علی و مناوئوه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی و مناوئوه - نسخه متنی

نوری جعفر؛ مقدمه نویس: عبدالهادی مسعود؛ تعلیق و تصحیح: سید مرتضی رضوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




  • فأشهد أن رحمك من زياد
    كرحم الفيل من ولد الأتان



  • كرحم الفيل من ولد الأتان
    كرحم الفيل من ولد الأتان



وفي زياد وإخوته يقول خالد البخاري:




  • إن زيـــاداً ونـافعــاً وأبـا
    إن رجــالا ثلاثـة خــلقـوا
    ذا قرشي فيمـا يقــول: وذا
    مولى وذا ابـن عمــه عربي



  • بكرة عندي أعجب العجــب!!
    من رحم أنثــى مخالفي النسب
    مولى وذا ابـن عمــه عربي
    مولى وذا ابـن عمــه عربي



ويروى ابن ابي الحديد

[شرح نهج البلاغة 4 / 68 ـ 72.] ظروف قصة الاستلحاق على الوجه التالي: 'فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس وقال: العجب من ابن آكلة الاكباد ورأس النفاق يهددني، ثم كتب الى علي وبعث بكتاب معاوية في كتابه.. وكتب له الإمام:

إن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذره ثم احذره... فلما قتل علي بقى زياد في عمله وخاف معاوية جانبه وعلم صعوبة ناحيته وأشفق من ممالأته الحسن... فكتب إليه...

أما بعد: فإنك عبدقد كفرت النعمة واستدعيت النقمة... لا أم لك، بل لا أب لك.

يا ابن سمية إذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة وأسرع الإجابة.. وإلا اختطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعى. وأقسم قسماً مبرراً ان لا اوتى بك إلا في زمارة، تمشي حافيا من أرض فارس الى الشام حتى اقيمك في السوق وابيعك عبداً واردك الى حيث كنت فيه وخرجت منه...

فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضباً شديداً وجمع الناس وصعد المنبر.

وقال: إن ابن آكلة الأكباد وقاتلة اسد الله، ومظهر الخلاف، وسر النفاق، ورئيس الاحزاب.

ومن أنفق ماله في إطفاء نور الله، كتب الى يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها.

ثم نزل، وكتب إلى معاوية.. لقد وصل الي كتابك.. فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع.. ولولا حلم ينهاني عنك.. لانرت لك مخازي لايغسلها الماء.. وإن كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة.

أما زعمك أنك تخطفني بأضعف ريش، فهل سمعت بذئب أكله خروف.

فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه واحزنه وبعث الى المغيرة بن شعبه فخلا به.

قال المغيرة.. إن زياداً رجل يحب الشرف والذكر وصعود المنابر، فلو لاطفته المسألة، وألنت له الكتاب، لكان لك أميل وبك وأوثق، فاكتب اليه وأنا الرسول.

فكتب معاوية.. الى زياد بن ابي سفيان.. حملك سوء ظنك بي وبغضك لي على ان عققت قرابتي وقطعت رحمي.. حتى كأنك لست أخي وليس صخر بن حرب أباك وابي. وشتان ما بيني وبينك. أطلب بدم ابن العاص وأنت تقاتلني.

فرحل المغيرة بالكتاب حتى قدم فارس فلما رآه زياد قدمه وأدناه ولطف به فرفع اليه الكتاب. فجعل يتأمله ويضحك.

ثم جمع الناس.. وصعد المنبر.. وقال: لقد نظرت في امور الناس منذ قتل عثمان.. فوجدتهم كالاضاحي في كل عيد يذبحون.

وكتب كتاب الجواب الى معاوية:

الحمد لله الذي عرفك الحق وردك الى الصلة. ولست ممن يجهل معروفاً ولا يغفل حسباً..

وروى المدائني قال: لم اراد معاوية استلحاق زياد وقد قدم عليه من الشام جمع من الناس وصعد المنبر واصعد زياداً معه.

