عقائد الإسلامیة جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 4

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



العقائـد الاسلاميـة


عرض مقارن لاهم موضوعاتها من مصادر السنة والشيعة


قام باعداده مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

برعاية المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني دام ظله


المجلد الرابع


يشتمل على مسائل : شفاعة أهل البيت عليهم السلام ، والاستشفاع والتوسل

الطبعة الاولى 1420


[3]

مقـدمـة

بســـــم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا

ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد ، فهذا هو المجلد الرابع من ( العقائد الإسلامية ) وقد
اشتمل على قسمين :

الأول ، في إثبات شفاعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم..

وقد مهدنا له بفصل عن شفاعة أحد كبار شيعتهم ( أويس القرني )
رضوان الله عليه ، الذي اتفقت مصادر الجميع على أن النبي صلى الله عليه وآله بشر
به أنه يكون بعده ، وأنه من كبار أولياء الله ، وأنه يشفع يوم القيامة
لعدد كبير من الناس ! !

ثم عرضنا الأحاديث الشريفة التي تدل على أن شفاعة النبي
العظمى يوم القيامة تكون بيد أهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وآله .

وختمنا باب الشفاعة ببعض أحكامها وما ينبغي للمسلم أن
يكون اعتقاده وموقفه منها.

[4]

أما القسم الثاني ، فقد بحثنا فيه مسألة التوسل والاستشفاع
والاستغاثة بالنبي وآله صلى الله عليه وآله بحثاً مستوفياً لآياتها وأحاديثها ، ورأي
علماء المذاهب الأربعة فيها ، وشبهات ابن تيمية وأتباعه عليها ،
خاصةً في عصرنا الحاضر.

وقد أجبنا على هذه الشبهات ، وأوردنا خلاصة إجابات علماء
المذاهب الأربعة عليها ، ومقتطفات من أهم الكتب التي ألفوها في
الرد عليهم.

نسأل الله أن يوفقنا لاكمال هذه الدورة العقائدية المقارنة.

وسيكون المجلد الخامس منها في مسائل العصمة ، إن شاء الله
تعالى ، وهو ولي التوفيق.




مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

علي الكوراني العاملي


[5]



الفصل الرابع عشر

شفاعة أحد شيعة أهل البيت عليهم السلام


أويس القرني أحد كبار الشفعاء



ثبت في مصادر الطرفين أن النبي صلى الله عليه وآله نص على عدد من الصحابة بأسمائهم ، أن
لهم مقاماً كبيراً عند الله تعالى ، وأن الجنة تشتاق اليهم !

والملاحظ أنهم كلهم من شيعة أهل البيت عليهم السلام..

أما من التابعين فمن المتفق عليه أنه صلى الله عليه وآله أخبر عن أويس القرني وبشر بأنه يأتي
بعده ، وأنه من كبار أولياء الله تعالى ، وأنه مستجاب الدعوة ، وأنه يشفع عند الله تعالى
لمئات الألوف ، أو ملايين الناس !

ولما رأى المسلمون أويساً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله استبشروا به وتبركوا به ، وكانوا
يحرصون على الفوز بدعاء منه ، ولو بكلمة ( غفر الله لك ) !

وقد حاول الخلفاء أن يتقربوا اليه ، ولكنه هرب منهم ، وفضل أن يعيش مغموراً
مع الفقراء من شيعة علي عليه السلام ، حتى إذا وصلت الخلافة لعلي عليه السلام نهض معه ، وشارك

[6]

في حروبه ، واستشهد تحت رايته في صفين.. وقبره هناك الى جانب قبر عمار بن
ياسر ، في مدينة الرقة السورية ، وقد وفقنا الله لزيارته.

والمتأمل في النصوص الواردة في مصادر السنيين في أويس ، يلاحظ فيها تناقضاً
كثيراً ، نشأ من أنهم أرادوا أن يغطوا على فراره من عمر ، وامتناعه من الدعاء له
والإقامة عنده ، فوضعوا أحاديث عن لقائه به ، يناقض بعضها بعضاً !

كما أن سهادة أويس في صفين مع علي عليه السلام ، كانت حجة لعلي والمسلمين على
أن معاوية وحزبه هم أهل الباطل ، والفئة الباغية التي أخبر النبي صلى الله عليه وآله أنها تقتل عمار
بن ياسر رحمه الله.

لذلك حاول الأمويون وأتباعهم أن ينفوا أصل بشارة النبي صلى الله عليه وآله بأويس ، ومكانته
المميزة عند الله تعالى !

ثم عندما عجزوا عن ذلك حاولوا أن ينفوا أنه قتل في صفين ، وادعوا أنه توفي
في طريقه الى الشام ، وجعلوا له في الشام قبراً ومزارا !!



أويس خير التابعين



روى مسلم في صحيحه : 7 | 188 :

عن عمر بن الخطاب قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن
خير التابعين رجل يقال له أويس ، وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، وكان به
بياض فبريء... وستأتي بقية الحديث.

ورواه أحمد في مسنده : 1 | 38


وروى ابن سعد الطبقات : 6 | 161 :


قال أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال : حدثنا سلام بن مسكين قال : حدثني رجل
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خليلي من هذه الأمة أويس القرني.

قال أخبرنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري ، عن

[7]

أبي نضرة ، عن أسير بن جابر بن عمر ، أنه قال لأويس : استغفر لي.

قال : كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير التابعين رجل يقال له
أويس.

ورواه الحاكم في المستدرك : 3 | 402 ورواه الخطيب في الجمع والتفريق : 1 | 480
ورواه ابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ) : 1 | 324 ونحوه في الجامع الصغير : 3 حديث
رقم 4001


وروى أبو نعيم في حلية الأولياء : 2 | 86

:

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا علي بن حكيم ، أخبرنا
شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل
الشام يوم صفين : أفيكم أويس القرني ؟

قال : قلنا نعم ، وما تريده منه ؟

قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أويس القرني خير
التابعين بإحسان. وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضى الله تعالى عنهم.

وقال أبو نعيم في الحلية : 2 | 82

، بعد حديث عن أويس : فهذا ما أتانا عن أويس
خير التابعين... انتهى.

وقال في كنز العمال : 12 | 73 :


إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ،
وكان به بياض فبريء ، فمروه فليستغفر لكم ( م. عن عمر )...

خير التابعين أويس ( ك. عن علي ).

خير التابعين أويس القرني ( ك عن علي ، ق ، كر عن رجل ). انتهى.

وقد وردت صفة ( خير التابعين ) في أحاديث أخرى ، كما سيأتي.

[8]



خير التابعين صارت : من خير التابعين ! !


قال الهيثمي في مجمع الزوائد : 10 | 22 :


عن ابن أبي ليلي قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين : أفيكم أويس
القرني؟

قالوا : نعم.

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خير التابعين أويس. رواه
أحمد ، وإسناده جيد. انتهى.

ورواه في تاريخ ابن معين رواية الدوري : 1 | 324


وفي طبقات ابن سعد : 6 | 161 :

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين فقال :
أفيكم أويس القرني ؟ قالوا نعم ، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : إن من خير التابعين أويساً القرني ، ثم ضرب دابته فدخل فيهم.

ورواه اللالكائي في كرامات الأولياء | 109 ، بطريقين.

