فاطمة الزهراء و ترفی غمد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فاطمة الزهراء و ترفی غمد - نسخه متنی

سلیمان کتانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




نبذه:



كيف يفيد الحديث عن فاطمة الزهراء، ان لم يلجا الى نبذه تاريخيه اجتماعيه، لا تطال فقط الفسحه التى امتدت بين ساعه ابصرت فيها النور و ساعه انطفات فيها، من عينيها، لمعه الحياه، بل و تمتد بشمولها الى تاريخ الجزيره قبل مولودها و تتجاوز اليوم الذى غيبها فى ضريح، حتى الساعه الحاضره:


ليس الشمول فى البحث- على هذا الطراز- شرطا من شروط كتابه كل سيره، فهنالك من تكتب فيه السيره محصوره فى فسحه عمره، و قد تحصر فى فاصل معين من هذه الفسحه، كان فيها بروز صاحب السيره بشكل فذ، حقق لفت النظر اليه وجداره الاهتمام به. و هنالك من لا تكتب السيره فيه الا فى اطار مشدود بماضيه و حاضره و ما ياتى بعده من زمن. تلك هى عبقريه الافراد يربطون حياتهم بحبال التاريخ ليغيروا وجه التاريخ.


و فاطمة الزهراء- ان لم تكن من اولئك الافراد- فهى على الاقل- ابنه نبى-هز- ليس تاريخ الجزيره و حسب- بل جذور الفكر فى الانسان و قفز به فوق الاجيال، و هى زوجه رجل- هو الاخر قطب من اقطاب الفكر، و خط من خطوط الاصاله، و ركن من اركان الحق، و امتداد لاعظم عبقرى جدل النور فى قرآن.


و ليس ذلك ليكفى، فهى انجذاب بين قطبين، عبت من الاول كما عبت من الثانى، فاذا نهجها فى الحياه امتداد لنهج مرسوم.


و كان لها- من كرم الخالق- جمال، هو انعكاس لكل ما فيها من عقل و طيبه و صفاء، و لكل ما فيها من جاذبيه و ايجاء، فاستاثرت بحب اعظم اب وحب اعظم قطب،فانحصرت فيها ذريه ابيها لتكون ذخيره يتوارثها كل جيل عن جيل.


ذلك كان جوها، عاشت فيه، و شعت عليه، و امتدت به، و عبرت عنه فكرا و انتاجا.لقد غدت خطا فى الرساله التى انطلقت ثوره و اصبحت هى من لونها،


و ستتبرك بها الاجيال، حتى اذا قامت- فيما بعد- دوله فى مصر- اخذت من اسمها ما تيمنت به. فالدوله الفاطميه، و الجامع الازهر، يمن بها و فيض تبرك.


و لن ينسى الاسلام- خاصه فى شيعته- انها كانت اعز من احب النبى، و انها ام لاشرف نسب.


لذلك دخلت التاريخ، و لن تكون لها سيره بغير استدراج صفحات التاريخ.


تاريخ- اجتماع


ما قبل الاسلام:



ان البيته التى ولدت فيها فاطمة، لم تكون قوتها غير مظهر من مظاهر العمران و الازدهار الاقتصادى، و هذا ما كان يفتقر اليه مجتمع الجزيره. فالارض التى فتحت على ابعاد شاسعه كان يخنقها الشح، و يضنيها القحط، فكان مجتمعا مشرورا - هنا و هناك- قبائل قبائل، لا يضبطها نظام اقتصادى مدروس، و لا توجيه فكرى موحد، فاعتمدت على الغزو و الاختباء فى طيات الفيافى اكثر مما كان عليها ان تعتمد التنظيم فى توجيه اقتصادها. مستوحيه العقل و العلم. و كان لها فى الجوار ما يوفر لها الاقتباس، فهنالك- ما بين النهرين، و على طول الخط المودى الى الشام و الاردن و سواحل البحر الابيض- كانت تعتز مدنيات مجتمعات قويه و ناهضه فى اعتمادها على نفسها و استنبات الخير من اراضيها، و تنظيم تياراتها الفكريه و معاولها الاقتصاديه.


و لقد انفتح- منذ القديم- هذا الجو من الجوار امام هجرات قويه و متعدده من الجزيره، لم تجن الجزيره منه الا قليلا، و استمرت تصدرها هجراتها، و لبث من بقى فيها على الاستمرار فى الانماط المالوفه، يمارس بعض الزراعات الخفيفه، و يجمع بعض العطور و الاطياب فى تجاراته المعتاده التى كان يجهز لها بعض القوافل الموسميه.


