کمال الدین و تمام النعمة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کمال الدین و تمام النعمة - جلد 1

الصدوق ابی جعفر محمدبن علی بن الحسین بن بابویه القمی ؛ مصحح: علی اکبر الغفاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الموت جعله في تميمة

[ التميمة: الخرزة التي تعلق على الانسان وغيره من الحيوانات، ويقال لكل عوذة تعلق عليه.]

وعلقه إسحاق، وعلقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه، وكان في عضده حتى كان من أمره ماكان، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة، وجد يعقوب ريحه، وهو قوله: إني لاجد ريح يوسف لولا أن تنفدون'

[ يوسف: 95 والتفنيد: النسبة إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من الهرم.]

فهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة، قال: قلت: جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: إلى أهله ثم قال: كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهي إلى "آل" محمد صلى الله عليه وآله.

فروي 'أن القائم عليه السلام إذا خرج يكون عليه قميص يوسف، ومعه عصا موسى، وخاتم سليمان عليهم السلام'.

والدليل على أن يعقوب عليه السلام علم بحياة يوسف عليه السلام وأنه إنما غيب عنه لبلوي واختبار: أنه لما رجع إليه بنوه يبكون قال لهم: يا بني لم تبكون وتدعون بالويل؟ ومالي ما أري فيكم حبيبي يوسف؟ 'قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين'

[ يوسف: 18.]

هذا قميصه قد أتيناك به، قال: ألقوه إلى، فألقوه إليه وألقاه على وجهه فخر مغشيا عليه، فما أفاق قال لهم: يا بنى ألستم تزعمون أن الذئب قد أكل حبيبي يوسف؟ قالوا: نعم، قال: مالى لا أشم ريح لحمه؟! ومالي أري قميصه صحيحا؟ هبوا أن القميص

[ أي احسبوا. تتقول: هب زيدا منطلقا بمعنى احسب، يتعدي إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل في هذا المعنى "الصحاح".]

انكشف من أسفله أرأيتم ماكان في منكبيه وعنقه كيف خلص إليه الذئب من غير أن يخرقه، إن هذا الذئب لمكذوب عليه، وإن ابني لمظلوم 'بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون' وتولى عنهم ليلتهم تلك لا يكلمهم وأقبل يرثي يوسف ويقول: حبيبي يوسف الذى اوثره جميع أولادي فاختلس منى حبيبي يوسف

الذي كنت أرجوه من بين أولادي فاختلس مني، حبيبي يوسف الذي اوسده يميني وادثره بشمالي فاختلس مني، حبيبي يوسف الذي كنت أونس به وحدتي فاختلس مني، حبيبي يوسف ليت شعري في أي الجبال طرحوك، أم في أي البحار غرقوك، حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك.

ومن الدليل على أن يعقوب عليه السلام علم بحياة يوسف عليه السلام وأنه في الغيبة قوله: 'عسى الله أن يأتيني بهم جمعيا'

[ يوسف: 84.]

وقوله لبنيه 'يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون'.

[ يوسف: 88.]

وقال الصادق عليه السلام: إن يعقوب عليه السلام قال لملك الموت: أخبرني عن الارواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل متفرقة قال: فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الارواح؟ قال: لا، فعند ذلك قال لبنيه: 'يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه' فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائب عليه السلام حال يعقوب عليه السلام في معرفته بيوسف وغيبته وحال الجاهلين به وبغيبته والمعاندين في أمره حال أهله وأقربائه

[ في بعض النسخ 'حال اخوة يوسف'.]

الذين بلغ من جهلهم بأمر يوسف وغيبته حتى قالوا لابيهم يعقوب: 'تالله إنك لفي ضلالك القديم'. وقول يعقوب ـ لما ألقى البشير قميص يوسف على وجهه فارتد بصيرا ـ: 'ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون' دليل على أنه قد كان علم أن يوسف حي وأنه إنما غيب عنه للبلوي والامتحان.

11 ـ حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن ـ رضي الله عنهما ـ قالا: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في القائم سنة من يوسف، قلت كأنك تذكر خبره أو غيبته؟ فقال لي: وما تنكر هذه الامة أشباه الخنازير أن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخو هم فلم يعرفوه حتى قال لهم: 'أنا يوسف وهذا أخي' فما تنكر هذه الامة أن يكون الله عزوجل في وقت

من الاوقات يريد أن يستر حجته عنهم لقد كان يوسف يوما ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما

[ قد مر ويأتي أنه مسيرة تسعة أيام ولعله مبني على سرعة السير عند البشارة.]

