فاطمة الزهراء و ترفی غمد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فاطمة الزهراء و ترفی غمد - نسخه متنی

سلیمان کتانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



فاطمة الزهراء و ترفى غمد



المقدمه



بقلم: الحجه المجاهد السيد موسى الصدر


بسم اللَّه الرحمن الرحيم


فاطمة الزهراء:



ان اللَّه ليغضب لغضب فاطمة، و يرضى لرضاها. فاطمة بضعة منى، من آذاها فقد آذانى، و من احبها فقد احبنى. فاطمة قلبى و روحى التى بين جنبى. فاطمة سيده نساء العالمين.


هذه الشهادات و امثالها تواترت فى كتب الحديث و السيره من رسول اللَّه محمد (ص)الذى لا ينطق عن الهوى، و لا يتاثر بنسب او سبب، و لا تاخذه فى اللَّه لومه لائم.


مواقف من نبى الاسلام الذى ذاب فى دعوته، و كان للناس فيه اسوه فاصبحت خفقان قلبه، و نظرات عينيه، و لمسات يده و خطوات سعيه و اشعاعات فكره، قوله،و فعله، و تقريره، وجوده كله، اصبح تعاليم الدين واحكام اللَّه و مصابيح الهدايه و سبل النجاه.


او سمه من خاتم الرسول على صدر فاطمة الزهراء تزداد تالقا كلما مر الزمن و كلما تطورت المجتمعات و كلما لا حظنا المبدا الاساس فى الاسلام فى كلامه لها «يا فاطمة اعملى لنفسك فانى لا اغنى عنك من اللَّه شيئا.؟».


فاطمة الزهراء هذه مثال المراه التى يريدها اللَّه، و قطعه من الاسلام المجسد فى محمد، و قدوه فى حياتها للمراه المسلمه و للانسان المومن فى كل زمان، و مكان.


ان معرفه فاطمة فصل من كتاب الرساله الالهيه، و ان دراسه حياتها محاوله لفقه الاسلام، و ذخيره قيمه للانسان المعاصر.


مع المولف:



بهذا الاحساس كنت استمع الى الاستاذ الجليل و الاديب العبقرى (سليمان


كتانى) فى صومعته فى بلده (بسكنتا) و على سفح جبل صنين و هو يتلو كتابه العزيز (فاطمة الزهراء و تر فى غمد)- كنت استمع اليه و ارى امامى لوحات رائعه تكشف بوضوح جمال ذوقه وروعه فنه.


سرت معه ساعات فى دنيا فاطمة الرحبه المشرقه، فاشعر بسمو الرفعه و انعم البصر و البصيره و اعتز بعقلى و قلبى امام هذا التراث المجيد الموجه.


متعه العمر كانت هذه الساعات امام الجمال الالهى فى جلوه فاطمة المنعكسه على فكر و قلب هذا الرجل المراه الوديع.


و عدت الى مقدمه الكتاب فسمعته يتابع و يقرا: «لهذا فسوف اكتب فى فاطمة الزهراء متنكرا قدر الامكان لحرف الجر هذا- يعنى حرف «عن» الاداه المستعمله فى كتب السيره- و ساكون متنكرا للسرد ايضا، فالريشه التى فى انملى ليس عليها ان تكون مختبرا يحلل نسبه الحديد و الكبريت فى ساق زهره، اكثر مما لها ان ترسم اللون فيها و تهتز من فوح العبير».


قلت له:- و هل خصصت لعرضك الفاطمى البديع هذا بالذين عرفوا فاطمة و اطلعوا على حياتها عن طريق كتب السيره و السرد. و منعت الذين يريدون ان يطلعوا على سيرتها... هلا رسمت الطريق للوصول الى عين الشمس و نبع الحياه لكى يتمكن مجتمعنا الذى يقرا الكتاب من تربيه المراه الفاطميه و الرجل الفاطمى...


