کمال الدین و تمام النعمة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کمال الدین و تمام النعمة - جلد 1

الصدوق ابی جعفر محمدبن علی بن الحسین بن بابویه القمی ؛ مصحح: علی اکبر الغفاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

شبهات من المخالفين ودفعها


قال مخالفونا: إن العادات والمشاهدات تدفع قولكم بالغيبة، فقلنا: إن البراهمة

[ البراهمة قوم لا يجوزون على الله تعالى بعثة الرسل.]

تقدر أن تقول مثل ذلك في آيات النبي صلى الله عليه وآله وتقول للمسلمين إنكم بأجمعكم لم تشاهدوها فلعلكم قلدتم من لم يجب تقليده أو قبلتم خبرا لم يقطع العذر، ومن أجل هذه المعارضة قالت عامة المعتزلة ـ على ما يحكى عنهم ـ: إنه لم تكن للرسول صلى الله عليه وآله معجزة غير القرآن فأما من اعترف بصحة الايات التي هي غير القرآن احتاج إلى أن يطلق الكلام في جواز كونها بوصف الله ـ تعالى ذكره ـ بالقدرة عليها، ثم في صحة وجود كونها على أمور قد وقفنا عليها وهي غير كثيرة الرواة.

فقالت الامامية: فارضوا منا بمثل ذلك وهو أن نصحح هذه الاخبار التى تفردنا بنقلها عن أئمتنا عليهم السلام بأن تدل على جواز كونها بوصف الله ـ تعالى ذكره ـ بالقدرة عليها وصحة كونها بالادلة العقلية والكتابية والاخبار المروية المقبولة عند نقلة العامة.

قال الجدلي فنقول: إنه ليس بازائنا جماعة تروي عن نبينا صلى الله عليه وآله ضد ما نروي مما يبطله ويناقضه، أو يدعون أن أولنا ليس كآخرنا؟

فيقال له: ما أنكرت من برهمي قال لك: إن العادات والمشهادات والطبيعيات تمنع أن يتكلم ذراع مسموم مشوي وتمنع من انشقاق القمر وأنه لو انشق القمر وانفلق لبطل نظام العالم.

وأما قوله: 'ليس بازائهم من يدفع أن أولنا ليس كاخرنا' فانه يقال له: إنكم تدفعون عن ذلك أشد الدفع ولو شهد هذه الايات الخلق الكثير لكان حكمه حكم القرآن فقد بان أن الجدلي مستعمل للمغالطة، مستفرق فيما لم يستفرق.

قال الجدلي: أو تدفعونا عن قولنا إنه كان لنبينا صلى الله عليه وآله من الاتباع في حياته وبعد وفاته جماعة لا يحصرهم العدد يروون آياته ويصححونها؟ فيقال له: إن جماعة لم لم يحصرهم العدد قد عاينوا آيات رسول الله صلى الله عليه وآله التي هي تظليل الغمامة وكلام الذراع

المسمومة وحنين الجذع وما في بابه ولكن هذه عامة الامة تقول: إن هذه آيات رواها نفر يسير في الاصل فلم ادعيت أن أحدا لا يدفعك عن هذه الدعوى؟.

قال الجدلي: ولما كان هذا هكذا كانت أخبارنا عن آيات نبينا صلى الله عليه وآله كالاخبار عن آيات موسى والاخبار عن آيات المسيح التي ادعتها النصارى لها ومن أجلها ما ادعوا وكأخبار المجوس والبراهمة عن أيام آبائهم وأسلافهم.

قلنا: قد عرفنا أن البراهمة تزعم أن لابائهم وأسلافهم أمثالا موجودة ونظائر مشاهدة فلذلك قبلوه على طريق الاقناع، وليس هذا مما تنكره، وإنما عرفناه للوجه الذي من أجله عورض بما عورض به، فليكن من وراء الفصل من حيث طولب.

[ في بعض النسخ 'فليكن من ذكر الفضل ـ الخ'.]

قال الجدلي: وبازاء هذه الفرقة من القطعية جماعات تفضلها وجماعات في مثل حالها تروي عمن يسندون إليه الخبر خبرهم في النص ضد ما يروون.

فيقال له: ومن هذه الجماعات التي تفضلها؟ وأين هم في ديار الله؟ وأين يسكنون من بلاد الله؟ أو ما وجب عليك أن تعلم أن كتابك يقرء؟ ومن ليس من أهل الصناعة يعلم استعمالك للمغالطة.

