دراسة تحلیلیة فی السیرة النبویة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسة تحلیلیة فی السیرة النبویة - نسخه متنی

عباس زریاب الخوئی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وهو من قبيلة بني سليم
من قيس بن عيلان، وقد ادعى انه
رابع المؤمنين بالاسلام.

وقال: انه كان يعتبر قومه
في ضياع
وجهل عندما يراهم عاكفين على اصنامهم، ويقول: انه
ظل
هكذا حتى بعث اللّه نبيه(ص) بالاسلام، فهاجر الى
مكة بحثا
عنه، والتقى به في مكة خفية، فدعاه الرسول(ص) الى
الاسلام
وسال الرسول(ص) قائلا: «هل لك اتباع»؟ فقال له
الرسول(ص):«نعم رجلان، احدهما حر هو ابو بكر، والاخر
عبد
وهو بلال»فمن الرجل.

وقال لرسول(ص): «يا رسول اللّه،
امكث معك، ام الحق بقومي»؟ قال: «الحق بقومك»، قال:
«فيوشك اللّه تعالى ان يفي بمن نزى ويحيي
الاسلام»، قال:
«ثم اتيته قبل فتح مكة فسلمت عليه»، قال: «وقلت: يا
رسول
اللّه، انا عمرو بن عبسة،احب ان اسالك عما تعلم
واجهل،
وينفعني ولا يضرك»؟فساله«172» عن حكم اوقات الصلاة
وكيفية الوضوء.

ما يدعو الى التامل في هذه الرواية ان ذلك كله كان
بادعائه
هو،سيما ادعاؤه بانه كان رافضا لدين الجاهلية وكان
رابع رجل
في الاسلام اي بعد الرسول وابي بكر وبلال.

ومما لا شك فيه ان السبق الى الاسلام كان من
المفاخرالكبيرة، وكان من اليسير لعمرو بن عبسة ان
يدعي
مثل ذلك،لانه لم يكن مقيما في مكة، وعزا خروجه منها
الى
نصيحة من الرسول(ص)، وبناء على ذلك فمن الطبيعي جدا
ان
يثيرالمقطع الاول من الرواية التي اوردها ابن سعد
في
طبقاته الشك في النفس بخلاف المقطع التالي فيها
الذي
يستفسر فيه عن اوقات الصلاة والوضوء، فان احتمال
الصدق فيه
قوي كماتؤيده روايات اخرى.

ابو ذر الغفاري:
يعتبر ابو ذر من الشخصيات الاسلامية اللامعة في
جهادهاواخلاقها، وقد امتدح الرسول(ص) صراحته
وصدقه،
وتواترعنه(ص) بانه قال فيه: «ما اظلت الخضراء، ولا
اقلت
الغبراء ذالهجة اصدق من ابي ذر».

اسمه جندب بن جنادة، وهو من قبيلة غفار، من قبائل
مضر،قال عنه ابن حزم«173»: «انه كان خامس رجل
في الاسلام».

وقيل انه من الموحدين الذين آمنوا
باللّه
واعرضواعن عبادة الاصنام قبل لقائهم برسول
اللّه(ص).

وقد نقلت عن ابي ذر في ايام شبابه وفي كيفية دخوله
الاسلام قصة مثيرة، تظهر فيها آثار الصدق
والصراحة، وهي اهم
خصلة عرف بها ابو ذر (رض) واشار اليها الرسول(ص) في
وصفه
له.

وقد جاءت الرواية باسلوب والفاظ يتجلى فيها قدم
الاسلوب واصالته.

وقد رواها ابن سعد«174» في
الطبقات
عن عبداللّه بن الصامت الغفاري، ونقلت ثلاث قصص
اخرى
في هذا الباب وفي المصدر نفسه، فيها تفاوت في بعض
الامور
مع رواية ابن الصامت، غير اننا نرجح رواية ابن
الصامت
لقوة الاسلوب ودقة البيان واصالة التركيب اللغوي،
وتؤيد
الروايتان الاخريتان تلك الرواية في خطوطها
العريضة.

قال: «اخبرنا هاشم بن القاسم الكناني ابو النضر،
قال:
حدثناسليمان بن المغيرة، عن حميد ابن هلال، عن
عبداللّه
بن الصامت الغفاري، عن ابي ذر، قال: خرجنا من قومنا
غفار،وكانوا يحلون الشهر الحرام، فخرجت انا واخي
انيس
وامنا،فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا، فاكرمنا
خالنا واحسن
الينا،فحسدنا قومه، فقالوا له: انك اذا خرجت عن
اهلك
خالف اليهم انيس.

فجاء خالنا فثنا علينا ما قيل له،
فقلت: اما ما
مضى من معروف فقد كدرت، ولا جماع لك فيما بعد.

فقربناصرمتنا«175»، فاحتملنا عليها، وتغط ى
خالنا بثوبه
وجعل يبكي.

فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر انيس عن
صرمتنا
وعن مثلها، فاتيا الكاهن فخبر انيسا بما هو عليه،
فاتانا بصرمتنا
ومثلهامعها.

وقد صليت بابن اخي قبل ان القى رسول اللّه(ص)،
ثلاث سنين،
فقال عبداللّه بن الصامت: لمن؟ قال: للّه.

فقال
عبداللّهبن
الصامت: اين تتوجه؟ قال: اتوجه حيث يوجهني اللّه،
اصلي عشاء
حتى اذا كان آخر السحر القيت كاني خفاء«176»حتى
تعلوني
الشمس.

فقال انيس: ان لي حاجة بمكة، فاكفني حتى آتيك.

فانطلق انيس فراث علي يعني ابطا علي ثم جاء، فقلت:
ما
حبسك؟قال: لقيت رجلا بمكة على دينك، يزعم ان اللّه
ارسله.

قلت:فما يقول الناس له؟ قال: يقولون شاعر، كاهن
ساحر،
وكان انيس احد الشعراء، فقال: واللّه لقد سمعت قول
الكهنة فما
هوبقولهم، ولقد وضعت قوله على اقراء الشعر فلا
يلتئم
على لسان احد، بعيد انه شعر، واللّه انه لصادق
وانهم
لكاذبون!فقلت: اكفني حتى اذهب فانظر.

قال: نعم، وكن
من
اهل مكة على حذر فانهم قد شنعوا به وتجهموا له.

فانطلقت فقدمت مكة، فاستضعفت رجلا منهم، فقلت: اين
هذاالذي تدعون الصابى؟ فاشار الي، فقال: هذا
الصابى.

فمال
علي اهل الوادي بكل مدرة وعظم، فخررت مغشيا علي،
فارتفعت حين ارتفعت كاني نصب احمر، فاتيت زمزم
فشربت
من مائهاوغسلت عني الدماء فلبثت بها يابن اخي من
بين ليلة
ويوم،مالي طعام الا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن
بطني،وما وجدت على كبدي سخفة جوع«177».

فبينا اهل مكة في ليلة قمراء اضحيان، اذ ضرب اللّه
على اصمختهم، فما يطوف في البيت احد منهم غير
امراتين،
فاتيتاعلي وهما تدعوان اسافا ونائلة، فقلت: انكما
احدهما
الاخر،فما ثناهما ذاك عن قولهما.

قال: فاتيتا علي،
فقلت: هنا
مثل الخشبة غير اني لم اكن، فانطلقتا تولولان
وتقولان: لو كان
هاهنااحد من انفارنا.

