وعلى
كافة الخلق ، وبركة البدل عائدة على نفسه !! انتهى.

لكنا نسأل البرمكي والبربهاري وأبا يعلى الذي ارتضى كلامهما : إن درجات
الناس ومقامهم عند الله وتفاضلهم غيب لا سبيل الى العلم به الا من الذي له نافذة
على الغيب ! وقد عرفنا مقام أويس من شهادة الرسول صلى الله عليه وآله ، فمن أين عرفتم مقام
صاحبكم !! وأن الله تعالى جعله خليفته في أرضه ! وجعله في رتبة الأنبياء صلوات
الله عليهم ؟ !

إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً ؟!

أما الذهبي فقد قيد قول النبي صلى الله عليه وآله المطلق في أويس ! وقال إنه أفضل التابعين في
عصره فقط.. ويقصد أنه بعد عصره يوجد كثيرون أفضل منه !!

قال في سير أعلام النبلاء : 4 | 19 :


أويس القرني ، هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس...
انتهى.

وأما ابن تيمية ، فقد تناول أويساً من جهة أخرى قد تكون هي السبب في
حساسية بعضهم منه ، فقد أكد على أن أمر الرسول صلى الله عليه وآله لعمر أن يطلب من أويس أن
يستغفر له ، لا يدل على أن أويساً أفضل من عمر !

[41]

قال في التوسل والوسيلة | 327 :


وحتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب من أويس القرني أن يستغفر
للطالب ، وإن كان الطالب أفضل من أويس بكثير.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : إذا سمعتم المؤذن
فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليّ ، فإنه من صلى عليّ مرة صلى الله عليه عشراً...
انتهى.

فمن أين عرف ابن تيمية أفضلية عمر على أويس ؟! وكيف جعل طلب الإستغفار
كطلب الدعاء ؟!

وكيف شبه أمر النبي لعمر أن يطلب الإستغفار من أويس ، بطلب الرسول منا أن
نصلي عليه صلى الله عليه وآله ؟!! مع الفارق الكبير بينهما ؟!

فطلب الرسول منا أن ندعو له بالصلاة عليه إنما هو من أجلنا ، ولم يستمد منا
المساعدة !

أما توجيهه أحداً أن يطلب الإستغفار من أحد ، فلا يكون إلا إذا كان للثاني مقام
عند الله تعالى يؤمل به أن ينفع الأول !! فهو من قبيل قوله تعالى ( ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول... ).



4 ـ وفضلوا أموياً على أويس القرني !


في حلية الأولياء : 9 | 223 :


قال وسمعت أبا سليمان وأبا صفوان يتناظران في عمر بن عبد العزيز وأويس ،
فقال أبو سليمان لأبي صفوان : كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس !

فقال له : ولم ؟

قال : لأن عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا فزهد فيها.

فقال له أبو صفوان : وأويس لو ملكها لزهد فيها مثل ما فعل عمر !

[42]

فقال أبو سليمان : أتجعل من جرب كمن لا يجرب ، إن من جرت الدنيا على يديه
ولم يكن لها في قلبه موقع.

وقال في البداية والنهاية : 9 | 233 :


قال أبو سليمان الداراني : كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس القرني ، لأن
عمر ملك الدنيا بحذافيرها وزهد فيها ، ولا ندري حال أويس لو ملك ما ملكه عمر
كيف يكون ؟! ليس من جرب كمن لم يجرب ! انتهى.

فهل تعامى الداراني وأبو نعيم وابن كثير أن أويساً شهد له سيد المرسلين صلى الله عليه وآله
بأنه من كبار أولياء الله تعالى ، والشفعاء عنده يوم القيامة ، وأن معنى ذلك أن الملك
والخلافة ومغريات الدنيا لو عرضت له وقبلها فسوف لا تغير منه شيئاً !

بينما لم يشهد صلى الله عليه وآله لعمر بن عبد العزيز بحرف من ذلك !

فتفضيله على أويس وجعله في درجته ، ماهو إلا الظن والتعصب لبني أمية !



5 ـ ثم حاولوا إنكار شهادة أويس في صفين


في سير أعلام النبلاء : 4 | 25 :


وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه ، وزاد فيها : ثم إنه غزا
أذربيجان فمات ، فتنافس أصحابه في حفر قبره. انتهى.

