فاطمة الزهراء و ترفی غمد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فاطمة الزهراء و ترفی غمد - نسخه متنی

سلیمان کتانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


دثار


لقد ارتجف الانسان فى محمد- فادثر. و انسان محمد هو ربيب الجزيره يعرف تقاليدها و اوهامها، و كل حساباتها و ارقامها.

ليس قليلا- على محمد- ان ينقض الغبار عن كل هذه الصحارى و ليس خفيفا عليه ان يخنق كل هذا السراب.

و لم تكن القوافل فى الجزيره الا لتكاكل من هذا الغبار على غير شبع، و تشرب من هذا السراب على غير رى.

ان يشبع الجزيره- من جنى الجزيره، و ان يروى الجزيره- من معين الجزيره- كان عليه ان يصقل الجزيره بانسان الجزيره.

و لن يكون العمل الضخم الا على حساب عمر يشحنه بالعزم و التصميم و البطولات.

خاف الانسان فيه فارتجف و ادثر.

و استيقظ الروح فيه، فهب و انذر.

بعد الانذار


ان الكوه التى انفتحت فى (غار حراء) تلقطت بالفضاء و راحت تربط الارض بالسماء. لقد اصبح للجزيره كتاب يماشيها و يرفع الانسان فيها الى مرتبه، لقد تعين الجهاد فى سبيل اعلاء قيمه الكلمه- تلك الكلمه التى تفسر معانى الحياه فى اجل معانيها و روابطها- و لقد بدا الانطلاق مع التصميم المدروس يثير الهمم و يحرك الحوافز، و لقد اخذ الوعى يستشار مع الاستعداد لكل عمر خطير و مع القبول بالتضحيات على حساب اى مصير- و لن يقف فى الدرب لا خوف و لا قلق- ان القضيه اجل من ان يرهقها الجبن و امتن من ان يجمدها الخوف و اثمن من ان يقيمها الفقر، ان مرحله الخوف تخطاها التصميم البطولى، ان الوعى النفسى تجلت قيمته مع كل عزم على التنفيذ. لقد رمى الدثار جانبا، لقد اصبح مجرد دثار مغزول من وبر الابل. ان الذى كان تحت الدثار اصبح قوه انطلاق لا تحتاج بعد اليوم دثارا يتخبا تحته راس «نعامه».

(ايها المدثر، قم فانذر).

و كان الانذار- باسم اللَّه توحيدا- و كان الانذار نزولا الى الساحه الرحبه بذلا و سخاء- بذل اعراق و دموع مع السهر الطويل، مع التشريد، مع الفقر و الجوع، و مع الصبر الجميل، و مع الاحتمال و الرضى.

اى شى ء سيتمكن من الصمود امام التصميم- ان الهجره الى الحبشه لن تكون غير اراده ما انسحبت عن الخط الا لتعود اليه مع الايمان المتمكن و مع البطوله المصقوله.

و هبت الجزيره تقاوم الزحف المقدس، راح المريض يعض يد المداوى، لقد رفضت العين الرمداء جلوه المرود.

ولكن قوه الحق هى التى فرضت نفسها فى الميدان، لقد رضخ المريض لمشيئه الطبيب، و لن تكون الهجره الثانيه الى المدينه الا جمعا لشمل و ترسيخا لبنيان سوف تشهق من فوقه ذروات الماذن.

فى المدينه المنوره لاقت فاطمه اباها لتمسح عن جبينه الطاهر اعراق الجهاد- غبار الدروب عبر الصحارى- غبار التشريد و اتعاب التسهيد لتلقى راسها الصغير على صدره فتسمع دقات قلبه الكبير، و لتتيه بابيها كبرا.

لقد تم الانذار، و تم التبشير، و اصبحت الرساله تحقيقا جمع الجزيره من حواشيها نحو اندفاع ما شهد التاريخ له مثيلا.

الرفيق


نعم الرفيق الفتى الصبوح-.

لقد مشى الطريق بعينيه قبيل ان يمشيها بقدميه.

شرب السحاب، و لما يهم بعد السحاب. و استمطر الغمامه، و لما تكثف بعد الغمامه.

و ما كان على بن ابى طلب- فى هذه السنين القليله من عمره: اكانت سبعا ام بلغت تسعا- الا من هولاء القله النادرين الذين يقفزون من فوق عتبات المداخل، من هولاء الذين يومون الحياه بواكير فى مواسمها.