و كانت الهجرات تنهب من رجال الجزيره دون نسائهم، و كان الغزو- ايضا- يقلل من هذا العدد، فظهر اختلال فى هذا المجتمع بالعدد النسبى بين الرجل و المراه، بحيث اختل تكوين الخليه الاجتماعيه التى لا تجد قوامها الا فى الجنسين المترافقين المتلاحمين، فكان الواد حلا من الحلول التى ما عدلت خللا حتى عطلت قيمه فكريه اجتماعيه، كان فى فقدانها ذياك الانحطاط.


و لقد شمل الانحطاط جميع مرافق الحياه، زراعيه، اقتصاديه، فكريه، لم تنشا ايه زراعه متطوره، و لم يتبدل سير القوافل، و لم يتغير نمط التجاره و بقى النزوح عينه النزوح، و الغزو ذاته الغزو، و بقيت الكعبه نفسها الكعبه، تتربع فى زواياها حجارات منحوته بغير هندسه، و بقى الخلاف فى تحديدها اياها الخلاف- اهى نصب ام انها اوثان؟- و بقيت رابعه الاثافى وحدها رابعه الاثافى امام كل خيمه مهجوره او وتد منسى.


كل ذلك قد كان و ما لبث مستمرا حتى جاءت على الخط قافله الامين محمد، (ص) فتوقف التاريخ بالقافله ليجعلها حدا فاصلا بين عصرين: عصر الجاهليه، و عصر صدر الاسلام.


الشراره الاولى (خديجه):



ان القافله التى اعترضت طريق القوافل هى قافله خديجه، ما سارت الا لتتوقف، و ما توقفت الا لتنطلق، لقد تغير فيها مركز القياده.


و خديجه بنت خويلد، هى الشراره الاولى فى الثوره الاجتماعيه التى قلبت الاوضاع و نقضت القديم.


لقد تلقطت بيديها- بزمامين- بيمناها زمام، و بيسراها زمام، بهذين الزمامين توقفت قافلتها على المفرق الفاصل بين عصرين.


لقد ذاقت مراره الواد، ثم تذوقت نشوه الانبعاث. انها خديجه بنت خويلد، من اشراف قريش، و من اصبح نسائهم وجها و انبههن ذكاء.


كانت صغيره لما سيقت الى زواج باكر من عتيق بن عابد و سريعا ما بتر الموت هذا الزواج، فسيقت الى زواج آخر تقدم به منها شريف يدعى «ابا هاله» و رزقت منه ولدا اسمته «هندا»، ثم عاد الموت، ففصم عروه الزواج الثانى، فتوقفت خديجه عن تلبيه العروض فى تكرار زواجها، و كان رفضها بمثابه ضريبه ادتها عن نفسها، تعويضا عن زواجين سابقين، لم يكن لها فيهما كبيرشان.


و مرت الايام، و فى يمناها زمام جاهلى، تقوده على طريق مكه- الشام، بقافله جاهليه المولد، جاهليه الرحل، جاهليه العير، جنت منها ارباحا طائله لم تكن غير جاهليه.


و بدا لها فى الطريق جبين و ضاح، فيه من العزم اكثر مما فيه من الفتوه، و فيه من المجد ابلغ مما فيه من السكون، فرات تلاميحه و استبشرت بفك رموزه، و اقدمت- دون ان يثنيها قنوط الاربعين، و استسلمت- دون ان يوثر عليها اى اعتبار.


و كان لها ما ارادت، فتزوجت بمل ء حريتها، مسكوره من حولها طوق التقاليد.


و كان الزوج الجديد، الفتى الامين محمد (ص) بن عبداللَّه بن عبدالمطلب الهاشمى. فتى فى الخامسه و العشرين، لم تدخل- حتى الساعه- امراه فى حياته،و سيم الوجه، هادى ء الطبع، برى ء القسمات، عميق السكون، و كان من بيت كريم له فى مجتمعه مكانه الزعامه.


و كان الزواج مثار همس و لمز: امراه تخطب، و رجل يتلقى العرض... ما هكذا توزن كرامات البيوت و امجاد بنى هاشم... انثى ليست لها الحريه بنسبه ما لها الواد... بريق الذهب يعمى البصيره... الى آخر ما توصلت اليه معازيف تلك البيئه المشدوده بحبال التقاليد.