فاستقبلهما رسول اللّه(ص)،
وابو بكر،
وهماهابطان من الجبل، فقال: مالكما؟ قالتا: الصابى
بين
الكعبة واستارها قال: فما قال لكما؟ قالتا: قال لنا
كلمة تملا
الفم.

فجاء رسول اللّه(ص)، وصاحبه فاستلما الحجر، وطافا
بالبيت،ثم
صلى فاتيته حين انتهى من صلاته، فكنت اول من
حياه بتحية
الاسلام، فقال: وعليك رحمة اللّه، ممن انت؟ قلت:
من غفار،
فاهوى بيده الى جبهته هكذا، قلت في نفسي: كره
اني انتميت
الى غفار.

فذهبت آخذ بيده فقد عني صاحبه، وكان اعلم
به
مني، فقال: متى كنت هاهنا؟ قلت: كنت هاهنا منذ
ثلاثين من
بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟ قلت: ما كان
لي طعام
الا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، فماوجدت
على
كبدي سخفة جوع.

فقال رسول اللّه(ص): انهامباركة،
انها طعام
طعم.

قال ابو بكر: يا رسول اللّه، ائذن لي في طعامه
الليلة،
ففعل، فانطلق النبي(ص)، وابو بكر وانطلقت معهما،
ففتح ابو
بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف.

فذاك اول
طعام
اكلته بها، فغبرت ما غبرت، فلقيت رسول اللّه(ص)،
فقال: انه قد
وجهت الى ارض ذات نخل، ولااحسبها الا يثرب، فهل انت
مبلغ
عني قومك، عسى اللّه ان ينفعهم بك، وياجرك فيهم؟.

فانطلقت حتى لقيت اخي انيسا، فقال: ما صنعت؟
قلت:صنعت،
اني قد اسلمت وصدقت.

قال انيس: ما بي رغبة عن دينك،
فاني
قد اسلمت وصدقت.

فاتينا امنا، فقالت: ما بي رغبة عن
دينكما،
فاني قد اسلمت وصدقت، فاحتملنا، فاتينا
قومنا،فاسلم نصفهم
قبل ان يقدم رسول اللّه(ص) المدينة، وكان يؤمهم
ايماء بن
رحصنة وكان سيدهم، وقال بقيتهم: اذا قدم رسول
اللّه(ص)
المدينة اسلمنا.

فقدم رسول اللّه(ص) فاسلم بقيتهم، وجاءت اءسلم
فقالوا:
يارسول اللّه نسلم على الذي اسلم اخوتنا.

فاسلموا،
فقال
رسول اللّه(ص): غفار غفر اللّه لها، واسلم سالمها
اللّه»«178».

كان ابو ذر قنوعا في حياته ومعيشته، ينفق كل ما زاد
عنه
على الفقراء، وقد عاش حياة الخشونة والجشوبة في
عصر
النبي وابي بكر وعمر، فتصدى لمظاهر البذخ الذي
شاهده
ايام عثمان في المدينة، ومعاوية بن ابي سفيان في
دمشق،
واخذيعترض على ذلك، فقام عثمان باخراجه من المدينة
ونفيه الى الربذة كي يستريح من اعتراضاته، وبقي
ابو ذر هناك
حتى الوفاة.

وقد بالغ بعض المؤرخين فيما بعد، حتى وصفوا ابا ذر
بانه
كان اشتراكيا يدعو الى توزيع الثروات وغير ذلك مما
لا طائل
له ولا يتناسب مع ظروف عصره وحياته وثقافته
الدينية.

عثمان بن مظعون:
ينتسب عثمان بن مظعون الى قبيلة قريش، من بني جمح،
وهومن المسلمين الاوائل، حيث اسلم قبل ان يتخذ
الرسول(ص)دار الارقم بن ابي الارقم مقرا لدعوته،
وبناء على
احدى الروايات فان عثمان بن مظعون كان قد آمن مع
جماعة
هم عبدالرحمن بن عوف، وعبيدة بن الحارث، وابو عبيدة
بن الجراح، وابو سلمة بن عبد الاسد.

وكان عثمان بن
مظعون
من اولئك الذين اختلجت في انفسهم مشاعر دينية خاصة
ومالوانحو الزهد والرياضات الروحية ومجاهدة النفس
اكثر من
ميلهم الى توحيد اللّه وترك عبادة الاصنام.

لقد حرم ابن مظعون الخمر على نفسه قبل الاسلام،
وكان يقول: «انني لا استطيع شرب شي ء يغلب على
عقلي،ويضحك الاخرين علي، ويجعلني ازوج ابنتي لمن
لاارتضي»، وتظهر الفقرة الاخيرة من كلمة عثمان ان
بعض
اولياءالبنات كانوا يزوجون بناتهم لاشخاص لا
يرتضوهم لو
لم يكونوا في حالة السكر.

ونتيجة ميله للرياضات الروحية حاول ان يخصي
نفسه ليتخلص
من شر الشهوات الغريزية، فنهاه الرسول(ص) عن ذلك،
وكان
احيانا يعتزل زوجته فلا يقترب منها، فلما
شكت حالها الى
النساء، وسمع الرسول(ص) بذلك نهاه عن مثل ذلك
العمل،
ونبهه الى ان لزوجه عليه حقا، ولجسمه عليه حقا،
ولعينه عليه
حقا، وكثيرا ما كان يتخذ لنفسه بيتا خاصاللعبادة،
فنهاه
الرسول(ص) مرتين او ثلاث عن ذلك، وقال: «لارهبانية
في
الاسلام».

وكان ابن مظعون من البدريين، وتوفي بعد
سنتين
ونصف من الهجرة.

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:
وهو من بني عدي، وكان زيد احد الحنفاء الاربعة
الذين اعرضوا
عن عبادة الاصنام، وهو من معاصري الرسول(ص).

وقد
قال(ص) في حقه: انه يبعث يوم القيامة امة وحده،
ومعنى هذا
الحديث كما اعتقد ان زيدا كان منفردا في
دينه،وسيحشر يوم
القيامة في دين خاص به وحده، حيث ابتعد زيدعن عبادة
الاصنام، وامتنع عن تناول لحوم القرابين التي
كانت تذبح
وتقدم للاوثان، وكان يستهجن وءد البنات
ويستنكره،ويقول
لمن يريد وءد ابنته: اتركها ودع نفقاتها علي، انا
ادفعها.

وقد
اعجب الرسول(ص) بهذه الخصال، ولهذا وصفه بان
له دينه
الخاص وانه سيحضر يوم القيامة وحده.

وكان ابنه سعيد قد دخل الاسلام قبل ان يستقر
الرسول(ص)في دار الارقم بن ابي الارقم«179».

وتوحي احدى الروايات بانه كان متاثرا بوالده،
ولهذا سارع الى
الايمان بالدعوة الاسلامية بمجرد انتشار خبرها،
فهو من الذين
كان لهم اهتمامهم الخاص بالدين منذ الجاهلية،
وقبل بعثة
الرسول(ص).

اشهر اعداء الرسول(ص) في مكة:
بعد ان انتهينا من الحديث عن المسلمين الاوائل في
مكة،وسنتحدث عما بقي منهم في الوقت المناسب، نجد
من المناسب جدا ان نعطف الكلام نحو اعداء
الرسول(ص)واشهر
المعاندين له، ونسلط الضوء على طبيعة
حياتهم السياسية
والاجتماعية والاقتصادية، ولو بصورة مختصرة،
فقديساعدنا
ذلك على اكتشاف الاسباب الكامنة وراء
عدائهم ومحاربتهم
للاسلام ونبيه(ص).

