کمال الدین و تمام النعمة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کمال الدین و تمام النعمة - جلد 1

الصدوق ابی جعفر محمدبن علی بن الحسین بن بابویه القمی ؛ مصحح: علی اکبر الغفاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عن أبي كهمس قال: حضرت موت إسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام: فرأيت أبا عبد الله عليه السلام وقد سجد سجدة فأطال السجود، ثم رفع رأسه فنظر إليه قليلا ونظر إلى وجهه "قال:" ثم سجد سجدة اخرى أطول من الاولى، ثم رفع رأسه وقد حضره الموت فغمضه وربط لحييه وغطى عليه ملحفة، ثم قام وقد رأيت وجهه وقد دخله منه شيء الله أعلم به، قال: ثم قام فدخل منزله فمكث ساعة، ثم خرج علينا مدهنا مكتحلا عليه ثياب غير الثياب التي كانت عليه ووجهه غير الذي دخل به فأمر ونهي في أمره

[ يعني في تجهيز اسماعيل.]

حتى إذا فرغ منه دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن 'إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله'.

حدثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن ـ عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبى الحسن ظريف بن ناصح، عن الحسن ابن زيد قال: ماتت ابنة لابي عبد الله عليه السلام فناح عليها سنة، ثم مات له ولد آخر فناح عليه سنة، ثم مات إسماعيل فجزع عليه جزعا شديدا فقطع النوح، قال: فقيل لابي عبد الله عليه السلام: أصلحك الله أيناح في دارك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لما مات حمزة: ليبكين حمزة لا بواكي له.

[ في بعض النسخ 'لكن حمزة لا بواكي له'.]

حدثنا محمد بن الحسن ـ رحمه الله ـ قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن عبد الله الكوفي قال: لما حضرت إسماعيل بن أبي عبد الله الوفاة جزع أبو عبد الله عليه السلام جزعا شديدا قال: فلما غمضه دعا بقميص غسيل أو جديد فلبسه ثم تسرح وخرج يأمر وينهى قال: فقال له بعض أصحابه: جعلت فداك لقد ظننا أن لا ينتفع بك زمانا لما رأينا من جزعك، قال: إنا أهل بيت نجزع ما لم تنزل المصيبة فإذا نزلت صبرنا.

حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق ـ رحمه الله ـ قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا الحسين بن الهيثم قال:

حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي قال: حدثنا عنبسة بن بجاد العابد قال: لما مات إسماعيل بن جعفر بن محمد وفرغنا من جنازته جلس الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وجلسنا حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه فقال: أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق ودار التواء

[ التواء: الاعوجاج.]

لا دار استواء على أن فراق المألوف حرقة لا تدفع ولوعة لا ترد

[ اللوعة: حرقة الحزن.]

وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء وصحة الفكر فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد، ثم تمثل عليه السلام بقول أبي خراش الهذلي يرثي أخاه.




  • ولا تحسبي أني تناسيت عهده++
    ولكن صبري يا إمام جميل



  • ولكن صبري يا إمام جميل
    ولكن صبري يا إمام جميل



[ في بعض النسخ 'يا أميم جميل' والاميم هو المضروب على أم رأسه.]

اعتراض آخر:

قالت الزيدية: لو كان خبر الائمة الاثنى عشر صحيحا لما كان الناس يشكون بعد الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في الامامة حتى يقول طائفة من الشيعة بعبد الله وطائفة بإسماعيل وطائفة تتحير حتى أن الشيعة منهم من امتحن عبد الله بن الصادق عليه السلام فلما لم يجد عنده ما أراد خرج وهو يقول: إلى أين؟ إلى المرجئة أم إلى القدرية؟ أم إلي الحرورية وإن موسى بن جعفر سمعه يقول هذا فقال له: لا إلى المرجئة، ولا إلى القدرية، ولا إلى الحرورية ولكن إلى. فانظروا من كم وجه يبطل خبر الاثنى عشر أحدها جلوس عبد الله للامامة، والثاني إقبال الشيعة إليه، والثالث حيرتهم عند امتحانه، والرابع أنهم لم يعرفوا أن إمامهم موسى بن جعفر عليهما السلام حتى دعاهم موسى إلى نفسه وفي هذه المدة مات فقيههم زرارة بن أعين وهو يقول والمصحف على صدره: 'اللهم إني أئتم بمن أثبت إمامته هذا المصحف'.