وفي كنز العمال : 12 | 73 :


إن من خير التابعين أويس القرني ( حم ، وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
عن رجل من الصحابة ، حم ، كر ، عن رجل ). انتهى.


راجع للتدقيق : طبقات ابن سعد : 6 | 113 ، وميزان الاعتدال : 1 | 279 و282 ، ولسان
الميزان : 1 | 472 ، وسير أعلام النبلاء : 4 | 21 ، وتاريخ الإسلام للذهبي : 3 | 556 ،
والبداية والنهاية : 6 | 225


راجع أيضاً : اُسد الغابة : 1 | 151 ، وأعلام النبلاء : 4 | 20 ، وكنز العمال : 12 | 74


هل أن كلمة ( من ) إضافة أموية ؟!

من الطبيعي أن تكون قصة الرجل الذي سأل عن أويس في صفين ، وشهادة
الرسول صلى الله عليه وآله التي رواها في حقه وحق علي عليه السلام ، واحدة من الحجج التي استعملها

[9]

المسلمون لإثبات أن معاوية وأهل الشام على الباطل.

ويبدو أن الأحاديث في عمار بن ياسر وأنه تقتله الفئة الباغية ، والأحاديث في
أويس ، لم يكن لها جواب عند مؤيدي معاوية ، ولكن بعد سيطرته على بلاد
المسلمين عمل على تضعيف هذه الأحاديث وإبطال مفعولها.

ويظهر أن البصريين كانوا أكثر استجابة له من الكوفيين ، فقد قال ابن أبي الوفاء في

الجواهر المضية في طبقات الحنفية | 419 :


أهل المدينة يقولون أفضل التابعين سعيد بن المسيب ، وأهل الكوفة أويس
القرني ، وأهل البصرة الحسن البصري. انتهى.

وقد حاول النووي أن يوفق بين رواية مسلم وبين قول لأحمد بن حنبل !

فقال في شرح مسلم ـ بهامش الساري : 9/429:

قوله ( ص ) خير التابعين رجل يقال له أويس... وقد يقال : قد قال أحمد بن
حنبل وغيره : أفضل التابعين سعيد بن المسيب ؟!

والجواب : أن مرادهم أن سعيد أفضل في العلوم الشرعية.. لا في الخير. انتهى.

وهذا النوع من العمل كثير عند الفقهاء السنيين ، فتراهم يتركون الرواية
التي صحت عندهم عن نبيهم صلى الله عليه وآله ـ وهي تقول هنا إن أويساً خير التابعين مطلقاً ،
ولا تقيد ذلك بناحية دون ناحية ـ لكي يصححوا قول شخص في مقابل حديث
رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!!



كان أويس أسمر اللون جسيماً مهيباً


في حلية الأولياء : 2 | 82 ، عن النبي صلى الله عليه وآله :

يا أبا هريرة إن الله تعالى يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء ، الشعثة
رؤوسهم ، المغبرة وجوههم ، الخمصة بطونهم إلا من كسب الحلال ، الذين إذا
استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا ، وإن غابوا لم

[10]

يفتقدوا ، وإن حضروا لم يدعوا ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا ،
وإن ماتوا لم يشهدوا.

قالوا : يا رسول الله كيف لنا برجل منهم ؟

قال : ذاك أويس القرني.

قالوا : وما أويس القرني ؟

قال : أشهل ، ذو صهوبة ، بعيد ما بين المنكبين ، معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة
ضارب بذقنه الى صدره ، رام بذقنه الى موضع سجوده ، واضع يمينه على شماله يتلو
القرآن ، يبكي عليّ نفسه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، متزر بإزار صوف ورداء صوف ،
مجهول في أهل الأرض معروف في أهل السماء ، لو أقسم على الله لأبر قسمه.

ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل
للعباد ادخلوا الجنة ، ويقال لأويس قف فاشفع ، فيشفع لله عز وجل في مثل عدد
ربيعة ومضر.

وفي حلية الأولياء : 2 | 84 :


عن هرم بن حيان العبدي قال : قدمت الكوفة فلم يكن لي هم إلا أويس ، أسأل
عنه فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه ، فعرفته بالنعت فإذا رجل آدم
محلوق الرأس كث اللحية مهيب المنظر ، فسلمت عليه ومددت اليه يدي لأصافحه ،
فأبى أن يصافحني ! فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله ، فقلت : السلام عليك يا
أويس ، كيف أنت يا أخي ؟

قال : وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان ، من دلك عليّ ؟

قلت : الله عز وجل.

قال : سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.

قلت : يرحمك الله من أين عرفت اسمي واسم أبي ، فوالله ما رأيتك قط ، ولا
رأيتني !

[11]

قال : عرفت روحي روحك ، حيث كلمت نفسي ، لأن الأرواح لها أنفس كأنفس
الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن نأت بعد بهم الدار وتفرقت
بهم المنازل ! انتهى ، ونحن نشك في شهادة هرم لنفسه عن لسان أويس !

ورواهما في سير أعلام النبلاء : 4 | 28




صورة من تزاحم المسلمين على أويس

روى الحاكم : 2 | 365 ، وصححه :


أخبرني الحسن بن حليم المروزي ، ثنا أبو الموجه ، أنبأ عبدان ، أنبأ عبد الله بن
المبارك ، أنبأ جعفر بن سليمان ، عن الجريري ، عن أبي نضرة العبدي ، عن أسير بن
جابر قال : قال لي صاحب لي وأنا بالكوفة : هل لك في رجل تنظر اليه ؟ قلت نعم ،
قال هذه مدرجته وإنه أويس القرني ، وأظنه أنه سيمر الآن.

قال : فجلسنا له فمر ، فإذا رجل عليه سمل قطيفة ، قال والناس يطؤون عقبه ، قال
وهو يقبل فيغلظ لهم ويكلمهم في ذلك فلا ينتهون عنه ، فمضينا مع الناس ، حتى
دخل مسجد الكوفة ودخلنا معه ، فتنحى الى سارية فصلى ركعتين ، ثم أقبل الينا
بوجهه فقال : يا أيها الناس مالي ولكم ، تطؤون عقبي في كل سكة ، وأنا إنسان ضعيف
، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم ، لا تفعلوا رحمكم الله ، من كانت له إلي
حاجة فليلقني هاهنا.



شعاره الصدق والجد في أمر الله تعالى

في مستدرك الحاكم : 3 | 405 :


أخبرنا أبو العباس السياري ، ثنا عبدالله بن علي ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا عبد الله
بن المبارك ، أنا يزيد بن يزيد البكري قال : قال أويس القرني : كن في أمر الله كأنك
قتلت الناس كلهم. انتهى.

ومعنى كلامه رحمه اللهُ : أن خوف الله تعالى يجب أن يكون في نفس المؤمن بدرجة

[12]

عالية ، كأن في رقبته قتل الناس كلهم ، ليكون في تصرفاته مثل القاتل الملاحق دقيقاً
حذراً متقياً ، وشعوره بالمسؤولية أمام الله تعالى عميقاً.

وروى نحوه البيهقي في شعب الايمان : 1 | 524




وهو صاحب مدرسة في شكر نعم الله تعالى

في كتاب المجروحين لابن حبان : 3 | 151 :

أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال
له أويس بن عامر ، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول : اللهم دع
لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه ، فمن أدركه
منكم فاستطاع أن يستغفر له ، فليستغفر له. انتهى.

