دراسة تحلیلیة فی السیرة النبویة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسة تحلیلیة فی السیرة النبویة - نسخه متنی

عباس زریاب الخوئی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ساعود الى قصة النوم
هذه،اما ما اريد بيانه هنا فهو الشي ء
الذي ورد في الرواية التالية، والذي يمكن ان يكون
تفسيرا
لقوله:«قد عرض لي»، ذلك هو قوله(ص) الذي جاء في سيرة
ابن اسحاق (نسخه القرويين ص 121)«132»: «ولم يكن
في خلق اللّه عز وجل احد ابغض الي من شاعر او
مجنون، كنت لا
اطيق ان انظر اليهما فقلت: ان الابعد يعني نفسه
لشاعر
اومجنون.

ثم قلت: لا تحدث قريش عني بهذا ابدا.

لاعمدن
الى حالق من الجبل فلاطرحن نفسي منه فلاقتلنها
فلاستريحن»...الى ان يقول: «وانصرفت راجعا الى اهلي
حتى
اتيت خديجة،فجلست اليها، فقالت: يا ابا القاسم، اين
كنت؟
فواللّه لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة
ورجعوا، فقلت
لها: ان الابعدلشاعر او مجنون.

فقالت: اعيذك باللّه
يا ابا القاسم
من ذلك، ماكان اللّه عز وجل ليفعل بك ذلك مع ما اعلم
من
صدق حديثك وعظم امانتك وحسن خلقك وصلة رحمك».

كان حديث خديجة مع النبي(ص) وجوابها على عبارة:
«مااراني الا قد عرض لي» التي وردت في رواية
عبداللّه
بن شداد هو جوابها نفسه على ما ورد في رواية وهب بن
كيسان
اوعبد الملك بن عبداللّه: «الابعد شاعر او مجنون».

فمن
الواضح ان هذا الامر الذي ازعجه وعرض له انما هو ما
كان يفكر
به الرسول(ص) من (انه شاعر او مجنون)«133»
وهو
الذي جعله يقول: «لاعمدن الى حالق من الجبل
فلاطرحن
نفسي منه».

ان ما ورد في رواية ابن شهاب الزهري، عن عروة بن
الزبير،عن
عائشة، والتي وردت في تاريخ الطبري، ونقلناها
نحن،تؤيد هذه
النقطة التي اشرنا اليها، لقد جاء في ذيل
الرواية المذكورة
قوله(ص): «ثم كان اول ما نزل علي من القرآن بعد(اقرا)،

والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك بمجنونوان لك
لاجرا غير ممنون وانك لعلى خلق عظيم
فستبصرويبصرون) «القلم: 1 5».

وتتلو هذه الايات من
السورة
نفسهاالايات: (باييكم المفتون ان ربك هو اعلم بمن
ضل
عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين) «القلم: 6 7» التي لم
تذكرهاالرواية، واعتقد انها نزلت في المناسبة
نفسها.

اما ما تبقى من آيات في هذه السورة، فتكشف مضامينها
عن انها
انزلت فيما بعد، كما ان سورة (اقرا) او (العلق) لم
تنزل كلهافي
بدايات الوحي، بل الذي انزل منها بادى ء الامر هو
اول السورة
الى قوله تعالى: (علم الانسان ما لم يعلم).

كما
صرحوابذلك.

اما كيف تؤيد بداية سورة القلم النقطة المشار
اليها؟ ذلك
لانهااخرجت الرسول(ص) من حالة الشك والاضطراب
المشاراليهما في قوله: «اني اخشى ان يكون في جنن»،
حين
خاطبته قائلة: (ن والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة
ربك
بمجنونوان لك لاجرا غير ممنون وانك لعلى خلق
عظيم
فستبصرويبصرون) وفي ذلك اشارة الى المعنى نفسه الذي
تحدثت عنه خديجة حيث قالت: «اعيذك باللّه يا ابا
القاسم من
ذلك، ماكان اللّه عز وجل ليفعل بك ذلك مع ما اعلم من
صدق حديثك وعظم امانتك وحسن خلقك
وصلة رحمك»«134».

ثم تاتي بقية الايات تباعا لتسلي الرسول وتطمئنه
حيث
تقول:(فستبصر ويبصرون باييكم المفتون ان ربك هو
اعلم
بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين).

ورغم ان الوحي كان ما يزال في بدايته، ولم يصدر بعد
الامربالانذار، لكن الايات تتجه الى معنى آخر جاء
في متن
الرواية وهو ان النبى(ص) قال: «ان الابعد يعني نفسه
لشاعر
اومجنون، ثم قلت: لا تحدث قريش عني بهذا ابدا» فياتي
القرآن الكريم ليطمئن الرسول(ص) ويسليه ويقول له:
(فستبصرويبصرون باييكم المفتون ان ربك هو اعلم
بمن
ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين).

اما ما جاء في رواية وهب بن كيسان في سيرة ابن
هشام والطبري، ورواية عبد الملك بن عبد اللّه في
سيرة
ابن اسحاق، من ان سورة العلق انزلت على الرسول(ص)
وهونائم، فان ذلك له علاقة بتلك العبارة من الرواية
التي
قالت:«جاءني جبرئيل وانا نائم بنمط من ديباج فيه
كتاب،
فقال: اقرا»والنبي(ص) لم يكن يكتب، وربما كان لا
يقرا ايضا.

فحين عرض عليه هذا الكتاب وهو نائم وقيل: «اقرا»،
قال اولا:
«مااقرا؟» بمعنى انني لا اقرا.

قال: «فغتني به حتى
ظننت
انه الموت، ثم ارسلني فقال: اقرا، قال: فقلت: ماذا
اقرا؟ ما
اقول ذلك الا افتداء منه ان يعود لي بمثل ما صنع
بي»، وهنا
قال له:(اقرا باسم ربك الذي خلق) الى ان يقول:
«فانصرف
عني،وهببت من نومي، وكانما صور في قلبي كتابا».

وربما
قالوا بعدهذا ان النبي(ص) يقرا ولكنه لا يكتب.

لكن لا توجد في رواية عائشة اشارة الى الكتابة، حيث
قال
له جبرئيل: «اقرا»، وقال الرسول: «ما اقرا»؟ اي
بمعنى ماذا
اقرا؟وليس بمعنى لا اقرا، او لا استطيع القراءة.

والقراءة هنا لا تعني قراءة الشي ء المكتوب، بل
تعني قراءة الشي ء
دون كتابة، كما يقرا الشخص القرآن عن ظهر قلب،
اوكما نقرا
سورة الحمد في الصلاة.

على اية حال، فان ما جاء في رواية وهب بن كيسان من
ان سورة
(اقرا) انزلت على النبي(ص) وهو نائم، يمكن
اعتباره نوعا من
الرؤيا الصادقة، وليس المراد به المعنى الحرفي
للنوم،بل النوم
المرتبط بالحقيقة والواقع، فان ما قيل له في النوم
كان واقعا
فعلا وحقيقة، وهو آيات انزلت عليه.

ولكن عائشة
كانت قد روت
ان بداية الوحي كانت كالرؤيا الصادقة، ثم
حدث التحنث، ثم بعد
ذلك انزلت سورة (اقرا)، ولهذا فان معنى الرؤيا
الصادقة هو ما
سبقت منا الاشارة اليه.

