4 ـ الحياة الثقافية : - شیخ عبدالمنعم الفرطوسی، حیاته و أدبه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیخ عبدالمنعم الفرطوسی، حیاته و أدبه - نسخه متنی

حیدر محلاتی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید








وهـكذا اءخذ العمل السياسي ضد الانجليز يسير نحو التصعيد, وبتوجيه من علماء الدين , وخاصة بعد فتوى الامام محمد تقي الشيرازي التي جاء فيها: المطالبة بالحقوق واجبة على العراقيين ويجب
عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم والامن , ويجوز لهم التوسل بالقوة اذا امتنع الانجليز عن قبول
مطالبهم

((45)) .




وانـدلعت الثورة العراقية الكبرى في الثلاثين من حزيران عام 1920 والتي عرفت فيما بعد بثورة
الـعـشـريـن , يـقودهاعلماء الدين ورؤساء العشائر والزعماء السياسيون ومن خلفهم كافة شرائح
المجتمع . وقد ساهم الشعراء والادباءوخاصة شعراء النجف مساهمة فعالة في اشعال لهب الثورة في
اءرجاء الوطن , وتشجيع الامة على المضي في ثورتهاحتى النصر والظفر

((46)) .




ويـعـزو الـمـؤرخ عـبـد الـرزاق الـحـسـني قيام ثورة العشرين الى عوامل خارجية وداخلية :
فـالـمـشـروطـيـة فـي ايران (1905م ), والانتفاضة الدستورية في تركية (1908م ), والثورة
الـحـجـازية عام 1916م , والوثبة المصرية في عام1919 م , وقيام الحكومة الفيصلية في الشام عام
1920م , وعبث الحلفاء قبلئذ بالعهود التي قطعوها للعرب , كانت كل هذه من المؤثرات الخارجية في
الـثـورة الـعـراقية . اءما عواملها الداخلية فتكاد تنحصر بسوء الادارة المحتلة باضطهادها الشعب ,
واحـتـيـاجـات الـجـيـش الـمـحـلـيـة مـن جمع الطعام واستخدام وسائل النقل وتقييد التجوال
والاسفاروتشغيل عمال المزارع في الجيش , ومعاملة الناس بالخشونة , وتولي العسكريين مهام رجال
السياسة ورجال الادارة , وسلب ثروة البلاد المعاشية

((47)) .




واءدرك الانـجليز خطورة الوضع وتفاقم الازمة , فعمدوا الى ضرب الثورة من الداخل عن طريق
اءسـاليب الغدروالخيانة وشراء الضمائر بالمال والمناصب . ولاشك ان عدم التكافؤ بين الطرفين في
الـنواحي الاقتصادية والتكنيكية والعسكرية اءدى الى فشل الثورة ـ ان جاز لنا التعبير ـ لان ثورة
الـعـشرين كما عبر عنها المؤرخ عبد الرزاق الحسني :على الرغم من فشلها عسكريا ـ نظرا الى
التفوق البريطاني بما يملكه من اءسلحة وجيش منظم وتجارب قتالية آاضافة الى عوامل الضعف في
الـحركات الوطنية العراقية , قد نجحت سياسيا لايقاظها وعي الشعب بمختلف طبقاته وعلى مختلف
الاصـعـدة الـسـياسية والاقتصادية والاجتماعية مما دفع بالانجليز الى اعطاء العراق حكما شبه
وطني بعد تاءمين مصالحهم الرئيسية فيه

((48)) .




وانـتهت ثورة العشرين بعد مفاوضات طويلة استمرت بين الجانب الانجليزي وعلماء الدين الشيعة
فـي الـنـجـف آلـت في النهاية الى اقامة الحكم الوطني واختيار ملك عربي يحكم العراق . وقد وقع
الاخـتيار على فيصل ابن الشريف حسين ليكون اءول ملك للعراق وذلك في الثالث والعشرين من آب
عام 1921 م

((49)) .




الا ان الاضـطـرابات لم تخمد في عهد فيصل على الرغم من محاولاته اجراء الانتخابات وتشكيل
الـمـجلس التاءسيسي ومن ثم المجلس النيابي ومجلس الوزراء بسبب الهيمنة البريطانيه على قرار
الـعـراق الـسياسي . فمنذ اءن تسلم الملك الحكم وحتى وفاته في اءيلول سنة 1933 تم تشكيل عدة
وزارات لم تدم سوى اشهر قلائل بسبب التدخل البريطاني في الشؤون الحكومية . وقد شهد العراق
في العهد الفيصلي اءحداثا كبيرة ياءتي في طليعتها انضمام العراق الى عصبة الامم سنة 1932 م حيث
انحسر ظل الانتداب ـ بالظاهر ـ ومنح العراق استقلاله

((50)) .




وبـعد وفاة الملك فيصل توج نجله غازي ملكا على العراق وذلك في الثامن من اءيلول سنة 1933 م


((51)) . الا ان هـذاالـتـتـويج لم يلق ارتياحا من قبل البريطانيين لما كانوا يعهدون في هذا الملك
الشاب من تطلع نحو تحرر العراق الكامل من النفوذ الاجنبي .




وقد اءكسبت طموحات الملك الشاب الوطنية والقومية التي جاءت منسجمة مع تطلعات الراءي العام
العراقي , تاءثيراشعبيا واسع النطاق , ولكن من جانب آخر نال جفاء الانجليز وبعض الساسة العملاء
الذين تضررت مصالحهم بسبب سياسة الملك الذي اءراد ممارسة سلطاته الدستورية بصورة نظرية
وواقعية

((52)) .




وعـنـدمـا اءحست بريطانيا اصطدام مصالحها بسياسة الملك الوطنية والقومية حاولت التخلص منه
بشتى الوسائل . وقدتسنى لها ذلك بمصرع الملك في حادث سير مدبر وذلك في الرابع من نسيان عام
1939 م

((53)) .




وبـعد رحيل الملك غازي , توج نجله فيصل الثاني فاءصبح ثالث ملك على العراق . ولصغر سنه تسلم
خـالـه الامـيـر عـبـدالالـه مقاليد الحكم بالوصاية حتى سنة 1953 م حيث تم تفويض السلطات
الدستورية الى الملك .




