فاطمة الزهراء و ترفی غمد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فاطمة الزهراء و ترفی غمد - نسخه متنی

سلیمان کتانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الارث


كل الذين يرثون يتعين ميراثهم الا فاطمه الزهراء، فان ارثها لم يكن ليتعين، فهو- فى الوقت الذى كان يشار اليه فى فدك- كانت حقيقته تمتد من مكه الى المدينه الى خيبر الى هوازن ثم الى الشام و الكوفه، ثم اخذ يمتد الى فارس و الهند و الى مصر و افريقيا.

لقد كان ميراثها فى فدك من لون التراب، و اصبح- فيما بعد- من نوع الاثير... لقد كان يتقيم- مع كر الايام- كانه من لوع امتداد الاظلال للاجسام، تقصير فى قرب هذه من مصدر النور و تستطيل مع بعدها عنه.

و كان ارثها مع ابيها نبوه، و اصبح فى زواجها من على، امام ثم ارتباطا ببطولات، و تطور فى فدك الى صنوج تستثير الى جهاد، و انقلب مع الحسن و الحسين الى امتداد القضيه ثم الى الستشهاد.

ثم تطاول الظل فاصبح الارث و لاء تعشتقه الاجيال عفه مسلك و طيب تذكر و حباب مسابح ووجه قدوات، و حقا مشروعا يطلب و ذكرا لا تطاله النسوه.

البقيع


ان البيت الذى بنى فى البقيع من جريد النخل، هو الملجا الذى كانت تاتى اليه فاطمه تنفس فيه عن آلامها و احزانها، لو ان وصيه ابيها احترمت لكان لها كل التاسى- لكانت لها اليوم جهود تصرف للعمل الايجابى، ولكن الموت الذى اسكت قلب ابيها مهد السبيل لرجعه جاهليه حالت دون وصول زوجها الى تسلم المقود.

ذلك كان الفشل الذريع. لقد هبطت- من اعلى ذروتها- باسم الامال، لقد ذبلت- من ابهج يوانعها- معاقد الاحلام.

كل ذلك جاء الما على الم- يزحم بعضه البعض، و جاء مع الكفر بالنعم، جاء مع الجحود مبيتا على الكره و البغض و التحدى، جاء انتهازا لفرصه و ضربه غدر: فكان اختلاسا و تحقيرا و امتهان كرامات و اخلالا بمواعيد و نقضا لمواثيق.

و جاء تهديدا لوحده جماعيه عصر مجهود عمر فى خلقها و تمتينه و تعهدها. جاء تهديدا بهدر اتعاب كلفت كثيرا من التضحيات و نزف الدم فى مجال تحقيقها و تثبيتها و تسييرها فى وجهاتها الصاعده المتالفه، جاء خطرا على الغد الذى ينتظر اكمال الصرح الثابت بعزيمه الابطال العباقره، جاء محدودا بنزعه، مصبوغا بميل، مبتورا بنيه، مجروحا بغايه، مذلولا بقصد، مجنوحا بقصر نظر. جاء يقسم الخط الموحد الى خطين، ثم كل خط منهما الى ما لا يعلم الا اللَّه قيمه كسوره.

تلك هى جسامه الالام التى كانت تعانيها فاطمه- فى البقيع- دموعا على ابيها الراحل، و نفثات من صدرها كانها الهلع على المصير.

بسمتان


و لارض- ما استحقت من فاطمه غير بسمتين طافتا على ثغرها كما تطوف السخريه على فم حكيم امام كومه من الجهله او شر ذمه من الافاكين، و البسمه الاولى تذوقها ثغر فاطمه و الالم يعصر قلبها حول فراش ابيها يطوف حوله شبح الموت، و كانت بسمه فيها كل الغبطه و كل الرضى، لقد شهدت لها بهذه البسمه عائشه ام المومنين، لقد تعجبت عائشه من بسمه تسرح على محيا فاطمه الحزينه قباله جسد ابيها تتجاذب اوصاله الحشرجه- و لقد اتهمتها بما يشبه الخبل- فالموت الذى يخيم بجناحيه فى القاعه الواجمه ليس بمقدوره ان يستل غير الدموع و لولوله، و ما يخيم بجناحيه فى القاعه الواجمه ليس بمقدوره ان يستل غير الدموع و لولوله، و ما درت- الا بعد حين- ان بسمه فاطمه كانت جوابا على وعد اسره الاب فى اذن ابنته بانها ستكون اول الاحقين به.