ابو جهل:
وقد اطلق عليه هذا اللقب بسبب عدائه المستمر،
والحاحه الشديد بالخصومة لرسول اللّه(ص)، والذي
اطلقه عليه
هوالرسول(ص) نفسه في مقابل كنيته الاصلية (ابي
الحكم)،
وهومن بني مخزوم، الذين كانت لهم في قريش سطوة وقوة
في العصر الذي ظهر فيه الرسول(ص).

وقد وقعت خصومات عديدة في الجاهلية بين بني
مخزوم وبطون قريش الاخرى، كان حكم الكهنة فيها
لصالح
بني مخزوم دوما، ويمكننا ان نستنتج ان بني مخزوم
كانوا
اكثرطوائف قريش ثراء عند ظهور الدعوة الاسلامية او
قبلها
بقليل،وذلك لان اكثر تلك المنازعات كانت تنشا حول
الشرف والمجد والمفاخر العائلية التي كان ميزانها
ومقياسها
بالدرجة الاولى الثروة وكثرة المال، كانت احدى
هذه
المنازعات ماحدث بين رجل من بني مخزوم هو عائذ بن
عبداللّه بن عمربن مخزوم والحارث بن اسد بن عبد
العزى،
حيث روي في المنمق«181» ان عائذ بن عبداللّه بن عمر
بن
مخزوم تنازع مع الحارث بن اسد في ايهما اكثر شرفا
ومجدا،
فجعلابينهما كاهنا كان يقوم بعسفان، وجعلا للنفر
خمسين
من الابل،وجعلا الابل على يد المغيرة بن عبداللّه
بن مخزوم،
ثم شخصوا اليه، فلما كانوا قريبا منه وجد رجل من
بني اسد
بيضة نعام، فقال: «ما رايكم ان نخبى له هذه البيضة؟
فان
اصابها علمناانه مصيب فيكما».

ثم اتوه فقالوا:
«اخبرنا في اي
شي ء جئنا»،فقال: «حلفت برب السماء ومرسل الغماء
فينبعن
بالماء! ان جئتموني الا لطلب السناء»، فقالو:
«صدقت..»
فانتسبنا له،وقالوا: «احكم بيننا اينا اولى بالمجد
والشرف»،
قال: «حلفت باظب عفر، بلماعة قفر، يرون بين سلم
وسدر، ان
سناء المجدثم الفخر لفي عائذ الى آخر الدهر».

وحدثت منافرة اخرى بين بني مخزوم وبني امية، حيث
جاءفي
المنمق: انه قد اجتمع عند الحجر قوم من بني
مخزوم وقوم من
بني امية، فتذاكروا العز والمنعة، فقال رجل من
بني كنانة، كان
حليفا لبني مخزوم: بنو مخزوم اعز وامنع،
فجرى بينهما الكلام
حتى غضب الوليد بن المغيرة المخزومي واسيدبن ابي
العيص
وتفاخرا، فجرى بينهما اللجاج، فقال الوليد: اناخير
منك اما وابا،
واثبت منك في قريش نسبا.

فقال اسيد: اناخير منك
منصبا،
واثبت منك في قريش نسبا، وانت رجل من كنانة من بني
اشجع، دخيل في قريش، نزيع في بني مخزوم،وانا غرة
بني عبد
مناف، وذؤابة قصي، فتعال افاخرك، فتداعياالى
المنافرة،
وكذلك كانت العرب تفعل، وقالا: يحكم بينناسطيح،
فتراضيا
به، وجعلا بينهما خمسين من الابل للمنفرعلى صاحبه،
قال:
فخرجا نحوه، وخرج معهما نفر من قومهما..الى ان
قالوا: احكم
بين الوليد بن المغيرة وبين اسيد بن ابي العيص،
فقال: بالنجود
احلف وبالتهائم، ثم ببيت اللّه ذي الدعائم، وكل من
حج على
شداقم، اني بما جئتم به لعالم، ان ابن مخزوم اخو
المكارم،
فارجع يا اسيد بانف راغم، ثم اقبل عليهما فقال: اما
انت يا وليد،
فمثلك مثل جبل مؤزر، فيه الماءوالشجر، وفيه للناس
معتصر،
ومنعة الحي والوزر، للخير سباق وللشر حذر، واما
انت يا اسيد
فمثلك مثل جبل وعر، فيه للمقتبس جمر، لا ورد ولا
صدر،
الخير عندك نزر، والشرعندك امر، ففلج الوليد وظفر،
وخاب
اسيد وخسر»«180» .

اما المنافرة بين بني قصي وبني مخزوم، فهي كما
رواها
صاحب المنمق«182»، قال: «جعل نفر من قريش
مجلسا،
فقال ابوربيعة بن المغيرة وابنه المغيرة وبنو
المغيرة: ومنا
سويد بن هرمي من بني عامر بن عبيد بن عمر بن مخزوم،
فقال
اسيد بن ابي العيص بن امية: اليك، انما بنو قصي
اشرف، انما
شرف عبداللّه بن عمر لان امه برة بنت قصي، فبها نال
ما نال، ثم
عددرجال قصي، ثم قال: فينا السقاية والحجابة
والندوة
والرفادة واللواء، فتداعوا الى المنافرة، فقال
اسيد: ان نفرتك
اخرجتك من مالك، وان نفرتني اخرجتني من مالي،
فتراضيا
بكاهن من خزاعة، فقال ابن ابي همهمة، وامه تماضر
بنت ابي
عمرو بن عبد مناف: مهلا يا ابا ربيعة! فابى، وخرجوا
وساقوا ابلا
ينحرهاالمنفر، فوجدوا في طريقهم حمامة او يمامة،
فدفعوها
الى اسامة عبد ابي همهمة، فجعلها في ريش ظليم،
فلما
اتواالكاهن قالوا: ما خبانا لك؟ فقال: اما غمامة
تتبعها غمامة،
فبرقت بارض تهامة، فطفا من وبلها كل طلح وتمامة،
لقد
خباتم لي فرخ حمامة، او اختها يمامة، في زف نعامة،
مع
غلامكم اسامة،قالوا: احكم.

فقال: اما ورب الواطدات
الشم،
والجرول السودبهن الصم، وما جرت جارية في يم، ان
اسيدا لهو
الخضم، لاتنكروا الفضل له في العم.

اما ورب السماء
والارض
والماء،وما لاح لنا من حراء، لقد سبق اسيد ابا
ربيعة بغير مراء.

قالوا: اقصي افضل ام مخزوم؟ قال: اما ورب العاديات
الصبح،ما
يعدل الحر بعبد نحنح، بمن احل قومه بالابطح».

فنحراسيد
الجزر ورجع، فاخذ مال ابي ربيعة، وكانت اخت اسيدعند
ابي
جهل، فكلمت اخاها حتى رد على ابي ربيعة ماله.

وكان في بني مخزوم اولاد المغيرة بن عبداللّه بن
عمر
بن مخزوم اكثر ابناء القبيلة قوة ومنعة«183».

وكان ابو
جهل،واسمه هشام بن المغيرة واخوه الحارث بن
المغيرة،
من اقطاب هذه العائلة.