وقد وردت هذه القصة في أحاديثه ، كما سترى.



زاهد يضرب بزهده المثل

في حلية الأولياء : 2 | 87 :


عن علقمة مرثد قال : انتهى الزهد الى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ،
وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خيثم ، ومسروق بن الأجدع ، والأسود بن
يزيد ، وأبو مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن. انتهى. وهو يقصد بالأخير
الحسن البصري.

وفي سير أعلام النبلاء : 4 | 19 :


هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبو عمرو ، أويس بن عامر بن جزء بن
مالك القرني المرادي اليماني.

وقال في هامش سير أعلام النبلاء : 18 | 558 :


ذكر ابن خلكان في الوفيات : 2 | 263 : أن الذي ضرب به الحريري المثل في
المقامات هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي

[13]

المتوفى سنة 529 ، من أحفاد المترجم ، وقد وهم المؤلف في ذلك ، وأورد ذكره
الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين وهي المقامة العمانية ، وفيها يصف كيف
أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه ، وتقبل يديه ، حتى خيل إلي أنه القرني أويس ،
أو الأسدي دبيس.

انظر مقامات الحريري | 342 ( ط : صادر ).

وفي لسان الميزان : 1 | 471 :

قال ابن عدي ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا عبد العزيز بن سلام ، سمعت اسحاق بن
ابراهيم يقول : ما شبهت عدي بن سلمة الجزري إلا بأويس القرني تواضعاً.

وذكره في
ميزان الاعتدال : 1 | 279



زاهد يحمل هم الفقراء ويتصدق عليهم حتى بطعامه وثيابه


في مستدرك الحاكم : 3 | 406 :

أخبرني أبو العباس قاسم بن القاسم السياري بمرو ، ثنا عبد الله بن علي ، ثنا علي
بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أنا سفيان الثوري قال : كان لأويس القرني رداء إذا
جلس مس الأرض ، وكان يقول : اللهم إني أعتذر اليك من كل كبد جائعة وجسد عار
، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني.


ورواه البيهقي في شعب الايمان : 1 | 524

وفي حلية الأولياء : 2 | 87 :


عبيد الله بن عبد الكريم ثنا سعيد بن أسد بن موسى ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن
زيد قال : كان أويس القرني إذا أمسى يقول هذه ليلة الركوع ، فيركع حتى يصبح.

وكان يقول إذا أمسى : هذه ليلة السجود ، فيسجد حتى يصبح.

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ، ثم يقول : اللهم
من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ، ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به.

[14]

وفي سير أعلام النبلاء : 4 | 29 :


عبد الله بن أحمد : حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أبوبكر بن عياش ، عن
مغيرة ، قال : إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه ، حتى يجلس عرياناً لا يجد ما يروح
فيه الى الجمعة.

عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار ، عن محارب بن دثار
قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو
مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ، منهم أويس القرني ، وفرات بن حيان.

(

ورواه في كنز العمال : 12 | 74 :

وقال : حم ، في الزهد ، حل عن محارب بن دثار
وعن سالم بن أبي الجعد ).

أبو نعيم : حدثنا مخلد بن جعفر ، حدثنا ابن جرير ، حدثنا محمد بن حميد ،
حدثنا زافر بن سليمان ، عن شريك عن جابر ، عن الشعبي قال : مر رجل من مراد
على أويس القرني فقال : كيف أصبحت ؟

قال : أصبحت أحمد الله عز وجل.

قال : كيف الزمان عليك ؟

قال : كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي ، وإن أمسى ظن أنه لا
يصبح ، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار.

يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحاً... الخ.

عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله حق لم يترك له صديقاً...

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب ، ثم قال : اللهم
من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ، ومن مات عرياً فلا تؤاخذني به. (

الحلية 2 | 83

)

وفي حلية الأولياء : 2 | 84 :

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي وعبيد الله بن عمر قالا
: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار ، عن محارب بن

[15]

دثار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي
مسجده أو مصلاه من العري ، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس ! منهم أويس القرني
وفرات بن حيان.

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا عثمان بن
أبي شيبة ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة قال : وكان أويس القرني ليتصدق بثيابه
حتي يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه. أي الى الجمعة.

وفي كتاب الزهد للشيباني | 346 :

حدثنا عبدالله ، حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن
مغيرة قال : إن أويس القرني ليتصدق بثيابه حتى يجلس عرياناً لا يجدها يروح فيه
الى الجمعة.

وفي لسان الميزان : 1 | 474 :

سفيان الثوري : حدثني قيس بن يسير بن عمرو ، عن أبيه أن أويساً القرني
عري غير مرة فكساه أبي ، قال وكان أويس يقول : اللهم لا تؤاخذني بكبد جائعة ، أو
جسد عار.

وفي ص 280 :

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ،
قال : كان أويس يجالس رجلاً من فقهاء الكوفة يقال له يسير ففقدته ، فإذا هو في
خص له قد انقطع من العري...

وذكره في ميزان الاعتدال : 1 | 282 ، وفي سير أعلام

النبلاء : 294 ـ 330

انتهى.

**

وهذه النصوص تكشف عن الفقر الشديد الذي كانت تعيشه طبقة واسعة من
المجتمع الإسلامي ، وأن أموال الفتوحات صرفت في الطريق قبل أن تصل اليها ، فكان
بعضها لا يملك حتى ثوبين مناسبين يتستر بهما ، بل كان فيهم من يموت من الجوع !!

[16]

ولذلك كان أويس يدعو الله تعالى أن لا يؤاخذه بعري العارين ، وجوع الجائعين ،
لأنه لا يملك إلا ثوبيه اللذين يلبسهما ، ولا يملك إلا ما في بطنه من طعام ، وكل ما
يحصل عليه من عمله ومن هدايا الناس ، كان يعطيه لهؤلاء للفقراء !!

وهي تدل أيضاً على أن زهد أويس كان زهداً واعياً يحمل هم الفقراء ، وكان
يحمل مسؤولية فقرهم وبؤسهم للخليفة والدولة ، والطبقة المترفة التي كونت ثروتها
من الفتوحات ، وكانت تنقم من أويس أنه يهتم بهم ، ويأمر من أجلهم بالمعروف
وينهى عن المنكر ، وسيأتي رأيه في الخلفاء غير علي عليه السلام وما لاقاه منهم !



وقد ربى أويس تلاميذ على سيرته

في مستدرك الحاكم : 3 | 408 :

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا
يحيى بن معين ، حدثني أبو عبيدة الحداد ، ثنا أبو مكين قال : رأيت امرأة في مسجد
أويس القرني قالت : كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا ، يصلون
ويقرؤون في مصاحفهم فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا ، حتى يصلوا الصلوات ،
قالت : وكان ذلك دأبهم ما شهدوا حتى غزوا ، فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه
في الرجالة بين يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.



رأيه في الحكام غير علي عليه السلام

قال الشاطبي في الاعتصام : 1 | 30 :

نقل عن سيد العابدين بعد الصحابة أويس القرني أنه قال : إن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً ، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا ! !
ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين ! !