خلق العالم وخلق الانسان:
وهنا يطرح السؤال التالي: لماذا كان اول الوحي واول
آية
(اقراباسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق)؟ هل
توجدنكتة معينة في الموضوع؟ نعتقد انه من المحتمل
ان
(يكون السر في هذا وذاك) ان هاتين المسالتين، اي
(خلق
العالم وظهور الخلقة بصورة عامة وظهور الانسان في
عالم
الطبيعة)،ظاهرتان انشغل بهما تفكير علماء الطبيعة
الكبار
والفلاسفة الطبيعيين والالهيين، وهما مسالتان
بقيتا دون حل
الى الان.

ماهي بداية العالم؟ وكيف وجد عالم المادة
هذا؟
هناك نظريتان معروفتان في هذا المجال، والنظريتان
يقدمان
تفسيرا لظهورالعالم من المادة الاولى، غير انهما
لم يقدما شيئا
حول خلق وظهور المادة الاولى نفسها.

وعلى كل حال، فان مسالة خلق العالم كانت ولا تزال
مثاراللجدل، وهكذا كانت مسالة خلق الانسان.

فمن اي
شي ء
وجدالانسان؟ هل انه ناتج عن تطور حيوان آخر، ام انه
خلق
بهذه الصورة التامة والهيئة الكاملة؟ وهل ان هذا
الكلي
الطبيعي الذي في اذهاننا وجد فجاة ودون مقدمات؟.

هذه ايضا
من المسائل التي دار حولها كلام كثير، وطرحت
كاجابة
عليهانظريات وتفسيرات عديدة.

ولهذا كان اول خطاب
سماوي يوحى الى الرسول(ص) يشير الى القوة التي
اوجدت
هاتين الظاهرتين العجيبتين اللتين عجزت العقول
والافكار عن
ان تجد تفسيرا لهما.

وهذا نفسه دليل على ان الرسول كان على ارتباط
وعلاقة(بالمبدا) اي بما وراء الطبيعة، يتوجه اليه
على انه خالق
وصانع للظواهر الخارقة والامور المعقدة.

كيفية الوحي:
كيف كان هذا الوحي؟ ما يظهر من الروايات هو ان
الرسول كانت
تنتابه حالة خاصة اثناء نزول الوحي اشبه ما تكون
بحالة الاغماء
والغيبوبة.

جاء في احدى الروايات وفي وصف
حالة الرسول(ص)
عند نزول الوحي انه: «كرب له وتربدوجهه»«135».

وورد
في رواية اخرى من المصدر نفسه:«وقذ لذلك ساعة كهيئة
السكران».

اما اذا نزل عليه الوحي وهو راكب، فتصف الرواية حال
الناقة كالتالي: «فترغو وتفتل يديها حتى يسرى عنه
من ثقل
الوحي»وتضيف: «وانه ليتحدر منه اي العرق
مثل الجمان...«136».

وعن عائشة: «ان الرسول قال لما ساله الحارث بن هشام
عن كيفية نزول الوحي عليه: احيانا ياتيني في مثل
صلصلة
الجرس وهو اشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال،
واحيانا
يتمثل لي الملك فيكلمني فاعي ما يقول.

وقالت عائشة:
«ولقد
رايته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد
فيفصم عنه، وان
جبينه ليتفصد عرقا».

وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «كان النبي اذا
نزل عليه الوحي يعالج من ذلك شدة، قال: كان يتلقاه
ويحرك شفتيه كي لا ينساه، فانزل اللّه عليه: (لا
تحرك به
لسانك لتعجل به) لتعجل باخذه (ان علينا جمعه
وقرآنه)
«القيامة: 17» ان علينا ان نجمعه في صدرك، قال:
(قرآنه) ان
يقراه، قال: (فاتبع قرآنه)، «القيامة: 18» قال: انصت
(ان علينا
بيانه) «القيامة: 19»ان نبينه بلسانك، قال: فانشرح
رسول
اللّه(ص»).

كل هذه الروايات تجمع على شي ء واحد، ذلك هو
دخول الرسول(ص) في حالة من الشدة الغير العادية حين
نزول الوحي عليه، ولا يمكن ان يقال عنها بانها مرض
جسدي
اونفسي، اذ لم ير حتى الان مرض جسمي او نفسي ياتي
على اثره كلام من العلو والبلاغة بحيث يعجز
الفصحاء عن
تقليده وتتضاءل قدرة البلغاء عن مجاراته، ويحتوي
على معان
من السمو والرفعة بحيث ما زالت تكتب العقول
المفكرة
في تفسيرها مئات وآلاف الكتب.

وعبثا يحاول بعض الكتاب الغربيين اكتشاف نوع المرض
الذي يزعمون ان الرسول(ص) كان يشكو منه، فسيكلفون
انفسهم مشاق البحث عنه دون جدوى!
ان شيئا كهذا الذي يوصف لم يشاهد في قائمة
الامراض والاعراض والعلل، سواء الجسدية منها او
النفسية.

نعم،
هناك في الامراض البدنية والنفسية حالات تنتاب
المريض
فياخذبالهذيان والكلام الغير متزن.

ولكن ما نوع هذا
المرض
الذي كانت نتيجته كتابا سماويا هو مقتدى البشرية
ومهتداها؟.

يا ايها المدثر:
تؤكد اشهر الروايات ان اول آية نزل بها الوحي
على الرسول(ص)
هي (اقرا) اي الاية الاولى من سورة العلق، وقدصرحت
رواية
ابن شهاب الزهري التي اوردها الطبري ص 1155 ان اول ما
نزل
على الرسول(ص) سورة (اقرا) الى (علم الانسان ما لم
يعلم).

بينما ذهبت رواية ابي سلمة التي سمعهاعن جابر بن
عبداللّه
الانصاري الى ان آيات (يا ايها المدثر)كانت هي
الايات الاولى
التي نزل بها الامين على رسول اللّه(ص).

غير ان
الصحيح هو ان
سورة (اقرا) الى قوله تعالى:(علم الانسان ما لم يعلم)
كانت هي
فاتحة القرآن واول آياته،حيث بدات بالتاكيد على ان
اللّه هو
الخالق لهذا العالم والبارى لهذا الانسان، وبعد
ان لفتت انتباه
الانسان الى ذلك، حولت الانظار الى مسالة العلم
والتعلم،
وجعلت ذلك بمثابة المائزالاساسي الذي امتاز به
الانسان على
سائر المخلوقات بما فيهاالملائكة، حيث صرحت الايات
(31
33)، من سورة البقرة على ان اللّه علم آدم الاسماء
كلها ثم دعاه
الى ان يعلم الملائكة تلك الاسماء.

ونعتقد ان السبب وراء ورود بعض الروايات، مثل رواية
ابي سلمة، عن ان آيات (يا ايها المدثر) كانت هي
الايات
الاولى في النزول، يعود الى ان تلك الايات كانت
اول ما نزل
على الرسول(ص) بعد فترة انقطاع حزن لها الرسول(ص)
كثيرا،وكان يجوب الجبال، ويدعو اللّه سبحانه
وتعالى، حتى انه
عاديوما الى منزله خائفا وجلا بعد ان شاهد شيئا في
السماء،
فدعاالى ان يدثر، وهنا نزل عليه الوحي بالايات (يا
ايها المدثر
قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر)
«المدثر:1 5» فكانت هذه الايات الكريمة اول ما هبط به
الوحي
على صدر الرسول بعد فترة انقطاع اليمة.