وقد حاول المعلق على سير الذهبي أن يؤكد الشك في شهادة أويس في صفين ،
فقال في هامشه : هناك أخبار مختلفة حول موته والمكان الذي دفن فيه ،

ذكرها أبو
نعيم في الحلية 2 | 83 ، وابن عساكر في تاريخه 3 | 110 ، وما بعدها.


وفي حلية الأولياء : 2 | 84 :


حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه
، ثنا الهيثم بن عديّ ، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلمة ،
قال غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ، ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا

[43]

مرض علينا ـ يعني أويس ـ فحملناه ، فلم يستمسك فمات ، فنزلنا فإذا قبر محفور
وماء مسكوب ، وكفن وحنوط ، فغسلناه وكفناه !!

وفي لسان الميزان : 1 | 473 :


وأخرج مسلم... عن أسير بن جابر فذكر اجتماع عمر رضي الله عنه بأويس ، وفيه :

قال أين تريد ؟

قال : الكوفة.

قال : ألا أكتب لك الى عاملها فيستوصى بك ؟

قال : لا ، بل أكون في غبرات الناس أحب الي.. الحديث ، وفي آخره أنه مات
بالحيرة. انتهى.

وإذا كان يقصد أن الحديث الآخر في مسلم ، فلم نجد فيه ذكراً لموته في الحيرة !
وهذا يوجب الشك في أن نسخ صحيح مسلم متفاوتة ، وأنه أضيف الى بعضها أنه
مات بالحيرة !

وفي لسان الميزان : 1 | 475 :


وقال ابن حبان في ثقات التابعين : أويس بن عامر القرني من اليمن ، من مراد
سكن الكوفة ، وكان زاهداً عابداً ، يروي عن عمر ، اختلفوا في موته ، فمنهم من يزعم
أنه قتل يوم صفين في رجالة علي رضي الله عنه ، ومنهم من يزعم أنه مات على جبل أبي
قبيس بمكة ، ومنهم من يزعم أنه مات بدمشق ، ويحكون في موته قصصاً تشبه
المعجزات التي رويت عنه.

وقد كان بعض أصحابنا ينكر كونه في الدنيا ، حدثني عبد الله بن الحسين الرحبي
ثنا عباس بن محمد قراد أبو نوح ، فذكر ما تقدم ، والأثر الذي تقدم عن لوين أخرج
أحمد في مسنده عن أبي نعيم عن شريك به ، وفي آخره سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : إن من خير التابعين أويساً القرني رضي الله عنه. انتهى.

[44]

وفي تاريخ الطبري : 10 | 116 :


( ذكر من هلك من التابعين سنة 32 )

ومنهم أويس بن الخليص القرني. كذلك ذكر ضمرة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء
الخراساني عن أبيه قال : سمعت من رجل من قومي يعني من قوم أويس وأنا أحدث
بحديثه ، فقال تدري يا أبا عثمان أويس ابن من ؟

قلت : لا.

قال أويس بن الخليص.

وأما يحيى بن سعيد القطان فإنه قال : حدثنا يزيد بن عطاء ، عن علقمة بن مرثد
بأنه قال : أويس بن أنيس القرني.

واختلف في وقت مهلكه فقال بعضهم : قتل مع علي عليه السلام بصفين ، روى محمد بن
أبي منصور قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن
عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : نادى منادي عليّ عليه السلام يوم صفين ألا اطلبوا أويساً
القرني بين القتلى ، فطلبوه فوجدوه فيهم. أو كلاماً هذا معناه. انتهى.

وفي تاريخ الطبري : 10 | 145 :


وأويس القرني ، من مراد وهو يحابر بن مالك بن مذحج ، وهو أويس بن عامر بن
جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد وهو
يحابر بن مالك.

وكان ورعاً فاضلاً روى أنه قتل يوم صفين : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر
قال : حدثنا هشام عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليدخلن
الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر. قال هشام فأخبرني حوشب أنه قال
هو أويس القرني.

وفي وقعة صفين لنصر بن مزاحم | 324 :


نصر ، عن حفص بن عمران البرجمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري
قال : أصيب أويس القرني مع علي بصفين.

[45]

وفي أنساب الأشراف | 320 :


وبعض الرواة يزعم أن أويساً القرني العابد ، قتل مع علي بصفين. ويقال : بل مات
بسجستان. قالوا : وكان علي بصفين في خمسين ألفاً ، ويقال : بل في مئة ألف. وكان
معاوية رحمه الله !! في سبعين ألفاً ، ويقال : في مأة ألف ، فقتل من أهل الشام خمسة
وأربعون ألفاً ، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً ، والله أعلم.