وكانت ام ابي جهل والحارث اسماء بنت مخربة، وقد
اسلم الحارث واسماء فيما بعد، وبقيت اسماء على قيد
الحياة
حتى خلافة عمر بن الخطاب، حيث كانت تبيع الطيب.

وكان كل من ابي جهل والحارث من اسخياء العرب،
حيث نقل
صاحب المحبر«184» قصصا عن جودهما،
ففي روايته عن ابي
ذر رحمه اللّه، قال: «قدمت مكة معتمرا، فقلت:اما من
مضيف؟
قالوا: بلى، كثيرا واقربهم منزلا الحارث بن هشام.

قال: فاتيت
بابه، فقلت: اما من قرى؟«185» فقالت لي الجارية: بلى،
فاخرجت الي زبيبا في يدها.

فقلت: ولم لم تجعليه في
طبق؟
فعلمت اني ضيف.

فقالت: ادخل، فدخلت فاذا انا
بالحارث على
كرسي، وبين يديه جفان فيها خبز ولحم،وانطاع عليها
زبيب.

فقال: اصب، فاكلت.

ثم قال: هذا لك.

فاقمت ثلاثا، ثم
رجعت
الى المدينة، فاخبرت النبي(ص)خبره.

فقال: انه لسري
ابن
سري، وددت انه اسلم!».

واخبر الكلبي في اسناده عن رجلين من بني سليم
اخوين،قالا:
«دخلنا مكة معتمرين في سنة، فما وجدنا فيها شراء
ولاقرى،
فبينا نحن كذلك اذ راينا قوما يمضون، فقلنا: اين
يريدهؤلاء
القوم؟، فقيل لنا: يريدون الطعام، فمضينا في
حملتهم حتى
اتينا دارا، فولجناها، فاذا رجل آدم احول على
سرير،وعليه حلة
سوداء، واذا جفان مملوءة خبزا ولحما،
فقعدنافاكلنا، فشبعت
قبل اخي، فقلت له: كم تاكل، اما شبعت؟ فقال الجالس
على
السرير: كل، فانما جعل الطعام ليؤكل.

فلما
فرغناخرجنا من
باب آخر للدار غير الذي دخلنا منه، فاذا نحن
بابل موقوفة.

فقلنا: ما هذه الابل؟ قيل: للطعام الذي رايتم.

فسالنا عن الرجل
صاحب الطعام، فاذا هو ابو جهل بن هشام».

ونظرا للموقع الذي كان يشغله ابو جهل والمنزلة التي
كان يحتلها في قومه، وبسبب المقام الذي كان عليه
بنو مخزوم
في مكة، فقد تسنم ابو جهل مقاما هو اعلى مقام في
قريش،
فضلاعن انه اكثر ابناء قومه قوة ايام الجاهلية،
ولهذا كانت
بعثة النبي(ص) ودعوته الناس الى الاسلام، قد
ازعجته
واثارت غيظه وغضبه خشية على مقامه وقوته، وان يذهب
ريح
بني مخزوم وعزهم، وينهار الوضع الاجتماعي
والسياسي
الذي بنوه، لهذا كله وقف ابو جهل بكل ما اوتي من
قوة
بوجه النبي(ص) وسعى جهده لمحاربة الرسول(ص)
وباقي المسلمين ومواجهتهم، لقد حشد ابو جهل
لمعركة بدر
كل قواه، رغم نجاة القافلة التجارية، وعدم حماس
قريش
لمحاربة رسول اللّه(ص)، حتى ذهب ضحية عناده
ولجاجته
وخصومته للاسلام.

وتكشف القصة المروية في سيرة ابن اسحاق وسيرة
ابن هشام«186»، عن طبيعة معارضة ابي جهل،
فقد
كانت ذات طابع سياسي غالبا، ففي جوابه للاخنس بن
شريف الثقفي، قال: «تنازعنا نحن وبنو عبد مناف
الشرف،
اطعموافاطعمنا، وحملوا فحملنا، واعطوا فاعطينا،
حتى اذا
تجاذبناعلى الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي
ياتيه
الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه، واللّه لا
نؤمن به ابدا
ولانصدقه».

لقد اخذ ابو جهل المسلمين المستضعفين، الذين لا
ناصر
لهم ولا ملجا، بالشدة والقسوة، فقد قتل سمية ام
عمار بيده،
وكان اذا سمع بالرجل قد اسلم وله شرف ومنعه انبه
واخزاه،
وقال:«تركت دين ابيك وهو خير منك، لنسفهن حلمك،
ولنفيلن رايك، ولنضعن شرفك»، وان كان تاجرا قال:
«واللّه
لنكسدن تجارتك، ولنهلكن مالك»«187».

الوليد بن المغيرة:
هو الوليد بن المغيرة بن عبداللّه بن عمر المخزومي،
من
اثرياءبني مخزوم الكبار، وكان له من الثروة
والمقام ما يعدل
ثروة قريش ومكانتها مجتمعة، حتى اشتهر ب (العدل).

فكان يتناوب مع قريش على اكساء الكعبة، فمرة
تكسوها
هي مجتمعة، واخرى يكسوها هو وحده«188».

وقد اشارت الايات (11 15) من سورة المدثر اليه،
بقولها:(ذرني
ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا
وبنين شهودا
ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد) يقول المفسرون
في
معنى قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا) اي دعني ومن
خلقته وحيدا في رحم امه، ليس له مال ولا بنون.

لكن «189»مثل
هذا التفسير ليس من خصائص الوليد
بن المغيرة، فكل الناس يولدون كذلك، لذا فنحن
نعتقد ان
كلمة(وحيدا) اشارة الى المعنى الذي ذكر سابقا من انه
كان
يعدل قريشا باكملها، فهو وحيد متفرد من حيث المال
والجاه،
يقول جل شانه: (وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا
ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد).

وكان الوليد بن المغيرة، هو الذي اتهم الرسول(ص)
بالسحر،وهو الذي جمع قريش في دار الندوة قبيل موسم
الحج للتداول في امر رسول اللّه(ص)، وقال لهم: «يا
معشر
قريش،انه قد حضر هذا الموسم، وان وفود العرب ستقدم
عليكم
فيه،وقد سمعوا بامر صاحبكم هذا، فاجمعوا فيه رايا
واحدا،
ولاتختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه
بعضا».

فقالوا: «فانت يا ابا عبد شمس، فقل واقم لنا رايا
نقول به».

قال:«بل انتم، قولوا اسمع».

قالوا: «نقول كاهن».

قال:
«لا
واللّه ما هوبكاهن، لقد راينا الكهان، فما هو
بمزمزة الكاهن،
ولاسجعه».

قالوا: «فنقول مجنون».

قال: «ما هو بمجنون، لقد
راينا
الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا
وسوسته».

قالوا: «فنقول شاعر».

قال: «ما هو بشاعر، لقد عرفنا
الشعر
كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو
بالشعر».

قالوا: «فنقول ساحر».

قال: «ما هو بساحر، لقد راينا
السحاروسحرهم، فما هو بنفثهم ولا عقدهم».

قالوا: «فما تقول انت يا ابا عبد شمس؟» قال: «واللّه
ان
لقوله لحلاوة، وان اصله لغدق، وان فرعه لجنا، وما
انتم بقائلين
من هذا شيئا الا عرف انه باطل، وان اقرب القول فيه
لان
تقولواساحر، جاء بقول هو سحر، يفرق بين المرء
واخيه،
وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته».