وفي الوقت الذي لفتت فيه سورة (العلق) الانتباه الى
خلق العالم والانسان جاءت الايات الاولى من سورة
المدثر
لتامرالرسول(ص) ان ينذر قومه ويدعوهم الى الاسلام،
فهي
اول آيات التبليغ والاعلان عن الرسالة، ولهذا
فالمقصود من
انهااول الايات كما جاء في الرواية اي انها اول
آيات
الانذاروالتبليغ والاعلان عن رسالة الرسول(ص).

المسلمون الاوائل:
كانت خديجة بنت خويلد زوجة الرسول(ص) اول من آمن
به وايده وآزره.

اما في شان من آمن به اولا من
الرجال
فقداختلفت الروايات في كونه اما علي بن ابي طالب(ع)
او زيد
بن حارثة او ابو بكر بن ابي قحافة.

علي بن ابي طالب(ع):
كان علي بن ابي طالب(ع) يبلغ من العمر حين نزول
الوحي احد عشر عاما، وكان يقيم مع رسول اللّه(ص) في
المنزل نفسه، وجاء في رواية لابن اسحاق ان من نعم
اللّه
سبحانه وتعالى على الامام علي(ع) ان كانت نشاته
وتربيته على
يدالرسول(ص) وفي منزل واحد جمعهما معا منذ الطفولة.

فبعدان تعرضت قريش للقحط واصابها الفقر والجوع،
ذهب الرسول(ص) الى عمه العباس وكان اكثر بني هاشم
ثراءوطلب اليه الذهاب الى عمه الاخر ابي طالب وكان
اكثر
بني هاشم عيالا واضعفهم حالا ليطلبا منه التخفيف
من عياله،
بان يتعهد كل واحد منهما باعالة احد ابنائه
الذكور.

فوافق
العباس ورافق الرسول الى ابي طالب الذي استجاب هو
الاخرللاقتراح وخيرهما بين ابنائه بعد ان احتفظ
بعقيل لنفسه،
فاخذالعباس جعفرا واختار الرسول(ص) عليا، وهكذا بقي
علي(ع)مع رسول اللّه(ص) منذ ذلك الحين وحتى نزول
الوحي وبعثة الرسول(ص) ف آمن به علي(ع) وصدقه
ونصره.

جاء في الروايات ان عليا(ع) كان يرافق ابن عمه في
جولاته بين
جبال مكة وشعابها خفية عن ابيه ابي طالب، وكانا
يصليان معا
هناك ويعودان عند الغروب.

وذكرت الصلاة هنا في
اشارة الى
انها كانت اول ما نزل من الفرائض على رسول
اللّه(ص)ولهذا
كانا يصليانها خارج مكة وبعيدا عن اعين القوم الى
ان
عثرعليهما يوما ابو طالب وهما واقفان للصلاة، فسال
ابن اخيه:
«اي دين هذا الذي انتما عليه؟» فاجابه(ص): «هذا دين
اللّه
وملائكته ورسله، هذا دين ابينا ابراهيم(ع)، وانت
احرى القوم
بالدخول في هذا الدين وتاييدنا ونصرتنا في دعوتنا
هذه».

فاجابه ابوطالب: «يا ابن اخي، اني لا استطيع الخروج
من دين
آبائي واجدادي، ولكن اعلم انه سوف لن يستطيع احد
ان
يلحق بكم مكروها ما دمت حيا».

وعندما نعلم ان عليا(ع) قد كبر وتربى في بيت
الرسول(ص)منذ نعومة اظفاره، فلا غرابة حينئذ من ان
يكون
اول الناس اسلاما واقدمهم ايمانا، بل سيكون ذلك
امرا بديهيا،
ولو صدرمن علي(ع) شي ء يستشف منه كراهته الدخول في
الاسلام(معاذ اللّه) لظهر ذلك ووصل الينا، ولا يجد
المتتبع
صعوبة في التوصل الى هذه الحقيقة حتى مع قطع النظر
عن
الروايات والوقائع التي نصت عليها.

زيد بن حارثة المعروف بزيد الحب:
كان زيد بن حارثة الكلبي ثاني رجل يدخل الاسلام
طبقالقول
ابن اسحاق اي الرجل الاول بعد علي بن ابي
طالب(ع)،وكان
زيد مولى لرسول اللّه(ص) اعتقه فدعاه ابنا له.

نقل
قصة اسره
وتحريره ابن هشام في سيرته«137»، وابن سعد
في طبقاته«138».

لقد كان زيد بن حارثة، فضلا عن سبقه في الاسلام، من
اقرب الصحابة لرسول اللّه(ص)، وزيد من بني كلب
العائدين لقضاعة، وامه سعدى من بني معن الذين يرجع
اصلهم
الى قبيلة ط ي ء، وعندما كانت امه في زيارة
لقومها بني معن
مع ولدها زيد تعرضت ديارهم لغزو من قبل بني القين
بن
جسر،الذين اخذوا معهم زيدا وهو في سن الصبا اسيرا،
ثم
باعوه في سوق الحباشة على رواية ابن هشام، وفي سوق
عكاظ
وفقالرواية ابن سعد.

وكان قد اشتراه حكيم بن حزام
الاسدي لعمته خديجة زوجة الرسول(ص) باربعمئة درهم،
وكان حكيم بن حزام طبقا لما جاء في سيرة ابن هشام
قد
اشتراه مع مجموعة من الغلمان وجاء بهم الى مكة
فعرضهم
على خديجة لتختار احدهم عبدا لها، فاختارت زيدا
على غيره،
ثم وهبته لرسول اللّه(ص) بعد زواجها منه، وكان بنو
كلب
قدذهبوا الى حارثة فاخبروه بما جرى، فقرر السفر الى
مكة
مع اخيه شراحيل ليشتري زيدا من سوق النحاسة ويعود
به،
وهناعرض حارثة على الرسول(ص) مبلغا من المال لقاء
تحريرزيد، فلما عرض الرسول(ص) الامر على زيد فضل
زيد،
الذي بهرته اخلاق الرسول(ص)، البقاء معه(ص) على
السفر مع
ابيه وعمه، وكان الرسول(ص) قد حرره واعلن في حجر
اسماعيل ان زيدا بمثابة ابن له وسيرته من بعده،
فعاد كل من
والد زيدووالدته الى ديارهم وهما راضيان مسروران،
فصار
يدعى زيدبعدها زيد بن محمد(ص)، فنزلت الايات
الكريمة:
(وما جعل ادعياءكم ابناءكم) و (ادعوهم لابائهم)
«الاحزاب: 4،
5» فعادزيد مرة اخرى زيد بن حارثة.

وبهذا يتضح ان زيدا كان احد افراد عائلة الرسول(ص)
عندنزول
الوحي، فمن الطبيعي جدا ان يكون اول من آمن به
بعدعلي(ع) وخديجة، ولو ان الرسول(ص) اخبر عليا(ع)
بنزول الوحي عليه قبل اخبارها لكان اسبق منها في
الاسلام.

لقد قام معاوية بعد توليه الخلافة بابلاغ عماله في
جميع الامصار بضرورة النيل من علي بن ابي طالب(ع)
وشتمه والانتقاص منه في السر والعلن وعلى المنابر
في
المساجد وفي التجمعات الخاصة والعامة.

