کمال الدین و تمام النعمة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کمال الدین و تمام النعمة - جلد 1

الصدوق ابی جعفر محمدبن علی بن الحسین بن بابویه القمی ؛ مصحح: علی اکبر الغفاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن عليه السلام وأمرهم بلزوم داره ليلا ونهارا فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام لايام مضت من شهر ربيع الاول من سنة ستين و مائتين، فصارت سر من رأى ضجة واحدة ـ مات ابن الرضا ـ وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها، وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤوا بنساء يعرفن بالحبل، فدخلن على جواريه فنظرن إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل

[ في بعض النسخ 'لها حبل' وفى بعضها 'بها حبل'.]

فأمر بها فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته، وعطلت الاسواق وركب أبى وبنو هاشم والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته عليه السلام فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبى عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين، وقال: هذا الحسن ابن علي بن محمد، ابن الرضا مات حتف أنفه

[ يعنى مات من غير قتل ولاضرب ولاخنق.]

على فراشه حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان، ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان، ثم غطى وجهه وقام فصلى عليه وكبر عليه خمسا وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه عليه السلام.

فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا على قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التى توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر وادعت أمه وصيته، وثبت ذلك عند القاضي. والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده، فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي، وقال له: اجعل لي مرتبة

أبي وأخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار مسلمة، فزبره

[ أي زجره.]

أبي وأسمعه وقال له: يا أحمق إن السلطان ـ أعزه الله ـ جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه ولم يتهيأ له صرفهم عن هذا القول فيهما، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك، فان كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى السلطان يرتبك مراتبهم ولا غير السلطان وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، واستقله "أبي" عند ذلك واستضعفه وأمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له بالدخول عليه حتى مات أبي وخرجنا والامر على تلك الحال، والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي عليها السلام حتى اليوم.

وكيف يصح الموت إلا هكذا وكيف يجوز رد العيان وتكذيبه، وإنما كان السلطان لا يفتر عن طلب الولد لانه قد كان وقع في مسامعه خبره وقد كان ولد عليه السلام قبل موت أبيه بسنين، وعرضه على أصحابه وقال لهم: 'هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه فلا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، أما إنكم لن تروه بعد يومكم هذا، فغيبه ولم يظهره، فلذلك لم يفتر السلطان عن طلبه.

وقد روى أن صاحب هذا الامر هو الذي تخفى ولادته على الناس ويغيب عنهم شخصه لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج وأنه هو الذي يقسم ميراثه وهو حي، وقد أخرجت ذلك مسندا في هذا الكتاب في موضعه، وقد كان مرادنا بايراد هذا الخبر تصحيحا لموت الحسن بن علي عليهما السلام، فلما بطل وقوع الغيبة لمن ادعيت له من محمد بن علي بن الحنفية، والصادق جعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، والحسن بن علي العسكري عليهم السلام بما صح من وفاتهم فصح وقوعها بمن نص عليه النبي والائمة الاحد عشر صلوات الله عليهم وهو الحجة بن الحسن بن علي بن محمد العسكري عليهم السلام وقد أخرجت الاخبار المسندة في ذلك الكتاب في أبواب النصوص عليه صلوات الله عليه.

وكل من سألنا من المخالفين عن القائم عليه السلام لم يخل من أن يكون قائلا بامامة الائمة الاحد عشر من آبائه عليهم السلام أو غير قائل بامامتهم، فان كان قائلا بإمامتهم لزمه القول بامامة الامام الثاني عشر لنصوص آبائه الائمة عليهم السلام عليه باسمه ونسبه وإجماع شيعتهم على القول بامامته وأنه القائم الذي يظهر بعد غيبة طويلة فيملا الارض قسطا وعدلا كما مئلت جورا وظلما. وإن لم يكن السائل من القائلين بالائمة الاحد عشر عليهم السلام لم يكن له علينا جواب في القائم الثاني عشر من الائمة عليهم السلام وكان الكلام بيننا وبينه في إثبات إمامة آبائه الائمة الاحد عشر عليهم السلام، وهكذا لو سألنا يهودي فقال لنا: لم صارت الظهر أربعا والعصر أربعا والعتمة أربعا والغداة ركعتين والمغرب ثلاثا؟ لم يكن له علينا في ذلك جواب، بل لنا أن نقول له: إنك منكر لنبوة النبي الذي أتى بهذه الصلوات وعدد ركعاتها، فكلمنا في نبوته وإثباتها فان بطلت بطلت هذه الصلوات وسقط السؤال عنها، وإن ثبتت نبوته صلى الله عليه وآله لزمك الاقرار بفرض هذه الصلوات على عدد ركعاتها لحصة مجيئها عنه واجتماع امته عليها، عرفت علتها أم لم تعرفها، وهكذا الجواب لمن سأل عن القائم عليه السلام حذو النعل بالنعل.