قال الجدلي: وما كنت أحسب أن امرءا مسلما تسمح نفسه بأن يجعل الاخبار عن آيات رسول الله صلى الله عليه وآله عروضا

[ العروض من الكلام فحواه. يقال: 'هذه المسألة عروض هذه' أي نظيره.]

للاخبار في غيبة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر عليهم السلام ويدعى تكافؤ التواتر فيهما. والله المستعان.

فيقال له: إنا قد بينا الوجه الذي من أجله ادعينا التساوي في هذا الباب وعرفناك أن الذي نسميه الخبر المتواتر هو الذي يرويه ثلاثة أنفس فما فوقهم وأن الاخبار عن آيات رسول الله صلى الله عليه وآله في الاصل إنما يرويها العدد القليل، والمحنة

[ في بعض النسخ 'والمجنة' وهي الترس.]

بيننا وبينك أن نرجع إلى أصحاب الحديث فنطلب منهم من روى انشقاق القمر وكلام الذراع المسمومة وما يجانس ذلك من آياته، فان أمكنه أن يروي كل آية من هذه الايات عن عشرة أنفس من أصحاب رسو ل الله صلى الله عليه وآله عاينوا أو شاهدوا فالقول قوله، وإلا فان الموافق

ادعى التكافؤ فيما هما مثلان ونظيران ومشبهان، والحمد لله.

وأقول ـ وبالله التوفيق ـ: إنا قد استعبدنا بالاقرار بعصمة الامام كما استعبدنا بالقول به، والعصمة ليست في ظاهر الخليقة فترى وتشاهده ولو أقررنا بامامة إمام وأنكرنا أن يكون معصوما لم نكن أقررنا به، فإذا جاز أن نكون مستعبدين من كل إمام بالاقرار بشيء غائب عن أبصارنا فيه جاز أن نستعبد بالاقرار بامامة إمام غائب عن أبصارنا لضرب من ضروب الحكمة يعلمه الله تبارك وتعالى اهتدينا إلى وجهه أو لم نهتد ولافرق.

وأقول أيضا: إن حال إمامنا عليه السلام اليوم في غيبته حال النبي صلى الله عليه وآله في ظهوره، وذلك أنه عليه السلام لما كان بمكة لم يكن بالمدينة، ولما كان بالمدينة لم يكن بمكة، ولما سافر لم يكن بالحضر، ولما حضر لم يكن في السفر، وكان عليه السلام في جميع أحواله حاضرا بمكان، غائبا عن غيره من الاماكن، ولم تسقط حجته صلى الله عليه وآله عن أهل الاماكن التي غاب عنها، فهكذا الامام عليه السلام لا تسقط حجته وإن كان غائبا عنا كما لم تسقط حجة النبي صلى الله عليه وآله عمن غاب عنه، وأكثر ما استعبد به الناس من شرائط الاسلام وشرائعه فهو مثل ما استعبدوا به من الاقرار بغيبة الامام، وذلك أن الله تبارك وتعالى مدح المؤمنين على إيمانهم بالغيب قبل مدحه لهم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والايمان بسائر ما أنزل الله عزوجل على نبيه وعلى من قبله من الانبياء صلوات الله عليهم أجمعين وبالاخرة فقال: 'هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفحلون'

[ البقرة: 3 و 4 و 5.]

وإن النبي صلى الله عليه وآله كان يكون بين أصحابه فيغمى عليه وهو يتصاب عرقا فإذا أفاق قال: قال الله عزوجل كذا وكذا، أمركم بكذا، ونهاكم عن كذا. وأكثر مخالفينا يقولون: إن ذلك كان يكون عند نزول جبرئيل عليه السلام عليه، فسئل الصادق عليه السلام عن الغشية التي كانت تأخذ النبي صلى الله عليه وآله أكانت تكون عند هبوط جبرئيل عليه السلام فقال: لا إن جبرئيل كان إذ أتى النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل عليه حتى يستأذنه وإذا دخل عليه قعد بين يديه قعدة العبد وإنما ذلك عند

مخاطبة الله عزوجل إياه بغير ترجمان وواسطة.

حدثنا بذلك الحسن بن أحمد بن إدريس ـ رضي لله عنه ـ عن أبيه، عن جعفر ابن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين بن زيد،

[ هو أبو جعفر الزيات. وفى بعض النسخ 'محمد بن الحسين بن يزيد' لم أجده.]

عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: فالناس لم يشاهدوا الله تبارك وتعالى يناجي رسول الله صلى الله عليه وآله ويخاطبه ولا شاهدوا الوحي ووجب عليهم الاقرار بالغيب الذي لم يشاهدوه وتصديق رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك وقد أخبرنا الله عزوجل في محكم كتابه أنه ليس منا أحد 'يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد'

[ ق: 18. والاية هكذا 'ما يلفظ من قول ـ الاية'.]

وقال عزوجل 'وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون'

[ الانفطار: 11 ـ 13.]

ونحن لم نرهم ولم نشاهدهم ولو لم نوقع التصديق بذلك لكنا خارجين من الاسلام، رادين على الله تعالى ذكره قوله، وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من فتنة الشيطان فقال: 'يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة'

[ الاعراف: 27.]

ونحن لا نرى ويجب علينا الايمان بكونه والحذر منه، وقال النبي صلى الله عليه وآله في ذكر المسألة في القبر: 'إنه إذا سئل الميت فلم يجب بالصواب ضربه منكر ونكير ضربة من عذاب الله، ما خلق الله من دابة إلا تذعر لها

[ أي تفزع. وذعرته ذعرا: أفزعته، وقد ذعر فهو مذعور.]

ما خلا الثقلين' ونحن لا نرى شيئا من ذلك، ولا نشاهده ولا نسمعه، وأخبرنا عنه عليه السلام أنه عرج به إلى السماء. ونحن لم نر "شيئا من" ذلك "ولا نشاهده ولا نسمعه". وأخبرنا عليه السلام 'من زار أخاه في الله عزوجل شيعه سبعون ألف ملك يقولون: ألا طبت وطابت لك الجنة' ونحن لا نراهم ولا نسمع كلامهم ولو لم نسلم الاخبار الواردة في مثل ذلك وفيما يشبهه من أمور الاسلام لكنا كافرين بها، خارجين من الاسلام.

مناظرة المؤلف مع ملحد عند ركن الدولة


ولقد كلمني بعض الملحدين في مجلس الامير السعيد ركن الدولة ـ رضي الله عنه ـ فقال لي: وجب على إمامكم أن يخرج فقد كاد أهل الروم يغلبون على المسلمين. فقلت له: إن أهل الكفر كانوا في أيام نبينا صلى الله عليه وآله أكثر عددا منهم اليوم وقد أسر عليه السلام أمره وكتمه أربعين سنة بأمر الله جل ذكره وبعد ذلك أظهره لمن وثق به وكتمه ثلاث سنين عمن لم يثق به، ثم آل الامر إلى أن تعاقدوا على هجرانه وهجران جميع بني هاشم والمحامين عليه لاجله، فخرجوا إلى الشعب وبقوا فيه ثلاث سنين فلو أن قائلا قال في تلك السنين: لم لا يخرج محمد صلى الله عليه وآله فانه واجب عليه الخروج لغلبة المشركين على المسلمين، ما كان يكون جوابنا له إلا أنه عليه السلام بأمر الله تعالى ذكره خرج إلى الشعب حين خرج وباذنه غاب

[ مثل قوله تعالى: 'واهجرهم هجرا جميلا'.]

ومتى أمره بالظهور والخروج خرج وظهر، لان النبي صلى الله عليه وآله بقي في الشعب هذه المدة حتى أوحى الله عزوجل إليه أنه قد بعث أرضة على الصحيفة المكتوبة بين قريش في هجران النبي صلى الله عليه وآله وجميع بني هاشم، المختومة بأربعين خاتما، المعدلة

[ كذا، ولعل الصواب 'المحفوظة' أو 'المودعة'.]

عند زمعة بن الاسود فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها من اسم الله عزوجل، فقام أبو طالب فدخل مكة، فلما رأته قريش قدروا أنه قد جاء ليسلم إليهم النبي صلى الله عليه وآله حتى يقتلوه أو يرجعوه عن نبوته، فاستقبلوه وعظموه فلما جلس قال لهم: يا معشر قريش إن ابن أخي محمد لم أجرب عليه كذبا قط وإنه قد أخبرني أن ربه أوحى إليه أنه قد بعث على الصحيفة المكتوبة بينكم الارضة فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها من أسماء الله عزوجل. فأخرجوا الصحيفة وفكوها فوجدوها كما قال، فآمن بعض وبقي بعض على كفره، ورجع النبي عليه السلام وبنو هاشم إلى مكة. هكذا الامام عليه السلام إذا أذن الله له في الخروج خرج.