وظل الامر
هكذا حتى
ولي الخلافة عمر بن عبد العزيز عام (99 101ه) على اقل
تقدير،واذا كان السب قد انتهى حينها، فان اثره وما
تركه في
النفوس لم ينته حتى بعد قرون لاحقة، فلم يال اعداء
علي(ع)
جهدافي النيل منه والاساءة اليه، غير انهم عجزوا عن
ان يمسوا
شيئامن فضائله(ع)، سيما فضائله المسلمة كسبقه الى
الاسلام،حيث لم يستطيعوا اخفاءها عن الناس، لذا
حاولوا تقديم
زيدبن حارثة عليه، غير انهم فشلوا في هذا ايضا،
وكانت
شمس علي(ع) اسطع من ان يحجبها هؤلاء رغم كل ما بذلوه
من اموال طائلة وجهود كبيرة.

ابو بكر بن ابي قحافة:
يعود نسب ابي بكر الى بني تيم بن مرة من قبيلة
قريش،واسمه
عبداللّه وابوه عثمان، ولقب ابو بكر بالصديق
والعتيق،ويوصف
بالرقة وحسن المعاشرة، وقيل انه كان محبوبا
في قومه وكان
عالما بانساب العرب، يعرف زينهم من شينهم«139».

وكان يعمل بالتجارة، فعند اسلامه كان يملك اربعين
الف درهم، سخرها لخدمة الاسلام وتقوية شوكته، حتى
انه
لم يعد يملك يوم هاجر مع رسول اللّه(ص) الى المدينة
سوى خمسة آلاف درهم«140».

ورد في روايات كثيرة ان ابا بكر كان اول من اسلم،
ولاتعارض
بين هذه الروايات والروايات التي تؤكد على
ان عليا(ع) كان اول
من آمن، وذلك لان الطائفة الاولى تتحدث عن اول
الناس
اسلاما من غير عائلة الرسول(ص)، بينماتختص الطائفة
الثانية
من الروايات بذكر عائلة الرسول(ص)وافراد اسرته التي
كان
علي(ع) واحدا منها.

هذا وقد اوردالطبري في تاريخه
رواية
تقول: ان هناك جماعة سبقت ابا بكرالى الاسلام، غير
انها لم
تذكر اسماء هؤلاء الجماعة، لذا لايمكن الاعتماد
عليها«141».

الدعوة السرية والدعوة العلنية:
طبقا للروايات (ومنها الرواية التي اوردها الطبري ص
1174)فان دعوة الرسول(ص) الى الدين الجديد، ظلت سرية
لثلاث سنوات من تاريخ البعثة، حتى امر باعلانها من
خلال
الاية الشريفة: (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين)
«الحجر:94» ثم الاية: (وانذر عشيرتك الاقربين)
«الشعراء:
214».

وخلال هذه الفترة آمنت جماعة، اما بدعوة ابي بكر
وتاثيره طبقا لبعض الروايات او بواسطة اشخاص
آخرين.

رواية ابن اسحاق:
ومن بين الذين آمنوا بتاثير ابي بكر طبقا لرواية
ابن اسحاق«142» عثمان بن عفان (من بني
امية)، والزبير
بن العوام (من بني اسد من قريش)، وعبد الرحمن بن
عوف،وسعد بن ابي وقاص (وكلاهما من بني زهرة)، وطلحة
بن عبيداللّه (من بني تيم).

اعتراض على رواية ابن اسحاق:
ورد على رواية ابن اسحاق هذه اعتراضان:
الاول، ما جاء اول الرواية التي اوردها الطبري (ص
1168) من ان
ابا بكر كان يدعو من يعاشرهم ويجالسهم ويطمئن
اليهم الى
الاسلام، وكان عمر ابي بكر حينها نحو (38) سنة،
وليس بينه
وبين الرسول(ص) سوى عامين فقط، بينما كان عمر كل من
طلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص (18، 16، 17) سنة على
التوالي، فمن المستبعد ان يكون اصدقاء وجلساء
ابي بكر، البالغ
من العمر (38 عاما)، شبابا في عمر المراهقة
امثال طلحة
والزبير وسعد بن ابي وقاص، الذين تقول عنهم
الرواية انهم
كانوا: «ممن يغشاه ويجلس اليه».

اذا لو صح اسلام
هؤلاءفي
هذه السن حقا، فمن المستبعد ان يكون اسلامهم على
يدابي
بكر.

اما الاعتراض الثاني على الرواية، فهو ان
الاشخاص المذكورين
قد ذاع صيتهم ولقوا شهرة فيما بعد حتى اصبحوانتيجة
اعمالهم من (العشرة المبشرة) واختارهم عمر مع
علي بن ابي
طالب(ع) في الشورى التي عينها لينتخبوا خليفة
من بينهم،
لقد حفز انتخاب عمر لهؤلاء في الشورى
السداسية،وانتخابه
لهم كمرشحين للخلافة من بعده، رواة
الاجيال القادمة لان
يعدوا هؤلاء الستة من ضمن الذين اسلموا بتاثيرابي
بكر
وارشاده، وانهم اقدم اسلاما من غيرهم.

ورغم انه
لاشك في ان
هؤلاء كانوا من المسلمين الاوائل، وقد اسلمواوهم
ما زالوا شبابا،
غير ان تقدمهم على الاخرين موضع شك،سيما ان هناك
روايات اخرى تحكي عن تقدم اسلام اشخاص غيرهم.

كان اولاد واحفاد اصحاب الرسول يعتبرون تقدم
آبائهم واجدادهم في الاسلام، او كونهم من
المسلمين الاوائل
من دواعي الفخر العظيم لهم ولعوائلهم، لهذا فهم لا
يابون
صناعة بعض الروايات والاخبار في هذا الصعيد.

فمثلا
ادعى
ابناءسعد بن ابي وقاص ان اباهم كان ثالث المسلمين.

ويمكن القول انه لو كان سبقه الى الاسلام من الامور
المسلمة واليقينية، لكان قد اختاره عمر كميزان في
تعيين
حقوق المسلمين من بيت المال بدل اختياره الاشتراك
في
معركة بدر، وكما نعلم فان مسالة السبق الى الاسلام
كانت قد
طرحت حين اراد عمر كتابة دعوات العطاء للمسلمين،
غير انها
لم تقبل لانها كانت من الامور المبهمة التي لا
يمكن تحديدها
بدقة،وربما بسبب كثرة المدعين لها.

ولهذا تم الركون
الى
اعتبارالمشاركة في معركة بدر كمقياس ومعيار في
تجديدالاعطيات.

تاييد للنقد الثاني:
وما يؤيد الماخذ الثاني رواية اخرى اوردها ابن سعد
في طبقاته،
وهي ان عبد الرحمن بن عوف لم يدخل الاسلام ضمن
مجموعة ابي بكر، بل كان اسلامه ضمن مجموعة عثمان
بن
مظعون.

تقول الرواية السابقة المسندة عن يزيد بن رومان ان
عثمان
بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن
بن عوف وابا سلمة بن عبد الاسد وابا عبيدة بن
الجراح، كانوا
قدذهبوا الى رسول اللّه(ص) فلما عرض عليهم الرسول
الاسلام وبين لهم تشريعاته وقوانينه، اسلم هؤلاء
جميعا في
ساعة واحدة، وكان ذلك قبل ذهاب الرسول(ص) الى دار
الارقم بن ابي الارقم، ومباشرته الدعوة من هناك.