فتفرقوا
عنه
بذلك،فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم
لا يمر
بهم احد الا حذروه اياه، وذكروا له امره، فانزل
اللّه تعالى في
الوليدبن المغيرة: (ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له
مالاممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم
يطمع
ان ازيد، كلا انه كان لاياتنا عنيدا سارهقه
صعودا انه
فكروقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم
عبس وبسر ثم ادبر واستكبر فقال ان هذا الا سحر
يؤثر ان
هذاالا قول البشر) «المدثر: 11 25».

لقد بنى الوليد بن المغيرة عداوته لرسول اللّه(ص)
على اساس
سياسي، فكان يرفض ان يخضع مع قبيلته لسلطة رجل من
بني
هاشم، وهو قد عد من الزنادقة المانويين، ويمكن
ان يكون هذا
من العوامل التي دفعته لاتخاذ موقف معاد من رسول
اللّه(ص)
ورسالته«190».

قال الوليد لابي اميمة سعيد بن العاص بن امية، وكان
نديمه:«لولا انزل هذا القرآن الذي اتى به محمد على
رجل
عظيم من مكة او الطائف، مثل: امية بن خلف الجمحي»،
فقال
له نديمه وقد فهم قصده: «او على رجل مثلك، او على
رجل
من زعماءثقيف، امثال: مسعود بن عمرو، وكنانة بن عبد
ياليل،
او مسعودبن معتب، وابنه عروة»، فنزلت الايتان (31 و32)
من
سورة الزخرف: (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل
من
القريتين عظيم اهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا
بينهم
معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض
درجات
ليتخذبعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما
يجمعون)ويقصد بالقريتين مكة والطائف، كما ان
المقصود
بالرجل العظيم، الذي من مكة، الوليد بن المغيرة،
والاخر من
زعماءالطائف، وقد اختلف المفسرون في تعيين الرجل
العظيم الذي من مكة«191»، والظاهر ان المراد هو،
الوليد
بن المغيرة، بدليل الايتين (29، 30) من السورة عينها:
(بل
متعت هؤلاء وآباءهم حتى ج آءهم الحق ورسول مبين
ولما
ج آءهم الحق قالوا هذا سحر وانا به كافرون).

وقد
اشرنا سابقا الى
ان الوليد بن المغيرة وبني مخزوم الاثرياء هم
الذين اشاعوا
ان القرآن سحر ساحر، بعد جولة من التداول والتفكير
في
امرالرسول(ص).

ثم ان الوليد بن المغيرة كان احد اشراف قريش
الذين اجتمعوا
ليكلموا الرسول(ص)، ومنهم الاسود بن مطلب الاسدي،
والعاص بن وائل السهمي، وامية بن خلف الجمحي، حيث
قالوا
له(ص): «نحن نعبد ما تعبد، وانت تعبدما نعبد، فان كان
الذي
تعبد حقا كنا قد انتفعنا، وان كان الذي نعبد حقا
كنت قد
انتفعت»، فنزلت سورة (قل يا ايها الكافرون)جوابا
على ذلك
الاقتراح.

كان الوليد بن المغيرة من الذين استهزاوا برسول
اللّه(ص)والمسلمين، وقد هلك بعد هجرة المسلمين الى
المدينة بثلاثة اشهر عن عمر يناهز الخامسة
والتسعين.

ابو احيحة سعيد بن العاص بن امية:
كان بنو امية من البطون ذات النفوذ والثراء الواسع
في
قريش،وقد انتقلت اليهم رئاسة بني قصي بعد وفاة ابي
طالب،فوصلت الى حرب بن امية، بعبارة اخرى انتقلت
زعامة
بني عبد مناف الى بني امية، وبعد هلاك حرب بن امية
انتخبت
كل عائلة من عوائل بني مناف زعيما لها، الى ان وصلت
زعامة
بني امية الى ابي احيحة سعيد بن العاص صاحب الثروة
العظيمة،وقد نال من احترام اهل مكة وتعظيمهم له ان
حرموا
على انفسهم مشابهته في العمامة، اذ لا يجرؤ احدهم
على ان
يلبس عمامة تشبه في لونها عمامة ابي احيحة، فسموه
ذا
العمامة، وذاالتاج«192».

لم يظهر سعيد بن العاص معارضة صريحة للاسلام
في البداية،
وكان يقول: «دعوا محمدا ولا تعرضوا له، فان كان
مايقول حقا،
كان فينا دون غيرنا من قريش، وان كان كاذبا
قامت قريش به
دونكم»، فكان النبي(ص) يمر به، فيقول: «انه
ليكلم من
السماء».

حتى اتاه النضر بن الحارث العبدري، فقال
له:«انه
بلغني انك تحسن القول في محمد! وكيف ذلك وهويسب
الالهة، ويزعم ان آباءنا في النار، ويتوعد من لم
يتبعه بالعذاب؟
فاظهر ابو احيحة عداوة لرسول اللّه(ص) وذمه وعيب ما
جاء به،
وجعل يقول: «ما سمعنا بمثل ما جاء به، لافي يهودية
ولا
نصرانية»«193».

ويتضح مما سبق ان سعيد بن العاص لم يكن مدفوعا
بدوافع سياسية في خصومته مع رسول اللّه(ص)، اذ لم
يظهر
عداؤه له(ص) في بداية الامر، غير انه بدا يتطرف
وينحى منحى
اشدفي خصومته مع النبي(ص) حينما علم انه يعيب آلهتهم
وينعت آباءهم بالكفر ويقول: انهم في النار.

وقد
اشرت فيما سبق
الى ان التفاخر بالاباء والاجداد كان سنة من سنن
العرب،
ومرتكزامن المرتكزات الاساسية التي تقوم عليها
القبيلة
وتحفظ لهاوجودها وشخصيتها في النظام القبلي
العربي، ولعل
قوله تعالى: (فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم)
«البقرة: 200» يفسر
هذاالمفهوم، فلقد كان هناك نوع من العبادة للاباء
والاجداد
بين العرب، لهذا استفزوا كثيرا حينما عابهم
الرسول(ص).

وقد اسلم ابن سعيد بن العاص وهو خالد بن سعيد بن
العاص على اثر رؤيا رآها في المنام، وكان اسلامه
في بداية
الدعوة الاسلامية، لهذا عد من اوائل المسلمين،
وقد غضب
سعيدلاسلام ولده كثيرا، فنهاه ثم عنفه وعذبه،
وحينما يئس
منه طرده وابعده عنه.

لم يعد موقف سعيد بن العاص كما كان في السابق، فقد
اتخذعداؤه للاسلام طابعا سياسيا بعد اسلام ولده،
ولم يعد
مقتصراعلى الدوافع الدينية، حتى انه قال حين خرج
ابنه الى
الحبشة في الهجرة الثانية: «لاعتزلن في مالي، لا
اسمع شتم
آبائي، ولاعيب آلهتي، فهو احب الي من المقام مع
هؤلاء
الصباه».

فاعتزل في ماله بالظريبة نحو الطائف«194».