ثم قال: إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد، فمن كان عنده شهادة فليقم بها.. فقام ابو مريم السلولي وكان خماراً في الجاهلية فقال:

إن أبا سفيان قدم علينا بالطائف، فأتاني فاشتريت له لحماً وخمراً وطعاماً،

فلما أكل قال: يا أبا مريم اصب لي بغياً. فخرجت فأتيت بسمية.. تجر ذيلها فدخلت معه.

وروى شيخنا ابو عثمان: أن زياداً مر وهو والي البصرة بأبى العريان العدوى وكان شيخاً مكفوفاً ذا لسن وعارضة شديدة. فقال ابو العريان ماهذه الجلبة؟ قالوا:، زياد ابن ابي سفيان. قال: والله ماترك ابو سفيان الا يزيد ومعاوية وعتبة وعنبسة وحنظلة ومحمداً، فمن أين جاء زياد: فبلغ الكلام زياداً.

وقال قائل له: لو سددت عنك فم هذا الكلب فأرسل إليه بمائتي دينار! فقال له رسول زياد: إن ابن عمك زياداً الامير قد ارسل إليك مائتي دينار.. ثم مر به زياد من الغد في موكبه. فوقف عليه وسلم. وبكى ابو العريان. فقال مايبكيك؟ قال: عرفت صوت ابي سفيان في صوت زياد. فبلغ ذلك معاوية فكتب الى ابي العريان:




  • ما ألبثتك الدنانيـر التـي بعثـت
    أمسى إليك زيـاد فـي أرومتـه
    لله در زيـــاد لـو تعجلهــا
    كانت له دون ما يخشــاه قربانا



  • أن لونتـك أبــا العـريان ألوانا
    نكراً فأصبح ما أنكـرت عرفانـا
    كانت له دون ما يخشــاه قربانا
    كانت له دون ما يخشــاه قربانا



فلما قرىء كتاب معاوية على ابي العريان قال: أكتب جوابه ياغلام:




  • أحدث لنا صلة تحيــا النفوس بها
    أما زياد فقد صـحت مـناسبـه
    من يسد خيراً يصبه حين يفعلـه
    أو يسد شراً يصبه حيثما كـان



  • قد كدت يا ابن أبي سفيـان تنسانا
    عندي فلا أبتغى في الحـق بهتانا
    أو يسد شراً يصبه حيثما كـان
    أو يسد شراً يصبه حيثما كـان



[ابن ابي الحديد 'شرح نهج البلاغة' 4 / 68 ـ 70.]

وقد تم ذلك سنة 56 هـ أي قبل ان ينتصف القرن | الاول | على وفاة النبي ورحم الله الحسن البصري فقد كان يقول فيما يروى الطبري: 'أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها امرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة؛

واستخلافه ابنه بعده سكيراً وخميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زياداً، وقد قال رسول الله:

الولد للفراش وللعاهر الحجر؛ وقتله حجر بن عدي'

[الدكتور طه حسين 'الفتنة الكبرى، علي وبنوه' ص 248.]

اقواله المأثورة


1- ذكر أبن الأثير

[الكامل في التاريخ 3 / 259 و 260.]:

لما مرض معاوية مرضه الذي مات فيه دعا ابنه يزيد فقال: يابني إني كفيتك الشد والترحال، ووطأت لك الامور، وذللت لك الاعداء، واخضعت لك رقاب العرب، وجمعت لك مالم يجمعه أحد.

وإني لست أخاف عليك ان ينازعك في هذا الامر الا اربعة نفر من قريش: الحسين بن علي، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير، وعبدالرحمن بن ابي بكر.

فأما ابن عمر فإنه رجل قد وقدته العبادة. فإذا لم يبق أحد غيره بايعك.

وأما الحسين بن علي فإنه رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه..

وأما ابن أبي بكر فإنه رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله، وليس همه الا في النساء واللهو.

وأما الذي يجثم لك جثوم الاسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإن امكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير.

فإن هو فعلها بك فظفرت به فقطعه إرباً إرباً'

[يذكر بعض الرواة ـ ومنهم ابن الأثير نفسه ـ أن عبدالرحمن بن ابي بكر كان قد مات قبل معاوية. وقيل: إن يزيد كان غائباً من مرض ابيه وموته، وإن معاوية احضر الضحاك بن قيس، ومسلم بن عقبة المرى فأمرهما أن يؤديا عنه رسالته التي ذكرناها في المتن الى يزيد ابنه.]