قلت له: ان هذه اللوحات الرائعه سوف تعجب و تجتذب ارواح الناس الحائره التى ضاقت بالابحاث و الاراء و التجارب عن المراه، حتى اصبحت المراه هى عقده العقد فى المجتمع القديم و الحديث، و هذا الاعجاب و الاجتذاب بدورهما يوديان الى البحث و التفتيش عن المواد التى كونت هذه اللوحات، عن الحديد و الكبريت، و عن المدخل الى هذه البيوت التى اذن اللَّه ان ترفع.


ان الباحثين الجدد فى معالم الحضاره الحديثه يسمونها حضاره الجنس و هذا


يكشف عن خطوره عقده الراى فى المراه و عن الاخطاء الكبرى التى تعانيها من جراء الخطا فى تجربه الحضاره حول المراه.


ان آراء الكتاب و علماء النفس و الماديه المتحكمه فى كل شى ء و فى المراه بالذات- قد اظلمت الدروب و اغرقتها فى الاهواء فضاع الصواب و طغت الحيره و انهارت انسانيه المراه تحت و طاه التجارب القديمه و الحديثه.


اننا نشعر اليوم اكثر من اى وقت مضى بالحاجه الى سرد موجز لحياه فاطمة الزهراء لكى نجعلها قائده، و نقتبس من فيض سيرتها. فى طريق الصلاح و الاصلاح.


قلت له هذا كله، فسمعته يقول بصوت واثق و بشعور من ادى الواجب: لقد تركت لك هذا الامر حتى تكتب فى مقدمه الكتاب و تودى هذه المهمه، فيكتمل العقد و يبلغ الكتاب النصاب.


شعرت بالاحراج الكبير امام الغايه الساميه و امام الوسيله ايضا، فقلت له كلام المقدس الامام السيد عبدالحسين شرف الدين فى تقريظ له على كتاب «الامام على صوت العداله الانسانيه» مخاطبا مولفه الاديب اللامع «اعرنى قلمك لكى اقرظ به كتابك.»


هذه كلمات من اضاءت كتبه و رسائله سماء الكتب و عالم الابحاث و الرسائل- فكيف بقلمى القاصر و ببضاعتى المزجاه...؟


و مع ذلك كله فلسوف استمد من فاطمة الزهراء فى هذه المحاوله المتواضعه و اودى الواجب قدر المستطاع سائلا المولى لى و للقارى ء الكريم توفيق الرويه الصائبه و الاقتباس.


المراه:



الحقيقه، ان اكتشاف موقف الاسلام تجاه المراه فى هذا الوقت لا يخلو من بعض الصعوبات، حيث ان هناك آثارا دينيه اسلاميه تبدو- فى بادى ء الامر- انها متفاوته و متخالفه، و زادت الصعوبه حينما اختلط بعض العادات


التى كانت و لا تزال عند بعض الشعوب الاسلاميه، اختلطت هذه العادات بالتعاليم الاسلاميه الاصيله فخيل للباحث ان جميعها من الاسلام.


و اذا لا حظنا آراء المستشرقين، حتى اصحاب النوايا الحسنه منهم، و درسنا ما كتبه بعض الكتاب المسلمين ايضا- نجد ان هذه الصعوبات الدراسيه جعلت الموقف الحقيقى الاسلامى تجاه المراه غامضا، حتى ان اكثرهم تبنوا اراء بعيده عن الحقيقه و بعضهم اعتبر المراه مظلومه فى الاسلام.


والحقيقه ان عند المسلمين نوعين من التراث الدينى، فهناك تعاليم دينيه ماثوره و عادات موروثه غير وارده فى الاثار الدينيه، و يجب الاهتمام بكل دقه بفصل احداهما عن الاخرى،. ثم ان الاثار الدينيه الاسلاميه- ايضا نوعان:


قسم يتحدث عن واقع المراه فى مرحله معينه فى التاريخ، و القسم الاخر ينحصر فى التعاليم الاساسيه الخالده.


و توضيحا لهذا الراى، الفت نظر الباحث الى مصطلح علماء المنطق و اصول الفقه حيث يفرقون فى كل خبر (حسب مصطلحهم كل قضيه) بين القضيه الحقيقيه و القضيه الخارجيه، حيث ان الاولى تبحث عن الاحكام الثابته للموضوع اينما وجد و فى كل زمان و مكان، فى حين ان الثانيه تنظر الى الموضوع القائم فى زمان صدور الحكم و تبحث عن حالته فى ذلك الوقت دون سواه.


