علی و مناوئوه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی و مناوئوه - نسخه متنی

نوری جعفر؛ مقدمه نویس: عبدالهادی مسعود؛ تعلیق و تصحیح: سید مرتضی رضوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومع ذلك كله، فقد تجاوز عنه ابوبكر، لانه تأول فأخطأ 'على حد تعبيره' فاختلفت سيرة ابي بكر، في هذه القضية الخطيرة، عن سيرة عمر الذي عزل خالدا. فقد كان اول كتاب كتبه عمر ـ على ما يقول ابن الاثير

[الكامل في التاريخ 3 / 293.]ـ موجها 'الى ابي عبيدة ابن الجراح بتولية جند خالد، وبعزل خالد، لانه كان عليه ساخطا في خلافة ابي بكر كلها، لوقيعته بابن نويرة... وقال عمر: لا يلي خالد لي عملا ابدا.

وكتب الى ابي عبيدة.. ان انزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله'.

وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول:

ان ليس هناك شيء يصح ان يدعى 'سيرة الشيخين' من حيث التوافق التام في جميع التصرفات العامة الدينية والزمنية ـ ولعل ذلك احد الاسباب التي ادت بالامام ـ حين عرض عليه ابن عوف الخلافة وقت الشورى ـ الى عدم الموافقة على الشرط الثالث 'سيرة الشيخين'. وعلي بموقفه هذا، قد استبعد 'سيرة الشيخين' من ان تصبح بحد ذاتها سنة تتبع، لعدم وجود ما يبرر اتباعها ـ من الناحية الدينية ـ ما دام القرآن وسنة الرسول هما دستور الاسلام بنظره.

وهناك امر آخر لابد من ذكره في هذه المناسبة، هو ان جواب الامام، بالصيغة التي ورد فيها، كان يدل ـ دلالة قاطعة وصريحة ـ على التيهؤ لتحمل المسئولية، وعدم نثر الوعود التي لا يمكن الالتزام بها اثناء تسلم المنصب الخطير.

فعلي لا يريد ان يلزم نفسه مقدما بشيء يستحيل عليه ان يعمل وفق مستلزماته بعد تسلمه الخلافة للاسباب التي ذكرناها. ولعل الشيء الذي يبدو غريبا ـ في امر الشورى ـ هو قبول علي الاشتراك فيها مع علمه بِأفضليته واحقيته بالخلافة. غير ان ذلك الاستغراب يزول عندما نتذكر ان عليا صرح بأنه يدخل الشورى،

لان ابن الخطاب قد اهله الان للخلافة 'وكان من قبل يقول: ان النبوة والخلافة في بيت واحد لاتجتمعان'

[عبدالفتاح عبدالمقصود: 'الامام علي بن ابي طالب' 1 / 28.]

اما موقفه من شرط ابن عوف فأمر كان متوقعا ـ ذلك، لان الامام كان على يقين من ان كلا من الشيخين قد سار في حدود اجتهاده الشخصي، وانه من غير الممكن ان يلتزم هو بالكتاب والسنة وبسيرة الشيخين ـ وتتجلى روعة موقفه هذا اذا ما تذكرنا موقف زميله عثمان الذي كان ينعم بالاجابة لابن عوف حتى كسب الخلافة، ولكنه لم يسر ـ كما سنرى ـ على الكتاب والسنة، بله سيرة الشيخين؟؟

عثمان بن عفان


'فقام ثالوث القوم، وقام بنو امية يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع.. إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته... فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليّ، ينثالون علي من جانب حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالامر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون'

[ابن ابي الحديد: 'شرح نهج البلاغة' 1 / 50 ـ 67، الخضم: اكل بكل الفم، وضده القضم وهو: أكل بأطراف الاسنان ـ وقيل: الخضم اكل الشيء الرطب، والقضم أكل الشيء اليابس ـ والمراد ـ على التفسيرين ـ لا يختلف، وهو: انهم على قدم عظيمة من التهم وشدة الاكل وامتلاء الافواه.

قال أبو ذر عن بني أمية: يخضمون ونقضم.