وقال في هامشه :

وهذا هو الشائع المعروف بين العلماء ، لم يتردد فيه إلا بعض النواصب ، وقد ذكر
الكثيرون من منصفي أهل السنة استشهاد أويس بصفين ،

وذكره ابن عساكر بطرق في
ترجمة أويس من تاريخ دمشق : 6 | 69 ، وفي ترجمة زيد بن صوحان : 19 | 131 ، وفي
تهذيبه : 6 | 14


قال في مجمع الزوائد : 10 | 22

: وعن ابن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام
يوم صفين أفيكم أويس القرني ؟

قالوا نعم.

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خير التابعين أويس. رواه
أحمد بن حنبل وإسناده جيد.

وقال ابن مسكويه في الحكمة الخالدة | 134

: وذكر ابن أبي ليلى الفقيه أن أويساً
وجد في قتلى رجالة علي بن أبي طالب يوم صفين.

وقال الحاكم في ترجمة أويس من المستدرك : 3 | 402 :


سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب قال : سمعت العباس بن محمد الدوري
يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب يوم صفين.

وبالسند المتقدم عن أبي العباس محمد بن يعقوب ، عن عباس بن الدوري ، حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال :

[46]

ولما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي : أفيكم أويس
القرني ؟ قالوا : نعم فضرب دابته حتى دخل معهم ثم قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : خير التابعين أويس القرني.

وأخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد ، حدثنا عبدالله بن روح المدائني ، حدثنا
عبيد الله ابن محمد العبسي ، حدثني إسماعيل بن عمرو البجلي ، عن حبان بن علي
العنزي عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال :

شهدت علياً رضي الله عنه يوم صفين وهو يقول :

من يبايعني على الموت ؟ ـ أو قال : على القتال ؟

فبايعه تسع وتسعون قال : فقال :

أين التمام ؟ أين الذي وعدت به ؟

قال : فجاء رجل عليه أطمار صوف محلوق الرأس فبايعه على الموت والقتل
[كذا] قال فقيل : هذا أويس القرني. فما زال يحارب بين يديه حتى قتل رضي الله عنه.

وقال في تاريخ الخميس : 2 | 277 :

وقتل مع علي خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين
وأويس القرني زاهد التابعين.

وقال في المختصر الجامع : قتل من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا ، منهم عمار
بن ياسر ، وأويس القرني ، وخمسة وعشرون بدريا.

وقال ابن عساكر قبل ختام ترجمة أويس بحديث : أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علية
[كذا] بن الحسن الحسيني ، حدثنا القاضي محمد بن عبدالله الجعفي ، حدثنا الحسين
بن محمد ابن الفرزدق ، أنبأنا الحسن بن علي بن بزيع ، حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا
ابراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبدالله بن أذنية البصري ، عن أبان بن أبي عباش عن
سليمان [كذا] بن قيس العامري : قال رأيت أويساً القرني بصفين صريعاً بين عمار
وخزيمة بن ثابت.

وتقدم في تعليق الحديث ( 347 ) في ص 286 عن ترجمة زيد بن صوحان من تاريخ


[47]

دمشق : 19 | 130 ، وفي تهذيبه : 6 | 14 ، بسند آخر أن أويس القرني قتل في الرجالة يوم
صفين. انتهى.


وكان ينبغي لهؤلاء المؤرخين أن يتقيدوا بمنهجهم في الأخذ بالأحاديث
الصحيحة التي نصت على شهادة أويس مع علي عليه السلام في صفين ، وأن لا يشككوا
الناس بسرد أحاديث ضعيفة في مقابلها.

ولكن بغضهم لعلي عليه السلام يدفعهم دائماً الى ترك منهجهم والتشبث بالطحلب لكي
يتخلصوا من أويس ، هذه الآية الربانية النبوية التي شهدت على حق علي عليه السلام وباطل
خصومه ومقاتليه ، وحكمت عليهم بنصوص صحيحة عندهم بأنهم الفئة الباغية
المحاربة لله ورسوله !!

ترى أحدهم لا يشهد بأن الحق مع علي عليه السلام إلا مجبوراً ، كأنه يساق الى الموت !!
ويبقى قلبه مشرباً بحب أعداء علي ومقاتليه ، وكأنه يقول لهم ( أحسنتم وتقبل
جهادكم وطاعاتكم ) !!

