فاطمة الزهراء و ترفی غمد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فاطمة الزهراء و ترفی غمد - نسخه متنی

سلیمان کتانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


البطوله


اى فرق كان بين البطوله التى تجلى بها على بن ابى طالب فى دفاعه عن الرساله و بين البطوله التى تجلت بها فاطمه فى دفاعها عن الحق امام الخليفه.

لعمرى، انها بطوله من معدن واحد، الفرق فى ان عليا كان بمكنته ان يعبر عن هذه البطوله بسلاحين فى وقت واحد: العقل و الحسام، ان الحسام ما كان لفاطمه النحليه.

تلك من نعم الصدف ان ترافق المنطق قوه البدن، ولكن قوه الساعد تكون هباء عندما تخبو شعله العقل، و تكون و بالا عندما تنعدم جوده المنطق.

و كل قوه فى البدن- مهما يبلغ شاوها- ليست لها قيمه فى الحساب الا بين الكسور. اما القيمه العقليه فتلك التى تعمل من ورائها كما تعمل القياده الحكيمه من خلف الحصون، فالعقل هو الذى يعين الاهداف و يجلوها امام قوه التنفيذ و التحقيق، ان القوه- بين يدى العقل- تحصل على ايجابيتها، و تنقلب ضعفا و هوانا فى غير ساحه المنطق.

و لما كان على بن ابى طالب متين الساعد، لو ان العقل كان يهرب منه، و لما كانت- لايه آيه من آيات القرآن الشريف- سطوه الانطلاق و الانفتاح- لو انها ما تسلحت بنور المعرفه و بهاء الحق.

تلك حقيقه، قل من لا يعرفها كتحديد علمى- فلسفى، مالوف و معروف، و قل من يحترمها فى نهجه التطبيقى.

و اشد من يكون بحاجه الى هذا الفهم و التطبيق هى الطبقه الحاكمه، فهى تتحصن بالقوه لتبطش، و لا يجوز ان تتحصن بها الا لتعدل. و ذلك هو الضياع فى التحديد بين قوه السلطان تستمد حقيقتها من الحق، و قوه السلطان تستمد نفوذها من هيبه المقعد- فالقوه الاولى هى التى تنبعث خلف هذه الهاله، حتى اذا شعر بضياعها ضاعت من المقعد المسحور تلك المهابه و ذابت عنها رغوه البهارج.

و ليس قليلا ما تعنى الحكمه: «العدل اساس الملك» و لسيت اظن ان دوله تفهم هذه الحكمه و يطالها الا نقراض.

ان تطبيق العداله فى مجتمع ما، يشغل كل قوه فى ذلك المتمع فى وجهتها الايجابيه لتكون قوه فاعله فى الحقل الواعى، و هنا تكون للقوه قيمتها المنتجه.

و لن تكون العداله على حقل دون حقل فهى تطال المجتمع فى كل طاقاته- تطاله فى كل نواحى الحياه- فى الماده و فى الروح، فى الماده عداله اقتصاديه و فى الروح توجيها فكريا اخلاقيا.

هذه هى العداله الكامله التى، اظن انها- اذ تنهج فى دوله ما- تصون ذلك المجتمع من صروف الحدثان.

و لن يطلب فى ذلك الكمال- فجمهوريه افلاطون ظلت خيالا و لم يتحقق المجتمع الافلاطونى الا على الخريطه التى خططها قلم ذلك الفيلسوف.

و ليس ذلك يعنى ان المجتمعات البشريه ليست بحاجه الى المبالغه فى التوجيه و الى القساوه فى التطبيق.

لقد كانت النظافه فى الحكم رفيقه النجاح لكل هولاء القاده الذين تنظفوا بالحق و تقيموا بالعداله- قد يكون ان سقطوا فى الساحه ضحايا مبادئهم- و من على الارض لا ينحل ترابا؟- ولكنهم، بقوه ذلك الاشعاع تمكنوا من الخلود. ان نظافه الخيال فى افلاطون هى التى لا يزال خالدا بها حتى الساعه. ان خلود عيسى و محمد، مدين لتلك العبقريه المتطلبه بمعدن الحق. ان السلسله الطويله التى تستحكم حلقاتها بكل هولاء العظام الذين مروا على سطح هذه الغبراء- تشهد لكل منهم بمقدار ما حمل ما اشعاعات السمو. ان الخلفاء الذين تداولوا على مقدرات الخلافه فى الاسلام، يحمل كل منهم شهاده لا يزال يسجلها له التاريخ، تعلو قيمتها و تهبط بنسبه تمسك صاحبها بالحق او تنكبه عن صفات العادلين.