وانتكث قتله: انتقض ـ واجهز عليه عمله: ثم قتله ـ وكبت به بطنته، كبا الجواد: إذا سقط بوجهه، والبطنة. الاسراف في الشبع ـ وثالث القوم عثمان... والعطفان. الجانبان من المنكب إلى الورك... والمعنى. خدش جانباي، لشدة الاحتكاك منهم والازدحام... وعرف الضبع ثخين، ويضرب به المثل في الازدحام ـ وينثالون. يتتابعون.. وكربيضة الغنم. يصف شدة ازدحامهم حوله، وجئومهم بين يديه.. فأما طائفة الناكثين. فهم أصحاب الجمل ـ والقاسطين، أصحاب صفين. والمارقين. أصحاب النهروان.]

إرتقى عثمان بن عفان منبر النبي بعد وفاة عمر وبالشكل الذي وصفناه في قصة

'الشورى'. واول عمل قام به الخليفة الجديد هو: تعيين ذويه واقربائه من الامويين وآل ابي معيط مستشارين، وامراء على الامصار، وبخاصة اولئك الذين كانت لهم إو لآبائهم سيرة غليظة معروفة في محاربة الاسلام ونبيه، الامر الذي اورثهم احقادا ـ من الجاهلية ـ على الرسول واهل بيته وتعاليمه، زرعها امية بن عبدشمس ونجله حرب، وتعهدها من بعدهما: ابوسفيان، وزوجه هند بنت عقبة، ونجلهما معاوية الذي حارب النبي في بدر مع ابيه فهرب بعد ان قتل اخ له، واسر آخر كما سنرى.

وقد ادى اعتماد عثمان على اولئك النفر ـ وعلى مروان بن الحكم ـ الى تقويض دعائم الخلافة الاسلامية، وطوح بحياة عثمان وعلى مروان بن الحكم ـ الى تقويض الخلافة الاسلامية، وطوح بحياة عثمان وعلي من بعده، وبالتالي الى اندحار مبادىء العدالة الاجتماعية التي تبناها الاسلام، واراد الرسول الكريم بثها بين الناس على اختلاف اجناسهم ومواقعهم الجغرافية.

وقد زرعت تصرفات الامويين ـ الذين اعتمد عليهم عثمان في تدوير شئون المسلمين، كما سنرى، فأصبح الحكام ـ بعد مصرع الخليفة الثالث كما سنرى، بذور الفسلد والتفسخ في الخلق العربي عند الحكام والمحكومين على السواء، فأصبح الحكام ـ بعد مصرع الخليفة الثالث كما سنرى ـ يستعملون شتى اساليب الغدر والمواربة، والكذب، والدس ـ واضرابها من الرذائل السياسية والخلقية ـ لكسب ولاء الجماهير لحكمهم الفاسد من جهة، وللايقاع بخصومهم من جهة اخرى. والف المحكومون ـ الا ما ندر ـ هذه التصرفات الملتوية، مع توالي الايام، واستحسنوها وكيفوا سلوكهم وفقا لها.

وبما اننا لانؤرخ ـ في هذه الدراسة ـ اثر الامويين

[ربما ساعدتنا الظروف في المستقبل فقمنا بدراسة ذلك بشيء من التفصيل، راجع الصراع بين الامويين ومبادىء الاسلام ـ المؤلف.] في الخلق العربي والاسلامي، وانما نحن بصدد البحث في الدور الذي لعبوه في خلافة عثمان، فسوف

نحصر بحثنا في هذه النقطة المعينة، ولكي تفهم ذلك الاثر على الوجه الاكمل نرى لزاما علينا ان نستعرض مواقفهم من الاسلام في عهد الرسول:

لقد الب الامويون كفار قريش على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ـ فوقعت بدر ـ وقتل منهم حنظلة بن ابي سفيان بن حرب بن امية بن عبدشمس.

والعاص بن سعيد بن العاص بن امية بن عبدشمس، وعبيدة بن سعيد بن العاص ابن امية بن عبدشمس.

والوليد بن عقبة بن ربيعة بن عبدشمس 'صهره اخو هند زوج ابي سفيان' وشيبة بن ربيعة بن عبدشمس، وعقبة بن ابي معيط 'والد الوليد اخي عثمان لامه'

واسر من الامويين يوم بدر ابوالعاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبدشمس،

والحرث بن وجزة بن ابي عمر بن امية بن عبدشمس.