و لا جل اكتشاف حقيقه الموقف الاسلامى تجاه المراه علينا ان نجعل من الايات القرانيه اساسا للحث عن المراه و اطارا سليما لمعرفه التعاليم الحقيقيه- لا الخارجيه- بالنسبه للمراه، و عندئذ فقط نتمكن من فصل العادات عن الاحكام و من معرفه الاحكام الثابته و تمييزها عن الاراء المرحليه.


راى القرآن فى المراه:


القرآن الكريم، على خلاف جميع الاراء الفلسفيه و المذهبيه و العادات التى كانت قبل حال نزوله، و على خلاف كثير من الاراء و العادات المتاخره- يجل المراه و يعتبرها مثل ارجل فى الحقيقه و فى الذات


[
و من آياته: (ان خلق لكم من انفسكم ازواجا).] ثم يعلن انها تشارك مشاركه


جوهريه فى تكوين الطفل، و ليست ممرا لاخباب الرجل و لا حقلا لبذره


[
(يا ايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحده و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثير و نساء.] و قد جعل اللَّه النبى محمدا- بالذات- شاهد صدق على هذا الموقف حيث جعل نسله من فاطمة، ورد على من سماه-ابتر- بعد موت ابراهيم ابنه من ماريه القبطيه


[
(انا اعطيناك الكوثر، فصل لربك و انحر ان شائنك هو الابتر.] فى السنه الثانيه من الهجره.


و يوكد القرآن فى كثير من الايات هذه المساواه و يكرر عباره «بعضهم، من بعضهن» ثم يسن قوانين لاحترام نفس المراه و كل حقوقها


[
الظرف فى مصطلح الفقهاء اجزاء الجسد مقابل النفس اى الحياه. و الديه و القيود و القصاص ثابته بالنسبه للرجل و المراه على تفصيل مذكور فى مظانه من الكتب الفقهيه.] و لا حترام عمل المراه ماديا


[
من المحرمات الكبيره فرض عمل على الرجل و على المراه- حتى من زوجها- او منع الرجل او المراه من العمل و حجز حريتهما او حرمان العامل او العامله اجرتهما.] و معنويا


[
(انى لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى).] و اقتصاديا


[
(للرجال نصيب مما كسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن).] وسياسيا


[
(يا ايها النبى اذا جاءتك المومنات يبايعنك على الا يشركن باللَّه و لا يسرقن و لا يزنين و لا يقتلن اولادهن و لا ياتين ببهتان يفترينه بين ايديهن و ارجلهن و لا يعصينك فى معروف فبايعهن و استغفر لهن اللَّه).] و يوكد احترامه لقرابتها من الميراث


[
(للرجال نصيب مما ترك الوالدن و الاقربون و للناس ء نصيب مما ترك الوالدن و الاقربون).] و فى جميع شوون الحياه.


و لا نجد فى جميع الايات القرآنيه ما يمنع المراه من التصرف فى اموالها حتى بعد الزواج


[
لا تزال بعض القوانين فى- العالم المعاصر و فى اليلاد المتحضره تحجر على المراه بعد الزواج فى ما لها.] او يسمح بفرض الزواج عليها دون رضاها


[
و حق الوالد فى زواجها الاول حق استشارى و ليس له فرض الزواج عليها، ثم ان الوالد اذا عضل و منع البنت من الزواج مع وجود المصلحه و الكفاءه يسقط حقه.]


و الايات التى تضيف المراه على الرجل لبيان الاحكام او التقدير او المواعظ او العبر كثيره جدا دون ان تقلل من مقامها او تحتقرها


[
(من عمل صالحا منكم من ذكر او انثى و هو مومن فلنحينيه حياه طيبه و لنجزينهم اجرهم باحسن ما كانون يعملون)- (ان المسلمين و المسلمات و المومنين و المومنان و القانتين و القانتات و الصادقين و الصادقات و الصابرين و الصابرات و الخاشعين و الخاشعات و المتصدقين و المتصدقات و الصائمين و الصائمات و الحافظين فروجهم و الحافظات و الذاكرين اللَّه كثيرا و الذاكرات اعد اللَّه لهم مغفره و اجرا عظيما).] او تعتبرها اقل شانا من الرجل.