لو ان الخلفاء فى الاسلام مشوا على النهج المرسوم نظافه و حقا و تقى

وعداله- فاغلب الظن انهم ما كانوا توصلوا الى ايه خيبه من خيباتهم الكثيره.

هل تتمكن المجتمعات الانسانيه من تطبيق كل ذلك؟. ان هذا منوط بها، ولكن القول بان السير فى المجتمعات البشريه على اساس من هذا السمو، هو الذى يتطلبه العقل فى المجتمعات الراقيه لتحقيق كل الاهداف العظيمه. و اشد تلك المجتمعات رقيا هى ابلغها رسوخا فى تحقيق هذه المثل.

تلك هى العداله التى بشر بها الامام على، مشيا على صراط مستقيم، هديا من رساله بشرت بالحق و العدل و المساواه.

هكذا يتم الابتعاد عن الخطا- باتباع نهج يرسمه العقل و المنطق و تلك هى القوه تتسم بمعناها البطولى.

ان البطش و سفك الدماء ليسا غير تعبير عن قوه سلبيه هى الوهم عينه، هى تهديم نفسها بتهديمها المجتمع.

لقد كتب الامام على الى (الاشتر) لما ولاه على مصر بعد محمد ابن ابى بكر:

«اياك و الدماء و سفكها بغير حلها، فانه ليس شى ادعى لنقمه و لا اعظم لتبعه و لا احرى بزوال نعمه و انقطاع مده من سفك الدماء بغير حلها، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فان ذلك مما يضعفه، بل يزيله و ينقله».

ان البطوله ليست قوه تستند على بدن و ساعد، و لا على كرسى و سلطان، ان البطوله هى التى تتمنطق بالعقل فهما و رشدا فتعين الاهداف و ترسم المناهج.

و ما كانت بطوله الزهراء من غير هذا المعنى الجليل، غرفت منه ما لمعت به عيناها دون ان يوثر عليها لا زندها النحيل و لا خصرها الهزيل.

التسجيل


لم تكن- على عهد فاطمه- ايه لا قطه «صوتيه» تسجل الكلمه التى تفوهت بها امام ابى بكر الصديق، و كذلك لم تكن هناك ايه لاقطه «نوويه» تعكس عنها الاشاره التى كانت تبدر عنها، و هى تلقى ذلك الخطاب، حتى و لم تكن- ايضا- تلك اللواقط من الحروف الطائعه تنساق متلقطه بالفكر تضبطه فى اطارها و تتمسك به ضمن خطوطها و دوائرها، ليحصل ضبط ذلك الخطاب فى امانه الحروف.

لم يتم، لا تسجيل الصوت و لا تسجيل الصوره- لا صوت فاطمه بكلماته المتقطعه و نبراته المتدفقه، و لا صورتها بعينها الحزينه و قدها الناحل- و لم يتم ايضا لا تسجيل الاثر الذى تركته على جمهور ساحه المسجد و لا تسجيل لون اذن ابى بكر الصديق بعد سماعها خفقه التنذيد.

بالرغم عن عدم وجود اى شى من هذا- تمت كل التساجيل، كان آله العصر الحاضر كانت فى ذلك الحين هى ذاتها تفعل... و متى كانت الاله- فى تنفيذ اختراعها- غير تعبير عن شوق الانسان فى حاجته اليها؟ ان هذا الشوق هو ذاته الذى كان منفتح القلب و اليعن و الاذن امام فاطمه فى وجودها فى ذلك الحين، و فى كل وجودها. لذلك انسكبت فى وجدان التاريخ تسجيلا حفظته واعيه الخواطر، و تلقطت به حافظه القلوب، و تناقلته اشواق الاسانيد: تعبيرا عن ان الراى العام فى مجتمع الانسان هو تحقيقته الماثله فى مكشوفها و مستورها على السواء.