تلك هى البسمه الاولى طرحتها فاطمه على وجهها ازارا توارت خلفه بحور من المعانى: بحر من الادراك، بحر من الحب، بحر من التفانى، بحر من الزهد، بحر من الهزء بالارض و تراب الارض، بحر من التفلت، بحر من التوق الى التملص و الانعتاق، بحر من الايمان بابيها، بحر من العنفوان، بحر من البطولات- و بحر من التراث المجيد.

و كرت بعد هذه البسمه دموع فتحت فوق خديها المجارى هى دموع الحنين الى تحقيق ما وعدت من قرب اللقاء، هى دموع التراب يغتسل بتكسير الموج على الشواطى، هى دموع الابطال يرسفون فى قيود الاسر، هى دموع الماسى تتجسم فوق خشبات المسارح.

و جاء دور ختام الماساه، تلك كانت بسمتها الثانيه، بسمتها الاخيره، لقد جادت بها و هى تسجى نفسها فوق نعش تمكنت هى من الصعود اليه، لقد كان قبولها بالموت كقبول عروس بجلوتها يوم الزفاف، لقد اغتسلت- ثم طلبت ان تلبس ثوبها الجديد، و القت على جسدها بساط الكفن. لقد تمت الجلوه الباهره.

كل شى قد تم. ان الكلمه الاخيره جاءت التماسا بان لا يكشف جسدها بعد موتها، لقد انجزت هى بنفسها كل الواجبات، و اغمضت عينيها، و على ثغرها تطفو ابتسامه الرضى:

لقد اصبحت فى حضره ابيها...

اسماء بنت عميس


تباركت انامل «اسماء بنت عميس» تباركت كف لممت الفراش، و حامت حوله كما تحوم الفراشه المزاهر، تباركت باع اسندت الراس المنحنى على فراش الموت، تباركت قدمان طافتان فى البيت كما يطوف الطهر فى عب الزنابق، تباركت اذن نزلت فيها آخر دعوه من دعوات فاطمه:

«سترتمونى- ستركم اللَّه».

لملمه الخيوط


عناصر البحث:

دواف

منطلقات

شده الاوتار

حبل الحزام

المردن

دوافع


اذ ينتهى هذا العرض، بهذا التصوير التلميحى الموجز، يكون قد برز الاطار الذى تتنزل فيه شخصيه فاطمه الزهراء.

كان فى موت النبى بروز هذه الشخصيه التاريخيه- و كان التصرف بالخلافه على النحو الذى انتقلت فيه الى يد ابى بكر الصديق ما عين بروز فاطمه الى الساحه المكشوفه بروزا اضفى عليها هاله كبيره من البطولات، و كانت «فدك» مفتاحا للبوابه التى اطلت منها على رحابه التاريخ.

و الحق يقال: ان كل القضايا التى لا يولج اليها من مداخلها تتعقد فى وجه الوالجين، و ليست كل قضيه الا لتكون مستنده على نظره فلسفيه تبرر وجودها كقضيه، ان الفلسفه الحقيقه هى التى تكمن وراء القضايا، تتثبت هذه الاخيره عليها من عمق الواقع و من عمق الضروره.

و قضيه الخلافه بعد النبى كانت من تلك القضايا المصيريه الكبيره و كانت على مستوى القائد الاكبر، عالجها بحرص و رويه، و لقد راى انه من الخطر البالغ افلات الزمام فيها فى معرض طرحها على الراى العام ليقرر الراى العام وجهتها و كيفيه مصيرها، لقد كانت الشورى لديه شبه مفقوده، فهو لم يكن يامن للشورى، لقد كان له الراى المنفرد بالعمل، يقينا منه بعدم وجود الاكفاء فى معاجله قضيه فتيه وضع هو بنفسه لها كل البنود.

ذلك كان واقع الجزيره، فى ضعفها كمجتمع، و فى ضعف هذا المجتمع كثافه و توجيه. ان الراى العام فيها كان نهبا لنزعات قبليه مشروره دون روابط- دون تحسس بمسووليات تتحملها همه الواعين المخلصين- ان قيمه المجتمع لم تكن من بين الفضائل التى يتسابق الى حرزها الواعون المدركون، ان هذا الحس كان ضعيفا جدا- فى الجزيره- بمعناه المجتمعى.

ذلك كان ضعف الجزيره تفقد به كل الروابط التى تجعل منها مجتمعا متينا،

عكس ما كان ينشا من حواليها من مجتمعات واعيه سبقتها الى نبذ قسم من خلافاتها، فسبقتها بكثير الى التحقيق.

و ما كانت الرساله الجديده غير معالجه جذريه، انوجدت بها للجزيره قضيه نجحت فى التحقيق، و هى لا تزال تنتظر- فى تثبيتها- مرور الزمن حتى تصبح ثقافه راسخه مع طول المران.