وجاء في رواية اخرى ان الارقم بن ابي الارقم كان
سابع المؤمنين بالرسول(ص)، ولا تنسجم هذه الرواية
مع رواية
ابن اسحاق، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار اسلام
خديجة، وعلي
بن ابي طالب(ع) وزيد، وابي بكر.

وان هذه الرواية
التي تقول
ان الارقم بن ابي الارقم كان سابع رجل في الاسلام
يرويهاحفيده، لهذا لا يمكننا اعتباره محايدا وغير
منحاز
الى جده«143».

احداث الرجال وضعفاء الناس:
روى محمد بن سعد عن الزهري انه قال: «دعا
رسول اللّه(ص)
الى الاسلام سرا وجهرا، فاستجاب للّه من شاء
من احداث الرجال
وضعفاء الناس»«144».

يؤيد هذا المعنى قائمة المؤمنين الاوائل، وكذلك
الروايات الاخرى، فقد جاء في انساب الاشراف: «ان
قريشا مشت
الى ابي طالب مرة بعد مرة، فكان في المرة الاخيرة
ان
اجتمعوافقالوا: يا ابا طالب، انا قد جئناك مرة بعد
اخرى نكلمك
في ابن اخيك ان يكف عنا فلا يذكر آباءنا وآلهتنا
بسوء، ولا
يستغوي اولادنا واحداثنا وعبيدنا واماءنا»«145».

واورد ابن سعد في طبقاته رواية جاء فيها: «فاقام(ص)
بالطائف عشرة ايام، لا يدع احدا من اشرافهم الا
جاءه وكلمه،
فلم يجيبوه وخافوا على احداثهم»«146».

ونقل البلاذري في انساب الاشراف رواية عن الواقدي،
جاءفيها:
«ان رجلا من هذيل يقال له عمرو، قدم بغنم له
فباعها،ورآه
النبي(ص) فاخبره بالحق ودعاه اليه، فقال ابو جهل،
وكان خفيفا حديد الوجه والنظر به حول، انظر ما
دعاك اليه
هذاالرجل، فاياك ان تركن الى قوله او تسمع منه
شيئا، فانه
سفه احلامنا، وزعم ان من مات منا كافرا يدخل النار
بعد
الموت،وما اعجب ما ياتي به! فقال الهذلي: اما
تخرجونه من
ارضكم؟قال ابو جهل: لئن خرج من بين اظهرنا فسمع
كلامه
وحلاوة لسانه قوم احداث ليتبعنه، ثم لا نامن ان
يكر علينا بهم.

قال الهذلي: فاين اسرته عنه؟ قال ابو جهل: انما
امتنع باسرته»«147».

وبنظرة سريعة الى قائمة المسلمين الاوائل يتبين
انهم
لم يبلغوا حين اسلامهم الثلاثين عاما.

لقد اشير
الى ان طلحة
بن عبيداللّه كان عمره حين قتل في معركة الجمل عام
(36ه)
قدتجاوز الستين عاما، وهذا يعني ان عمر طلحة في
السنة
الاولى للهجرة كان اقل من ثلاثين عاما، واقل من
عشرين عاما
حين دخل الاسلام.

ومن المسلمين الاوائل الزبير بن العوام، وهو من
قريش،
وكان عمره حين اسلم ستة عشر عاما«148».

ومنهم عبد الرحمن بن عوف من بني زهرة، وكان عمره
حين اسلامه ثلاثين سنة، وطبقا للرواية التي
اوردها ابن سعد
في الطبقات ان ولادته كانت بعد عام الفيل
بعشرسنوات«149»، اي عام(570م) والا فان عام
الفيل
نفسه ربما كان بعد هذا العام، كما اشرنا الى ذلك في
ميلادالرسول(ص).

ومنهم سعد بن ابي وقاص، وهو من بني زهرة ايضا،
وكان عمره
سبعة عشر عاما حين اسلم«150».

ومنهم مصعب بن عمير، وهو من بني عبد الدار، وكان
شاباوسيما، ذا لباس فاخر، وكان عمره حين قتل في
معركة
احدنحو اربعين عاما، مما يفيد انه حين اسلم في مكة
كان
عمره ثلاثين سنة.

ومنهم عثمان بن عفان، من بني امية، وكان عمره حين
قتل
(عام 36ه) (83) عاما، وفي رواية اخرى (75 عاما)، وبناء
على
هذافان عمره حين دخل الاسلام اما (34 سنة) او (37 سنة).

ومنهم الارقم بن ابي الارقم، من بني مخزوم، الذي
وضع
داره في خدمة رسول اللّه(ص)، كان يوم وفاته سنة (55ه)
بحدودالثمانين من عمره، مما يفيد ان عمره كان حين
دخل
الاسلام بين ال (20 30) سنة.

ومنهم شماس بن عثمان المخزومي، الذي قتل في
معركة احد
عن عمر يناهز ال (34) عاما، وبهذا يكون عمره يوم تشرف
بالاسلام بين (20 30) سنة.

وعند استعراض قائمة المسلمين الاوائل واعمارهم
يتضح ان ابا
بكر وربما بعده عثمان، كانا اكبر المسلمين سنا،
وكان عمرابي
بكر حين دخل الاسلام (38عاما)، ومن الطبيعي ان
يكون الانسان في عمر الاربعين فاكثر اشد ارتباطا
بسنن
الماضين واكثر تحفظا لها، ويصعب عليه العدول عن
دين
الاباءوالاجداد، بخلاف الشباب الذين يتمتعون
باذهان وقلوب
اكثراستعدادا لاستقبال الافكار والمعتقدات
الجديدة، ويصدق
هذاالمعنى، بصورة وباخرى على جميع الثورات
والتحولات الفكرية والاجتماعية والدينية.

الضعفاء والمستضعفون:
يقصد بالضعفاء والمستضعفين في مكة عادة
العبيدوالمستعبدون، او حتى الاحرار الذين كانت لهم
سابقة
رقية فهم من المستضعفين ايضا، لانهم ما زالوا
يرتبطون بنوع
من العلاقة مع اسيادهم السابقين، وما زالوا يطلق
عليهم
الموالي.

وهناك طائفة اخرى من الضعفاء ايضا، وهم اولئك
الذين انفصلوا
عن قبائلهم لاسباب مختلفة والجاتهم الظروف
الى مكة، فهؤلاء
كانوا يلجاون الى احدى القبائل الموجودة في مكة
ويضعون
انفسهم في خدمتها مقابل حمايتها
لاموالهم وارواحهم من
الاعتداء.

ورغم تحالف هؤلاء مع اشراف
مكة واثريائها الا انهم
كانوا لا يعتبرون من المستوى الاجتماعي نفسه،
وانما يصنفون
ضمن الطبقات الدنيا داخل المجتمع المكي.

ومراجعة سريعة لقائمة المسلمين الاوائل تثبت
انتماء
غالبيتهم الساحقة الى تلك الطبقات المستضعفة،
وكانت قريش
نفسهاقد اطلقت مصطلح المستضعفين على هذه الجماعة
من الناس.

وقد نقل ابن سعد في طبقاته رواية عن يزيد بن رومان
تقول:«كان عمار بن ياسر من المستضعفين الذين يعذبون
بمكة...والمستضعفون قوم لا عشائر لهم بمكة، وليست
لهم
منعة ولاقوة»«151».