وكان عمرو بن ابي سفيان ـ زوج بنت عقبة بن ابي معيط ـ من اسرى بدر ـ كما ذكرنا ـ فاقترح بعض المقربين الى ابي سفيان ان يفدى عمرواً؟ فأجاب: 'ايجمع عليّ مالي ودمي؟ قتلوا حنظلة وافدى عمروا!! دعوه في ايديهم.. وبينما هو ـ اي عمرو ـ كذلك محبوس في المدينة اذ خرج سعد بن النعمان بن اكال اخو بني عمرو بن عوف... معتمرا... وكان شيخا مسلما... فعدا

[ابن هشام 'سيرة النبي محمد' 2 / 294.] عليه ابوسفيان بمكة فحبسه بابنه عمرو، ثم قال مفتخرا:




  • ارهط ابن اكال اجيبوا دعـــاءه
    فان بني عمرو لئـــام اذلــة
    لئن لم يفكوا عن اسيرهـم الكبلا



  • تعاقدتموا لاتسلموا السيــد الكهلا
    لئن لم يفكوا عن اسيرهـم الكبلا
    لئن لم يفكوا عن اسيرهـم الكبلا



[على الرغم مما بين الطرفين من عهد بعدم التعرض للحجيج او المعتمرين الا بخير.]

وقالت هند بنت عتبة ـ زوج ابي سفيان، وام معاوية ـ تبكي اباها يوم بدر:




  • يريـــب علينا دهرنا فيسوؤنـــا
    فـأبلــغ ابا سفيان عنـــي مالكا
    فقد كان حرب يسعــر الحرب انه
    لكل امرىء في الناس مولى يطالبه



  • ويــأبى فـما نـأتي بشيء نغـالبه
    فـان الــقه يومـا فـسوف اعاتبه
    لكل امرىء في الناس مولى يطالبه
    لكل امرىء في الناس مولى يطالبه



[ابن هشام: سيرة النبي محمد 2 / 414، 415.]

وفي ضوء ماذكرنا نستطيع ان نقول ان الامويين قد اصيبوا بنكسة مريعة في بدر، فتحركت حفائظهم، واثيرت ضغائهم القديمة، واحقادهم الجديدة، فالبوا من جديد كفار قريش، والبهم الكفار، على حرب النبي.

وكان ابوسفيان 'رأس المؤلبين والحاقدين' قد هيا كفار قريش ـ وهيئوه ـ لاعلان حرب جديدة على النبي!!؟ وتجهز الناس وارسلوا اربعة نفر منهم عمرو بن العاص.. فساروا في العرب يستنفرونهم.

وكان ابوسفيان قائد الناس، فخرج بزوجه هند.. وخرج غيرهم بنسائهم.. الحرث بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد اخت خالد... وعمرو بن العاص بريطة بنت منبه.. وكان مع النساء الدفوف يبكين على قتلى بدر ويحرضن بذلك المشركين'

[ابن الاثير: الكامل في التاريخ 2 / 103.]

فخرجت قريش 'بحدها واحابيشها ومن معها من بني كنانة واهل تهامة وخروجوا معهم بالظعن إلتماس الحفيظة، ولئلا يفروا.

فخرج ابوسفيان بن حرب قائد الناس ومعه هند.. وكانت هند كلما مرت بوحشي ـ او مر بها ـ قالت ايه ابا دسمة! استف واشتف.

واقبل خالد بن الوليد على خيل المشركين.. واقبل ابوسفيان يحمل اللات والعزى،

[الطبري: تاريخ الامم والملوك 3 / 10، 14.] وقامت هند في النسوة اللاتي معها واخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم وانشدت هند:




  • ويهاً بنـي عبــد الـدار
    ضربـــا بكل بتــار
    ونفــرش النمـــارق
    فراق غيــر وامــق
    فراق غيــر وامــق



  • ويـهــاً حمــاة الاديار
    ان تـقبلــوا نعانـــق
    او تـدبـــروا نفـارق
    فراق غيــر وامــق



[ابن هشام 'سيرة النبي محمد' 3 / 12 و 13.]