وفي مستدرك الحاكم : 3 | 405 :

حدثنا أحمد بن زياد الفقيه الدامغاني ، ثنا محمد بن أيوب ، أنا أحمد بن يونس ،

[17]

ثنا أبو الأحوص ، حدثني صاحب لنا قال : جاء رجل من مراد الى أويس القرني فقال
السلام عليكم ، قال وعليكم.

قال : كيف أنتم يا أويس ؟

قال : الحمد لله.

قال : كيف الزمان عليكم ؟

قال : لا تسأل ! الرجل إذا أمسى لم ير أنه يصبح ، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي !

يا أخا مراد ، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحاً.

يا أخا مراد ، إن عرفان المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة ولا ذهباً.

يا أخا مراد ، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً ! والله إنا لنأمرهم بالمعروف
وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء ، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً ، حتى
والله لقد يقذفوننا بالعظائم ، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق !!. انتهى.

وفي بحار الأنوار : 68 | 367 :

أعلام الدين : روي عن أويس القرني رحمه الله قال لرجل سأله كيف حالك ؟

فقال : كيف يكون حال من يصبح يقول : لا أمسي ، ويمسي يقول : لا أصبح ، يبشر
بالجنة ولا يعمل عملها ، ويحذر النار ولا يترك ما يوجبها.

والله إن الموت وغصصه وكرباته وذكر هول المطلع وأهوال يوم القيامة ، لم تدع
للمؤمن في الدنيا فرحاً ، وإن حقوق الله لم تبق لنا ذهباً ولا فضة ، وإن قيام المؤمن
بالحق في الناس لم يدع له صديقاً ، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون
أعراضنا ، ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظائم ، ويجدون على ذلك أعواناً من
الفاسقين !! إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله !



اضطهاد مخابرات الخلافة لأويس

يفهم من نصوص أويس أن سلطة الخلافة لم تتحمل منه ابتعاده عن الحكام
وامتناعه أن يستغفر لهم ، ثم أمره إياهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وتعريضه

[18]

وإعلانه بسيرته ودعائه كل يوم أنهم مسؤولون عن جوع الجائعين وعري العارين..
وكأنه بذلك يقول للناس إنهم لا يصلحون للحكم بإسم رسول الله صلّى الله عليه وآله !!

لقد عبر هذا الولي الذي هو آية من آيات الله تعالى ، ومعجزة من معجزات رسوله
بكلماته القليلة عن محنته ومعاناته من مخابرات السلطة في زمن عمر وأبي بكر
وعثمان ، ولم يكن ذنبه أنه نافس أحداً في سلطان ، ولا جمع حوله قبيلته قرن وكون
منهم قوة سياسية تطالب بحصة من أموال الفتوحات.. بل كان يعيش عيشة الفقراء
مع الفقراء ، ويعبد ربه عز وجل ، ويأمر بالمعروف وينهى المنكر..

ولكن السلطة مع ذلك لم تتركه ، فاتخذته عدواً ! وسلطت عليه الفساق واتهمته
بالعظائم والجرائم والمعايب ، على حد تعبيره !!

ولهذا ينبغي أن نبحث عن السلطة وراء كل ما نشك فيه من روايات أويس ، ومن
أولها الروايات التي تقول أن القرنيين سئلوا عنه فلم يعرفوه ، والتي احتج بها البخاري
على تضعيف أويس ، وعدم قبول روايته !!

فكيف يتعقل إنسان أن شخصية بمستوى أويس ، كان يبحث عنه الخليفة عمر ،
وكل أمله أن ينطق له بكلمة ( غفر الله لك ) لأن الرسول صلى الله عليه وآله قال له إن استطعت أن
يستغفر لك فهنيئاً لك !! ثم لا يكون معروفاً عند القرنيين وكل اليمانيين وموضع
افتخارهم ؟!

إن نفي القرنيين لمعرفتهم بأويس وتشكيكهم بنسبه ، إما أن يكون مكذوباً ، وإما
أن تكون السلطة قد شوهت سمعة أويس وعزلته ، حتى اضطر بعض القرنيين من
قبيلته الصغيرة أن ينكروا أنه منهم !!

وتدل الروايات على أن سلطة الخلافة لم تستطع الانتقام من أويس مباشرة ،
بسبب مكانته في قلوب المسلمين.. ولذلك اتبعت أسلوب إيذائه وتحقيره ، ووكلت
به رجلاً حكومياً من عشيرته ، يؤذيه ويشيع التهم حول شخصيته ونواياه ، وأنه رجل
مراءٍ ومجنون !!

[19]

فابن عمه الذي ورد أنه كان من رجال حاكم الكوفة ، وكان مولعاً بأويس يشتمه
ويؤذيه.. كان واحداً من عملاء السلطة المكلفين بتحقير أويس وأذيته ، لاسقاط
شخصيته ومنع تأثيره على المسلمين !!

فقد روى الحاكم في المستدرك : 3 | 404 عن أسير بن جابر ، قال :

فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه
من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره ، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا : ما فعل الرجل
الذي كان يقعد الينا ، لعله اشتكى ؟

فقال : الرجل من هو ؟

فقلت : من هو ؟

قال : ذاك أويس القرني.

فدللت على منزله فأتيته فقلت يرحمك الله أين كنت ، ولم تركتنا ؟

فقال : لم يكن لي رداء ، فهو الذي منعني من إتيانكم !

قال : فألقيت اليه ردائي ، فقذفه إلي !

قال فتخاليته ساعة ، ثم قال :

لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علّي قومي قالوا انظروا الى هذا المرائي لم
يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه !!

فلم أزل به حتى أخذه ، فقلت : انطلق حتى أسمع ما يقولون !

فلبسه فخرجنا ، فمر بمجلس قومه فقالوا : أنظروا الى هذا المرائي لم يزل بالرجل
حتى خدعه وأخذ رداءه !!

فأقبلت عليهم فقلت : ألا تستحيون ؟! لم تؤذونه ؟! والله لقد عرضته عليه فأبى أن
يقبله.

وروى ابن حبان في المجروحين : 3 | 151 :

عن صعصعة بن معاوية قال : كان أويس بن عامر رجلاً من قرن ، وكان من أهل

[20]

الكوفة وكان من التابعين ، فخرج وبه وضح ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه فقال :
اللهم دع في جسدي ما أتذكر به نعمتك. فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه ، وكان
رجلاً يلازم المسجد في ناس من أصحابه ، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به ، فإن
رآه مع قوم أغنياء قال ما هو إلا يشاكلهم ! وإن رآه مع قوم فقراء ، قال ما هو
إلا يخدعهم !

وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً !! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم
في سبه ! انتهى.

وستأتي بقيته في روايات لقائه بعمر بن الخطاب.



أويس من شيعة علي عليه السلام


في مسند أحمد : 3 | 480 :

حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا أبو نعيم قال : ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ،
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من أهل الشام يوم صفين :

أفيكم أويس القرني ؟

قالوا : نعم.

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من خير التابعين أويساً القرني.
انتهى.

وقد رواه أبونعيم في الحلية : 2 | 86 وقال في مجمع الزوائد : 10 | 22 : رواه أحمد
وإسناده جيد ورواه ابن سعد في الطبقات : 6 | 163 واللالكائي في كرامات الأولياء | 109
وابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ) : 1 | 324 واللواتي في تحفة النظار : 2 | 190

وورواه أبو نعيم في الحلية : 2 | 221 ، وقال بعده :


ورواه جماعة عن شريك ، وقال ابن عمار الموصلي : ذكر عند المعافي بن عمران
أن أويساً قتل في الرجالة مع علي بصفين ، فقال معافي : ما حدث بهذا إلا الأعرج !
فقال له عبد ربه الواسطي : حدثني به شريك ، عن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى ! قال : فسكت !! انتهى.