فلو أراد الله تبارك وتعالى أن يعرفه مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة في تسعة إيام إلى مصر، فما تنكر هذه الامة أن يكون الله عزوجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عزوجل له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف عليه السلام حين قال لهم: 'هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون، قالوا إنك لانت يوسف، قال أنا يوسف وهذا أخي'.

[ يوسف: 90.]

في غيبة موسي


12ـ وأما غيبة موسى النبي عليه السلام فإنه حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادمي الرازي قال: حدثنا محمد بن آدم النسائي،

[ كذا والظاهر أنه عبيد بن آدم بن اياس العسقلاني فصحف وليس هو محمد بن آدم ابن سليمان الجهني المصيصي الذي روى عن سعيد بن جبير.]

عن أبيه آدم بن أبي إياس قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء السحين بن على، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين على بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما حضرت يوسف عليه السلام الوفاة جمع شيعته وأهل بيته فحمد الله وأثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال وتشق بطون الحبالي وتذبح الاطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، وهو رجل أسمر طوال، ونعته لهم بنعته، فتمسكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل

وهم منتظرون قيام القائم أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره واشتدت عليهم البلوى، وحمل عليهم بالخشب والحجارة، وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، وراسلوه فقالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك، فخرج بهم إلى بعض الصحاري وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الامر، وكانت ليلة قمراء، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليه السلام وكان في ذلك الوقت حديث السن وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه وانكب على قدميه فقبلهما ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرانيك، فلما رأى الشيعة ذلك علموا أنه صاحبهم فأكبوا على الارض شكرا لله عزوجل، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم،

[ أي قال موسى عليه السلام: ارجو أن يعجل الله تعالى فرجكم، ولم يزد على هذا الدعاء ولم يتكلم بشيء آخر سوي ذلك ثم غاب عنهم.]

ثم غاب بعد ذلك، وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الاولى وكان نيفا وخمسين سنة واشتدت البلوى عليهم واستتر الفقيه فبعثوا إليه أنه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم وطيب نفوسهم

[ في بعض النسخ 'وطيب قلوبهم'.]

وأعلمهم أن الله عزوجل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة، فقالوا بأجمعهم: الحمد لله، فأوحى الله عزوجل إليه

[ أي الى الفقيه ولعله كان نبيا أو المراد الالهام كما كان لام موسى عليه السلام.]

قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم 'الحمد لله'، فقالوا: كل نعمة فمن الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة، فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرا، فقالوا: لا يصرف السوء إلا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم، فبينا هم كذلك إذ طلع موسى عليه السلام راكبا حمارا. فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يستبصرون به فيه، وجاء موسى حتى وقف عليهم فسلم عليهم فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: ابن من؟

قال: ابن قاهت

[ بالقاف فالهاء ثم الثاء المثلثة كما في المعارف لابي قتيبة.]

بن لاوي بن يعقوب، قال: بماذا جئت؟ قال: جئت بالرسالة من عند الله عزوجل، فقام إليه فقبل يده، ثم جلس بينهم فطيب نفوسهم وأمرهم أمره ثم فرقهم، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.

13 ـ حدثنا أبي؛ ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله؛ وعبد الله بن جعفر الحميري؛ ومحمد بن يحيى العطار؛ وأحمد ابن إدريس جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف ابن يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب وإنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران عليه السلام، غلام طوال جعد آدم. فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران ويسمي عمران ابنه موسى. فذكر أبان بن عثمان، عن أبي الحسين

[ في بعض النسخ 'أبي الحصين'.]

عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعي أنه موسى ابن عمران.

فبلغ فرعون أنهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام

[ في بعض النسخ 'يرجعون به ويظنون هذا الغلام'. وأرجف القوم بالاخبار إي خاضوا فيها وافتتنوا.]

وقال له كهنته وسحرته: إن هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد إلا ذبح، ووضع على ام موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيي النساء هلكنا، فلم نبق، فتعالوا: لانقرب النساء، فقال عمران أبو موسى عليه السلام: بل باشروهن فان أمر الله واقع ولو كره المشركون، اللهم من حرمه فإني الا احرمه، ومن تركه فإني لا أتركه،

ووقع على ام موسى

[ في بعض النسخ 'وباشر ام موسى'.]