وروى البلاذري«152»، عن عمر، قال: «انما وليت
عمارالقول اللّه عز وجل: (ونريد ان نمن على الذين
استضعفوا
في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) «القصص:
5».

اكثر المسلمين الاوائل من الفقراء والمستضعفين: name="link90">
روى الطبري عن ابي العالية، في تفسير الاية (52) من
سورة الحج ان قريش كانت تعترض على رسول اللّه
بقولها:
«انماجلساؤك عبد بني فلان ومولى بني فلان..»«153»
وفي رواية اخرى عنه ايضا: «ان قريش كانت تقول
للرسول(ص)، يامحمد، انما يجالسك الفقراء والمساكين
وضعفاءالناس»«154».

ونقل البلاذري صاحب انساب الاشراف، عن عروة بن
الزبير،قوله: «كان صهيب من المستضعفين» وروى عن
مجاهد قوله:«ان القرشيين تهامسوا مع بعضهم حينما
شاهدوا
صهيبا يمر مع جماعة من اقرانه قائلين: انظروا الى
هؤلاء
الاراذل! اهؤلاءالذين من اللّه عليهم من بيننا؟».

ونحاول هنا استذكار بعض المستضعفين من المسلمين
الاوائل الذين صار لهم شان عظيم فيما بعد، وتجدر
الاشارة الى
ان اكثر هؤلاء الضعفاء او المستضعفين كانوا من
الاقنان او
من الاحرار الذين سبق لهم الاسترقاق.

اسماء المستضعفين طبقا لما اورده البلاذري: name="link91">
اورد البلاذري في انساب الاشراف«155» قائمة
باسماءالمستضعفين، وترجم لحياة كل واحد منهم،
وياتي
الحديث عن جوانب حياتهم المختلفة ضمن استعراض
اصحاب الرسول(ص)، ونحاول هنا الاشارة بصورة
اجمالية،
الى حياتهم لنقف على اهم الاسباب التي دفعتهم الى
اعتناق الاسلام.

عمار بن ياسر:
ينتسب عمار بن ياسر الى قبيلة عنس من قبائل
العرب الجنوبية، وقد هاجر ابوه ياسر من اليمن الى
مكة واقام
هناك،ولانه لم يكن ينتمي الى عشيرة في مكة اضطر الى
عقدتحالف مع ابي حذيفة بن المغيرة المخزومي لحفظ
حقوقه وحقن دمه.

وكان حذيفة قد زوجه من احدى جواريه
المدعوة(سمية) فانجبت عمارا، فكان يجب على عمار ضمن
القوانين المتبعة في الجاهلية ان يكون عبدا لابي
حذيفة، لانه
ولد من جارية له، وشاء ابو حذيفة ان يحرر عمارا،
فصار مولا
من موالي مكة.

وكانت سمية قد تزوجت بعد ياسر الازرق
وهومن الغلمان الروميين، وانجبت منه اولادا كانوا
جميعا
من المملوكين.

كان عمار قد التقى بصهيب في دار الارقم بن الارقم،
التي جعل
منها الرسول(ص) منطلقا لدعوته المباركة، وفي
هذه الدار
اعتنق الاثنان الاسلام، ثم دخل الاسلام ايضا كل من
ابيه ياسر
واخيه عبداللّه وامه سمية، فغضب بنو مخزوم
لذلك،وشق
عليهم ان يروا مواليهم وقد فارقوا دين القوم وشقوا
عصاالطاعة
عليهم، فعمدوا الى تعذيبهم والتنكيل بهم، وكان
نصيب عمار
من هذا العذاب حصة الاسد فقد كانوا يتركونه
على الصخرة
تحت اشعة الشمس الحارقة«156»، اما سمية فقدقتلها ابو
جهل المخزومي، فاصبحت اول شهيدة في الاسلام«157».

وقد بلغت شدة التعذيب حدا لم يطقه عمار، فاضطر
الى التفوه
بكلمة الكفر تلبية لرغبة معذبيه، واملا في الخلاص
من التعذيب، واحس عمار بعد ذلك بتانيب الضمير،
فذهب
الى الرسول(ص)، وهو منكسر يشعر بالذنب، فلما روى
القصة لرسول اللّه(ص) قال: «ماذا كان يجري في
قلبك؟» قال
عمار:«كان قلبي مطمئن بالايمان».

فقال الرسول(ص):
«ان
عادوا الى تعذيبك فعد الى ما قلت»«158».

واصبح عمار فيما
بعد من رجال الاسلام المشهورين، واختاره عمر
ليكون واليا
على الكوفة اثناء خلافته فترة من الزمن، ودارت
عليه الايام
في خلافة عثمان فنال قسطا وافرا من الابعاد
والتشريد
والتنكيل،الى ان استشهد مع علي بن ابي طالب(ع) في
معركة
صفين.

خباب بن الارت:
كان خباب بن الارت قد اعتنق الاسلام قبل ان
يتخذالرسول(ص) من دار الارقم بن الارقم منطلقا
لدعوته
المباركة،وقد دخل الاسلام مع عثمان بن مظعون، كما
مرت
الاشارة الى ذلك«159».

وعده عروة بن الزبير من
المستضعفين،وقال: انه كان يتعرض لاذى شديد من قريش
في
محاولة لصده عن الاسلام، واعادته الى سابق عهده«160»،
وقيل: انه سادس المسلمين.

وخباب من اصل عراقي من
منطقة كسكر«161»، وهي منطقة زراعية عامرة
تبدا بواسط
وتمتدحتى البصرة، ومركزها في العهد الساساني (خسرو
شابور) ثم بنى الحجاج فيما بعد مدينة واسط وجعلها
عاصمة
لتلك المنطقة ومركزا لها.

وكان ابو خباب قد اسر وبيع في مكة، فدخل في ملك
امراة تدعى ام انمار بنت سباع الخزاعية، وكانت من
احلاف
بني زهرة في مكة.

وكلمة ارت التي يدعى بها ابو خباب جاءت بسبب لكنة
خاصة في لسانه حيث كان لا يحسن النطق بالعربية.

فهو
اما ان
يكون من آراميي العراق او من انباطه.

ولعله كان من
اصل
ايراني سكن منطقة كسكر.

وكان ابناؤه يدعون انتساب ابيهم الى قبيلة بني سعد
بن
زيدمناة بن تميم لاثبات عروبته الخالصة ودفع
الشبهات التي
كانت تحوم حول اصلهم، غير ان ذلك لا ينسجم كما هو
واضح
مع لكنة ابيهم الغير عربية.

وقيل: ان الارت تزوج ام سباع، وان خبابا كان اخا
سباع من
امه وعلى اية حال فان ام انمار قد اطلقت خبابا،
فصار واحدا
من الموالي الاحرار، وكان يشعر بالمرارة من وضعه
الاجتماعي المتدني، ويتوق الى من يرفع عنه الضيم
الذي كان
يعيشه، فلم يتردد في اعتناق الدين الجديد الذي وعد
بالقضاء
على هذاالنظام الطبقي وازالة آثاره المقيتة، لكنه
واجه صنوفا
من الاذى والتعذيب، قلما واجهها غيره، لافتقاده
الى من
يحميه ويلوذ به من سطوة قريش، رغم كل هذا لم يتراجع
عن
ايمانه ولوظاهريا«162».