وفـي عـهـد الامـير عبد الاله عاش العراق فترة عسيرة من حياته . فقد كثرت فيها الاضطرابات
وعلت صيحات الغضب الشعبي من جراء اءساليب القمع والاضطهاد التي بلغت حدا لا يطاق . واستمرت
هذه الحال حتى تم القضاء على الحكم الملكي في العراق وذلك في الرابع عشر من تموز عام
1958 م بالثورة التي قادها عبد الكريم قاسم

((54)) .




انـهى عبد الكريم قاسم بثورته سبعا وثلاثين سنة من الحكم الملكي . وقد عول الشعب آمالا كبيرة
عـلـى هذه الثورة الاانها آلت في النهاية الى صراعات حادة واشتباكات عنيفة بين ضباط الثورة من
جهة , وبين الحركات السياسية التي ظهرت في عهد قاسم كحركة القوميين وحركة الشيوعيين من
جـهـة اخـرى . ولم يصمد عبد الكريم قاسم في سدة الحكم سوى خمس سنين حيث تم القضاء عليه
بانقلاب عسكري قام به عبد السلام عارف في الثامن من شباط عام1963 م

((55)) .




ولـم يهداء العراق بعد انقلاب عارف . فقد زج في دوامة من الانقلابات والصراعات العسكرية التي
آلت في النهاية الى مصرع عارف سنة 1966 م وتسلم اءخيه عبد الرحمن عارف زمام السلطة . وقد
بقي هذا الاخير في سدة الحكم سنتين ثم اجلي عن منصبه بعد اءن تسلم حزب البعث مقاليد الحكم في
السابع عشر من تموز عام 1968 م

((56)) .




4 ـ الحياة الثقافية :




احـتلت النجف مكانة علمية مرموقة , وشهدت ازدهارا ثقافيا متميزا منذ اءن حل بها الشيخ الطوسي

((57)) ـ فـي اءواسـط القرن الخامس الهجري ـ واءسس فيها جامعته الدينية الكبرى . ومن يومها
ذاك اءصبحت مدينة العلم التي يؤمها الطلاب من كل حدب وصوب , ويتقاطر عليها الوافدون من شتى
اءقـطـار الـعـالـم . وهـي الـيوم لا تزال مركزا هاماللدراسات الاسلامية وخاصة في علوم الفقه ,
والاصـول , والـفلسفة الاسلامية , وتفسير القرآن الكريم , والحديث النبوي الشريف , وكل ما يتعلق
بقضايا العقيدة الاسلامية , وشؤون الفكر الاسلامي .




واستمرت الحركة العلمية في هذه المدينة واءخذت تنشط وتتطور بفضل الجهود التي بذلها الشيخ
الـطوسي في تنسيق العلوم الدينية , وتاءليف الكتب الدراسية المختصة بها, وتهذيب رجال اكفاء تكون
لهم القدرة الكافية على تدريس هذه العلوم ونشرها في اءوساط المجتمع الاسلامي . وكم حفظت هذه
الـمدينة وعبر مسيرتها العلمية الطويلة من اءسماءلعلماء ومفكرين عظام كان لهم الدور الاكبر في
بث الوعي الاسلامي واثراء المكتبة الاسلامية بجلائل الكتب والمؤلفات .




ولـم تـكن جامعة النجف تتقيد بمحل خاص للدراسة , فكثيرا ما كانت العلوم الدينية تدرس في غرف
الـصـحـن الـعـلوي وايواناته , بالاضافة الى حلقات الدرس التي كانت تشكل في المساجد والجوامع
الـكثيرة المنتشرة هنا وهناك والتي اتخذ طلاب العلوم الدينية من بعضها مركزا للبحث والتدريس .




ومـن اهـم هـذه الـمـساجد: مسجد الخضراء

((58)) ومسجد الهندي

((59)) , ومسجد الشيخ
الطوسي

((60)) .




ومـع اتـسـاع المدينة وازدياد الطلاب الوافدين عليها باتت الحاجة ملحة الى بناء المدارس الدينية
والـمعاهد العلمية فكانت اول مدرسة دينية تبنى في النجف هي مدرسة المقداد السيوري

((61))
الـتـي يـعـود تاءسيسها الى اءوائل القرن التاسع الهجري . وقد تغير اسمها بعد ذلك واصبحت تعرف
بالمدرسة السليمية نسبة الى بانيها سليم خان

((62)) .




وعـلـى مـر الـسنين والايام كثرت المدارس الدينية في النجف واءخذت تنتشر انتشارا واسعا في
اءنحاء المدينة

((63)) .ومن اءشهر المدارس الدينية التي حظت بشهرة واسعة ولا تزال قائمة الى
يـومـنا هذا: مدرسة الشربياني

((64)) ,ومدرسة الاخوند الخراساني

((65)) , ومدرسة السيد
محمد كاظم اليزدي

((66)) , ومدرسة السيدالبروجردي

((67)) .




ولـم تـكن الدراسة الدينية حينها وكذلك هي الحال اليوم تسير وفق نظام معين ومنهج تعليمي منسق
كما في المداالحديثة اذ لم تكن لمدارسها صفوف مرتبة يتدرج فيها الطالب ولا كتب مخصوصة
مقررة للتدريس يلزم التلميذبقراءتها بل هناك كتب قديمة وحديثة من كل فن يقراءها الطالب بحسب
ما تستجيده فكرة الاساتذة البارعين وترغب اليه طباعه وطباعهم من حيث الاتقان والتدرج من سهل
الى صعب

((68)) .