فقلنا لهم: إن هذا كله غرور من القول وزخرف، وذلك أنا لم ندع أن

جميع الشيعة عرف في ذلك العصر الائمة الاثني عشر عليهم السلام بأسمائهم، وإنما قلنا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر أن الائمة بعده الاثنا عشر، الذين هم خلفاؤه وأن علماء الشيعة قد رووا هذا الحديث بأسمائهم ولا ينكر أن يكون فيهم واحد أو اثنان أو أكثر لم يسمعوا بالحديث، فأما زرارة بن أعين فانه مات قبل انصراف من كان وفده ليعرف الخبر ولم يكن سمع بالنص على موسى بن جعفر عليهما السلام من حيث قطع الخبر عذره فوضع المصحف الذي هو القرآن على صدره، وقال: اللهم إني أئتم بمن يثبت هذا المصحف إمامته، وهل يفعل الفقيه المتدين عند اختلاف الامر عليه إلا ما فعله زرارة، على أنه قد قيل: إن زرارة قد كان عمل بأمر موسى بن جعفر عليهما السلام وبامامته وإنما بعث ابنه عبيدا ليتعرف من موسى بن جعفر عليهما السلام هل يجوز له إظهار ما يعلم من إمامته أو يستعمل التقية في كتمانه، وهذا أشبه بفضل زرارة بن أعين وأليق بمعرفته.

حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن زرارة هل كان يعرف حق أبيك عليه السلام؟ فقال: نعم، فقلت له: فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام؟ فقال: إن زرارة كان يعرف أمر أبي عليه السلام ونص أبيه عليه وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي عليه السلام هل يجوز له أن يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه وأنه لما أبطأ عنه ابنه طولب باظهار قوله في أبي عليه السلام فلم يحب أن يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال: اللهم إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد عليهما السلام.

والخبر الذي احتجت به الزيدية ليس فيه أن زرارة لم يعرف إمامة موسى بن ـ جعفر عليهما السلام وإنما فيه أنه بعث ابنه عبيدا ليسأل عن الخبر.

حدثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه قال: لما بعث زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة ليسأل عن الخبر بعد مضي أبي عبد الله

عليه السلام فلما اشتد به الامر أخذ المصحف وقال: من أثبت إمامته هذا المصحف فهو إمامي. وهذا الخبر لا يوجب أنه لم يعرف، على أن راوي هذا الخبر أحمد بن هلال

[ هو أحمد بن هلال العبرتائي وردت فيه ذموم عن الامام العسكري عليه السلام كما في "كش".]

وهو مجروح عند مشايخنا ـ رضي الله عنهم ـ.

حدثنا شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت سعد بن عبد الله يقول: ما رأينا ولا سمعنا بمتشيع رجع عن التشيع إلى النصب إلا أحمد بن هلال، وكانوا يقولون: إن ما تفرد بروايته أحمد بن هلال فلا يجوز استعماله، وقد علمنا أن النبي والائمة صلوات الله عليهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه. والشاك في الامام على غير دين الله، وقد ذكر موسى جعفر عليهما السلام أنه سيستوهبه من ربه يوم القيامة.

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن أبي الصهبان، عن منصور بن العباس، عن مروك بن عبيد، عن درست ابن أبي منصور الواسطي، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: ذكر بين يديه زرارة بن أعين فقال: والله إني سأستوهبه من ربي يوم القيامة فيهبه لي، ويحك إن زرارة بن أعين أبغض عدونا في الله وأحب ولينا في الله.

حدثنا أبي ومحمد بن الحسن ـ رضي الله عنهما ـ قالا: حدثنا أحمد بن إدريس، و محمد بن يحيى العطار جميعا، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبى عبد الله عليه السلام أنه قال: أربعة أحب الناس إلي أحياء وأمواتا: بريد العجلي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، والاحول

[ يعنى محمد بن النعمان البجلي مؤمن الطاق.]

أحب الناس إلي أحياء وأمواتا.

فالصادق عليه السلام لا يجوز أن يقول لزرارة: إنه من أحب الناس إليه وهو لا يعرف إمامة موسى بن جعفر عليهما السلام.

اعتراض آخر


قالت الزيدية لا يجوز أن يكون من قول الانبياء: إن الائمة اثنا عشر لان الحجة باقية على هذه الامة إلى يوم القيامة، والاثنا عشر بعد محمد صلى الله عليه وآله قد مضى منهم أحد عشر، وقد زعمت الامامية أن الارض لا تخلو من حجة.