و من خصوص الحياه الزوجيه و لاجل صيانه الزوجه و عدم وصول الحياه المشتركه بين الزوجين الى مازق، و حتى يمكن البت بالامور العابره الى شوونهما المشتركه، جعل للرجل على وزجته درجه و ذلك بعد ان اكد تماثل الحقوق و الواجبات فى الايه الكريمه: «و لهن مثل الذى عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجه» و هذه الدرجه هى التى عبر القران الكريم عنها فى مكان آخر «الرجال قوامون على النساء بما فضل اللَّه بعضهم على بعض و بما انفقوا»


والمتمعن فى دراسه القرآن الكريم يجد ان الفروق التى يثبتها بين الرجال و المراه تكرس المساواه الذاتيه و تولد الاهتمام العادل بامرهما على حد سواء، فالتفاوت فى الاحكام و فى الواجبات و الحقوق انما يرجع الى التفاوت فى الكفاءات بينهما والى اختصاص كل منهما- فى اكثر الاحيان- بنوع خاص من الاستعداد يختلف عن الاخر.


فالمراه بمقتضى خلقها الجسدى و الروحى، تصلح للامومه و لتربيه الطفل، و هذه


المهمه هى التى اعتبرت اهم بناء فى الاسلام بموجب الحديث النبوى.


[
ما بنى فى الاسلام بناء احب عند اللَّه من الزواج.]


ان هذه المهمه لا تقل تاثيرا عن اى مهمه حياتيه اخرى، حيث انها تصنع الفرد، و هو قوام المجتمعات القاهره، تتناسب مع المراه، فالاسلام ينص بتحمل هذه الرساله دون ان يفرض عليها


[
فليس الزواج واجبا عليها و لا اداء هذه المهام مفروضه عليها حسب التفاصيل المذكوره فى كتب الفقه.] ثم يجاول تهيئه الجو المناسب لها لكى تتفرغ لاداء هذه المسووليه فيفرض على الرجل ان ينفق عليها تسهيلا لمهمتها.


ثم يفرض عليالرجل بمضاعفه حصته فى الميراث لحصتها حتى تتحقق العداله و حتى لا يكون المال « دوله بين الاغنياء منكم » على حد تعبير القرآن الكريم.


و يبنى الاسلام- على اساس هذا الاختصاص و هذه الممارسه- سائر احكامه، فيحكم بقبول شهاده المراه فى اطار عملها و اختصاصها.


اما موضوع الغطاء فى الاسلام فليس المقصود منه تحقير المراه او حبسها او التفخيم و التمجيد الزائد لها، كما كان متعارفا عند بعض الشعوب، بل انه سلاح للمراه و منه لطغيان الانوثه على المراه لئلا يتغلب هذا الجانب على جميع كفاءاتها.


ان هذا القصد واضح فى الايات القرانيه التى تمنع الخضوع فى القول او الضرب بالارجل فى المشى او التبرج او ابداء الزينه


[
الايات القرآنيه فيهذا الشان كثيره نذكر بعضا منها:(فلا يختضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض) و (لا يضرين بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) و (و لا يتبرجن تبرج الجاهليه الاولى) و (و لا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها).]


والحقيقه ان ابداء مفاتن المراه يودى الى طغيان جانب الانوثه على وجود المراه فيحولها الى لوحه فنيه فقط، و هذا احتقار لها و تنكر لكفاءاتها و تقليل من فرصتها الغاليه من حيث يودى الى التخفيف من مركزها و دورها السامى فى خدمه الامومه.


هذه هى المعالم الرئيسيه لموقف الاسلام تجاه المراه و على هذا الاساس يمكننا معرفه العادات و تمييزها عن الاحكام و نتمكن ايضا من اكتشاف الروايات التى تستغرض وضع المراه فى مرحله تاريخيه معينه.