وانشد عمرو بن العاص يوم احد يصف خروجهم لقتال النبي:




  • خرجنا مـن الفيفــا عليهم كأننا
    فما راعهم بالـشر الا نجـــاءة
    كراديس خيــل في الازقة تمرق



  • مع الصبح رضوى الحبيك المنطق
    كراديس خيــل في الازقة تمرق
    كراديس خيــل في الازقة تمرق



[المصدر نفسه 3 / 11.]

ووقفت هند والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من اصحاب الرسول.

'يجدعن الاذان والانف حتى اتخذت هند من آذان الرجال خدما' 'جمع خدمة وهي الخلخال' وقلائد.

وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها.. ثم علت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها:




  • نحــن جزيناكم بيوم بــدر
    ما كان عــن عتبة لي صبر
    ولا اخى وعمــه وبكــر



  • والحرب بعد الحرب ذات سعر
    ولا اخى وعمــه وبكــر
    ولا اخى وعمــه وبكــر



[المصدر نفسه 3 / 41.]

وكان الحليس بن زبان 'على مايروى ابن هشام في سيرة النبي محمد 2 / 44 و 45' قد 'مر بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة بن عبدالمطلب ـ وهو جثة هامدة ـ ويقول: ذق عقق.

ولما انصرف ابوسفيان ومن معه نادى: ان موعدكم بدرا للعام القادم' ـ ثم التفت الى زوجه هند وانشد مفتخرا

[المصدر نفسه 3 / 21، 22.]:




  • اباك واخوانا له قد تتابعوا
    وسلى الذي قد كان في النفس انني
    ومـن هاشم قرما كريما ومصعبـا
    وكان لدى الهيجاء غير هيــوب



  • وحق لهم من عبرة بنصيب
    قـتـلت من النجار كل نجيــب
    وكان لدى الهيجاء غير هيــوب
    وكان لدى الهيجاء غير هيــوب



وكانت هند ـ حين انصرف المشركون منتصرين من احد ـ تنشد:




  • رجعت وفي نفسي بلابـل جمــه
    ولكننـي قد نلت شيئا ولــم يكن
    كما كنت اجو في مسيري ومركبي



  • وقد فـاتني بعض الذي كان مطلبي
    كما كنت اجو في مسيري ومركبي
    كما كنت اجو في مسيري ومركبي



[ابن هشام "سيرة النبي محمد" 3 / 159.]

اما اسلام هند ـ في الظاهر ـ فقد حصل بالشكل التالي:

'لما فتح النبي مكة حضرت اليه هند مع نساء مكة ليبايعنه.

فلما تقدمت هند لمبايعته اشترط شروط الاسلام عليها.. فأجابته بأجوبة قوية

فما قاله لها: تبايعينني على ان لاتقتلي اولادك؟! فقالت هند:

اما نحن فقد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا يوم بدر.. فقال: وعلى الا تزنين!؟ فقالت هند: وهل تزني الحرة؟ قالوا: فالتفت رسول الله الى العباس وتبسم'

[ابن الطقطقي الفخري في 'الاداب السلطانية' ص 76 و 77 لعل ابتسامة النبي تشير الى حادثة الزنى التي رمى بها الفاكهة بن المغيرة زوجه هند، فطلقها فتزوجها ابوسفيان.]

يتضح مما ذكرنا جانب من جوانب تعبير الامويين عن مقتهم للدين الحنيف ولصاحبه، فقد شنوها ـ كما رأينا ـ حربا شعواء لاهوادة فيها على النبي، غير انهم اندحروا في بدر ـ كما رأينا ـ وكادوا ينالون من النبي في موقعة احد.

فقتلو عمه حمزة ومثلوا به على شكل من الوضاعة والبشاعة قل ان يعثر المرء على مثلهما في التاريخ. ولولا انه خيل اليهم ان الرسول قد قتل لما رجعوا من المعركة.

غير انهم سرعان ما اجمعوا امرهم على الرجوع الى النبي في احد حينما بلغهم انه نجا من سيوفهم الظالمة فلقى 'معبد الخزاعي، ابا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء.