[21]

ورواه كذلك في الإصابة : 1 | 221 :


وقد تقدمت روايته عند الحاكم عن أبي مكين.

ورواه أبو نعيم أيضاً بذلك في ص 222 ، ثم قال :

ومن طريق الأصبغ بن نباتة قال : شهدت علياً يوم صفين يقول من يبايعني على
الموت ، فبايعه تسعة وتسعون رجلاً فقال : أين التمام ؟

فجاءه رجل عليه أطمار صوف ، محلوق الرأس فبايعه على القتل ، فقيل : هذا
أويس القرني ، فما زال يحارب حتى قتل.

ورواه الحاكم في : 3 | 402 ، فقال :


حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا أبو نعيم ،
ثنا شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم
صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي : أفيكم أويس القرني ؟

قالوا : نعم.

فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : خير
التابعين أويس القرني. انتهى.

ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام : 3 | 556 ، بنحو رواية أحمد ، قال :


عن ابن أبي ليلى قال : إن أويساً شهد صفين مع علي ، ثم روى عن رجل أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أويس خير التابعين بإحسان.

ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 | 31 ، بنحو رواية الحاكم ، قال :


شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : نادى رجل من
أهل الشام يوم صفين : أفيكم أويس القرني ؟ قلنا نعم وما تريد منه ؟

قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أويس القرني خير
التابعين بإحسان ، وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضي الله عنه. رواه عبد الله بن

[22]

أحمد ، عن علي بن حكيم الأودي ، أنبأنا شريك. وزاد بعض الثقات فيه عن يزيد ،
عن ابن أبي ليلى ، قال : فوجد في قتلى صفين.

وكذا رواه في اُسد الغابة : 5 | 380 وروته مصادرنا بنحوه في اختيار معرفة
الرجال : 3141 ، وشرح الأخبار : 2 | 3 ، ومعجم رجال الحديث : 4 | 154 ، وجامع الرواة : 1
| 110 ، وغيرها.



صاحب البصيرة الزاهد ، شجاعٌ مجاهد


في ميزان الاعتدال : 1 | 281 :


وقال فضيل بن عياض : أخبرنا أبوقرة السدوسي ، عن سعيد بن المسيب قال :
نادى عمر بمنى على المنبر : يا أهل قرن ، فقام مشايخ ، فقال : أفيكم من اسمه أويس
؟

فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار والرمال.

قال : ذاك الذي أعنيه ، إذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي.

فعادوا الى قرن ، فوجدوه في الرمال ، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال : عرفني أمير المؤمنين ، وشهر اسمي ، ثم هام على وجهه ، فلم
يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا ، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه فاستشهد
بصفين ، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة. انتهى.

راجع أيضاً : لسان الميزان : 1 | 474 ، وتاريخ الإسلام للذهبي : 3 | 558 ، وسير أعلام
النبلاء : 4 | 32


وفي مستدرك الحاكم : 2 | 365 :


قال ثم قال أويس : إن هذا المجلس يغشاه ثلاثة نفر : مؤمن فقيه ، ومؤمن لم
يتفقه ، ومنافق... لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان ، فقضاء الله
الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا.

[23]

اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها ، وأمنها فزعها ، تؤوب الحياة والرزق. ثم
سكت.

قال أسير فقال لي صاحبي : كيف رأيت الرجل ؟

قلت ما ازددت فيه إلا رغبة ، وما أنا بالذي أفارقه ، فلزمناه فلم نلبث إلا يسيرا حتى
ضرب على الناس بعث أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، فخرج صاحب القطيفة أويس فيه ،
وخرجنا معه فيه ، وكنا نسير معه وننزل معه ، حتى نزلنا بحضرة العدو.

قال ابن المبارك : فأخبرني حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن
أسير بن جابر قال : فنادى علي رضي الله عنه : يا خيل الله اركبي وأبشري.

قال فصف الثلثين لهم ، فانتضى صاحب القطيفة أويس سيفه حتى كسر جفنه
فألقاه ، ثم جعل يقول :

يا أيها الناس : تموا تموا ، ليتمن وجوه ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة.

يا أيها الناس تموا تموا ، جعل يقول ذلك ويمشي وهو يقول ذلك ويمشي إذ
جاءته رمية فأصابت فؤاده فبرد مكانه ، كأنما مات منذ دهر.

قال حماد في حديثه فواريناه في التراب. هذا حديث صحيح على شرط مسلم
ولم يخرجاه بهذه السياقة.



نسب أويس القرني ونسبته


قال الطبري في تاريخه : 10 | 145 :


وأويس القرني من مراد ، وهو يحابر بن مالك بن مذحج ، وهو أويس بن عامر بن
جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، وهو
يحابر بن مالك.

وقال الجوهري : 6 | 2181 :


والقرن : موضع ، وهو ميقات أهل نجد ، ومنه أويس القرني.

[24]

وقال في هامشه : القرن هنا بتسكين الراء ، وأما أويس القرني فليس منسوباً الى
ميقات أهل نجد ، وإنما نسبته الى بني قرن ، بطن من مراد من اليمن.

وقال الخليل في كتاب العين : 5 | 142 :


وقرن : حي من اليمن ، منهم أويس القرني.

وقال السمعاني في الأنساب : 4 | 481 :


القرني : بفتح القاف والراء وكسر النون.. هذه النسبة الى قرن ، وهو بطن من مراد ،
يقال له قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ، نزل اليمن ، والمشهور بهذه النسبة المعروف
في الأقطار : أويس بن عامر القرني ، وقصته في الزهد معروفة ، وقال الدار قطني : قرن
، بفتحتين ، فهو فيما ذكر ابن حبيب ، قال : في مراد ، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ،
قوم أويس بن عامر القرني الزاهد.

والموضع الذي يحرم منه أهل نجد يقال له : قرن المنازل ، بسكون الراء. وأويس
سكن الكوفة ، وكان عبداً زاهداً.

وفي اُسد الغابة : 1 | 151 :


أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن مسعدة بن عمرو بن سعد بن
عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد المرادي ثم القرني ، الزاهد المشهور ،
هكذا نسبه ابن الكلبي ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يره ، وسكن الكوفة
وهو من كبار تابعيها.

وفي إكمال الكمال : 7 | 113 :


أما قرن بفتح القاف والراء ففي مراد ، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد. منهم
أويس بن عمرو القرني الزاهد وغيره.

وفي ص 142

: أويس بن عمرو القرني ، ويقال ابن عامر.

وفي تهذيب التهذيب : 1 | 337 :


( مسلم ) أويس بن عامر القرني المرادي سيد التابعين.

[25]

وفي هامشه : قال في التقريب المغني : القرني بفتح القاف والراء بعدها نون ، نسبة
الى قرن بن رومان ، والمرادي بمضمومة وخفة راء ودال مهملة ، نسبة الى مراد. اسمه
يحابر بن مالك. اهـ.