اشتغل خباب بالحدادة لتامين معيشته ومتطلبات
حياته،
وكان له دين على العاص بن وائل السهمي (ابي عمرو بن
العاص)فاشترط عليه الاخير العودة عن الاسلام كشرط
لتسديد
دينه فابى ذلك، وقال: لن اتخلى عن الاسلام حتى يموت
العاص فاقاضيه يوم القيامة.

فقال العاص: اذن
فلينتظر ليقبض
دينه في ذلك اليوم.

كان خباب من اصحاب امير المؤمنين علي بن ابي
طالب(ع)وتوفي في الكوفة عام (37ه) عن عمر يناهز ال (73)
عاما.

صهيب بن سنان:
كانت حال صهيب تشبه حال الارت والد خباب، فهو
من اسرى
الروم البيزنطيين، وذو لكنة واضحة لا تخفى
على العرب، اذ لم
يكن يجيد النطق بالعربية.

لكنه جعل لنفسه اوجعل له
ابناؤه
نسبا عربيا، اذ ادعوا انتسابه الى قبيلة (نمر
بن قاسط) وكان ابوه
سنان عاملا على الابلة من قبل الملك الايراني
«خسرو».

وكانت ديارهم في الموصل الى جانب الفرات من ناحية
(الجزيرة) وكان الروم قد وصلوا الى هناك،واخذوا
صهيبا اسيرا،
وبقي هناك حتى كبر فصار في عربيته(لكنة) خاصة، وقد
اشتراه فيما بعد رجل من بني كلب وعاد به الى مكة،
ثم اشتراه
فيها عبداللّه بن جدعان التيمي، وهو من اشهر
اثرياء مكة، وكان
صهيب لا يزال مع آل جدعان حتى بعث اللّه محمدا(ص)
نبيا.

لا تخفى آثار الوضع في هذه القصة، فعبد اللّه بن
جدعان كان قد
مات قبل البعثة بعشر سنوات«163»، بينما توفي
صهيب بناء
على ما جاء في الروايات في سنة (38)ه عن عمر
يناهزالسبعين
عاما، وبهذا يكون عمره يوم هجرة الرسول(ص) (32)عاما،
ويوم
بعثته (19) عاما.

وبعد ان كان عبداللّه بن جدعان قدمات
قبل
البعثة بعشر سنين، فاذا ما جعلنا الفترة بين
البعثة والهجرة
ثلاثة عشر عاما على اقل تقدير، فسيكون عمر
صهيب حين موت
عبداللّه بن جدعان ستة اعوام، وليس من المعقول ان
يكون مثل
هذا العمر القصير كافيا لاستيعاب كل تلك الاحداث
التي بدات
بنشوئه ونموه بين اهله قومه، ثم اسره من قبل
الروم، ثم بقائه
هناك حتى نسيانه العربية وظهور لكنة في لسانه، ثم
عودته الى
مكة وشراء عبداللّه بن جدعان له،واخيرا عتقه
وتحريره.

فيبدو
ان هذه الرواية قد وضعت من قبل ابنائه لايجاد اصل
عربي له.

وقد وضع ابناؤه حكاية اخرى عن اصله، فقالوا: انه لم
يشتره احد
من الروم، بل فر هو من هناك والتجا الى مكة بعد ان
بلغ سن
الرشد، وعقد حلفا مع عبداللّه بن جدعان هناك.

وتبدوهذه
الرواية اكثر بعدا عن الواقع من سابقتها اذ ينبغي
ان يكون عمر
صهيب يوم لجوئه الى مكة نحو ستة عشر عاما على
اقل تقدير،
فهل انه وقع تحالفا مع ابن جدعان وهو في هذاالسن؟.

وهناك رواية ينقلها الحسن البصري، عن الرسول(ص)،
انه
قال:«صهيب سابق الروم» اي انه سبق قومه (الروم) الى
الاسلام،وتدل هذه الرواية على ان صهيبا كان
يونانيا خالصا،
وجاءت لكنته في العربية من اصله هذا، ويوصف صهيب
بانه كان
احمرالبشرة، وهذا يؤيد كونه غير عربي الاصل، كما ان
تسميته(صهيبا) جاءت لاحمرار لونه.

هذا ويقال ان (عمر) سال صهيبا عن سبب انتسابه الى
العرب،فاجابه بانه عربي من قبيلة نمر بن قاسط، لكنه
اسر وهو
صغيرمن قبل الروم، ومن الطبيعي ان يسعى صهيب لالحاق
نفسه بالعرب تخلصا من الازدراء الذي قد يلحق به
كما اشرنا
سابقامن قبل العرب لعدم عروبته«164».

اعتنق صهيب الاسلام مع عمار بن ياسر، وكان ذلك
بعداختيار
الرسول(ص)، لدار الارقم منطلقا لدعوته، ولانه
كان مستضعفا،
كما يقول عروة بن الزبير، فقد عانى من
قريش الامرين، وترك
صهيب خلفه ثروة كبيرة في مكة، وهاجر مع من هاجر الى
المدينة، وكان مما قال له القرشيون حين حاول اخذ
امواله معه:
لقد جئتنا صعلوكا واثريت في مدينتنا، والان تريد
اخذ ثروتك
معك؟! لن نسمح لك بهذا ابدا.

فاضطرصهيب الى ترك
ثروته
مفضلا الهجرة مع رسول اللّه(ص)واصحابه الى المدينة.

لقد اوصى عمر قبل وفاته ان يؤم الناس من بعده صهيب،
حتى يتم انتخاب الخليفة من بين الستة الذين
اختارهم
عمرللشورى، ولصهيب منزلة خاصة عند المتصوفة
واهل العرفان.

بلال بن رباح:
كان بلال قد ولد في سراة من اب حبشي جي ء به اسيرا
مع سائر
الاسرى الحبشيين، ومن ام هي الاخرى اسيرة
تدعى حمامة، اما
بلال نفسه فكان غلاما لامية بن خلف الجمحي،وقد سارع
الى
اعتناق الدين الجديد للتخلص مما كان يعانيه من وضع
اجتماعي واقتصادي سي ء في مكة، بمجرد سماعه خبر
ظهور
هذه الدعوة، وقد اذاقه مالكه امية بن خلف الجمحي
مرارة القهر
والاستعباد كاسوء ما تكون، فكان يطرحه على رمال
مكة البالغة
الحرارة ويضع على صدره الصخور العظيمة.

يقول عنه
عروة بن
الزبير، الذي ذكره ضمن المستضعفين: انه تحمل اذى
شديدا
من سيده امية الذي صب عليه ذلك العذاب على امل ان
يرده
عن ايمانه، غير انه لم يرتدع ولم يجامل سيده ولو
بكلمة يطلقها
لسانه.

وجاء في انساب الاشراف: «كان بلال من
المستضعفين المؤمنين، وكان يعذب حين اسلم ليرجع
عن
دينه، فما اعطاهم قط كلمة مما يريدون، وكان الذي
يعذبه امية
بن خلف الجمحي»«165».

وروى البلاذري ايضا عن الحسن البصري، قال: «قال
رسول اللّه(ص): بلال سابق الحبشة»«166».

وروى ايضا: «ان بلالا من مولدي بني جمح، فكان امية
يخرجه الى رمضاء مكة اذا حميت، فيلقيه على ظهره،
ثم
يامربالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ويقول له: لا
تزال
واللّهكذلك حتى تفارق دين محمد.

فيقول بلال: احد
احد.

ويضع امية في عنقه حبلا، ويامر الصبيان ان يجروه.