وقد اجمعوا الرجعة الى رسول الله واصحابه، وقالوا:

اصبنا جل اصحابه وقادتهم واشرافهم ثم رجعنا قبل ان نستأصلهم، لنكرّنّ على بقيتهم فلنفرغن منهم ـ فلما رأى ابوسفيان معبدا قال: ماوراءك يا معبد؟

قال: محمد، قد مرج في اصحاب يطلبكم في جمع لم ار مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا... قال: فوالله لقد اجمعنا الكر عليهم لنستأصل بقيتهم.

قال: فاني انهاك عن ذلك... قال: فثنى ذلك ابا سفيان ومن معه'

[الطبري 'تاريخ الامم والملوك' 3 / 28 و 29.]

ولكن اخفاق ابي سفيان 'في مؤامرته المسلحة لوَأدِ الاسلام والمسلمين في احد' لم يثنه عن مواصلة الكفاح المرير لاثارة وقائع اخرى ضد النبي.

وقد نذر ابوسفيان 'ان لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمداً

[ابن الاثير 'الكامل في التاريخ' 2 / 98.] في كل فرصة ملائمة للاجهاز عليه، وعلى الدين الحنيف.

فألب الاحزاب في حرب الخندق... ومابعدها... ولم يعلن اسلامه ـ في الظاهر ـ الا حين رأى ان ذلك اجدى من السيف لتحطيم الاسلام.

وهكذا كان ابوسفيان يثيرها حروبا متصلة الحلقات للايقاع بالنبي وبدينه وبصحبه، فأثار حرب بدر، وأحد، والاحزاب في الخندق، وتآمر مع اليهود للوصول الى تحقيق غرضه الدنىء.

لقد مر بنا طرف من حوادث ايذاء قريش ـ وفي مقدمتهم بنو امية من النساء والرجال ـ للنبي، وللمسلمين، وللعقيدة الاسلامية طوال مكوث النبي في مكة 'وقد ظهر ذلك الايذاء بشكل فردي مبعثر احيانا، وبشكل جماعي منظم احيانا اخرى.

وتفنن المشركون من الامويين خاصة في ابتداع الوسائل المختلفة لايذاء الرسول

فبعثوا النضر بن الحرث وعقبة بن ابي معيط

[ابن هشام: 'سيرة النبي محمد' 1 / 320.] الى احبار اليهود لتأليبهم على النبي وتسفيه رسالته، وارسلوا عبدالله بن ابي ربيعة، وعمرو بن العاص

[المصدر نفسه 1 / 357 ـ 360.] الى الحبشة لاقناع النجاشي بطرد المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة، تخلصا من ايذاء المشركين.

وقد نزل قرآن في ذم كثير من اولئك الذين بالغوا في الاعتداء على الرسول، كأم جميل بنت حرب بن امية حمالة الحطب

[المصدر نفسه 1 / 376 ـ 378.]

وكان ذلك كله يجري بمكة طوال مكوث النبي فيها.

فلما هاجر النبي الى المدينة واصل كفار قريش ـ تحت زعامة الامويين من النساء والرجال ـ ايذاء الرسول، هذه المرة عن طريق الحرب، فامتشق

[امتشقته: اقتطعته، صحاح اللغة مادة 'مشق'.] الامويون الحسام والبوا قريشا، وحاربوا النبي في سلسلة من الحروب الفاشلة التي ذكرناها.

ولما رأى المشركون ـ من بني امية واتباعهم ـ فشلهم المتواصل لجأوا الى اتّباع اسلوب جديد للايقاع بالاسلام ـ وكان هذا الاسلوب ـ في واقعه ـ اكثر الاساليب ايجاعا للعقيدة الاسلامية.

فتقمص قادتهم الاسلام والتزموا ببعض مظاهره ليتمكنوا من اعلانها حربا شعواء على الدين من داخله؛ بعد ان اعياهم امره في حربهم اياه من الخارج.

فأسلم ابوسفيان ـ قائدهم ـ في الظاهر يوم فتح مكة بعد ان لجأ الى العباس عم النبي مضطرا والتمسه ان يأخذه الى الرسول، فلما اتى به العباس قال له رسوله الله: الم يأن لك ان تعلم ان لا اله الا الله؟ فقال: بأبي انت وامي ما احلمك واكرمك واوصلك

والله لقد علمت لو كان معه اله غيره اغنى عنا ! فقال:

/ 23