فيقال لهم: إن عدد الائمة عليهم السلام اثنا عشر والثاني عشر هو الذي يملأ الارض قسطا وعدلا، ثم يكون بعده ما يذكره من كون إمام بعده أو قيام القيامة ولسنا مستعبدين في ذلك إلا بالاقرار باثني عشر إماما إعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر عليه السلام بعده.

حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثنا عبد العزيز ابن يحيى قال: حدثنا إبراهيم بن فهد، عن محمد بن عقبة، عن حسين بن الحسن، عن إسماعيل بن عمر، عن عمر بن موسى الوجيهي

[ عمر بن موسى الوجيهي زيدي له كتاب قراءة زيد بن علي عليه السلام وقال: سمعت زيد ابن علي يقول: هذا قراءة أمير المؤمنين عليه السلام.]

عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن ـ الحارث قال: قلت لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين أخبرني بما يكون من الاحداث بعد قائمكم؟ قال: يا ابن الحارث ذلك شيء ذكره موكول إليه، وإن رسول الله صلى الله عهد إلي أن لا اخبر به إلا الحسن والحسين عليهما السلام.

حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ـ رحمة الله عليه ـ قال: حدثنا عبد العزيز بن ـ يحيى الجلودي، عن الحسين بن معاذ، عن قيس بن حفص، عن يونس بن أرقم، عن أبي سنان الشيباني

[ اما الحسين بن معاذ فالظاهر هو الحسين بن معاذ بن خليف البصري الذى ذكره ابن حبان في الثقات، وأما قيس بن حفص فالظاهر هو قيس بن حفص بن القعقاع التميمي الدارمي مولاهم أبو محمد البصري المتوفى 227 الذى ذكره ابن حبان في الثقات أيضا. وأما يونس بن أرقم فلم أجد من ذكره، وأما أبو سنان الشيباني المصحف في نسخ الكتاب بابي سيار فهو سعيد بن سنان البرجمي الشيباني الكوفي الذي ذكره ابن حبان في الثقات وقال كان عابدا فاضلا انتهى، يروي عن ضحاك بن مزاحم الهلالي أبي القاسم ويقال أبو محمد قال عبد الله بن أحمد: ثقة مأمون وقال ابن معين وكذا أبو زرعة: ثقة. وهو يروى عن النزال ابن سبرة ـ بفتح المهملة وسكون الموحدة الهلالي وهو كوفى تابعي من كبار التابعين ذكره ابن حيان في الثقات كما في التهذيب.]

عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن أمير المؤمنين عليه السلام في

حديث يذكر فيه أمر الدجال ويقول في آخره: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فانه عهد إلي حبيبي عليه السلام أن لا اخبر به غير عترتي. قال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة ابن صوحان: ماعنى أمير المؤمنين بهذا القول؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة إن الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما السلام وهو الشمس الطالعة من مغربها، يظهر عند الركن والمقام، فيطهر الارض ويضع الميزان بالقسط فلا يظلم أحد أحدا، فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام أن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الائمة.

ويقال للزيدية: أفيكذب رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله 'إن الائمة اثنا عشر'. فان قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقل هذا القول، قيل لهم: إن جاز لكم دفع هذا الخبر مع شهرته واستفاضته وتلقى طبقات الامامية إياه بالقبول فما أنكرتم ممن يقول: إن قول رسول الله صلى الله عليه وآله 'من كنت مولاه' ليس من قول الرسول عليه السلام.

اعتراض آخر:

قالت الزيدية: اختلفت الامامية في الوقت الذي مضى فيه الحسن بن علي عليهما السلام فمنهم من زعم أن ابنه كان ابن سبع سنين، ومنهم من قال: إنه كان صبيا

[ في بعض النسخ 'جنينا'.]

أو رضيعا وكيف كان فانه في هذه الحال لا يصلح للامامة ورئاسة الامة وأن يكون خليفة الله في بلاده وقيمه في عباده، وفئة المسلمين إذا عضتهم الحروب، ومدبر جيوشهم، والمقاتل عنهم والذاب عن حوزتهم، والدافع عن حريمهم لان الصبى الرضيع والطفل لا يصلحان لمثل هذه الامور، ولم تجر العادة فيما سلف قديما وحديثا أن تلقى الاعداء بالصبيان ومن لا يحسن الركوب ولا يثبت على السرج، ولا يعرف كيف يصرف العنان، ولا ينهض

بحمل الحمائل، ولا بتصريف القناة، ولا يمكنه الحمل على الاعداء في حومة الوغا، فان أحد أوصاف الامام أن يكون أشجع الناس.