قال الحاكم في المستدرك : 3 | 402 :


ذكر مناقب أويس بن عامر القرني رضي الله عنه.

أويس راهب هذه الأمة ولم يصحب رسول الله صلى الله عليه وآله إنما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ودل
على فضله ، فذكرته في جملة من استشهد بصفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب رضي الله عنه.

سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت العباس بن محمد الدوري
يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب يوم صفين.

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا أبو نعيم ،
ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم
صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي أفيكم أويس القرني ؟ قالوا :

[48]

نعم ، فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : خير
التابعين أويس القرني.

أخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد ، ثنا عبد الله بن روح المدايني ، ثنا عبيد
الله بن محمد العبسي ، حدثني اسمعيل بن عمرو البجلي ، عن حبان بن على
العنزي ، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : شهدت علياً رضي الله عنه يوم صفين
وهو يقول : من يبايعني على الموت ، أو قال على القتال ؟ فبايعه تسع وتسعون.

قال فقال : أين التمام أين الذي وعدت به ؟

قال فجاء رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس ، فبايعه على الموت والقتل ،
قال فقيل هذا أويس القرني ، فما زال يحارب بين يديه حتى قتل رضي الله عنه.

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا علي بن
حكيم ، ثنا شريك قال ذكروا في مجلسه أويس القرني فقال : قتل مع علي بن أبي
طالب رضي الله عنه في الرجالة. انتهى.

وقد تقدم من صحيح مسلم وغيره أن أويساً كان في صفين.

راجع أيضاً : طبقات ابن سعد : 6 | 113 ـ 114 ، وغيره.



6 ـ وجعلوا له قبرين في الشام ليبعدوه عن صفين


في رحلة ابن بطوطة : 1 | 93 :


أن جماعه من الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام ، فتوفي في
أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء ، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً
وكفناً وماء فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه...

بعض المشاهد والمزارات بها ( الشام ) : فمنها بالمقبرة التي بين باب الجابية
والباب الصغير... وقبر بلال مؤذن رسول الله ( ص ) ، وقبر أويس القرني ، وقبر كعب
الأحبار. انتهى.

[49]

أما ابن تيمية الذي مذهبه تحريم زيارة القبور ، فقد صرح بأن قبر أويس الذي في
الشام لا أصل له ، قال في كتابه زيارة القبور | 446 : أما هذه المشاهد المشهورة فمنها
ما هو كذب قطعاً مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف الى اُبيّ بن كعب ،
والمشهد الذي بظاهرها المضاف الى أويس القرني ، والمشهد الذي بمصر المضاف
الى الحسين رضي الله عنه ، الى غير ذلك من المشاهد التي يطول ذكرها بالشام والعراق ومصر
وسائر الأمصار ، حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني كل هذه القبور
المضافة الى الأنبياء لا يصح شيء منها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أثبت
غيره أيضاً قبر الخليل عليه السلام !!



7 ـ وزعم بعضهم أن قبر أويس طار من الأرض


قال في حلية الأولياء : 2 | 84 :


حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه
، ثنا الهيثم بن عدي ، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن أبيه عن عبد الله بن سلمة ، قال
غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرني ، فلما رجعنا مرض علينا ـ
يعني أويس ـ فحملناه فلم يستمسك فمات ، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب
وكفن وحنوط ، فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه !

فقال بعضنا لبعض : لو رجعنا فعلمنا قبره ، فرجعنا فإذا لا قبر ولا أثر !!

وقال اللواتي في تحفة النظار في غرائب الأمصار : 1 | 55 :


فمن بعض المشاهد والمزارات بدمشق التي بين باب الجابية والباب الصغير قبر
أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين ، وقبر أخيها أمير المؤمنين معاوية ، وقبر بلال
مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عنهم أجمعين ، وقبر أويس القرني
وقبر كعب الأحبار رضي الله عنهما.

ووجدت في كتاب المعلم في شرح صحيح مسلم للقرطبي أن جماعة من

[50]

الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام فتوفي في أثناء الطريق في برية
لا عمارة فيها ولا ماء ، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء ، فعجبوا من
ذلك وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ، ثم ركبوا فقال بعضهم : كيف نترك قبره
بغير علامة ، فعادوا للموضع فلم يجدوا للقبر من أثر. انتهى.