و لم تكن العشره السنيه لتضفى عليه اكثر مما يضفى على المرمر ازميل النحات، و على اللوحه ريشه الفنان، و على الوتر نقره الموهوب.

و ما كان الجو الذى ربى فيه الا ليكون له منه كانعكاس النور على الصفحه الصافيه و كارتجاع الصوت من مجوف الكهف.

و لقد ادرك نور محمد ايه صفحه صقيله يداعب، و لقد ادرك صوت محمد اى كهف عميق يناجى.

لهذا انفتل على بين يديه كما تنفتل العجينه فى يد العجان، يرقها بكفه و يخبزها بفرنه.

و اصبح على من محمد: رجع صوت، و انعكاس نور، و خبيز فرن، و ركيزه تحقيق ، و صدر مشورات، بيكار هندسه، و مدى انطلاق.

و اصبح سيفا.

و اصبح ترسا.

و اصبح ارثا، و وسع مجال.

رهافه


بينما كانت هناك الاخوات الكبيرات يتقدمن الى عتباب الحياه، ليخرجن- الواحده تلو الاخرى- الى مضمار الواقع، كانت الصغرى فاطمه، تودع كلا منهن لتزيد من ولوعها بامها و ابيها.

لقد حملت «زينب» الى بيتها الجديد حيث كان ينتظرها المصير المترجرج بين يدى ابى العاص ابن الربيع، و كذلك تقدمت «ام جميل» زوجه ابى لهب و حماله الحطب- فانتشلت من حضن هذا البيت الكريم «رقيه» و «ام كلثوم» لتجعلهما فى عهدتى و لديها «عتبه» و «عتيبه»: رجلين وصلت اليهما- وضاعت- سبل المكارم.

و بقيت فى البيت «فاطمه» تملا الفراغ فيه، لقد غابت عن البيت مازر و بقى فى البيت و شاح.

و راحت «فاطمه» تسرح فى البيت الخالى، تعى و تتامل، لقد بقى لها وحدها هذا البيت، فهى صغيرته، و لقد اصبحت رابعه ثلاثه فيه لكل واحد منهم فى قلبها ظل مونس،: و لها فى نفس كل واحد منهم عطف خصيب.

و عاشت موفوره الدلال ملونه العواطف، مرهفه الحس منزهه الشمائل، على انوثه تعهدتها كف امها بشمله الحب المعفف، و عين ابيها بغمره الحنان المطهر، و رفقه على بخفقه القلب الطهر البرى ء.

و عين ابيها- يا لعين ابيها- تشرب العطف منها مناهل كانها الصبيب السكيب من الكوثر.

و غرقت «فاطمه» فى حضن ابيها، بين ذراعيه، و تحت عينيه: يشمها كانها السوسنه، يضمها كانهاالشوق، يعانقها كانها الحنين، يلثمها كانها البراءه.

لقد تفردت «فاطمه» بالحب العظيم، اى شى ء فيها كان الموحى؟ اهى الطفوله فى براءتها، ام هى النجابه المتوسمه؟

و كبرت «فاطمه» و تجلت معها براءه الطفوله و نما معها الحس المرهف، و توسعت حدقتاها، لقد اصبحت تنظر الى ابيها فتراه افقا وراء افق، خطا خلف خط، غارا فوق غور، حبا خلفه مدى، عطفا دونه عمق، فكرا خلفه بصيره، حكمه وراءها قصد، جسما طيه روح. و اصبح حبها لابيها حبا فيها من الاجلال بقدر ما فيه من التفانى، و انطوى عطف منه عليها على عطف منها عليه، فاصبح العطفان من معدن واحد.

لم تخب النجابه المتوسمه- لهذا كان حب الاب لابنته حبا فريدا، و لهذا كان حب الفتاه لابيها حبا غنيا، و لهذا قال الاب الكبير:

«ما يغضب «فاطمه» يغضبنى

و ما يرضى «فاطمه» يرضينى».

و توالت العوامل- فيما بعد- على «فاطمه» تشحذ هذا الحس فتزيد رهافته، ففى الوقت الذى انقلب فيه حبها لابيها من نطاق حب بنوى الى تقدير بالغ الخطوره، اصبحت لها عين كالسهم و اذن كانها الغور، و اصبح لها قلب كانه اللين، و فودا كانه الوهج البعيد.