وفي سير أعلام النبلاء : 4 | 19 :


أويس القرني ، هو القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، أبوعمرو ، أويس بن
عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد. انتهى.

وبذلك يتضح أن نسبته ( القرني ) بفتح الراء الى قبيلة يمانية ، وليس الى قرن
المنازل بسكون الراء ، وقد اشتبه ذلك على الجوهري وغيره ، كما نص عليه ابن الأثير
وغيره.


راجع أيضاً : اختيار معرفة الرجال | 314 ، والتحرير الطاووسي | 74 ، وطرائف المقال : 2
| 192 ، ومجمع البحرين : 1 | 131 ، والأعلام : 1 | 375 ، والبداية والنهاية : 6 | 225


وبهذا يتضح أن أويساً عربي يماني ، ومن الطبيعي أن يكون أسمر اللون ، ولكن
بعض الروايات تذكر أنه كان آدم شديد الأدمة ، وكأنها تريد القول إنه كان أفريقيا أسود
! في محاولة لذم أويس في ذلك المجتمع الأموي المتعصب ضد الأفارقة.



عشيرة الأويسات أو اللويسات السورية

في معجم قبائل العرب : 3 | 1019 :


اللويسات : من عشائر سهل الغاب بجسر الشغور ، أحد أقضية محافظة حلب.
ينتسبون الى أويس القرني ، وقد قطنوا الغاب في القرن الحادي عشر ، وقريتهم
الحويجة ، ويعدون 32 بيتاً.


روايات لقائه بعمر واستغفاره له

قال مسلم في صحيحه : 7 | 188 :


عن عمر بن الخطاب قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن

[26]

خير التابعين رجل يقال له أويس ، وله والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، وكان به
بياض فبريء ، فمروه فليستغفر لكم...

كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس بن
عامر؟ حتى أتى على أويس فقال : أنت أويس بن عامر ؟

قال نعم.

قال : من مراد ، ثم من قرن ؟

قال نعم.

قال : فكان بك برص فبرئت منه ، إلا موضع درهم ؟

قال نعم.

قال : لك والدة ؟

قال نعم.

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر
مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم. له
والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ، فاستغفر
لي ، فاستغفر له...

عن أسير بن جابر أن أهل الكوفة وفدوا الى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر
بأويس ، فقال عمر : هل ها هنا أحد من القرنيين ؟

فجاء ذلك الرجل فقال عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : إن رجلاً
يأتيكم من اليمن يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم له ، قد كان به بياض فدعا الله
فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم ، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم.

وروى أحمد : 1 | 38 ، رواية مسلم المطولة ، وفيها :


قال له عمر رضي الله عنه : استغفر لي.

قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال عمر رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن خير

[27]

التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فدعا الله عز وجل فأذهبه عنه
إلا موضع الدرهم في سرته ، فاستغفر له ثم دخل في غمار الناس ، فلم يدر أين وقع !
قال : فقدم الكوفة قال وكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله ، وكان يجلس معنا ، فكان
إذا ذكر هو وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره. انتهى.

ورواه الحاكم في : 3 | 404 ، والبيهقي في الدلائل : 6 | 376 والذهبي في سير أعلام
النبلاء : 4 | 20


وقال الحاكم في : 3 | 403 :


وقد صحت الرواية بذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول
الله صلى الله عليه وآله. أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني... فلما كان في العام المقبل
حج رجل من أشرافهم فسأل عمر عن أويس كيف تركته ؟ فقال : تركته رث البيت
قليل المتاع ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد
أهل اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها
بر ، لو أقسم على الله لابره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل.

فلما قدم الرجل أتى أويساً فقال استغفر لي فقال : أنت أحدث الناس بسفر صالح
فاستغفر لي.

فقال : لقيت عمر بن الخطاب ؟

فقال : نعم.

قال : فاستغفر له ، قال ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه.

قال أسير : فكسوته برداً ، فكان إذا رآه عليه إنسان قال من أين لأويس هذا ؟!

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه السياقة.

وروى نحوه في : 3 | 404 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 | 20

وفي طبقات ابن سعد : 6 | 113 :


عن أسير بن جابر قال : كان عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمداد اليمن سألهم

[28]

أفيكم أويس بن عامر ؟ فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر
فسأله عن أويس القرني ، قال : سمعت رسول الله يقول يأتي عليك أويس بن عامر من
أمداد أهل اليمن من مراد.. بر لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك
فافعل..

ورواه في سير أعلام النبلاء : 4 | 20 والبيهقي في شعب الايمان : 5 | 319 ، وابن
كثير في البداية والنهاية : 6 | 225


وفي المجروحين لابن حبان : 3 | 151 :

وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا من الكوفة : هل تعرفون أويس بن
عامر القرني ؟ فيقولون : لا ، فقدم وفد من أهل الكوفة فيهم ابن عمه فقال عمر : هل
تعرفون أويس بن عامر القرني ؟

فقال ابن عمه : يا أمير المؤمنين هو ابن عمي وهو رجل فاسد ، لم يبلغ ما أن تعرفه
أنت يا أمير المؤمنين !!

فقال له عمر : ويلك هلكت ويلك هلكت ، إذا أتيته فاقرئه مني السلام ، ومره
فليقدم إلي ، فقدم الكوفة فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد قال : فرأى
أويساً فسلم به وقال : استغفر لي يا ابن عمي !

قال : غفر الله لك يا ابن عمي !

قال : وأنت يا أويس يغفر الله لك ، أمير المؤمنين يقرئك السلام.

قال : ومن ذكرني لأمير المؤمنين ؟

قال : هو ذكرك وأمرني أن أبلغك أن تفد اليه.

فقال : سمعاً وطاعةً لأمير المؤمنين ! فوفد اليه حتى دخل على عمر.

فقال : أنت أويس بن عامر ؟

قال : نعم.

قال : أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهب عنك فأذهبه فقلت : اللهم
دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك ؟

[29]

قال : نعم.

قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن
يقال له أويس بن عامر ، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه ، فيقول :
اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه ،
فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له. استغفر لي يا أويس بن عامر ،
فقال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين.

قال آخر : استغفر لي يا أويس ، وقال آخر : استغفر لي يا أويس ، فلما أكثروا عليه
انساب فذهب ! فما رؤي حتى الساعة.

راجع أيضاً : الطبقات الكبرى 111 | 6 ، الميزان 492 | 4 ، سير أعلام النبلاء : 4 | 25 ،
كنز العمال : 14 | 10 ، الموضوعات لابن الجوزي 43 | 2. انتهى.


فهذه الروايات تدل على أن أويساً جاء من اليمن الى الكوفة وسكن بها ، قبل أن
يعرفه عمر ، مع أن طريقه تمر على الحجاز.

وتدل على أن ايذاء السلطة له في الكوفة كان قبل مجيئه الى المدينة ، الى عمر.

ومن البعيد أن حاكم الكوفة كان يجرؤ على مضايقة شخصية مثل أويس بدون رأي
عمر ، وإذا صحت رواية استدعائه له ، فقد يكون الغرض محاولة كسبه ، وأنها فشلت ،
لأنه انسل من المدينة وهرب راجعاً الى الكوفة بدون رضا عمر !