و قد بذل رسول اللَّه (ص) جهد متناهيا فى رفع مستوى المراه التى تعيش فى عصره و التى كانت تحمل تبعات الاضطهاد الماضى الطويل و عقده، و فى تحسين نظره الناس اليها، فقد اعتبر ان «خير الاولاد البنات» و ان «احسن الناس


احسنهم لزوجته» و ان «المراه محببه عنده مع الصلاه» و ان «النساء امانه فى امته».


و اننى اعتقد ان ما نقل عن الامام على- عليه السلام- حول المراه مما جعل بعض الباحثين من المستشرقين و غيرهم يتعتبرونه عدو المراه، نظير قوله «النساء عى و عوره فاستروا عيهن بالسكوت و عورتهن بالبيوت» و امثال ذلك- ان هذه العبارات، على افتراض صدورها عن الامام، انما هى من قبيل القضايا الخارجيه فى نظرات خاصه معينه تعبر عن وضع المراه فى مرحله تاريخيه معينه.


و للامام (ع) نظرات و حكم اخرى تنطبق تماما على ما استنتجناه من القرآن الكريم. و هو فى بعض الاحيان يحاول ان يعطى تفسيرا رائعا مما كان شائعا بين الناس من الامثال حول المراه، فحينما يسمع المثل الشائع: «ان النساء ناقصات العقول، ناقصات الحظوظ، ناقصات الايمان» يفسرها بمثل ما شاهدناه من التعاليم القرآنيه من التفاوت فى الميزان و الشهاده و بالتفاوت فى اداء بعض الفرائض فى حلالات خاصه. و هذه الاسلوب هو موقف تربوى رائع نجده و نجد مثله فى حياه النبى و سائر الائمه و فى حياه الزهراء- عليهم السلام-


سرد موجز:



ولدت فاطمة بعد مبعث الرسول الاكرم بخمس سنوات، اى قبل الهجره بثمان سنوات،و هى آخر اولاد الرسول من خديجه ولدت فى مكه، و فى بيت الوحى و الجهاد و فى اجواء الصبر و الصمود و تحمل المشاق و ترعرت فى غمار العواطف الصادقه و الحب الطاهر المتبادل بين رسول الرحمه و بين خديجه التى ما نسى النبى عواطفها و اخلاصها طوال حياته.


هاجرت بعد رسول اللَّه من مكه الى المدينه مع الاخريات من اهل البيت و برعايه على بن ابى طالب (ع) و التحقوا جميعا بموكب الهجره فى منزل «قبا» بالقرب من المدينه.


و تزوجت من على بن ابى طالب، و هو فى الثالثه و العشرين من عمره، من السنه الثانيه من الهجره، يعنى حينما بلغت العاشره،


[
هذا هو المشهور فى روايات اهل البيت و هو اقرب الى السيره الشبعه من استحباب الاسراع فى تزويج البثت، و هكذا فان عمر فاطمة وقت زواجها كان عشر سنوات بموجب هذا التقل اما النقل الثانى عن ابن عباس، و هو ان ولادتها قيل البعثه بخمس سنوات، فيكون عمرها- حال الزواج- عشرين شبه- اما استغراب الحمل و الولاده فى السنين المتاخره من حياه خديجه فيثبته امكان حيض المراه القرشيه و النبطيه الى ستين سنه و هذا اصل مشهور بين الفقهاء.] و قد اكد النبى لاصحابه ان تفضيل على من بين الخاطبين الكثر لفاطمة، كان بنصيحه من الغيب و لعدم رضاها بغير على، لقد رضيت به دون سواه بالرغم من محاولات كثيره بذلها نساء المدينه حيث نصحت فاطمة بعدم الاقدام على الزواج من على لفقره و لا نصرافه للجهاد المستمر و لصلابته فى ذات اللَّه.


عاشت مع على ثمان سنوات حياه مثاليه كانت عنوان الحياه الزوجيه، و انجبت له الحسن و الحسين و زينب و ام كلثوم و محسن الذى اجهضته بعد وفاه ابيها فى غمره الاحداث المولمه التى وقعت آنذاك.