فحملت، فوضع على ام موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت وإذا قعدت قعدت، فلما حملته امه وقعت عليها المحبة وكذلك حجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: مالك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قال: لا تلوميني فإني إذا ولدت اخذ ولدي فذبح، قالت: لا تحزني فإنى سوف أكتم عليك، فلم تصدقها، فلما أن ولدت إلتفت إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: ألم أقل: إني سوف أكتم عليك، ثم حملته فأدخلته المخدع

[ المخدع والمخدع ـ بالكسر والضم ـ: الخزانة والبيت الداخل.]

وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا ـ و كانوا على الباب ـ فإنما خرج دم منقطع فانصرفوا، فأرضعته فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليه أن اعملي التابوت، ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر فوضعته في التابوت، ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر، و إن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح فربط الله على قلبها.

قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل، قالت لفرعون: إنها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الايام، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي والله يا سيدتنا إنا لنرى شيئا، فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها وكاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسترهم فوقعت عليها منه محبة، فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني، فقالوا: إي والله يا سيدتنا والله مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: والله ما أدري إلا أن الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضي، فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه

فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا، قال امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقروا أحدا، فجعل لا يقبل من امرأة منهن، فقالت ام موسى لاخته: قصيه

[ يعني اتبعيه، يقال: قص الاثر واقتصه إذا تبعه.]

انظري أترين له أثرا، فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا وههنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: ادخلوها، فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل قالت: اذهبي بابنية فليس لنا فيك حاجة، فقلن لها النساء: انظري عافاك الله يقبل أولا يقبل، فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل ها يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل ـ يعني الظئر ـ فلا يرضى قلن: فانظري يقبل أولا يقبل، قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها، فجاءت إلى امها وقالت: إن امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها، ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه، فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: إني قد أصبت لابني ظئرا وقد قبل منها، فقال: ممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل قال: فرعون هذا مما لا يكون أبدا، الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني اسرائيل فلم تزل تكلمة فيه وتقول: ما تخاف من هذا الغلام؟ إنما هو ابنك ينشؤ في حجرك حتى قلبته عن رأيته ورضي.

فنشأ موسى عليه السلام في آل فرعون وكتمت امه خبره واخته والقابلة، حتى هلكت امه والقابلة التي قبلته، فنشأ عليه السلام لا يعلم به بنو إسرائيل قال: وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه فيعمى عليهم خبره، قال: فبلغ فرعون أنهم يطلبونه ويسألون عنه، فأرسل إليهم فزاد في العذاب عليهم، وفرق بينهم ونهاهم عن الاخبار به والسؤال عنه، قال: فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده عليم فقالوا: قد كنا نستريح إلى الاحاديث فحتى متى وإلى متى نحن في هذا البلاء؟ قال: والله إنكم لا تزالون فيه حتى يجيئ الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبيناهم كذلك إذ أقبل موسى يسير على بغلة حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ

رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة.

فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من ال فرعون من القبط، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي فوكزه موسى فقضي عليه، وكان موسى عليه السلام قد اعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش، فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا: إن موسى قتل رجلا من آل فرعون فأصبح في المدينة خائفا يترقب فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل الذي استنصره بالامس يستصرخه على آخر، فقال له موسى: إنك لغوي مبين، بالامس رجل واليوم رجل 'فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالامس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض وما تريد أن تكون من المصليحن، وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين، فخرج منها خائفا يترقب'

[ راجع سورة القصص 14 إلى 20.]

فخرج من مصر بغير ظهر

[ أي بلا رفيق ومعين أو بغير زاد وراحلة.]

ولادابة ولا خادم، تخفضه أرض وترفعه اخرى حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر وإذا عندها امة من الناس يسقون، وإذا جاريتان ضعيفتان، وإذا معهما غنيمة لهما، قال: ما خطبكما قالتا: أبونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا، فرحمهما موسى عليه السلام فأخذ دلوهما وقال لهما: قد ما غنمكما فسقى لهما، ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها، 'فقال رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير' ـ فروي أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة ـ فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقي لنا، فقال لاحديهما إذهبي فادعيه لى فجاءته تمشي

على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا. فروي أن موسى عليه السلام قال لها: وجهني إلى الطريق وامشي خلفي فإنا بنو يعقوب لاننظر في أعجاز النساء 'فلما جاءه وقص عليه القصص قال: لا تخف نجوت من القوم الظالمين، قالت إحديهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين، قال إني اريد أن أنكحت إحدي ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك'. فروي أنه قضى أتمهما لان الانبياء عليهم السلام لا يأخذون إلا بالفضل والتمام. فلما قضي موسى الاجل وسار بأهله نحوبيت المقدس أخطأ عن الطريق ليلا فرأي نارا فقال لاهله: امكثوا إنى آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق، فلما انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم

[ الضرام: اشتعال النار واضطرمت النار إذا التهبت. "الصحاح".]