واسـتـعراضا للطريقة المتبعة في التعليم بالمدارس الدينية , فان الطالب كان يمر من خلال دراسته
بثلاث مراحل هي :
1 ـ الـمـقـدمات : ويدرس الطالب في هذه المرحلة الصرف , والنحو, والبلاغة , والمنطق , وكذلك
مـقـدمـات الفقه واصوله .اءما اءهم المواد المقررة للتدريس في هذه المرحلة , ففي الصرف والنحو
شـرح قطر الندى لابن هشام , و شرح ابن عقيل على اءلفية ابن مالك . وفي البلاغة المختصر
و الـمطول للتفتازاني , وكذلك جواهر البلاغة للسيد احمدالهاشمي . وفي المنطق حاشية ملا
عـبد اللّه , و المنطق للشيخ محمد رضا المظفر. وفي الفقه تبصرة المتعلمين للعلامة الحلي , و
شـرائع الاسـلام لـلـمـحـقـق الـحـلـي . وفي اصول الفقه كتاب المعالم للحسن بن زين الدين
المعروف بالشهيد الثاني , وكتاب اصول الفقه للشيخ محمد رضا المظفر.




والطالب في هذه المرحلة يقضي فترة غير محدودة تمتد الى عدة سنوات يهي ء نفسه الى الدخول في
المرحلة الثانية وهي مرحلة التخصص في الفقه والاصول .




2 ـ الـسـطـوح : وفي هذه المرحلة يدرس الطالب الكتب الموضوعة في الفقه الاستدلالي , ومتون
اصول الفقه التي تتضمن عرض الاراء الفقهية والعلمية ومناقشتها بتوسع وحرية مطلقة .




3 ـ بـحـث الـخـارج : وهي آخر مراحل الدارسة الدينية , حيث يحضر فيها الطالب دروس اعلام
الـمـجـتـهـديـن وكبارالعلماء في الفقه والاصول وتمتاز هذه المرحلة بحرية الطالب المطلقة في
المناقشة وابداء الراءي اثناء المحاضرة وبعدها. وفي هذه المرحلة يداوم الطالب على حضور دورة
كـامـلـة اءو عـدة دورات فـي الفقه والاصول ثم يقدم كتاباته اءو تقريراته لاستاذه فاذا نالت قبوله
ورضـاه يـمنحه شهادة يقال لها (الاجازة ) وعندها يصبح الطالب مجازا للاجتهادومؤهلا لا ستنباط
الاحكام الشرعية

((69)) .




وبـالـرغـم مـن التطور الذي شهده نظام التعليم في النصف الثاني من القرن العشرين فان الاسلوب
الـدراسي والمنهج التعليمي في الجامعة النجفية لم يطراء عليه من التغيير والتطور شي ء يذكر اللهم
الا بـعـض الـمحاولات الحديثة التي قام بها بعض العلماء النابهين ممن اطلعوا على اءساليب الدراسة
الحديثة ونالوا قسطا وافرا من العلوم والفنون المعاصرة .




ومـن هـذا الـمـنطلق بداءت فكرة التجديد في المناهج الدراسية تتفاعل وتشغل فكر المجددين من
طـلاب الـعـلوم الدينية الذين حرصوا كل الحرص على اءن تبقى المدرسة الدينية مواكبة لمسيرة
التطور العلمي غير متخلفة عنه . وقد لعب الطلاب وخاصة الشعراء منهم دورا رياديا في بث الدعوة
الاصـلاحية والحث على التجديد والتطوير في المناهج الدراسية . ومن هؤلاء الشعراء ياءتي السيد
مـصـطـفـى جمال الدين

((70)) في طليعة شعراء الاصلاح , وكان قد سددنقدات لاذعة وجريئة
للمناهج الدراسية القديمة , منها ما يقول من قصيدة :







  • هذي (المناهج ) اءطمار مهلهلة
    وسوف ياءتي زمان لا ترون بها
    الا خيوطا لهمس الريح تنتثر



  • مرت على نسجها الاحداث والعصر
    الا خيوطا لهمس الريح تنتثر
    الا خيوطا لهمس الريح تنتثر




((71))
وما فتي ء الشاعر في سورته ضد المناهج القائمة يصعد من حملاته ويدعو علماء الدين الى مراجعتها
وتعديلها وفقالمتطلبات العصر حتى قال قصيدته بعنوان (صونوا مناهجكم تصونوا دينكم ):







  • يا قوم حسبكم الخمول فقد مضى
    والعصر عصر لا يشب وليده
    (عصر المدارس ) عذبها واءجاجها
    لا عصر (كتاب ) قصارى جهده
    صحف مباركة , وآي ممتع



  • زمن بفطرتها تشب الرضع
    الا ليعجبه المفن المبدع
    تبني العقول بما يضر وينفع
    صحف مباركة , وآي ممتع
    صحف مباركة , وآي ممتع




((72))







  • صونوا (مناهجكم ) تصونوا دينكم
    فالدين ليس يربه ويسوسه
    ولقد عهدنا الدين عند محمد
    ومنابرا طلعت على آفاقها
    ومبشرين سروا بهدي كتابه
    اءنى سرى الداعي فثمة معهد
    واذا فخرتم بالمساجد اءنكم
    هذا الجهاد, فاءين من عليائه
    جبب مخرقة وشيخ مهطع



  • وابنوا العقول , يقم عليها مجمع
    شيخ بمحراب الدجى يتضرع
    سيفا بحالكة المنايا يلمع
    خطب من الصبح المنور اءنصع
    كالريح تسري بالشذى وتضوع
    يرتاد منبره اللبيب الاروع
    عمارها, فهم السجود الركع
    جبب مخرقة وشيخ مهطع
    جبب مخرقة وشيخ مهطع




((73))
وقـد لاقـت هـذه الـدعـوة قـبـولا حسنا من قبل جيل الشباب على الرغم من معارضة المحافظين
ومـخـالـفتهم لتعديل النظام الدراسي . فدخلت مواد جديدة الى الدروس الدينية مثل الفلسفة الحديثة ,
والـفـقه المقارن , وعلم الاجتماع ,وعلم النفس , واللغة الانجليزية والفت كتب حديثة الاسلوب في
مختلف العلوم الدينية ك اصول الفقه و الفلسفة الاسلامية والمنطق للشيخ محمد رضا المظفر,
و دروس فـي الـفـقـه الاسـتـدلالي للشيخ محمد تقي الايرواني ,وغيرها من المؤلفات الحديثة
الاخـرى . هـذا بـالنسبة الى المدارس الدينية , اءما المدارس الحكومية العامة التي كانت تعنى بالعلوم
الـعصرية فقد كان في النجف قبل الاحتلال البريطاني وعلى عهد حكومة الاتراك مدرسة ابتدائية
تـشـرف عليها الحكومة بداء تشكيلها سنة 1300 ه . واضافة الى هذه المدرسة فقد كان للايرانيين
مـدرسـتـان فـي الـنـجـف مدرسة تسمى العلوي اسست سنة 1326 ه , ومدرسة اخرى تسمى
الـمـدرسة الرضوية

((74)) . ومع تطور الحياة وشمولية التعليم انتشرت المدارس الابتدائية
والاعدادية والثانوية في النجف حتى ناهز عددها اليوم العشرات .