ولابد أن مشكلته مع حاكم الكوفة ورجاله قد زادت أو بقيت على حالها !

وفي كنز العمال : 12 | 10 :

عن صعصعة بن معاوية قال : كان عمر بن الخطاب يسأل وفد أهل الكوفة إذا
قدموا عليه : تعرفون أويس بن عامر القرني ؟ فيقولون : لا.

وكان أويس رجلاً يلزم المسجد بالكوفة فلا يكاد يفارقه ، وله ابن عم يغشى
السلطان ويؤذي أويساً ، فوفد ابن عمه الى عمر فيمن وفد من أهل الكوفة ، فقال عمر
: أتعرفون أويس بن عامر القرني ؟

[30]

فقال ابن عمه : يا أمير المؤمنين إن أويساً لم يبلغ أن تعرفه أنت ، إنما هو إنسان
دون ، وهو ابن عمي !

فقال له عمر : ويلك هلكت ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنه سيكون
في التابعين رجل يقال له أويس بن عامر القرني ، فمن أدركه منكم فاستطاع أن
يستغفر له فليفعل ، فإذا رأيته فأقرئه مني السلام ، ومره أن يفد إلي ، فوفد اليه ، فلما
دخل عليه قال :

أنت أويس بن عامر القرني ؟ أنت الذي خرج بك وضح من برص فدعوت الله أن
يذهبه عنك فأذهبه ، فقلت اللهم أبق لي منه في جسدي ما أذكر به نعمتك ؟ قال :
وأنى دريت يا أمير المؤمنين]

شراً !

قال : أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل
يقال له أويس بن عامر القرني ، يخرج به وضح من برص فيدعو الله أن يذهبه عنه
فيفعل ، فيقول : اللهم اترك في جسدي ما أذكر به نعمتك ، فيفعل ، فيقول اللهم أترك
في جسدي ما أذكر به نعمتك ، فيفعل ، فمن أدركه فاستطاع أن يستغفر له فليفعل ،
فاستغفر لي يا أويس. قال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ! قال : ولك يغفر الله يا
أويس. قال : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ! قال : ولك يغفر الله يا أويس بن عامر.
فقال الناس : استغفر لنا يا أويس ، فراغ ، فما رئي حتى الساعة ( ع ، وابن منده ، كر ).
وفي هامشه : راغ الى كذا : مال اليه سرا وحاد. انتهى.

وقد روى قوله ( فراغ فما رئي حتى الساعة ) ابن حبان في المجروحين : 3 | 151 ، وفي
لسان الميزان : 1 | 471


روايات توجب الشك في استغفاره لعمر

الأمر الثابت في الروايات ، والمنطقي أيضاً ، أن عمر كان يبحث عن أويس لكي
يستغفر له ، كما تقدم.

بل في بعضها أنه كان يبحث عنه الى آخر سنة من خلافته..

[31]

ففي طبقات ابن سعد : 6 | 113 :


قال ابن عون عن محمد قال : أمر عمر أن نرى رجلا من التابعين أن يستغفر له ،
قال محمد : فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم ، يعني أويساً.. انتهى.

وتدل الرواية التالية على أن أويساً لم ير عمر أبداً ، وأنه بقي في اليمن الى خلافة
علي عليه السلام ، ولم يقبل دعوة عمر للمجيء الى المدينة !! وعندما وجدوه في اليمن وبلغوه
سلام عمر وسلام الرسول صلى الله عليه وآله ، رد على السلام الرسول وآله ، ولم يرد سلام عمر !!

وفي كنز العمال : 14 | 10 :


عن سعيد بن المسيب قال : نادى عمر بن الخطاب وهو على المنبر بمنى :

يا أهل قرن ! فقام مشايخ فقالوا : نحن يا أمير المؤمنين !

قال : أفي قرن من اسمه أويس ؟

فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ليس فينا من اسمه أويس إلا مجنون يسكن القفار
والرمال ولا يألف ولا يؤلف !

فقال : ذاك الذي أعنيه ، إذا عدتم الى قرن فاطلبوه وبلغوه سلامي وقولوا له : إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرني بك ، وأمرني أن أقرأ عليك سلامه.

فعادوا الى قرن فطلبوه فوجدوه في الرمال ، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعرفني أمير المؤمنين وشهر بإسمي ؟! السلام على
رسول الله ، اللهم صل عليه وعلى آله ، وهام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على
أثر دهراً ، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه ، فاستشهد في صفين ( كر ).

وكذا في سير أعلام النبلاء : 4 | 32


فهذه الروايات تدل على أنه بقي في اليمن ، ولم ير عمر أصلاً !!

بينما تقول رواية أخرى إنه قدم من اليمن على عمر في المدينة ، ولكنه لم يستغفر
له ، وهرب منه !

[32]

ففي سير أعلام النبلاء : 4 | 24 :


قال عمر : فقدم علينا ها هنا فقلت : ما أنت ؟ قال : أنا أويس.

قلت : من تركت باليمن ؟

قال : أما لي.

قلت : هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟

قال : نعم.

قلت : استغفر لي.

قال : يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك ؟!

قلت : أنت أخي لا تفارقني. فانملس مني ، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة. انتهى.

وقال في ص 27 :

وفي لفظ : أو يستغفر لمثلك ؟!

وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه !! انتهى.

وفي دلائل النبوة للبيهقي : 6 | 376 :


لما أقبل أهل اليمن جعل عمر ( رض ) يستقرئ فيقول هل فيكم أحد من قرن ؟...
فوقع زمام عمر أو زمام أويس... فناوله عمر فقال له : ما اسمك ؟

قال : أويس.

فقال له عمر : استغفر لي.

قال : أنت أحق أن تستغفر لي.

ونحوه في مسند أحمد : 1 | 38 ، وسير أعلام النبلاء : 4 | 20


وفي مستدرك الحاكم : 3 | 404 :


عن أسير بن جابر قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول :
هل فيكم أحد من قرن ؟ حتى أتى عليه قرن فقال : من أنتم ؟

قالوا : قرن.

فرفع عمر بزمامه أو زمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت ، فقال له عمر :

[33]

ما اسمك ؟

قال أنا أويس.

قال : هل كان لك والدة ؟

قال : نعم.

قال : هل بك من البياض ؟

قال : نعم ، دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به
ربي.

فقال له عمر : إستغفر لي.

قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله. انتهى.

وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 | 27،

نصاً طريفاً عن أبي هريرة ، ورده ، وقد
جاء فيه :

فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر ، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى
صوته :

يا أهل الحجيج من أهل اليمن ، أفيكم أويس من مراد ؟

فقام شيخ كبير فقال : إنا لا ندري من أويس ، ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو
أخمل ذكراً وأقل مالاً وأهون أمراً من أن نرفعه اليك ، وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات
فذكر اجتماع عمر به وهو يرعى فسأله الاستغفار ، وعرض عليه مالاً ، فأبى. انتهى.

ثم قال الذهبي : وهذا سياق منكر لعله موضوع. انتهى.

وسبب حكمه عليه بالوضع أنه ينص على امتناع أويس من الاستغفار لعمر ، وأنه
لم يلقه إلا في آخر سنة من عمره !