وشيء آخر وهو أن الله تعالى ذكره أقدر على أعدائه الكفار من الامام فلو أن قائلا قال: لم يمهل الله أعداءه ولا يبيدهم وهم يكفرون به ويشركون؟ لكان جوابنا له

أن الله تعالى ذكره لا يخاف الفوت فيعاجلهم بالعقوبة، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ولا يقال له: لم ولا كيف، وهكذا إظهار الامام إلى الله الذي غيبه فمتى أراده أذن فيه فظهر.

فقال الملحد: لست اومن بامام لا أراه ولا تلزمني حجته ما لم أره، فقلت له: يجب أن تقول: إنه لا تلزمك حجة الله تعالى ذكره لانك لا تراه ولا تلزمك حجة الرسول عليه السلام لانك لم تره.

فقال للامير السعيد ركن الدولة ـ رضي الله عنه ـ: أيها الامير راع ما يقول هذا الشيخ فانه يقول: إن الامام إنما غاب ولا يرى لان الله عزوجل لا يرى، فقال له الامير ـ رحمه الله ـ: لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقولت عليه وهذا انقطاع منك وإقرار بالعجز.

وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا عليه السلام ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلا بالهذيان والوساوس والخرافات المموهة.

وذكر أبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي

[ هو اسماعيل بن علي بن اسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، كان شيخ المتكلمين من أصحابنا الامامية ببغداد ووجههم، متقدم النوبختيين في زمانه، له جلالة في الدين والدنيا، يجري مجرى الوزارء، صنف كتبا كثيرة جملة منها في الرد على أرباب المقالات الفاسدة، وله كتاب الانوار في تواريخ الائمة الاطهار "ع". رأى مولانا الحجة عليه السلام عند وفاة أبيه الحسن بن على عليهما السلام، وله احتجاج على الحلاج صار ذلك سببا لفضيحة الحلاج و خذلانه. "الكنى والالقاب للمحدث القمي ره".]

في آخر كتاب التنبيه: وكثيرا ما يقول خصومنا: لو كان ما تدعون من النص حقا لادعاه علي عليه السلام بعد مضي النبي صلى الله عليه وآله.

فيقال لهم: كيف يدعيه فيقيم نفسه مقام مدع يحتاج إلى شهود على صحة دعواه وهم لم يقبلوا قول النبي عليه السلام فكيف يقبلون دعواه لنفسه، وتخلفه عن بيعة

أبي بكر ودفنه فاطمة عليهما السلام من غير أن يعرفهم جمعيا خبرها حتى دفنها سرا أدل دليل على أنه لم يرض بما فعلوه.

فان قالوا: فلم قبلها بعد عثمان؟ قيل لهم: اعطوه بعض ما وجب له فقبله، وكان في ذلك مثل النبي صلى الله عليه وآله حين قبل المنافقين والمؤلفة قلوبهم.

وربما قال خصومنا ـ إذا عضهم الحجاج

[ عض الرجل بصاحبه يعض عضيضا أي لزمه "الصحاح".]

ولزمتهم الحجة في أنه لا بد من إمام منصوص عليه، عالم بالكتاب والسنة، مأمون عليهما، لا ينساهما ولا يغلط فيها، ولا تجوز مخالفته، واجب الطاعة بنص الاول عليه ـ فمن هو هذا الامام سموه لنا ودلونا عليه؟.

فيقال لهم: هذا كلام في الاخبار وهو انتقال من الموضع الذي تكلمنا فيه لانا إنما تكلمنا فيما توجبه العقول إذا مضى النبي عليه السلام وهل يجوز أن لا يستخلف وينص على إمام بالصفة التي ذكرناها؟ فإذا ثبت ذلك بالادلة فعلينا وعليهم التفتيش عن عين الامام في كل عصر من قبل الاخبار ونقل الشيع النص على علي عليه السلام وهم الان من الكثرة واختلاف الاوطان والهمم على ما هم عليه يوجب العلم والعمل لاسيما وليس بازائهم فرقة تدعي النص لرجل عبد النبي صلى الله عليه واله غير علي عليه السلام، فان عارضونا بما يدعيه أصحاب زرادشت

[ كناية عن المخالفين للحق. وزرادشت رئيس مذهب المجوس.]