وفي معرض الحديث عن المرافق الثقافية في النجف لابد من الاشارة الى مؤسسة دينية هامة ـ عدا
الـحوزة العلمية آوهي كلية الفقه التي اءسسها الشيخ محمد رضا المظفر

((75)) سنة 1958 م ,
والتي عنيت بتخريج المختصين بالعلوم الاسلامية واللغة العربية .




ولـهـذه الكلية مساهمة كبرى في تطوير الدراسة الدينية في النجف من خلال ضمها العلوم الحديثة
فـي نظام الدراسة الدينية وتطبيق النظام الاكاديمي في التعليم الديني وادخال نظام الدراسة الصفية ,
ونظام الامتحانات الدورية , ونظام منح الشهادة الرسمية التي تؤهل الطالب الديني لمواصله دراساته
العليا.




امـا الـعـلـوم الـتـي تدرس فيها فهي : الفقه الامامي , و الفقه المقارن , و اءصول الفقه , و التفسير, و
الـحـديـث , و الـمـنـطـق , والفلسفة الاسلامية , و الفلسفة الحديثة , و التاريخ الاسلامي , والنحو
والصرف , و البلاغة , و العروض , و تاريخ الادب العربي , و علم الاجتماع , وعلم النفس , و التربية ,
و اصول التدريس , واللغة الانجليزية

((76)) .




وقد رفدت الحركة العلمية والثقافية في النجف كثرة المكتبات العامة والخاصة فيها. فالنجف وعلى
الـرغـم مـن حـدودهـا الجغرافية الضيقة كانت غنية بنفائس المكتبات والخزائن الثمينة . ولم تكن
لـلـحـكـومـة يـد في انشاء هذه المكتبات فهي من صنع العلماء ومساعيهم الفردية . ومن اءشهر هذه
الـمـكـتـبـات مـكـتـبـة الشيخ علي آل كاشف الغطاء

((77)) , ومكتبة الامام اءمير المؤمنين (ع )
العامة

((78)) , ومكتبة السيد الحكيم العامة

((79)) .




ومـن الـعـوامل المهمة التي ساعدت على توسيع المكتبات واثرائها بانواع الكتب والمؤلفات ظهور
المطابع ودورالنشر. فقد اسست اول مطبعة في العراق سنة 1856 م ثم تلتها مطبعة اخرى في سنة
1861 م

((80)) . امـا في النجف فكانت اول مطبعة جلبت اليها هي مطبعة حبل المتين طبعت فيها
بعض الكتب العربية والفارسية الدينية بالاضافة الى بعض المجلات والجرائد

((81)) . وانتشرت
فـي الـنجف عدة مطابع ساهمت مساهمة فعالة في احياء التراث الاسلامي , ونشر العلوم والمعارف ,
منها المطبعة العلمية

((82)) , ومطبعة النجف

((83)) , ومطبعة النعمان

((84)) .




ومـع انـتـشـار المطابع وازدياد دور النشر في النجف ازدهرت الصحافة ازدهارا باهرا, واءقبل
الادباء على هذا الرافدالمعرفي الهام اقبالا منقطع النظير. ولعل ذلك يعود الى تناول الصحافة قضايا
الـفـكـر والادب والـسياسة والاجتماع بواقعية وموضوعية لم ياءلفها النجفيون آنذاك . ومن اءقدم
مطبوعات النجف مجلة العلم التي اءصدرها السيد محمدعلي هبة الدين الشهرستاني

((85)) سنة
1328 ه وكانت مجلة علمية دينية

((86)) .




ومن المجلات التي لاقت شهرة وذيوعا بين المثقفين مجلة الاعتدال لصاحبها محمد علي البلاغي


((87)) , وكـانـت مجلة شهرية مصورة تبحث في العلم والادب والاخلاق والاجتماع صدر اءول
عدد منها سنة 1351 ه , وانقطعت عن الصدور بعد اءن دخلت عامها السادس

((88)) . وقد صدرت
في النجف صحف ومجلات كثيرة لا يزال بعضها مستمرافي الصدور

((89)) .




وقـد اشـتهر في النجف صحفيون كبار ياءتي في مقدمتهم الاديب جعفر الخليلي

((90)) الذي تعد
صـحـفـه مـن ركائزالنهضة الصحافية الحديثة في العراق . واول جريدة اءصدرها في النجف كانت
جريدة الفجر الصادق وذلك في عام1930 م , وكانت اسبوعية استمرت في الصدور عاما واحدا.




ثـم اءصـدر سـنـة 1934 جـريـدة الراعي لم تدم الا سنة واحدة حيث اغلقتها الحكومة لدوافع
سياسية . وفي عام 1935 م اءصدر الخليلي جريدة الهاتف ثم انتقل بها الى بغداد عام 1948 م . وقد
استمرت في الصدور ما يناهز عشرين عاما ثم اغلقت عام 1954م

((91)) .