ومن الواضح أنهما روايتان أمويتان تريدان إبعاد قبر أويس عن صفين ، وتنفيان
استشهاده مع علي عليه السلام !!



8 ـ ورووا عن مالك أنه أنكر وجود أويس


في سير أعلام النبلاء : 4 | 32 :


قال أبو أحمد بن عدي في الكامل : أويس ثقة صدوق ، ومالك ينكر أويساً !
ثم قال : ولا يجوز أن يشك فيه. أخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ أبي القاسم
ابن عساكر.

ميزان الاعتدال : 1 | 279 :


قال ابن عدي : ليس لأويس من الرواية شيء ، إنما له حكايات ونتف في زهده ،
وقد شك قومه فيه ، ولا يجوز أن يشك فيه لشهرته ولا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف ،
بل هو ثقة صدوق. قال : ومالك ينكر أويساً يقول : لم يكن. انتهى.

ولعل إنكار مالك لوجوده فيه إن صح مبني على أن القرنيين قالوا لا نعرف نسبه
فينا ، أو شككوا في وجوده بينهم !

وقد تقدم أن مخابرات الخلافة كلفت ابن عمه بأذاه وتسقيط شخصيته ، فلا يبعد
أن تكون هذه الشائعة من صنعهم.

كما تقدم قول أويس عن رد فعل الخلفاء وعمالهم على نصحه لهم ( حتى والله
لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق ).

وقوله ( نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر ، فيشتمون أعراضنا ، ويرموننا

[51]

بالجرائم والمعايب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين ، إنه والله لا
يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله ) !.

ومن المعروف للجميع أن الخلفاء ( ماعدا علياً عليه السلام ) لم يكن يتسع صدرهم
للانتقاد ، وأن سياستهم قامت على أن المنتقد عدو ، بل الممتنع عن البيعة عدو..
وقد أرادوا قتل سعد بن عبادة في السقيفة ، وأشعلوا الحطب في اليوم الثاني لوفاة
النبي صلى الله عليه وآله في دار علي وفاطمة ليحرقوه بمن فيه ! إن لم يبايعوا !! الخ.

وعندما يكون منتقد الخليفة شخصية مهمة مبشراً به مشهوداً له من النبي صلى الله عليه وآله فإن
جرمه يكون أكبر ، لأن كلامه يكون مؤثراً في الناس أكثر !

وعليه فليس بعيداً أن تكون السلطة طلبت من القرنيين إنكار أويس ، أو تبرعوا هم
بإنكاره خوفاً من تحميلهم مسؤولية معارضته !

وهو عمل مألوف حتى في عصرنا من العشيرة التي لا تريد أن تتحمل مسؤولية
ابنها المعارض للسلطة.

ويؤيد ذلك سلوك أويس الفريد في العناية بالفقراء ، وتربيته مجموعة من الزهاد
السائرين على نهجه ، وكان مركزهم في مسجد بالكوفة.. وأنه ورد عنه أنه كان يكرر
( ماذا لقيت من عمر ) وهو شبيه بالكلام الذي كانت تكرره فاطمة الزهراء عليها السلام..

هذا ، ومن المحتمل أن محبي بني أمية أشاعوا عن مالك تشكيكه في وجود
أويس القرني ، لأن أويساً كعمار بن ياسر رضي الله عنهما ظل شهادة صارخة من النبي
صلى الله عليه وآله على أنهم أهل الباطل !

**

ومن طريف ما جرى في عصرنا أن الإيرانيين بنوا في صفين ( الرقة ) مسجداً كبيراً
ضمنوه قبر عمار بن ياسر وأويس القرني رضي الله عنهما ، وعندما كمل المشروع
أقاموا لافتتاحه احتفالاً ودعوا بعض العلماء والمؤرخين لالقاء خطبهم فيه ، ومنهم

[52]

الدكتور سهيل زكار المحب للأمويين ، فتكلم في افتتاح مسجد أويس ، وأنكر وجود
شخصيته من أساسها !!

والطريف أن الملحقية الثقافية الايرانية نشرت خطابه في مجلتها !!

فإذا كنا الى الآن نرى أن المتعصبين لبني أمية مثل الدكتور زكار ، يثقل عليهم
وجود أويس القرني ، ويحاولون إنكاره ، فإن أسلافهم الذين عاصروه أو رأوا تأثيره
العميق على الأمة ، أجدر من المتأخرين بإنكار وجوده للتخلص منه !