فمر ابو بكر
يوماوهو يعذب، فقال له: يا امية، اما تتقي اللّه في
هذا
المسكين؟فقال امية: انت افسدته، فانقذه.

وكان بلال
تربا لابي
بكر، ومن الذين دعاهم ابو بكر الى الاسلام.

فقال
ابو بكر: عندي
غلام اسود اجلد منه واقوى، وهو على دينك فاعطيك
اياه
ثمنالبلال، قال: قد قبلت.

فاعطاه ذلك الغلام، واخذ
بلالافاعتقه»«167».

وفي رواية اخرى اوردها البلاذري في المصدر نفسه:
«ان
بلالالما اسلم اخذه اهله فقمطوه والقوا عليه من
البطحاء،
وجعلوايقولون: ربك اللات والعزى، فيقول: احد احد.

قال: فاتى عليه ابو بكر فقال: علام تعذبون هذا
الانسان؟فاشتراه
بسبع اواق واعتقه»«168» اي (280 درهما)،وينسب اخو
بلال نفسه الى العرب، وكان ذلك من اجل الخروج من
الاحتقار
والضعة التي كان عليها بين العرب كمااشرنا الى ذلك
عن
اشخاص آخرين.

روى البلاذري، عن الواقدي قوله: «لما كان يوم بدر
راى
امية بن خلف عبد الرحمن بن عوف وكانت بينهما
صداقة، فقال
له:يا ابا عمرو، وكان اسمه في الجاهلية.

فلم يكلمه،
فقال له: يا
عبدالاله.

قال عبد الرحمن: فالتفت فاذا انا بامية
وابنه علي، وبه
كان يكنى، وقد اخذ بيد ابنه، وكان معي ادراع قد
استلبتها،
وكان مشرفا على الاسر، فساله ان يطلب له الامان،
وقال: اما
لكم حاجة باللبن؟ (يعني الفداء) نحن خير لكم من
ادراعك.

فقلت:امضيا، واقبلت اسوقهما، فبصر بلال بامية،
فقال: يا
معشرالانصار، امية بن خلف راس الكفر، لا نجوت ان
نجوت.

قال عبد الرحمن: فاقتتلوا كانهم عوذ حنت الى
اولادها،
فاحاطوابامية حتى صار مثل المسكة... وضربه بلال
ضربة صرعته«169».

وكان بلال لا يشعر بالضعة لكونه حبشيا، فقد روى
البلاذري:«انه خطب بلال واخوه الى اهل بيت من البر،
فقال:
انا بلال وهذا اخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين
فهدانا اللّه،
وكناعبدين فاعتقنا اللّه، ان تنكحونا فالحمد للّه،
وان تمنعونا
فاللّهاكبر»«170».

وروى ابن سعد: «انه كان لرسول اللّه(ص) ثلاثة مؤذنين:
بلال،وابو محذورة، وعمر بن ام مكتوم، فاذا غاب بلال
اذن
ابومحذورة، واذا غاب ابو محذورة اذن عمرو بن ام
مكتوم.

ولما دون عمر بن الخطاب الدواوين بالشام، خرج بلال
الى الشام فاقام بها مجاهدا، فقال له عمر: «الى من
تجعل
ديوانك،يا بلال» قال: «مع ابي رويحة لا افارقه
ابدا، للاخوة
التي كان رسول اللّه(ص) عقدها بيني وبينه» فضمه
اليه، وضم
ديوان الحبشة الى خثعم لمكان بلال منهم»«171»
وتوفي
بلال في دمشق عام (30ه) عن بضع وستين سنة.

عامر بن فهيرة:
يعتبر عامر بن فهيرة من المستضعفين ايضا، وكان
مملوكا
لطفيل بن عبداللّه، وهو اخو عائشة بنت ابي بكر من
جهة الام،
وقداسلم بعد دخول الرسول(ص) دار الارقم، وقد لاقى ما
لاقاه رفاقه من صنوف الاذى والتعذيب بعد اسلامه،
الى ان
اشتراه ابو بكر وحرره، فكان من موالي ابي بكر،
يرعى له غنمه،
وهوالذي كان قد سقى رسول اللّه(ص) وابا بكر لبنا
عندما كانا
في الغار، وهما في طريق الهجرة الى المدينة،
واستشهد في
يوم«بئر معونة» في صفر من العام الرابع للهجرة، ولم
يعثر
على جسده.

ابو فكيهة:
وكان غلاما لصفوان بن امية الجمحي حين اسلم، فلقي
من سيده امية واخيه ابي اضطهادا وتنكيلا الى الحد
الذي ظن
انه قد فارق الحياة، غير انه ما لبث ان عاد له وعيه
فاشتراه
ابوبكر.

النساء المستضعفات:
لقد واجهت النساء المستضعفات والجواري ما واجهه
الرجال المستضعفون من اضطهاد وقهر وتعذيب، ومن
بين
النسوة اللاتي اسلمن ودفعن ثمن اسلامهن الما
وعذابا: (لبينة)
وهي جارية بني عدي.

و (زنيرة) وهي من جواري بني عدي
ايضا،وقيل: من جواري بني مخزوم.

وكان عمر ممن اضطهد
(لبينة)قبل اسلامه، وحاول ردها عن الاسلام، بينما
قام ابو
جهل بتعذيب (زنيرة).

ومن النساء المستضعفات ايضا جارية كانت لامراة من
بني
عبدالدار اشتراها ابو بكر وحررها.

الذين ارتابوا في دين آبائهم قبل الاسلام:
من بين المسلمين الاوائل جماعة كانوا قد ارتابوا في
دين آبائهم، وابوا عبادة الاصنام التي كان عليها
قومهم قبل
الاسلام،وقد سارع هؤلاء الى تلبية الدعوة
المحمدية، وبادروا
الى دخول الاسلام منذ اللحظات الاولى لظهوره حيث
وجدوا
فيه تلبية لامالهم وعقائدهم.

عبيداللّه بن جحش:
من بين هؤلاء عبيداللّه بن جحش، وهو احد الحنفاء
الاربعة،الذين كانوا قد اعتزلوا قريش كما اشرنا
الى ذلك فيما
سبق ووقفوا جانبا، في يوم احتفلت به قريش، وكان
الناس
يقدمون الاضاحي والقرابين لاصنامهم، بينما وقف
هؤلاء
الاربعة ينتقدون هذه المظاهر وينكرون على قومهم
بما كان
لديهم من احساسات دينية خضوعهم لهذه المعتقدات
الزائفة.

كان عبيداللّه بن جحش، الذي يرجع الى بني غنم بن
داود،
حلفاءبني امية، احد هؤلاء الاحناف.

واستمر
عبيداللّه على
تردده وحيرته حتى بعث اللّه الرسول(ص) ف آمن به
وصدقه
في دعوته، فهاجر مع المسلمين الاوائل الى الحبشة،
وكانت زوجته (ام حبيبة) بنت ابي سفيان هي الاخرى قد
اعتنقت الاسلام، وفي الحبشة فارق عبيداللّه
الاسلام،
واختارالمسيحية، وهاجم رفاقه المسلمين بقوله لهم:
«لقد
وصلت الى اليقين الذي ما زلتم تبحثون عنه انتم».

وقبل ان
يعود وافاه الاجل في الحبشة، فتزوجت زوجته (ام
حبيبة) من
رسول اللّه(ص) بعد وفاة زوجها.

عمرو بن عبسة:


/ 13