وثـمـة ظـاهـرة ثـقـافـية اخرى امتازت بها النجف عن سائر البلدان العراقية وهي كثرة ادبائها
وشـعـرائها اضافة الى وفرة مفكريها وعلمائها. فقد نبغ في النجف على مر العصور شعراء كثيرون
كـانت لهم مكانة شامخة ومنزلة عليا في عالم الشعر والادب . واذا ما استعلمنا مؤثرات واسباب هذه
الـميزة الفريدة فاننا سنقف على عوامل دينية واجتماعية وسياسية دخيلة جعلت النجف بيئة فكرية
وادبـيـة مـمـيزة لم تحظ بها سائر المدن العراقية فالى النجف يتجه اكثرالعراقيين في الحركة
الفكرية , والبورصة الفكرية لاكثر مدن العراق وقراه المهمة في النجف . فان للافكار النجفية هيمنة
على العراقيين ولها سعرا ولها قيمة ليست للافكار البغدادية , وللمقال اءو العقيدة النجفية اءو الراءي
النجفي ميزة خاصة عند العراقيين ...

((92)) .




ولـمـركـزيـة الـنجف العلمية والدينية ودورها الريادي في تعميم العلوم الاسلامية باعث هام في
ازدهـار الـشـعر والادب في هذه المدينة . فقد ظهر من علمائها نوابغ في الشعر والادب اختط كل
مـنـهـم مدرسة في عالم النظم والقصيد. ولايعني هذا ان الشعر اءصبح حكرا على طبقة خاصة من
الـناس بل بالعكس فان الشعر قد تفشى بين جميع الطبقات حتى اءصبح من طبيعة الفرد النجفي . وفي
هـذا الخصوص يقول جعفر آل محبوبه : الشعر في النجف طبيعي في نفوس اءكثر اءبنائه لاكسبي
وغـريـزي , لا تـعـلـمـي .فـتـرى الـشـاعر النجفي من حين ما يشب يتغذى لبان الاداب ويرضع
اءخـلاف الـنـبـوغ والعبقرية ولذا ترى اءن الشعر... فاش في اءكثرهم . فيشترك في صوغ الشعر
ونظمه الطبقتان (العليا): وهم العلماء وحملة العلم , و (السفلى ): وهم سائر الناس من اءهل الحرف
والصناعات الدارجة ممن لم يتحل بالعلم ولم يسلك منهجه ...

((93)) .




اءمـا عـن طـبـيـعة الادب النجفي فقد بقي حتى مستهل القرن العشرين مقلدا اءدب العصور الغابرة
يحاكيها في الاسلوب والبناء والموضوع , بعيدا كل البعد عن تمثيل الحياة الاجتماعية والسياسية . الا
ان مـظـاهر البعث والتجدد اءخذت طريقها اليه مع اطلالة النهضة الحديثة فظهرت بوادر الابداع
تتجلى في اءلفاظ الشعر ومعانيه , واءوزانه وقوافيه ,واءساليبه واخيلته , مما دعا الى ظهور طبقات
متعددة من الشعراء يمكن تصنيفهم كالاتي :
الـطـبقة الاولى : طبقة العلماء المحافظين ممن غلبت عليهم الصبغة الروحية , والنزعة العلمية , من
مـثـل الـشـيـخ جـوادالـشـبـيـبـي

((94)) , والـسـيد رضا الهندي

((95)) , والشيخ محمد
السماوي

((96)) .




الطبقة الثانية : طبقة الرعيل الاول من الشعراء المجددين الذين اءدخلوا التجدد الحديث في شعرهم ,
واءبـدعـوا فـي مـوضـوعـاتـه واءسـالـيـبـه , اءمـثـال الشيخ محمد رضا الشبيبي , والشيخ علي
الشرقي

((97)) .




الـطبقة الثالثة : وهم شعراءالتجديدالحديث ممن غلب الطابع السياسي والاجتماعي على شعرهم . من
هـؤلاء: مـحمدمهدي الجواهري , والسيد محمد صالح بحر العلوم

((98)) , والسيد احمد الصافي
النجفي

((99)) .




الطبقة الرابعة : وهي طبقة الشعراء المتحررين الذين دعوا الى مواكبة المسيرة الحضارية الحديثة
بـاءشـعارهم الصريحة والجريئة . ومن شعراء هذه الطبقة : صالح الجعفري , والدكتور عبد الرزاق
محيي الدين

((100)) , والسيد محمودالحبوبي

((101)) .




الـطـبـقـة الـخامسة : وهي طبقة الجيل الجديد من العلماء الشعراء الذين طوروا الشعر الاسلامي
وعـمـلـوا فـي تـوظـيفه في شتى شؤون الحياة . ومن اءعلام هذه الطبقة : السيد محمد جمال الدين
الهاشمي

((102)) , والشيخ عبد المنعم الفرطوسي , والشيخ علي الصغير

((103)) .




الـطـبـقـة الـسادسة : وهي الطبقة التي عرفت آنذاك بطبقة الشباب الناهض

((104)) وقد امتاز
روادهـا بـرائهـم الـنـهـضـويـة واءفـكـارهـم الـتجددية . وفي مقدمة هذه الطبقة : محمد صادق
القاموسي

((105)) , والدكتور مصطفى جمال الدين , والدكتوراحمد الوائلي

((106)) .




ويـزداد الـشعراء تفاعلا بازدياد الاحتفالات والمهرجانات العامة التي كانت تقام في النجف وخاصة
فـي الاعيادوالمناسبات الدينية . وقد تركت هذه الاحتفالات اءثرا واضحا في حركة الشعر النجفي
بـوجـه خـاص والـشعر العراقي بوجه عام . واضافة الى هذه الاحتفالات العامة فقد كانت المجالس
الخاصة والندوات الادبية التي كانت تعقد في دور وجهاء البلد وبيوت الشخصيات السياسية والعلمية
والادبية من العوامل المؤثرة في تنشيط حركة الشعروالادب في النجف . وقد عرفت النجف قديما
بندواتها ومجالسها الكثيرة , وفي هذا الشاءن يقول جعفر الخليلي :والمجالس كانت عنوان النجف منذ
كـان تاءريخ النجف , وهي تمثل النجف تمثيلا فيه الكثير من واقع البلد وحقيقته واءهدافه , وفي هذه
الـمـجالس كانوا يتبادلون الاراء والافكار السياسية , وفي هذه المجالس كانت توضع الخطط,وتعد
المناهج العامة ثم هي بعد ذلك اءشبه بقاعات المحاضرات , والدرس , والمباراة الشعرية , بل كثيرا ما
قـامت هذه المجالس بمهمة المحكمة ففصلت بين المتشاكين , وتوسطت في حل المشاكل على قدر ما
لـصـاحب المجلس من لياقة وقابلية , والمرتادون لهذه المجالس وان كانوا من طبقات مختلفة ولكنهم
كانوا عيون البلد ووجوههم لا يصلح غيرهم اءن يمثل النجف تمثيلا واقعيا في اءفكاره وآرائه وما
هـي عـلـيـه من مواهب اءدبيه فنية , والى مثل هذه المجالس يعود الفضل الاول في بذرة الاستقلال ,
ووضـع اءول خـطـة لكيفية المطالبة باستقلال العراق , ومن هذه المجالس انبعثت فكرة ثورة النجف
الاولـى فـي وجـه الانـجـلـيـز, والى مثل هذه المجالس يعود الفضل في تضييق دائرة الحروب
القبلية