**



آراء مضادة مغالية في أويس القرني !


من جهة أخرى غالى بعضهم في أويس وجعلوه خليل رسول الله صلى الله عليه وآله

ففي طبقات ابن سعد : 6 | 163 :


أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال : حدثنا سلام بن مسكين قال : حدثني رجل قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خليلي من هذه الأمة أويس القرني.

ورواه في الجامع الصغير : 3 | 298 ، برقم 3942 وفي مختصر تاريخ دمشق : 3 جزء
895 وفي كنز العمال : 12 | 74. انتهى.


وهذه الرواية لا تصح عندنا ولا عند غيرنا.

أما عندنا فلأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : أنت أخي ، وخليلي ، وأول من
يصافحني يوم القيامة.

وأما عندهم ، فلأنهم رووا حديثاً ينفي وجود خليل للنبي صلى الله عليه وآله وأنه لو كان متخذاً
خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً !

وحديثهم عن أبي بكر كحديثهم عن أويس يراد بهما نفي أن يكون خليل النبي
علياً عليه السلام ! كما وضعوا حديث أن عمر أول من يصافح الرحمن يوم القيامة ، مقابل
حديث أن يكون علياً أول من يصافح النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة !

[53]

قال أحد المعلقين في هامش المجروحين لابن حبان : 3 | 151 :

وأخبار أويس أورد الكثير منها ابن سعد في الطبقات ، وأورد ابن الجوزي خبراً
منها ثم قال : قد وضعوا خبراً طويلاً في قصة أويس من غير هذه الطريق. وإنما يصح
في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر ، وأخبره رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : يأتي عليكم أويس فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل. فأطال
القصاص وعرضوا في حديث أويس بما لا فائدة في الاطالة بذكره. انتهى.

وقد حصر هذا المحشي سبب الوضع في أحاديثه بالقصاص ، ولكن عرفت
مشكلة الخلافة والأمويين مع أويس ، وهي دواع للانكار والوضع معاً !!



ورووا أنه أوصى الى هرم بن حيان وبكى على عمر


في مستدرك الحاكم : 3 | 406 :


أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن معاوية السياري شيخ أهل
الحقائق بخراسان قال : أنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه الفزاري ، أنا عبدان
بن عثمان ، أنا عبد الله بن الشميط بن عجلان ، عن أبيه أنه سمع أسلم العجلي يقول :
حدثني أبو الضحاك الجرمي ، عن هرم بن حيان العبدي قال :

قدمت الكوفة فلم يكن لي بها هم إلا أويس القرني أطلبه وأسأل عنه حتى
سقطت عليه جالساً وحده على شاطيء الفرات نصف النهار يتوضأ ويغسل ثوبه ،
فعرفته بالنعت فاذا رجل لحم آدم شديد الادمة ، أشعر محلوق الرأس يعني ليس له
جمة ، كث اللحية عليه إزار من صوف ورداء من صوف بغير حذاء ، كبير الوجه مهيب
المنظر جداً ، فسلمت عليه فرد عليّ ، ونظر إليّ فقال : حياك الله من رجل ، فمددت
يدي اليه لأصافحه فأبى أن يصافحني وقال : وأنت فحياك الله.

فقلت رحمك الله يا أويس وغفر لك ، كيف أنت رحمك الله ؟

ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي له ، لما رأيت من حاله ما رأيت حتى بكيت
وبكى. ثم قال : وأنت فرحمك الله يا هرم بن حيان ، كيف أنت يا أخي ، من دلك

[54]

عليّ ؟ قلت : الله. قال : لا الَه إلا الله سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، حين
سماني والله ماكنت رأيته قط ولا رآني.

ثم قلت : من أين عرفتني وعرفت اسمي واسم أبي ؟ فوالله ما كنت رأيتك قط قبل
هذا اليوم !

قال : نبأني العليم الخبير ، عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك. إن
الأرواح لها أنفس كأنفس الأحياء ، إن المؤمنين يعرف بعضهم بعضاً ويتحدثون بروح الله
وإن لم يلتقوا ، وإن لم يتكلموا ويتعارفوا ، وإن نأت بهم الديار وتفرقت بهم المنازل.

قال قلت : حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث أحفظه عنك.

قال : إني لم أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم تكن لي معه صحبة ، ولقد رأيت رجالاً قد
رأوه وقد بلغني من حديثه كما بلغكم ، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي
أن أكون محدثاً أو قاضياً ومفتياً. في النفس شغل يا هرم بن حيان.