جواب عن اعتراض


وقد يعترض معترض جاهل بآثار الحكمة، غافل عن مستقيم التدبير لاهل الملة بأن يقول: ما بال الغيبة وقعت بصاحب زمانكم هذا دون من تقدم من آبائه الائمة بزعمكم وقد نجد شيعة آل محمد عليهم السلام في زماننا هذا أحسن حالا وأرغد عيشا منهم في زمن بني امية إذ كانوا في ذلك الزمان مطالبين بالبراءة من أمير المؤمنين عليه السلام إلى غير ذلك من أحوال القتل والتشريد. وهم في هذا الحال وادعون سالمون، قد كثرت شيعتهم وتوافرت أنصارهم وظهرت كلمتهم بموالاة كبراء أهل الدولة لهم وذوى السلطان و النجدة منهم.

فأقول ـ وبالله التوفيق ـ: إن الجهل غير معدوم من ذوي الغفلة وأهل التكذيب والحيرة وقد تقدم من قولنا أن ظهور حجج الله عليهم السلام واستتارهم جرى في وزن

الحكمة

[ كذا، يعنى في ميزان الحكمة.]

حسب الامكان والتدبير لاهل الايمان، وإذا كان ذلك كذلك فليقل ذو والنظر والتمييز: إن الامر الان ـ وإن كان الحال كما وصفت ـ أصعب والمحنة أشد مما تقدم من أزمنة الائمة السالفة عليهم السلام وذلك أن الائمة الماضية أسروا في جميع مقاماتهم إلى شيعتهم والقائلين بولايتهم والمائلين من الناس إليهم حتى تظاهر ذلك بين أعدائهم أن صاحب السيف هو الثاني عشر من الائمة عليهم السلام وأنه عليه السلام لا يقوم حتى تجيئ صيحة من السماء باسمه واسم أبيه والانفس منيتة

[ في بعض النسخ 'مبنية' والمنيتة أي المائلة كما في بعض اللغات. وفي بعض النسخ 'منبعثة'.]

على نشر ما سمعت وإذاعة ما أحست فكان ذلك منتشرا بين شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وعند مخالفيهم من الطواغيت وغيرهم وعرفوا منزلة أئمتهم من الصدق ومحلهم من العلم والفضل، وكانوا يتوقفون عن التسرع إلى إتلافهم ويتحامون القصد لانزال المكروه بهم مع ما يلزم من حال التدبير في إيجاب ظهورهم كذلك ليصل كل امرء منهم إلى ما يستحقه من هداية أو ضلالة كما قال الله تعالى: 'من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا'

[ الكهف: 17.]

وقال الله عزوجل: 'وليزيدن كثيرا منهم ما انزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين'

[ المائدة: 68.]

وهذا الزمان قد استوفى أهله كل إشارة من نص وآثار فتناهت بهم الاخبار واتصلت بهم الاثار إلى أن صاحب هذا الزمان عليه السلام هو صاحب السيف والانفس منيتة

[ على "ما وصفنا من" نشر ما سمعت وذكر ما رأت وشاهدت، فلو كان صاحب هذا الزمان عليه السلام ظاهرا موجودا لنشر شيعته ذلك ولتعداهم إلى مخالفيهم بحسن ظن بعضهم بمن يدخل فيهم ويظهر الميل إليهم وفي أوقات الجدال بالدلالة على شخصه والاشارة إلى مكانه كفعل هشام بن الحكم مع الشامي وقد ناظره بحضرة الصادق عليه السلام

فقال الشامي لهشام: من هذا الذي تشير إليه وتصفه بهذه الصفات؟ قال هشام: هو هذا وأشار بيده إلى الصادق عليه السلام فكان يكون ذلك منتشرا في مجالسهم كانتشاره بينهم مع إشارتهم إليه بوجود شخصه ونسبه ومكانه، ثم لم يكونوا حينئذ يمهلون ولا ينظرون كفعل فرعون في قتل أولاد بني إسرائيل للذي قد كان ذاع منهم وانتشر بينهم من كون موسى عليه السلام بينهم وهلاك فرعون ومملكته على يديه، وكذلك كان فعل نمرود قبله في قتل أولاد رعيته وأهل مملكته في طلب إبراهيم عليه السلام زمان انتشار الخبر بوقت ولادته وكون هلاك نمرود وأهل مملكته ودينه على يديه كذلك طاغية زمان وفاة الحسن بن ـ على عليهما السلام والد صاحب الزمان عليه السلام وطلب ولده والتوكيل بداره وحبس جواريه وانتظاره بهن وضع الحمل الذي كان بهن،

[ في بعض النسخ 'وضع حمل ان كان بهن'.]