الامين محمد- العائله- البعث- احداث



و لقد كان، بين خديجه و محمد- قبل الزواج- ما يشبه الاختيار و الامتحان، فهى- قبل ان تقدم- جعلته فى قافلتها، ثم انتظرت الوقت يبلور حسها و يجيب عن حدسها.


و ما كان الوقت الا ليفرض الحقيقه، فالامين محمد، الذى مشى تلك الفيافى ذهابا و ايابا، عده مرات، هو الذى خبر القبائل مشروره على طول و عرض هذه الرقعه الغارقه تحت الخيام و الاطناب، تزحف مع كل غبار، و تنساق وراء كل سراب- شاهد حجاره الاثافى و نصب الاصنام:


لقد مر على «يعبوب» جديله طى، و توقف طويلا امام «ذى الشرى» صنم «دوس»- و لم يتردد عن زياره «ذى الخلطه»- كعبه اليمامه، ليكون فيما بعد للنبى حديث فيه : «لا تقوم الساعه حتى تضطرب اليات نساء دوس حول ذى الخلصه»، اشاره الى رده العرب الى جاهليتهم بعد اسلامهم.


و سيشهد حريق «ذى الكفين» صنم بنى لهب يحرقه الطفيل بن عمرو و هو يقول:




  • يا ذا الكفين لست من عبادكا
    انى حشوت النار فى فوادكا
    انى حشوت النار فى فوادكا



  • ميلادنا اكثر من ميلادكا
    انى حشوت النار فى فوادكا




و سيناجى «ودا» مليا، و هو اوقف امام تمثاله المتقلد السيف و المتنكب القوس
و لسوف يهيب بخالد بن الوليد ان يكسره بعد غزوه تبوك.


اجل
لقد مر الامين محمد على هذه القبائل و شاهد بعينه كل ما يغرقون فيه من فقر و سخافات، و لقد غاص معهم بكل تاملاته غوص المدرك المتالم لنفس انسان تنحط عن درجه العقل المتبصر المتروى.


و لقد زار الشام و كل الدائره المطله على المتوسط، و خبر فيها الحياه الاجتماعيه:






ماديه، اقتصاديه و فكريه روحيه و تامل و استوعب و قارن.


لقد خبر بنفسه كل مجالات الجزيره، من اول تاريخ هجراتها و تدفقاتها الى الساعه، و لقد ادرك ان هذه الارض التى قدمه عليها الان- قد اصبحت امتداد مجهود شعب قد اختلط حابله بنابلها، فامتزج بقرابه تاريخيه و بتوحيد مصير.


و رجع بالقافله على تصاميم و مناهج، ستتبلور قريبا- فى غار حراء- رجع ليعرض على خديجه ربح القافله، بعد ان كان امينا على ما حمل.


ولكن خديجه: التى كانت ترمى بتجارتها، كما ترمى الحصاه فى بئر- سبر الغور-ما همها ربح جزيل اكثر ما همها الاكتشاف الخطير: فلقد تكشف لها انها امام رجل لا تنم قسماته عن نبل اكثر مما تطل على شفق و ان قافلتها التى جعلته فيها ستذوب حتما فيها.


و فعلا- لم يتم الزواج، الا لتصبح خديجه و ما تملك، ليس بين يدى الامين محمد، بل ليصبح الاثنان و ما يملكان، وقفا على تاديه رساله ستعريهما من كل اثقال التراب، ليعيشا- رغما عن ثروه ثقيله- فى فقر و حرمان، تحقيقا لفكره و تدعيما لايمان.


و انطوت العائله على نفسها تنجب: تنجب الاولاد، تقديسا لمشيئه الحياه، و تنجب الفكر، تاليها للسمو، هنا فى الزوايا، درجت فاطمه بعد ام كلثوم، و رقيه بعد زينب- و هناك- فى غار حراء- كانت تفتح الكوه يطل منها وجه جبريل، و هنالك قبائل لا تزال تزحف نحو ديدنها، تاكل الغبار و تشرب السراب، و تنام فى الاغلال...


ما توقفت قافله خديجه- ولكنها تتريث. انها تستعد لانشاء قافله كبيره- و هى الان تجلو صوت حاديها، ليغمر الجزيره و آفاق الجزيره. لقد تالفت النواه. يكفى القافله الجديده فتى يتهيا- ليس عمره سبعا، بل سبعه دهور.


لقد ربى على فى هذا الكنف. اخذه محمد- يا لسخاء الاقدار- ليخفف العب ء عن كاهل عمه ابى طالب المعيول.