((107)) .




وعـن هـذه الـمـجالس نشاءت جمعيات ونوادي كثيرة اهتمت في الدرجة الاولى بالشعر والادب ,
وبنشر العلوم والفنون في الدرجة الثانية . ومن هذه الجمعيات ما كانت على شكل تجمعات اخوانية لم
تحمل طابعا رسميا ك اءسرة الادب اليقظ

((108)) , ومنها جمعيات رسمية تاءسست باذن حكومي
وبـنظام داخلي مقرر كجمعية الرابطة العلمية الادبية

((109)) التي تاءسست سنة 1351 ه . و
جمعية منتدى النشر

((110)) , وجمعية التحرير الثقافي

((111)) .




السيرة







1ـ اسمه ومولده ونشاءته :




هـو الـشـيـخ عـبـد الـمـنعم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ عيسى ابن الشيخ حسن الفرطوسي المعروف بالفرطوسي الكبير

((112)) .




ولـد سنة 1335 ه

((113)) , في قرية تسمى الرقاصة من اءعمال المجر الكبير

((114))
بمحافظة العمارة في جنوب العراق

((115)) . وكان ذلك ابان رحيل والده الشيخ حسين مع اءفراد
عـائلـتـه من النجف الى العمارة اثر الاضطرابات والحوادث التي نشبت بسبب الاحتلال البريطاني
لـلـعـراق . ولـم يـلبث الوالد اءن عاد ثانية الى النجف ومعه ابنه الصبي بعد اءن قضى مدة في القرية
المذكورة .




نـشاء الفرطوسي في مدينة النجف المعروفة بمحيطها الديني وبيئتها المحافظة , وقد اءحب مدينته
حبا جما طالما حن اليها وعبر عن اشتياقه اليها في جملة من قصائده وفي اكثر من مناسبة . يقول من
قصيدة :







  • اءحن لتربة بحمى (علي )
    واءشتاق المرابع من ثراها
    يطيب بها لمشتاق مقام



  • يفوح بطيب نفحتها الرغام
    يطيب بها لمشتاق مقام
    يطيب بها لمشتاق مقام




((116))




ويقول ايضا:







  • مدينة النجف الغراء يا اءفقا
    كم احتضنت وكم خرجت نابغة
    فاءنت مدرسة للعلم جامعة
    تقري العقول وترويها بما عذبا



  • يوحى ويا تربة تحيي بما خصبا
    فذا وشيخا على اءسفاره حدبا
    تقري العقول وترويها بما عذبا
    تقري العقول وترويها بما عذبا




((117))
قـراء عـبـد الـمنعم في بدايات دراسته على والده الذي عني بتربيته واهتم بتنشئته تنشئة دينية
صالحة . وقد تركت هذه العناية الابوية آثارها في توجيه الصبي توجيها علميا صحيحيا. الا ان نعمة
الابـوة لم تدم طويلا على الصبي فقد فجع بفقد والده وهو في سن الثانية عشرة , فكفله عمه الشيخ
عـلي

((118)) الذي اءولاه من عنايته وعطفه ما اءولاه , فكان يجمع ما بقي لاخيه من نتاج الارض
الـزراعي القليل ويدفعه الى والدة الصبي التي بذلت هي الاخرى جهوداجبارة في تربية ولدها عبد
المنعم وتربية اءشقائه في ظروف قاسية وحياة ضيقة صعبة .




وفي الخامسة عشرة من عمره يبلغ عبد المنعم منعطفا تاريخيا هاما من مسيرة حياته . ففي هذه السن
يـلبس العمامة البيضاء ويصبح شيخا روحانيا يشعر بالمسؤولية ويدرك ثقل العب ء الملقى على عاتقه .




يـقـول عـن نـفـسـه : ... وفـي الـخامسة عشرة لبست العمامة (الشعار الديني ) واءصبحت اشعر
بالمسؤولية في تنظيم حياة عائلتي التي يبلغ عددهاخمسة اءفراد فاءثقلت كاهلي بعب ء السفر وكانت
الـمـنـطـقة التي اقصدها من ريف العراق هي (ناحية المجر الكبير)حيث منحت قطعة من الارض
الزراعية اءعيش من نتاجها الضئيل حسب صلتنا بمشايخها الموروثة من الاباء

((119)) .




وهـكـذا بـداءت حياة الفرطوسي الفتى تاءخذ مسيرها صوب تحمل المسؤوليات الجسام , والتعامل
بموضوعية مع الواقع المر الذي فرض عليه وهو في سن مبكرة . ولم تنل من عزيمة الفتى الصعاب
الـتـي كـانت تعترض مسيرة حياته والمشاكل التي كانت تحدق به من كل حدب وصوب . فقد واصل
طريقه ـ بالرغم من انشغاله بتوفير لقمة العيش ـ في طلب العلم وتحصيل المعارف من خلال مثابرته
واجـتهاده في البحث والدراسة حتى بلغ القمة في التدريس واصبح في وعي المجتمع النجفي , وفي
الـحـوزة الـعلمية الفاضل الذي يعترف الجميع بعلمه لاسيما علوم العربية التي كان مدرسها البارز
الـذي يـتـهـافـت عـلـيـه الـطـلاب هـنـاك ليستفيدوا من احاطته الشاملة , ومن اءسلوبه الادبي
المشرق

((120)) .