من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع وأوجس في نفسه خيفة، ثم دنت منه الشجرة فنودي من شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين، وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبر اولم يعقب فإذا حية مثل الجذع لاسنانها

[ في بعض النسخ 'لانيابها'. والجذع من الدواب الشاب الفتى فمن الابل ما دخل في السنة الخامسة ومن البقر والمعز ما في الثانية ومن الضأن ما تمت له سنة.]

صرير يخرج منها مثل لهب النار، فولى موسى مدبرا فقال له ربه عزوجل: ارجع فرجع وهو يرتعد وركبتاه تصطكان، فقال: يا إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم فلا تخف، فوقع عليه الامان فوضع رجله على ذنبها، ثم تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا، وقيل له: اخلع نعليك انك بالواد المقدس طوي.

فروى أنه أمر بخلعهما لانهما كانتا من جلد حمار ميت.

"وروي في قوله عزوجل 'فاخلع نعليك' أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك وخوفك من فرعون".

ثم أرسله الله عزوجل إلى فرعون وملائه بآيتين بيده والعصا. فروي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجو، فإن موسى

ابن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لاهله نارا، فرجع إليهم وهو رسول نبي فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى عليه السلام في ليلة، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الائمة عليهم السلام، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيه موسى عليه السلام ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور.

14 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور، وغيره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: في القائم عليه السلام سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت: وما سنته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.

15 ـ وحدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور قال: حدثنا محمد بن هارون الهاشمي قال: حدثنا أحمد بن عيسى قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن سليمان الرهاوي

[ الظاهر ه أحمد بن سليمان بن عبد الملك بن أبي شيبة الجزري أبو الحسين الرهاوي الحافظ المعنون في تهذيب التهذيب فقيه صدوق. والرهاوي بضم الراء المهملة كما في الخلاصة.]

قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه محمد، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي منا أهل البيت، يصلح الله له أمره في ليلة. وفي رواية اخري يصلحه الله في ليلة.

16 ـ حدثنا أبي؛ ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، عن سليمان بن داود،

[ يعني المنقري.]

عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا الامر أربع سنن من أربعة أنبياء، سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلوات الله عليهم

أجمعين، فأما من موسى فخائف يترقب، وأما من يوسف فالسجن، وأما من عيسى فيقال له: إنه مات ولم يمت، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالسيف.

ذكر مضى موسى و وقوع الغيبة بالاوصياء والحجج من بعده إلى أيام المسيح


17ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا البصري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: أخبرني بوفاة موسى بن عمران عليه السلام، فقال: إنه لما أتاه أجله واستوفي مدته وانقطع اكله أتاه ملك الموت عليه السلام فقال له: السلام عليك يا كليم الله، فقال موسى: وعليك السلام من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت، قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت لاقبض روحك، فقال له موسى عليه السلام: من أين تقبض روحي؟ قال: من فمك، قال موسى عليه السلام: كيف وقد كلمت به ربي جل جلاله، قال: فمن يديك، قال: كيف وقد حملت بهما التوراة، قال: فمن رجليك، قال: كيف وقد وطأت بهما طور سيناء، قال: فمن عينك، قال: كيف ولم تزال إلى ربى بالرجاء ممدودة قال: فمن اذنيك، قال: يكف وقد سمعت بهما كلام ربى عزوجل، قال: فأوحي الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك، وخرج ملك الموت، فمكث موسى عليه السلام ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، ودعا يوشع بن نون فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره وبأن يوصى بعده إلي من يقوم بالامر، وغاب موسى عليه السلام عن قومه فمر في غيبته برجل وهو يحفر قبرا فقال له: إلا اعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرجل: بلى، فأعانه حتى حفر القبر وسوي اللحد، ثم اضطجع فيه موسى عليه السلام لينظر كيف هو فكشف الله له الغطاء فرأى مكانه في الجنة، فقال: يا رب اقبضني إليك، فقبض ملك الموت روحه مكانه ودفنه في القبر وسوى عليه التراب، وكان

/ 36