نطحته العبقريه بقرن فذر بها قرنه، وامتص كل ابن عمه بكل صمت و كل هدوء، فاذا هو ظل لا يفارق و طيف لا يمارى- ليصبح- فيما بعد- سيف الرساله ودويها. لم ينحصر دوره فى الفسحه التى عاش فيها، لان النبى زوجه من اعز بناته- فاطمه الزهراء- ليكون له من ذريتهما صلب ميراثه و امتداد قيمومته على رساله وجهها الى اهل الارض.


و كان للبعث قذفه ارتجاع فى جو مكه، اول ما سمع صداها فى الكعبه- و ادار تلك الايام- فهبت ضجه قلقه تستفسر الخبر:- بيت يفتش عن زعامته. جنون يتلقط بالغيب ليعكسه حقيقه...


و كان خديجه- فى صمتها- تصغى، انها بدايه الساعه فى تحقيق المبهم المرتقب،انها الوصول الى الكنز الذى ذابت- فى التفتيش عنه- ثروه.


و خفق قلب فاطمه- و هى ترنو بوسع حدقتيها الى الساحه التى يلعب فيها، ابوها الكبير و رفيقها البطل- لعبه الخلود... و انطوت على نفسها توسع ضلوعها امام قلبها الخافق.


و كانت رده الفعل، ولدها ذعر السدانه، و تجاوبت بها زعامات القبائل: لقد هب ابوسفيان يضغط على «ابن ربيعه» ليرد «زينب» الى البيت الذى خرجت منه، و هكذا فعلت «ام جميل» اذ سلخت «رقيه» عن «عتبه» و «ام كلثوم» عن «عتيبه» لتعودا من زواجها الى ابيهما- ارهاقا له، و عرقله لمسيره. لقد رمت «ام لهب» كل حقدها فى وجهه: بذاءه من لسانها، و شوكا على دربه.


هذا هو الطراز الذى قوبلت به الرساله- ساعه بثها. و بمثل هذه الخشونه فوجى ء الوجه الوليد على كف القابله...


و لكنها رساله، تحمل الحق، تحمل النور، تحمل الصواب، تحمل الشوق، تحمل الايمان.


لهذا تحملت التشريد فى هجرتين تمكنت فيهما من لم شعثها، و كان لها- على يد الصحابه و الانصار- شده ازر و لفه ساعد و شمله ميعاد.


و عادت تزيح اشواك «حماله الحطب» من دربها، و كان من المع ابطالها الفتى على و سيفه ذوالفقار.


و تخطت الدرب، عبر «بدر» عبر «احد»، عبر «خيبر»، عبر «مكه و هواذن» و عبر الكعبه تتحطم فيها ضلوع «هبل».


و اشرابت نحو الجوار، قافله، تحمل الاجيال على كفها، ماذن و فتوحات.


لقد رسمت للجزيره خطوط عريضه تعلمها: كيف تاكل، و كيف تشرب، و كيف تنام. تعلمها كيف تصنع من الغبار زهره، و كيف تستقطر من السراب قطرى ندى، تعلمها كيف تضع فى محجر «هبل» عيننا لها بوبو، و ريشه هدب، تعلمها كيف تسير الى الشام و نحو الكوفه على حدو الشوق و الحنين، يحمله حب الانسان للانسان، و تحمله قيمه الفكر مبسوطه على سجف من الوجدان.


والتف رجال الصحابه و رجال الانصار حول النبى العظيم لينفض عن اكتافهم غبار الماضى، و يثبت اقدامهم فوق المفارق. و لقد شدهم بالعقل، و استوثقهم بالمعرفه، و ربطهم بالارض بالرباط الذى يليق بالاحرار، و افهمهم كيف يعيشون،و كيف يتروجون، و كيف ينسلون، و كيف يحيون، و كيف يموتون، و كيف يحشرون.


و لقد عاش معهم مجسدا فى نفسه القدوه و المثال- قولا و عملا- فكرا و احياء.. قال لهم:- كلوا، واكل- اشربوا، و شرب- عفوا، و عف- تزوجوا، و تزوج- احبوا، واحب- اعدلوا: و عدل- لا تغتروا بالدنيا، و لم يغتر- انفقوا فى سبيل اللَّه- و انفق.


لهذا لم يترك الدنيا الا بعد ان خلع عليها رداءه، و لم ينزل فى قبره الا بعد ان سحب منه كساءه.


و مات النبى و هو تلك الكثافه.


الجهه الجانبيه- بيت على-



على الجبهه الجانبيه من هذا العرض، نتتبع نشوء بيت آخر، و هو فرع من البيت النبوى، و هو انطباق عليه لانه انبثاق منه- انه بيت على.