وغيرهم من المبطلين، قيل لهم: هذه المعارضة تلزمكم في آيات النبي صلى الله عليه وآله فإذا انفصلتم بشيء فهو فصلنا لان صورة الشيع في هذا الوقت كصورة المسلمين في الكثرة فانهم لا يتعارفون وإن أسلافهم يجب أن يكونوا كذلك

[ في بعض النسخ 'وان اسلامهم يجب أن يكون كذلك'.]

بل أخبار الشيع أوكد لانه ليس معهم دولة ولا سيف ولا رهبة ولا رغبة وإنما تنقل الاخبار الكاذبة لرغبة أو رهبة أو حمل عليها بالدول، وليس في أخبار الشيعة شيء من ذلك وإذا صح بنقل الشيعة النص من النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام صح بمثل ذلك نقلها النص من علي على الحسن ومن الحسن على الحسين ثم على إمام إمام إلى الحسن بن علي، ثم

على الغائب الامام بعده عليهم السلام لان رجال أبيه الحسن عليه السلام الثقات كلهم قد شهدوا له بالامامة، وغاب عليه السلام لان السلطان طلبه طلبا ظاهرا، ووكل بمنازله وحرمه سنتين.

فلو قلت: إن غيبة الامام عليه السلام في هذا العصر من أدل الادلة على صحة الامامة قلت: صدقا لصدق الاخبار المتقدمة في ذلك وشهرتها.

وقد ذكر بعض الشيعة ممن كان في خدمة الحسن بن علي عليهما السلام وأحد ثقاته أن السبب بينه وبين ابن الحسن بن علي عليهما السلام متصل وكان يخرج من كتبه وأمره ونهيه على يده إلى شيعته إلى أن توفي وأوصى إلى رجل من الشيعة مستور فقام مقامه في هذا الامر.

وقد سألونا في هذه الغيبة

[ في بعض النسخ 'وقد سألونا في ذلك'.]

وقالوا: إذا جاز أن يغيب الامام ثلاثين سنة وما أشبهها فما تنكرون من رفع عينه عن العالم؟ فيقال لهم: في ارتفاع عينه ارتفاع الحجة من الارض وسقوط الشرائع إذا لم يكن لها من يحفظها. وأما إذا استتر الامام للخوف على نفسه بأمر الله عزوجل وكان له سبب معروف متصل به وكانت الحجة قائمة إذ كانت عينه موجودة في العالم وبابه وسببه معروفان وإنما عدم إفتائه وأمره ونهيه ظاهرا وليس في ذلك بطلان للحجة، ولذلك نظائر قد أقام النبي صلى الله عليه وآله في الشعب مدة طويلة وكان يدعو الناس في أول أمره سرا إلى أن أمن وصارت له فئة وهو في كل ذلك نبي مبعوث مرسل فلم يبطل توقيه وتستره من بعض الناس بدعوته نبوته ولا أدحض ذلك حجته، ثم دخل عليه السلام الغار فأقام فيه فلا يعرف أحد موضعه ولم يبطل ذلك نبوته ولو ارتفعت عينه لبطلت نبوته وكذلك الامام يجوز أن يحبسه السلطان المدة الطويلة ويمنع من لقائه حتى لا يفتي ولا يعلم ولا يبين، والحجة قائمة ثابتة واجبة وإن لم يفت ولم يبين لانه موجود العين في العالم، ثابت الذات، ولو أن نبيا أو إماما لم يبين ويعلم ويفت

[ في بعض النسخ 'ويقل'.]

لم تبطل نبوته ولا إمامته ولا حجته، ولو ارتفعت ذاته لبطلت

الحجة، وكذلك يجوز أن يستتر الامام المدة الطويلة إذا خاف ولا تبطل حجة الله عزوجل.

فان قالوا: فكيف يصنع من احتاج إلى أن يسأل عن مسالة؟ قيل له: كما كان يصنع والنبي صلى الله عليه وآله في الغار من جاء إليه ليسلم وليتعلم منه، فان كان ذلك سائغا في الحكمة كان هذا مثله سائغا.