ومع تقدمه في مجال العلم والمعرفة بداء نجم الفرطوسي يتاءلق في سماء الادب وخاصة في محافل
الـشـعـر وحـلـبات الادب التي كانت تقام دائما وبدون انقطاع في النجف . وبفضل موهبته الشعرية
ونـبـوغه الخارق في ارتجال الشعرونظم القصيد تصدر الشاعر مجالس الادب وتربع على عرش
حلباته حتى اءصبح شاعرها الاوحد بلا منازع , واشتهرب شاعر الحلبات الاسلامية

((121)) .




2 ـ اءسرته وقبيلته :




يـنـحـدر الشيخ عبد المنعم من عشيرة (آل فرطوس ) احدى العشائر العربية العريقة في جنوب الـعـراق . نـزحـت مـن الـحـجـاز الى العراق في العهد العثماني لتسكن في بداية الامر في مناطق
الـنـاصرية , وكان يراءسها اءيام هجرتها الشيخ غزي بن فضل الذي سكن في محلة الفضل من
بـغـداد واءخـذت عـنـه اسمها الحالي . ويبدو ان الحادث الذي راح ضحيته الشيخ چليب شيخ آل
فـرطـوس , ابـان الـعـهد العثماني دفع آل فرطوس الى التفرق , فاتجهت مجاميع منها الى البصرة
واخرى الى العمارة وبقي منها من بقي في الناصرية

((122)) .




وعـشـيـرة آل فـرطـوس هي من عشائر الغزي

((123)) الطائية . وقد ذكر المؤرخ عباس
الـعـزاوي ان آل فـرطـوس فـخذمن الغزي من بني لام بالعراق يسكن في اءراضي العبد في
الـچبايش ومنه في محافظة العمارة , وفروعه : آل عطاس , و البوزبارة , والبوارسي , و
العبادة , و آل سلمة

((124)) .




ويـشـير العزاوي في موضع آخر الى ان آل فرطوس فخذ من آل خزيم من آل شبل بالعراق .




وقد عد بعضهم اءصله من خفاجة وآخرون من غزي

((125)) .




ومـن الـمؤرخين من يعزو نسب الفرطوسيين الى الظوالم وهي عشيرة من فزارة تتفرع الى :
الـعـكـش , و الـحسان , والهزي , و الهديان , و المحايطة , والحمود, و الشموط, و
الشنشول

((126)) .




ومـهـمـا يـكن من اءمر فان الصحيح من نسب هذه العشيرة انها تنتسب الى آل غزي حسبما اكده
الشاعر في مقدمة ديوانه حيث ذكر انه من الفرع الذي يسكن العمارة

((127)) . والى ذلك يشير
الـمـؤرخ جعفر آل محبوبة لدى حديثه عن اسرة آل الفرطوسي في النجف حيث قال : ... جل آل
فرطوس يقطنون في العمارة ومنها نزحوا الى بعض الانحاء الاخرى ك الناصرية و الشنافية
وغيرهما من الانحاء ولهم بيت مشهور في النجف معروف بهذه النسبة آل الفرطوسي . نزحوا الى
النجف في اءواخر القرن الثاني عشر وهم من البيوت العربية المحتفظة بمكانتها العلمية والمحافظة
عـلـى سمعتها واعتبارها. اءول من هاجر من هذه الاسرة الى النجف جدها الاعلى الشيخ حسن على
عهدالشيخ صاحب كشف الغطاء

((128)) .




3 ـ جده :




هـو الـشـيـخ حسن ابن الشيخ عيسى

((129)) ابن الشيخ حسن

((130)) الفرطوسي . قال عنه
الـشيخ محمد حرز الدين :فقيه عالم محقق , اشتهر بالفقاهة وحسن الاستنباط بين معاصريه . جليل
الـقـدر, رفـيـع الـمـنـزلـة معظما عند الاكابر. صارمرجعا للتقليد في اءواخر اءيامه عند سواد
العراق

((131)) .




هـاجر الى النجف الاشرف , وتلمذ للشيخ مرتضى الانصاري , والشيخ راضي النجفي , والشيخ مهدي
كاشف الغطاء,والشيخ محمد حسين الكاظمي , والسيد المجدد الشيرازي

((132)) .




لـه الـفقه الاستدلالي شرح فيه كتاب شرائع الاسلام للمحقق الحلي . اءلف منه تسع مجلدات , من
اءول الـطـهـارة الـى آخرالتيمم , واءخرجه الى البياض ولداه الشيخ علي والشيخ حسين في ثلاث
مـجلدات كبار وضخام .

((133)) توفي في النجف سنة 1321 ه , ودفن بايوان العلماء خلف الحرم
العلوي الشريف

((134)) .




4 ـ والده :




هـوالـشـيـخ حسين الفرطوسي . كان من فضلاء عصره ورجال اسرته الاعلام . هاجر الى سامراء واءقـام فـيـهـا مـا يـقـرب من عشر سنين . تلمذ فيها للشيخ باقر حيدر, والسيد محمد الاصفهاني ,
وغـيـرهـمـا من تلاميذ المجدد الشيرازي . وبعدوفاة السيد المجدد عاد الى النجف وحضر بحث
الـعـلامـة الـشـربـياني , والشيخ محمد طه نجف , والشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية


((135)) .




قال عنه الشيخ الطهراني : هو من الفقهاء الصلحاء والاتقياء الاخيار, راءيته كثيرا وجالسته مرارا,
وكـان يـسـافـر الـى قبيلته آل فرطوس في لواء العمارة كل عام للهداية والارشاد ونشر الاحكام


((136)) .




توفي سنة 1348 ه , ودفن في الصحن العلوي الشريف قرب مرقد السيد الداماد بالقرب من ايوان
العلماء, واءعقب خمسة اءولاد.