الجواب


يقال لمن خطب بهذه الخطبة: إنكم نسيتم كتاب الله عزوجل: ولولا ذلك لم ترموا الامامية بأنهم لا يحفظون كتاب الله وقد نسيتم قصة عيسى عليه السلام وهو في المهد حين يقول: 'إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت - الاية

[ مريم: 32.]

أخبرونا لو آمن به بنو إسرائيل ثم حزبهم أمر من العدو

[ حزبه أمر أي أصابه.]

كيف كان يفعل المسيح عليه السلام وكذلك القول في يحيى عليه السلام، وقد أعطاه الله الحكم صبيا فان جحدوا ذلك فقد جحدوا كتاب الله، ومن لم يقدر على دفع خصمه إلا بعد أن يجحد كتاب الله فقد وضح بطلان قوله.

ونقول في جواب هذا الفصل: إن الامر لو أفضى بأهل هذا العصر إلى ما وصفوا لنقض الله العادة فيه، وجعله رجلا بالغا كاملا فارسا شجاعا بطلا قادرا على مبارزة الاعداء والحفظ لبيضة الاسلام والدفع عن حوزتهم. وهذا جواب لبعض الامامية على أبي القاسم البلخي.

تراض آخر:

قالت الزيدية: قد شك الناس في صحة نسب هذا المولود إذ أكثر الناس يدفعون أن يكون للحسن بن علي عليهما السلام ولد.

فيقال لهم: قد شك بنو إسرائيل في المسيح ورموا مريم بما قالوا 'لقد جئت شيئا فريا'

[ مريم: 28. وقوله 'فريا' أي عظيما بديعا أو قبيحا منكرا، من الافتراء وهو الكذب.]

فتكلم المسيح ببراءة أمه عليه السلام فقال: 'إني عبد الله آتاني الكتاب

وجعلني نبيا' فعلم أهل العقول أن الله عزوجل لا يختار لاداء الرسالة مغمور النسب ولا غير كريم المنصب، كذلك الامام عليه السلام إذا ظهر كان معه من الايات الباهرات و الدلائل الظاهرات ما يعلم به أنه بعينه دون الناس هو خلف الحسن بن علي عليهما السلام.

قال بعضهم: ما الدليل على أن الحسن بن علي عليه السلام توفي؟

قيل له: الاخبار التي وردت في موته هي أوضح وأشهر وأكثر من الاخبار التى وردت في موت أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لان أبا الحسن عليهما السلام مات في يد الاعداء ومات أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام في داره على فراشه، وجرى في أمره ما قد أوردت الخبربه مسندا في هذا الكتاب.

فقال قائل منهم: فهلا دلكم تنازع أم الحسن وجعفر في ميراثه أنه لم يكن له ولد؟ لانا بمثل هذا نعرف من يموت ولا عقب له ان لا يظهر ولده ويقسم ميراثه بين ورثته؟

فقيل له: هذه العادة مستفيضة وذلك أن تدبير الله في أنبيائه ورسله وخلفائه ربما جرى على المعهود المعتاد وربما جرى بخلاف ذلك، فلا يحمل أمرهم في كل الاحوال على العادات كما لا يحمل أمر المسيح عليه السلام على العادات.

قال: فان جاز له أن يشك

[ في بعض النسخ 'فان جاز لنا أن نشك'.]

في هذا لم لا يجوز أن نشك في كل من يموت ولا عقب له ظاهر.

قيل له: لا نشك في أن الحسن عليه السلام كان له خلف من عقبه بشهادة من أثبت له ولدا من فضلاء ولد الحسن والحسين عليهما السلام والشيعة الاخبار لان الشهادة التي يجب قبولها هي شهادة المثبت لا شهادة النافي وإن كان عدد النافين أكثر من عدد المثبتين، ووجدنا لهذا الباب فيما مضى مثالا وهو قصة موسى عليه السلام لان الله سبحانه لما أراد أن ينجي بني إسرائيل من العبودية ويصير دينه على يديه غضا طريا أوحى إلى أمه 'فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين'

[ القصص: 7.]

فلو أن أباه عمران مات في ذلك الوقت لما كان الحكم في ميراثه إلا كالحكم في ميراث

الحسن عليه السلام، ولم يكن في ذلك دلالة على نفي الولد.