ومن أوضح الادلة على الامامة أن الله عزوجل جعل آية النبي صلى الله عليه وآله أنه أتى بقصص الانبياء الماضين عليهم السلام وبكل عليم |من| توراة وإنجيل وزبور من غير أن يكون يعلم الكتابة ظاهرا، أو لقى نصرانيا أو يهوديا فكان ذلك أعظم آياته، وقتل الحسين بن علي عليهما السلام وخلف علي بن الحسين عليهما السلام متقارب السن كانت سنة أقل من عشرين سنة، ثم انقبض عن الناس فلم يلق أحدا ولا كان يلقاه إلا خواص أصحابه و كان في نهاية العبادة ولم يخرج عنه من العلم إلا يسيرا لصعوبة الزمان وجور بني امية ثم ظهر ابنه محمد بن علي المسمى بالباقر عليه السلام لفتقه العلم

[ في بعض النسخ " لبقره العلم ".]

فأتى من علوم الدين و الكتاب والسنة والسير والمغازي بأمر عظيم، وأتى جعفر بن محمد عليهما السلام من بعده من ذلك بما كثر وظهر وانتشر، فلم يبق فن في فنون العلم إلا أتى فيه بأشياء كثيرة، وفسر القرآن والسنن، ورويت عنه المغزي وأخبار الانبياء من غير أن يرى هو وأبوه محمد بن علي أو علي بن الحسين عليهم السلام عند أحد من رواة العامة أو فقهائهم يتعلمون منهم شيئا، وفي ذلك أدل دليل على أنهم إنما أخذوا ذلك العلم عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم عن علي عليه السلام، ثم عن واحد واحد من الائمة، وكذلك جماعة الائمة عليهم السلام هذه سنتهم في العلم

[ في بعض النسخ " سبيلهم في العلم. " ]

يسألون عن الحلال والحرام فيجيبون جوابات متفقة من غير أن يتعلموا ذلك من أحد من الناس، فأي دليل أدل من هذا على إمامتهم وأن النبي صلى الله عليه وآله نصبهم وعلمهم وأودعهم علمه وعلوم الانبياء عليهم السلام قبله، وهل رأينا في العادات

من ظهر عنه مثل ما ظهر عن محمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام من غير أن يتعلموا ذلك من أحد من الناس.

فان قال قائل: لعلهم كانوا يتعلمون ذلك سرا، قيل لهم: قد قال مثل ذلك الدهرية في النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يتعلم الكتابة ويقرأ الكتاب سرا. وكيف يجوز أن يظن ذلك بمحمد بن علي وجعفر بن محمد بن علي عليهم السلام وأكثر ما أتوا به لا يعرف إلا منهم، ولا سمع من غيرهم.

وقد سألونا فقالوا: ابن الحسن لم يظهر ظهورا تاما للخاصة والعامة فمن أين علمتم وجوده في العالم؟ وهل رأيتموه أو أخبرتكم جماعة "قد" تواترت أخبارها أنها شاهدته وعاينته؟

فيقال لهم: إن أمر الدين كله بالاستدلال يعلم، فنحن عرفنا الله عزوجل بالادلة ولم نشاهده، ولا أخبرنا عنه من شاهده، وعرفنا النبي صلى الله عليه وآله وكونه في العالم بالاخبار، وعرفنا نبوته وصدقه بالاستدلال، وعرفنا أنه استخلف علي بن ـ أبي طالب عليه السلام بالاستدلال، وعرفنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسائر الائمة عليهم السلام بعده عالمون بالكتاب والسنة ولا يجوز عليهم في شيء من ذلك الغلط ولا النسيان ولا تعمد الكذب بالاستدلال، وكذلك عرفنا أن الحسن بن علي عليهما السلام إمام مفترض الطاعة، وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين عليهم السلام أن الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين عليهما السلام إلا في ولد الامام ولا يكون في أخ ولا قرابة، فوجب من ذلك أن الامام لا يمضي إلا أن يخلف من ولده إماما

[ في بعض النسخ 'من بعده اماما'.]

فلما صحت إمامة الحسن عليه السلام وصحت وفاته ثبت أنه قد خلف من ولده إماما، هذا وجه من الدلالة عليه.

ووجه آخر: وهو أن الحسن عليه السلام خلف جماعة من ثقاته ممن يروي

[ في بعض النسخ 'يؤدى عنه الحلال'.]

عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته وأموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر

[ في بعض النسخ 'في الستر'.]

والعدالة بتعديله إياهم في حياته، فلما مضى أجمعوا جميعا على أنه قد خلف

/ 36