و توفيت بعد ابيها باشهر قليله و دفنت فى مكان مجهول- حسب وصيتها- كما و ان دفنها و تشييعها حصلا سرا و فى الليل تنفيذا لرغبتها.


و بعض الاثار التاريخيه و الاحداث الماثوره توكد: ان قبرها فى احد الاماكن الثلاثه،: فى البقيع، او فى بيتها الملتصق بقبر النبى، او فى الروضه الشريفه التى هى بين محراب الرسول و قبره و التى تتميز الان باعمده خاصه.


اما عمرها فيبلغ ثمان عشره سنه و اشهر، و هو عمر قصير ولكنه مثال كامل شامل لحياه المراه التى يريدها اللَّه و يسعى لتحقيقها دين اللَّه.


ان التعاليم الدينيه تحتاج الى نماذج من البشر يجسدونها و يحققون تنفيذها تحقيقا كاملا لكى يخرجوها عن الفرضيه المثاليه «ايدياليه» و حتى لا يكون للناس على اللَّه حجه.


و حينما اراد الرسول ان يباهل «و المباهله ابتهال الى اللَّه لكشف الحقيقه بعدم اقتناع الخصم بالحجه، و قد كانت الوسيله الناجحه الاخيره فى دعوه الانبياء و فى نصره اللَّه للدين الحق»، امرا بذلك بموجب الايه الكريمه: (قل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنه اللَّه على الكاذيبن) فاصبح الرسول الكريم فى مقام عرض الابناء و النساء و الانفس الذين


يمثلون رجال الاسلام و نساءه و ابناءه، عند ذلك اختار عليا و فاطمة و الحسنين معلقا بذلك ايمانه بالحق و لتمثيل هولاء لدينه تمثيلا كاملا.


فلندرس بصوره موجزه هذه المراه- فاطمة الزهراء- التى هى الممثله الصحيحه للمراه المسلمه بعد هذا السرد المقتضب لحياتها.


ام ابيها:



ان فاطمة الفتاه تحاول ان تشارك فى جهاد ابيها فتسعى مخلصه لسد الفراغ العاطفى الذى كان يعيشه الرسول بعد ان فقد ابويه فى اول حياته و هذا الفراغ كان يزعج النبى و ينعكس على قلبه الرهيف المشتاق الى الحب- لقد كان بحاجه الى عطف الام و رعايتها فى حياته و فى عمله الشاق المضنى و فى مواجهته ببيئته القاسيه بالنسبه اليه و قد وجد كل هذا العطف فى فاطمة.


ان التاريخ لا يحدثنا الا نتقا من هذه المواقف الاموميه التى كانت تصدر عن فاطمة بالنسبه للرسول ولكنه يوكد نجاح فاطمة فى هذه المحاوله التى اعادت الى محمد الاكتفاء العاطفى الذى ساعده- دون شك- فى تحمل الاعباء الرساليه الكبرى.


ان التاريخ يوكد هذا حينما ينقل تكرارا عن لسان النبى: «فاطمة ام ابيها» و حينما نرى انه كان يعاملها معامله الام فيقبل يدها و يخصها بالزياره عند كل عوده منه الى المدينه و يودعها منطلقا من عندها الى كل اسفاره و رحلاته، و كانه يتزود من هذا النبع الصافى عاطفه لسفره.


و من ناحيه اخرى نجد ان احساس النبى بالابوه كان يتجسد فى صلاته مع فاطمة، و حينما امر الناس بان يخاطبوا محمدا برسول اللَّه و نفذت فاطمة هذا الامر. منعها رسول اللَّه و طلب منها ان تدعوه «يا ابه».


و نلاحظ من سيره الرسول الاكرم كثره دخوله عليها فى حالات تعبه و آلامه او حينما يرجع جريحا من الحروب او حال جوعه او فقره فتقابله فاطمة الام و ترعاه و تحتضنه و تضمد جروحه و تخفف من الامه.


/ 14