رجل كان- ربيب النبى- من صلبه- ابن عمه- من معدنه: عقلا و انجذابا، ميلا و استجابه، عملا و تطبيقا.


امن المصادفات؟ ام انه تدبير يجهل العقل كنهه؟ كان وجود هذين القطبين فى وقت واحد، ليكون للجزيره العربيه انبلاج شفق و تحقيق تاريخ؟


و لقد تساندا متكاملين فى كل انجاز، و لقد ادرك النبى ذلك تمام الادراك، فالقى على ابن عمه اثقال القضيه، و ناطه بكل جليل.


اما فاطمه الزهراء، فهى التى خص بها على، كانها التدليل على عمق محبه النبى له و ايثاره- اياه لان محبه الاب لابنته فاطمه كانت فريده من نوعها- كانت فوق درجه الوله.


و لقد تضافرت العوامل لتزيد هذا الوله تمتينا و تعميقا، فالنبى الحريص على رسالته لم يجد لها- من صلبه- من يتقيم عليها بالرعايه من بعده، و يمتد بها من مصير الى مصير. اما على القريب القريب و فاطمه النجيبه، فهما اللذان يكون منهما حبل الرباط.


و اشتد الوثاق: ان الحسن و الحسين ارهقا شعور النبى حتى اصبح يشم فيهما عبق الجنه.


تلك هى العتره الطاهره، عائله النبى، اهل الكساء، المطهرون من كل رجس، ذريته، اوصياوه، احب الناس اليه، الخط الطويل من بعده.


و تشابهت، فيما بين هذين البيتين، مسالك التاسيس، و تساوت سبل المناهج، فكان هذا طباق ذاك. يكفى الطباق تجانسا فهم الرساله و التعبير عنها قولا و عملا- فلقد عاش على حياته ممدود الكف ممدود الساعد- بذلا و دفاعا،


و لقد توفرت له الدنيا فلم ياخذها الا بتقتير، و حيا من عقيده و تجسيدا لقدوه.


و مثلما القت خديجه- بين يدى محمد- ثروه، لا لتوكل، بل لتصرف على قضيه، هكذا توصلت اليه- عبر زوجته فاطمه- نحله «فدك»، لا لتوكل ايضا، بل لتصرف على ذات القضيه، و مثلما كان ما بين يدى النبى مفتاح ثروات الجزيره، فلم يقبل الا ان يعيش و يموت فقيرا، هكذا توصلت الى على مقاليد الثروات، ليس من الجزيره و حسب، بل حتى من اطراف امبراطويه طافحه بالذهب، و لم يقبل الا ان يعيش و يموت و هو يخصف نعله و يرقع مدرعته، و ملثما تزوجت خديجه رجلا احبت فيه طيفا خلف عينيه، هكذا تزوجت فاطمه رجلا احبته طيفا فى عين ابيها.


و عاشت فاطمه تحت ظلين: ظل ابيها و ظل حليلها، و عانقت ريحانتين- الحسن و الحسين- ذريه لرجلين: نبى و امام، و عانقت رهافتين: رهافه الجسم، و رهافه الحسن، و اختبرت عصرين: عصر الجاهليه، و عصر الانبعاث، و احبت اباها حبين: حب البنوه وحب الامومه، و صهرت بصهرين: مصهر الفقدان، و مصهر الحرمان.


بهذه الازدواجيه عاشت فاطمه الزهراء، صابره على مكاره الدهر، اقتناعا منها بصدق قضيه يلزمها الكثير من التجسيد و حسن الاخراج، و لقد جسدتها- كما جسدها ابوها و زوجها- بحبل طويل من الرضوخ و القناعه و الاستسلام، و بلسله طويله من العزم و الاقدام و البطولات، و بالكثير من التضحيات.


و لقد رافق ذلك كله شموخ هو انعكاس تلك المتانه فى النفس تتصلب بالشعور بالحق و صدق الوجدان. فقضيه «فدك» ارثها من ابيها، بلورت فيها هذا الشموخ بكل انواعه، و ما كانت مطالبتها بالارث الا تعبيرا عن هذا الشموخ فى تفلته من عنصر الخوف و الاستكانه.


و لقد قطعت شوطا بعيدا بهذا الدفاع عن حقها، لا لتصرفه على نفسها و بيتها لذه و ترفيها- لقد كان يانف خطها هذا الترفيه- بل لتصرفه فى سبيل


/ 14