]

فلو لا أن إرادتهم كانت ما ذكر نا من حال إبراهيم وموسى عليهما السلام لما كان ذلك منهم، وقد خلف عليه السلام أهله وولده وقد علموا من مذهبه ودينه أن لا يرث مع الولد والابوين أحد إلا زوج أو زوجة، كلاما يتوهم غير هذا عاقل ولافهم غير هذا مع ما وجب من التدبير والحكمة المستقيمة ببلوغ غاية المدة في الظهور والاستتار فإذا كان ذلك كذلك وقعت الغيبة فاستتر عنهم شخصه وضلوا عن معرفة مكانه، ثم نشر ناشر من شيعته شيئا من أمره بما وصفناه وصاحبكم في حال الاستتار فوردت عادية من طاغوت الزمان أو صاحب فتنة من العوام تفحص عما ورد من الاستتار وذكر من الاخبار فلم يجد حقيقة يشار إليها ولا شبهة يتعلق بها انكسرت العادية و سكنت الفتنة وتراجعت الحمية، فلا يكون حينئذ على شيعته ولا على شيء من أشيائهم

[ في بعض النسخ 'من اسبابهم'.]

لمخالفيهم متسلق ولا إلى اصطلامهم سبيل متعلق

[ تسلق الجدار: تسوره وصعد عليه، والمتسلق: آلة التسلق. والاصطلام: الاستيصال.]

وعند ذلك تخمد النائرة وترتدع العادية، فتظاهر أحوالهم عند الناظر في شأنهم، ويتضح للمتأمل أمرهم، و يتحقق المؤمن المفكر في مذهبهم، فيلحق بأولياء الحجة من كان في حيرة الجهل و

ينكشف عنهم ران الظلمة

[ أي تغطية الظلمة. وفي بعض النسخ 'درن الظلمة' والدرن: الوسخ.]

عند مهلة التأمل

[ في بعض النسخ 'المتأمل للحق'.]

بيناته وشواهد علاماته كحال اتضاحه وانكشافه عند من يتأمل كتابنا هذا مريدا للنجاة، هاربا من سبل الضلالة، ملتحقا بمن سبقت لهم من الله الحسنى، فآثر على الضلالة الهدى.

جواب عن اعتراض آخر


ومما سأل عنه جهال المعاندين للحق أن قالوا: أخبرونا عن الامام في هذا الوقت يدعى الامامة أم لا يدعيها ونحن نصير إليه فنسأله عن معالم الدين فان كان يجيبنا ويدعي الامامة علمنا أنه الامام، وإن كان لا يدعي الامامة ولا يجيبنا إذا صرنا إليه فهو ومن ليس بامام سواء.

فقيل لهم: قد دل على إمام زماننا الصادق الذي قبله وليست به حاجة إلى أن يدعى هو أنه إمام إلا أن يقول ذلك على سبيل الاذكار والتأكيد، فأما على سبيل الدعوى التي نحتاج إلى برهان فلا، لان الصادق الذي قبله قد نص عليه وبين أمره وكفاه مؤونة الادعاء، والقول في ذلك نظير قولنا في علي بن أبي طالب عليه السلام في نص النبي صلى الله عليه وآله واستغنائه عن أن يدعي هو لنفسه أنه إمام، فأما إجابته أياكم عن معالم الدين فان جئتموه مسترشدين متعلمين، عارفين بموضعه، مقرين بامامته عرفكم و علمكم. وإن جئتموه أعداء له، مرصدين بالسعاية إلى أعدائه، منطوين على مكروهه عند أعداء الحق، متعرفين مستور امور الدين لتذيعوه لم يجبكم لانه يخاف على نفسه منكم، فمن لم يقنعه هذا الجواب قلبنا عليه السؤال في النبي صلى الله عليه وآله وهو في الغار أن لو أراد الناس أن يسألوه عن معالم الدين هل كانوا يلقونه ويصلون إليه أم لا، فان كانوا يصلون إليه فقد بطل أن يكون استتاره في الغار، وإن كانوا لا يصلون إليه فسواء وجوده في العالم وعدمه على علتكم، فان قلتم: إن النبي صلى الله عليه وآله كان متوقيا، قيل: وكذلك الامام عليه السلام في هذا الوقت متوق، فان قلتم: إن النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك قد ظهر ودعا إلى نفسه، قلنا: وما في ذلك من الفرق أليس قد كان نبيا قبل أن يخرج من الغار

ويظهر وهو في الغار مستتر ولم ينقض ذلك نبوته، وكذلك الامام يكون إماما وإن كان يستتر بامامته ممن يخافه على نفسه، ويقال لهم: ما تقولون في أفاضل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله؟ والمتقدم في الصدق منهم لو لقيتهم كتيبة المشركين يطلبون نفس النبي صلى الله عليه وآله فلم يعرفوه فسألوهم عنه هل هو هذا؟ وهو بين أيديهم أو كيف أخفى؟

[ أي كيف أخفى نفسه. وفى بعض النسخ 'كيف أخذ'.]