قال فقلت : يا أخي اقرأ عليّ آيات من كتاب الله أسمعهن منك فإني أحبك في الله
حباً شديداً ، وادع بدعوات وأوص بوصية أحفظها عنك.

قال فأخذ بيدى على شاطيء الفرات وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ، قال فشهق شهقة ثم بكى مكانه ، ثم قال قال ربي
تعالى ذكره وأحق القول قوله وأصدق الحديث حديثه وأحسن الكلام كلامه : وما
خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ، ما خلقناهما الا بالحق.. حتى بلغ الى
من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم. ثم شهق شهقة ثم سكت ، فنظرت اليه وأنا أحسبه
قد غشي عليه ، ثم قال : يا هرم بن حيان ، مات أبوك ، وأوشك أن تموت ومات أبو
حيان. فإما الى الجنة وإما الى النار. ومات آدم ومات حواء.

يا ابن حيان ومات نوح وابراهيم خليل الرحمن.

يا ابن حيان ومات موسى نجي الرحمن.

يا ابن حيان ومات داود خليفة الرحمن.

[55]

يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن.

ومات أبو بكر خليفة المسلمين.

يا ابن حيان ومات أخي وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب.

ثم قال : واعمراه ، رحم الله عمر وعمر يومئذ حي !!وذلك في آخر خلافته.

قال فقلت له : رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حي !

قال : بلى إن تفهم فقد علمت ما قلت ! وأنا وأنت في الموتى. وكان قد كان ثم
صلى على النبي صلى الله عليه وآله ودعا بدعوات خفاف ثم قال :

هذه وصيتي اليك يا هرم بن حيان : كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين
والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله ، ولقد نعيت على نفسي ونعيتك ، فعليك بذكر
الموت ، فلا يفارقن عليك طرفة ، وأنذر قومك إذا رجعت اليهم ، وانصح أهل ملتك
جميعاً واكدح لنفسك ، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم ،
فتدخل النار يوم القيامة !

قال ثم قال : اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك ، اللهم عرفني
وجهه في الجنة ، وأدخله عليّ زائراً في دارك دار السلام ، واحفظه ما دام في الدنيا
حيث ما كان ، وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير ، وما أعطيته من الدنيا فيسره
له ، واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين ، واجزه خير الجزاء.

استودعتك الله يا هرم بن حيان ، والسلام عليك ورحمة الله.

ثم قال لي : لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة والوحدة أحب اليّ
لاني شديد الغم كثير الهم مادمت مع هؤلاء الناس حياً في الدنيا ، ولا تسأل عني ولا
تطلبني واعلم أنك مني على بال ولم أرك ولم ترني !! فاذكرني وادع لي فاني
سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى.

انطلق ها هنا حتى آخذ هاهنا.

قال فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى عليّ ، ففارقته يبكي وأبكي !

[56]

قال فجعلت أنظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك ، فكم طلبته بعد ذلك
وسألت عنه فما وجدت أحداً يخبرني عنه بشيء ، فرحمه الله وغفر له.

وما أتت عليّ جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين ! أو كما قال.

وفي سير أعلام النبلاء : 4 | 28 :


أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا يوسف بن خليل ، أنبأنا أبو المكارم المعدل ،
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا حبيب بن الحسن ، حدثنا أبو
شعيب الحراني ، حدثنا خالد بن يزيد العمري ، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، عن
علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد الى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس
القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خثيم ، ومسروق بن الإجدع ، والأسود بن يزيد ،
وأبي مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن.

وروي عن هرم بن حيان ، قال : قدمت الكوفة ، فلم يكن لي هم إلا أويس أسأل
عنه ، فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت...الى آخر
القصة ، وقال : أوردها أبونعيم في الحلية ، ولم تصح ، وفيها ما ينكر. انتهى.

ويكفي لرد هذه القصة أنها تنسب الى أويس أن الله تعالى نعى اليه عمر ، وأنه
لو صح أنه أخبر بوفاة عمر في الكوفة قبل أن يعرف الناس لشاع ذلك ورواه غير هرم.
مضافاً الى تعارض ما فيها ، وما يعارضها من أن هرما هذا كان يبحث عن أويس ولم
يجده.