الحكم بن ابي العاص بن امية وعقبة بن ابي معيط: name="link109">
كان هذان الرجلان وهما من بني امية، من اشد
اعداءالرسول(ص)، وكان الحكم بن ابي العاص ابو
مروان،
وجدالفرع المرواني من خلفاء بني امية مؤذيا لرسول
اللّه(ص)يشتمه ويسمعه، وكان رسول اللّه(ص) يمشي ذات
يوم،
وهوخلفه يخلج بانفه وفمه، وبقي على ذلك.

وقد اظهر
الاسلام يوم فتح مكة، وكان مغموصا عليه في دينه،
فاطلع يوما
على رسول اللّه(ص) وهو في بعض حجر نسائه، فخرج اليه
بعنزة،وقال: «من عذيري من هذه الوزغة؟ لو ادركته
لفقات
عينيه»ولعنه وما ولد، وغربه من المدينة، فلم يزل
خارجا منها
الى ان استخلف عثمان بن عفان فرده وولده«195».

وكان عقبة بن ابي المعيط بن ابي عمرو بن امية من اشد
اعداءالرسول(ص)، وكان يضع العذرة في زنبيل ثم
يرميها على
باب الرسول(ص)، وقد اسر يوم بدر، وكان الذي اسره
عبداللّه
بن سلمة العجلاني، من بلى، وعداده من الانصار، جمح
به
فرسه فاخذه، فامر رسول اللّه(ص) عاصم بن ثابت بن
ابي
الاقلح الاوسي من الانصار بضرب عنقه، فجعل عقبة
يقول: «يا
ويلتى،علام اقتل يا معشر قريش؟ اقتل من بين هؤلاء؟»
وكان الاسرى يطلق سراحهم بفدية يدفعونها، فقال
رسول
اللّه(ص):«نعم، انه وط ي ء على عنقي وانا ساجد فما
رفع حتى
ظننت ان عيني قد سقطتا، وجاء يوما وانا ساجد بسلى
شاة
فالقاه على راسي».

فقال عقبة: «من للصبية»؟ فقال
رسول
اللّه(ص):«النار»«196».

كان السبب وراء عداء عقبة بن ابي المعيط لرسول
اللّه(ص)عاطفيا ناشئا عن الجهل وعدم المعرفة، وربما
كانت
هناك بعض الاسباب الدينية، لان عقبة بن ابي المعيط
كان
زنديقا من(المانويين) كما قيل«197».

كان لعقبة علاقة صداقة حميمة مع ابي بن خلف بن
وهب الجمحي المعروف بعدائه الشديد للرسول(ص)، وكان
ابي بن خلف الجمحي قد هدد عقبة بقطع العلاقة معه
اذا
ماجالس النبي(ص) بعدما سمع انه كان قد ذهب اليه
واستمع الى حديثه، بل كان ابي بن خلف الجمحي يحرض
صديقه على ان يتعرض لرسول اللّه(ص) بالاساءة
والاهانة، وقد
فعل عقبة بن ابي المعيط ذلك حرصا منه على تلك
العلاقة.

وهكذا كانت خصومة هذا الرجل مع الرسول خصومة
عاطفية،ولم يكن عقبة يتمتع بمنزلة مرموقة في مكة،
ومثله
الحكم بن ابي العاص، فكانا يفتقدان الى المبررات
العقلانية
لمعاداة الرسول(ص)، وهي الخوف على الموقع السياسي
اوالاجتماعي وخشية ذهاب الشرف والمنزلة الرفيعة
بانتشارالاسلام، كما انهما لم يكونا يعانيان من
الحسد الذي كان
يسوق اشراف مكة الى اتخاذ موقف معاد للنبي(ص) لظهور
امره والتفاف المسلمين حوله(ص)، وقد اشار القرآن
الكريم
الى هذا النوع من العداوة، بل الى عداوة عقبة بن
ابي
المعيط بالذات طبقا لراي اكثر المفسرين حيث يقول
تعالى:
(ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع
الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا
خليلا) «الفرقان:
27 28».

ثم يقول تعالى: (لقد اضلني عن الذكر بعد اذ
جاءني
وكان الشيطان للانسان خذولا) «الفرقان: 29».

وفيما اذا صح الراي القائل ان الايات السابقة نازلة
بحق
عقبة وابي بن خلف، فسيكون ذلك دليلا على صحة ما ورد
في الروايات من ان عقبة كان يسير خلف الرسول(ص)
ويستمع الى القرآن الكريم، غير ان ابي كان يقطع
عليه طريق
الهداية.

وقد كشفت معاملة الرسول(ص) للحكم بن ابي
العاص،وكذلك
معاملته لعقبة بن ابي المعيط عن مدى تالم
قلب الرسول(ص)
من عداء هؤلاء له وسلوكهم الشاذ معه(ص)،والا لشملهم
عفوه
ورحمته التي شملت غيرهم من اعدائه، كماعودنا
دائما«198».

وينتسب كل من عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة الى فرع
آخرمن فروع بني عبد شمس، وكانا من المعاندين
لرسول اللّه(ص)، وقد تعاونا مع المعادين له(ص) غير
انهم لم
يتعرضوالشخصه ولم يلحقوا به اذى بشكل مباشر.

النضر بن الحارث:
وهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة العبدري، من
بني عبد الدار، من قبيلة قريش، وكان من خصوم
الرسول(ص)الاشداء، ويمتاز عن غيره ببعض الخصائص،
فقد
كان زنديقامانويا، تعلم الزندقة من النصارى في
الحيرة، وكان
المانويون قد انتهوا في المناطق الخاضعة لسلطة
الساسانيين
بصورة مباشرة، والتي يشرف عليها الدهاقنة
الزرادشتيون، ومن
بقي منهم بقي متخفيا.

ورغم ان الحيرة كانت تابعة من الناحية السياسية
للاباطرة الساسانيين وللدولة الفارسية، غير ان
ملوك الحيرة او
الملوك المناذرة كانوا يتمتعون بنوع من الاستقلال
الذي وفر
مناخامناسبا لنمو المانوية وقيامها بنشاطاتها
بصورة علنية
ودون قيد اوخوف، وهكذا كان الوضع بالنسبة الى
النصرانية
واليهودية وباقي الاديان.

وقد كان من نتائج تجارة قريش مع العراق احتكاك
القرشيين،ومنهم النضر بن الحارث، باهل الحيرة
وتردده
عليهم بصورة مستمرة، وقد استطاع المانويون بما
لديهم من
مبلغين ودعاة بارعين ان يستميلوا بعض تجار قريش
لمعتقداتهم المانوية.

ومن الجدير بالاشارة ان اكثر
المعادين
للرسول اللّه(ص) كانواممن ينسبون الى الزندقة«199».

رغم
انهم يحتجون في عدائهم للرسل بتسفيهه لابائهم
واهانته
لاصنام قريش.

ولم يكن الامر كذلك مع النضر بن الحارث العبدري،
فكان هذا
قد نظر في كتب الفرس، وخالط النصارى واليهود، وكان
له مع
رسول اللّه(ص) مناظرات ومجادلات كلامية ودينية
حتى قيل:
ان قوله تعالى: (ومن الناس من يجادل في اللّه بغير
علم ويتبع
كل شيطان مريد كتب عليه انه من تولاه فانه
يضله ويهديه الى
عذاب السعير) «الحج: 3 4» قد نزلت فيه، وقدوردت في هذه
الايات اشارات الى هذا الشخص.

احداهما: انه كان مجادلا ومن اهل البحث والجدال في
الدين والمسائل الكلامية والالهيات.