لقد تحكم العقل بهذا المعدن، فطاب الوجد فيه مع النهى كما يطيب السيف على المشحذ، و هانت عليها رساله ابيها- لم تبق لغزا خفيا: فهى رساله، ان توخذ بالادراك المتبصر، فانها توخذ- ايضا- باللمح الناعم، و لن تكون مهمه الادراك لغير جلوه هذا الحس فى منبع الشعور.

لهذا انعكس ابوها فى وجدانها، فامتصته فى عقلها و عبرت عنه فى عاطفتها، و بفضل هذا الحب ازدوجت لها الحالتان، فهى بنت ابيها فى الوقت الذى اصبحت فيه «ام ابيها»- و تلك اول تسجيله حلوه من نوعها تاخذها صفحه ناعمه من صفحات التاريخ.

و على- بينما كان فى المبتدا مجرد انيس طفوله و رفيق ملعب، اصبح- بعد ان شبت و شب- خيالا لطيف، و مراه لجبين، لقد اصبحت ترى فى عينيه طيف ابيها. و ظل ذياك الجبين.

و لقد كانت تهواه فى كل انعكاس برى ء الصفاء- تهواه فى انعكاس عقلها على قلبها، و اصبحت تهواه معكوسا عليه و هج ابيها.

هكذا اصبحت لها جلوات الروى و توجيه الميول- لقد اغتسلت شرايينها فى تلافيف عقلها، و انطفات مجامر الدم فى هذا الحنين.

و لن تحب رجلا لانها لحم ووتر و لانه عظم و عضل، و تسحب رجلا يكون و شاحا و خيالا و فكرا و ايجاء.

و لن يكون سير القضيه التى نفخ بها ابوها على المزمار الا على درب كله شوك و تبريح، و لن يثبت عليه الا كل بطل له العبقريه سيف و الحسن المرهف جناد.

و لقدبدات طلائع العاصفه تثير الغبار، لقد رجعت الى البيت «زينب» من زواج خاسر، صبغ على وزن اللحم و الدم، و ستعود فى غد «رقيه» و «ام كلثوم» من زواج عقد على الوزن المماثل.

و تلك اضافه اخرى فى بطانه القالب الذى كانت تتوسع عليه حدقه عين «فاطمه»، فاصبح لها راى متنكر لكل زواج مماثل لزواج اخواتها- حتى اضحت تفضل ان لا ترى رجلا.

ولكنها سوف ترى رجلا يرزم اشواقها و يكثف احلامها، و ستقتنع بصدق رجولته، لا و حسب- لان اباها هو الذى سيدعوها الى الالتصاق به- بل لانها هى التى-بعد ان اكتمل وسع حدقتيها، اصبحت تملك عدسه المنظار.

كل شى ء فى وجود «فاطمه» ساهم فى نحت شخصيتها فجهزها بهذا الحسن المرهف.

و لن تكفكف يد الموت عين امها الا لتغلب قلبها بهاله جديده من الالم و عمق التبصر.

و سيرهف حسها الى اقصى حدود الارهاف بموت ابيها النبى، و ستبكيه البكاء المقرح.

و ستصبح- مع رهافه الحس- رهيفه الهيكل مع كل صدمه و كل خيبه

امل تنتظرها على الدرب المضنى الذى وسع لها عليه صدر ابيها الراحل.

و ستذوق- مع مراره اليتم- مراره الحرمان مع كل خطوه ستخطوها- ايضا- على الدرب الذى عرضت عليه خطوات زوجها الفارس الامين.

و ستهوى حافيه القدمين، نحيله الخصر و القوام من فرط تلك الرهافه التى جعلتها بحق:

جلوه عصرها و سيده نساء العالمين.

المراه


و المراه- فى كل آن و زمان- انها هى رفيقه الرجل، لا تنفصل عنه الا لتلتصق به فى حركه انجذابيه ممغنطه القطب مقفله الدوائر، فهى منه و له كالجزء من الكل و كالخيط من النسيج. تلك هى الوحده فى ثنائيه وجوديه و ازدواجيه حياتيه، ما تمكن الانسان يوما من ان يملها و هو فى اطار هذا الكون.

و كانى بالرجل و المراه تكوين منفلق من خليه واحده الى شطرين يجمعهما دائما حنين الخليه الى وحدتها، فى سيرها المنجذب ابدا الى تكميل ناموس الحياه.

و ليست المناصفه او المفاضله بين هذين الشطرين شرطا من شروط التقييم، فميزان التقييم فى الحياه لا تنشال فى كفته فلقه الا و الثانيه معها على اتحاد، باعتبار ان كلا من الشطرين متمم للثانى عن طريق التداخل و الالتزام.