لم تكن فاطمه- وحدها- التى تتكلم فى ذلك الحين، ان الملابين فى الجزيره العربيه كانوا يتكلمون، و لم يصل الينا سوى النزر من التساجيل عنهم- الا ان فاطمه وحدها كانت تتكلم؟.

تلك شهاده على ان الراى العام يتمثل- دائما فى خطوطه العريضه كما تتمثل قطرات الغيث فى المجارى الزاخره، و كما تتمثل الانهار الجارفه، فى التحامها بالشواطى.

ان الذين تكلموا فى الجزيره قد تم لنا تسجيل ما قالوا، وصل الينا كل الصحيح مما قالوا- لم يكذب الراى العام فيهم، فلقد صوروه و عكسوه و لقد اوصلوه مع العبر.

ان اللون السياسى الذى انصبغ به الخطان العريضان فى ذلك الحين، عين فى كل واحد منهما اسم القائد- عين الشكل، و عين الفكر و عين الاتجاه... و لقد عين ايضا صفات الارث.

ولكن الارث الوحيد الذى ضاعوا عنه هو وحده الذى كان كفيلا لهم بتحقيق الثروه- نفروا عنه اذ كان الاولى ان ينفروا اليه- ان هذا الارث كان محصورا- بالنسبه الى الجزيره على الاقل- فى تلك الوجده المنوره بالحق و الهدايه، و لقد قالت فاطمه فى خطابها: «افان مات (محمد) او قتل انقلبتم على اعقابكم»؟.

ان فى الانقلاب على الاعقاب رجعه الى ماضى الجزيره فى تفككها و تشتيتها- فى عدم لحمتها و فى عدم تحقيقها- لقد وحدتها الكلمه الصائبه، لقد جمعتها الفكره الكبيره، لقد رسمت لها الاهداف لقد طبقت امامها المثل، لقد تحقق لها البرهان، و لقد دفعت ثمن ذلك من دمها... فما بالها- و قد مات نبيها العظيم- تنقلب على اعقابها؟

هكذا تكرس الانقسام مع اول خلافه برزت الى الصداره، ليبتر اول وحده لمحها تاريخ الجزيره.

اى شى، فيما بعد، تمكن من اعاده اللحمه؟ اى عهد من العهود التى كرت، حتى الساعه الحانيه، عبر اربعه عشر قرنا- عمل على الترميم، و ساعد على محو ما علق فى الخواطر؟ ايه يد حاولت ان تتناول شرايط التسجيل التاريخى لتحور بثه او لتغير الوان مرائيه؟

و اى مجتمع من مجتمعات الاسره العربيه- ابتداء من الجزيره الام- ام الهجرات التاريخيه، و ام القوافل الدارجه الى كل هذه المهابط اللاقطه حدو

القوافل- اللاقطه و الحاضنه و المطوره. اجل، اى مجتمع لم تتعكر مجاريه من ثقل ذلك الغبار الذى ثار حاملا معه كل هذا الكثيف من السموم و العفن؟...

و لا تزال الاجيال حتى اليوم تتلهى بغربله خطاب فاهت به فاطمه الزهراء: فى هل ان كلماته خرجت بالفعل من بين ثناياها، ام ان عبقريا آخر نحلته عبقريته اليها؟...

و فاطمه الزهراء كانت لونا بارزا فى الخط الثانى- كانت نصف الرجل الذى حمل رايه الخط، فهى معه وحده فى العمل و فى النهج.

ان الماساه فى درس الخطاب من ناحيه حروفه و ليس من ناحيه معانيه، كالماساه عينها فى ان نحصى خطواتنا على طريق مقفل يمتص اعراقنا دون ان يردها الينا قيمه...

ان العبره فى تفسيره ما قالت الزهراء تكمن فى تحصيل قولها انذارا- و العبره فى ان الخلافه لم تقبل الانذار-

و العبره كل العبره- فى ان الاجيال اجيال الاسلام- لم تدرس حتى اليوم خطاب الزهراء، و هى ضائعه بين ان تسنده الى فاطمه او ان تسنده الى مقحم، طباق آخر على كل ما وجه الى الامام على فى نهج البلاغه: اسنادا اليه ام اقحاما عليه.