ولكن لو صح إشكال الذهبي على هذا النص ، فإن تعارض الروايات الصحيحة
عندهم في القول بأنه استغفر لعمر أو لم يستغفر له ، ورفضه أن يأخذ منه شيئاً مادياً
أو معنوياً ، وهروبه منه.. كل ذلك يؤيد مانص منها على أنه رفض الإستغفار له !

[34]

ويؤيد ذلك : أن التاريخ لم يذكر أن أويساً بايع أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ، ولا
شارك في حروب الفتح تحت إمرة أمرائهم ، بل لم تذكر عنه شيئاً طيلة خلافتهم التي
امتدت ربع قرن ، حتى ظهر مع علي عليه السلام ، وبايعه ، وشارك في حروبه.

ويؤيده : أن روايات ذكرت أن عمر طلب منه أن يبقى عنده وقال له ( أنت أخي لا
تفارقني ) فلم يقبل أويس وهرب منه ، ولا تفسير لهروبه إلا أنه خاف أن يحرجه عمر
في كلام ، أو يصر عليه أن يوليه عملاً في دولته !

ويؤيده : أن عمر كان مركزياً شديد المركزية في إدارته ، وكان أويس معروفاً في
الكوفة ، فلا يمكن القول بأن اضطهاد حاكم الكوفة لأويس كان بدون أمر من عمر !
وبذلك يكون إحضاره الى المدينة إن صح ، محاولة من عمر لاستمالته ، وقد فشلت !

ويؤيد أيضاً : تعارض الروايات في وقت لقائه بعمر !

فبعضها يقول إنه كان يبحث عنه في موسم الحج،

كما في كنز العمال : 14 | 7،

عن
محمد بن سيرين قال : أمر عمر بن الخطاب إن لقي رجلاً من التابعين أن يستغفر له
قال محمد : قال فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم يعني أويساً ( ابن سعد ، كر ).

وبعضها : يقول إنه وفد عليه من اليمن،

كما في اُسد الغابة : 1 | 151 :

قال فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال إن رجلاً يأتيكم من اليمن
يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم... فقال له عمر أين تريد ؟ قال : الكوفة ، قال ألا
أكتب لك الى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس أحب إلي...

ونحوه في كنز العمال :
14 | 5 ، وتاريخ الإسلام : 3 | 556

وبعضها : ينص على أنه كان في آخر سنة من خلافته يبحث عنه ! كالتي تقدمت من

كنز العمال ، وسير أعلام النبلاء : 4 | 27 ، عن أبي هريرة...

ويؤيد ذلك أيضاً : تناقضات أسير بن جابر راوي لقاء أويس بعمر ، ففي رواية
الحاكم المتقدمة عنه ( 2 | 365 ) أن أسيراً لم يعرف أويساً إلا في الكوفة في خلافة
علي عليه السلام ، وأن أويساً لم يلبث بعد معرفته به إلا قليلاً حتى ذهب الى صفين !

[35]

ورواياته الأخرى تقول إنه عرفه من عهد عمر ، أي قبل بضع عشرة سنة من خلافة
علي عليه السلام.

هذا ، مضافاً الى تناقض الأحداث والمضامين التي رواها أسير ، والصورة الساذجة
التي أعطاها لهذا الولي الواعي ، والدور الذي أعطاه لنفسه في حياة أويس ، كأنه ولي
نعمته !

والمتأمل في روايات أسير يلاحظ أن همه أن يبرز دوره ودور عمر في حياة
أويس !

وقد قال عنه الحاكم في المستدرك : 2 | 365

( وأسير بن جابر من المخضرمين ، ولد
في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله. وهو من كبار أصحاب عمر رضي الله عنه ). انتهى.

وقد جرح صعصعة بن معاوية في أسير هذا ، وصعصعة هو عم الأحنف بن قيس
وقد وثقه النسائي وابن حبان ، وشهد صعصعة بأن أسيراً كان من شرطة دار الامارة
بالكوفة وكان عمله إيذاء أويس ( يغشى السلطان ويؤذي أويساً ) !

وقد اعترف أسير بذلك ولكنه ادعى أنه تاب ، وأن أويساً استغفر له !!

وإقراره على نفسه حجة ، وادعاؤه التوبة دعوى تحتاج الى دليل.

أما رواية صعصعة بن معاوية عن لقائه بعمر ، التي رواها

كنز العمال : 12 | 10 ،
ورواها أبو يعلي في مسنده : 1 | 187 ح 212،

فهي مقطوعة ، لأن صعصعة لم يدرك
عمر ، ولم يذكر ممن سمعها ، وقد ذكروا أن صعصعة أدرك أبا ذر ورآه ، وأنه كان حياً
في زمن الحجاج ، ولا يعلم متى قال هذا الكلام ، ولعله بعد زمن علي عليه السلام.



من هم الذين خاطبهم النبي صلى الله عليه وآله في البشارة بأويس ؟

تتعارض الروايات في تعيين المخاطبين في البشارة بأويس.. فبعضها تقول إن
المخاطب بذلك هم المسلمون ، بدون تحديد شخص أو أشخاص.

وروايات أسير بن جابر تقول إن النبي صلى الله عليه وآله خاطب بذلك عمر بن الخطاب ، فهو

[36]

يزعم أن ذلك إخبار غيبي بخلافة عمر ، أو نوع من الوصية له ، مع أن خلافة أبي بكر
وعمر قامتا على أساس أن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص لأحد ، وأن عشائر قريش الثلاث
والعشرين كلها ترث ملكه صلى الله عليه وآله لأنه ابن قريش !

وبعض الرويات ، كما في سير الذهبي : 4 | 24

، تقول إن المخاطب هما عمر وعلي
( يا عمر ويا علي إذا رأيتماه ، فاطلبا اليه يستغفر لكما ، يغفر الله لكما. فمكثا يطلبانه
عشر سنين لا يقدران عليه ). انتهى.

ومن الطبيعي أن هذه الرواية تريد تلطيف رواية أن المخاطب بذلك عمر وحده ،
لأن أويساً كان من شيعة علي ولم يكن من شيعة عمر ، فجعلت الخطاب لهما معاً !

أما ابن سلام الأباضي فقد ذكر في كتابه بدء الإسلام | 79 ، أن المخاطب بذلك هما
أبو بكر وعمر...

ولعل بعضهم روى أن المخاطب بذلك عثمان بن عفان ، مع أن اسم عثمان غائب
عن أحاديث أويس كلياً ، رغم أن خلافته امتدت بضع عشرة سنة !

فهذا الاضطراب في تسمية الذين خاطبهم النبي صلى الله عليه وآله في أمر أويس ، يقوي ما ورد
في مصادرنا من أن النبي صلى الله عليه وآله خاطب المسلمين عامة ، وخاطب علياً عليه السلام خاصة ، بأن
أويساً سيبايعه ويقتل معه ، فجعل الرواة هذه الفضيلة للخلفاء قبله ، كما هو دأبهم في
مصادرة فضائل علي عليه السلام وتلبيسها لغيره !

ولا يتسع البحث للافاضة في هذا الموضوع.

قال المفيد في الارشاد : 1 | 315 :


في حديث عن علي عليه السلام أنه قال : الله أكبر أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله أني
أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على
الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر. انتهى.

ونحوه في الخرائج والجرائح : 1 | 200 ، وإعلام الورى | 170 ، والثاقب في المناقب |
266 ، وبحار الأنوار : 37 | 299 و38 | 147



/ 21