والثانية: كونه من اتباع الشياطين فهو (يتبع كل
شيطان
مريد)،وتؤيد هذه الاشارة ما ذكر من انه كان مانويا
ويرتبط في
الوقت ذاته بعلاقات عشرة مع اليهود والنصارى، ثم
انه كان له
اتباع وموالون (كتب عليه انه من تولاه فانه يضله)
وهذه
الاشارة تؤيد الروايات القائلة بانه كان يخطب بعد
الرسول(ص)
ثم يسال الناس: «اينا احسن حديثا»؟«200».

قال ابن اسحاق: «كان النضر بن الحارث من شياطين
قريش،وممن كان يؤذي رسول اللّه(ص) وينصب له
العداوة،
وكان قدقدم الحيرة وتعلم بها احاديث ملوك الفرس
واحاديث
رستم واسفنديار، فكان اذا جلس رسول اللّه(ص) مجلسا
فذكر
فيه باللّه، وحذر قومه ما اصاب قبلهم من الامم من
نقمة اللّه،
خلفه في مجلسه اذا قام، ثم قال: انا واللّه يا معشر
قريش
احسن حديثا منه، فهلموا الي فانا احدثكم احسن من
حديثه،
ثم يحدثهم عن ملوك الفرس ورستم واسفنديار، ثم
يقول:
«بماذامحمد احسن حديثا مني».

وبهذه المناسبة نزلت
الايتان (5 6)من سورة الفرقان: (وقالوا اساطير
الاولين اكتتبها
فهي تملى عليه بكرة واصيلا قل انزله الذي يعلم
السر في
السموات والارض انه كان غفورا رحيما) وفي هاتين
الايتين
امور ينبغي التوقف عندها قليلا.

في الاولى: ادعاء النضر بن الحارث ان ما يقوله
الرسول(ص)حول الاقوام الغابرة انما هو اساطير
الاولين تكتب
له بكرة واصيلا اي عندما يكون الناس في بيوتهم لان
الرسول(ص)كان اميا، فهو يدعي بانها تقرا عليه في
الاوقات
التي لا يراه فيهااحد.

وتشير الايات السابقة الى ان النضر بن الحارث كان
يقص
على الناس اخبار رستم واسفنديار وقصصا اخرى، ربما
اخذها
عن الكتب، ويعتقد انه كان يظن ان الرسول(ص) هو
الاخر
اخذهامن الكتب لذا اتهم الرسول(ص) بذلك، وقد ذكر
النضر
بن الحارث بعض الاشخاص الذين زعم انهم كانوا
يعلمون الرسول(ص) ويقصون عليه تلك الاخبار، ومن
هؤلاء
جبر(وهو غلام اسود بن المطلب) وقيل: غيره، ويعتقد ان
جبرا
هذااو غيره، كان غلاما يونانيا له معرفة بالكتب،
وقد نزلت
الاية(103) من سورة النحل لتجيب على هذا الاتهام:
(ولقد
نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون
اليه
اعجمي وهذا لسان عربي مبين).

وفي سيرة ابن هشام انه غلام نصراني، يقال له جبر عبد
لبني الحضرمي«201».

وفي تفسير الطبري، عن عبداللّه بن مسلم الحضرمي،
انه
كان لهم عبدان من اهل عير اليمن، وكانا طفلين،
وكان
يقال لاحدهما يسار، والاخر جبر، فكانا يقرآن
التوراة، وكان
رسول اللّه(ص) ربما يجلس اليهما، فقال كفار قريش:
«انما
يجلس اليهما يتعلم منهما»«202».

دابت الايات المكية التي نزلت في اول الدعوة
الاسلامية
على تحذير قريش من عذاب جهنم وكانت تتوعدهم باشد
العذاب في يوم الحساب، وكان النضر بن الحارث من
اولئك
الذين ينكرون هذا اليوم ويتهكمون قائلين: اين اذن
هذا العذاب
الذي تعدون به؟ ومتى سيحل ذلك اليوم الذي تحذروننا
منه؟!وجاءت الاية(187) من سورة الاعراف اجابة هؤلاء
الغافلين:(يسالونك عن الساعة ايان مرساها) او الاية
(سال سائل
بعذاب واقع) «المعارج: 1».

وكذلك يقال: ان الايتين(42 و43) من سورة فاطر نزلت
حول الموضوع نفسه: (واقسموا باللّه جهد ايمانهم
لئن جاءهم
نذيرليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما
زادهم
الانفورا استكبارا في الارض).

اذا كان النضر بن الحارث طبقا للاية الشريفة يعد
اهل مكة انهم
سيصبحون اءهدى الامم ان جاءهم نذير، ويبدو
ان حديثه هذا
كان جزءا من دعوته الى المانوية، فهو يسعى
الى تهيئة قومه
لاستقبال مبعوث مانوي ياتي من الحيرة.

وقد تلا الرسول(ص) الايتين (98 و99) من سورة الانبياء
على النضر بن الحارث واتباعه في ختام جولة من
النقاش
والجدال حول الدين جرت بين الرسول والنضر بن
الحارث،
الذي هزم فيها وخرج خاسرا، وقد جاء فيهما: (انكم
وما تعبدون
من دون اللّه حصب جهنم انتم لها واردون لو كان
هؤلاء آلهة
ماوردوها وكل فيها خالدون).

وينبغي التوقف هنا عند نقاط دقيقة.

فما هو نوع
النقاش
الذي هزم فيه النضر بن الحارث؟ ولماذا لم يات
اصحاب
السيرة على ذكره؟ وما هي العلاقة بين هاتين
الايتين والحوار
الذي داربين رسول اللّه(ص) والنضر بن الحارث؟
اعتقد ان الحوار بين الرسول(ص) والنضر بن الحارث
كان يدور
حول العقائد المانوية، فالظلمة والنور كما نعلم
هما اصلاالخلقة
في نظر المانوي، ويرى المانوي ان الصراع قائم
ابدابين الظلمة
والنور في نظام الخلق، اذ تحيط الظلمة
المملوءة بالشياطين
والاغوال بالنور الذي يسعى دائما للتخلص منها
وممافيها من
شياطين الظلام، فاللّه يقول لهم: (لو كان هؤلاء آلهة
ماوردوها)،
ثم لو كانت الظلمة هي الخالقة وكان اعوانها
اعوان الالهة لما
كان (وكل فيها خالدون) «الانبياء: 99».

اذن انتم هؤلاء وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم
وليس اللّه
الذي هو خالق الظلمة والنور.

وبهذا البيان الواضح غلب النضر بن الحارث وافحم، ثم
قام رسول اللّه(ص) واقبل عبداللّه بن الزبعرى حتى
جلس،
فقال الوليد بن المغيرة وهو من الزنادقة
(المانويين) كما قيل
لعبداللّهبن الزبعرى: «واللّه ما قام النضر بن
الحارث لابن عبد
المطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد اننا وما نعبد
من آلهتنا
هذه حصب جهنم».