و العبره فى ان خطاب فاطمه الزهراء- اكانت هى تدرى ام لم تكن تدرى- جاء يرزم قوه التعبير عن ذلك الراى العام الذى اهتاج- و هو يرضخ للواقع- ليعود فيتكون ثوره على كل ما هو خروج عن خطوط الحق و العداله.

منذ ذلك الحين تكونت نواه المعارضه مطالبه بتركيز الخلافه على محورها الصادق - و منذ ذلك الحين و الخلافه لا ترتبط بمصير حتى تتقطع حبال ذياك المصير.

و منذ ذلك الحين و السيف العربى لا يرتوى من دماء ابنائه- و معظم الخلفاء

لا يرتوون من شرب الدم، صرفا، ام ممزوجا بالخمور و الفجور-، اكان ذلك مع الحجاج ام مع السفاح، اكان مع الوليد ام الامين بن الرشيد.

و منذ ذلك الحين و الخلافه تدور بها العواصف و الزعازع من مكه الى يثرب، و من يثرب الى الكوفه- الى الشام- الى بغداد- الى خراسان- الى مصر- الى القيروان- الى الاندلس- الى بلاد الاتراك... و من تفسيخ الى تفسيخ من الراشدين الى الامويين، فالعباسيين، و الفاطميين، و الايوبيين، و المماليك، و المغول، و الحشاشين.

قد تكون فى القول- هذا- كل القساوه فى تحميل الخلافه الاولى هذا الحبل الطويل من المسووليات الجسام، ولكن- اى طريق طويل لا يقاس بالخطوه الاولى؟ و ايه دوله من دول العالم تجسم الحقد فيها كما تجسم على يد الحجاج ابن يوسف و بقى لها شى ء من كيان؟ كيف يربو الولاء فى صدور حفده مئه و عشرين الف قتيل حصدها سيف طاغيه تثبيتا لكرسى خلافه؟ و كيف لا يكون الحقد وليد الحقد، و قبور بنى اميه تنبش لتجلد فيها الرمم؟ و كيف تربط دنيا الاسلام بعضها ببعض، برباط الحب و الانفتاح- و موسس الدوله الانفتاحيه فى الاندلس، لا يزال يبكى اخاه مقطعا بسيف الحقد و الضغينه- و هو لا يزال هاربا من الملاحقات عبر الفيافى- كيف ينمو حنين الانسان الى وطنه، و بغداد تحمل شارات التعسف و اللم منشوره جماجم معلقه فى الهواء فوق جسور دجله و الفرات، تدليلا على عظمه البطش وهيبه السلطان...

لعمرى- ان رساله الامام على الى (الاشتر) تشهد للرجل الكبير بصدق نظرته و حصافه رايه... تلك الدماء- ذاتها- مهدوره بغير حلها- جبلت من طينها- فيما بعد- جماجم الغزاه، شان جنكيزخان و تيمور لنك. اجل، هو ذاته تيمورلنك الذى بنى فى بغداد- بجماجم البغداد بين، مئه و عشرين برجا.

اجل ان الخلافه تكون مجورا عليها اذا حملت جريره عده اجيال ولكنها كانت مسووله- كخلافه لرساله سوف تتخطى المكان و الزمان- عن مد

نظرها الى مثل هذه الابعاد- و هى مسووله- على الاقل- عن تثبيت قدم العداله التى ما تزال قريبه من منابعها.

ان الخطوه الاولى قررتها السقيفه، و كان فيها ذلك الاعوجاج و لن يقاس درب طويل بخطوه معوجه...

و لم يكن الاعوجاج من المطلبين امجاد الحكم اكثر مما كان من الحبل الطويل المشدود على خصور القبائل- ذلك الشعب الذى كان معوجا و ما صرف الجهد النبوى الا ليقوم اعوجاجه-.

كيف تبحث قضيه الخلافه بامانه و اخلاص ان لم يتحرر الباحث من الهوى؟ ولكن الذين تزاحموا على كرسى الحكم ما ساقهم اليه الا الهوى.