وأين هو؟ فقالوا: ليس نعرف موضعه أو ليس هو هذا؟ هل كانوا في ذلك كاذبين مذمومين غير صادقين ولا محمودين أم لا؟ فان قلتم: كاذبين خرجتم من دين الاسلام بتكذيبكم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وإن قلتم: لا يكون ذلك كذلك لانهم يكونون قد حرفوا كلامهم و أضمروا معنى أخرجهم من الكذب وإن كان ظاهره ظاهر كذب، فلا يكونون مذمومين بل محمودين لانهم دفعوا عن نفس النبي صلى الله عليه وآله القتل.

قيل لهم: وكذلك الامام إذا قال: لست بامام ولم يجب أعداءه عما يسألونه عنه لا يزيل ذلك إمامته لانه خائف على نفسه، وإن أبطل جحده لاعدائه أنه إمام في حال الخوف إمامته أبطل على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن يكونوا صادقين في إجابتهم المشركين بخلاف ما علموه عند الخوف، وإن لم يزل ذلك صدق الصحابة لم يزل أيضا ستر الامام نفسه إمامته، ولا فرق في ذلك، ولو أن رجلا مسلما وقع في أيدي الكفار وكانوا يقتلون المسلمين إذا ظفروا بهم فسألوه هل أنت مسلم؟ فقال: لا، لم يكن ذلك بمخرج له من الاسلام، فكذلك الامام إذا جحد عند أعدائه ومن يخافه على نفسه أنه إمام لم يخرجه ذلك من الامامة.

فان قالوا: إن المسلم لم يجعل في العالم ليعلم الناس ويقيم الحدود، فلذلك افترق حكماهما ووجب أن لا يستر الامام نفسه.

قيل لهم: لم نقل إن الامام يستر نفسه "عن جميع الناس"

[ هذه الزيادة بين القوسين كانت في بعض النسخ دون بعض.]

لان الله عزوجل قد نصبه وعرف الخلق مكانه بقول الصادق الذي قبله فيه ونصبه له، وإنما قلنا: إن الامام لا يقر عند أعدائه بذلك خوفا منهم أن يقتلوه فأما أن يكون مستورا عن

جميع الخلق فلا، لان الناس جميعا لو سألوا عن إمام الامامية من هو؟ لقالوا: فلان بن فلان مشهور عند جميع الامة، وإنما تكلمنا في أنه هل يقر عند أعدائه أم لا يقر، وعارضناكم باستتار النبي صلى الله عليه وآله في الغار وهو مبعوث معه المعجزات وقد أتى بشرع مبتدع ونسخ كل شرع قبله وأريناكم أنه إذا خاف كان له أن يجحد عند أعدائه أنه إمام ولا يجيبهم إذا سألوه، ولا يخرجه ذلك من أن يكون إماما، ولا فرق في ذلك، فان قالوا: فإذا جوزتم للامام أن يجحد إمامته أعداءه عند الخوف فهل يجوز للنبي صلى الله عليه وآله أن يجحد نبوته عند الخوف من أعدائه؟ قيل لهم: قد فرق قوم من أهل الحق بين النبي صلى الله عليه وآله وبين الامام بأن قالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي إلى رسالته والمبين للناس ذلك بنفسه فإذا جحد ذلك وأنكره للتقية بطلت الحجة، ولم يكن أحد يبين عنه، والامام قد قام له النبي صلى الله عليه وآله بحجته وأبان أمره فإذا سكت أو جحد كان النبي صلى الله عليه وآله قد كفاه ذلك. وليس هذا جوابنا، ولكنا نقول: إن حكم النبي صلى الله عليه وآله وحكم الامام سيان في التقية إذا كان قد صدع بأمر الله عزوجل وبلغ رسالته وأقام المعجزات، فأما قبل ذلك فلا وقد محى النبي صلى الله عليه وآله اسمه من الصحيفة في صلح الحديبية حين أنكر سهيل بن عمرو، وحفص بن الاحنف نبوته فقال لعلي عليه السلام: امحه واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فلم يضر ذلك نبوته إذا كانت الاعلام في البراهين قد قامت له بذلك من قبل، وقد قبل الله عزوجل عذر عمار حين حمله المشركون على سب رسول الله صلى الله عليه وآله وأرادوا قتله فسبه، فلما رجع إلى النبي صلى عليه وآله قال: قد أفلح الوجه يا عمار، قال: ما أفلح وقد سببتك يا رسول الله، فقال عليه السلام: أليس قلبك مطئمن بالايمان؟ قال: بلى يا رسول الله، فأنزل الله تبارك وتعالى 'إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان'

[ النحل: 106.]