5 ـ اخوته :




اءعـقـب الشيخ حسين ـ والد الشاعر ـ خمسة من البنين , اءشهرهم الشاعر عبد المنعم . اءما اءشقاء الشاعر فهم :
1 ـ الـشـيخ عبد الزهراء, ولد سنة 1322 ه , وهو من اءهل العلم والفضل . حضر دروس اءعلام
عصره , وقد توفي سنة1372 ه

((137)) . رثاه الشاعر بقصيدة يقول فيها:




  • رمتك فاءردتك كالاجدل
    وما كنت اءحسب اءن الكمي
    واءن الرصين من الشاهقات
    واءن الخضم من الزاخرات
    ولكنه القدر المستبد
    وصاعقة الاجل المنزل



  • سهام المنية في المقتل
    يروع من سطوة الاعزل
    يزلزل من نسمة الشماءل
    يجفف من لفحة تصطلي
    وصاعقة الاجل المنزل
    وصاعقة الاجل المنزل



((138))
2 ـ مجيد, وهو شقيق الشاعر الذي اءصيب بعطل في جهازه الذهني فاءصبح متخلفا عقليا. وقد اءثر
ذلك في نفسية الشاعر واءثار في نفسه لو اعج الحزن والاسى وزاده لوعة وكبة

((139)) .




3 ـ جـبـار, ولـد سنة 1343 ه , وهو يصغر الشاعر بثماني سنين . توفي سنة 1361 ه وهو في
ريـعـان شـبـابـه . ولـجبار قصة اليمة مع اءخيه الشاعر, فقد زاره وهو في الكاظمية عندما كان
الـفـرطوسي مريضا. وفي الليلة التي جاءه فيها اءصيب بالزائدة الدودية فاضطر الشاعر الى ادخاله
الـمستشفى واجريت له عمليه جراحية لم تكلل بالنجاح واذا به يموت وليس مع شاعرنا من يساعده
مع ما به من المرض

((140)) .




وقد صور الشاعر هذا الحادث المروع بقطعة نثرية تقطر حزنا والما, يقول فيها: صمت كئيب في
مصرع رهيب ,عينان شاخصتان مغرورقتان بالدموع , قد ارتسم عليهما شبح الموت , واءطبقت ظلمة
الـيـاءس فـغار فيهما شفق الامل ,بلبل جريح اءجهز عليه القدر فجمدت الحانه على شفتيه الذابلتين
فـاءصـبح جثة هامدة , شمعه تلفظ آخر نفس من الحياة وتودع اءحلامها بالزفرات والحسرات هبت
عليها عاصفة القضاء فطوت روعتها واءخمدت شعلتها. هذا هومصرع اءخي جبار على مجزرة الطب
الـقـاسـية وهو في ريعان شبابه ولم يتجاوز العشرين من عمره , اءطبقت عينيه بيدي وطبعت على
شفتيه آخر قبلة للاخوة

((141)) .




وللشاعر قصيدة في رثاء اءخيه جبار عنوانها يا شقيقي يقول في جملة من اءبياتها:







  • تشاطر الحزن وجدا فيك والالما
    وعبرت اءدمعي مذ خانني قلمي
    وربما فل من عظم المصاب فم
    واءفصحت بجليل الخطب معربة
    عن الاسى اءدمع انسانها كلما



  • قلبي وطرفي ففاضا لوعة ودما
    عن الاسى فاءبانت بعض ما كتما
    فعاد منطقه بالحزن ملتجما
    عن الاسى اءدمع انسانها كلما
    عن الاسى اءدمع انسانها كلما




((142))
4 ـ مـحمد حسين , ولد في مدينة النجف سنة 1344 ه من رجال القانون , واءحد الادباء المبدعين .




قـال عـنـه المؤرخ جعفر آل محبوبة : اءديب لوذعي , وشاعر مبدع يتفجر شعره حماسا وشعورا,
متقد الذهن ذكي يحسن اللغة الفارسية والانجليزية والفرنسية اضافة الى لغته العربية

((143)) .




قـراء في المدارس الحكومية , وانتقل الى بغداد حيث اكمل دراسته في كلية الحقوق . غادر العراق
اءواخر سنة 1951 م الى سويسرا وحصل على الدكتوراه في القانون سنة 1957 م . وقبيل ثورة
14 تـمـوز 1958 عـاد الى العراق وعمل محاميا حتى سنة 1966 م حيث غادر العراق نهائيا ولم
تسنح له الفرصة بالعودة ثانية . عمل ضمن الوفد الدائم لجامعة الدول العربية في جنيف , وارتبط من
سنة 1981 م بعقود مؤقتة مع مؤسسات الامم المتحدة .




الـف فـي مـجـال تـخصصه كتبا بالانجليزية , وله ديوان شعر سبق ان نشر قسما منه في الصحف
والمجلات , اضافة الى البحوث القانونية والادبية

((144)) .




6 ـ اءولاده :




خلف الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ستة من البنين : 1 ـ عبد الرزاق , وهو ولده الاكبر, توفي سنة 1362 ه وقد رثاه بقصيدة عنوانها وتر العواطف
يقول في مطلعها:







  • جريح ليس يصلحه ضماد
    وكيف به وقد رحل الفؤاد



  • وكيف به وقد رحل الفؤاد
    وكيف به وقد رحل الفؤاد




((145))




2 ـ علي , مات طفلا اثر ضربة اءصيب بها من اءحد الاطفال عندما كان يمرح في ملعب الطفولة , وقد
رثاه الشاعربقصيدة لامية , يقول في جملة من اءبياتها:







  • شفتاك في عل وفي نهل
    اءشهى الى نفسي من العسل



  • اءشهى الى نفسي من العسل
    اءشهى الى نفسي من العسل




((146))







  • ياقوتتان على فم عذب
    يفتر عن سمطين من خضل



  • يفتر عن سمطين من خضل
    يفتر عن سمطين من خضل




((147))







  • قد ذابتا صهرا على كبدي
    وانبت عقدهما من الغلل



  • وانبت عقدهما من الغلل
    وانبت عقدهما من الغلل



((148))





/ 15