2 ـ قال معاوية لما حضرته الوفاة: إن رسول الله كساني قميصاً فحفظته، وقلم أظفاره فأخذت قلامة فجعلتها في قارورة. فإذا مت فألبسوني ذلك القميص واسحقوا تلك القلامة وذروها في عيني وفمي فعسى الله ان يرحمني ببركتها

[الكامل في التاريخ 3 / 260. ومما يلفت النظر حقا أن يحتفظ معاوية بقلامة ظفر النبي ولا يحافظ على سنته!!.]

3 ـ ذكر الطبري بأسانيده المختلفة عن أبي مسعدة الفزاري قال:

قال لي معاوية: يا ابن مسعدة رحم الله ابا بكر لم يرد الدنيا ولم ترده.

وأما ابن حنتمة ـ اي عمر ـ فأرادته الدنيا ولم يردها.

وأما عثمان فأصاب من الدنيا واصابت منه، وأما نحن فتمرغنا فيها

[الطبري: 'تاريخ الامم والملوك' 6 / 186. وفي رواية اخرى 'اما انا فقد تضجعتها ظهراً لبطن وانقطعت إليها فانقطعت لي'.]

4 ـ أغلظ رجل لمعاوية فأكثر، فقيل له: أتحلم عن هذا؟

فقال: إني لا احول بين الناس والسنتهم مالم يحولوا بيننا وبين ملكنا

[الطبري، 'تاريخ الامم والملوك' 6 / 187.]

5 ـ لام معاوية

[المصدر نفسه 6 / 187 و188.] عبدالله بن جعفر على الغناء

[هذا الحديث مخالف لما عليه المؤرخون من قداسة عبدالله بن جعفر لما ذكروه من جلالة قدره وتوثيقه. راجع تاريخ الطبري، والاستيعاب لابن عبدالبر واسد الغابة لابن الأثير وغيرها. 'الناشر'.] فدخل يوما ومعه بديح ومعاوية واضع رجلا على رجل، فقال عبدالله لبديح إيهاً! فتغنى فحرك معاوية رجليه وقال: إن الكريم طروب.

6 ـ قام معاوية خطيباً ـ بعد أن دس السم للأشتر ـ فقال:

أما بعد فإنه كانت لعلي يمينان فقطعت إحداهما بصفين وقطعت الاخرى اليوم

[العقاد 'معاوية بن ابي سفيان' ص 74. ويقصد بذلك عمار بن ياسر والاشتر.]

7 ـ سأل معاوية عمرو بن العاص: مابلغ من عقلك؟ قال: مادخلت في شيء قط الا خرجت منه، قال معاوية: لكنني مادخلت في شيء قط واردت الخروج منه

[المصدر نفسه ص 77.]

8 ـ لو ان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت:

إذا شدوها أرخيتها وإذا أرخوها شددتها

[المصدر نفسه ص 82.]

9 ـ جاء في الطبري ان معاوية كان يأكل في اليوم سبع مرات ويقول: والله ما اشبع وإنما اعيا

[المصدر نفسه ص 126.]

10 ـ روى الوافدي ان عمرو بن العاص دخل يوما على معاوية بعد ما كبر.

فقال له: ما بقى مما تستلذه؟ فقال: أما النساء فلا إرب لي فيهن.

وأما الثياب فقد لبست من لينها وجيدها حتى وهى بها جلدي، فما ادري ايها الين.

وأما الطعام فقد اكلت من لذيذه وطيبه حتى ما ادري ايه الذ واطيب.

فما شيء الذ عندي من شراب بارد في يوم صائف ومن ان انظر الى بنيّ وبني بنيّ يدورن حولي

[المصدر نفسه ص 132.]