فقال عبداللّه بن الزبعرى: «اما
واللّه لو
وجدته لخصمته، سلوا محمدا اكل ما يعبد من دون
اللّه في
جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود
تعبد
عزيرا،والنصارى تعبد عيسى بن مريم»، فعجب الوليد
ومن
كان معه في المجلس من قول عبداللّه بن الزبعرى،
وراوا انه قد
احتج وخاصم، فذكر لرسول اللّه(ص) ما كان من قول ابن
الزبعرى،فقال رسول اللّه: «ان كل من احب ان يعبد من
دون
اللّه فهو مع من عبده، انهم انما يعبدون الشياطين
ومن امرتهم
بعبادته»،فانزل اللّه تعالى عليه في ذلك: (ان الذين
سبقت لهم
مناالحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها
وهم
في ما اشتهت انفسهم خالدون) «الانبياء: 101 102» اي
عيسى ابن مريم، وعزير، ومن عبدوا من الاحبار
والرهبان،
الذين مضوا على طاعة اللّه فاتخذهم من يعبدهم من
اهل
الضلالة اربابا من دون اللّه«203».

كان النضر بن الحارث ياتي من الحيرة التي كان يقيم
فيها،
كمااشرنا سابقا ببعض الهدايا، واهمها آلة موسيقية
كان
يعزف عليها الانغام في مكة، وقد عرف المانويون
بتعلقهم
الشديدبالموسيقى، فكان النضر بن الحارث يعلم اهل
مكة
طريقة عزف الانغام التي كان قد تعلمها في الحيرة.

ولم يكن
اهل مكة يعرفون قبل ذلك سوى (النصب)، وهو نوع من
الاغاني
يشبه الحداء الذي يغنى للابل اثناء سيرها«204».

وكان للنضر بن الحارث جاريتان مغنيتان نزلت في
شانهماآيتان من سورة لقمان: (ومن الناس من يشتري لهو
الحديث ليضل عن سبيل اللّه بغير علم ويتخذها هزوا
اولئك
لهم عذاب مهين واذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا
كان لم
يسمعها كان في اذنيه وقرا فبشره بعذاب اليم)
«لقمان: 6 7».

وكان من بين مناظرات النضر بن الحارث
مجادلته الرسول(ص) في امر احياء العظام وهي رميم،
وقد انزل
جواباعلى ذلك الايات (78 80) من سورة يس: (وضرب لنا
مثلاونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل
يحييها
الذي انشاها اول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل
لكم
من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون).

وقيل:
ان ابي
بن خلف هو الذي جلب البالية الى الرسول(ص)، غير ان
طريقة الاستدلال المذكورة في الاية اكثر انسجاما
مع منهج
النضر بن الحارث في الجدال.

وبسبب هذه المجادلات والتكذيب الدائم لرسول
اللّه(ص)قيل
ان النضر بن الحارث كان من اشد خصوم الرسول(ص)،فقد
آذى سلوكه هذا الرسول(ص) كثيرا، لهذا امر(ص)
بقتله حين
اسر في معركة بدر على يد المقداد.

فقال المقداد
الذي كان
ينتظر شيئا مقابل ذلك: «يا رسول اللّه، انه اسيري،
اي هل من
عوض مقابل قتله، فقال الرسول(ص): «اللهم اغن
المقدادمن
فضلك»«205».

العاص بن وائل ومنبه بن الحجاج ونبيه بن
الحجاج السهمي:
ينتمي هؤلاء الثلاثة الى بني سهم من قبيلة قريش،
وكانوا
من المستهزئين والمحاربين لرسول اللّه(ص)، وقد
وردت اسماؤهم في قائمة الزنادقة المانويين«206».

وكان كل
من منبه ونبيه من المستخفين برسول اللّه(ص)
والمستصغرين شانه، وكانا يزعمان ان وراء الرسول
شخصا آخر
يعلمه،ويكررون القول: (معلم مجنون).

وكان العاص بن
وائل
ابوعمرو بن العاص المعروف من المستهزئين
بالرسول(ص)ويقول: (انه ابتر)، اي ليس له اولاد ذكور
وسينقطع اثره بعدموته، وانزلت سورة الكوثر جوابا
على هذا
الزعم: (انا اعطيناك الكوثر فصلي لربك وانحر ان
شانئك هو
الابتر).

وفسرالكوثر بانه الماء الذي في الجنة،
وقيل: انه نسل
فاطمة(ع)وابناؤها الذين ملاوا الدنيا، ويمكن ان يصح
كلا
القولين.

غيرانه ما يمكن ان يكون جوابا قاطعا للعاص
بن وائل،
الذي كان يتباهى بابنائه، انما هو الدين الاسلامي
والرسالة التي
عبر عنهابالكوثر، اي ان هذه الرسالة انما هي اكبر
واكثر بركة
من كل ماتتفاخرون به من مقام وثروة واولاد.

وسيملا
ذكرها
اسماع الشرق والغرب في الوقت الذي لا يذكر فيه
اعداء الاسلام
الابالسوء.

امية بن خلف الجمحي:
وينتسب امية الى بني جمح من قبيلة قريش، وكان من
اثرياءمكة، ولم يدخر جهدا في محاربة الرسول(ص) سرا
وعلانية،حتى انزلت هذه السورة الشريفة بشانه: (ويل
لكل
همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب ان ماله
اخلده)«الهمزة: 1 3» والتي تؤكد على انه كان كما
اشرنا من
اثرياءقريش، وقد ورد اسم اخيه ابي بن خلف في قائمة
اسماءمانويي قريش«207».

كان ابي صديقا لعقبة بن ابي معيط، وقد مرت الاشارة
الى قضيتهما مع الرسول(ص)، وقال البعض: ان الذي
احتج
على النبي بالعظام البالية وقال (من يحيي العظام
وهي رميم)
انما هوابي.

وقد قتل امية في يوم بدر، بينما قتل ابي في احد على
يدرسول
اللّه(ص) «208».

ابو عزة عمرو بن عبداللّه الجمحي:
لم يرد اسم ابي عزة مع اسماء الذين آذوا الرسول(ص)،
لكنه ورد
في قائمة اسماء مانويي قريش«209»، ورغم انه لم يذكر
فيمن
آذوا الرسول(ص)، الا انه كان من اعداء الاسلام،وقد
وقع اسيرا
بيد المسلمين في معركة بدر، وكان فقيرا ذا
فاقة وعيال فمن
عليه رسول اللّه(ص) بعد ان قال: «اني فقير ذو
عيال وحاجة قد
عرفتها، فامنن علي صلى اللّه عليك وسلم».

فمن عليه
رسول
اللّه(ص»).

وحينما تهيات قريش لحرب رسول اللّه(ص) في احد،
قال صفوان بن امية لعمرو بن عبداللّه: «يا ابا عزة،
انك امرؤ
شاعر،فاعنا بلسانك فاخرج معنا».

فقال: «ان محمدا قد
من
علي، فلااريد ان اظاهر عليه»، قال: «بلى، فاعنا
بنفسك، فلك
اللّه علي ان رجعت ان اغنيك، وان اصبت ان اجعل
بناتك مع
بناتي يصيبهن ما اصابهن من عسر ويسر».

فخرج ابو عزة
في
تهامة،وقد حرض الناس وحثهم على قتال المسلمين، ثم
وقع
اسيرامرة اخرى في احد، وطلب العفو ايضا كما في
المرة
السابقة،فقال رسول اللّه(ص): «واللّه لا تمسح
عارضيك بمكة
بعدهاوتقول: خدعت محمدا مرتين، اضرب عنقه يا عاصم
بن
ثابت»فضرب عنقه وقال(ص): «ان المؤمن لا يلدغ من
جحرمرتين»«210».

ابو سفيان:


/ 13