ثم إن هذه القصة شهادة من هرم لنفسه بأنه الوارث الشرعي لزهد أويس ، وكان
ينبغي أن يشهد له بذلك غيره ، كما شهد النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون لأويس.

وأخيراً ، فإن الكرامات الباطلة التي رووها عن هرم توجب الشك في أصل تدينه
وفي كل ماروي عنه وله.. فقد رووا أنه سمي هرما لأنه هرم في بطن أمه وبقي حملا
لمدة سنتين ، أو أربع سنين !! قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 | 48 :

وقيل : سمي هرماً لأنه بقي حملاً سنتين حتى طلعت أسنانه !

[57]

قال أبو القاسم ابن عساكر : قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني. انتهى.

وقال في اختيار معرفة الرجال : 1 | 313 :


قال القتيبي : وإنما سمي هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين. انتهى.

فهذا هو هرم الذي هرموه ، وكبروه على حساب أويس !



وادعوا أن أويساً ورث خرقة التصوف ثم ورثها لموسى الراعي


في طرائف المقال : 2 | 594 :


عن تذكرة الأولياء أن علياً عليه السلام وعمر أعطيا خرقة النبي صلى الله عليه وآله حسب الوصية أويساً
فلما رآه الثاني أن ثوبه وكساه شعر الابل ووبره ، ورأسه ورجليه مكشوفان ، وكان له
رئاسة الدنيا والدين تغير حاله فقال عمر : من يشتري الخلافة مني برغيف من الخبز ؟

وفي لسان الميزان : 6 | 117 :


( موسى ) بن زيد الراعي أبو عمران الديلمي نزيل بلخ.

لم أجد له ذكراً ، وأظن أن بعض من في إسناد خبره اختلقه ، فإنه أسندت عنه
خرقة التصوف ، فزعم أول من اختلقه أن أويساً القرني ألبسه الخرقة لما قدم بلاد
الديلم ، ومات بها ، وأن عمر ألبسه قميصه بعرفات بحضور علي ، وأن علياً ألبسه رداء
ثم ألبسه قميصه بصفين ، وهما لبسا من النبي صلى الله عليه وآله.

ذكره الفخر الفارسي ، وهو محمد بن ابراهيم الذي تقدمت ترجمته عن أبيه ، عن
نصر بن خليفة البيضاوي ، عن ابراهيم بن شهريار ، عن أبي محمد الحسن الأبار
الشيرازي ، عن محمد بن خفيف ، عن ابن عمر الاصطخري ، عن أبي تراب النخشبي
، عن أبي عمران المذكور.

وفي السياق أن كلا من هؤلاء ألبس الذي دونه.

وهذا خبر باطل مشوش. وأويس قتل بصفين كما ذكرته في ترجمته ، وقيل مات
قبل ذلك ، فالله أعلم. انتهى.

[58]

وهذه الروايات وغيرها من الادعاءات الباطلة ، تدل على المكانة التي كانت
لأويس رضي الله عنه في وجدان المسلمين ، وعلى تأثير شخصيته ومسلكه في نفوسهم ، حتى
كثرت الأحاديث عنه ، وادعى كثير الارتباط به والقرب منه ، أو ادعوا قربه من أئمتهم
الذين يحبونهم !

وهو أمر يزيد من التأكيد على وجود شخصية أويس ، وتأثير سيرته تأثيراً عميقاً
في أجيال المسلمين ومتدينيهم.. رضوان الله عليه.

**



صورة عن أويس القرني من مصادرنا




روائح الجنة تفوح من قرن !


في الفضائل | 107 :


مما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول : تفوح روائح الجنة من قبل قرن الشمس ،
واشوقاه اليك يا أويس القرني ، ألا من لقيه فليقرأه عني السلام.

فقيل : يا رسول الله ومن أويس القرني ؟

فقال صلى الله عليه وآله : إن غاب لم يفقدوه ، وإن ظهر لم يكترثوا له ، يدخل في شفاعته الى
الجنة مثل ربيعة ومضر ، آمن بي ومارآني ، ويقتل بين يدي خليفتي علي بن أبي
طالب في صفين. انتهى.

ورواه في بحار الأنوار : 38 | 155

وفي شرح الأخبار : 2/35 :


وأويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات الله عليه بصفين ، وهو الذي قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : إن من بعدي رجل يقال له : أويس به شامة بيضاء ، من لقيه فليبلغه
مني السلام ، فإنه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس.


/ 21