معاوية في الميزان


كل شيء في الحياة الانسانية هين اذا هان الخلل في موازين الانسانية. وانها لاهون من ذلك اذا جاوز الامر الخلل الى انعكاس الاحكام وانقلابها من النقيض الى النقيض. فمن الناس من يحب ان تتغلب المنفعة على الحقيقة او على الفضيلة... لانه يرجع الى طبيعته فيشعر بحقارتها اذا غلبت مقاييس الفضائل المنزهة والحقائق الصريحة، ولانه يكره ان يدان الناس او تقاس الاعمال بمقاييس المثل العليا فيلوم نفسه ولايقدر على التماس المعذرة لها في نقيصتها او في طبيعتها التي لافكاك منها.

وليس ابغض الى الإنسان من احتقاره لنفسه؛ وليس احب اليه من اعتذاره لها عن حقيقتها. إنه يتعصب في كل شعور يدفع به النقص ويمهد به العذر وينفى به الاضطرار الى الاقرار بسبق السابقين له، وارتفاع المرتفعين عليه.

وإنه ليعترف بالجهل اذا استطاع ان يدعى لنفسه تعلة يسمو بها على اهل المعرفة.

وإنه ليعترف بالعجز اذا استطاع ان ينزل بالقادرين الى 'مستواه' بخديعة من خداع النفس.

وإنه ليعترف بالرذيلة اذا استطاع ان يلوث الفضيلة التي يمتاز بها عليه ذوو الفضائل البينة... ويكفى ان ينسب الى العظيم المثالي عمل من الاعمال التي لايقدر عليها النهاز ولايسعى اليها ليشعر النهاز بالاختلاف والجفوة بينه وبين ذلك العمل العظيم المثالي... ويضطره الى ذلك وقوفه بين طريقين:

أحدهما غريب يصغره في نظر نفسه، والآخر مألوف يطرقه كل يوم.

واذا لم يرجح من اخبار فترة النزاع بين علي ومعاوية بعد مقتل عثمان الا الخبر الراجح

عن لعن علي على المنابر بأمر معاوية لكان فيه الكفاية لإثبات ما عداه مما يتم به الترجيح بين كفتي الميزان.

فإن الذي يعلن لعن خصمه على منابر المساجد لا يكف عن كسب الحمد لنفسه في كل مكان وبكل لسان، ولو لم يرد من اخبار تلك الفترة الا ان معاوية كان يغدق الاموال على الاعوان ومن يرجى منهم العون لكان لعن خصمه على المنابر كافيا للإبانة عما صنعه لكسب الثناء عليه وإسكات القادحين فيه.

ولكن اخبار الاموال المبذولة لتغيير الحقائق في هذه الفترة تفيض بها كتب المادحين والقادحين ومن لايمدحون ولايقدحون.

جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي عن الإمام احمد بن حنبل أنه سأل أباه عن علي ومعاوية؟ فقال:

اعلم ان علياً كان كثير الاعداء، ففتش له اعداؤه عيباً فلم يجدوا، فجاءوا الى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كياداً منهم له

[هذه الفترة وما يليها مقتطفات من كتاب العقاد 'معاوية بن ابي سفيان في الميزان' ص 9 و 11 و 12 و 14 و 16 و 17 و 35 و 38 و 48 و 49 و 70 و 71 و 112 ـ 115 و 181 و 182 و 185 ـ 191 و 203 ـ 205.]

وقتل عثمان فانقسمت الرقعة الإسلامية قسمين: أحدهما لا خلاف فيه وهو الشام حصة معاوية، والآخر لا وفاق فيه وهو حصة عليّ من الحجاز والعراق، وقد تدخل مصر فيها حيناً وتخرج منها اكثر الاحايين..

فكانت أعباء الخلافة كلها على علي , وكانت احوال الملك كلها مع معاوية، مواتية له، محيطة به فيما يريد.. وفيما لا يريد.

كان الناس مع علي ينظرون الى سنة الرسول.

وكان الناس مع معاوية ينظرون الى هرقل وكسرى...

فكان المجتمع الإسلامي مجتمعين.. افترقا غاية افتراقهما في النزاع بين علي ومعاوية.

فكان علي يكبح تياراً جارفا لا حيلة في السير معه ولا في دفعه.

وكان معاوية يركب ذلك التيار رخاء سخاهم بغير مدافعة وبغير حيرة...