وخفي على مخالفينا فقالوا: إن موسى في ذلك الوقت لم يكن بحجة والامام عندكم حجة، ونحن إنما شبهنا الولادة والغيبة بالولادة والغيبة، وغيبة يوسف عليه السلام أعجب من كل عجب لم يقف على خبره أبوه وكان بينهما من المسافة ما يجب أن لا ينقطع لولا تدبير الله عزوجل في خلقه أن ينقطع خبره عن أبيه وهؤلاء إخوته دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.

وشبهنا أمر حياته بقصة أصحاب الكهف فانهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، وهم أحياء.

فان قال قائل: إن هذه أمور قد كانت ولا دليل معنا على صحة ما تقولون.

قيل له: أخرجنا بهذه الامثلة أقوالنا من حد الاحالة إلى حد الجواز، وأقمنا الادلة على صحة قولنا بأن الكتاب لا يزال معه من عترة الرسول صلى الله عليه وآله من يعرف حلاله وحرامه ومحكمه ومتشابهه، وبما أسندناه في هذا الكتاب من الاخبار عن النبي والائمة صلوات الله عليهم.

فان قال: فكيف التمسك به؟ ولا نهتدي إلى مكانه ولا يقدر أحد علي إتيانه؟ قيل له: نتمسك بالاقرار بكونه وبامامته وبالنجباء الاخيار والفضلاء الابرار القائلين بامامته، المثبتين لولادته وولايته، المصدقين للنبي والائمة عليهم السلام في النص عليه باسمه ونسبه من أبرار شيعته، العالمين بالكتاب والسنة، العارفين بوحدانية الله تعالى ذكره النافين عنه شبه المحدثين المحرمين للقياس، المسلمين لما يصح وروده عن النبي والائمة عليهم السلام.

فان قال قائل: فان جاز أن يكون نتمسك بهؤلاء الذين وصفتهم ويكون تمسكنا بهم تمسكا بالامام الغائب فلم لا يجوز أن يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يخلف أحدا فيقتصر أمته على حجج العقول والكتاب والسنة؟ قيل له: ليس الاقتراح على الله عز وجل علينا وإنما علينا فعل ما نؤمر به وقد دلت الدلائل على فرض طاعة هؤلاء الائمة الاحد عشر عليهم السلام الذين مضوا ووجب القعود معهم إذا قعدوا والنهوض معهم إذا نهضوا، و

الاسماع منهم إذا نطقوا. فعلينا أن نفعل في كل وقت ما دلت الدلائل على أن علينا أن نفعله.

اعتراض آخر لبعضهم


قال بعض الزيدية فان للواقفه ولغيرهم أن يعارضوكم في ادعائكم أن موسى بن جعفر عليهما السلام مات وأنكم وقفتم على ذلك بالعرف والعادة والمشاهدة وذلك أن الله عزوجل قد أخبر في شأن المسيح عليه السلام فقال: 'وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم' وكان عند القوم في حكم المشاهدة والعادة الجارية أنهم قد رأوه مصلوبا مقتولا فليس بمنكر مثل ذلك في سائر الائمة الذين قال بغيبتهم طائفة من الناس.

الجواب يقال لهم: ليس سبيل الائمة عليهم السلام في ذلك سبيل عيسى بن مريم عليه السلام وذلك أن عيسى بن مريم ادعت اليهود قتله فكذبهم الله تعالى ذكره بقوله 'وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم'

[ النساء: 156.]

وأئمتنا عليهم السلام لم يرد في شأنهم الخبر عن الله أنهم شبهوا وإنما قال ذلك قوم من طوائف الغلاة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله بقتل أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: 'إنه ستخضب هذه من هذا' يعني لحيته من دم رأسه، وأخبر من بعده من الائمة عليهم السلام بقتله، وكذلك الحسن والحسين عليهما السلام قد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل بأنهما سيقتلان، وأخبرا عن أنفسهما بأن ذلك سيجري عليهما، وأخبر من بعدهما من الائمة عليهم السلام بقتلهما، وكذلك سبيل كل إمام بعدهما من علي بن الحسين إلى الحسن بن علي العسكري عليهما السلام قد أخبر الاول بما يجري على من بعده وأخبر من بعده بما جرى على من قبله، فالمخبرون بموت الائمة عليهما السلام هم النبي والائمة عليهم السلام واحد بعد واحد، والمخبرون بقتل عيسى عليه السلام كانت اليهود، فلذلك قلنا: إن ذلك جرى عليهم على الحقيقة والصحة لا على الحسبان والحيلولة ولا على الشك والشبهة لان الكذب على المخبرين بموتهم غير جائز لانهم معصومون وهو على اليهود جائز.

/ 36