فاما وجودهما منفصلين- متحدين، و اما فصلهما مبتعدين- ملتغيين، فى الحاله الاولى خصب الوجود، و فى الحاله الثانيه فوهه العدم.

ليس ذلك فى اى معنى مجازى، فالمراه بعض الرجل، اكان طولها خمسه اسداس طوله او وزنها سته اسباع، فالقضيه وجوديه حياتيه حتميه مزدوجه- كالليل و النهار فى تكوين الدوره اليوميه، و كالسلبيه و الايجابيه فى توليد الشراره، فالجزء الذى- اذ ما يلغ يلغ قيمه الكل- له حتما قيمه الكل.

من هنا ان المراه فى وجود الرجل شطر متمم للانسان فيه، و لا قيمه لها او له الا فى كونهما قطبين متكافلين متضامنين، و لن تكون ايه عمليه حسابيه فى ايهما اوزن او اطول، افهم او اكمل، اول او اجدر- الا كعمليه انشاء المفاضله بين اضلاع الزاويه او المستطيل: اى ضلع فى نظر البيكار- من هذا او تلك- اجدى او اكمل؟ فلكل خط من تلك الخطوط قيمه التكميل، و حذف اى ضلع يلغى الهندسه.

من هنا ان المراه فى وجود الرجل هى البعض الذى يتمم الاخر- اكان

هذا البعض انعم او اخشن، اطول او اقصر، افهم او اقل ادراكا، فمن الطولين يخرج الاطار الواحد كما يخرج مربع المستطيل من ضلعه الطويل مع ضلعه القصير، و من الثقلين يتجمع الوزن الصحيح كما يتجمع وزن السيف من ثقل قبضته مع ثقل شفرته، و من القيمتين تتولد القيمه الموحده، كما يتولد النغم من خشبه القيثاره مع حبل الوتر.

و الطالما بحثت قضيه المراه و الرجل على سلم المقايسه و الموازنه و المفاضله، فلم يبلغ طولها اكثر من سته اسباع طوله اكثر من سته اسباع طوله و وزنها اكثر من خمسه اسداس وزنه- اما قيمتها فكانت تتمايل على مقياس مئوى من حيث كانت- فى نظر بعض الاجيال- صفرا. ففى الجيل الخامس للميلاد كانت لا تزال تعقد المجامع للنظر فى هل هى انسان لها نفس؟ ام هى فى مرتبه اخرى لها بعض الامتيازات؟

و كانت تحسب سلعه من السلع او متعه للرجل يلهو بها على هواه و يتصرف بها كما يشاء- فالعصر السابق لصدر الاسلام كان له حق وادها دون اى قانون يطاله بالتجريم- حتى اذا جاء الاسلام متعها بحقوقها و اعتبرها اما و زوجه و خصلها من الواد و الحرمان.

و ما زالت المراه حتى اليوم، مع كل ما توصلت اليه مدنيات الجتمعات المتحضره - توزن بثقل جسدها و تقاس بطول قامتها و نحافه هيكلها، و تقيم منفصله، بنسبه مواهبها الذاتيه، دون اى قانون يطاله بالتجريم- حتى اذا جاء الاسلام متعها بحقوقها و اعتبرها اما و زوجه و خلصها من الواد و الحرمان.

و ما زالت المراه حتى اليوم، مع كل ما تصلت اليه مدنيات المجتمعات المتحضره - توزن بثقل جسدها و تقاس بطول قامتها و نحافه هيكلها، و تقيم منفصله، بنسبه مواهبها الذاتيها، دون ان تحسب جزء من الرجل و ظلا عاكسا لحقيقته و رفيقه ملازمه له و بعضا متداخلا فى بعض.

و الصواب ان المراه ليست الا امتداد لكيان الرجل بتداخل صميمى فيه، و لن تفصل قيمتها عن قيمته طالما انها الحتميه المتممه لوجوده، و لن تقاس مواهبهاالا بالنسبه الى مواهبه طالما انها الخليه التى تستمد من هذا الشطر مقومات وجودها.

فاذا ما طلب منها ان تكون اعمق فكرا، و اكثر ثقافه، و امتن اخلاقا، و اشد مراسا، و اقل ميعانا، و اخف غرورا، و اصدق لسانا، و اثبت جنانا- فان ذلك

/ 14