كان كرسى الخلافه- بين ان يثبت متينا، و بين ان ينهار- رهنا بحروف اسمه-: اما ان يكون خلافه او ان يكون حكما، و الخلافه كانت استكمال خط و استمرار نهج، و الحكم كان لونا سياسيا وصوليا.

ان الحكم فى الجزيره- فى خطه الماضى- لم يكن درجه فى سلم حضارى.- ان الرساله الجديده هى التى نقضت هذا الحكم فى مجال تحضير ماده جديده يستقيم فيها الحكم، تلك الماده هى الوجبه الروحيه التى يكتمل بها رشد الانسان فى الجزيره حتى يتوصل الى حقيقه الحكم.

تلك الحقيقه كان يعرفها النبى و كان يعرفها اشد الناس اختلاطا بالنبى، لهذا كان النبى اكثر تشديدا على استكمال نمو رسالته بتسليمها الى الذى يدرك الكنه العميق- هنا كانت تبرز الاشاره بوضوح الى على.

كان المقصود باسناد الخلافه الى على، خلافه بالمعنى الصحيح اكثر منها حكما موقتا- خلافه لرساله تتم تحضير الوجبه الكبيره لياكل منها كل الذين هم بحاجه الى اكتمال الرشد.

فى اى وقت يكتمل الرشد؟ ان ذلك يكون رهنا بالسلسله الطويله فى اكتمال نضجها وبث اشعاعاتها. و هذا كان- على ما يظهر- قصد الرساله.

و تر فى غمد


ان الذين كانوا اقل الناس فهما لخطاب فاطمه هم- بالذات- اولئك الذين كانوا حاضرين فى باحه المسجد يصغون، لان ذلك الخطاب كان من نوع الامحال فى اقتلاع الحجاره، لا يتاثر مركز الثقل فيها الا بنسبه ما تطول سوقها.

و لم يكن الخطاب موجها الى شر ذمه من الناس، فهو ما اخذ من المسجد قاعده له الا لتكون له رنه الاذان.

لذلك كان الخطاب فى المسجد لابعد بكثير من جدران المسجد و لم يكن للمئذنه فى المسجد بل للجو الذى تتطاول اليه مئذنه المسجد...

هل كانت فاطمه تدرى بان لخطابها تلك القيمه و تلك الابعاد؟ ولكن الثوره التى كانت متولده فى نفسها كانت من وحى تلك المعانى و من مسافه تلك الابعاد،لهذا جائت كلماتها ناعمه كالانوثه فيها و هادره كانها التعبير عن انفجار السدود.

و كل شى يفقد قيمته ان لم يكن تعبيرا. و ثوره فاطمه كانت ذياك التعبير عن الم فى النفس كانت تدرك هى كل اسبابه و تعانى كل اثقاله لقد عاشت اباها فى كل قضيه، و لقد تزوجت عليا فى تجسيده تلك القضيه و لم يكن موت ابيها الا لبفقدها نشوه تحسس القضيه و استطراد نموها.

لقد بدات تلمس- بكل حسها- ان الموت الذى تناول الرجل العظيم اخذ يمد يده البارده الى النتاج العظيم الضخم من بعده... ان البادره الاولى كانت رهيبه بالنسبه اليها:- اين اصبح كرسى الخلافه من زوجها- زوجها بالذات الذى ساهم بالنحت و التوجيه و الاخراج ماذا كان النفع من الوصيه؟ لم ينفع لا التلميح و لا التصرح.

بوحى هذا الكابوس انطلقت فاطمه تعبر عن نفسها لتعبر عن كل القضيه- اما اولئك الذين سمعوها، فانهم لم يسمعوها، الا من خلال فدك- من خلال ارث- فقط تطالب به.

انه فيما- بعد- فى كل سنه بعد سنه- فى كل جيل بعد جيل- اصبح السماع اليها من خلال القضيه.

هكذا كان يعمق- مع الوقت- سمع الخطاب، و هكذا اصبحت فاطمه تسمع- من خلال صوتها الناعم- كانها النذير...

ما تضاءلت قشيه فدك ولكن فاطمه اصبحت- من خلالها- و ترا فى غمد.

/ 14