لقد اصبحت قضيه كبيره، عينتها فلسفه عميقه نبتت من واقع صريح، و لا يجب ان تكون الخطوه الاولى الا فى كل حذر، فالمجتمع ضعيف التمرس و خفيف المران، و تلك قضيه اخرى يلزم ان تسند القضيه الكبرى- انها قضيه الخلافه.

و لم تكن النظره للخلافه الاولى الا من معدن المخلوف، فالضروره- ايضا- تقضى بان تاتى طبق الاصل، دون احداث ايه رجه فى البناء الذى لم تنشف بعد طينه بنيانه، ان نظره النبى الى قضيه الخلافه عينها- هو- قبل ان يرحل، فكل المصادر تشير الى كونه قد عينها من وحى هذا الحرص و هذا الواقع- ان الذى كان بمكنته ان يسن شرعا و دستورا للناس و لا جيال الناس- لم تفته هذه الحواشى ان واقع الجزيره يقضى بافضاء الحكم فيها الى سلسله منخوبه تامينا للخط المرسوم.

ان التاريخ يثق بنفسه، فلقد دل الى على بن ابى طالب بكل وضوح، بانه هو الموصى به للخلافه، ان هذا الرجل العظيم هو الذى نحته النبى الكريم ليكون على الخط الطويل، ولكانت انتهت ازمه الخلافه لو ان الامور اخذت مجراها المنحوت.

كان الولوج الى قضيه الخلافه- بعد موت النبى- من جانب غير الجانب الذى عين الدخول منه، لهذا كانت الرجه عنيفه بالنسبه الى البنايه الناشئه، لقد اهتز المجتمع من الرجه المحدثه، هكذا عاد يستيقظ الراى العام ليتسلم هو بنفسه زماما لم يكن ليعرف كيف يوجه له المسير، لقد عادت القبليه عينها تخط فى الجزيره، مثيره حولها الغبار، لقد عاد الزعماء الى التمسك باعنتهم ليلهثوا على طول طريق عقد فوقه غبار و عقد فوقه سراب...

و القضيه التى اثيرت- بنسبه ما حادث عن مستواها الاصيل- وجدت

امامها العراقيل. ففيما يختص بخلافه الصديق، كان عليها ان تعمد الى كل ما يعزز لها الدفاع- ان ذلك من اهم ملتمساتها. و كانت «فدك»- بقطعها عن اصحابها- من اهم الضلوع الدفاعيه، اذ ليس من الجائز ان يسلم الخصم اى سلاح.و فدك كانت مصدرا للخصم و موردا سيصرفه على تقويه نفسه: اكان مباشره ام مداوره فى تعزيز الانصار.

ولكن التعدى على الحق المشروع من شانه ان تكون له رده فعل تضيع قيمه القصد من المحاوله، و قد ظن بان قطع «فدك» يقطع المدد عن فاطمه، و تاه الذين ظنوا بان ليس هكذا يقطع الوريد..

ان «فدكا» كانت بخدمه القضيه الكبرى، و قطعها لا يعتبر الا بمثابه انتهاك تلك القضيه بالذات- لذلك كانت المطالبه بفدك مفتاحا للوصول الى صلب الموضوع. و لو لم تكن «فدك» موجوده لكان التفتيش عن مفتاح آخر له نفس السرعه و نفس الغايه، مع العلم بان «فدكا» لم توثر لا بقليل و لا بكثير على سير القضيه التى نشات لتنفجر ازمتها رويدا رويدا مع السنين و مع كل فرصه سانحه ان اليوم الحاضر لا يزال يلاحق القضيه من خلال اسم «فدك» و ليس من تحت فى نخله فى قريه فى الحجاز تسمى «بفدك».

هكذا ظن الذين قطعوا «فدكا» عن بيت فاطمه- فى خدمه لون سياسى ضل عن قاعده مخطوطه بناء على هندسه صممها واضع الخريطه نفسه- ولكن التغير فى الخريطه من شانه ان يودى الى خلل عام فى خطوط الهندسه، ولن يكون اصلاح هذا الخلل منوطا بغير المخطط نفسه- و ها هو الاصيل غاب، و ها هو الوكيل تفرض عليه القيود.

كل شى ء- بعد موت النبى- مسه الخلل، مسه التبديل و التحوير لقد ظهر الاحتجاج- اول ما ظهر- فى باحه المسجد، لقد نجح المخطط، ولكن النجاح كان آنيا، سوف تظهر السحب فى الافق ان لم يكن الليله ففى غد، ان العاصفه بدات تنشر امامها سحب الغبار...

/ 14