والقول في ذلك ينافي الشريعة من إجازة ذلك في وقت و حظره في وقت آخر، وإذا جاز للامام أن يجحد إمامته ويستر أمره جاز أن يستر شخصه متى أوجبت الحكمة غيبته وإذا جاز أن يغيب يوما لعله موجبة جاز سنة، وإذا جاز

سنة، جاز مائة سنة، وإذا جاز مائة سنة جاز أكثر من ذلك إلى الوقت الذي توجب الحكمة ظهوره كما أوجبت غيبته، ولا قوة إلا بالله.

ونحن نقول مع ذلك:

[ في بعض النسخ 'في ذلك'.]

إن الامام لا يأتي جميع ما يأتيه من اختفاء وظهور وغيرهما إلا بعهد معهود إليه من رسول الله صلى الله عليه وآله كما قد وردت به الاخبار عن أئمتنا عليهم السلام.

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضى الله عنه ـ قال: حدثنا علي بن ـ إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس: ما لله في آل محمد حاجة، ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه

[ في بعض النسخ 'يشككه'.]

فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل، وإن الله عزوجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون.

اعتراضات لابن بشار


وقد تكلم علينا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشار في الغيبة وأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي

[ محمد بن عبد الرحمن بن قبة ـ بالقاف المكسورة وفتح الباء الموحدة الرازي أبو جعفر متكلم عظيم القدر حسن العقيدة كان قديما من المعتزلة وتبصر وانتقل، وكان شيخ الامامية في زمانه كما في "جش وصه".]

وكان من كلام علي بن أحمد بن بشار علينا في ذلك أن قال في كتابه أقول: إن كل المبطلين أغنياء عن تثبيت إنية من يدعون له، وبه يتمسكون، وعليه يعكفون، ويعطفون لوجود أعيانهم وثبات إنياتهم وهؤلاء

"يعني أصحابنا" فقراء إلى ما قد غني عنه كل مبطل سلف من تثبيت إنية من يدعون له وجوب الطاعة، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين واختلفوا بخاصة ازدادوا بها بطلانا وانحطوا بها عن سائر المبطلين، لان الزيادة من الباطل تحط والزيادة من الخير تعلو، والحمد لله رب العالمين.

ثم قال: وأقول قولا تعلم فيه الزيادة على الانصاف منا وإن كان ذلك غير واجب علينا. أقول: إنه معلوم أنه ليس كل مدع ومدعى له بمحق، وإن كل سائل لمدع تصحيح دعواه بمنصف

[ في بعض النسخ 'ليس كل مدع ومدعى له فمحق وان كان "كل - خ ل" سائل للمدعى تصحيح دعواه فمنصف'.]

وهؤلاء القوم ادعوا أن لهم من قد صح عندهم أمره ووجب له على الناس الانقياد والتسليم وقد قدمنا أنه ليس كل مدع ومدعى له بواجب له التسليم، ونحن نسلم لهؤلاء القوم الدعوى ونقر على أنفسنا بالابطال ـ وإن كان ذلك في غاية المحال ـ بعد أن يوجدونا إنية المدعى له ولا نسألهم تثبيت الدعوى، فان كان معلوما أن في هذا أكثر من الانصاف فقد وفينا بما قلنا، فان قدروا عليه فقد أبطلوا، و إن عجزوا عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه. وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا عن المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدعون له وعجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلا ما يرجعون إليه من قولهم 'إنه لابد ممن تجب به حجة الله عزوجل' وأجل لابد من وجوده فضلا عن كونه، فأوجدونا الانية من دون إيجاد الدعوي.

ولقد خبرت عن أبي جعفر بن أبي غانم

[ هو غير علي بن أبي غانم الذي عنونه منتجب الدين بل هو رجل آخر لم أعثر على عنوانه في كتب الرجال.]

أنه قال لبعض من سأله فقال: بم تحاج الذين

[ في بعض النسخ 'الذي'.]

كنت تقول ويقولون: إنه لابد من شخص قائم من أهل هذا البيت؟ قال

/ 36