وسبب آخر من اسباب الولع بالحديث عن الدهاء انه اصبح كفؤاً للشجاعة او راجحاً عليها في موازين الصفات الاجتماعية.

فإذا عيب رجل من رجالهم بقلة الشجاعة وجد العزاء ـ وفوق العزاء ـ بشهرة الدهاء.

فالدهاء عندهم مزية وضرورة وعزاء وغطاء للخوف والجبن..

لقد كانوا يطلقون الدهاء على كل وسيلة غير صريحة يبلغ بها صاحبها مأربه.

وأبرع ما برع فيه معاوية من ألوان الدهاء إلقاء الشبهة بين خصومه.

وقد احتال بمثل هذه الحيلة على قيس بن سعد حتى اوقع الريبة منه في نفس الإمام.

وحيلة أخرى لانجزم بها ولكننا نشير اليها في مكانها مما رواه الرواة عن الوسائل الخفية التي توسل بها معاوية للغلبة على خصومه ومنافسيه..

ومات الحسن، ومات مالك بن الأشتر.. ومات عبدالرحمن بن خالد بن الوليد وعوجلوا جميعاً بغير علة ظاهرة فسبق الى الناس ظن كاليقين انها غيلة مدبرة، وان صاحبها من كان له نفع عاجل بتدبيرها، وهو: معاوية.

لقد علم المراقبون لطبائع الحيوان ان المطاردة عنده تقوم على حركات متتابعة ولا تقوم على حركة واحدة.

فإذا لمح الحيوان من خصمه انه يجفل منه أخذ في الهجوم.

وإذا عدا خصمه امامه اخذ في العدو وراءه.

وإذا ادركه ولم يجد منه مقاومة تمادى في صرعه وافتراسه.

وقد دخل حجر بن عدي على معاوية ومعاوية ينتظر منه صدمة يتبعها حذر

لواجب الحلم والأناة، فلما دخل حجر محيياً له بالإمارة وزال الحاجز الاول زالت معه الحواجز الاخريات، ولم يعلم الرجل اين يكون الوقوف. ونظن ان هذه الخليقة قد اوشكت ان تبرز في طوية معاوية من وعيه الباطن الى وعيه الظاهر.

وقد صبر معاوية على الوان من الخضوع في طلب وجاهته السياسية لا يصبر عليها كثير من عامة الناس... واحتاج ان يقول مرة كما جاء في الطبري مستنداً الى سعيد بن سويد: ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا... ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم.

ثم نشبت الفتنة الوبيلة في خلافة عثمان، ومعاوية بمعزل منها.

وقتل عثمان فاتخذ مقتله ذريعة للخروج على الإمام وإنكار بيعته.

وأسرف كل الإسراف في التذرع بهذه الذريعة قبل استقلاله بالخلافة.

فما كان له من مسوغ يتعلل به غير مقتل عثمان يردده في كل حديث وفي كل خطاب وفي كل جواب. وعلى قدر اللهج بهذه الفاجعة قبل استقلاله بالخلافة سكت عنها واغفلها بعد ذلك فلم يعد إليها قط لا ليعتذر الى قرابة الخليفة المقتول من سكوته وإغفاله.

وكان معاوية عظيم العناية بأطايب الخوان، كثير الزهو بالثياب الفاخرة والحلية الغالية، وكان يأكل ويشرب في آنية الذهب والصحاف المرصعة بالجوهر ويأنس للسماع واللهو ولا يكتم طربه بين خاصة صحبه.

وقد ألجأته الحاجة الى إنفاق المال في أبهة الملك والإغداق على الاعوان والخدم الى ارهاق الرعية بالضرائب ومخالفة العهود مع اصحاب الجزية.

فكان من الولاة من نطيعه ومنهم من يحيبه معترضاً.

ومن الولاة الذين انكروا ان تستصفى الاموال لبيت مال الخليفة: والى خراسان الذي كتب اليه زياد يأمره الا بقسم في الناس ذهباً ولا فضة، فكتب الوالي الى زياد:

بلغني ماذكرت من كتاب امير المؤمنين وإني وجدت كتاب الله تعالى قبل كتاب

/ 23